جيل جريء مخيف .... فما الحل؟؟

قرأت في أحد حسابات التويتر هذه التغريدة
( #تحرش_بفتاه جيل جريء ومخيف، لا من الله يتقي، ولا من الناس يستحي! كم نحن بحاجة لدراسة هذه التصرفات وحسم مادتها السيئة؟! )
ثم تساءلت... ما الذي جعل هذا الجيل يصل إلى هذا المستوى من الجرأة على محارم الله، والتعدي على أعراض الناس؟؟!!
و الذي أجزم به أن هذا الجيل لديه من المقومات المادية، والقدرات العقلية ما يجعله ينافس أقرانه من الأمم الأخرى؛ لكنه لم يفعل!! وإن استمر هكذا فلن يفعل. فما هو السبب؟؟
هذا الجيل غالباً يعاني من فراغ ثقافي عاتي؛ جعله يسير بلا هدف، ويعيش بلا قصد، إلا ما رحم ربي، وقليل ما هم.
وفي ظل شبكات التواصل الإجتماعي، وعالم الرقميات المفتوح، وسهولة تحصيل المعلومة، جعل ذلك الفراغ الثقافي؛ تلك العقول الناشئة قابلة لتشرب أي شيء يثير رغباتها، ويحقق نزواتها؛ من التطرف والإرهاب والغلو إلى الانحلال والفحشاء و الإلحاد، ففي الظلام تضيء النار الحارقة كما يضيء النور الناعم، و الكوب الفارغ يمكن تعبئته بالعذب الفرات أو الملح الأجاج.
و أظن الرؤية هنا بدأت تتضح، فتلك العقول الطرية، والأفئدة الندية؛ والتي تمتلك كل المقومات المادية للنجاح؛ أو جُلّها، لازالت تفتقد في غالبها؛ الموجه الحريص، والمربي الأمين، ولازالت كذلك تفتقد الأجواء التربوية الصحيحة، سواء في البيوت؛ خاصة في ظل توفر المال و تسليم الوالدين مهامهما للخادمة والسائق، أو في ظل غياب أو انعدام المحاضن التربوية التي تأخذ بيد ذلك الشاب إلى طرق الحق و سبل الهداية، وتصقل شخصيته، و تُبرز مواهبه، وتحقق أمانيه، و تكبح جماح شهواته و نزواته، وتقوم ما فيه من انحراف، وتوفر له الجو الإيماني و العلمي، وتزرع في نفسه القيم و المبادئ، وتنمي فيه حب الثقافة و الإطلاع، وحب الخير للغير، و السعي في خدمة الناس وقضاء حوائجهم؛ عملاً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:" أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس" .
وهنا يتخرج جيلٌ ذا همة عالية، وعقول صافية، وأفكار نيرة، مهتدية بكتاب الله جل وعلا وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، محققة للأمة أعلى مراتب التطور، و أسمى مراحل الرقي، وذلك لأنه جيل يحمل[ مباديء وقيم] ويعيش ليحقق[ أهدافاً و مقاصداً ]عالية المُنى، سامية الرجاء، جيلٌ معتزٌ بثقافته الشرعية، وقِيَمِه الإجتماعية، و مُثِله العليا؛ والتي "يفلتر" بها كل ثقافة جديدة، وأفكار حديثة؛ قبل أن يتشربها، أو يؤمن بها.
لقد كانت المحاضن التربوية في يوم من الأيام على اختلاف أنشطتها، وتنوع فنونها؛ منارات هدى، ونَباريس دجى، تخرج منها العلماء والدعاة، و المربون و المعلمون، و الأطباء و المهندسون، و الأكاديمون و الباحثون، ورجال الدولة من وزراء و موظفين، عسكريين و مدنيين، على اختلاف تخصصاتهم، و تنوع معارفهم، وظلت على ذلك الحال سنين عدداً، لم تغير و لم تبدل.
ثم جاءت أحداث سبتمبر فأستغلها أقوام من بني جلدتنا، ويتكلمون بألستنا، يفكرون بعقول غربية، وينشرون أفكاراً تخريبية، تختزل الحضارة في الحضارة المادية الغربية، وتختصر الثقافة في ثقافة العُري والانحلال الأوربية، دون النظر إلى قيم مجتمعنا و مبادئه، ومسلماته وثوابته، لا لشيء إلا لتثبت لأربابها أننا بتمسكنا بديننا و ثباتنا على مبادئنا؛ نمثل( الإرهاب) ونغذيه حسياً و معنوياً، فسلت أقلامها الجائرة على كل ما من شأنه الحفاظ على ديننا وقيمنا و مبادئنا ومُثلنا العليا، وبدأت شيئاً فشيئاً تتدرج في الطعن في الدين بالطعن بداية في المحاضن التربوية والقائمين عليها، ثم في خطب الجمعة و المحاضرات الدينية و الدروس العلمية، مروراً بالعلماء و الدعاة والخطباء، ثم بالسنة النبوية و رواتها، ثم بالقرآن و رسمه، ولازالت تلك الأقلام الخبيثة تنال من الدين حتى نالت من خير البرية بأبي هو أمي صلى الله عليه وسلم، ونالت من رب البرية جل وعلا، من دون حسيب ولا رقيب، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل، كل ذلك كان يتم باسم محاربة الإرهاب؛ وما هو إلا حرب على ديننا و مبادئنا وثوابتنا ومسلماتنا لتُزعزع مكانتها في القلوب.
و أما تلك العقول الفتية الخاوية فلازالت إلا ما شاء الله؛ تتلقف تلك الأفكار الدخلية، حتى تشربتها، وأصبحت لا تنثني ولا ترعوي عن أي شهوة أو نزوة، فلا نستغرب إذاً كيف تجرأت ولا كيف غاب حياءها.
اترك تعليقا