تعريف بالإمام المحدث الحجه الربيع بن حبيب ومسنده - منتديات نور الاستقامة
  التعليمـــات   قائمة الأعضاء   التقويم   البحث   مشاركات اليوم   اجعل كافة الأقسام مقروءة
أخواني وأخواتي..ننبه وبشدة ضرورة عدم وضع أية صور نسائية أو مخلة بالآداب أو مخالفة للدين الإسلامي الحنيف,,,ولا أية مواضيع أو ملفات تحتوي على ملفات موسيقية أو أغاني أو ماشابهها.وننوه أيضاَ على أن الرسائل الخاصة مراقبة,فأي مراسلات بين الأعضاء بغرض فاسد سيتم حظر أصحابها,.ويرجى التعاون.وشكراً تنبيه هام


** " ( فعاليات المنتدى ) " **

حملة نور الاستقامة

حلقات سؤال أهل الذكر

مجلة مقتطفات

درس قريات المركزي

مجلات نور الاستقامة



الإهداءات


العودة   منتديات نور الاستقامة > الــنـــور الإسلامي > المكتبة الإسلامية الشاملة

المكتبة الإسلامية الشاملة [كتب] [فلاشات] [الدفاع عن الحق] [مقالات] [منشورات]


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
افتراضي  تعريف بالإمام المحدث الحجه الربيع بن حبيب ومسنده
كُتبَ بتاريخ: [ 04-03-2014 ]
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية المعمري1166
 
::مشرف::
::المكتبة الإسلامية الشاملة ::


المعمري1166 غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 372
تاريخ التسجيل : Jan 2011
مكان الإقامة : عُمان/منطقة الظاهرة/ولاية عبري
عدد المشاركات : 448
عدد النقاط : 35
قوة التقييم : المعمري1166 على طريق التميز


أولاً: نسبه وكنيته:

هو الإمام الحافظ الحجة المحدث أبو عمرو الربيع بن حبيب بن عمرو بن الربيع بن راشد ابن عمرو الفراهيدي العماني مولداً البصري إقامة(1).

ثانياً: مولده وحياته:

ولد الإمام الربيع سنة 80هـ أو قبلها بقليل(2) في منطقة الباطنة من عمان، قيل في ودام(3) وقيل في غضفان(4).
وبعد أن أخذ بعض المبادئ على يد والده الشيخ حبيب بن عمرو ومشايخ عمان رحل إلى البصرة حوالي سنة 90هـ(5) حيث سكن في البصرة في منطقة تسمى "الخريبة"(6) وهناك تتلمذ على يد كبار التابعين، وبقي فترة طويلة إلى أن رجع إلى عمان في أخريات حياته(7).

ثالثاً: شيوخه:

قال الإمام الربيع عن نفسه: "إنما حفظت الفقه عن ثلاثة: أبي عبيدة وضمام وأبي نوح"(8) وهو يعني أن هؤلاء هم شيوخه الكبار، فالذي يطالع المسند وزياداته يجد أن الإمام الربيع قد أخذ العلم عن عدد كبير من علماء الأمة وأنه جلس في حلقات عدد من المحدثين، وسنذكر عدداً ممن روى عنهم فيما بعد، أما شيوخه الثلاثة فهم:

1- الإمام أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي بالولاء واسم أبي كريمة كورين(9).
قال عنه العلامة الدرجيني: "كبير تلامذة جابر، وممن حسنت أخباره والمخابر، تعلم العلوم وعلمها، ورتب الأحاديث وأحكمها... كان عالماً مع الزهد في الدنيا، والتواضع مع نيل الدرجات العليا"(10) وقال عنه الشماخي: "تعلم العلوم وعلمها، ورتب روايات الحديث وأحكمها وهو الذي يشار إليه بالأصابع بين أقرانه، ويزدحم لاستماع ما يقرع الأسماع من زواجر وعظه"(11).
وقال عنه الإمام يحيى بن معين(12): "ليس به بأس"(13)، كما ذكره الإمام البخاري(14) في (التاريخ الكبير)(15) ولم يذكر به جرحاً ولا تعديلاً.
وقد توفي الإمام أبو عبيدة حوالي سنة 145هـ(16).

2- الإمام أبو نوح صالح بن نوح الدهان(17).
قال عنه العلامة الدرجيني: "شيخ التحقيق، وأستاذ أهل الطريق..... أخذ عنه الحديث والفروع، وكان ذا خشية لله وخضوع"(18).

وقال عنه يحيى بن معين: "صالح الدهان ثقة"(19)، وقال عنه أحمد: "صالح الدهان ليس به بأس"(20)، وروى له الدارمي(21) في سننه(22 ) والخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق"(23) وأبو نعيم الأصفهاني( 24) في "حلية الأولياء"(25) والبيهقي(26) في السنن(27).

3- الإمام أبو عبد الله ضمام بن السائب الأزدي الندبي العماني:
كان يسمى (راوية جابر بن زيد) لأن أكثر فتواه، قال جابر وسمعت جابراً(28).
قال عنه الشماخي: "من أهل العلم والتحقيق والكاشف أمر المعضلات عند حصر ذوي الضيق"(29)، وقد ذكره الإمام أحمد في موضعين من كتابه: "العلل ومعرفة الرجال"(30) دون أن يذكر فيه جرحاً أو تعديلاً.
هذا وقد روى الإمام الربيع عن عدد كبير من الرواة في المسند وغيره، فقد روى في المسند عن أبي عبيدة وضمام بن السائب وعبد الأعلى بن عبد الأعلى( ) ويحيى بن كثير(31).
وروى في غير المسند عن الحسن البصري وسفيان بن عيينة(32) والأعمش( 33) ومحمد بن المنكدر(34) وأبان بن عياش(35) وبشر المريسي(36) ومحمد بن علي الكوفي(37) وأبي ربيعة بن زيد العامري وغيرهم من المحدثين.
حمل العلم عن الإمام الربيع عدد كبير من الطلبة منهم أبو سفيان محبوب بن الرحيل القرشي وموسى بن أبي جابر الأزكوي(1) وبشير بن المنذر النزواني(2) وأبو صفرة عبد الملك بن صفرة(3) ومنير بن النير الجعلاني ومحمد بن المعلى(4) وأبو أيوب وائل بن أيوب الحضرمي وهاشم بن غيلان السيجاني(5) وغيرهم من العلماء.

خامساً: آثاره:-

ترك الإمام الربيع عدداً من الآثار، منها ما دونه بنفسه ومنها ما كتبه تلامذته وتلك الآثار هي:-
1- المسند: وهو روايته عن شيخه أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن الصحابة رضوان الله عليهم وقد يخرج عن هذا السند في القليل النادر كما سنفصله فيما بعد، ويحوي المسند حوالي (743) حديثاً.

2- كتاب العقيدة: وهو يضم حوالي (140) حديثاً وأثراً، وهو يشكل الجزء الثالث من ترتيب الوارجلاني المطبوع تحت اسم "الجامع الصحيح".
3- روايات الإمام محبوب بن الرحيل عن الإمام الربيع: وهي تشكل بعض الجزء الرابع من "الجامع الصحيح".(6)
4- آثار الربيع: وهو كتاب ألفه أبو صفرة عبد الملك بن صفرة جمع فيه روايات الإمام الربيع عن ضمام بن السائب.
5- آراؤه وأجوبته الفقهية: وهي مبثوثة في كتب تلامذته ومن بعدهم كأبي غانم بشر بن غانم الخراساني.

سادساً: مكانته العلمية:

بعد وفاة أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة لم يجد الإباضية خيراً من الإمام الربيع بن حبيب لتوليته إماماً وقائداً لهم، وبهذا أسندت إليه هذه المهمة الجسيمة التي يحتاج من يقوم بها إلى ورع تام وعلم واسع إضافة إلى حسن السياسة، وهذا يدلنا على مبلغ منزلة الإمام الربيع، فلا غرو أن يقول عنه الشماخي: "طود المذهب الأشم وبحر العلوم الخضم، صحب أبا عبيدة فنال وأفلح، وتصدر بعده على الأفاضل فأنجح" 7).
وقد كثر الثناء على الإمام الربيع من المتقدمين والمتأخرين، فقال عنه شيخه أبو عبيدة: "فقيهنا وإمامنا وتقينا"(8) وقال عنه تلميذه محبوب بن الرحيل: "فقيه المسلمين وعالمهم بعد أبي عبيدة"(9).

سابعاً: الإمام الربيع في كتب رجال الحديث:-

ذكر الإمام الربيع عدد من المحدثين فقال عنه يحيى بن معين: ثقة(10)، وقال عنه ابن شاهين(11): ثقة(12)، وقال الدارقطني(13): "وأما الربيع بن حبيب البصري
فلا يترك"(14)، كما ذكره كل من ابن حبان(15) في الثقات(16) والبخاري في التاريخ الكبير(17) ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.


ومما ينبغي التنبه إليه أن الرواة الذين يحملون اسم (الربيع بن حبيب) ثلاثة هم:-

1-الربيع بن حبيب الكوفي: أخو عائذ بن حبيب ويقال لهما بنو الملاح، روى عن نوفل بن عبد الملك روى عنه عبيد الله بن موسى، ضعفه بعضهم ووثقه آخرون حاملين الضعف في رواياته على نوفل.

2-الربيع بن حبيب البصري الإباضي: سمع الحسن وابن سيرين وروى عنه موسى بن إسماعيل البصري، وقد ذكرنا من وثقه.
3-أبو سلمة الربيع بن حبيب الحنفي: من أهل اليمامة، سمع عبد الله بن عمير وأبا سعيد الرقاشي وروى عنه أبو داود الطيالسي، وهو ثقة.

وقد خلط ابن أبي حاتم(18) بين الحنفي والبصري(19) فجعلهما واحداً، وتبعه على ذلك الذهبي والمزي(20) وابن حجر(21).

وفرق بين الثلاثة البخاري في "التاريخ الكبير"(22) وابن حبان في كتابيه "الثقات" و"المجروحين"(23 ) فذكر الأول في "المجروحين" وذكر الثاني والثالث في "الثقات"، وهذا النوع من أنواع الحديث وهو أن يتفق الرواة في أسمائهم وتختلف أشخاصهم يسمى (المتفق والمفترق)(24).

ثامناً: وفاته:

توفي الإمام الربيع في بلدة غضفان على ساحل عمان حوالي سنة 175هـ.

المطلب الأول

منهجه في ترتيب الأحاديث
مر تدوين الحديث النبوي الشريف بمراحل متعددة، ومن أولى تلك المراحل تدوينه على أسماء الرواة، وحيث إن الإمام الربيع من أوائل من دون الحديث فقد سلك هذه الطريقة، فدون مسنده على مسانيد الصحابة، وقد بلغت مسانيد الصحابة الذين روى لهم الإمام الربيع خمسة وأربعين صحابياً هم:


1- عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي (ت 68هـ)
2-أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي (ت 57هـ)
3-عائشة بنت أبي بكر الصديق القرشية (ت 58هـ)
4-أبو سعيد سعد بن مالك الخدري الأنصاري (ت 74هـ)
5-أبو حمزة أنس بن مالك الأنصاري (ت 93هـ)
6-أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي (ت 73هـ)
7-أبو عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري السلمي (ت 78هـ)
8-أبو الوليد عبادة بن الصامت الأنصاري (ت 34هـ)
9-أبو بكر الصديق عبد الله بن عثمان القرشي (ت 13هـ)
10-أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي (ت 23هـ)
11-أبو عمرو عثمان بن عفان الأموي القرشي (ت 35هـ)
12-أبو الحسن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي (ت 40هـ)
13-أبو يزيد معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي (ت 60هـ)
14-أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري (ت 50هـ)
15-أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري (ت 40هـ)
16-أبو اليقظان عمار بن ياسر العنسي (ت 37هـ)
17-أبو عمارة البراء بن عازب الأنصاري الأوسي (ت 72هـ)
18-عبدالله بن زيد الأنصاري عم عباده بن تميم (ت 63هـ)
19-أبو عقبة سويد بن النعمان الأنصاري الأوسي
20-أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي (ت 21هـ)
21-أبو محمد أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي (ت 54هـ)
22-أبو رافع أسلم القبطي مولى الرسول e 22
23-أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود الهذلي (ت 32هـ)
24-أبو إسحاق سعد بن أبي وقاص مالك الزهري القرشي (ت 55هـ)
25-أبو بكر عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي (ت 73هـ)
26-أبو محمد طلحة بن عبيد الله التميمي القرشي (ت 36هـ) 26
27-أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي (ت 18هـ)
28-أبو المنذر أبي بن كعب الأنصاري الخزرجي (ت 32هـ 29 -أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري النجاري (ت 51هـ)
30-أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري السلمي (ت 54هـ)
31-بلال بن رباح الحبشي (ت 17هـ)
32-أبو بشر قيس بن عبيد الأنصاري الساعدي (ت 40هـ)
33-أبو عبد الرحمن كعب بن مالك الأنصاري السلمي (ت 51هـ)
34-أبو محمد عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي القرشي (ت 63هـ)
35-أبو أنيس الضحاك بن قيس الفهري القرشي (ت 64هـ) 36-أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية (ت 62هـ)
37-حفصة بنت عمر بن الخطاب العدوية القرشية (ت 41هـ)
38-أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان الأموية القرشية (ت 49هـ)
39-أم عبد الله أسماء بنت أبي بكر التيمية القرشية (ت 73هـ)
40-أم سليم سهلة بنت ملحان الأنصارية
41-أم معاوية بسرة بنت صفوان الأسدية القرشية
42-جدامة بنت وهب الأسدية 42
43-أم هاني فاختة بنت أبي طالب الهاشمية القرشية
44-أم عطية نسيبة بنت كعب الأنصارية
45-أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية
46-جملة من الصحابة غير مسمين

وحيث إن المسند كان مرتباً على المسانيد، وكان البحث عن الحديث فيه صعباً لمن لم يعرف اسم الصحابي، فقد كان يحتاج إلى أن يرتب على الأبواب، وقد قام بهذا العمل المفيد أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني المتوفى سنة570هـ، فرتب المسند على الأبواب وقسمه على خمسة عشر كتاباً، هي:
(الإيمان، الطهارة، الصلاة، الصوم، الزكاة والصدقة، الحج، الجنائز، الأذكار، النكاح، الطلاق، البيوع، الأحكام، الأشربة، الأيمان والنذور، الآداب)
وقام بتقسيم كل كتاب إلى أبواب، ووضع تحت كل باب الأحاديث المختصة به، وهذا دفعه إلى ذكر بعض الأحاديث في أكثر من موضع لتعلقها بتلك المواضع، وقد جعل الوارجلاني المسند في جزأين، ثمّ أضاف أحاديث العقيدة ومقاطيع جابر، وروايات محبوب وروايات أفلح وجعل هذه الزيادات في جزأين آخرين وسمى الكل كتاب (الترتيب) وعلى هذا فينبغي التنبه إلى أن مسند الإمام الربيع هو الجزآن الأول والثاني فقط من كتاب الترتيب المطبوع تحت اسم (الجامع الصحيح).

وهذا العمل الذي قام به الوارجلاني يشبهه ما قام به السندي(1) المتوفى سنة 1257هـ من ترتيب مسند الإمام الشافعي بعد أن لم يرتب، يقول السندي في ذلك: "ولم يرتب الذي جمع أحاديثه (أي مسند الشافعي) على المسانيد ولا على الأبواب، بل اكتفى بالتقاطها كيف ما اتفق، فلذلك وقع فيها تكرار في كثير من المواضع، وقد وفقني الله فرتبته على الأبواب الفقهية، وحذفت منه ما كان مكرراً لفظاً ومعنى، ووقع إتمامه سنة 1230هـ"(2).

وبما أن الإمام الربيع قد اقتصر في مسنده على رواياته عن الإمام أبي عبيدة ولم يروِ من طريق غيره إلا نادراً، فقد قل التكرار في المسند ونقصد بالتكرار إيراد الحديث بأسانيد متعددة كما فعل الإمام مسلم(3) مثلاً، والإمام أحمد الذي التزم إيراد الحديث بعدد الصحابة الذين رووه، أما الإمام الربيع فلم يكن يكرر الحديث بل يقتصر منه على رواية واحدة في الموضوع الواحد، وقد يكرر أحياناً لأمور منها:

1- أن يكون هناك اختلاف ظاهري بين الروايات، فيوردها الإمام الربيع لئلا يكون اقتصاره على رواية واحدة مشعراً بعدم وجود الرواية الأخرى، ومن أمثلة ذلك ذكره لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلاة في الجماعة خير من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"(4) حيث ذكر مع هذا الحديث حديث أبي هريرة(5)رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صلاة الجماعة تفضل على صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين درجة"(6).
فذكر في فضل الجماعة كلا الروايتين، ولم يقتصر على واحدة منهما للاختلاف الظاهري بينهما(7).

2- أن يكون الرسول صلى الله عليه قد صرح في الحديث الآخر بما لم يصرح به في الحديث الأول، ومن أمثلة ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "انصرف رسول الله صلى الله عليه من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: "هل قرأ معي أحد منكم آنفاً؟"، قالوا: بلى يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه : "مالي أنازع في القرآن؟" "فانتهى الناس عن القراءة خلف رسول الله صلى الله عليه فيما جهر به من الصلاة"(8).
فقد ذكر الإمام الربيع معه حديث عبادة بن الصامت(9)رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه صلاة الغداة فثقلت عليه القراءة فلما انصرف قال: "لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟" قال: قلنا: أجل، قال: "لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة إلا بها"(10).
فذكر الإمام الربيع حديثين في هذا الأمر وهو النهي عن القراءة خلف الإمام لأن الحديث الثاني مصرح باستثناء الفاتحة من هذا النهي.
يتميز مسند الإمام الربيع بأن أغلب رواياته ثلاثية السند، وهذه ميزة عظيمة ما فتيء العلماء يشيدون بها، ويؤلفون المؤلفات فيها، فان كون السند ثلاثياً يقلل احتمال الخطأ وذلك لقرب الإسناد إلى رسول الله صلى الله علبه وسلم وقلة الحلقات الموصلة إليه، فإنه من المعلوم أن الراوي مهما بلغ من قوة الضبط عرضة للنسيان، ولذلك كلما قلت الوسائط قل احتمال الخطأ أو النسيان، يقول ابن الصلاح: "العلو يبعد الإسناد من الخلل، لأن كل رجل من رجاله يحتمل أن يقع الخلل من جهته سهواً أو عمداً، ففي قلتهم قلة جهات الخلل، وفي كثرتهم كثرة جهات الخلل، وهذا جلي واضح"(1).
على أن هناك مميزات في ثلاثيات الإمام الربيع بن حبيب يتميز بها عن ثلاثيات غيره من المحدثين، تلك المميزات هي:

1- كون رواة هذا السلسلة الذهبية في أعلى درجات العدالة والضبط، وقد قدمنا الكلام عن الإمامين الربيع وأبي عبيدة، وأما الإمام جابر بن زيد فقد أثنى عليه كثير من العلماء، منهم شيخه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس الذي قال: "لو نزل أهل البصرة عند قول جابر بن زيد لأوسعهم عما في كتاب الله علماً"(2)، ولما بلغ أنس بن مالك(3) وفاة جابر قال: "مات أعلم من على ظهر الأرض أو مات خير أهل الأرض"(4) وقال عنه تلميذه عمرو بن دينار: "ما رأيت أحدا أعلم من أبي الشعثاء"(5) وقال عنه إياس بن معاوية(6): "أدركت البصرة وما لهم مفتٍ غير جابر بن زيد"(7) وفي(حلية الأولياء) لأبي نعيم: "قال الشيخ: ومنهم المتخلى بعلمه عن الشبه والظلماء، والمتسلى بذكره في الوعورة والوعثاء، جابر بن زيد أبو الشعثاء، كان للعلم عيناً معيناً، وفي العبادة ركناً مكيناً، وكان إلى الحق آيباً، ومن الخلق هارباً"(8).

2- طول ملازمة كل راوٍ لشيخه: وهذه أيضاً ميزة عالية تتميز بها ثلاثيات الإمام الربيع عن ثلاثيات غيره، فالإمام الربيع هو أخص تلامذة أبي عبيدة، وقد لازمه فترة طويلة وطالت صحبته له، وكذلك الإمام أبو عبيدة هو أخص تلامذة الإمام جابر وأثبت الناس في حديثه، وقد طالت ملازمته له، وطول الملازمة له أهمية من حيث إنه يجعل الراوي يضبط أحاديث شيخه لطول ملازمته له، والعلماء كثيراً ما يُنبهون على هذه المسالة فيقولون: " فلان أثبت الناس في فلان"، كقول أبي حاتم: "أثبت أصحاب أنس الزهري(9) ثم ثابت(10) ثم قتادة(11)".(12).

3- أن كل أفراد هذه السلسلة فقهاء، أما الإمام جابر بن زيد فقد قدمنا ما قال فيه العلماء، وأما الإمامان أبو عبيدة والربيع فهما فقيهان مبرزان في الفقه، ويدلنا على ذلك ما نقل عنهما من آراء فقهية في مدونة أبي غانم وغيرها، وهذه الميزة أيضاً من المميزات التي اعتمدها علماء الحديث في ترجيح بعض الروايات على بعض(13).
وبهذا نعرف أن ثلاثيات الإمام الربيع من أصح الثلاثيات ، يقول الإمام القطب: "وأصح الأحاديث ما رواه الربيع بن حبيب عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن الصحابي عن رسول الله صلى الله علبه وسلم لمزيد ورع هذا السند وضبطه"(14).

أما ما عدا هذه الثلاثيات من المسند فهي نوعان:-

1- ما فيها انقطاع في السند.
2- ما ورد بطرق أخرى: وهي أحاديث قليلة وردت بأسانيد مختلفة، وتلك الأسانيد هي:-

1- الربيع عن ضمام بن السائب عن جابر بن زيد عن ابن عباس(15).
2- أبو عبيدة عن ضمام بن السائب عن جابر بن زيد عن ابن عباس(16).
3- أبو عبيدة عن ضمام بن السائب قال: بلغني عن ابن عباس(17).
4- عبد الأعلى (بن عبد الأعلى) عن داود (بن أبي هند) عن عكرمة عن ابن عباس(18).
5- يحيى بن كثير عن شعيب عن قتادة عن ابن عباس(19).
6- يحيى بن كثير عن عطاء بن السائب عن عبد الله بن الحارث(20).
7- أبو عبيدة عن حيان بن عمارة عن ابن عباس(21).
8- أبو عبيدة قال: بلغنا عن محمد بن سيرين قال: قالت أم عطية الأنصارية(22).

وأغلب أحاديث المسند متصلة السند، ويوجد فيه مراسيل ومنقطعات على النحو التالي:-

عددها نوع الأحاديث

543772697الأحاديث المتصلةمراسيل جابرمراسيل أبي عبيدةالأحاديث المنقطعة
وهذا يدل أن الأحاديث التي فيها إرسال وانقطاع حوالي ربع الأحاديث وهي نسبة أقل من موطأ مالك الذي قال عنه ابن حزم: "أحصيت ما في موطأ مالك فوجدت فيه من المسند خمسمائة ونيفاً، وفيه ثلاثمائة ونيف مرسلاً"(23).

هذا وليعلم أنه بالنظر لمراسيل الإمام جابر فإنه لا يروي عن غير الصحابة إلا نادراً وهو لا يروي إلا عن ثقة، فقد ذكر المزي في ترجمته قال: "روى عن الحكم بن عمرو الغفاري(24) وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر بن الخطاب(25) وعكرمة مولى ابن عباس(26)ومعاوية بن أبي سفيان(27)"(28) وهؤلاء كلهم صحابة إلا عكرمة وهو ثقة ثبت كما قال عنه ابن حجر(29).

وموضوع الأحاديث المرسلة والمنقطعة في مسند الإمام الربيع يحتاج إلى بحث مستقل موسع، وقد تتبع المحدث القنوبي تلك الأحاديث وخلص إلى أنه قد ثبت اتصال أكثرها عند غير الإمام الربيع بأسانيد حسنة أو صحيحة(30).
إن من يطالع مسند الإمام الربيع يتبين له جلياً أن الإمام الربيع أراد أن يفرد حديث رسول الله صلى الله علبه وسلم، ولذلك قل في مسنده الموقوف والمقطوع، فلم يرد فيه سوى (14) أ ثراً موقوفاً ومقطوعاً(1) على النحو
صاحب الأثر اعدد الآثار أرقامها :-
341120،236،70017،223،4031877،740418،522،741713 133
1231 أبو بكر الصديق عمر بن الخطاب ابن عباس ابن عمر أنس بن مالك جابر بن زيد الحسن البصري
وهذه النسبة قليلة جداً إذا ما قورنت بالموقوفات والمقطوعات في بعض الكتب الحديثية كموطأ مالك مثلاً الذي قال عنه أبو بكر الأبهري( 2): "جملة ما في الموطأ من الآثار عن النبي صلى الله علبه وسلم وعن الصحابة والتابعين ألف وسبعمائة وعشرون حديثاً والموقوف ستمائة وثلاثة عشر ومن قول التابعين مائتان وخمس وثمانون"(3) وهذا يعني أن في الموطأ حوالي تسعمائة أثر عن الصحابة والتابعين من أصل ألف وسبعمائة وعشرين حديثاً هي كل أحاديث الموطأ أي أكثر من النصف.
على أن آثار الصحابة والتابعين التي ذكرها الإمام الربيع لم يوردها على سبيل الاستقلال، وإنما هي مرتبطة بأحاديث الرسول صلى الله علبه وسلم، فذكرها الإمام الربيع إما لبيان معنى الحديث أو تأكيد العمل به أو تخصيصه.
فمن أمثلة الأول حديث رسول الله صلى الله علبه وسلم: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج"(4) فقد أورد الإمام الربيع عقب هذا الحديث أثراً عن ابن عباس انه قال: "فاتحة الكتاب هي أم القرآن، فاقرأها واقرأ فيها {بسم الله الرحمن الرحيم}، وقال إنها آية من كتاب الله"(5).
وكالأثر الذي رواه أبو عبيدة عن جابر عن الحسن البصري قال: "إنما نهى النبي صلى الله علبه وسلم عن اقتناء الكلب لأنه يروع المسلمين، ولذلك قال بنقص القيراطين من الأجر"(6) فقد أورده الإمام الربيع عقب حديث عائشة عن النبي صلى الله علبه وسلم قال: "من اقتنى كلباً لا لزرع ولا لضرع نقص من أجره كل يوم قيراط" قال جابر: وفي رواية: قيراطان(7).
ومن أمثلة الآثار التي ذكرها الإمام الربيع لبيان أن العمل
بالحديث باقٍ لم ينسخ ما رواه جابر بن زيد قال: "كان أصحاب رسول
الله صلى الله علبه وسلم ينامون جلوساً حتى تخفق رؤوسهم ثمّ يصلون ولا يتوضؤون،
والنبي صلى الله علبه وسلم يشاهدهم على تلك الحالة ولا يأمرهم بإعادة
الوضوء"(8)، فلبيان بقاء العمل بهذا الحديث أورد الإمام الربيع عقبه أثراً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه ينام قاعداً ثمّ يصلي ولا يتوضأ"(9).
ومن أمثلة الآثار المبينة لتخصيص الحديث ما رواه أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله علبه وسلم: "لا تستقبلوا القبلة ببول ولا غائط"، قال جابر: فسألت عن ذلك ابن عباس قال: "ذلك إذا كان في الصحاري والقفار، وأما في البيوت فلا بأس لأنه قد حال بين الناس وبين القبلة حيال وهو الجدار"(10).
ومما يلتحق بمنهج الإمام الربيع في المتن شرحه لغريب الحديث، فإن الإمام الربيع لم يكتف ببيان فقه الحديث بإيراده لأقوال الصحابة وغيرهم عقب رواية الحديث، بل حرص على شرح ما غمض من ألفاظ الحديث وذلك لتقريب فهم الحديث إلى قارئه وقد سلك الإمام الربيع هذا المسلك في كل المسند تقريباً، فبعد ذكره للحديث يشرح غريبه والأمثلة على ذلك كثيرة نورد منها:-

1- أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله علبه وسلم قال: "ليس في الجارة ولا في الكسعة ولا في النخة ولا في الجبهة صدقة"( 11) قال الربيع: الجارة الإبل التي تجر بالزمام وتذهب وترجع بقوت أهل البيت، والكسعة: الحمير، والنخة: الرقيق، والجبهة: الخيل، قال الربيع: قال أبو عبيدة: ليس في شي من هذا صدقة ما لم تكن للتجارة(12).

2- أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: "كفن رسول الله صلى الله علبه وسلم في ثلاثة أثواب سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة"(13) قال الربيع: "السحولية: ثياب من موضع يسمى (سحولا) وهو موضع بأرض اليمن"(14).

3- أبو عبيدة قال: قال رسول الله صلى الله علبه وسلم: "لا هامة ولا عدوى ولا صفر"(15) قال الربيع: لا عدوى: أي لا يتحول شي من المرض إلى غيره فيعدو، ولا هامة: كان أهل الجاهلية يقولون إذا مات الإنسان: خرجت من رأسه هامة هي التي تقتله، ولا صفر: كانوا في الجاهلية يحرمون شهر صفر عاماً ويحرمون شهر محرم عاماً فنهاهم رسول الله صلى الله علبه وسلم عن ذلك كله، وقال آخرون إذا مات أحد في الجاهلية: به صفر وهي التي تقتله، فنهى النبي صلى الله علبه وسلم عن ذلك(16)

---
المراجع والمصادر:
.الإحكام في أصول الأحكام، دار الكتب العلمية-بيروت، الطبعة الأولى، 1985م.
& الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبدالله (ت 430هـ-1039م):
2.حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة الرابعة، 1985م.
& الأندلسي، يوسف بن عبدالله بن عبدالبر (ت 463هـ-1071م):
3.الاستيعاب في معرفة الأصحاب، دار الجيل - بيروت.
& اطفيش، محمد بن يوسف (ت 1332هـ-1914م):
4.جامع الشمل في حديث خاتم الرسل، وزارة التراث - مسقط، 1412هـ-1992م.
5.وفاء الضمانة بأداء الأمانة، وزارة التراث - مسقط، 1406هـ-1986م.
& الباجي، سليمان بن خلف (ت 474هـ-1081م):
6.التعديل والتجريح لمن خرج له البخاريّ في الجامع الصحيح، دار اللواء - الرياض، 1406هـ-1986م.
& الباروني، سليمان:
7.الأزهار الرياضية في أئمة وملوك الإباضية، وزارة التراث - مسقط، 1988م.
& البخاري، علاء الدين عبدالعزيز بن أحمد (ت 730هـ-1330م):
8.كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي، دار الكتاب العربي-بيروت، الطبعة الثانية، 1994م.
& البخاري، محمد بن إسماعيل الجعفي (ت 256هـ-870م):
9.صحيح البخاري، دار الكويت العلمية - بيروت.
10.التاريخ الكبير، دار الفكر، 1986م.
11.التاريخ الصغير، دار الوعي - حلب، مكتبة التراث - القاهرة.
& البرادي، أبو القاسم بن إبراهيم:
12.رسالة في تقييد كتب الإباضية، دار الفضيلة - القاهرة، 1994.
& البستي، محمد بن حبان بن أحمد التميمي (ت 354هـ-956م):
13.الثقات، دار الفكر - بيروت، 1975م.
14.المجروحين، دار الوعي - حلب، 1396م.
15.صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة - بيروت، 1993م.
16.مشاهير علماء الأمصار، مطبعة لجنة التأليف - القاهرة، 1397هـ-1959م

juvdt fhgYlhl hglp]e hgp[i hgvfdu fk pfdf ,lsk]i hggpdm hgp[i hgvfdu fhgYlhl juvdt fk dfpe ,lsk]i





توقيع :

تعلم لوجه الله واعمل لوجهه****وثق منه بالموعود فهو جدير

تـعـرض لـتـوفـيـق الإله بحبه****ودع ما سـواه فالجميع قشور





رد مع اقتباس

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
اللحية , الحجه , الربيع , بالإمام , تعريف , بن , يبحث , ومسنده


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جواب عن اللحية والموسيقى لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي عابر الفيافي نور الفتاوى الإسلامية 0 05-10-2012 02:23 PM
جواب عن اللحية والموسيقى طالب الاستقامة نور الفتاوى الإسلامية 10 04-10-2012 11:22 AM
إجابات حول مسند الامام الربيع بن حبيب الامير المجهول المكتبة الإسلامية الشاملة 0 06-28-2011 11:47 PM
مكانة مسند الربيع بين كتب الحديث عابر الفيافي المكتبة الإسلامية الشاملة 1 01-21-2011 07:46 PM
الربيع بن حبيب بن عمرو الأزدي عابر الفيافي علماء وأئمة الإباضية 0 01-15-2011 04:37 PM


الساعة الآن 03:44 AM.