فتاوي وأحكام - منتديات نور الاستقامة
  التعليمـــات   قائمة الأعضاء   التقويم   البحث   مشاركات اليوم   اجعل كافة الأقسام مقروءة
أخواني وأخواتي..ننبه وبشدة ضرورة عدم وضع أية صور نسائية أو مخلة بالآداب أو مخالفة للدين الإسلامي الحنيف,,,ولا أية مواضيع أو ملفات تحتوي على ملفات موسيقية أو أغاني أو ماشابهها.وننوه أيضاَ على أن الرسائل الخاصة مراقبة,فأي مراسلات بين الأعضاء بغرض فاسد سيتم حظر أصحابها,.ويرجى التعاون.وشكراً تنبيه هام


** " ( فعاليات المنتدى ) " **

حملة نور الاستقامة

حلقات سؤال أهل الذكر

مجلة مقتطفات

درس قريات المركزي

مجلات نور الاستقامة



الإهداءات



نور الفتاوى الإسلامية [فتاوى إسلامية] [إعرف الحلال والحرام] [فتاوى معاصرة] [فتاوى منوعة]


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
افتراضي  فتاوي وأحكام
كُتبَ بتاريخ: [ 02-22-2010 ]
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية الامير المجهول
 
::الـمـشـرف العـام::
::مستشار المنتدى::
الامير المجهول غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 8
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : عمان
عدد المشاركات : 7,603
عدد النقاط : 913
قوة التقييم : الامير المجهول محبوب الجميع الامير المجهول محبوب الجميع الامير المجهول محبوب الجميع الامير المجهول محبوب الجميع الامير المجهول محبوب الجميع الامير المجهول محبوب الجميع الامير المجهول محبوب الجميع الامير المجهول محبوب الجميع


فتاوى وأحكام

السؤال

*يقول سائل من خلال تأملي لكتاب الله تعالى لاحظت أن الكفار يكذبون بالبعث أكثر من تكذيبيهم بالخالق سبحانه وتعالى ؟

الجواب :

**نعم هم يعتقدون وجود الله ولكنهم يشركون معه آلهة أخرى ، فلذلك يسلبونه سبحانه وتعالى ما هو خاص به وحده ، ومن هنا يقيم الله تبارك وتعالى عليهم الحجج في كتابه فهو يقول ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) (الزمر:38) .

أما بالنسبة إلى المعاد فهم يتجاهلون آيات الله تبارك وتعالى الكبرى التي تدل على المعاد ، وإنما الفطرة دعتهم إلى الاعتراف بوجود الله ، فالإنسان الذي ينكر وجود الله تعالى إنما يكابر فطرته ويغالب عقله ، إذ كل ما في الكون يدل على وجوده سبحانه ولذلك قال الله سبحانه وتعالى ( أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)(إبراهيم: من الآية10) يعني أن كل ما في هذا الكون من أجزاء السموات والأرض دال عليه سبحانه ، فكل ذرة من ذرات الوجود إنما هي كلمة من كلمات الله ناطقة بتوحيده سبحانه وتعالى وناطقة بتسبيحه ودالة على وجوده ، كما قال الأعرابي عندما سئل بم عرفت ربك ؟ فقال : البعرة تدل على البعير ، وأثر القدم يدل على المسير ، فهيكل علوي بهذه اللطافة ، ومركز سفلي بهذه الكثافة ألا يدلان على الصانع الخبير .

وبالنسبة إلى يوم القيامة فإن الله تبارك وتعالى أقام عليهم الحجج لأنهم لقصور عقولهم استبعدوا أن يبعث الإنسان بعد أن يموت وتتحول خلاياه إلى ذرات ترابية متبعثرة بحيث تتلاشى في هذه الأرض وتغيب فيها فرأوا من المستبعد أن يجمع الله تبارك وتعالى هذا الشتات وينفخ في الإنسان هذه الروح مرة أخرى ، ولذلك ضرب الله تبارك وتعالى لهم الأمثال وبيّن لهم آياته الدالة على أن ذلك ليس عسيراً وليس شاقاً بل هو هين في حقه سبحانه وتعالى ، وكل شيء هين في حقه ، وإنما هذا أهون من نشأة الكون ، فقد قال سبحانه وتعالى ( أَوَلَمْ يَرَ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (يّـس:77-83) .

الله تعالى هنا ضرب هنا مثلاً لهؤلاء الذين يكابرون في حقيقة البعث ويمارون فيه ، ضرب لهم مثلاً إذ بيّن أن هذا الإنسان هو خلق من نطفة ، ما هي هذه النطفة ؟ هي جزء حقير ، بلغ في حقارته أنه ينظر بالمجهر ولا يكاد يبصر ، ومع ذلك توجد فيه جميع خصائص البشرية العامة التي يشترك فيها البشر ، وتوجد أيضاً في هذه الخلية جميع الخصائص البشرية الأسرية الخاصة ، أي الخصائص الأسرية التي تتوارث من أسرة إلى أسرة ، هذه موجودة فيها ، ولذلك يكون الشبه حتى إلى جدود بعيدين بسبب هذه الخصائص المتوارثة التي تنطوي عليها تلك الخلية .

ثم مع ذلك طور الله تبارك وتعالى هذا الإنسان أطوارا حتى أخرجه إنساناً بهذا القدر ، جعل هذه الخلية تخرج منها ملايين الملايين من الخلايا ، وهي متنوعة ومع ذلك نفخ فيه من روحه ، ومع ذلك جعل الله تبارك وتعالى له السمع والبصر والمشاعر والحواس والعلم والقدرة إلى آخره من هذه الأمور العجيبة .

كل من ذلك دليل على أن الله تبارك وتعالى ليس بعزيز عليه أن يعيد هذا الإنسان مرة أخرى كما خلقه أول مرة .
وبيّن سبحانه مع ذلك أن الذي يحي العظام وهي رميم هو الذي أنشأها أول مرة بهذه الحالة ، وأنه هو الذي خلق السماوات والأرض ، فمن خلق السماوات والأرض لا يعجزه أبداً أن يعيد خلق الإنسان كما كان أول مرة لأن السماوات والأرض لم تكن موجودة من قبل وقد أخرجها من عدم ، كل هذا الكون أخرجه الله تبارك وتعالى من عدم ، ولئن كان أخرج هذا الكون المترامي الأطراف من عدم فكيف بالإنسان الذي وجد وتكون وصار سميعاً بصيراً ألا يقدر الله تبارك وتعالى الذي أوجد هذا الكون من عدم على إعادته مرة أخرى ، بل ذلك أهون والكل في حق الله هين ، والله تعالى أعلم





يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة






--------------------------------------------------------------------------------




الشباب والثقافة الغربية

إبراهيم العربي : غرس القيم الإسلامية العظيمة في عقول الشباب يخرج جيلاً يعتز بدينه وقيمة ليكون عماد هذه الأمة
ـ القراءة والطموح إلى القمة , ثم الحرص على الوقت واغتنامه تأخذ الشباب إلى التقدم

ـ على المعلمين بداخل المدرسة أن يكونوا قدوة لكل الطلاب قدوة في الكلمة وقدوة في الحركة حتى في الملبس وفي كل الأمور

ـ تحفيز الشباب على غرس مفهوم التطلع والرقي نجعل منهم جيلاً يواكب التقدم
ـ على المجتمع أن يربي الشاب على التنشئة الإيمانية منذ الصغر من طاعة لله ورسوله والاعتزاز بالدين وعدم تركهم للغير فيغرس في قلوبهم الوهن وحب الدنيا الزائلة


حاوره أحمد بن سعيد الجرداني

الشباب هم عماد المجتمع , وأمل المستقبل لكل أمة في كل عصر وحين , والركيزة التي يتكأ عليها كل مجتمع ينطلق من أسس قاعدتها متينة، ولكن للأسف الشديد نجد البعض منهم قد قلّد الغرب في أساليب شيطانية متعددة , على الرغم من أن هناك إيجابيات لدى الغرب لم يأخذها هؤلاء الشباب فكيف نتعامل مع هؤلاء الشباب .؟ وحول ما ذكرناه كان لنا هذا اللقاء مع إبراهيم السيد العربي إمام وخطيب بمسجد الجامع سوق مطرح ..


الاهتمام بالقراءة سبيل التعلم

في البداية هناك أمور يقوم بها شباب الأمة من تقليد أعمى دون وعي ولا ثقافة ، إذاً ما النصيحة التي تقدّمها للشباب المسلم حول هذا الموضوع ؟

أولاً أنصح شبابنا أن يهتم بالقراءة الهادفة لأنه بقراءته هذه سيعلم الصحيح من غير الصحيح فيم يثار من آراء حول الإسلام الحنيف , ثانياً نصيحتي للآباء أنه لابد من غرس القيم الإسلامية العظيمة في عقول هؤلاء الشباب , وهنا يأتي الدور الأول على الأسرة المسلمة في تنشئة الأطفال على القيم النبيلة التي غرسها الإسلام في عقولهم وعندما نقول الأسرة , يعني نقصد من وراءها الأب والأم ( الزوج والزوجة ) فعليهما الدور الأكبر كي يُخرّجوا لنا جيلاً من الشباب يعتز بدينه وقيمه , ويتخلق بخلق خير الأنام سيدنا محمد ـ صلى الله عليه ـ وسلم فالتعامل يبدأ من الأسرة . ولا يتركونهم في هذا العصر لأهوائهم أو أصدقاء السوء, أو يتركونهم يأخذون ثقافتهم من غير المسلمين .
ثم يأتي دور المدرسة : فعلى المعلمين بداخل المدرسة أن يكونوا قدوة لكل الطلاب قدوة في الكلمة , وقدوة في الحركة , حتى في الملبس وفي كل الأمور .
فإن التلميذ ينظر إلى معلمه نظرة تقدير واحترام كبيرة جداً, ثم تأتي النصيحة التي أتوجه بها إلى شبابنا وهي : ياشباب المسلمين.
كفاكم فخراً أنكم من أمة الإسلام , وكفاكم فخراً أنكم أمة القرآن , وكفاكم فخراً أن عندكم القرآن الكريم , وسنة خير المرسلين سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لو أخذتم بهما وعملتم بما جاء فيهما لكنتم أوائل الأمم في كل المجالات وفي شتى نواحي الحياة.

الاقتداء بسيد البشر

سؤال : بعض الشباب يُقلدون الشخصية الفلانية في كل ما أوتي من شكليات ونسي أن هذا الشاب (أي المسلم ) نسي أن لديه مقومات إذا استخدمها جعلته في القمة . فما رأيكم في ذلك ؟

أقول لكل شاب مسلم ولكل فتاة مسلمة : خير ما تقتدون به هو سيد البشر محمد بن عبد الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأن الله تعالى قال وهو أصدق القائلين ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) نعم هو ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدوة لنا جميعاً وقدوة لشبابنا. فجميع مراحل حياة سيدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ , خاصة مرحلة الشباب , ومرحلة الطفولة , فخر لكل شاب مسلم أن يقرأ عن هذه الفترة من حياة رسول الله ويحاول أن يجعلها منهاج حياة له.
ففيها الخير والفلاح , وبها نتقدم جميعا ونصل إلى قمة المجد إن شاء الله تعالى . وعيب على كل شاب مسلم أن يقلّد غيره وخاصة أن الذي يقلده هذا شخص غير مسلم أو حتى لو كان مسلماً فهو غير ملتزم بما أمر الله تعالى , وكذلك الفتاة المسلمة عليها كذلك تتخلق بأخلاق أمهات المؤمنين , وتتخلّق كذلك بالنماذج العظيمة من النساء المسلمات , وفي مقدمتهن ( فاطمة الزهراء بنت الحبيب محمدا صلى الله عليه وسلم. ورضي الله عنها وأرضاها ) وعندما نجد هذا الالتزام قد تحقق في كل شبابنا وفتياتنا , سنصبح في مقدمة كل الأمم , ويباهي بنا رب العالمين ملائكته في السماء فالأمة المسلمة لديها من المقومات الكثير والكثير لتصل به إلى أعلى درجات المجد والرقي .

بُعد شبابنا عن القراءة
سؤال : من المتناقضات أن الغرب يأخذون الثمين , ونحن العرب وخاصة بعض فئات المجتمع المختلفة يأخذون الغث منه , ما وجهة نظركم حيال هذه التناقضات ؟
وجهة نظري في هذا المقام هي : أن السبب الأول في هذا بعد شبابنا عن القراءة المفيدة هذا أولاً . ثم انعدام الطموح عند شبابنا المسلم , وبعد ذلك عدم تقدير قيمة الوقت عند شبابنا , فكم من الأوقات يُضيعها شبابنا حتى والكبار أيضاً بعضهم يتفنن في إضاعة وقته فيما لا يفيد , في حين أنك تجد الشاب غير المسلم وحتى المرأة يحرص غالبيتهم على اغتنام أوقاتهم , حتى في وقت تنزّههم , ورحلاتهم تجد بيد كل منهم كتاباً يقرأ فيه عن معالم البلدة التي جاء يزورها ويتعرّف عليها من خلال قراءته , لكن انظر إلى شبابنا حتى عندما يفكر في رحلة , تجده لا يفكر إلا في الأمور التي تضرّه أكثر مما تنفعه فيحرص على الأماكن التي بها لهو ولعب ومضيعة لوقته, ولا حول ولا قوة إلا بالله ,
فنعم هذه تناقضات غريبة ليتنا ننتبه لها ونوجه شبابنا إلى ما يفيدهم وكما قلت : فهناك ثلاثة أمور ليت شبابنا يتمسك بها ألا وهي ( القراءة , ثم الطموح إلى القمة , ثم الحرص على الوقت واغتنامه , في كل ما يفيد . ففي هذه النقاط الثلاث وغيرها ما يأخذ بيد شبابنا إلى التقدم إن شاء الله تعالى وأعود وأكرر أن أغلى ما يمتلكه الشباب وأذكر الشباب بالأخص هو الوقت والصحة قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( نعمتان مغبون فيهما الكثير من الناس : الصحة , والفراغ ) . فهل هناك أغلى من الوقت لكي نحرص عليه ونغتنمه في تحصيل كل ما يفيدنا ؟ إذا كان هناك من المسلمين والعرب بالأخص من يفرّط في أغلى الأشياء ويتركوها لغيرهم من الغرب .
فأقول ليس كل العرب , وليس كل المسلمين يفعل ذلك , فالحمد لله في العرب , وفي المسلمين علماء أجلاء في شتى العلوم ضربوا لنا أعظم النماذج في الحرص على كل ما هو غال وثمين , فألفّوا لنا كتب العلوم المختلفة , وتركوها للأجيال التالية , فما علينا نحن إلا الكشف عن هذه الكنوز وتوجيه النظر إليها حتى تأخذها الأجيال التالية ويجعلوها حقيقة على أرض الواقع .

عودة الشباب ومعهم المجد
سؤال :كما اسلفنا في السؤال السابق تقدّم الغرب وتخلف العرب لأسباب معينة , ولكن هناك أمل بأن العرب وخاصة فئة الشباب سنرى فيهم ما كان لدى السلف الصالح . هل لكم من وقفة حول هذا الأمل ؟
نعم: هناك أمل كبير كي يعود شباب الأمة المسلمة, يعودون ومعهم المجد ويصعدون بأمتهم إلى القمة , فالمسلمون بخير وفيهم الخير إلى يوم القيامة , والصورة ليست قاتمة , وإذا كان هناك فئة من شباب الإسلام تأخروا عن الركب , فالحمد لله, أن الغالبية من شباب الأمة المسلمة سائرون على الطريق الصحيح , ودليل ذلك ما نراه من حرص الكثير منهم على حفظ كتاب الله تعالى , والحرص أيضاً على التفوق في مجال الدراسة , بكافة أشكالها , فهناك أطباء , وهناك باحثون في مختلف المجالات , وهناك بيوت مسلمة , وفيها أولياء الأمور حريصون على أن يأخذوا بأيدي أبنائهم إلى أعلى مراتب التعليم والتقدم , وهذا كله يبشر بالخير ونسأل الله تعالى أن يوفق الجميع إلى الخير .
ولكن لا مانع من أن نقف وقفة حرص على أمتنا , وعلى شباب أمتنا فإذا رأينا فيهم اعوجاج قوّمناهم , ونصحناهم بالحسنى كما علمنا رب العالمين في قوله تعالى ( ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) وكما قال لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ) فلنأخذ بأيدي شبابنا , ونحفّزهم ونغرس فيهم التطلع إلى العلى , والرقي ونبتعد عن أسلوب التنفير, ونجعل مكانه المودة والرحمة فبهذا سنجد الأمل موجود عند كل شاب وفتاة والحمد لله .

البعد عن تراثنا الأصيل
سؤال: ما أسباب تخلف المسلمين في رأيكم, وهل هناك أسباب معينة للرجوع إلى المجد ؟
من ينظر إلى واقع المسلمين في العصر الحاضر يجد أن من أسباب تخلفهم أولاً البعد عن تراثنا الأصيل , فعلماء الإسلام الأوائل برعوا في شتى المجالات, مثل الطب والفلك والرياضيات , وغيرها من العلوم : فمع كل هذا الكم الهائل من العلوم ولكن للأسف تخلى عنها العرب والمسلمون وتركوها لغيرهم , فأخذها الغرب وجعلوها مناهج تعليمية في مدارسهم وجامعاتهم , فتقدّموا في شتى المجالات , وبقينا نحن في المؤخرة
, وأقول هنا ( إن السنن الكونية لا تحابي أحدا مهما كان هذا الشخص ) فلله تعالى في كونه سنناً لا تتغير فالله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا , فالإسلام يدعو للعلم , فما بالنا نتأخر عن الركب وغيرنا يتقدم , والإسلام يدعو إلى القوة , فما بالنا نضرب أروع الأمثلة في الضعف والمهانة,
وأما عن أهم الأسباب التي يتقدم بها الشباب المسلم أو المسلمون عامة نذكر بعضاً منها (1) الفهم الصحيح للإسلام . ولن يكون هناك فهم للإسلام إلا بالقراءة فأمة الإسلام هي أمة القراءة , وأول ما نزل على سيدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أول البعثة قول الله تعالى ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) وليس أي شيء نقرأه . كلا إنما لابد أن نختار ما نقرأه وإذا كان شبابنا لايعرف ماذا يقرأ , فليرجع إلى العلماء الكرام ويسأل عن أهم الكتب التي بقراءته لها يكون عنصراً نافعاً لدينه ولوطنه , وأعظم ما نقرأه أولاً :هو كتاب الله تعالى , ثم سنة الحبيب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ففيهما كل ما نحتاج إليه قال تعالى ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) والسبب الثاني الذي به نتقدم بعد الفهم الصحيح لتعاليم الإسلام هو :
أن نعمل بما فهمنا فالعمل أساس للتقدم بين الأمم ,
والأمر الثالث ( أن أدعو غيري للإسلام ) وتكون أول ما تكون لأهلي وعشيرتي كما أمر الله تعالى نبيه ومصطفاه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فقال تعالى ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ثم أكون داعية إلى الله تعالى بالقول والفعل بمعنى ( أن أطبّق تعاليم الإسلام على نفسي فيراني الناس فيقولون . ما أجمل تعاليم الإسلام التي هذبت من أخلاق أتباعه ).
والسبب الرابع والأخير وهو من أهم أسباب تقدّم المسلمين إن هم التزموا به هو ( الترابط ) أي تتوحد كلمة المسلمين شباباً ورجالاً فيكونوا جميعاً يداً واحدة , ويتعاونوا على البر والتقوى , ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان ) إن التزم المسلمون بهذه الأسباب سيكونون أمة واحدة يحبهم الله تعالى وينصرهم على عدوهم وإن لم يلتزموا بهذا الواجب سيتحقق فيهم قول الله تعالى في سورة الأنفال ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)
أما إذا تفرقوا واختلفوا فسيتحقق فيهم قول الله تعالى ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )

ظاهرة دخيلة وغريبة
سؤال : هناك بعض الظواهر الدخيلة على المجتمع مثل التسكع في الشوارع بزي الغرب وكذلك اصطحاب الكلاب وغيرها إلى الشواطئ بقصد التحضّر هل لكم من كلمة لذلك ؟
أقول : إن هذه الظاهرة فعلا غريبة علينا نحن المجتمع المسلم ، ولكن على من يقدمون فعل مثل هذه الظاهرة هم قلّة ندعو الله أن يردّهم إلى صوابهم هذا بالنسبة لمن يصطحبون معهم الكلاب وغيرها من الحيوانات.
ووالله ما هذه بمدنية ولا تقدم : إنها تشّبُه بأقوام ليسوا من جلدتنا فليتنا نحرص على أن نكون متبوعين لا تابعين .
أما بالنسبة للشباب المتسكّع في الطرقات فنقول لهم : هب أن هذه الفتاة أو هذه المرأة التي تراها في الشارع ذاهبة لأي عمل , وأنت تضيّق عليها بأفعالك هذه . هب أنها أختك أو أمك أو من قبيلتك, أترضى أن يفعل معها أي شخص هذه الأفعال ؟ طبعاً لن ترضى أبدا , فما لا ترضاه لنفسك لا ترضه لغيرك . فلنتق الله تعالى في كل حركاتنا وسكناتنا ليرضى عنا رب العالمين ..

سؤال أخير : دخلت على المجتمع العربي الإسلامي بعض العادات كالرقص المسمى بالهوب هوب وهي عبارة عن رقصة تشبه رقصة القرد يمشي على اليدين وغيرها من الحركات التي جعلت من شباب مجتمعنا في الحضيض إن صح التعبير بسبب هذه الثقافة المبتورة ؟ كيف نجعل من أبنائنا لا يتأثرون ببعض هذه الثقافات المبتورة؟
أقول: هذه عادات دخيلة علينا فالواجب أن نجعل أبناءنا لا يتأثرون بمثل هذه الثقافات إذا حرصنا على أن ننشئهم تنشئة إيمانية منذ الصغر على طاعة الله ورسوله , والاعتزاز بدينهم , والحرص على أن نكون قدوة أمامهم فنوجههم إلى الطريق السليم , ولا نتركهم لغيرنا فيغرس في قلوبهم الوهن وحب الدنيا الزائلة, لأن الشباب هم عماد المجتمع وهم الأمل في المستقبل القريب فليتنا نعطيهم الاهتمام الأكبر في التربية والمتابعة من مرحلة الصغر حتى يصبحوا رجالاً والله هو الهادي إلى سواء السبيل .

الأمل
في هذا اللقاء الماتع الذي تطوفنا به سوياً نريد منكم كلمة تختمون بها ؟
كلمتي الأخيرة في هذا الموضوع هي عبارة عن أمل, وفي نفس الوقت رجاء , أما الأمل فهو: في الله العلي القدير. ندعو الله أن يتحقق هذا الأمل ألا وهو : أن يعود شبابنا إلى ثقافتهم الإسلامية يستمدون منها كل ما هو مفيد , ولا نلهث وراء ثقافة غربية تهدم أكثر مما تبني , لا مانع من أن نأخذ ما يفيدنا في الدنيا والآخرة طالما أن هذا الأمر يرضي الله ورسوله .
لكن الشيء الذي لا يفيدنا فلنتركه ولا نحزن على فواته منا . أما عن الرجاء فهو نرجو الله أن يوفقنا جميعا إلى العمل الصحيح الذي به نصل إلى مقدمة الأمم والرجاء أيضاً من كل شباب الأمة المسلمة أرجو منهم أن يظهروا في كل ميادين الحياة وفي مختلف المواقع أننا مسلمون ومعتزون بإسلامنا إلى أن تقوم الساعة.

tjh,d ,Hp;hl tjh,n ,Hp;hl


الموضوع الأصلي: فتاوي وأحكام || الكاتب: الامير المجهول || المصدر: منتديات نور الاستقامة




التعديل الأخير تم بواسطة الامير المجهول ; 02-22-2010 الساعة 10:30 PM
رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 02-22-2010 ]
 
 رقم المشاركة : ( 2 )
::الـمـشـرف العـام::
::مستشار المنتدى::
رقم العضوية : 8
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : عمان
عدد المشاركات : 7,603
عدد النقاط : 913

الامير المجهول غير متواجد حالياً



صور من ابتلاء العلماء
بين حمّاد بن سلمة ومحمد بن سليمان

قال ابن سليمان, دخلت على حماد بن سلمة فاذا ليس في البيت الا حصير, وهو جالس وفي يديه مصحف يقرأ فيه وجراب فيه عملة ومطهرة يتوضأ منها, فبينما أنا جالس اذ دق الباب.
فقال حمّاد: يا حبيبة اخرجي فانظري من هذا؟.
فقالت: رسول محمد بن سليمان الى حماد بن سلمة, فأذن له بالدخول
فقال بعد أن سلّم: أما بعد فصبّحك الله بما صبّح به أولياءه وأهل طاعته.
وقعت مسألة فأتينا نسألك عنها, والسلام.
فقال: يا حبيبة, هلم الدواة.
ثم قال لي: اقلب كتابه, واكتب أما بعد:
فأنت صبّحك الله بما صبّح به أولياءه وأهل طاعته, انا أدركنا العلماء وهو لا يأتون لأحد, فان وقعت لك مسألة فأتنا وسل ما بدا لك وان أتيتني فلا تأتني بخيلك ورجلك فلا أنصحك, ولا أنصح الا تقيّا, والسلام.
فبينما أنا جالس اذ دق الباب.
فقال: يا حبيبة فانظري من هذا؟.
قالت: محمد بن سليمان.
قال: قولي له يدخل وحده, فدخل وجلس بين يديه وبدأ.
فقال: ما لي اذا نظرت فيك امتلأت منك رعبا؟.
قال حمّاد: حدثني ثابت البناني قال سمعت أنسا يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" ان العالم اذا أراد بعلمه وجه الله هابه كل شيء, واذا أراد أن يكنز الكنوز هاب من كل شيء".
فقال: ما تقول ـ رحمك الله ـ في رجل له ابنان وهو على أحدهما أرضى, فأراد أن يجعل له في حياته ثلثي ماله؟.
فقال حماد: لا يفعل ـ رحمك الله ـ فإني سمعت أنسا يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" اذا أراد الله أن يعذب عبدا من عباده في حياته وفقه إلى وصيّة جائرة".
فعرض عليه مالا فلم يقبل وخرج.

المصدر
(الاسلام بين العلماء والحكام ص 99).منقول

إعداد:صفية بنت سعيد العيسرية








--------------------------------------------------------------------------------




الإيثار في الإسلام

الإيثار من أعظم الفضائل التي ربى الإسلام أتباعه عليها ففي الايثار حب الخير والعطاء للآخرين، والعطاء صفة من الله عز وجل وعطاؤه لا ينقطع ولا ينتهي سبحانه وتعالى. والايثار هو أن يقدم المسلم حاجة غيره من الناس على حاجته، برغم احتياجه لما يبذله، فالمسلم يجوع ليشبع غيره، ويعطش ليروي غيره بل قد يموت في سبيل حياة الآخرين. فالإيثار يجعل المسلم يشعر بحقيقة ايمانه فيطهر نفسه من الأنانية التي هي حب النفس وتفضيلها على غيرها وهي صفة ذميمة نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم فالمسلم يجب أن يتحلى بصفة الايثار وحب الآخرين، وهو درب الفائزين الذين أثنى الله عز وجل عليهم بقوله: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) صدق الله العظيم. ولا يمكن الوصول إلى الايثار إلا بالقناعة والسخاء والبذل والعطف على الفقراء والمحتاجين والأيتام، فالإيثار خلق رفيع يبعد الإنسان عن الظلم والرذيلة كالغش والبهتان والتلاعب بالأسعار وايذاء الآخرين. ومن أعظم الكرامة أن يؤثر المسلم بخيره لغيره فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه) وقال أيضا (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) فمن خصائص المؤمن أن يؤثر أخاه المؤمن في حظوظ الدنيا على نفسه طلبا لثواب الآخرة. وهناك مواقف خالدة للمسلمين في الايثار وصلوا فيها الدرجة العالية من الايثار فلما مات سيدنا جعفر ابن أبي طالب، ترك ثلاثة أطفال والصحابة ضعفاء فقراء، فقد وقف الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: من يكفل أولاد جعفر؟ يقول الراوي: فخرج ثلاثة من أصحابه يتشاجرون: أنا يا رسول الله بل، أنا يا رسول الله.. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رجلا أتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فشكا إليه الجوع فبعث إلى نسائه، فقالت كل واحد منهن: ما عندنا الا الماء قال الرسول عليه أفضل الصلوات من يضيف هذه الليلة؟) فقال رجل من الانصار: أنا يا رسول الله، وأخذه إلى بيته فأسرع إلى زوجته فقالت: ما عندنا إلا قوت الصبيان، فقال لها: هيئي طعامك ونومي الصبيان وأطفئي السراج ففعلت ووضع الطعام بين يدي الضيف وجعل يمد يده إلى الطعام كأنه يأكل، وما أكل حتى أكل الضيف إيثارا للضيف على نفسه وأهله، فلما أصبح قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد عجب الله صنيعكم الليلة بضيفكم ونزلت الآية (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) صدق الله العظيم . وهذا أبو دجانة في غزوة أحد، السهام تصوب ناحية الرسول صلى الله عليه وسلم من كل ناحيه فيأتي أبو دجانة ويؤثر رسول الله ويحتضنه لينقذه من السهام، يقول أبو بكر رضي الله عنه: نظرت إلى ظهر أبي دجانة فهي كالقنفذ من كثرة السهام، هو مجروح وما زال يؤثر النبي صلوات الله عليه. هذه أفضل صورة تجسدت في خلق الصحابة رضوان الله عليهم، اقتداء بخلق الرسول صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم).
هذه مواقف خالدة سجلها التاريخ في الايثار فما أجمل هذا الخلق الكريم الذي تخلق به أفراد المجتمع الإسلامي وأصبح شعارا لهم ورمزا لإيمانهم .


أم فارس








--------------------------------------------------------------------------------





الرثاء الحزين

الأرض تبكي والسماء تجيبها ** والناس مشدوهون يدفع بعضهم
نبأ تناقله الهواتف فجأة ** لا تسمعن سوى الصراخ وحسبنا
قريات أعلنت الحداد جميعها** كليات صارت بالبكاء مآتما
عمرية في الحصن تنعى حبيبها ** والياء أقصم ظهرها فقدانه
فيق أفيقي من سباتك أنها ** ذهب الوفا ذهب التآلف والصفا
ذهب الاخا ذهب السخا لا عودة ** يا ويح نفسي كيف صفوي بعده
أم كيف يهنأ لي منام ويقظتي ** جمر الغضا فوق الخدود لهيبها
فقد الأحبة لا يعوضه البكاء ** أفلت نجوم العلم وآسفي لها
ومصادر اللغة الفصيحة قد هوت** علم الفرائض قل لي من يرجى له
أم من يحل عويصها وسهامها ** ذهبت فطاحلها الذين عهدتهم
واحسرتي ماذا أقول وهاذم ** والقلب يذكر خلقه وفعاله
يهناك عبدالله موتك محرما ** قد كنت تنتظر الصلاة لوقتها
إن المنية حالفتك مجردا ** فتسرك اللقيا وربك عالما ملبيا
نلت الشهادة تبعثن ملبيا ** يارب أجز فقيدنا خير الجزاء
والهمنا صبرا في المصائب والبلاء** فالصبر أجدى والعزيمة قوة
فمآتم العلماء نكبة مؤمن ** وفي الاخا تحت الثرى في روضة
فالله يجمع شملنا ومآلنا ** لكم العزاء والصبر أهل مودتي
والكون والآفاق تنعي فقيهها ** ماذا جرى يتبادلون حديثها
يسترجعون إلى الإله عظيمها ** ألما وحزنا في فريد زمانها
والناس تعتصر الأسى بنحيبها ** والويل والحسرات ضمن عويلها
وتنادي عبدالله ليس يجيبها ** وتعثرت حركاتها بضجيجها
لمصيبة كبرى موت عميدها** ذهب التعاطف في جميع ربوعها
ترجى ولا أمل لرتق فتوقها ** أم كيف أسلو بعد فقد حبيبها
أم كيف أصبر والمآقي دموعها ** تجري مدى الأيام رهن عويلها
والصبر من شيم الكرام وطيبها ** أين الخليفة من يدير شئونها
والنحو والإعراب عز وجودها ** أم من يوضح أنصبا شركائها
ومفصلا لدقيقها وجليلها ** للدين والعلم الحنيف رجالها
اللذات يسقيها كؤوس حمامها** والنفس لا تهوى سواه أليفها
ومهللا ومكبرا لإلاهها ** لكن أمر الله حال قضاءها
ببشارة الجنات بين نعيمها ** فسعيد حظك وافرا بخلودها
وملائك الرحمن ثم شهودها ** أنت القدير المرتجى ورحيمها
أنت البصير بنا وأنت حكيمها ** في فقد أهل العلم خير رجالها
وفكاها اللاهون من سفهائها ** من جنة الفردوس مرتع حورها
إن شاءت الأقدار بين رياضها ** والجود والإحسان وهو ختامها

رثاء للشيخ عبدالله بن سالم اللزامي ..بقلم خليفة بن سيف بن سالم العادي




--------------------------------------------------------------------------------





الموتُ آمالٌ وآلامٌ

أم عاصم الدهمانية

هذه الكلمات عبارة عن عبرات جاشت بها نفسي في رحيل جدتي ـ رحمها الله ـ

الموتُ آمالٌ وآلامٌ، ينزعُ الموتٌ من قلوبنا الأفراحَ، وعلى قدرِ نزعهِ يهبنا اليقين في مسيرنا إلى الله ـ جل في علاه ـ. الموتُ آمالٌ وآلامٌ، يوحشُ قلوبَنا برحيلِ أحبتنا لنأنسَ بالله في النجوى والتوبة والدعاءِ الصادقِ. الموتُ آمالٌ وآلامٌ، يجرفُ جماليات الحياةِ فنرى صحراءَ الحقيقةِ؛ لا ليتركنا فيها تائهينَ، بل لنحيلَها ربيع الصالحاتِ.
لماذا قررت هذه المرة رؤية الموتِ لأكتشف رموز حروفه الثلاثة، ميم وواو وتاء؟! ما الذي كان يدفعني بين متضادات الأمور، الموت والحياة وأنا التي عشتُ وأعيشُ رهبة الموت، وعندما أمر على المقبرة أتحاشى النظر في التراب أو اللوحة التي تحمل (مقبرة) لهزة تصيب أوصالي، وأذكر أختا دفنت هنا بعد أن ماتت غرقا شاطرتني يوما أحلامها والآلام؟! هناك ما يدفعني اليوم لأرى الموت عن قرب حيث نبقى في ضبابيات الألوان التي تبهت حتى لا يبقى إلا لون الموت، ما الذي كان يدفعني لأنظره بعينيّ، وليخطَ سطور حقيقته في مقلتيّ دمعا أسكبُ منه العذابَ ليبقى العذب خوفا ورجاءً؟!
(دخْلنْ شوفنْ جدّتكنْ) اندفعت لأقترب من الموت، يسبقني انصهار دمع، وكأنما والدي ـ رحمه الله ـ مات مرتين، مرة برحيله، والأخرى برحيل جدتي (والدته). كشفت إحداهن الغطاء عن وجه جدتي، لم أحتمل سوى نظرة خاطفة، خرجت بعدها عائدة من حيث أتيت أبكي، أود إزاحة حصوات الآلام المتراكمة في فؤادي لأتنفس الأمل، فكيف لا أتنفس إلا دخان الموت الذي نشر رهبته في الأجواء. هناك هاتف في فؤادي يدفعني لأنظر الموت عن قرب، وعدت ثانية أريد التعرف على الموت كبطاقة يقين. تأملت وجهها هذه المرة لفترة أطول، أيغدو الإنسان هكذا؟! جثمانا باردا! ترى أين حرارة الحياة؟! ما هذه الروح التي تنزع كل شيء؟! مذهل هذا الموت الذي أقف على حافة التعرف عليه عن قرب وبمرئيات الصور.
طالبوني المشاركة في الغسل، فرفضت، كيف لي أن أقترب أكثر وأنا التي تنطبع الأحداث في فؤادها أختاما لا تمحى فتغدو في جواز سفري إلى الأوراق والأقلام؟ شيء يدفعني لأقرأ قصة الموت الواقعية. رأيت الحنوط، رأيت القطن، رأيت القماش الأبيض، سابقا كان قلبي معلقا باللون الأبيض، تركت بيني وبين الموت رؤية العين المجردة لأحداث الموت، لماذا يرهبني اليوم هذا اللون؟! أحببته دوما إذ هو لون السحاب، والنقاء، والصفاء، ولون الإحرام، واليوم أوقن أنه لون الوداع، فهل لون الوداع أبيض؟ أم هو إحرام آخر، لرحلة إلى الله، فيها طواف الروح في عالمها الغيبيّ، وسعي الصالحات في الدفاع عن هذا الراحل، تسربله الدعوات دثارا في الوحدة والوحشة لتكون أنسا، ما خيل إلي أن أقترب من الموت كما اقتربت اليوم.
قلت لشقيقتي: توقعت رهبة عنيفة داخلي؛ فإذا الاطمئنان سكن روحي وقلبي، بينما العقل يسجل الأحداث، نظرا، وسمعا، وصمتا.
هذا هو الميت إذا، وهذا ما يفعل به، طبعت على جبين جدتي البارد قبلة عميقة وهمست في فؤادي لها: (أنا مريم)، فهل سمعتني؟
أصابني الأرق، وتوقعت تلك الليلة أن تترك الأحداث آثارا دامية في روحي، وعلى غير ما توقعت تلك الليلة، عدت لأجواء العزاء.
وسألتني شقيقتي: كيف ليلتك؟
ـ أصابني الأرق.
ـ قلت في ذاتي لمريم ليلة وأحداث.
ـ توقعت غير هذا.
ـ ستدركينه فيما بعد.
هل لأننا في زحمة الآلام وتوافد الجموع نبلع مسكنا للآلام، أم لأن عادة الزحام تشتت الأذهان؟ أم لأننا لم نمكث مع أنفسنا لحظات وحدة لندرك الأحداث، مرت أيامي الثلاثة على غير توقعي من زلزال أصاب قلبي في هذا الموت، ولكن في الليلة الثالثة بدأت الصور تتجلى لي صورة صورة بحركة بطيئة، جثمان محمول، الغسل، الكفن، الحنوط، قبلات الوداع، خرافات النساء المزدحمات للفضول أو للموعظة.
(كبْري خمس مرات خالوه)، لا أفقه.. (الله أكبر يُو بُويِِ)، (الله أكبر يُو مَاهْ) فقط التكبير المتتالي على أذن جدتي يوقد كبرياء الله الأعظم يوم يتصاغر كل شيء. في اليوم الرابع سكنني الألم، أشعر بحجارة كبيرة تثقل قلبي، وانزويت لأذرف الدمع وأخط الحرف، ولكن لم يغتسل قلبي من الآلام.
الموت آمالٌ وآلامٌ، يحرق عيوننا بالدمع، وعلى قدر احتراقها يهبها ضياء تمضي به إلى الله، الموت رحمة ونعمة وحكمة، رحمته واسعة، فهل يغدو شق التراب روضة من رياض الجنة؟ ارحمنا يا الله.
الموت قد ينزع من شجرة الحياة غصنا؛ لتنمو في بقايا انكساره ورقة خضراء (رزقت شقيقتي بمولودة). الموت يحمل معوله، يحطم أشجار آمالك وأحلامك والطموح، لا ليموت كل هذا؛ ولكن فقط ليقتل الغرور والتكبر، ليحرق الرياء عندما تحتك صخور اليقين في فؤادك ببعضها؛ لتشتعل في خضراء الزيف؛ فلا ترى إلا جذورها الضعيفة، عليك اقتلاعها من تربة الأحناء. الموت آمالٌ وآلامٌ، يرحل الأحباب لرب أرحم بهم منا، وأكرم بهم منا، وأرأف بهم منا، هم في وديعته. الموت آمالٌ وآلام، فإن ضيعتك الدروب هداك الموت قنديل فكر في نفق التيه لتهتدي إلى طريق اليقين. الموت آمالٌ وآلامٌ، هو محطة تتفقد فيها حقيبة سفرك، ترتب حاجيات المسير، وتستعد للعبور.

وتستمر الحياة.

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 02-22-2010 ]
 
 رقم المشاركة : ( 3 )
::الـمـشـرف العـام::
::مستشار المنتدى::
رقم العضوية : 8
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : عمان
عدد المشاركات : 7,603
عدد النقاط : 913

الامير المجهول غير متواجد حالياً



تذكرة في وفاة الشيخ اللزامي رحمه الله

قبل أيام ودعت السلطنة عالما من علمائها وهو الشيخ عبدالله بن سالم اللزامي رحمه الله من ولاية قريات وفي هذا كانت لي هذه الكلمات ..
منذ نعومة أظفاري قيل لي لك أبوان. كلاهما يغذي الجسد والروح وهذا يعني بأني سأذوق مرارة اليتم أضعافا مضاعفة إن قدر لي أن أعيش بعدهما.
في سبعينيات القرن الماضي وفي أوائل قيام النهضة المباركة وقع عليهما الاختيار بأن يكونا من يقوم على أكتافهما التعليم وكنت من بين الدارسين على يديهما إلا أني أوفر حظًا حين دعاني (الشيخ اللزامي) بأن أصحبه صباحا ومساء لتعليمي القرآن الكريم في (مسجد الشيخ مالك) وأنتقل معه كظله أو كعصاه فزرت بلدانا بعيدة عن الولاية وهي (الياء) و(فيق) و(المزارع مع قراها) وهذه القرى توجد في ولاية ـ قريات ـ وحيث إنني طفل غرير كنت أبتسم لأسماء هذه القرى ثم أدركت بعد ذلك بأن هذه القرى هي جامعات مفتوحة بلا رسوم لتلقي دروس الاخلاق والأدب والرجولة.
لقد ارتبط اسم أبَوَي بالتدريس فلا يكاد يذكر التعليم في مجلس إلا يفهم من القائل بأنهما المعنيان بالامر. ثم شاءت الأقدار بأن ينتقلا إلى إمامة المسجد الجامع في الولاية (قريات) المشيد على نفقة صاحب الجلالة فقاما بتأدية الرسالة الثانية في حياتهما مع ملازمة التدريس.

في يوم الاثنين 9-2-1431هـ الموافق 25-1-2010م
زرنا سماحة الشيخ المفتي بعد ضرب مواعيد لهذه الزيارة العجيبة التي تتضمن اللقاء الاخير. لقد أخبرني سماحته بعد أن نعيت له الشيخ اللزامي بأنه طلب منه أن يدعو له بحسن الخاتمة فتحقق ذلك.
الشيخ اللزامي اسم له معادلة تساوت كفتاها مثل الميزان تماما فحينما تجمع هذه الألفاظ العلم والعمل والكرم والاخلاق الفاضلة والتواضع يعطيك الناتج وهو.... الشيخ اللزامي.
رجل يعدل أمة أو قل أمة في رجل هكذا والله هم الناس العالمون العاملون.
لم يأت والٍ أو قاضٍ إلا كان لهما سندا في الحق ورفع الظلم والجور. ولم يسمع السامع مسألة معينة قال فيها الشيخ قوله من فقه أو نحو أو سياسة أمر إلا وسلّم السامع لها وانقاد لاتباعها.
لم يكن مجلسه يوما ما مَعرضا للتفكه والقيل والقال، ولم يأتِ الناس إليه وعلى كثرتهم إلا متعلما أو طالب حاجة. ونادرا ما يأكل طعامه مع أسرته من كثرة الوفود القادمين إليه من القرى الجبلية لقضاء حوائجهم.
في اليوم الموعود بعد توديع سماحة الشيخ ودعائه له ؛ ودّع أحبابه وأسرته وشدّ رحاله إلى مكة وقد تخيّر الله له رفقته رفيق دربه الأول وصاحبه الذي قاسمه كل ما يرضى به الله مع بقية الصحب. إلى هناك حيث تنتهي الرحلة وهي تذكرة الذهاب فقط فهو على موعد وإن لم يخبر أصحابه بذلك، وفي ظرف ساعات قليلة وصلوا مكة لقد طويت لهم الأرض واختصر الله المسافات والصحاري وهناك في مهبط الوحي وفي أطهر بقعة على هذه المعمورة بمكة المكرمة بداخل الحرم وهو يؤدي العمرة قُبض الشيخ وخرجت تلك النسمة الطيبة إلى بارئها. جائزة من أنفس الجوائز كيف لا وقد دفعت الكائنات شيخنا إلى ذلك المكان لتلبية أمر السماء فنعم الوافد والموفد اليه.
شيخنا وقدوتنا أذكر تلك الصباحات التي آتيك فيها، وأذكر المساءات التي أسمر فيها ، وتخيرك لي ما على مائدتك ، وأذكر تلك الابتسامات التي تفيض بها نفسك على جلسائك، وأنت ما أنت عظيم المنزلة ورفيع المقام .
توكل شيخنا على بركة الله لقد عنتك الآية الكريمة "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون" فهناك ما ينتظرك ودعنا نصارع هده الغبراء بما فيها ولك علينا عهد لا نخبس فيه أبدا بأننا سائرون على دربك ، مقتبسون من نورك وشمائلك وعسى أن يقيض الله للجدار من يقيمه حتى يبقى كنزك فيه وجواهرك في أساسه.

بقلم:صالح بن علي بن سالم الحميدي












--------------------------------------------------------------------------------





البُعْدُ العَقَدِيُّ وأثره في النحو العربيّ

المتعارفُ عليه أنَّ فِِكْرََ كلَّ أمة ناشئٌ عن عقيدتها، وأمتنا أمة الاعتقاد والقيم، وأمة الأخلاقيات والسلوك، وهذه العقيدة من غير شك تنضح على ما حولها خيرا، وتفيض سلامةً، وحُسْنََ توجُّهٍ، وبوصفي متخصصا في النحو العربي أرى أن قضية البعد الشرعي والتوجه العقدي قد شغلت كثيرا من أبواب النحو، وظهرت بصمتها على الفكر اللغوي بعامة، والتفكير النحوى بخاصة، وفي هذه السطور نستجلي طبيعة هذه القضية ونكشف عن أبعادها، وربما استغرق ذلك عددا من المقالات التي تبرز جوانب الموضوع، وتُجَلَّيه للقارئ جلاءً بيَّنا، فعلى سبيل المثال: يوجد في النحو العربي فمن ذلك ما يتعلق بضرورة وجود الفاعل إذ توجد مجموعة من أنماط للفاعل مثل أن يتخذ صورة أو نمط الاسم الظاهر، أوالمصدر الصريح أو المصدر المؤول بالصريح، واسم الموصول، واسم الإشارة والضمير البارز، وكذا الضمير المستتر، والمستتر له ضربان:
مستتر وجوبا (لا يظهر مطلقا، وإن ظهر فخطأ لغوي)،وضمير مستتر جوازا، وقضية الاستتار تعنى أن له عملا ووجودا ولكن بصورة غير مرئية، والضمير المستتر هو ذلك الضمير الذي لا صورة له في اللفظ غير أنه موجود، وهو الذي أحدث الفعل والفاعل ـ كما نقول ـ قبل الفعل، فأول قضية تبرز الجانب العقدي قضية الاستتار فى الفاعل بين الوجوب والجواز، فهو يعمل ولكنه عمل غير مرئي، وذلك يزكَّي قضية الغيب فى النحو العربي، وكذا تأتي القضية الثانية قضية نصب المضارع بـ(أَنْ) المصدرية التي تتخذ أحكاما ، منها وجوب الاستتار، وذلك في مواضع، ووجوب الإظهار، ولذلك مواضع كذلك، وجواز الإضمار والاستتار، ولذلك أيضا مواضع أيضا ، ومن ثم شذَّذ النحاةُ عمل أنْ محذوفة لا مضمرة، كقولهم: تَسمعَ بالمعيديَّ خير من أن تراه (بنصب تسمعَ) بأن محذوفة شذوذا، وكذا قولهم: خذِ اللصَّ قبل يأخذَك" أي خذه قبل أن يأخذَك، ونحو: مُرْهُ يحفرَها (أي مره أن يحفرَ البئر) ، ونحو قول القائل:


ألا أبهذا الزاجري أحضرَ الوغى وأن أشهدَ اللذاتِ هل أنت مخلدي

فالفعل (أحضرَ) منصوب بـ(أنْ) محذوفة شذوذا.
والواضح أن النحاة انطلقوا إلى القول بالتشذيذ بناءً على معتقد سابق هو أنَّ لكل معمول عاملا، وهي قضية شغلت حيزا غير قليل من صفحات البحث النحوي، وفي رأيي أن الذي دفعهم إلى ذلك إنما هو انشغالهم بقضية الوجود الإلهي والقيومية له ـ سبحانه ـ وأنه لا عمل إلا بعامل، فلكل منصوب ناصب ، ولكل مجزوم جازم، ولكل مجرور جارّ ، ولكل مرفوع رافع؛ ولأنه لابد لكل مخلوق من خالق هو الله ـ عز فى علاه ـ، ومن ثم فقد راحوا يُفْردون الصفحات لشرح قضية العامل وتأثيره في النحو العربي، وظهرت لنا كتب كاملة تتحدث عن قضايا العامل، وهي قضية مطروحة بين المؤيدين والمعارضين حتى جاء ابن مضاء النحوي وأكَّد أن العامل الحقيقي هو الله، وغيره سمَّى عاملا هو التجرد أو الابتداء وهي تسمية مجازية تؤكد اهتمامهم بذلك، وتعكس حجم الاشتغال بتلك القضية ، لكنه لم ينفِ وجود عامل يعمل، والنحاة بإزاء ذلك يُفردون الحديث عن العامل وقضاياه (بين الاختصاص وعدمه) ، وأنواع العامل بين الإعمال والإهمال، ويشرحون العوامل المهملة، ويتكلمون عن الأسباب النحوية لذلك البطلان، كدخول (ما) الكافة على إن وأخواتها أو على الأفعال التي تكفها عن طلب الفاعل (وهي : طال وقصر وقل وكثر، وسيأتي الحديث عن ذلك مفصلا)، وكدخول "ما" الكافة على (رُبَّ)، أو فقدان (ما) المشبهة بـ(ليس) لعملها جراء اختلال أحد شروط إعمالها ، كما سنتحدث عن ذلك إن شاء الله وكإبطال عمل (لا) النافية للجنس ، أو إبطال عمل (ظن) وأخواتها أو التعليق الخاص بباب أفعال القلوب ، كل ذلك في رأيي يعود في مجموعه إلى قضية العامل الذي لابد أن يعمل فى جملته، فإذا أرُيد بطلانه وإيقاف عمله فلا بد من وجود مسَّوغ مقبول لغويا، وإلا وُصِفَ ذلك بالشذوذ، أوالسماع، أوعدم جريانه على سنن القاعدة، نحو:

إذا قيل أيُّ الناس شرُّ قبيلة أشارت كليب بالأكف الأصابع

(أي أشارت الأصابع بالأكف إلى كليب). فهنا عامل محذوف إما شذوذا، وإما ضرورة من أجل استقامة وزن البيت.
ولعل القضية الثالثة في هذا البعد العقدي هي قضية النصب على نزع الخافض أو حذف الجار تطل برأسها هنا لتعطينا زخما علميا يؤيد صحة ما نطرحه من تدخل هذا البعد العقدي في الفكرَ اللغوي، وخصوصا التفكير النحوى منه، وسنعود إلى ذلك ونحن نناقش كل هاتيك القضايا ودورها فى تفسير ما كُتِبَ، وما وصلنا من مراجع ومصادر قديمة تُلحُّ إلحاحا على تلك الفكرة وتثبِّتها وتؤكدها بكل سبيل، ولكن في هذه المقالة أطرح ما يجول بخاطرى وما عايشته في كتابات الأقدمين، وهو أمر غاية في الأهمية، ومَنْحًى مشروع حيث كانت ـ ولا تزال ـ قضية الغيب والإيمان والعقيدة تلعب دورها في كل عصر ومصر، وزمان ومكان حتى إنها لتكاد تسيطر على الفكر الإنساني بعامة، ومن حق الإنسان أن يعبر عن معتقده بكل حرية (فلا حكر على فكر) شريطة ألا يُلْغيَ الآخر، وأَلاَّ ينال من ثوابته ومرتكزاته وحضاراته وتقاليده التي درج عليها، ونشأ، وشبَّ عليها ونهض، قال ـ تعالى ـ:" لا إكراه في الدين"، وقال:" لكم دينكم ولي دين" ، وقال ـ جل جلاله ـ:" ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"، وقال :" أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"، وهذه من مسلَّمات الدين الإسلامي، أن الحرية الدينية أو المعتقد الديني لا جبر فيه ولا إكراه، فكل إنسان مرهون بعمله بين يدي الله،قال ـ سبحانه ـ: "إلا من أُكْرِه وقلبُه مطمئنٌّ بالإيمان..."، وإذا طالعنا ما تركه لنا الأسلاف وجدنا هذا المعنى العقدي يفسر كثيرا من أقوالهم واصطلاحاتهم من نحو قولهم فى إعراب: " وخُلِق الإنسان عجولا" أو قوله: "وخُلِقَ الإنسانُ ضعيفاً"، أو نحو قوله: " وفُتِحَت السماء فكانت أبوابا وسُيَرَتِ الحبالُ فكانت سراباً"، إنه فعل مبني لما لَم يُسَمَّ فاعله، (ويقول بعضهم: فعل مبني للمجهول)، فهم جراء البعد الشرعي يتورَّعون أن يقولوا في حقه له: إنه أي الفعل ـ مبني للمجهول؛ لأن الله ـ تعالى ـ لا يُجْهَلُ، ولكن لم يُسَمَّ في العبارة التي هي محل البناء للمجهول، وبعضهم تأكيدا لقضيتنا يقول: "مبني للمفعول"، تجنبا لأن يقع في هذا المحظور الشرعي ووصف الأفعال المتصلة بالله ـ سبحانه ـ بأنها مبنية للمجهول، والله ـ تعالى ـ لا يُجَهل، وإنما هنا لم يُسَمَّ، هذا نمط من التعبير دفعهم إليه وَرَعُهُم واتصالهم بالله ونظرتهم الاعتقادية للأمور. وكذا قولهم في نحو:" اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا"، ونحو:" لا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا"، ونحو: "ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين أمنوا"، قولهم: إنّ (لا ) هنا دعائية أو طلبية فرارا من القول بأنها (ناهية)؛ إذ كيف ينهى العبدُ رَبَّه، فهي حرف دعاء مشفوع بالبكاء، وحرف طلب يحوطه الأدب، والمعلَّم الجيد ينَبِّهُ أبناءه وطلابه على مثل تلك المصطلحات التي يتداولها المعربون من غير ما نظر وتدقيق، وإحاطة للفهم وتحقيق، فالأَوْلَى ـ ارتكانا إلى البعد العقدي ـ أن نقول: حرف دعاء أو (لا) الطلبية أو (لا) الدعائية.
ومن ذلك قولهم في نحو :" اغفر لنا وارحمنا" ، أو: "تقبلْ منا إنك أنت السميع العليم"،ونحو: " وهب لنا من لدنك رحمة" : إنها أفعال أمر، والمدقق منهم يقول:(إنها أفعال دعاء أو أفعال طلبية) ، حيث يطلب الداعي من ربه أن يغفر له وأن يرحمه وأن يتقبل منه، ومن ثم تجد النبرة خافتة، والنغمة باكية هادئة ، وهو مطلب شرعى ( ادعوا ربكم تضرعا وخيفة ودون الجهر بالقول من الغدوِّ والآصال) "ونحو:" يدعون ربهم خوفا وطمعا"، فالدعاء محوط بالوجل والدموع ، مشتمل على الخضوع والخشوع، والله ـ سبحانه ـ يحب العبد اللحوح الممرَّغ جبهته في الأرض سجودا بين يدى الله ـ عَزَّ في علاه ـ ، وكذلك يتضح هذا البعد العقدي في كلامهم في نحو:" ما جاءنا من بشير" ، وفي نحو:" هل ترى من فطور"، وفي نحو : فهل إلى خروج من سبيل"، وفي نحو:
" أليس الله بكاف عبده": إنها أحرف جر صلة ، لا أحرف زائدة، تورعا من أن يصفوا كلام الله ـ تعالى ـ بأن فيه شيئا زائدا، فيصفون تلك التراكيب اللغوية بأنها فيها صلة ، أي يتوصل بدخول هذا الجار (الزائد) إلى أتم التراكيب وأسمى المعاني، وأرقى المفاهيم؛ إذ بغيره يكون المعنى غير مكتمل أو يكون مبتورًا أو غير قويم ، وسنعرض لكل ذلك عند تفصيل القول في كل تلك القضايا المعروضة ، فهي قضايا خاصة بالاصطلاحات النحوية، والمواقع، والوظائف، والعوامل، وسوَّغ الإعراب، وقضايا التقدير للمحذوف التي شغلت مساحاتٍ شاسعةً في عالم النحو والنحاة ، كقولهم في إعراب كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) : إن خبر (لا) النافية للجنس تقديره (معبود بحق) ، وتركهم لتقدير كلمة (موجود)؛ لأنها اسم مفعول يقع عليه إيجاد الموجِد، والله ـ سبحانه ـ هو الموجود، ففرارًا من ذلك قدَّروا لفظا يحتمل ويقبل شرعا ولا يؤثَّم صاحبُه، فإذا كان التقدير:" لا إله معبودا بحق إلا الله"ـ قُبِلَ، وإذا كان التقدير (لا إله موجود إلا الله) رُفِضَ، وتعالت الصيحات منكرة قابلّة لذاك التقدير، غير مرتضية إياه، وما ذاك إلا لوجود البعد الشرعي أو العقدي في كل تفكيرهم حتى وإن كان تفكيرا نحويا صرفا، وسوف نعرض لذلك في لقاءات قادمة، نكشف عن ذلك الأثر، ونبين تأثيره على ساحة التفكير النحوي التي أَثْرَِتْ بذاك الفكر، وأعطته قدرهُ، ووسدته مكانته، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
د جمال عبد العزيز أحمد
جامعة القاهرـ كلية دار العلوم
جمهورية مصر العربية





--------------------------------------------------------------------------------




الصحبة الصالحة

أمرنا الله تعالى بصحبة الصالحين والصادقين، وحثنا على صحبة الأتقياء المحتكمين إلى حكم الله، يعرفوننا على الله ونتعلم منهم ديننا ويرشدوننا إلى الحق والتزكية، قال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )، فأمرنا بأن نكون مع الصادقين، وإنما نكون معهم بمجالستهم والأخذ عنهم والتعاون معهم على الخير والحق.
وقال سبحانه: ( واتبع سبيل من أناب إليّ )، فأمرنا أن نجعل كل من رجع إلى الله وإلى أحكامه محلاً نتبعه ونقتدي به ونأخذ عنه ونقلده فيما اتبع فيه الحق وفيما أناب فيه إلى الله وإلى أحكامه.
وقال عز وجل: ( الرحمن فاسأل به خبيراً )، فأمرنا أن نتعرف على الله من خلال سؤال الخبراء العارفين بالله وبصفاته.
وقال سبحانه: ( من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً )، فبين في هذه الآية أن أقدر الناس على الهداية مَن كان مِن أهل الولاية والصلاح والعلم والإرشاد، فالضال لا يستطيع أن يهديه أقدرُ الناسِ على الهداية، أما من يريد الهداية فسيجد في هؤلاء الأولياء المرشدين سبباً ووسيلة للوصول إلى الهداية، بعد إرادة الله وتوفيقه وهدايته.
وقد أخذ الصحابة العلم عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحبوه، وأخذ التابعون عن الصحابة، فمن السنة الشرعية أن يأخذ الإنسان العلم والتربية عن أهلها جيلاً عن جيل.
ولا تتم الاستفادة من العلماء الأولياء المرشدين الربانيين إلا بصحبتهم ومرافقتهم، كما قال موسى عليه الصلاة والسلام للخضر: ( هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشداً ).
وإذا كانت علوم الدنيا وأعمالها تحتاج إلى معلم، فكيف بمن يطلب طب النفوس، ويطلب معرفة الله العظيم، أفلا يحتاج إلى معلم ومربٍّ.
وقد أُمِر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن يصبر على صحبة أصحابه الصادقين: ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ولا تعد عيناك عنهم )، والصالحون والعلماء الوارثون النائبون عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينبغي أن يصبروا كذلك على تلامذتهم في تعليمهم وتربيتهم.
وقد أُمِر المؤمنون الصادقون بصحبة أهل الإيمان، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي ".
كما أمروا بأن يبتعدوا عن صحبة الأشرار والغافلين الذين أرادوا الدنيا بدل الآخرة: ( فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا، ذلك مبلغهم من العلم) وقد أمرنا بالخروج من مجالس من يخوض في الباطل، قال تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )[الأنعام: 68].
وكما حذرنا من سماع الكفر وطاعة الكافرين في كفرهم؛ حذرنا من طاعة الفاسقين أهل الآثام، قال تعالى: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً ) [الإِنسان: 24] والإنسان يتأثر بصحبته الذين يخالطهم، فإذا كانوا على خير تأثر بذلك وتوجه إلى الخير، وإذا كانوا على شر تأثر بذلك وتوجه نحو الشر، وكلما كانت خلطته بهم وتداخله معهم أكبر كان تأثره بهم أكبر، كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحاً خبيثة " وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل ".
والإنسان ينتفع من الصالحين بمجالستهم ، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " هم القوم لا يشقى بهم جليسهم " أخرجه البخاري واللفظ لمسلم، وإنما يمكن أن يرتقي الإنسان إلى درجات الصالحين إذا صحبهم مع الحب لهم في قلبه، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أنت مع من أحببت "أخرجه البخاري.
محمد زاهد جول
كاتب وباحث تركي في قضايا الفكر الإسلامي
mohdzahidgol@hotmail.com

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 02-22-2010 ]
 
 رقم المشاركة : ( 4 )
::الـمـشـرف العـام::
::مستشار المنتدى::
رقم العضوية : 8
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : عمان
عدد المشاركات : 7,603
عدد النقاط : 913

الامير المجهول غير متواجد حالياً



النَّافِعَ والضَّارَ

الشيخ حمود بن حميد الصوافي
من رحمةِ اللهِ سبحانَهُ وتعالى بعبادِهِ أنْ بيَّنَ لهم النَّافِعَ والضَّارَ والحلالَ والحرامَ وأحلَّ لهم الطيباتِ وحرمَ عليهم الخبائِثَ وأباحَ لهم التوسُّعَ في كسبِ المالِ من طريقٍ حلالٍ وحَرَّمَ عليهم الربا ذلكُمُ المرضُ الاجتماعِيُ الخطيرُ الذي يغرسُ في النَّفْسِ الرذَائِلَ التي على رأْسِها الأَنَانيَّهُ والاستغلالُ وامتصاصُ دماءِ العبادِ وحبُّ الكسلِ والعيشُ على حسابِ الآخرينَ ذلكُمُ الداءُ الوبيلُ الذي هو أقبحُ الفواحشِ وأعظمُ الجرائِمِ وأقوى عواملِ الذُلِّ والاستعبادِ وأكبرُ أسبابِ الفقرِ والدمارِ فكَمْ له من ضَحَايا وكم خَرَّبَ من بُيُوتٍ وكم جَرَّ من جَرائِرَ وكم جَلَبَ من مِحَنٍ وبَلايا حَذَّرَ اللهُ سبحانه وتعالى منه غايةَ التحذِيرِ ونَفَّرَ الناسَ من تعاطِيهِ بأَبْلَغِ الزواجِرِ نَهَى عن ارتِكَابِهِ وأعلَنَ الحربَ على مرتَكِبِهِ وتَوَعَّدَ متَعَاطِيَهِ بسوءِ العاقِبَةِ والمصيرِ والخلودِ في النارِ يقولُ عزَّ من قائلٍ (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) .

ومما تحدَّثَ بِهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ليلةَ أُسرِيَ بِهِ أنْ قالَ " مرَرْتُ بقَوْمٍ بُطُونُهُم كالبيوتِ فيها الحيَّاتُ تُرَى من ظَاهِرِ بُطُونِهِم فقلتُ مَنْ هؤلاءِ يا جِبْرِيلُ قالَ هؤلاءِ أَكَلَةُ الرِّبَا " وعن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ " اجتَنِبُوا السَّبْعَ الموبقَاتِ قالوا يا رسولَ الله : وما هُنَّ قالَ الشركُ باللهِ والسحرُ وقتلُ النفسِ التي حرَّمَ اللهُ إلا بالحقِّ وأكلُ الرِّبا وأكلُ مالِ اليتيمِ والتَّوَلي يومَ الزَّحفِ وقذفُ المحصَنَاتِ الغافِلاتِ المؤمناتِ " وعن جابرِ بن عبدِاللهِ قالَ : " لَعَنَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم آكلَ الربا ومُوكِلَهُ وكاتِبَهُ وشاهِدَيهِ " .

عن أبي هريرةَ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ " أربعةٌ حقٌ على اللهِ ألاَّ يُدْخِلَهُمُ الجنةَ ولا يُذيقَهُم نعيمَهَا مُدْمِنُ الخمرِ وآكلُ الرِّبا وآكلُ مالِ اليتيمِ بغيرِ حقٍّ والعَاقُّ لوالدَيهِ " والربا الذي يَظُنُّ الإنسانُ فيهِ النماءَ والزيادَةَ في المالِ إنما هو في الواقِعِ محقٌ في البَرَكَةِ من المالِ بل ومِنَ الأَنفُسِ أيضا فالربا يَمحَقُ البرَكَةَ ويَذهِبُ بالحلالِ ونتيجَةُ ذلك الإفلاسُ وسوءُ العاقبةِ والمصيرِ فما أكثَرَ أحدٌ من الربا إلا كانَ عاقبةُ أمرِهِ إلى قِلَّةٍ (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) وهناك عقوبَةٌ جماعِيَّةٌ يستوجِبُهَا المجتمعُ إذا انْحَرَفَ في تيَّارَاتِ هذا الوباءِ " إذا ظَهَرَ الرَّبا والزَّنا في قريةٍ أَذِنَ اللهُ بهلاكِهَا " " ما مِنْ قومٍ ظَهَر فيهِمُ الرِّبا والزِّنا إلا أحَلُّوا بأنفسِهِم عذابَ اللهِ " " ما مِنْ قومٍ يَظْهَرُ فيهِم الربا إلا أُخِذُوا بالسِّنَة " أي بمَنعِ الغيثِ ونزولِ القحطِ فكيفَ مع ذلك يَتَجَرأُ أحدٌ على مُحَاربَةِ اللهِ ورسولِهِ والتَّعَرُّضِ لسخَطِ اللهِ وعذَابِهِ كيف يفعلُ ذلك منْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ؟.
وممَّا يَجِبُ على كلِّ مسلمٍ أنْ يجتَنِبَ أيَّ بابٍ مِنْ أبْوابِ الرِّبَا ومما لا رَيْبَ فيهِ أنَّ الزيادَةَ التي تُسْتَمَدُ منَ البنوكِ إنَّما هي بابٌ منْ أبْوابِ الرِّبَا الصَّريحِةُ الواضحِةُ ومن أبْوابِ الربا بيعُ الجِنْسِ بِجِنسِهِ إذا كانَ غيرَ يدٍ بِيَدٍ ولو لم تَكُن هناكَ زيادةٌ كبيعِ الذهَبِ بالذهَبِ أو الفضَّةِ بالفضَّةِ أو الذهَبِ بالفضةِ وكاستِبْدَالِ الريالاتِ صرفَاً بَدَلَ الدَّرَاهِمَ أو الدَّرَاهِمَ بَدَلَ الريالاتِ أو الدنانيرَ بدَلَ الريالاتِ أو نحوَ ذلك مما هو مُتَّحِدُ الجِنْسِ فكلُّ هذا لا يجوزُ بيعُهُ إلا يداً بيدٍ، عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "الذهَبُ بالذهَبِ والفضةُ بالفضةِ والبُرُّ بالبُرِّ والشعيرُ بالشعيرِ والتمرُ بالتمرِ والمِلحُ بالمِلْحِ يداً بيدٍ فمنْ زادَ أو استَزَادَ فقَدْ أرْبَى الآخِذُ والمُعْطِي فيهِ سَواءٌ " وعن جابر بن زيدٍ قالَ بلغَنِي عن طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ أنَّهُ التَمَسَ منْ رجُلٍ صَرْفاً فَأَخَذَ طلحةُ الذهَبَ بِيَدِهِ يُقَلِّبُهُ فقالَ حتَّى يَجِيءَ خَازِنِيْ مِنَ الغَابَةِ وعمرُ بن الخطابِ رضي الله عنه حاضِرٌ يَسْمَعُ كلامَهُمَا فقالَ :واللهِ لا أُفَارِقُكُمَا حتى يَتِمَّ الأمْرُ بينَكُمَا فإنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ " الذهبُ بالوَرِقِ رباً إلا هَا وهَا والبُرُّ بالبُرِّ رباً إلا هَا وهَا والتَّمْرُ بالتَّمْرِ رباً إلا هَا وهَا والشعيرُ بالشعيرِ رباً إلا هَا وهَا وعن عُبادَةَ بنِ الصامِتِ قالَ : قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " لا تبيعُوا الذهبَ بالذهبِ ولا الفضةَ بالفضةِ ولا البُرَّ بالبُرِّ ولا الشعيرَ بالشعيرِ ولا الملحَ بالملحِ إلا مِثلاً بمثلٍ يداً بيدٍ سواءً بسواءٍ عيناً بعين.







--------------------------------------------------------------------------------





سيرة صحابي

الشاعر الشهيد عبد الله بن رواحة ..
إعداد / سيف بن عبدالله الناعبي
إنه الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة الخزرجي الأنصاري -رضي الله عنه- وكان يكنى أبا محمد. وقد حضر بيعتي العقبة الأولى والثانية، وشهد بدرًا وأحدًا والخندق، وكان أحد شعراء النبي الثلاثة، وكان بين يدي النبي في عمرة القضاء يقول:خَلُّوا بني الكُفَّار عَنْ سَبيلِهِ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ ضَرْبًا يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ وَيُذْهِلُ الخَلِيلَ عَنْ خَلِيـله فنادى عليه عمر وقال له: في حرم الله وبين يدي رسول الله تقول هذا الشعر؟ فقال له النبي : خَلِّ عنه يا عمر، فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وَقْعِ النبل وكان عبد الله عابدًا محبًا لمجالس العلم والذِّكر، فيروى أنه كان إذا لقى رجلا من أصحابه قال له: تعال نؤمن بربنا ساعة. وذات مرة سمعه أحد الصحابة يقول ذلك، فذهب إلى النبي ، وقال: يا رسول الله، ألا ترى ابن رواحة، يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة؟! فقال له النبي : رحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة .وذات مرة ذهب عبد الله إلى المسجد والنبي يخطب، وقبل أن يدخل سمع النبي يقول: (اجلسوا) فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبي من خطبتيه، فبلغ ذلك النبي ، فقال له: زادك الله حرصًا على طواعية الله ورسوله .وكان كثير الخوف والخشية من الله، وكان يبكي كثيرًا، ويقول: إن الله تعالى قال: {وإن منكم إلا واردها}، فلا أدري أأنجو منها أم لا؟وعُرفَ عبد الله بن رواحة بكثرة الصيام حتى في الأيام الشديدة الحر، يقول أبو الدرداء -رضي الله عنه- خرجنا مع النبي في بعض أسفاره في يوم حار حتى وضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا النبي وابن رواحة.ولما نزل قول الله تعالى: {والشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون. وأنهم يقولون ما لا يفعلون} أخذ عبد الله في البكاء لأنه كان شاعرًا يقول الشعر، ويدافع به عن الإسلام والمسلمين، وقال لنفسه: قد علم الله أني منهم، وكان معه كعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وهم شعراء الرسول الثلاثة، فنزل قول الله تعالى :إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرًا وانتصروا من بعد ما ظلموا. ففرح عبد الله بذلك، واستمر في نصرة المسلمين بشعره.
وكان ابن رواحة أمينًا عادلاً، وقد أرسله النبي إلى يهود خيبر؛ ليأخذ الخراج والجزية مما في أراضيهم، فحاولوا إعطاءه رشوة؛ ليخفف عنهم الخراج، فقال لهم: يا أعداء الله، تطعموني السحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم أي أتعامل معكم بالعدل وفي شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة، علم الرسول أن الروم قد حشدوا جيوشهم استعدادًا للهجوم على المسلمين، فأرسل النبي جيشًا إلى حدود الشام عدده ثلاثة آلاف مقاتل؛ ليؤمِّن الحدود الإسلامية من أطماع الروم، وجعل زيد بن حارثة أميرًا على الجيش، وقال لهم: إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رَواحة . فلما وصل جيش المسلمين إلي حدود الشام، علموا أن عدد جيش الروم مائتا ألف فارس، فقالوا: نكتب إلى النبي ليرسل إلينا مددًا من الرجال، أو يأمرنا أن نرجع أو أي أمر آخر، فقال لهم ابن رواحة: يا قوم، والله إن التي تكرهون هي التي خرجتم تطلبون، إنها الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، إنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به. فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور (نصر) وإما شهادة.فكبر المسلمون وواصلوا مسيرتهم حتى نزلوا قرية بالشام تسمى مؤتة، وفيها دارت الحرب، وقاتل المسلمون أعداءهم قتالاً شديدًا، وأخذ زيد بن حارثة يقاتل ومعه راية المسلمين، فاستشهد زيد، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب، وراح يقاتل في شجاعة حتى استشهد، فأخذ عبد الله الراية، فأحس في نفسه بعض التردد، ولكنه سرعان ما تشجع، وراح يقاتل في شجاعة ونال عبد الله الشهادة، ولحق بصاحبيه زيد وجعفر.









--------------------------------------------------------------------------------




حفظ النعم

قال الله تعالى ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ) سورة إبراهيم 28 فهؤلاء جاءتهم نعمة الإيمان فرفضوها واستبدلوا بها الكفر والعصيان فالنعمة ليست عدوة للإنسان ولكن الإنسان هو عدو النعمة إذا لم يفهم مراد الله تعالى منها ولم يشكرها ولم يستعملها على النحو الذى يرضي الله تعالى
الجوارح نعمة ، الوقت نعمة ، الصحة والعافية من البلاء نعمة ، الأولاد نعمة ، والنعم لا تقف عند حصر ولا يستطيع أحد أن يحصيها والعاقل هو الذي يستقبلها حامدا لربه شاكرا لفضله قائما بحقه فيها جاعلا منها عونا على طاعة الله تعالى وأما إذا شغلته عن ربه فتصبح حينئذ حجابا بينه وبين الله لأنه انشغل بالنعمة عن المنعم جل وعلا وبالعطاء عن المعطي ، لذلك ترك الشكر والثناء والحمد وقد قرن الله تعالى الشكر بالإيمان وأخبر أنه لا غرض له في عذاب خلقه إن شكروا وآمنوا فقال تعالى (( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما ) النساء 147 وعلق سبحانه وتعالى المزيد بالشكر ، والمزيد منه لا نهاية له كما لا نهاية لشكره فقال جل وعلا في سورة إبراهيم في الآية الكريم 7 ( وإذا تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ).
ويقول ابن القيم في معنى الشكر شكر العبد يدور على ثلاثة أركان ، ولا يكون شكرا إلا بمجموعها وهي الاعتراف بالنعمة باطنا ، والتحدث بها ظاهرا ، والاستعانة بها على طاعة الله تعالى ، فالشكر يتعلق بالقلب واللسان والجوارح ، فالقلب للمعرفة والمحبة ، واللسان للثناء والحمد ، والجوارح لاستعمالها في طاعة المشكور وكفها عن معاصيه والغاية من خلق العباد هى شكر المنعم على ما أعطاه وأولاه لعباده قال تعالى في سورة النمل 78 ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ) وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قام حتى تفطرت قدماه فقيل له أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال ( أفلا أكون عبدا شكورا ) وروى أبو داود عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال لمعاذ رضي الله عنه ( والله إني لأحبك فلا تنسى أن تقول دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) وروى مسلم عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال ( إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها )
فكل هذه الآثار تكشف بوضوح أسباب حفظ النعم من الزوال وقيدها من الفرار وسلف الأمة كثيرا ما ترمى عباراتهم إلى الشكر واعتباره أكبر المنازل التي تهفوا إليها أفئدة الصالحين والمخلصين كما جعلوا الشكر يفتح لهم أبواب المزيد من عطاء الله تعالى الذي لا ينفذ أبدا ، قال عمر بن عبد العزيز قيدوا نعم الله بشكر الله ، وقال ابن أبى الدنيا عن على بن أبى طالب كرم الله تعالى وجهه أنه قال لرجل من همدان إن النعمة موصولة بالشكر والشكر يتعلق بالمزيد وهما مقرونان فلن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد
فعلينا أيها القراء الكرام أن نكثر من ذكر نعم الله علينا ونتحدث بها فإن ذكرها شكر وقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يحدث بنعمة ربه عليه فقال (( وأما بنعمة ربك فحدث ) الضحى 11 والله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده فإن ذلك شكرها بلسان الحال
وكان أبو المغيرة إذا قيل له كيف أصبحت يا أبا محمد قال أصبحنا مغرقين في النعم عاجزين عن الشكر يتحبب إلينا ربنا وهو الغني عنا ونتمقت إليه ونحن أحوج ما نكون إليه ، وقال رجل لأبي حازم ما شكر العينين يا أبا حازم قال إن رأيت بهما خيرا أعلنته وإن رأيت بهما شرا سترته ، قال فما شكر الأذنين قال إن سمعت بهما خيرا وعيته وإن سمعت بهما شرا دفعته ، قال وما شكر اليدين قال لا تأخذ بهما ما ليس لهما ولا تمنع حقا لله هو فيهما ، قال وما شكر البطن قال أن يكون أسفله طعاما وأعلاه علما ، قال فما شكر الفرج قال ( والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) المعارج 29 / 30 / 31 هذا والذى شكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه مثله كمثل رجل له كساء فأخذ بطرفه ولم يلبسه فما نفعه ذلك من الحر والبرد والثلج والمطر
وكتب أحد العلماء إلى أخ له أما بعد فقد أصبح بنا من نعم الله ما لا نحصيه من كثرة ما نعصيه فما ندري أيهما نشكر أجميل ما يُسر أم قبح ما سُتر
وقال رجل لأبي تميمة كيف أصبحت قال أصبحت بين نعمتين لا أدري أيتهما أفضل ، ذنوب سترها الله تعالى علىَّ فلا يستطيع أن يعيرني بها أحد ، ومودة قذفها الله تعالى في قلوب العباد لا يبلغها عملى.
هذا والله تعالى أعلم
أنس فرج محمد فرج

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 02-22-2010 ]
 
 رقم المشاركة : ( 5 )
::الـمـشـرف العـام::
::مستشار المنتدى::
رقم العضوية : 8
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : عمان
عدد المشاركات : 7,603
عدد النقاط : 913

الامير المجهول غير متواجد حالياً



مواقف من أخلاق العرب في الإسلام
المنبت

إعداد : ناصر بن محمد الزيدي
فـمن ذلك ماجـاء في كـلام العـرب : ( إن المنبت لا أرضا قـطـع ، ولا ظهـرا أبقى )، وهـو المتطـرف كما جـاء في : ( لسان العـرب ).
المنبت هـوالـذي يحث دابته حـثا شديدا ، حتى تعـطي كل ما لـديها من قـوة عـلى الجـري ، وبـذلك تـهـلك وتنقـطع في بعـض الطـريق ، فـيـكـون صاحبها منبتا ، أي : منقـطـعا في طـريقـه ، فـلا هـو قـطـع الأرض ، التي يـريـد اجـتيازها ، ولاهـو أبقى دابته صحيحـة التي يعـلو ظهـرها .
فـقـوة الإرادة وحـدها ، من غـير عـقـل يضبـط تصرفاتها ، يعـتبر سلاح خطـير ، قـد يكـون وبالا عـلى صاحـبه ، وسـببا من أسـباب الفشـل والهـلاك ، أما إذا اقـترنت قـوة الإرادة بالعـقـل والحكمة في التصرف ، فإنها عـنـدئذ تكون أساسا خـلقـيا عـظـيما ، تـنجـم عـنه فضائل خـلـقـية جليلة0
وضـعـف الإرادة عـنـد الإنسان ، مرض خلقي قبيح ، ينجـم عـنه رذائل كثيرة في الأخلاق ، وفي كثـير من أنواع السلوك ، لا سيما إذا قـويت عـنـد الإنسان ضعـيف الإرادة شـهواته، وأهـواؤه النفسية ، ونزغاته الجانحـة ، واستـولى عـلى مشاعـره جانح مجـرم ، خبيث قـوي الإرادة ، فإنه حينئـذ يسخـره في أعـمال الشـر مستحـوذا عـليه ، يـدفع به إلى ارتكاب الجـرائم الكبرى0
والمجـالات التي تحـتاج إلى قـوة الإرادة : هـي الإرادة ضـد كل عـوامل الانحـراف والتثبيط ، من داخل نفسه ، أو مما يأتيه ليؤثر عـليه من الخارج0فـيحتاج إلى قـوة الإرادة ، ضـد أهواء نفسه وشـهـواتها ، ووساوسها ، وضـد كل دوافـع نفسه ونوازعها التي قـد تمـيل بها إلى الجنوح ، ويـدخل في ذلك فـتـنة المال ، وفـتـنة الأولاد ، وفـتنـة النساء ، وفـتـنة الجاه ، وفـتـنة الحـكم والسلطان ، إلى آخـر الأمـور ، التي تـدخـل في زينة الحياة الـدنيا ، ومـتاعـها الـبراق الزائـل 0
ويحتاج إلى قـوة الإرادة ، ضـد ميل نفسه إلى الـدعة والراحـة ، الـدافعـين إلى الكسل والفـوضى ، ويحتاج إلى قـوة الإرادة ، ضـد نفسه المختلـفة ، وضـد ما يـنزل به فعـلا ، من مصائب يجـب أن يعالجها بالصبر والسلوان ، وضـد ما يفـوته من خـيرات كان يـرجـوها ، وضـد تطـلعات أوهام النفس ، إلى الأماني التي ضاعـت مع الماضي ، والتي لا يمكـن تحقـيـقها في المسـتقـبل، أو من المستبعـد في مجـرى العادات وتحـقـيـقها في المسـتـقـبـل 0
ويحتاج إلى قـوة الإرادة ، ضـد وساوس شـياطين الإنس والجـن ، الـذين يوحـون إلى أوليائهـم ، ليجـادلوكـم بالباطـل ليـدحضـوا به الحـق ، ويحسبون أنهـم يحسنون صـنعـا0
أما قـوة الإرادة ، ضـد المخاوف الحاضـرة ، فـمظـرها الشـجاعة وضــدها الجـبن ، وأما قـوة الإرادة ضـد المخاوف التي يحـتـمـل وقـوعـهها في المسـتـقـبل فـمظهـرها التـفاؤل ، وضـد الـتفـاؤل التشـاؤم ، وإذا زاد التـفـاؤل عـن حـده المعـقـول ، كان مظهـرا من مظاهـر الطمـوح الأرعـن ، والطـمع الغـبي ، وإذا نقص التشاؤم إلى الحـد المعـقـول ، كان حـذرا محمـودا0
وأما قـوة الإرادة ، في مـواجهـة المصائب والآلام ، فـمظهـرها الصـبر ، فإذا مـر زمانها فـمظهـرها السـلوان والنسيان ، وقـد يتـفاوت الناس في نسـب القـوة والإرادة ، تفاوتا كـبيرا ، وضمـن درجات عـديدة ، في مقاديرها لما لـديهم من قـوة أو ضـعـف في إرادتهم 0
وباسـتطاعـتـنا أن نضـع سـلما لهـذا التـفاوت ، تصـعـد الـدرجات من منتصـفه متسلسلة ، بحسب تصاعـد مقـدار قـوة الإرادة ، وتهـبـط الـدركات من منتصـفه متسلسلة بحسب تنازل مـقـدار الإرادة ، وتقــرن بالـدرجات الصاعـدات نسب الفضائل الخلـقية ، التي تـرتبط بقــوة الإرادة ، وتقـترن بالـدرجات عـلوا ، وأما ضـعـف الإرادة فـتقـرن بالـدركات النازلات وتكـثر نسب الـرذائـل الخـلقـية التي ترتبـط بضـعـف الإرادة0
وإذا كان الإنسان ضـعـيف الإرادة ، يستطيع أن يتخـذ مجموعة من الوسائل العـلاجية ، ليقـوي بها إرادته : وهـي كثيرة ، ومن أهـمها مايلي :
تقـوية عـناصر الإيمان بالله ، وبصفاته العـظـيمة ، وبقضـائه وقـدره وبحكمـته العالية ، وتقـوية ما يقتضـيه الإيمان من الثقـة بالله ، وصـدق التوكل عـليه سـبحانه وتعالى ، وحسن الظـن به ، فـتــقـويـهة هـذه العـناصر تعـتبر من الوسائل الجـذرية ، لاكتساب فـضيلة قـوة الإرادة ، فـضـعـف الإرادة يأتي من عـدم الثـقـة بالنفس ، والثقـة بالله مـع صـدق التوكل عـليه ، وحسن الظـن به تمنـح الإنسان ثـقـة بسـداد ما بينه من أمـر، متوكـلا فـيه عـلى ربه ، وأملا بمعـونة الله في تحـقـيق النتائج ، التي يرجـوها فـتـقـوى بـذلك إرادته 0
التـدريب العـملي عـلى مقاومة النفس ، ومخالفـة شـهواتها ، كلما ألحـت عـليه بمطالبها ، فـيصـرفها بممارسة أنواع من العـبادات الإسـلامية ، مثـل الصلاة والصيام ، وتعـتـبر من الوسائل لتقـوية الإرادة الإنسانية 0
فـتأدية عـبادة الصلاة ، بالتـزام وانتظـام وسيلة ، لـتـقـوية الإرادة الإنسانية، عـلى مخالفـة كثـيرمن أهـواء النـفـس ، والتـزام طاعـة الله ، في كل ما أمر به واجـتناب كل ما نهى عـنه ، من الوسائل الناجـعـة في تقـوية الإرادة 0
والأناة والتثـبت في البت في الأمـور ، ثـم المضي في العـمـل دون تـردد ، متى وضح ســداد الاتجاه ، أو ظهـر رجحانه ، وعـنـدئذ ينبغي صرف الخـواطـر المعـوقـة والمثـبطـة ، إلا أن يظهـر يقـين يكـشف جانب الحـق ، عـنـدئـذ يكـون الرجوع إلى الحـق فـضيلة ، ومظهـرا من مظاهـر قـوة الإرادة ، ويكـون التمادي في الخـظـا عـنادا مـذموما ، واتباعا لهـوى من أهـواء النفس الأمارة بالسـوء ، وذلك من ضـعـف الإرادة ، أوم الـرعـونة والحـماقـة0
وما نعـنيه من قـوة الإرادة ، لم يأت التعـبير عـنه بهـذا اللفـظ في النصوص القـرآنية ، ولكن جاء في القـرآن الكـريم ، ألفاظ ثـلاثـة ومشـتـقـاتها في مجـموع دلالاتها ، بحسب مواقـعـها من النصوص مع مانعـنيه من ( قـوة الإرادة) ، وهـذه الألـفـاظ هـي : ( الإرادة 0 العــقـل 0 العـزم )0
وهـذه الألفاظ الثلاثة ، تـواردت في القـرآن الكريم ، للـدلالـة عـلى مستويات ثـلاثـة للإرادة : مستوى أدنى ، وقـد استعـمل للـدلالة عـليه مطـلـق لـفـظ الإرادة ومشتقاتها 0
مـستـوى متوسـط ، وقـد اسـتعـمل للـدلالة عـليه ، بمشـتقات لـفـظ العـقـل ، ومستوى أعـلى ، وقـد اسـتعـمل للـدلالة عـليه لفـظ العـزم ومشـتقاته 0
أما المستوى الأدنى ، الـذي اسـتعـمل للـدلالة عـليه لفـظ الإرادة ومشـتقاتها ، فـمن شـواهـده قـوله سبـحانه وتعالى : ( من كان يـريـد العاجلة عـجـلنا له فـيها ما نشاء لمن نـريـد ، ثـم جـعـلنا له جهـنم ، يصـلاها مـذمـوما مـدحـورا ، ومن أراد الآخـرة وسـعـى لها سـعـيها وهـو مؤمن ، فأولـئك كان سـعـيهم مشـكورا ) سـورة الإسـراء 18/19 0
فالإرادة في هـذا النص ، مستعـملة للـدلالة عـلى المستوى الأدنى ، وهـو مطـلـق الاتجـاه المـرجـح ، ولـذلك لم تكـن كافـيه لنيـل مجـد الآخـرة ، حتى يقـترن بها السعي المطـلوب : ( ومن أراد الآخـرة وسـعى لها سـعـيها ) 0
أما إرادة العاجـلة فـقـد اقـترن بها ، هـوى النفس المـوجـود في فـطـر الناس، وتأكـدت بالتكـرار والتجـدد ، الـذي دل عـليه الفـعـل المضارع ( يريد) ، وهـذا كاف للإنصـراف عـن الآخـرة ، والسعي لـزينة الحياة الـدنيا ومتعـها.
ومن شـواهـد قـول الله تبارك وتعالى ، في شـان المنافـقـين الـذين تخـلـفـوا عـن غـزوة تـبـوك ، حـيث قال : ( ولوأرادوا الخـروج لأعـدوا له عـدة ، ولكـن كـره الله انبعـاثـهـم فثبـطهـم ، وقـيل اقـعـدوا مـع القاعـدين ) سورة التوبة 46 .
أي : فـلـو أرادوا الخـروج مـع الرسـول صلى الله عـليه وسـلم إلى غـزوة تـبوك إرادة ما ، ولـوكانت ضـعـيفة ، لأعـدوا لـذلك عـدة ، ولـو كانت عـدة ضـعـيفة لــدل ، عـلى أنهـم قـد وجـد عـنـدهـم أدنى مستوى من إرادة صادقة ، ولكـن هـذا المستوى الأدنى ، غـير مـوجـود أصـلا لـديهـم.
وللحـديث بقـية إن شـاء الله .







--------------------------------------------------------------------------------




قرآنا عربيا
جوانب التشريعات القرآنية

أيها القراء الأعزاء: كنتم في موعد معنا في هذا اليوم لنبدأ بذكر جوانب التشريعات القرآنية وسنبدأ بالزكاة. أعلموا أيها الاخوة والأخوات أن العبادات في الاسلام ليست عبادات مجردة من روح الحياة بعيدة عن روح الجماعة , ليست قضايا فردية يشبع الانسان فيها رغبته الروحية فحسب, انما هي وسائل اصلاح ودعائم خير تسمو بها الروح وتصلح بها النفس وينمو بها الفكر ويقوم الانسان بعناصره كلها ثم هي بعد ذلك تنتظم ما يصلح الفرد وما ينهض بالجماعة على السواء.
إن العبادات في الاسلام لا تركز على جانب واحد بل هي تجمع الى الجانب الروحي والنفسي , الجانب الجماعي والاجتماعي والجانب الخلقي ,لا أدل على ذلك من أن نتدبر هذه الآيات الكريمة, قال تعالى في شأن الصلاة: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر).
ويقول في شأن الزكاة: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها).
ويقول في شأن الصوم: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).
ويقول في شأن الحج: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج).
ويقول: (ليشهدوا منافع لهم).
والدارس لكل عبادة من هذه العبادات سيدهش لهذه التشريعات الدقيقة اعجابا واكبارا , فالذي يخطئ في شيء منها عليه أن يجبر هذا الخطأ, ولكن بماذا؟ يجبره بما يعود على المجتمع بالخير من تفريج لمكروب واعانة لملهوف ومساعدة لبائس , يقول الله في شأن ذبائح الحج: (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير). ومن أخطأ في بعض قضايا الحج وكذلك من استفاد من التمتع بين العمرة والحج أو جمع بينهما ــ أي العمرة والحج ــ وجب عليه أن يجبر هذا بما يعود على المجتمع بالنفع, قال تعالى: (واتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي).
وهكذا في الصيام: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين). وهكذا نجد العبادات في الاسلام لم تكن خيرا لصاحبها فحسب, بل للمجتمع كله, وسنختار لكم واحدة من هذه العبادات لنرى الاعجاز التشريعي فيها, وليقاس عليها غيرها بعد ذلك, وهذه العبادة التي نختارها الزكاة.
فمن المعلوم ان الزكاة أحد أركان الاسلام وهي واجبة في المال بمقادير مختلفة والمتأمل لهذه المقادير التي بينتها السنة المطهرة سيلمس هذا الاعجاز التشريعي ولا يقال: إننا نتحدث عن اعجاز القرآن فأي شأن للسنة في هذا؟ ولقد أجبنا عن هذا من قبل, وهي أن السنة ليست أجنبية عن القرآن بل هي مبينة ومفصلة له.
والزكاة هي النماء والطهر والبركة, والناس يعبرون عن الشئ الطيب بأنه زاك, قال تعالى: (فابعثوا أحدكم بورقكم هذه الى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما ). وقال: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها).
والزكاة في الشرع غنما هي مال مخصوص يؤخذ بشروط مخصوصة لأناس مخصوصين.
والناظر للتشريع في شأن الزكاة لا يتردد قيد أنملة ولا لمحة بصر بأن هذا الدين إنما هو دين الله لأن البشر لا يستطيعون ان يصلوا الى حكمه وأحكامه.
وأول ما يقابلكم في هذا التشريع في شأن الزكاة : هذا التوازن وتلك الوسطية حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يحقد احد على أحد , لا يبغي غني على فقير ولا يحقد فقير على غني.
*نظر وتأمل:
إن الناظر في مقدار الزكاة الواجبة يجده يتردد بين النسب الآتية : فهو ربع العشر تارة ونصف العشر تارة والعشر حينا آخر: على اختلاف في الأشياء التي تخرج منها الزكاة وتقل النسبة عن ربع العشر كما نجده في زكاة بعض الأموال.
ولكن نسبة الزكاة لا تزيد عن العشر, اللهم إلا في شيء واحد على قلته وندرته, وهو الركاز.
والركاز : هو ما دفن من أموال الجاهلية أو غيرهم من غير المسلمين, فأظهر الله بعض الناس عليه, وهو ما يعرف عند بعض الناس بالكنز, فهذا يزكى, ونسبة الزكاة فيه الخمس لأنه رزق جاء لمسلم من حيث لا يحتسب, ولكن جميع الأموال التي تدخلها الزكاة تتراوح نسبتها وتتردد بين العشر وربع العشر.
وهذه النسبة روعيت فيها الدقة المتناهية المنبعثة من الحكمة التي لا يعلمها الا أحكم الحاكمين.

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 03-17-2010 ]
 
 رقم المشاركة : ( 6 )
::مشرفة سابقة::
رقم العضوية : 19
تاريخ التسجيل : Feb 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 716
عدد النقاط : 10

لؤلؤة الجنة غير متواجد حالياً



بارك الله فيك
وجزاك الله خير في ميزان حسناتك..

توقيع :

اذا غٌــــاب في يوُم اسمي مٍن هًنا
فِربما ينسانُي البعَـــــــــض ..!


ولكن ..سٌتتذكرني صفحاتي
من سجلت عُليها حروفي ..
لتبقى كلماتي ..!
رمَزا للجًميع..ليًتذكُرني:eh_s(7):
:eh_s(7):

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 03-18-2010 ]
 
 رقم المشاركة : ( 7 )
رقم العضوية : 13
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : السعودية
عدد المشاركات : 231
عدد النقاط : 10

الكريري غير متواجد حالياً



اسمح لي ابدي اعجابي بقلمك وتميزك واسلوبك الراقي وتالقك

توقيع :

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
فتاوى , وأحكام


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:26 AM.