فتاوى للشيخ أحمد بن حمد الخليلي في أحكام الجنائز - منتديات نور الاستقامة
  التعليمـــات   قائمة الأعضاء   التقويم   البحث   مشاركات اليوم   اجعل كافة الأقسام مقروءة
أخواني وأخواتي..ننبه وبشدة ضرورة عدم وضع أية صور نسائية أو مخلة بالآداب أو مخالفة للدين الإسلامي الحنيف,,,ولا أية مواضيع أو ملفات تحتوي على ملفات موسيقية أو أغاني أو ماشابهها.وننوه أيضاَ على أن الرسائل الخاصة مراقبة,فأي مراسلات بين الأعضاء بغرض فاسد سيتم حظر أصحابها,.ويرجى التعاون.وشكراً تنبيه هام


** " ( فعاليات المنتدى ) " **

حملة نور الاستقامة

حلقات سؤال أهل الذكر

مجلة مقتطفات

درس قريات المركزي

مجلات نور الاستقامة



الإهداءات


العودة   منتديات نور الاستقامة > الــنـــور الإسلامي > نور الفتاوى الإسلامية

نور الفتاوى الإسلامية [فتاوى إسلامية] [إعرف الحلال والحرام] [فتاوى معاصرة] [فتاوى منوعة]


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
افتراضي  فتاوى للشيخ أحمد بن حمد الخليلي في أحكام الجنائز
كُتبَ بتاريخ: [ 05-10-2012 ]
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية عابر الفيافي
 
عابر الفيافي غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363
قوة التقييم : عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
فتاوى شاملة لجميع أحام الجنائز والقبور وما يتعلق بها وهي عبارة عن محاضرتين

للتحميل
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
التحميل بــWORD
http://www.waleman.com/modules.php?n...=getit&lid=245


فتاوى[1]للشيخ أحمد بن حمد الخليلي في
أحكام الجنائز
الجزء الأول
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وآله ومن تبع هُداه، أما بعد: أيها الإخوة والأخوات أحييكم بتحية الإسلام المباركة في بداية هذا اللقاء الطيب، فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .. كما تعلمون أنّ الإسلام كرّم الإنسان في حياته من خلال شرائعه التي تحفظ له كرامته وإنسانيته، وتجعله عبدا لمن هو أهل لأن يُعبد، وترفعه من ذل الدنيا ومهانتها إلى عز الدنيا والآخرة، والمتمعن في شرائع الإسلام يجد أنها لم تُكرِم الإنسان في حياته فقط، بل حفظت له كرامته عند وبعد مماته، ومن مظاهر هذا التكريم أن شرَعت له الغسل والتكفين والصلاة والمسارعة إلى دفنه وغيرها من الحقوق والأحكام .. حول هذا التكريم نتشرف في هذه الليلة المباركة أن نُضيِّف سماحة الشيخ العلامة المحقق أحمد بن حمد الخليلي حفظه الله ورعاه لكي يجيب عن الأسئلة التي تمّ إعدادها سابقا، والتي نرجو أن تكون شاملة لجميع نواحي هذا التكريم، ونُنوِّه الإخوة الحضور بأنه لن تُقبل أيّ أسئلة أخرى حتى الانتهاء من هذه الأسئلة المعدّة، وذلك بسبب ضيق الوقت وكثرة الأسئلة المعدة لهذه الجلسة، كما نتمنى أن تكون هنالك جلسة أخرى إذا منّ الله تعالى بذلك، والآن نبدأ في طرح الأسئلة على سماحة الشيخ .
س1: ماذا يفعل الإنسان إذا رأى محتضرا أمامه في الحالتين التاليتين:
-إذا رأى حادثا مروريا ووجد هنالك من يحتضر .
-أو زار مريضا ورآه محتضرا ؟
ج: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلو عباده أيّهم أحسن عملا، سبحانه، خلق الخلق وقدّر أعمارهم، وكتب الفناء على كل أحد، وتفرّد بالبقاء، فهو Iلا أوّل له ولا آخر، لا تأخذه سِنَة ولا نوم، ولا تغيِّره الحوادث، أحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فالسلام عليكم جميعا أيها المؤمنون والمؤمنات ورحمة الله وبركاته .. هذا ولا ريب أنّ اللهI الذي شرف الإنسان وأعلى درجته جعله يُحاط بأحكامه في كل جزئية من جزئيات حياته بل وبعد وفاته، إذ الإنسان خُلق-كما تعلمون-ليكون خليفة في هذه الأرض فلذلك كان جديرا أن يكون في حياته وفي مماته تختلف أحكامه عن أحكام غيره من الكائنات، فهو وإن ارتفع عنه التكليف بوفاته إلا أنّ هذا التكليف يبقى على بني جنسه من أهل دينه، فعليهم أن يقوموا بما شرَع الله I لهم من الأعمال التي تؤدي -بطبيعة الحال-إلى تماسك الأمّة، وتلاحُق أجيالها في حال كون كل جيل من هذه الأجيال يأخذبحُجْزة الدين الذي قبله[2] إذ يرعاه بعد انتهائه كما يحرص على القيام بكل التبعات التي تتعلق بأحكامه، فلذلك شرع الله I ما شرع؛ ومن المعلوم أنّ الله I قضى على كل أحد بالوفاة، فالإنسان وإن طال عمره-وما عمره وإن طال بطويل-لابد من أن يُغَصَّ بغُصّة الموت .. لابد من أن يتجرع كأس المنون .. هذه هي سنّة الله تعالى في خلقه، فلذلك كان جديرا بكل أحد أن يكون متهيئا للقاء الله I ، وأن يحرص على تبييض صفحته وتنقيتها من أكدار الأوزار، وأن يحرص على أن يكون في كل لحظة من لحظات عمره أقربَ إلى ربه سبحانه بالطاعة وحسن العمل منه في اللحظة التي تقدّمتها، والناس بما أنهم يشيّعون الأموات ميتا بعد ميت على كل منهم أن يدرك أنه سيُشيَّع كما شيَّع من قبله، وكما يقول أحد الشعراء وقد وقف على مقبُرة فكان يُخاطب أهلها بقوله:
وكنا وإياكـم نزور مقابرا
ومِتُّم فزرناكم وسوف نُزار
فهذه هي سنّة الله تعالى في خلقه، وعلى كل أحد أن يعتبر، لا أن يكون دفن الموتى أمرا عابرا لا يلامس شغاف القلوب، ولا يؤثر على الوجدان، بل على الإنسان أن يتأثر وأن يدرك كلّ الإدراك أنّ ساعته لابد من أن تحين، وأنه سائر إلى حيث سار غيره:
أتـمرح إن شاهدت نعشا لهالك
ستركب هذا المركب الوعر ساعة
نـقي من غبار الأرض بيض ثيابنا
إليـك أكف الحاملين تشير
إلى حيث سار الأولون نسير
وتلـك رفاة الهالكين تطير
هذا ولا ريب أنّ هذه الساعةالتي يحين فيها الموت ينبغي لكل من حضرها أن يحرص على أن يدعُوَ الميت إلى ما فيه خيره، وذلك بأن يُلقنه الشهادة، كما جاء في الحديث عن النبيe وهو حديث صحيح-رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي-أنه عليه أفضل الصلاة والسلام قال: ( لقّنوا موتاكم:" لا إله إلا الله "ومن المعلوم أنّ هذا التلقين له أكثر من بُعد، فإنه فيه تنبيهٌ للميت إلى الحقيقة الكبرى في هذه الحياة بل في هذا الوجود بأسره، وهي أنّالكون كله إنما هو مخلوق للهI ، والخالق هو الله، وأنه سبحانه له الطاعة المطلقة، فالألوهية له I ، ومعنى ذلك أنّ العبادة يجب أن تكون خالصة لوجهه سبحانه، وهذا أمرٌ يقتضي أن يستدرك هذا المحتضَرالأمرَ بالتوبة، فإن كان هنالك تقصيرفيما مضى عليه أن يجبر هذا التقصير بالتوبة النصوح، ومن منّا غير مقصّر ؟! وأن يتدارك الأمر بالوصية إذا كان هو في فسحة من الأمر، فإنه لا يطلب منه أن يتكلم بهذه الكلمة وحدها من غير أن يُتبِعها ما يمكنه أن يتبعها إياه من تدارك أمره، فلعل هنالك تقصيرا في وصيته، ولعلّ هنالك تقصيرا في توبته، فلابد من أن يحرص على التّوفية .. تذكيره بـ: " لا إله إلا الله " يعني التذكير بكل ذلك، فجديرٌ إذن بمن حضر أيّ مُحتضَر-سواءً كان هذا الإحتضار بسبب حادث أو بسبب مرض أو بسبب أن ظهرت عليه علامات الموت بحيث فاجأه ريب المنون-أن يلقنه كلمة " لا إله إلا الله "، ولا يلزم من ذلك أن يقول له: " قل: ' لا إله إلاالله ' "، بل مجرد قوله هو:" لا إله إلا الله " يستدعي ذلك أن يستيقظ ضمير هذا المحتضَر، وأن يتابعه على النطق، وأن يحاول أيضا أن يصلح ما عسى أن يكون سبق من فسادٍ بقدر مستطاعه في ذلك الوقت، ولاحرج إن ذكّره بالوصية أو ذكّره بأيّ أمر آخر مادام قادرا على النطق، فإنّ في ذلك خيرا بإذن الله I .
س2: إذا كان أكثر من شخص، كيف يكون التلقين ؟
ج: إذا كانوا جميعا حضورا، فإنّ مجرد هذا التَّرداد .. ترداد كلمة " لا إله إلا الله " يجعل أولئك المحتضَرين يستيقظون ويرددون إلا من كتب الله I عليه والعياذ بالله الشقاء[3] فذلك أمر آخر، ولكن من شأن المؤمن أن يحرص في هذه الحالة على ما كان حريصا عليه من الخير فيما سبق .. هكذا شأن المؤمنين؛ من المعلوم في قصص الكثير من الناس أنهم عندما يُحتضرون يحرص أحدهم على ما كان حريصا عليه في حياته، فمن كان كثير الذكر لله I كان أيضا في مثل هذا الموقف يُلهَم الذِّكر، ومن كان على خلاف ذلكبحيث يكون منهمكا إن كان الله كتب عليه أن يموت على تلك الحالةفكذلك .. كم سمعنا عن أناس عندما احتضروا يطلب أحدهم الخمر، أو الآخر يموت والمزمار بين يديه وفيه[4]، وهكذا سنّة الله تبارك وتعالى في الخلق .
س3: هذا الحكم يشمل المسلم والكافر؛ يعني إذا كان كافراأو مشركا، هل يؤمر أيضا بتلقينه الشهادة ؟
ج: وما المانع ؟!تلك الساعة هي ساعة تُقبل فيها التوبة مالم تصل الروح إلى الحَنجُرة، أما إن وصلت الروح إلى الحنجرة فلا تجدي التوبة فيها، ولكن قبل ذلك باب التوبة مفتوح، والنبي e لقّن أحد شباب اليهود عندما دخل عليه وأمره أن يقول كلمة الشهادة .. أن يشهد لله تعالى بالوحدانية وله e بالرسالة في هذا الموقف، وكذلك طالب النبي e عمَّه أبا طالب أن ينطق بالشهادتين عندما احتُضر .. كل ذلك دليل على أنّ المحتضر إن كان غير مسلم يُطالب بأن يأتي بالشهادتين لعل الله I يكتب له بهما السعادة .
س4: إن كان صبيّا، هل يلقّن أيضًا أم لا ؟
ج: وما المانع ؟!بما أنّ الحديث عام فإنه يشمل كل من كان من الموتى .. ( لقنوا موتاكم:" لا إله إلا الله " ) .. ذلك يشمل الصبي والبالغ، ولا ينحصر في البالغ وحده، ولعل هذا الصبي يُضاعِف الله تبارك وتعالى له الخير ويرفع درجته عندما يكون آخر ما ينطق به هو هذه الشهادة .
س5: هل يلقن الرجل المرأة، والمرأة الرجل ؟ خاصة إذا كانا أجنبيّين .
ج: ما المانع من التلقين ؟! ما المانع من أن يكون تلقين من المرأة للرجل ؟! ذلك الموقف ليس موقف شهوة ورغبة في الاتصال أو في النظر إلى المحاسن أو في شيء من ذلك، فما المانع من أن يُلقن الرجل المرأة ؟!ما المانع أيضا من أن تلقنه؟!}وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَر ...{[ سورة التوبة، من الآية: 71 ]، وهذا من جملة الأمر بالمعروف، ولكن الأولى مع وجود الرجل بجانب الرجل أن يتولى هو تلقينه، ومع وجود المرأة بجانب المرأة أن تتولى هي تلقينها.
س6:إذا لم يتابعه .. كرّر " لا إله إلا الله " ولم يتابعه، هل يمكن أن يقول له: " قل: ' لا إله إلا الله ' " مثلاً؟
ج: لا مانع من ذلك، النبيّ e طالب عمّه وقال له: ( قل: " لا إله إلا الله " أشفع لك بها عند الله ) .
س7: عدم نطق المحتضر بالشهادتين، هل دليل على هلاكه مثلا ؟
ج: الحكم بالهلاك أمر عسير، فإنه لا يمكن أن يكون ذلك دليلا على الحكم بهلاكه .. لا يحكم على أحد بأنه هالك مالم يكن هنالك نص قطعي متواتر يدل على هلاكه، وأنّى لنا بذلك في أحد من أهل زماننا ؟! إنما يُوكَل الأمر إلى الله سبحانه، والله يعلم السرائر من عباده، بل قال العلماء بأنّ من مات وهو على معصية ظاهرةفي حكم الظاهر-كأن يموت وكأس الخمر في فيه، أو يموت على أيّ حالة من هذه الأحوال البعيدة عن الحق-لا يُحكم بهلاكه قطعا .. لا يقطع أحد بأنّه من أهل النار، إذ لعله جُنّ .. تاب أوّلا ثم جن وأتى ما أتى وهو في حالة الجنون .. مادام هنالك احتمال لا يحكم بهلاكه قطعا .. نعم هو في حكم الظاهر مات على عمل غير صالح ولكنّ السرائر إنما يعلمها الله تبارك وتعالى وحده.
س8: نجد في بعض الكتب أنه من السنّة قراءة سورة يس عند المحتضر، فهل هذا ثابت في السنّة ؟
ج: جاءت بذلك رواية ولم أجد أنّ أحدا من علماء الحديث صححها إلا ابن حبان وابن حبان كثيرا ما يتسرع في تصحيح الروايات، وقد ضعّف هذه الرواية كثير من أهل العلم من علماء الحديث، قالوا بأنّ الرواية لا تصح، وإنما ابن حبان هو الذي صحح الرواية .. هو من بين الذين أخرجوها، ولكن مع هذا لا يعني كونُ الحديث ضعيفا أنه لا يجوز الأخذ به ما لم يتعارض مع دليل شرعي أقوى منه، فالأصل جواز فعل ذلك وجواز تركه، ومادام الأصل جواز فعله وجواز تركه فما المانع من أن يعتبر هذا الحديث لوجود شيء من الاحتمال ولو بمقدار واحد في المائة [ 1% ]أن يكون ثابتا وإن كان جاء من طرق غير صحيحة ؟! هنالك احتمالولو بمقدار واحد في المائةأن يكون ثابتا ومادام هنالك احتمال فلعل هذا الاحتمال ولو كان ضعيفا يُرجح جانب الفعل على جانب الترك مع كون الأصل أن يجوز الفعل والترك، فإنّ هذه عبادة .. قراءة القرآن الكريم هي عبادة .. هي قربة إلى الله I ، أما كون تخصيص سورة يس وحدها فينبغي لمن قرأها ألاّ يقرأ على أنّ ذلك أمر ثابت، وإنما يقرأ تبركا بالقرآن الكريم.
س9: هل هنالك علامات خاصة لمعرفة الوفاة؛ ثم إذا تأكد الشخص من خروج الروح، ماذا يؤمر أن يفعل ؟
ج: من العلامات توقف النبض .. نبض القلب، وكذلك النبض الذي في اليدين قريبا من الكفين؛ وتوقف التنفس نهائيا، وطبعا-بطبيعة الحال-الأطباء يعرفون ذلك عندما يتوقف التنفس نهائيا؛ وكذلك برود الجسم، لأنّ حرارة الحياة تُفتقد بالموت؛ فذلك كله مما يعدّ من العلامات .. عندما توجد هذه العلامات يكون ذلك دليلا على الوفاة؛ وأول شيء يؤمر به بعد الوفاة أن تُغمَّض عيناه، أي عينا الميت، لأنّ الرسول e أمر عندما يموت أحد أن تغمض عيناه وقال: ( إنّ البصر يتبع الروح ومعنى ذلك أنّ الإنسان يفتح عينيه عندما تخرج روحه، فلذلك يؤمر أن يُعجَّل في تغميض عينيه قبل أن يشتد جسمه حتى يعسر ذلك، لأنه عندما تمر فترة على الجسم بعد خروج الروح منه يشتد ويكون من الصعب أن تغمض العينان أو أن تُليَّن الحركة.
س10: بعد هذا التغميض، هل يغطى أو كيف ؟
ج: طبعا مما ينبغي للميت أن يسجّى بشيء .. ببردة أو بنحوها .. لا يترك مكشوفا هكذا ولاسيما العورة .. العورة يجب سترها، والباقي ينبغي ستره.
س11: انتظار أهل الميت .. قد يكون بعضهم بعيدا وبعضهم قريبا يعني يمكن انتظاره، من ناحية أخرى أنّ قد يتوفى الإنسان في بلد غير بلده ونظام تلك البلاد يقتضي أن يُنتظر أهله لأنه لو دفن ربما تقع بعض الإشكالات بحيث لا يصدقون أنه قد مات وقد دفن، فكيف ترون في هذه القضية ؟
ج: على أيّ حال لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهلها، كما جاء ذلك في الحديث عن الرسول e ، إنما ينبغي التعجيل بقدر المستطاع، أما عندما يكون هنالك سبب يقتضي التأخير ولابد من ذلك السبب فذلك أمر آخر، أما الأصل فالتعجيل اللهم إلا إن كان هذا الموت موت فجاءة أي مات بالسكتة القلبية فإنّ تأخير دفنه من أجل احتمال أن يكون هنالك ما أمسك أنفاسه ومنع حركته .. مع وجود هذا الاحتمال كان ينبغي ألاّ يُتسرع في الدفن، أما إذا كان الميت أَدْنَف مريضا[5] أو كان مات بحادث أو بأيّ سبب من هذه الأسباب وتُيقِّنت وفاته فلا ينبغي التأخير اللهم إلا لسبب لامناص منه، حتى أولئك الناس ينبغي أن يُعوّدوا بأن يدفن الميت بسرعة، وأن يُعلَّموا أنه لا ينبغي تأخيره، ومالهم من عتاب بسبب التعجيل في دفنه.
س12: إذا مات الميت بدون سبب معروف،فهل يجوز تشريح جسده ومحاولة معرفة سبب الوفاة ؟ مع العلم أنّ هذا التشريح قد يدل على معرفة الآلة ثم بالتالي القبض على المجرمين كما وقع ذلك في بعض الحالات .
ج: الله المستعان؛ نحن نرى أنّ هذا التشريح ما جاء بفائدة، ومما يُتعجب منه أن يكون في كثير من الأحوال هنالك ما يدل على الإجرام ولا يُكتفى بهذا .. لا يكتفى بدلائل الإجرام بل تنص القوانين على أنه لابد من تشريح الميت .. هذا أمر عجب .. ما الداعي إلى التشريح مع قيام الأدلة وظهورها ؟!على أنّ لجسم المسلم بعد وفاته حرمة، كما أنّ ذلك لجسمه في حياته، ثم لنقدر أنّ التشريح يدل شيئا من الدلالة على أنّ هذا الميت مات بسبب من الأسباب-.. قد يدل أحيانا على أنه طَعِم سَمّا أو أنه قُتل بطريقة الخنق أو بطريقة أخرى-ولكن هل هنالك دلالة من نفس التشريحعلى أن فاعل ذلك فلان بعينه ؟! إن كان هنالك اتهام فليؤخذ بالأسباب .. أسباب اكتشاف الأمر، ولا يلزم أن يُشرَّح الميت .. أنا لا أعرف لهذا التشريح فائدة، وكثير من الناس يحرصون على تشريح جثث الموتى من غير أن يتبين على أثر التشريح ما هم ساعون إلى تبيّنه فلذلك لا أُحبِّذ التشريح، لأنّ لجسم المسلم حيا وميتا حُرمة.
س13: ننتقل إلى حكم غسل الميت .. المكان الذي يغسل فيه الميت، هل له شروط معينة؛ وهل يمكن غسله في دورات المياه أو في الأفلاج ؟
ج: على أيّ حال، مما ينبغي أن تُعدّ أماكن .. ملاحق لتغسيل الموتى في المساجد وفي أماكن أخرى .. ينبغي أن تكون هنالك ملاحق؛ ولا مانع من أن يغسّل في دورة المياه مادام المكان نظيفا .. ليس هنالك من مانع أن يغسّل في ذلك المكان وكذلك الأفلاج ولكنقد يكون بعض الموتى فيهم شيء من الأمراض ويُخشى في تغسيلهم في الأفلاج أن تسبِّب هذه الأمراض شيئا من العدوى .. يخشى ذلك فينبغي تفادي تغسيلهم في الأفلاج بقدر المستطاع .. الأوْلى أن يؤخذ الماء من الفَلَج ويغسّل الميت جانبا منه، لا أن يكون تغسيله في نفس الفلج تفاديا لهذه المشكلة.
س14: أين يوجّه الميت أثناءالتغسيل، هل من ناحية القدمين أو من ناحية الرأس، أين يكون رأسه، وأين يكون قدمه ؟
ج: على أيّ حال، بما أنّ الميت في حال التغسيل يكون مُلقى على ظهره في هذه الحالة فالأوْلى أن يكون وجهه إلى القبلة، ومعنى ذلك أن تكون رجلاه إلى جانب القبلة.

[1]-هذه الفتاوى أصلها في تسجيل سمعي بصوت الشيخ، لذلك فأسلوب الشيخ هنا هو أسلوب الإلقاء، وليس التحرير، وشتان ما بين الأسلوبين؛ وقد نشرَت هذه الفتاوى تسجيلات " مشارق الأنوار "-بعُمان-في جزئين .

[2]-يمكن أن يقال: يأخذ الذي قبله بحجزة الدين .

[3]-يجمع ما قاله الشيخ هنا إلى جوابه على س7، ص4 .

[4]-أي: وفمه .

[5]-قال الشيخ في ص7: " مُدنِفا في مرضه.. أو مدنَفا .. يصح أن يكون: " مدنِف " و " مدنَف " .. أدنفه المرض ." .

tjh,n ggado Hpl] fk pl] hgogdgd td Hp;hl hg[khz. lpl] Hp;hl hgogdgd hg[khz. fk pgn tjh,n





توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس

كُتبَ بتاريخ : [ 05-10-2012 ]
 
 رقم المشاركة : ( 2 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



س15: ما هو حكم تغسيل الميت، هل هو سنة أم فريضة ؟
ج: على أيّ حال، نحن علينا أن نفرّق أوّلا بين مصطلحات أهل العلم .. ما هي الفريضة ؟ بعض العلماء يرون أنه لا فرق بين الفرض والواجب؛ وبعضهم يفرقون بين الفرض والواجب فيرون أنّ الواجب ما ثبت بمطلق الدليل ظنيا كان أم قطعيا، وأما الفرض فإنه ما ثبت بدليل قطعي، وذلك كآية من كتاب الله، أو حديث متواتر عن رسول الله e؛ ومن المعلوم أنّ القرآن لم ينص على التغسيل، وإنما السنّة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، والفعل نُقِل نقلا تواتريا، إذ لم يكن هنالك ريب عند أحد في كون الموتى في عهد الرسول e كانوا يُغسَّلون، فلذلك كان هذا مما ثبت بالسنّة، إلا أنّ هذه السنة ليست سنة مرغبا فيها وإنما هي سنة واجبة، فهذا من الواجب الكفائي .. الذي إن قام به البعض سقط عن الباقين، فهو من حقوق الموتىالتي تلزم المجتمع بأسره .. عندما يترك المجتمع بأسْرِه تغسيل ميت ويدفن من غير تغسيل يأثم المجتمع بأسره، أي يأثم كل من عَلم بموت ذلك ولم يقم إلى تغسيله، وأما إن قام بذلك البعض فإنّ هذا الواجب يسقط عن الباقين.
س16: من الأوْلى أن يغسِّل الميت، من هو الأوْلى، من حيث القرابة أم يراعى فيها المعرفة؛ وإن كان القرابة من هو أوْلى من الأقرباء ؟
ج: على أيّ حال، لابد من مراعاة المعرفة .. من كان أعرفَ الناس بالتغسيل هو أوْلى، ولكن إن وجد القريب العارف فذو القرابة أوْلى، و-على أيّ حال-من كان أقرب قرابة فهو أوْلى بذلك .. من كان أشدّ قربة.
س17: هل للرجل أن يغسّل المرأة، أو للمرأة أن تغسّل الرجل ؟
ج: لا .. الرجل يُغسِّل الرجال، والمرأة تُغسِّل النساء .. الرجل يغسّله الرجال، والمرأة تغسّلها النساء، أما إن مات الرجل بين نساء ولم يكن بينهن رجل فلا ريب أنّ النساء في هذه الحالة يَصبُبن الماء عليه صبّا من غير أن يباشرنه إلا أن تكون فيهم محارم له، فهذه المحارم لا يُمنعن من مباشرة تغسيله ولكن مع اتقاء العورة إلا من وراء الثوب، أما إن كانت هنالك زوجته فلا ريب أنّ الزوجة هي حقيقة بأن تغسّل زوجها ولا مانع من ذلك، وأمّ المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها تقول: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسّل رسولَ الله e غيرُ نسائهوهذه المسألة مما وقع فيه الخلاف بين أهل العلم .. هل الرجل يغسّل امرأته والمرأة تغسّل زوجها، أو أنه لا يجوز ذلك؟ قيل بجواز التغسيل؛ وهذا أرجح .. هذا أرجح، أي التغسيل؛ وقد روي أنّ أبا بكر رضي الله تعالى عنه غسّل أمّ رُمّان وهي امرأته، وقيل بعدم الجواز، لأنّ عصمة الزواج انتهت .. العلاقة الزوجيّة انتهت؛ وقيل بالتفرقة فهي تغسّله وهو لا يغسّلها، ذلك لأنها لا تزال في حال عِدّة منه .. هي تعتدّ منه وبما أنها تعتد منه فهنالك بقيّة من العلاقة بينهما .. لا يباح لها أن تتزوج مادامت هي في العدّة، فمعنى ذلك أنّ هنالك علاقة، أما هو فلا يعتد منها، ولذلك يجوز له أن يتزوج بأختها، وأن يتزوج بعمتها، وأن يتزوج بخالتها، وأن يتزوج ببنت أختها، وأن يتزوج ببنت أخيها بمجرد وفاتها، فلذلك رأى أصحاب هذا القول رأوا أنّ الرجل لا يغسّل امرأته بينما المرأة تغسّل زوجها؛ ولكن-على أيّ حال-القول الذي عليه الأكثر والذي رجّحه أهل العلم هو جواز التغسيل مطلقا، لهذا المحكي عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ولم يُؤثَر عن أحد منهم ما يدل على خلاف هذا، فمع عدم كون هنالك ما يدل على المنع من أقوال الصحابة كان الأخذ بما دل على الإباحة، مع أنّ الأصل الإباحة، فلذلك كان أوْلى أن يقال بجواز تغسيل الرجل لامرأته؛ كذلك المرأة إن ماتت بين الرجال لا يكون من قِبَلِهم إلا صبّ الماء عليها من غير مباشرتها إن ماتت المرأة بين الرجال، وإنما من أهل العلم من رخّص في أن يغسّل ذو المحرم محرمته، وقد روي ذلك عن بعض علماء السلف .. روي عن بعضهم أنه غسّل أمه، وهكذا، ولكن ذلك إنما كان في حال الغربة .. علّهم لم يجدوا نساءً يتولّين التغسيل .. أظن أنّ هاشم بن غَيْلان رحمه الله روي عنه أنه غسّل أمه في مكة فلعلّها ماتت بحيث لم توجد نساء ولذلك تولّى تغسيلها.
س18: ما هو العدد المناسب للأشخاص الذي ترونه كافٍ لغسل الميت، لأننا نشاهد أحيانا يوضع الميت فأحد يغسل من اليدين وآخر من الرجلين وآخر من الصدر ... إلخ، فهل هذا مشروع بهذه الطريقة أم لا ؟
ج: لا مانع من أن تشترك جماعة ولكن من غير أن يتكاثروا كثرة فاحشة تؤدي إلى شيء من الفوضى .. لا ينبغي .. ينبغي أن يكون هنالك عدد محدود .. ثلاثة .. خمسة .. نحو هذا العدد .. لا حرج، منهم من يصب الماء ومنهم من يتولى التغسيل من هنا ومن هناك .
س19: لكن تولّيهم للغسل، هل في نفس الوقت مثلا تغسل اليد مع الرجل .. هذا يغسل من اليدين، وهذا يغسل من الرجلين ؟
ج: لا، هو الأصل أوْلى أن يكون كغسل الجنابة .. هكذا العلماء قالوا .. الأوْلى أن يكون كغسل الجنابة، بحيث يُقدّم الرأس، ثم الميامن قبل المياسر، وهكذا .. هكذا استحبّ أهل العلم.
س20: هل يمكن للمغسّل أن يضع قفازين أو خرقة على يديه طوال الغسل، وليس فقط عند غسل العورة فقط ؟
ج: نعم، وينبغي ذلك إن كان الميت مُدنِفا في مرضه.. أو مدنَفا .. يصح أن يكون: " مدنِف " و " مدنَف " .. أدنفه المرض .
س21: من الذي له الحق في اختيار المغسّلين ..أحيانا يحصل الخلاف .. كل أحد يريد أن يغسّل، فمن يتولى هذا الحق بحيث يسمح لمن يريد أو لا يسمح ؟
ج: وليّ أمر الميت .. ابنه أو أبوه أو إخوته وهكذا.
س22: هناك بعض الناس يُدخل نفسه ويُقحم نفسه في تغسيل الميت دون أن يأذن له أهل الميت وإذا نُصح قال:" إنني أبتغي الأجر فما قولكم لأمثال هؤلاء ؟
ج: عندما يجد الكفاية من قِبَل قرابة الميت وهو ليس بذي قرابة لا ينبغي له أن يفعل ذلك، أما إن لم تكن هنالك كفاية أو كان يرى أنهم لا يحسنون التغسيل فذلك من الخير.
س23: جرت العادة عند بعض الناس ترك الميت أمام الناس قبل غسله وبعضهم بعده حتى يُلقوا ما يسمونه بنظرة الوداع؛ أو بعضهم يقبّل الميت، فهل هذا مشروع ؟
ج: نعم .. التقبيل مشروع .. الرسول e قبّله أبو بكر رضي الله تعالى عنه، وقال له: " بأبي وأمي أنت يا رسول الله طبت حيا وميتا "، وهكذا ذُكر عن كثير من السلف أنهم قبّلوا الموتى، وهو دليل على الجواز، ولم يُنكِر على أبي بكر رضي الله تعالى عنه أحد من الصحابة فعلَه هذا، فإذن هذا دليل على الجواز، ولكن لا يعني بأيّ حال من الأحوال أنّ الميت يترك مكشوفا وقتا طويلا هكذا .. لا حرج أن ينظر إليه نظر اعتبار وفي نفس الوقت يكون شيء من الإحساس وشيء من الارتباط بين هذا الحي والميت بتلكم النظرة .. تعبير عن الارتباط .
س24: إذا توفي الشخص في خارج بلدته وأُوتي به مُغسّلا مكفنا في تابوت، فهل يجوز كشف وجهه لوالديه أو قرابته للنظر إليه أو للتقبيل ؟
ج: على أيّ حال، لا يمنع ذلك، ولكن بعد التكفين وبعد النهاية لا ينبغي أن يفتح إلا أنه لا يمنع .. لا يقال بحرمة ذلك .
س25: هنالك بعض الناس يحاولون أثناء تغسيل الميت النظر إليه وهذا مما قد يُطْلِعهم على عورته ويحتج بأنه يريد أن يتعلم كيفية الغسل، فهل يجوز ذلك ؟
ج: أما النظر إلى العورة فلا، على أيّ حال لابد من صون عوْرات الأموات .. تُصان عورات المسلمين أحياءً وأمواتا، وللميت حُرمة كحرمة الحي، فلا يجوز أن تُنتهك حرمته .. لا ينظر إلى عورته.
س26: يقال بأنّ النظر إلى وجه الميت يُذهب نور البصر، فما مدى صحة هذا القول ؟
ج: هذا القول لا دليل عليه، ولو كان الأمر كذلك لاقتضى هذا أن يكف الناس نظرهم عن وجوه الموتى.
س27: إذا توفي الشخص وبه شيء من المعادن داخل جسده، فهل تخرج عنه قبل التغسيل أم لا ؟
ج: نعم، ما أمكن يُخرج ذلك.
س28: إذا توفيت المرأة وفي أظافرها شيء من الأصباغ، فهل تُزال هذه الأصباغ أم تُوضّأ وهي عليها ؟
ج: هذا أمر فيه حرج .. إزالة الأصباغ أمر فيه حرج، وفيه مشقة .
س29: إذا توفيت المرأة وهي حامل وبدا جنينها[...الصوت هنا غير واضح في الشريط للأسف...] مما يدل على وجود الحياة، فهل يخرج أم يدفن معها ؟
ج: هذه المسألة مما وقع فيه خلاف أهل العلم؛ فنجد المشارقة من علمائنا، كابن جعفر، والإمام أبي سعيد الكدمي، وكذلك نُصّ عليه في " بيان الشرع "، وفي " منهج الطالبين "، وأطال فيه الإمام نور الدين السالمي رحمه الله في " المعارج " .. هؤلاء يشدّدون في إخراج الجنين بطريق العملية القيصرية بعد أن تموت الأم الحامل .. شدّدوا في ذلك، وقالوا بأنّ لهذه الأم حُرمة ويجب أن تراعى هذه الحرمة، وذلك إنما هو في عالَم الغيب ونحن لسنا مكلفين بما كان في عالم الغيب، إنما علينا بما في عالَم الشهادة؛ وهذا القول هو قول المالكية على حسب ما علِق بذاكرتي وقد أكون مخطئا في ذلك لكن هكذا فيما يغلِب على ذهني أنه قول المالكية؛ وهنالك قول آخر، وهو قول الشافعية؛ وهو أنه يجب أن يُخرَج الجنين من بطن الأم إن كانت به حياة، ولا يجوز دفنها بجنينها، بل لابد من ذلك؛ وهذا القول هو الذي درج عليه كثير من علمائنا من أهل المغرب، بل لعلهم أطبقوا عليه، فنجد قطب الأئمة رحمه الله يؤكده، وأظن أنه نسبه إلى الثوري .. هكذا فيما علِق بذهني، وكذلك شيخنا أبو إسحاق-رحمة الله تعالى عليه[1]-أفتى به، وشيخنا ابن جُميِّل-رحمه الله-أيضا أيّده في كتابه " سِلْك الدُّرر "، بل اقتصر عليه، ولم يذكر غيره، وقال:
وهْي وإن كان لها احترام
فذاك أيضا قتله حرام
وأيّد هذا القول تأييدا واسعا ابن حزم في كتابه المحلى؛ وهذا القول هو القول الراجح، لأنّ أخفَّ الضررين يُرتكَب من أجل درءِ أشدّهما، ومن المعلوم أنّ إجراءَ عمليّة قيصرية لجسم الميت من أجل إخراج الجنين .. يعني إجراء هذه العمليّة القيصرية من أجل إخراج الجنين ضرر أخف من ضرر قتل ذلك الجنين، وكذلك نرى أنّ الأخذ بهذا يجب، بل الدليل عليه من القرآن:}... وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ... {[ سورة المائدة، من الآية: 32 ]، وما قيل بأنّ ذلك في عالم الغيب وما كان في عالم الغيب لا تشمله الأحكامليس بشيء[2]، لأنّ الأجنة لهم أحكام، وإن كانوا في عالم الغيب، ولذلك من تسبب في إسقاط جنين لزمته ديته .. قضى النبي e في الجنين بغُرَّة عبدٍ أو أمَة؛ مع أنه لا يزال-كما قالوا-في عالم الغيب، ولكن لا يعني هذا أنّ الأحكام لا تشمله، فلذلك نرى إجراء العملية القيصرية من أجل إنقاذ هذا الجنين حتى يحيا؛ بل وجدت فتوى لشيخنا أبي إسحاق في هذا تنص على أنهم إن دفنوا المرأة مع وجود الجنين في أحشائها من غير إخراجه فعليهم دية الجنين .. تلزمهم دية الجنين مع التوبة؛ وهذا القول هو-كما قلتُ-من الصحة بمكان؛ وهناك قول آخر للحنابلة، قالوا: " يُخرَج لكن يخرج بطريقة ليست فيها تأثير على الميت ".. نَصّ على هذا صاحب " المُغْني "، وصاحب " الشرح الكبير " .. قالوا: " يُخرج الجنين ولكن بطريقة لا تأثير فيها على الأم " .. كيف يخرج ؟ قالوا: " يُخرج من موضع خروجه .. تُدخِل امرأة يدها من هناك وتجذِبه "؛ ولكن هذا القول هو من البعد بمكان، لأنه من المعلوم أنّ ذلك قد يسبب في موت الجنين نفسه، على أن إدخال اليد هناك أمر أيضا ينافي لما ينبغي أن يكون عليه احترام المرأة الميتة، فلا ينبغي ذلك، وإخراج الجنين بهذه الكيفية مما يؤدي إلى الكثير من المخاوف، منها أنهقديكونسبباذلك[3]لموت الجنين نفسه، وإجراء العملية القيصرية-وخصوصا مع تقدم الطب ومع إمكان الاحتراز من الأسباب التي تؤدي إلى المخاطر-لا ريب أنّ ذلك أسلم؛ و-على أيّ حال-أصحاب القول الأول-وهم الذين تشددوا في هذا الأمر، وقالوا بعدم جواز العملية القيصرية، وعدم جواز إخراج الجنين-قالوا بأنه إن كان يتحرك انتُظِر به من ساعة إلى ساعة حتى تسكن الحركة ولا يُخرج ثم تدفن المرأة، وقالوا أيضا: " ولا مانع من دفنها مع وجود تلك الحركة، فإنه في عالم الغيب ونحن لم نُتعبد بالمحافظة على ما في عالم الغيب "؛ وهذا-على أيّ حال-لا نُسوِّغ العمل به، وإن قاله أجلّة علمائنا رحمهم الله .. الذين لهم القدح المعلّى، وكان لهم القَدم في العلم والعمل، لكن مهما كانت الحالة الدليل هو أولى بأن يُتبَّع، فنأخذ بالقول الآخر، ونسأل الله تبارك وتعالى أن نكون قد أُلهِمنا الرشد بهذا
والأولى الآن أن يُؤذَّن للصلاة، لأنّ وقت الأذان حضر .
بسم الله الرحمن الرحيم

.. على أيّ حال، هناك قصة سمعتها من بعض الشافعية، وأنا لا أزال صغير السن .. ما اطلعت عليها في شيء من الكتب ..يقول عن الإمامين الشافعي ومالك اختلفا في هذه المسألة، ويقول بأنّ الشافعي كان في حلْقة الإمام مالك، وجاء رجل يستفتيه في امرأة توفيت وفي بطنها جنين ولما توفيت ظل الجنين يتحرك، فكيف يصنعون ؟ فأمر مالك بأن تدفن، فخرج الشافعي من الحلقة وتبِع الرجل وقال له: " شُقّوا بطنها وأخرجوا الجنين"، فخرج الجنين، وكبُر، حتى حضر حلقة الإمام مالك، فعرَّف الشافعي شيخَه مالكا بالجنين، وقال: " إنّ هذا أردتَأن تئده وكنتُ سببا لحياته " ..الله أعلم بصحتها .. القصة ما وجدتها مكتوبة، وعلى كل حال-كما قلتُ [ص9]-الشافعية يشددون في هذا، حتى أنهم قالوا بأنّ من جملة الأسباب التي يجوز نبش القبر من أجلها بل يؤمر بنبش القبر من أجلها أن تُدفن المرأة الحامل وفيها جنين يتحرك .. هنالك دلالة على حياته من غير أن يُشق بطنها ويُخرج الجنين .. قالوا: من جملة الأسباب التي تقتضي نبش القبر؛ وهناك نقطة لابد من مراعاتها .. على أيّ حال، كما قلنايُرتكب أخفّ الضررين لأجل دفع أشدِّهما ولكن لابد من مراعاة النقطة التي يُتفادى فيها ارتكاب الضرر الأخف من غير أن تتحقق مصلحة دفع الضرر الأشد، فقد يكون-أيضا-الجنين في بعض الأوقات لو أُخرج لا يمكن أن يعيش، وهذا أمر يمكن أن يُحدّد للمعايير التي عند الأطباء مع تقدم الطب،فيمكن معرفة ذلك، ويمكن مع تقدم الطب أيضا أن يُتفادى الخطر بأن يكون لهذا الجنين رحِم صناعي .. من المحتمَل ذلك، كما هو يقع الآن .. يصنعون رحما صناعيا للأجنة الذين يخرجون قبل أوقات الولادة عادة بحيث يتركونهم في زجاج .. يمكن أن يراعى هذا الأمر .
س30: فك ظفائر شَعر المرأة قبل التغسيل، هل هو واجب أم مستحب ؟
ج: لم أجد في ذلك سنّة، وإنما وجدت رواية .. الآن لا أستحضرها .. تفيد هذه الرواية بأنّ شعر المرأة يُظفر عندما يكون غير مظفور .. يظفر ولكن-على أيّ حال-يُغمَز الشعر كما تغمِز المرأة شعرها عندما تغتسل من الجنابة .
س31: معنى ذلك: لا داعي إلى فكه إن كان مظفورا ؟
ج: نعم .
س32: ماذا تقولون في تقليم أظافر الميت وقص شعره الزائد قبل تغسيله ؟
ج: هذه أمور كان التعبد بها في إِبّان الحياة، وبعدما توفي لا داعي إليها .
س33: هل لكم أن تشرحوا لنا كيفية تغسيل الميت كما ورد ذلك في السنّة ؟
ج: على أيّ حال، العلماء قالوا بناء على حسب ما فهموه من السنّة النبوية أنه كالغسل من الجنابة، ومعنى ذلك تقديم الأعلى على الأسفل وتقديم الأيمن على الأيسر .. النبي e أوصى النساء اللواتي غسَّلن ابنته بأن يُغسِّلنها ثلاثَ غسلات وأن يجعلن في الأخيرة شيئا من الكافور .. هكذا جاء، كما في صحيح البخاري وغيره؛ والعلماء اختاروا هذه الطريقة وهو أن يبدأ بالتغسيل ويُغسّل الغسلة الأولى، ثم إبان تغسيله الغسلة الثانية يمسح بطنه مسحا رفيقا، لعل هناك فضلات تَخرُج، ثم يُطهَّر بعد ذلك التغسيل، وعندما يطهر تطهيرا تاما ويُغسَل ما بين السرة والركبة ويُغسَل بعد ذلك ما تبقى من سائر جسده يُتوضأ له كوضوء الصلاة، و-على أيّ حال-من بعد هذا يُغسَل الغسلة الثالثة التي فيها شيء من الكافور .
س34: في الغسلة الثالثة، هل يمر على موضع العورة أم لا ؟ لأنه قد وضأه قبل ذلك .
ج: بعد التوضئة لا يمر على العورة .. من فوق الثوب .
س35: ماذا تقول في استخدام المنظفات الصناعية الموجودة الآن كالصابون والشامبو بدلا من السِّدر ؟
ج: هذه مواد لا نعلم على ماذا تحتوي، فلذلك-ولاسيما مع وجود السِّدر .. مع وجود الغِسل الذي فيه غنى عنها-نرى أن تُتبَع السنّة، وتترك هذه الأشياء التي لا ندري على ماذا احتوت .
س36: كيف يُغسّل من هم في الحالات التالية:
-من وجدت أعضاؤه متناثرة .
-ومن تداخلت أعضاؤه مع حطام المركبة بحيث استحال فصله عنها .
-وكذلك في حالة تقطع الأعضاء .
هل تجمع في كفن واحد أم يكفن كل عضو بمفرده ؟
ج: على أيّ حال، يُصب عليها الماء .. هذه حالة صعبة، ولا يمكن أن تُغسّل هذه الأعضاء بطريقة الترتيب، لأنها حالة صعبة .. هذا مع تقطعها ومع تداخلها حتى يكون الميت كأنه كومة من اللحم .. هذه حالة صعبة، فلذلك نرى الأوْلى في هذه الحالة أن يُعدَل إلى صب الماء عليه، ثم يُجمع ما بينها في كفن واحد، وتدفن جميعا .
س37: متداخل مع المركبة، لا يمكن إخراجه من هذه المركبة؟
ج: ما شاء الله، نسأل الله تعالى السلامة، لا إله إلا الله، على أيّ حال، في هذه الحالة يُصب الماء على المركبة، ويمكن أن تدفن المركبة جميعا معه .
س38: إذا وجدت بعض الأعضاء، بعضها لم يوجد ويوجد البعض، هل يشرع أيضا له التغسيل كما لو وجد الجسد كاملا ؟
ج: نعم، ولكن يصلى على الجهة التي فيها الرأس اللهم إلا إن فُقد الرأس ووُجد سائر الجسم يُصلى عليه .
س39: كذلك إذا تفحّم جسد بفعل حريق، هل يُغسّل ؟
ج: بصب الماء، لئلا يتهرّأ .
س40: إذا تعذر تغسيل الميت في هذه الحالة وغيرها من الحالات، ما هو البديل للغسل ؟
ج: يُتيمم له للوجه والكفين، كما يتيمم للحي .

س41: هل الضرب على التراب، بيدي الحي أو بيدي الميت ؟
ج: لا، بيدي الحي .
س42: يضرب على التراب ثم يمسح ؟
ج: نعم .
س43: عدد الأثواب المستخدمة في تكفين الرجل، وكذلك المستخدمة في تكفين المرأة ؟
ج: تراعى الأحوال .. حالة العسر واليسر، على أيّ حال، في حالة اليسر يُتوسع في الكفن، وفي حالة العسر يُضيق فيه، وأقل ما يجزي ثوب واحد يستر بدن الميت جميعا، اللهم إلا أن يكون غير موجود بحيث لم يوجد الثوب الذي يستره جميعا فيكتفى بما يستر، وعند التوسع أيضا لا يزاد على سبعة أثواب، ينبغي أن يكون الميت في إزار وقميص وعمامة ثم بعد ذلك تكون هنالك لِفافتان بحيث يكون خمسة أثواب كلها، وبالنسبة إلى المرأة إن زيد في اللفائف لأجل سترها أكثر فأكثر فذلك خير، لكن على ألاّ تزيد على سبعة كلها الأثواب[4] .. الإزار والقميص والخمار بالنسبة إلى المرأة واللفائف لا تزيد على سبعة جميعا .
س44: بدل الإزار يمكن يُستعمل السراويل ؟
ج: نعم، كلمة " إزار " تشمل السراويل .
س45: هل يلزم أن يكون الكفن أبيض وأن يكون غير مخيط أم يمكن أن يكون غير أبيض وغير مخيط ؟
ج: الأفضل أن يكون أبيض، أما كونه مخيطا أو غير مخيط لا دخل لشيء من هذا في ذلك .. الأفضل، ولكن لا يمنع أن يُكفَّن في غير الأبيض .
س46: هل يُشرع استخدام القطن، وما هي المواضع التي يوضع فيها ؟ وهل يجوز أن يحل غيره محله كأوراق المحارم في هذا الوقت ؟
ج: أوراق المحارم لا تغني عن القطن، على أيّ حال يُستخدم القطن مع الذَّريرَة في الأماكن التي يُسرِع إليها الفساد، فيستخدم القطن مع الذريرة في العينين والمِنخرين والأذنين والفم والإبطين وتحت الركبتين وكذلك بالنسبة إلى ما بين أصابع اليدين وأصابع الرجلين .. مع الذريرة .
س47: بعض الذين يغسّلون الموتى بعدما يُغسّلونهم يُكثرون من صب العطر على الميت، فماذا ترون في ذلك؟
ج: على أيّ حال، كل شيء خرج عن حده انقلب إلى ضده .. الإكثار لا ينبغي، وإنما يُطيَّب بمقدار .
س48: الحكمة من هذا التطييب ؟
ج: إذهاب الروائح الكريهة .
س49: وهذا يشمل الرجل والمرأة ؟
ج: نعم، كلاهما .

س50: كيف يتصرف المغسل إذا خرج شيء من النجاسات من الميت أثناء التكفين بعدما غُسِّل ؟
ج: يُغسَل ذلك الخارج وحده، ولا يعاد تغسيله .
س51: إذا كان خرج بعدما أكملوا التكفين ورأوا ذلك فوق الكفن، هل يُفك ذاك الكفن لغسل ذلك الموضع ؟
ج: لأجل التنظيف نعم إلا إن كان ذلك شيئا مستمرا، لا ينقطع .
س52: هل من السنّة أن يبخر الميت ويدار بالمجمر حول جسده عدة مرات ؟
ج: أما كونه من السنّة فإني لم أطلع على شيء من ذلك، وأما كون هذا مما استُحبنعم استُحب، لأجل إذهاب الروائح.
س53: يُذكر في كتب الفقه تسجية الميت، ما هي هذه التسجية؛ وما حكمها ؟
ج: " يُسجّى بثوب " معناه: " يُغطّى بثوب "، }وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى{[ سورة الضحى، الآية: 2 ] معناه: كأنه يغطي هذا الفضاء بظلمته .
س54: ما حكم هذه التسجية ؟
ج: التغطية حتى لا يُرى بالأبصار بعد ذلك .
س55: كيفية تكفين المحرِم ؟
ج: المحرِم يُكفَّن في ثوبي إحرام، فإنه يبعث يوم القيامة ملبِّيا، فلذلك يكفن في ثوبي الإحرام ولا يُقرَّب طيبا، كما أمر النبي e في الرجل الذي وَقَصَته ناقته وهو محرم .. فأمر أن يكفن في ثوبي إحرامه وألاّ يقرب طيبا، وعلل ذلك بقوله: ( يبعث يوم القيامة ملبيا )؛ والناس بناء على هذا-أيضا-اختلفوا في المرأة المعتدّة عِدّة الوفاة، هل تطيب أو لا تطيب ؟فكثير من الناس قاسوا المرأة عندما تموت وهي في عدة الوفاة على المحرم، فقالوا: " أيضا لا تقرَّب طيبا، وإنما تدفن كما هي .. طبعا تُغسّل وتكفن كالمعتاد ولكن من غير أن تقرب طيبا .. لا تطيب بشيء، لأجل المحافظة على العدّة "؛ وآخرون قالوا بغير ذلك؛ والقول الراجح أنها لا تعامل معاملة المحرم، فلا مانع من تقريبها الطيب، لأنّ العدة انتهت بوفاتها، ومسألة المحرم تختلف عن مسألتها، لأنّ المحرم إن مات وهو في حال إحرامه يبعث يوم القيامة ملبيا، كما قال الرسول e ، وهذه لا تبعث يوم القيامة معتدة، وإنما تبعث عروسا إن كانت تقية برّة صالحة .. تبعث عروسا فلا داعي إلى أن تجنَّب الطيب .. ليس بعثها كبعث المحرم .. المحرم لأنه يبعث ملبيا، أما هذه لا تبعث معتدة، فلذلك يختلف الحكمان، وأرى القياس هنا هو قياس مع الفارق .
س56: كيف يكفن الشهيد ؟
ج: على أيّ حال، الشهيد لا يغسل، وإنما يكفن في ثيابه: ( زملوهم في ثيابهم )، أي الثياب التي استشهد فيها .. هذا شهيد المعركة عندما يكون جهاد بين المسلمين وأعدائهم ويكون هذا الشهيد خارجا للقتال مع المسلمين، لا أيّ شهيد .. الشهداء كُثر، فإنّالمقتول دون ماله شهيد، وكذلك البطِين هو شهيد، والغريق هو شهيد، والسَّلِيم هو شهيد .. هؤلاء شهداء جميعا، ولكن حكمهم يختلف .. هذا الذي يُقتل وهو مقاتل في سبيل الله تعالى من أجل إعلاء كلمة الله ومع ذلك بشرط أن يموت في مكان المعركة، أما إن حُمل حيا ثم فارقت روحُه جسمَه بعد ذلك فإنه يعامل كما يعامل غيره .
س57: هل هذا الشهيد-أيضا-في الحرب مع المشركين أو حتى مع البغاة من الموحدين ؟
ج: بما أن السنّة لم تفرق ما بين هؤلاء وهؤلاء فيعامل الكل هذه المعاملة .. السنة ما جاءت بالتفرقة .. " شهيد المعركة " .
س58: يقول طائفة من الناس أنّ حمل الميت على الجنازة من البدع، أي في النعش المغطى بهذه الصورة التي نشاهدها هذه الأيام، وإنما يحمل هكذا مكشوفا، ما الوجه الصائب في هذه المسألة ؟
ج: هو-على أيّ حال-قد يكون الحمل الآن بالَغ الناس .. حتى في الزينة .. تُزيَّن الجنازة .. هذه أمور لا تنبغي .. ينبغي أن يشعر الكل بأنّ هذا ميت، وأن يشعر الكل بأنه يحمل إلى الدفن، لا أن يُخرَج وكأنه في موكب عرس، حتى كما يقول الشيخ أبو مسلم رحمه الله في " النِثار " .. يقول: " صارت فرائس الآجال كعرائس الحِجَال "، يعني الناس صاروا يزينون هذه الجنائز وكأنما ذلك موكب عرس .. لا؛ ومن الأمور التي هي مخالفة للسنّة ما يفعله الناس في وقتنا هذا من تغطية النعش بغطاء فيه آيات من القرآن الكريم .. هذه الحالة يجب تركها .. لا ينبغي ذلك أبدا .. ما الداعي إلى هذا ؟! القرآن الكريم لا يُعظَّم ولا يُصان بمثل هذه الطريقة، إنما تعظيم القرآن الكريم بالعمل به والمحافظة على تلاوته، لا بكتابته في غطاءٍ يغطى به النعش الذي يُحمل فيه الميت .. هذه حالة مخالفة للسنّة، فلا ينبغي فعلها، وإنما ينبغي أن يَشعر الناس بأنّ هذا ميت، فحمله بطريقة فيها عِظَة مبالَغٌ فيها أوْلى من أن يحمل بطريقة فيها شيء من تغطية العِظة .
س59: ما هي السنّة الواردة في حمل الجنازة، كيف يُحمل ؟
ج: على أيّ حال، أنا وجدت العلماء مختلفين في هذا؛ وما استطعت أن أتوصل إلى شيء ثابت عن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام .. وجَدتُ الناس مختلفين في هذا .. قالوا بأنه ينبغي أن يَحمِل المشيِّع من الجهات الأربع، ولكن اختلفوا مِن أيّ الجهات يَبدأ .. طبعا من الجهة الأمامية، لم يختلفوا في ذلك أنه يَبدأ من الجهة الأمامية؛ ولكن من أهل العلم من قال بأنه يَبدأ من يمين الجنازة على أن يَحمل هو في مَنكِبه الأيسر؛ ومنهم من قال: يَبدأ بيمين الحامل على أن يكون الحمل في المنكب الأيمن ثم ينتقل إلى الجهة اليسرى ثم ينتقل مرة إلى الجهة الأخرى من الأمام ثم إلى الجهة اليسرى كذلك؛ وما وجدت دليلا من السنّة يدل على أنّ أيّ الفعلين أولى بالأخذ به .
س60: هل يُشرع الذكر للإنسان أثناء الجنازة أو الأوْلى أن يكون ساكتا ؟
ج: على أيّ حال، من العلماء من قال بأنّ الذكر أوْلى .. " وذاكر الله كثيرا فازالكن من غير ضجيج بحيث يذكر كل واحد ربهI في خاصة نفسه .. يذكر الله في خاصة نفسه من غير أن يثير ضجيجا،وبخلاف الطريقة المتبَعة الآن .. الناس يرفعون أصواتهم ويشدّون الانتباه، وربما كانت تلك طريقة ألِفوها واعتادوها من غير أن يلامس هذا الذكْر شِغاف قلوبهم، فهذه الطريقة طبعا مخالفة للسنّة .. إنما ينبغي للإنسان إذا ذكَر أن يذكر الله في خاصة نفسه؛ وهذا رأي جماعة من أهل العلم؛ كما قال الإمام نور الدين السالميرحمهالله: " وذاكر الله كثيرا فازاومنهم من يرى بأنّ ذلك المقام أوْلى بأن يكون مقام صمت .. مقام اعتبار، بحيث يفكر، ولا يشغَل اللسان بالذكر وإنما يفكر في النهاية التي تنتظره، وتنتظر كل إنسان .
س61: ما حكم تقدم الجنازة؛ وهل يختلف حكم الماشي عن الراكب في هذه المسألة ؟
ج: على أيّ حال، تقدّمُ الجنازة منهم من رأى أنه أوْلى؛ وهذا رُوي عن طائفة من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم؛ ومنهم من قال: " بما أنه مشيِّع ولما كان مشيعا فالمشيع يكون خلف الجنازة .. أولى أن يكون خلفها، لا أن يكون أمامها "؛ هذا أيضا رأي طائفة من أهل العلم؛ و-على أيّ حال-إن كان راكبا فإنه يمشي خلف الجنازة، ولا يتقدمها .
س62: حمل الجنازة، هل الأفضل أن يكون على الأكتاف أم تكون محمولة على سيارة مثلا ؟
ج: تُحمَل على سيارة إذا كان المقبُرة بعيدة، أما حمل الجنازة على الأكتاف هذا هو الذي يَتفق مع السنّة، وهو أدعى إلى العبرة والاتعاظ من حمل الجنازة بالسيارة .

[1]-سقط من كلام الشيخ: " عليه " .

[2]-أي: ليس ذلكالقيل بشيء .

[3]-يمكن أن يقال: قد يكون ذلك سببا .

[4]-يمكن أن يقال: على ألاّ تزيد الأثواب كلها على سبعة .

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 05-10-2012 ]
 
 رقم المشاركة : ( 3 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



س63: بعض الناس عند حمل الجنازة يسرعون، وبعضهم يبطؤون كثيرا، فما هي الطريقة الصحيح في حمل الجنازة ؟
ج: الإسراع أوْلى، لأنّ الميت إما أن يكون مستريحا وإما أن يكون مستراحا منه، فالمستريح يُحمل لدار الكرامة.. لمقر الكرامة، والمستراح منه-والعياذ بالله-يُستراح منه بسرعة .
س64: لكن حد الإسراع ؟
ج: حد الإسراع بحيث لا يخُبُّون خَبّا .. لا يؤمر بالخَب .
س65: السؤال الأخير في هذه الجلسة .. هل يجوز للمرأة أن تتبع الجنازة وهي على مسافة من الرجال من غير أن تختلط بهم ؟
ج: ما شاء الله، من الأمور التي ينبغي أن ننبه عليها أنه في الكثير من البلدان تَخرج النساء وراء الجنازة في نِياحة وصراخويبقَيْن هكذا في حال تغسيل الميت، وهذا أمر ينبغي تركه بل يجب تركه .. لا معنى لقعودهن مع العويل والضجيج والصراخ، بل لا يتجاوزن البيت .. مما يُؤسف له أن يكون الميت رجلا يحمل إلى مكان التغسيل بعيدا عن بيته وتَخرج النساء وراء ذلك .. هذا أمر يجب اجتنابه، ويجب التنبيه على وجوب اجتنابه .. لا مانعلهذا[1] .. رفع الأصوات بالعويل والصراخ و ... إلى آخره هذا مما ينبغي تركه، كيف والمرأة-لأجل أنها شديدة هيجان العاطفة-نُهِيَت عن زيارة القبور حتى لا يكون في ذلك ما يدعو إلى هيجان عاطفتها، فكيف تخرج وراء الجنازة، والمرأة لا تشيِّع جنازة اللهم إلا أن يموت أحدٌ ذكرا كان أو أنثى بين نساء ولم يوجد معهن رجال فلا حرج فيه، بل عليهن في هذه الحالة أن يقُمن بدفنه .. ذلك أمرٌ واجب عليهن، وقالواكذلك: " إذا كان الرجال قِلّة ولم يمكنهم أن يحملوا الميت لقلتهم فهم في هذه الحالة-أيضا-يستعينون بالنساء .. لا مانع من أن يستعينوا بالنساء، لأجل الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها "؛ أما أن تخرج النساء وراء الجنائز-وخصوصا مع ما عُرفت به النساء من هيجان العواطف وتأثُّرهن السريع-فذلك أمر مخالف للسنّة، ومخالف لهدي القرآن الكريم، فيجب تركه، ويجب التنبيه على ضرورة تركه؛ والله المستعان[2] .
في الختام نشكر سماحة الشيخ العلامة على هذه الإجابات؛ وإن شاء الله تعالى ستكون هناك جلسة أخرى للإجابة على بقية الأسئلة بعد موسم الحج؛ والآن نطلب من سماحة الشيخ أن يدعوَ الله تعالى ونحن نؤمِّن، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنه .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا كما تحب وترضى، اللهم لك الحمد أنت الخالق الرازق المبدئ المعيد، لك الأمر كله، منك المبدأ وإليك الرجعى، ولك الحمد في الآخرة والأولى، نستغفرك ربنا ونتوب إليك، ونعول في إجابة دعائنا عليك، ونشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، ونشهد أنّ سيدنا ونبينا محمدا عبدك ورسولك؛ اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ اللهم إنّا نسألك بأنّا نشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد؛ نسألك ربنا ألاّ تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته، ولا عيبا إلا أصلحته، ولا غما إلا فرجته، ولا كربا إلا نفسته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا عافيته، ولا غائبا إلا حفظته ورددته، ولا ضالا إلا هديته، ولا عدوا إلا كفيته، ولا دعاء إلا استجبته، ولا رجاءًإلا حققته، ولا بلاءًإلا كشفته، ولا سائلا إلا أعطيته، ولا محروما إلا رزقته، ولا جاهلا إلا علمته، ولا ولدا إلا أصلحته، ولا ميتا إلا رحمته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضى ولنا صلاح ومنفعة إلا قضيتها ويسرتها في يسر منك وعافية؛ اللهم اجعل الموت خير غائب ننتظره، والقبر خير بيت نعمُره، واجعل ما بعده خيرا لنا منه؛ اللهم ربنا إنّا نسألك أن تهب كلا منا لسانا صادقا ذاكرا، وقلبا خاشعا منيبا، وعملا صالحا زاكيا، وإيمانا خالصا ثابتا، ويقينا صادقا راسخا، وعلما نافعا رافعا، ورزقا حلالا واسعا؛ ونسألك ربنا أن تهبنا إنابة المخلصين، وخشوع المخبِتين، ويقين الصديقين، وسعادة المتقين، ودرجة الفائزين، يا أفضل من قُصد، وأكرم من سُئل، وأحلم من عُصي، يا الله يا ذا الجلال والإكرام؛ اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دُنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادُنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر؛ اللهم أعِزّ الإسلام والمسلمين، وأذِلّ الشرك والمشركين، واقطع دابر أعداء الدين واستأصل شأفتهم يا رب العالمين، اللهم أحصهم عددا، وأهلكهم بددا، ولا تُبق منهم أحدا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا ثم اهتدى، اللهم عليك بهم فإنهم لن يعجزوك، اللهم أنزلهم من صياصيهم، واقذف في قلوبهم الرعب، واجعلهم يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، اللهم اقطع دابرهم واستأصل شأفتهم، اللهم افعل بهم كما فعلت بثمود وعاد وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، اللهم صُب عليهم سوط عذاب، وحل بينهم وبين ما يشتهون، وافعل بهم كما فعلت بأشياعهم من قبل؛ اللهم ربنا استخلفنا واستخلف عبادك المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، كما استخلفت من قبلنا من عبادك المؤمنين، ومكِّن لنا ديننا الذي ارتضيته لنا، وأبدلنا بخوفنا أمنا، وبذلنا عزا، وبفقرنا غنى، وبتشتتنا وحدة، واجمعنا على كلمتك، وألف بين قلوبنا بطاعتك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام؛ اللهم اردد كيدهم في نحورهم، وأعذنا من شرورهم، وامْحُ آثارهم، وأورثنا أرضهم وديارهم، واطمس على أموالهم، واشدد على قلوبهم؛ اللهم دمّر اليهود والنصارى ومن شايعهم، واقطع دابرهم أجمعين، وافعل بهم كما فعلت بأعدائك الأولين، اللهم طهر بيت المقدِس من رجزهم، وخلصه من أيديهم، واجعله في أيدي عبادك الصالحين المؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، إنك ربنا على كل شيء قدير، وإنك بالإجابة جدير، نعم المولى ونعم النصير؛ وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .

[1]-يظهر أنه وقع هنا سبق لسان، وعليه فلعل الشيخ أراد أن يقول: " لا معنى لهذا " .

[2]-أعاد الشيخ ذِكر هذه النقطة في جوابه على س11 من ج2، ص20 .

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 05-10-2012 ]
 
 رقم المشاركة : ( 4 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



الجزء الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين .. لا نُطيل في التقديم، ونبدأ بالأسئلة مباشرة .. كنّا قد انتهينا في الدرس الماضي عند أسئلة حمل الجنازة والوصول إلى مكان الصلاة وقبل أن نشرع في أسئلة الصلاة على الميت فهنالك سؤال عن تغسيل السَّقط .
س1: هل السَّقط يُغسَّل ؟ وإذا كان يغسل، ما هي المرحلة التي يبدأ فيها، يعني من المضغة فما بعد أم هنالك مرحلة معينة يُبدأ فيها التغسيل ؟
ج: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فنواصل الحديث بمشيئة الله تعالى وعونه وتوفيقه فيما يتعلق بأحكام تجهيز الموتى، لِما لهذا الأمر من الأهمية، فإنّ أفواج الناس يساقون فوجا بعد فوج إلى المقابر يوما بعد يوم، كما هي سنّة الله تعالى في خلقه، فهو تعالى كتب لنفسه البقاء، واستأثر به، وكتب على جميع خلقه الفناء، وأمضى ذلك عليهم، ونحن نحرص بقدر المستطاع أن تكون إجابتنا وفق ما تعلَّمناه وما نرجو أن يكون صوابا، وبين أيدينا الكثير من أهل الفقه والمعرفة الذين هم أولى بهذا المقعد مني، ولكن اقتضى الأمر أن أكون فيه، فكم أتمنى أن يوجهوني ويسددوني عندما أتعرض لشيء من الخلاف الذي يؤدي بي إلى الخطإ .
وقبل الإجابة على أيّ سؤال أوجّه التعزية إلى أصحاب المصيبة الذين كانوا مجتمعين هنا، فقد سمعتُ عندما وصلتُ إلى هذا المكان أنّ اجتماعا كان بهذا المسجد الشريف من أجل استقبال التعازي في مصيبة أحد من المسلمين ونحن نتضرع إلى الله Iأن يتغمّد موتى المسلمين-الذين وحّدوه وعبدوه وماتوا على ذلك-بواسع رحمته، وأن يبوّأهم مبوّأ صدق في جنته، وأن يغفر لنا ولهم إنه تعالى على كل شيء قدير، وإنه بالإجابة جدير .
السؤال الذي طرح الآن يتعلق بتغسيل السَّقط، متى يغسل ؟
الجواب: عندما يكون كامل الخِلقة يكون عندئذ جديرا بأن يُغسَّل، لأنّ التغسيل لا يؤثر عليه .. لا يسبّب شيئا من الأثر الذي لا يُحمد في جسمه[1]، بخلاف ما إذا كان مضغة أو كان علقة فإنه في مثل هذه الحالة يكون التغسيل سببا لتفتت هذه العلقة أو هذه المضغة، فلذلك ينبغي في تلكم المرحلة التي يتأثر فيها السقط بالتغسيل أن يُتفادى التغسيل، وإنما يغسل عندما يكون كامل الخِلقة، لا يؤثر عليه الغسل شيئا؛ والله تعالى أعلم .
س2: ما حكم الصلاة على الميت ؟
ج: الصلاة على الميت أشار إليها القرآن الكريم عندما نهى النبيَّe عن الصلاة على المنافقين، وثبتت عن النبي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة السلام، قولا وعملا، فهو e حرَص على الصلاة على الموتى .. موتى المسلمين، وأمر بها، وجاء في الحديث-الذي أخرجه الإمام الربيع رحمه الله عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد-عن ابن عباس رضي الله عنهما: ( الصلاةُ جائزةٌ خلف كل بَرٍّ وفاجر، وصلوا على كل بر وفاجر )، والمراد بالفاجر هنا الفاجر الذي لم يَخرُج عن الإسلام، أي الذي لم يَخلَع رِبْقَة الإسلام من عنقه، أما إن كان فجوره وصل به إلى أن خلع ربقة الإسلام من عنقه .. وذلك بأن أنكر ما عُلم من الدين بالضرورة فهذا ليس من الأمة المسلمة، ويحول فجوره بينه وبين استحقاق الصلاة عليه، لأنه لا يعطى شيئا من أحكام المسلمين-فلا يدفن في مقابرهم، ولا تُشيَّع جنازته-اللهم إلا أن توارى جثته من أجل ألاّ تُؤذي المسلمين بِنَتْنِها، ولكن لا يعطى أحكام المسلمين، وليس لقبره شيء من حرمات قبور المسلمين؛ ودل الحديث الآخر على ما هو أعظم من ذلك، فإنّ الرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول في الحديث الآخر-وهو مروي أيضا في مُسنَد الإمام الربيع بن حبيب رحمه الله-:( الصلاة على موتى أهل القبلة المقرِّين بالله ورسوله واجبة، فمن تركها فقد كفر )، أي كفر كفر نعمة، وهذا يُؤكّد وجوب الصلاة، فإنّ النبي عليه أفضل الصلاة والسلام لم يكن ليقول: ( من تركها فقد كفر ) إلا لأنّ تركها إنما هو ترك لأمر واجب .. لأمر مفروض، وهو ممّا يؤكد وجوب الصلاة على الأموات ولكنّ هذا الوجوب ليس هو وجوبا عَيْنِيا، بحيث يلزم كل من حضر بعينه، فإن قام بذلك البعض سقط عن الباقين، أما إن تمالأ الجميع على ترك هذا الواجب عندئذ يأثمون جميعا، أي يشتركون في الإثم، أي إن تمالأ الكل وقد علموا بموت ميت، فكل من علم بموت ذلك الميت ولم يشتغل بالصلاة عليه فإنه يأثم إن لم يُصلَّ عليه بحيث دُفن ولم يُصلَّ عليه .
س3: وضْع الميت أثناء الصلاة عليه .. هل يوضع على جنبه مستقبلا للقبلة أم على ظهره مضطجعا ؟
ج: على أيّ حال، ينبغي أن يكون وضعه عندما يصلى عليه كوضعه عندما يدفن، وذلك بأن يوضع على جنبه الأيمن ويكون وجهه للقبلة، ويُصلّى عليه عندئذ، أما لو وُضِع على خلاف هذه الهيئة لا شك أنّ ذلك يجزي، ولكنّ هذه الهيئة هي أفضل .
س4: أين يقف الإمام من الميت ؟
ج: هذا مما وقع فيه الخلاف بين أهل العلم؛ هل يقف عند رأسه؛ أو جهة صدره؛ أو يقف على الرجل عند رأسه وعلى المرأة عند صدرها؛ أو خلاف ذلك؛ أو يقف عندما يصلي على المرأة في الوسط؛ وهذا روي عن أنس رضي الله تعالى عنه، ورَفَعَه إلى الرسول عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام؛ فينبغي الاقتداء بذلك، و-على أيّ حال-أينما وقف الإنسان فالصلاة مجزئة .. لا يقال بأنّ الصلاة غير مجزئة .
س5: يعني: يُوقَف عند الوسط [...الصوت هنا غير واضح في الشريط للأسف...] المرأة ؟
ج: في المرأة نعم .. هكذا روي عن أنس رضي الله تعالى عنه .
س6: كيفية الصلاة على الميت ؟
ج: على أيّ حال، الكيفية فيها خلاف؛ وللعلماء نظر ورواية أثر؛ ونحن نميل إلى الأخذ بالأثر مع ثبوته، إذ لا حظ للنظر مع الأثر، فنرى أن يُكبّر، وبعد تكبيرة الإحرام يقرأ المصلي سورة الفاتحة الشريفة،-وإن كان من العلماء من يقول لا تقرأ الفاتحة في الصلاة على الميت، لأنها ليست كسائر الصلوات، وإنما هي مجرد دعاء للميت .. مجرد شفاعة للميت؛ ولكن في نفس الفاتحة دعاء، فينبغي ألاّ يُترك ذلك؛-ثم يُكبِّر التكبيرة الثانية، ويُصلِّي على النبي صلوات الله وسلامه عليه،-وقيل: بل يأتي بالفاتحة الشريفة؛ ولكن هذا-كما قلنا-جاء به الأثر، واتباع الأثر أولى؛-ثم يُكبِّر التكبيرة الثالثة، ويدعو .. يَخص الميت بالدعاء إن كان من المرتضين، ويدعو لجميع المؤمنين والمؤمنات، ويدعو لنفسه على أيّ حال، لكن عندما يكون الميت غير مرضي يدعو للمؤمنين والمؤمنات، فإن كان مات على توبة فهو يدخل في ضمن أولئك المؤمنين والمؤمنات، ويتقبل الله تعالى الدعاء، ثم بعد ذلك يُكبِّر التكبيرة الرابعة، ثم يُسلِّم تسليمة يصفح بها على جهة يمينه وعلى جهة يساره .
س7: بالنسبة للتوجيه لصلاة الجنازة، بعض العلماء يَذكر أنه يقال مثلا: " سبحان الله الجليل الكبير، سبحان الله العظيم، سبحانك اللهم وبحمدك "؛ وبعضهم يذكر توجيه الصلاة المعهود، فهل ورد أثر في ذلك ؟
ج: على أيّ حال، الروايات في هذا ما أظنها تصل .. هذا أمر يعود إلى الخبراء بعلم الروايات، ولكنها لا تصل إلى مرتبة تقتضي أن يُعوَّل على طريقة بعينها .. من فعل أيًّا من ذلك نرجو أن يكون ذلك مُجزِئًا له إن شاء الله.
س8: من الأوْلى بالصلاة على الميت، هل يراعى في ذلك القرابة النَّسَبِيَّة أم الصلاح؛ وإذا رُوعي القرابة، فمن الأوْلى من ناحية القرابة ؟
ج: على أيّ حال، مراعاة القرابة هذا مما يدخل في رعاية وِلاية شؤون الميت، لأنّ القريب أوْلى، ولكنّ القريب إن لم يكن أبَرَّ وأفضل فلا ريب أنه يأمر من كان ترجى شفاعتُه، أي يرجى قبول شفاعتِه .. من كان أبر وأتقى وأقرب إلى الله I وأعلم-بحيث يكون أفقهَ في دين الله-فهو أوْلى بأن يأمره القريب أن يُصلِّي على الميت؛ والقريب .. يُقدَّم الأقربفالأقرب، ومن أجْل حقوق الأبوة فعندما يكون الأب موجودا لا ينبغي أن يتقدم غيرُه، لا يُقدّم الابن على الأب مثلا، فيأمر الأب أو يتقدم هو للصلاة عليه، ثم بعد ذلك الأبناء، ثم أبناؤهم، ثم بعد ذلك الإخوة بحسب قرابتهم وقوة هذه القرابة .. الأخ الشقيق يتقدم على غيره، ثم الأخ الأبوي، ثم أبناء الإخوة، وهكذا .
س9: بالنسبة لأوقات صلاة الجنازة، هل هنالك أوقات تحرم فيها الصلاة ؟
ج: نعم، حديث عقبة بن عامر-في صحيح مسلم-دل على أنّ ثلاثةَ أوقات كنّا نُنهى فيها عن الصلاة، وأن نَقبُرفيها موتانا،-فإذا كان دفن الميت في هذه الأوقات الثلاثة منهيا عنه فأولى أن يُنهى عن الصلاة عليه فيها، وقد أطلق هو عندما قال: " كنا نُنهى فيها عن الصلاة "، وتدخل في ذلك الصلاة على الموتى،-وهي وقتُ طلوع الشمس إلى أن تستكمل طلوعها، أي عندما يَشِعّ قرْن منها .. يبدأ ظهور شعاعها[2]، وعندما تبدأ-أيضا-في الغروب حتى تستكمل غروبها، وعندما تكون في كبد السماء-أي عندما تتوسط السماء في وقت الاعتدال بين طرفي الصباح والمساء-حتى تزول-أي حتى تنقلب إلى جهة الغرب-وذلك في الحر الشديد .. في هذه الأوقات الثلاثة لا يصلى على الموتى فيها، ولا يدفنون فيها .
س10: إذا حضرت جنازة وصلاة مكتوبة، فأيهما يُقدم، هل يُبدأ بالصلاة المكتوبة، أم يبدأ بالجنازة ؟
ج: إن كان في الوقت متسع ويُخشى على الميت أن يتأثر بإبقائه فيصلّى عليه أوّلا، من أجل الإسراع في دفنه، وأما إن كان وقت المكتوبة ضيقا فالأوْلى أن يُبدأ بالمكتوبة .
س11: صلاة النساء على الميت .. هل يمكن أن تصلي النساء على الميت منفردات أو مع الجماعة ؟
ج: النساء يصلين مع الجماعة لا منفردات إلا إن لم يوجد الرجال الذين يصلون على الموتى، في هذه الحالة يصلين هُنَّ، لئلا يدفن الميت من غير أن يصلّى عليه .. عندما ينعدم الرجال نهائيا؛ ولكن لا ينفردن بأنفسهن بالصلاة عليه؛ وهناك نقطة أيضا ما أدري هل ذُكرت في الجلسة السابقة أو لم تُذكر[3] .. مما هو شائع في بعض المجتمعات أن تَخرج النساء وراء الميت عندما يُحمل إلى مكان تغسيله بالنواح ويكنّ هنالك حول الرجال بل ربما يختلطن بالرجال، وهذه من البدع، ومن الأمور التي تخل بالآداب، وتخل بتعاليم الإسلام، فلذلك يجب مكافحة ذلك .. نحن ندعو الرجال أوّلا أن يتقوا الله سبحانه، وأن يأمروا نساءهم بالكفّ عن الخروج إلى هذه الأماكن، وندعو النساء إلى أن يتقين الله، وألاّ يخرجن إلى هذه الأماكن، فإن كان الميت أنثى فإنّ النساء هنّ يتولّين تغسيلها من أوّل الأمر، ولا ينبغي أن يَخرجْن وراء جنازتها-وقد حُمِلت-بشيء من الصراخ والعويل والنواح، فإنّ ذلك مما يخالف تعاليم الإسلام، وأما إن كان الميت ذكرا فأوْلى ألاّ يشترِكن في تغسيله بالحضور .. يتولى ذلك الرجال ولا تتولى ذلك النساء، فخروجُهن من البدع، وعلى الجميع أن يتقوا الله تعالى، وأن يَحذروا ذلك .
س12: هل يُشرع الاستدراك في صلاة الجنازة ؟
ج: صلاة الجنازةاختلف العلماء فيها أوّلا هل يدخل من فاته شيء منها؛ أو لا يدخل؛ وبناء على الدخول هل يكتفي بما أدركه ولا يأتي بما فاته؛ أو أنه يأتي بما فاته، كما يصنع في سائر الصلوات؛ وهذا حسن، قياسا على الصلاة المفروضة، إذ لا فرق بين هذه وتلك .
س13: بناء على ذلك يعني المستدرك لا يعرف أين الإمام .. دخل وسمع الإمام يكبر .. لا يعرف هل الثانية .. الثالثة، كيف يتصرف أثناء الدخول ؟
ج: يَبدأ بقراءة الفاتحة كأنما دخل أوّل مرة، ولا حرج عليه من بعد ذلك أن يأتي بما لم يدركه .. المراد أن يشترك مع المصلين في الشفاعة للميت .
س14: هل تجوز الصلاة على الميت بالنعال أو الحذاء ؟
ج: نعم لا مانع من ذلك مع طهارة النعال والأحذية، فإنّ الصلاة على الميت ليس فيها ركوع ولا سجود، والنهي عن الصلاة بالنعال نظرا إلى أنّ النعال في أوقاتنا هذه تختلف عمّا كانت عليه سابقا، فهي تَرفع الأصابع عن الأرض، بحيث لا يتمكن المصلي من وضع أصابعه في الأرض، فيتمكن من السجود على سبعة آراب، كما جاء في الحديث عنه صلوات الله وسلامه عليه، وبما أنّ هذه الصلاة ليس فيها ركوع ولا سجود فلا مانع من ذلك .
س15: ذكر العلاّمة أبو مسلم رحمه الله تعالى عددا من الأحاديث استحبابالصف المأمومين ثلاثة صفوف عند صلاتهم على الميت وكذا جاء في كتاب " فقه السنّة " للسيد سابق ولو كان قليلا، فهل ترون ذلك أم الأوْلى استكمال الصفوف كالفرائض بناءً على عموم الأحاديث ؟
ج: أنا-حقيقة الأمر-لا أدري عن هذه الروايات، ومدى صحتها، وأناما لا أدريه لا يجوز لي أن أُقحِم نفسي فيه، وإنما أكِلُ ذلك إلى ذوي الخبرة في هذا المجال، فإن كانت هذه الروايات ثابتة فهي مخصِّصة لتلكم العمومات، وإن لم تكن ثابتة فالأخذ بتلك العمومات أوْلى، فيُقدَّم الصف الأوّل حتى يستكمل، ثم بعد ذلك الصف الذي يليه، ثم الذي يليه، وهكذا .
س16: إذا تعدد الأموات، هل يصلى عليهم صلاة واحدة أم كل بصلاته؛ وكيف يُصَفُّون ؟
ج: لا مانع من أن يُصلّى عليهم جميعا صلاة واحدة، وهذا ممّا ثبت في السنّة .. في صلاة الرسول e على الشهداء .. شهداء " أُحُد وغيرهم؛ فإذن يمكن أن يُجمَعوا وتصلى صلاة واحدة تشملهم جميعا؛ وقد قال العلماء بأنه يُقدَّم الأفضل فالأفضلبحسب المراتب وبحسب الأجناس .. الأفضل فالأفضل، ومعنى ذلك أنّ الصّالح يُقدّم على من جُهِل حاله، ومجهول الحال يُقدّم على من عُلِم فجوره .. هذا في الجنس الواحد، ثم إذا جئنا إلى الأجناس-أيضا-فإنه يُقدّم جنس الرجال على غيرهم، فيُقدّم الرجال أوّلا على الأطفال الذكور، ثم الأطفال الذكور يُقدّمون على النساء، ثم النساء يقدَّمن .. أي النساء البوالِغ على النساء اللاتي هن في مرحلة الطفولة، وهكذا، ويراعى في ذلك فضلهم، فيقدم الأفضل على المفضول، ولكن إلى أيّ جهة يُقدَّم الأفضل على المفضول؟ قيل: إلى جهة الإمام؛ وهذا أوْلى .. أن يكون الأفضل أقربَ إلى الإمام .. أي أقرب إلى مكان الدعاء، لأنّ الإمام هو الذي يدعو لهذا الميت .. يشفع له، وقيل: أن يكون أقرب إلى القبلة؛ وهذا رأي لا حرج على من أخذ به؛ والله تعالى أعلم .
س17: الصلاة على الغائب هل هي مشروعة؛ وهل يُشرع ذلك مطلقا أم يخصص بما إذا كان لم يُصلَّ عليه مثلا في البلد التي توفي فيها ؟
ج: الصلاة على الغائب ثبتت عن النبي عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، عندما صلى على النجاشي .. نعاه وأمر أصحابه بأن يصلوا عليه؛ وحاول بعض العلماء أن يردّ هذا ببعض الاستدلالات التي استدلوا بها، منها أنّ النجاشي لم يكن صُلِّيَ عليه، ومنها أنّ الأرض سوِّيَت للنبي e حتى أبصر النجاشي، ومنها، ومنها...، ..لكن هذه كلها ليس عليها من دليل .. هذه الردود ليس عليها من دليل، فالأخذ بهذا الدليل أوْلى، وقد عمل به كثير من العلماء .. صاروا يأخذون بهذا الرأي جيلا بعد جيل .. صاروا يصلون على الموتى وهم في الأماكن البعيدة؛ وإن كان هنالك من علماء المسلمين-من المذاهب الإسلامية كالحنفية مثلا والمالكية-لا يرون الصلاة على الغائب، إلا أنه وُجد ذلك وثبت عن الرسول e-كما قلنا-وحمل المأثور الثابت عنه عليه أفضل الصلاة والسلام على ما ذهبوا إليه من التأويلات أمر فيه تكلف، فلا ينبغي العدول عن ذلك، فيصلى عليه، وهذه الصلاة شفاعة، ولما كانت شفاعة ما المانع من أن يصلِّيَ البعيد؟! ذكر ابن العربي عن فخر الإسلام،-وكان ابن العربي-بطبيعة الحال-مالكيا، والفخر كان شافعيا، وكان المالكية لا يرون الصلاة على الغائب، كالحنفية،بينما الشافعية يرون الصلاة على الغائب، وبهذا يأخذ أصحابنا، وهو أيضا قول الحنابلة-.. ابن العربي يقول: "كنا عند فخر الإسلام بخراسان وكان يأتيه آتٍ من العراق أو من أيّ بلد سحيق فيقول له:' كيف فلان ؟ ' فيجيبه: ' قد توفي ' فيقول: ' إنا لله وإنا إليه راجعون ' ثم يقول لنا:' قوموا أصلِّي بكم ' وبيننا وبينه ستة أشهر !ويستغرب من هذا الأمر .. يقول: " وبيننا وبينه ستة أشهر ! " .. طيب، ما المانع من ذلك ؟!هذه شفاعة .. ما المانع من القيام بهذه الشفاعة ؟! لا نجد مانعا يمنع من ذلك .

س18: إذا دُفن الميت من غير أن يُصلى عليه، ما الحكم؛ وكيف يتصرفون ؟
ج: إذا دُفن الميت ولم يُصلِّ عليه فإنه في هذه الحالة يصلى على قبره، لأنّ هذه شفاعة، فلا مانع من أن يصلى على قبره،-لأنه من باب الدعاء، وليس أكثر من ذلك-.. حتى لا يكون غادر هذه الدنيا من غير أن يصلى عليه.
س19:ننتقل الآن إلى أسئلة الدفن .. ما هو العمق المناسب للقبر، وأين يكون شَقّ اللحد ؟
ج: العمق إنما هو بقدر ما يمنع الحيوانات المفترسة أن تصل إلى الميت ويمنع أيضا ظهور الرائحة الكريهة من جسد الميت .. هذا هو العمق، ولا يُقدَّر ذلك بقَدَر معين، وإنما قالوا:" إنّ هذا هو أقل ما يمكن أما الأكثرفإنه نصّ بعض أهل العلم على أنه لا ينبغي أن يُتجاوز به مقدار قامة وبسطة؛ وهذا إنما هو في الأماكن الدَّمِثَة، أما الأماكن الصلبة الحُزُون لا يمكن أن يُحفر فيها مع هذا المقدار، فكيف بحزون الجبال يُمكن أن يُحفر مقدار قامة وبسطة ؟!هذا شيء صعب جدا،ولكنعلى أيّ حالأقل ما في ذلك أن يكون بمقدار ما يمنع من تسرب الروائح إلى الخارج وبقدر ما يمنع أيضا أن تصل إليه الحيوانات المفترسة.
س20: اللحد والشق، أيهما أوْلى ؟
ج: الأوْلى اللحد، لأنه هو الثابت في السنّة، وقد اختاره الله تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه .. النبيe دُفِن في لحد، ولم يدفن في شق، واللحد إنما هو في الجهة الأمامية من القبر مما يلي القبلة .. أي من جهة القبلة .. يُلحَد له في داخل القبر، بحيث يحفر له من جهة القبلة داخل القبر ثم بعد ذلك يوضع له ما يمنع من وصول التراب إليه من الصخور الواقية، أو نحو ذلك حسب الأحوال في البلدان، فإنّ بعض الأماكن لا توجد فيها صخور ولذلك يستعملون الأمور الواقية الأخرى .. في بعض البلدان يستعملون الألواح لتقِيَ وصول التراب إلى الميت .. هذا في جهة؛ وأما الشق فهو في الوسط؛ ومن أجل رغبة العلماء في اللحد قال الإمام أبو نبهان رحمه الله تعالى: " إن أمكن اللحد فلا يستعمل الشق ".

[1]-يمكن أن يقال: لا يسبّب في جسمه شيئا من الأثر الذي لا يُحمد .

[2]-يمكن أن يقال: وقتُ طلوع الشمس-أي عندما يَشِعّ قرْن منها .. يبدأ ظهور شعاعها-إلى أن تستكمل طلوعها .

[3]-لقد ذكرها الشيخ في جوابه على س65 من ج1، ص15 .

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 05-10-2012 ]
 
 رقم المشاركة : ( 5 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



س21: عند تنزيل الميت في القبر، ماذا يقدم، هل تقدم الرجلان أم يقدم الرأس ؟
ج: تقدم الرِّجلان، ثم بعد ذلك ينزل ما كان في الجهة العلوية .
س22: من الأوْلى بتنزيل الميت إلى قبره ؟
ج: أما العلماء فإنهم يقولون بأنّ الأقرب إليه هو أولى بتنزيله وخصوصا المرأة، وقد قالوا بأنه يلي مكان عَجِيزَتها منها الزوج إن وجد فإن لم يوجد فذو المحرم .. أي يمسك بالوسط منها .. هذا كلام أهل العلم؛ ولكننا نجد أنّ النبي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام عندما ماتت ابنته التي كانت زوجًا للخليفة عثمان لم يأمره هو بالنزول، ولم ينزل النبي صلوات الله وسلامه عليه بنفسه، وإنما أمر بعض الصحابة الآخرين؛ وفي هذا ما يؤذِن بجواز نزول غير الزوج وغير الأقارب، ولربما قيل بأنّ هذا التصرف منه صلوات الله وسلامه عليه لأنه ولي أمرها فهو ولي أمر المؤمنين والمؤمنات جميعا وهو يقدم من يشاء ويؤخر من يشاء ولو كان ذلك بحضور الزوج، إلا أنه يُستأنَس بهذا أنه لا مانع من أن يَنْزِل الأجنبي مع وجود القريب .

س23: هل هنالك ذكر أو دعاء ينبغي أن يقوله واضع الميت في لحده ؟
ج: ينبغي أن يقول: " بسم الله، وعلى ملة رسول الله e "، ويدعو الله بما يتيسر .. يسأل الله لنفسه حسن الخاتمة والموت على التوبة النصوح، ويدعو للميت-إن كان من أهل الوَلاية-بدعاء الخير، وإلا فللمؤمنين والمؤمنات .
س24: يذكر العلماء في مصنفاتهم بأنه بعد وضع الميت في لحده يُكشف عن وجهه، فهل ذلك من السنّة ؟
ج: وجدنا للعلماء خلافا كثيرا في هذا؛ منهم من قال: يُكشف عن وجهه جميعا؛ ومنهم من قال بأنه يُكشف عن العين اليمنى ليرى الملَك عندما يأتيه؛ ومنهم من قال بأنه تُحَل الأحزمة بقدر ما يتمكن جنبه من الوصول إلى الأرض وتقدم اليد اليمنى حتى يتمكن الجنب من الوصول إلى الأرض؛ وعلى أيّ حال أنا لم أجد في الروايات ما يدل على شيء من هذا، والتعليل برؤية الملَك وعدم رؤية الملَك هذه أمور غيبية، وذلك عالَم له طبيعته .. عالَم البرزخ يختلف عن عالَم هذه الدنيا، فالله تبارك وتعالى قادر إذا جاءه الملَكُ أن يُرِيَه الملَكَ[1] على أيّ حال من الأحوال، وما وجدتُ في السنّة ما يدل على هذا، وقد يكون هذا لقلة اطلاعي على الروايات .
س25: هل الأوْلى لحاضري الدفن القيام أم الجلوس، لأنّ البعض يقول:إنّ الله تعالى قال لنبيه:} ... وَلاَ تَقُمْ عَلَىقَبْرِهِ ... {[ سورة التوبة، من الآية: 84 ].. قال:إنّ الأصل في أثناء الدفن القيام وأنّ جلوس النبي e إنما كان لعارض لأجل مخالفة اليهودي الذي مر بهم حينئذ، فهل يستقيم هذا الاستدلال، وماذا ترون ؟
ج: أما قول الله تعالى: }وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ{[2]هذا لا يعني بحال من الأحوال مشروعية القيام في حال الدفن من أول الدفن إلى آخره .. لا، والرواية التي جاءت دلت على أنّ الرسول e لما مر به يهودي وكان واقفا وكان أصحابه وقوفا فقال: " هكذا تصنع أحبارنا" فقعد النبي e وأمر أصحابه بالقعود؛ هي التي ينبغي الأخذ بها والتعويل عليها، وترك القيام .. قد يقال حتى في الآية الكريمة بأنها كانت قبلَ هذا الفعل منهe ، والفعل بَيَّن كيفية توجيه ما في الآية الكريمة .. نعم لابد من أن يكون هنالك قيام عندما يُنزَل الميت، فلعل القيام المشار إليه هذا القيام في وقت إنزاله .. لا يمكن أن ينزلوه وهم في حالة قعود أو أن يكون المتلقي للجثة وهو داخل القبر .. أيضالا يمكن أن يكون قاعدا، ويمكن أن يُحمل القيام على أنّه مطلق الوجود حول القبر .. لعل هذا هو المراد، ويمكن أن يكون القيام في زيارة القبر بعد موت الميت بعد أن يدفن، فإذن لا دليل في الآية الكريمة على مشروعية القيام عند الدفن، وإنما الأخذ بما دلت عليه السنّة أسلم وأحوط وأنزه؛ والله تعالى أعلم .
س26: متى يبدأ هذا القعود، هل عندما يوضع في القبر أو قبل ذلك ؟
ج: نعم، عندما يوضع في القبر اللهم إلا الذين يتولون أن يُهيلوا التراب عليه فإنه لابد من تحركهم .
س27: تغطية القبر بشيء من الثياب أثناء إنزال الميت هل هو مشروع؛ وهل المرأة والرجل في ذلك سواء ؟
ج: أنا لم أجد على ذلك دليلا .. على هذه التغطية، وإنما هذه مما استحبها الناس ولاسيما في المرأة، من أجل صون المرأة عن الأنظار .
س28: هل التوحيش أو الضرب بالمسحاة حول القبر بعد دفنه مشروع ؟
ج: أما المشروعية فلا .. ليس في ذلك رواية عن الرسول عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام، ولا عن الصحابة، ولا عن السلف، وإنما هذا شيء وُجِد في بعض الأماكن، ولعل منشأَه بعض الأوهام، فإنهم يسمونه توحيشا،والقصد بالتوحيش أنه يُوَحِّش السباع حتى لا تَدنو من القبر بحيث تتوهم بأن شباكا وُضع لها، ولكن ما يُدرينا بما في نفوس السباع ؟! وما هو الدليل على هذا ؟ ما الذي يدرينا بذلك ؟! وسئل عنه الإمام أبو نبهان رحمه اللهفقال:"لا أدري بأنّ فيه مصلحة، فإن كان فيه مصلحة فلا حرج"، قال الإمام السالمي رحمه الله:"ولا مصلحة فيه"، ومعنى ذلك أنه لا ينبغي أن يؤخذ به .
س29: بعدما يدفن، هل يُشرع قراءة الفاتحة؛ وإن كان لا يُشرع، فما هو الثابت في السنّة ؟
ج: قراءة الفاتحة على الميت لم تأت به سنّة عن الرسول e، ولا ينبغي إحداث ما لم يكن منه صلوات الله وسلامه عليه، على أنّ المقابر جاءت الروايات مشيرة بأنها ليست مكانا لقراءة القرآن الكريم، ومن أجل هذا أمر النبي e أن يُقرأ القرآن في البيوت وألاّ تُجعل قبورا؛ ومعنى ذلك أنّ القبور ليست أمكنة لقراءة القرآن، فلا ينبغي أن تقرأ الفاتحة، وإنما ينبغي الدعاء، كما جاء في حديث البراء، إذ أمر النبيُّ e بأن يُدعا للميت بالتثبيت:( ادعوا لأخيكم، فإنه يُمتحن الآن ) .. يعني يُختبر من قِبَل الملَكَين، فلذلك ينبغي أن يُعدَل إلى الدعاء بدلا من قراءة الفاتحة الشريفة .
س30: ورد في بعض الروايات تلقين الميت الشهادتين لتثبيته عند سؤال منكر ونكير، فهل هذه ثابتة؛ وعلى ماذا عملكم ؟
ج: على أيّ حال، هذه الرواية أخذ بها بعض علماء المذاهب الإسلامية؛ وتركها آخرون، لأنهم قدحوا في صحة إسنادها، فرأوا تركها أولى، ولم يأخذوا بها؛ والنبي e حضر دفن كثير من الموتى ولم يُروَ عنه في هذه المواقف إلا هذه الرواية الضعيفة .. هذه التي ضُعّف إسنادها .. لم يُرو عنه أنه كان يأمر بالتلقين، ولو أمَر بذلك لكان شائعا، لأنّ الحال يقتضي أن يشتهر مثل هذا، لأنّ حالات الدفن تتكرر كثيرا، فكم شَهِد النبي e من دفن، وكم شهد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم من دفن، وما كان هنالك تَكرُّر لنقل هذه الرواية، ولو كان ذلك مما ثبت لاشتهر ذلك .. أي لاشتهر ذلك اشتهارا واسعا .
س31: هل يُستحب وعظ الناس بعد الدفن مباشرة .. نجد بعض الناس يقومون بعدما يُدفن الميت فيخطبونخطبة في الناس يعظونهم ويذكرونهم بالله واليوم الآخر، فهل ذلك مشروع ؟
ج: على أيّ حال، المقام مقام اتعاظ، والمقام مقام ازدجار، والواقع كما يقول العلاّمة أبو مسلم رحمه الله:
ليس العظات بما يقول مُذكِّرٌ
كم للمنون لو اعتبرنا من يدٍ
مثلَ العظاتِ بمصرع الأعمارِ
في سلبها الأرواح بالتـذكار
فإذن المقام مقام ادّكار، وينبغي لكل إنسان أن يدّكر، ولكن هل الأوْلى تذكير من لم يدّكر أو يُترك الناس للاعتبار بالموقف ؟ فإنّ العظات مهما كانت بلاغتها والكلمات مهما كان اتساع معانيها في الدّلالة على الوعظ إلا أنّ شاهِد الحال أقوى من شاهد المقال، والاتعاظ بالمقام أوْلى، فالقضية هي محل نظر؛ أما إذا كان الناس من شأنهم أن يدّكروا ومن شأنهم أن يعتبروا بهذا الموقف فالأوْلى أن يُتركوا وشأنهم، وألاّ تُقطَع حبال ادّكارهم .. حبال اتعاظهم وتفكرهم في هذا الأمر؛ أما إن كان الأمر بخلاف ذلك، بحيث إنهم يُشيِّعون الموتى إلى المقابر ميتا بعد ميت .. يشيعون جنازة إثر جنازة ولا يتعظ أحدهم .. يشهدون هذه المشاهد وهم يمرحون ويشتغلون بحديث الدنيا وينهمكون في المجادَلات التي تتعلق بشؤون هذه الحياة الدنيا فالأولى تذكيرهمحتى لا يظلوا سادرين في غيهم، منهمكين في شؤون دنياهم، ناسين لهذا المنقلب الذي ينقلب إليه كل إنسان .
س32: بعد دفن الميت، هل يشرع رشّ قبره بالماء أم لا ؟
ج: نعم، يؤمر رشّ قبره بالماء ليتساوى، ومن أجل صلابة التربة ..حتى تتصلب التربة .
س33: بعض العوام يقول:إنه إذا تبقى شيء من الماء يرشّ على القبور التي بجانب هذا القبر ؟
ج: لا .. تلك القبور انتهى أمرها .. رُشَّ عليها ما كفاها .
س34: بالنسبة إلى النزول إلى القبر، هل يمكن أن ينزل إلى قبره منتعلا ؟
ج: على أيّ حال، إن كان أمرٌ يقتضي ذلك فلا مانع منه، بحيث يخشى أن يؤثّر شيء على قدميه فلا مانع من ذلك، ولكن ينبغي ترك النعل بعيدا عنه .. المقام ليس مقام انتعال .
س35: وجدنا ذات مرة عددا من القبور جاهزة وقد انحرفت بمقدار ملحوظ عن القبلة، فهل يمكن أن يدفن فيها؛ وإن كان لا، فكيف يُتصرف بها ؟
ج: أنا لا أعرف مقدار هذا الانحراف، أما إذا كان مقدار الانحراف بحيث يَخرُج عن سَمْت الاتجاه إلى القبلة الذي يُؤذن به في الصلاة فلا، أما إذا كان لا يخرج عن سمت الاتجاه إلى القبلة بهذا المقدار فلا مانع منه .
س36: فإذن، إذا كانت منحرفة كثيرا تُحوَّل ؟
ج: نعم، يمكن أن تُعدَّل .
س37: دفن الميت في البلد الذي مات فيه .. هل يشرع دفنه في البلد الذي مات فيه أم يجوز نقله إلى بلد آخر؛ وإذا مات المسلم في بلد غير المسلمين، ما هو الأوْلى أن يدفن هناك أم ينقل إلى بلاد المسلمين ؟
ج: الأرض كلها أرض الله، والميت انتقل إلى عالم آخر غيرِ هذا العالم الذي كان فيه، فلا يجديه أن يدفن في بلده شيئا، ولا ينفعه ذلك؛ وروي عن أبي أيوب الأنصاري أنهم في حصارهم للقسطنطينية حضرته الوفاة فأمر أن يُدفن في أقرب مكان إلى أسوار القسطنطينية .. إلى أقرب مكان يمكن أن يصل إليه المسلمون، ليكون شيء من رفاة المسلمين قرب هذه المدينة التي اشتد عليهم حصارها .. نَعم، رُوي عن بعض أهل العلم أنه أوصى بأن يُدفن في بلده؛ وأنا لا أدري إلى ما استند، فقد روي عن منير بن النيِّر رحمه الله أنه أوصى بأن يدفن في بلده جَعْلان، وأنه حُمِل من مكان المعركة في سَمَد إلى جعلان؛ وأنا لا أدري إلى أيّ شيء استند في هذه الوصية .. الله أعلم، ولكن على أيّ حال عندما يكون الدفن عسيرا-كما هو الواقع الآن في من يموت في بلدان غير بلدان المسلمين .. كثيرا ما يصعب عليهم الدفن، وحتى في بعض بلدان المسلمين القبور لا تتيسر لهم إلا بصعوبة ولربما بقي وقتا طويلا وكان حملُ الميت إلى بلده أيسرَ لهم من إبقائه مكانه ودفنه مكانه-ففي مثل هذه الحالة لا مانع من أن يُحمل إلى بلده، لأنّ الوضع هكذا يقتضي .. في وقتنا هذا هناك صعوبات، ولربما إن دُفن مسلم في مكان لا يمكن دفنه في مقبرة إسلامية بل تكون المقابر مقابر القوم الكافرين، والأوْلى ألاّ يدفن معهم تكريما له .
س38: كذلك فَعَلَى العكس .. لو مشرك توفي في بلاد المسلمين، هل يوارى هنالك أم يُرحّل إلى بلده ؟
ج: ما المانع ؟!ما المانع من مواراته ؟!كما هو جثمانه انتهى .. يُوارى ليتحول إلى تراب، ولا يمنع أن يوارى .. ما المانع أن يوارى جثمانه في بلاد المسلمين من أجل شركه ؟! النجاسات تدفن، وهذا مثل سائر النجاسات .
س39:[...يبدو أنه وقع هنا انقطاع في التسجيل...]يجب تنفيذ هذه الوصية ؟
ج: حقيقة الأمر، لا ينبغي-إلا إذا كان مراعيا أمرا ما-أن يوصي أحد أن يُدفن في مكان معيّن .. إذا كانت هناك مراعاة، ولأنه يَخشى أن يكون في مكان لا تُراعى فيه حرمات المقابر أو غير ذلك، وأما إذا كان في مكان في بلد إسلامي تراعى فيه حرمات المقابر فما المانع من أن يُدفن في أيّ مكان حيث تراعى حرمات مقابر المسلمين ولا تُنتهك؟! ما هو المانع ؟! ولكن على أيّ حال من الأحوالينبغي تنفيذ وصيته مع الإمكان، أما إن شَقَّ على الناس تنفيذها فليدفنوه في أيّ مكان، فبلاد الإسلام كلها سواء، ولا تتميّز بلاد على أخرى بشيء .
س40: ما هو قدر المسافة التي توضع بين قبر وآخر .. هل هناك مسافة مأمور بها ؟
ج: على أيّ حال، القبور تكون متجاورة، ولا يُمنع .. إن كان لا يُخشى أن يُؤدِّي حفر هذا القبر بجوار الآخر إلى أن يصل الحفر إلى نفس القبر فلا مانع، وسنّة الله تعالى في الخلق أن يتكرّر الدّفع في المكان الواحد .. رُبَّ لحد صار لحدا مرارا .. هذه سنّة الله .. هذه الأرض كلها قبور، كما يقول المعرِّي: " خَفِّف الوطء، ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد "، ويقول العلاّمة أبو مسلم في ذلك .. في هذا المعنى نفسه:
لا شِبر في الأرض إلا من رُفاتهم
فخَلِّ رِجلَك رِفقا في مَواطيها
لا يوجد مكان إلا وهو مدفون فيه، ولربما دُفن فيه ميت بعد ميت عبر القرون الخالية .. هذه سنّة الله تعالى في خلقه .
س41: نرى بعض الناس بعد أن يدفنوا موتاهم يضعون قطعة من الإسميت يكتب عليها مثلا اسمه أو شيء .. بعض الأمور؛ ومنهم من يُجصّص القبور، فهل مثل هذا مشروع أم لا ؟
ج: نهى النبي e عن تقصيص القبور أي عن تجصيصها، ويحمل على الجصّ كل ما كان بِناءً أو نحوه .. نعم، لا مانع من أن توضع حصاة تكون دليلا على قبر ميت معين من غير أن يُكتب عليها شيء، كما وضَع النبي e حصاة على قبر عثمان بن مظعون رضي الله تعالى عنه؛ فلا مانع من أن يُفعل ذلك، أما أن يُبنى بنيان فذلك مما يخالف السنّة حتى ولو كان البناء بغير الجص، كأن يكون مجرد ظَفْرٍ بالحجارة حجرا بعد حجرة، أو أن يكون بالطين، أو بنحو ذلك .. كل ذلك مما يُمنع .
س42: نأتي إلى زيارة القبور .. هل زيارة القبور مأمور بها، وهل في زيارتها فضل ؟
ج: النبي عليه أفضل الصلاة والسلام كان نهى عن زيارة القبور أوّلا، لمّا كان الناس حديثِي عهدٍ بالجاهلية .. لم يتخلصوا جميعا من علائقها، ويُخشى عليهم أن يَتبعوا النهج الجاهلي في زيارة القبور، أو أن تُورِثهم هذه الزيارة ارتباطا بالجاهلية في معتقداتها وأفكارها فلذلك نهاهم أوّل الأمر، ولكن بعدما استقرت العقيدة ووضَحَت الصورة أمرَهم بزيارتها مع نهيهم أن يقولوا هُجرا .. أي أن يقولوا قولا باطلا .. قال: ( كنت نهيتُكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها، ولا تقولوا هجرا)، وهذه الزيارة هي للاتعاظ والاعتبار، لا لأجل أن تكون قُرْبة من القرُبات، أو أنّ الميت يمكن أن يَنفع هذا الحي، أما إذا كانت الزيارة من أجل الاستعانة بالميت وطلب دفعِه شيئا من الضرّاء، أو تحقيقه شيئا من المنافع فهذه الزيارة تكون في منتهى البُعد عن حكمة التشريع، وفي منتهى البعد عن أصل الشريعة الإسلامية وعن العقيدة الإسلامية، فإنّ الله تعالى وحده هو الذي يدفع الضرّاء، وهو الذي يُيسّر المطالب، ويستجيب الدعاء، يقول I : } قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا للهِ شُرَكَاء خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ {[ سورة الرعد، الآية: 16 ]..فماذا عسى أن يُجدي هذا الميت ؟! إذا كان الإنسان وهو حي يملأ ثيابه لا يمكن أن يحقق لنفسه-فضلا عن غيره-منفعة، ولا أن يدرأ عنها مَضرة إلا عندما يأذن الله I بذلك، فما بالنا بهذا الميت الذي أصبح جمادا لا حراك له ؟! أنّى له أن يدفع ضرّاء أو أن يحقق سرّاء ؟! فما للناس والتعلق بالقبور والتقرب إلى هذه القبور بالنذور والقرابين وأمثال هذه الأمور التي يجب ألاّ تكون إلا لله سبحانه ؟! فإنها من ضروب العبادات، والعبادة يجب أن تكون خالصة لوجه الله لا تُشاب بشيء من شوائب التعلق بغيره I.. فما للناس وهذه الأعمال؟!.. هذه كلها أمور منافية لشريعة الله، ومنافية لعقيدة الإسلام، فهذا أمر يجب أن يُتنبَّه له .. نعم يُزار الميت للاتعاظ، وإن كان هو من الصالحين فمن أجل استذكار سيرته والرغبة في الاقتداء به والتأسي به في أعماله، لا أن تكون هذه الزيارة من أجل أن يُتقرب إلى هذا الميت بشيء من الأعمال، أو من أجل طلب قضاء شيء من الحاجات، فذلك أمر ممنوع شرعا، ويجب أن تكون الزيارة وفق ما جاءت به السنّة النبوية.. ولربما يأتي هذا في الأسئلة .
س43: هذا الأمر أو الاستحباب، هل هو عام للرجال والنساء أم هو خاص بالرجال ؟
ج: الزيارة مشروعة للرجال، لأنّ الرجال يستطيعون أن يتحكموا في عواطفهم أكثر من النساء؛وجاءت روايات متعددة كثيرة فيها النهي عن زيارة النساء للقبور؛ ولكن وُجِد أنّ أمّ المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها زارت قبر أخيها؛ هذه الزيارة التي زارتها لقبر أخيها هي محمولة على أنها زارتها للاعتبار والاتعاظ وللدعاء .. أي للدعاء للميت، لا لدعاء الميت، وكانت عائشة متحكمة في عواطفها، فهي لم تتأثر بالزيارة كما تتأثر النساء الأخريات، فلذلك استباحت لنفسها الزيارة؛ فالنساء ينبغي أن يجتنبن الزيارة تفاديا لهذا التأثر، لأنهن سرعان ما يتأثرن، ولربما وثوق السيدة أمّ المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها من نفسها هو الذي جعلها تفعل هذا الأمر، والأخريات لا يثقن من أنفسهن فامتناعهن عن الزيارة أوْلى؛ وإن كان من العلماء من استدل بفعل عائشة رضي الله تعالى عنها على أنه إن كانت واثقة من نفسها أنها لن تتأثر فلا مانع من أن تزور لأجل الاتعاظ والاعتبار .
س44: ذكرتم أثر السيدة عائشة أنها زارت قبر أخيها عبد الرحمن، فنسمع كثيرا من الناس يقول: "أذهب لأزور قبر والدي " أو " قبر والدتي"، أو قبر قريب له .. فهل زيارة قبر بعينه من بين المقبرة مشروع أم يُشرع فقط زيارة المقبرة بشكل عام ويُطْلِق سلاما عاما على أهل المقبرة ؟
ج: على أيّ حال، الأوْلى أن يفعل الإنسان كما فعل الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، بحيث زار " بقيع الغرقد " وسلّم على المؤمنين جميعا هناك؛ كما زار أيضا شهداء " أُحُد "؛ فلا مانع من أن يزور الإنسان مع التسليم على كل مَن في القبور، وإن كان من بين هذه القبور قبرُ رجلٍ أو امرأة شُهِرا بصلاحهما وتقواهما وفضلهما وبِرهما فتخصيص قبر الصالحأو الصالحة من النساءبالزيارة من أجل مراعاة هذا الصلاح ومراعاة هذا الخير أيضا لا مانع منه، وكذلك إن كان رجل دَفن قريبه ويريد أن يزور قبره لا مانع من ذلك من غير أن يأتي بشيء من المنكرات، أو يَعتبِر هذه الزيارة حاجة موسمية، كما يفعل بعض الناس في زيارة القبور في أيام الأعياد وغير ذلك، كأنما ينتقلون في أيام الأعياد إلى المقابر لتهنئة الموتى بالعيد .. هذا أمر لا دليل عليه .
س45: ما هي الآداب التي ينبغي أن نراعيها، وما هو لفظ السلام الوارد في السنّة الذي ينبغي أن يَلتزمه زائر القبور؟
ج: الآداب هي التقيد بالسنّة؛ واستحب العلماء أن يأتي الميتَ من قِبَل وجهه ويسلم عليه إذا كان يزور شخصا بعينه ..أن يأتيه من قبل وجهه ويسلم عليه كما يفعل من يزور قبر الرسول e ، حيث يقف أمام وجهه الشريف صلوات الله وسلامه عليه ويسلم عليه؛ والسلام المشروع هو المروي عن الرسول e: ( السلام عليكم دِيار قوم مؤمنين، أنتم المتقدمون ونحن على آثاركم إن شاء الله لاحقون )؛ ولا مانع من أن يأتي بالدعاء للميت .. كما قلنايُدعا لأهل الصلاح والتقوى، ويدعا لعامة المسلمين والمسلمات .. لا مانع من ذلك؛ ولا مانع من أن يدعو لنفسه بحسن الخاتمة، وأن يجعل اللهُ تعالى مُنقلبَه منقلبَ خير ورحمة .. لا مانع من ذلك؛ وأما قراءة القرآن فذلك مما ينهى عنه في المقابر-كما ذكرنا-، وقد أجاد الإمام نور الدين السالمي رحمه الله تعالى عندما قال:
أتُـعمَرن قبورُنا الـدوارس
وهـذه المـساجد المـعَدَّه
والمصطفى قد زارها وما قرا
حسبــك أن تتبع المختارا
ويتـرددن إليها الدارس
نتـركها وهي لذاك عُدّه
إلا سـلاما ودعا وأدبرا
وإن يقولوا خالف الآثارا
ما أروع هذا القول، فينبغي الاستمساك بهذه الآداب؛ والله تعالى أعلم .
نقتصر على هذا القدر، ولا شك أنّ الأسئلة في هذا الباب كثيرة؛ أما أسئلة العزاء فقد تحدث سماحة الشيخ عنها في حلقة متقدمة[3]؛ ونختم هذه الجلسة بطلب الدعاء من سماحة الشيخ حفظه الله تعالى .
اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما تحب وترضى، اللهم لك الحمد كما أنت له أهل، سبحانك ربنا لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، نستغفرك ربنا ونتوب إليك، ونعول في إجابة دعائنا عليك، ونشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبدك ورسولك؛ اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين؛ اللهم إنا نسألك بأنّا نشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد؛ نسألك ربنا ألاّ تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته، ولا عيبا إلا أصلحته، ولا غما إلا فرجته، ولا كربا إلا نفسته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا عافيته، ولا غائبا إلا حفظته ورددته، ولا ضالا إلا هديته، ولا عدوا إلا كفيته، ولا دعاء إلا استجبته، ولا رجاء إلا حققته، ولا بلاء إلا كشفته، ولا سائلا إلا أعطيته، ولا محروما إلا رزقته، ولا جاهلا إلا علمته، ولا ميتا إلا رحمته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضى ولنا صلاح ومنفعة إلا قضيتها ويسرتها بيسر منك وعافية؛ اللهم اجعل الموت خير غائب ننتظره، والقبر خير بيت نعمره، واجعل ما بعده خيرا لنا منه؛ اللهم أصلح عاقبتنا في الأمور كلها، اللهم أصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر؛ اللهم أصلح لنا أمر ديننا ودنيانا؛ اللهم إنا نسألك أن تحيينا مسلمين، وأن تميتنا مسلمين، وأن تحشرنا في زمرة عبدك ورسولك سيدنا ونبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم؛ اللهم إنّا نسألك ربنا أن تحيينا بررة، وأن تميتنا شهداء صالحين؛ اللهم إنا نسألك عيش السعداء، وموت الشهداء، ومرافقة الأنبياء، والنصر على الأعداء، إنك ربنا على كل شي قدير، وإنك بالإجابة جدير، نعم المولى ونعم النصير؛ اللهم طهر سرائرنا، ونور بصائرنا، وأحي ضمائرنا، وأصلح لنا أمورنا كلها؛ اللهم وفقنا لطاعتك، واهدنا لمرضاتك، وعافنا في الآخرة والأولى؛ وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .

[1]-أي: إذا جاء الملَكُ الميتَ أن يُرِيَ اللهُ الميتَ الملَكَ .

[2]-وقع سهو من الشيخ في قراءة هذا الجزء من هذه الآية الكريمة إذ قرأ: " لا تصلّ على أحد منهم ولا تقم على قبره "، وفي القرآن الكريم: }وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ... {[ سورة التوبة، من الآية: 84 ].

[3]-لعله الشريط السمعي الذي نشرَته تسجيلات " مشارق الأنوار "-بعُمان-تحت عنوان " يُحسن الله عزاءكم " .

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 05-10-2012 ]
 
 رقم المشاركة : ( 6 )
::مــراقــبــة::
::الـــــمــــنــــتـــــدى::
رقم العضوية : 351
تاريخ التسجيل : Jan 2011
مكان الإقامة : █▓▒ لآ جـغرآفيــ×ــة تحكمُـنـي ! ▒▓█
عدد المشاركات : 2,341
عدد النقاط : 732

صاحبة الإمتياز غير متواجد حالياً





اللهم إنآ نسألك حسن الخآتمة
فتآوى أفآدني شخصيآ
ولآ سيمآ مآ إذآ كىن للمرأة أو الرجل تلقين بعضهمآ إن كىنآ أجنبيين
حفظ الله شيخنآ
تشكر على هذآ الجهد


توقيع :






[ الَلَهّمً إنِ فُيِ الَقُبًوٌر أحًبًآبً يِتٌقُطِعٌ الَقُلَبً لَفُقُدٍهّمً فُأکرمً نِزٍلَهّمً يِآ ربً ]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للشيخ , محمد , أحكام , الخليلي , الجنائز , بن , حلى , فتاوى , في


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
[كتاب إلكتروني] كتاب إلكتروني "جوابات الإمام السالمي" بأجزائه الستة عابر الفيافي الكتب الالكترونية والأعمال الأخرى 23 09-20-2015 11:18 AM
صور لـ سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي حفظه الله -المفتي العام للسلطنة عابر الفيافي علماء وأئمة الإباضية 0 02-07-2012 11:23 AM
فتاوى الحج للشيخ سعيد القنوبي عابر الفيافي نور الحج والعمرة 3 06-08-2011 03:08 PM
تحميل فتاوى للشيخ أحمد بن حمد الخليلي عابر الفيافي المكتبة الإسلامية الشاملة 4 01-08-2011 07:25 AM
الشيخ محمد بن شامس البطاشي (رحمه الله) جنون علماء وأئمة الإباضية 4 12-19-2010 06:42 AM


الساعة الآن 02:05 PM.