رمضان شهر التواصل والتكافل

رمضان شهر التواصل والتكافل

(صور الترابط الاجتماعي في شرعة الصوم) رمضان مدرسة كبرى، تنشأ في جميع أنحاء المعمورة في كل عام مرة واحدة، ينضوي تحتها ملايينُ المسلمين، وتظل ثلاثين يوما فقط، نتعلم فيها قيما كبرى، وأخلاقيات عظمى، منها الوحدة، والتواصل، والتلاحم بين جميع شرائح المجتمع وأطيافه: أغنياء وفقراء، كبارا وصغارا، بيضا وسودا، شرقا وغربا، علماء ومتعلمين، ومنها المواساة والتعاون، ورقة القلب، وعفة اللسان، والتسامي في التعاملات الإنسانية، وغيرها من الدروس المستفادة من الشهر الكريم، فتقرأ في ذلك تلك الأحاديث الشريفة التي منها: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ أجود الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فلرسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- أجودُ بالخير من الريح المرسلة" رواه البخاري.
وانظر لمن كان مذهبه مثل ذلك الجود الفريد، وانظر إلى تذييل الحديث: "أجود بالخير من الريح المرسلة"، وانظر كذلك إلى المدى الذي يصل إليه هذا الجود، إذا كان يسابق الريح، لا شك أن أكبر قدر من الفقراء سيستفيد، وأن البقعة المنتفعة به كبيرة جدا، ومتسعة اتساعا يتناسب مع سرعة سريان الريح، وضربها في كل مكان اتجاه، ودخولها في كل صُقْعٍ من أصقاع الأرض، وتقرأ كذلك قوله ـ تعالى ـ:"وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين"،
فالتشريع له أهداف، ويرمي إلى أغراض من شأنها توحيد أركان المجتمع، وتقوية بنيانه، والحفاظ على أمنه القومي، ونسيجه الاجتماعي. ثم اقرأ هذا الحديث الشريف الذي ينطوي على معانٍ غزار، وقيم كبار، وتأمل بكل تؤدة وهدوء ألفاظه، وتمهَّل عند مراميها، ومغازيها، وعمق معانيها، فقد روى ابن خزيمة في صحيحه عن طريق البيهقي، وكذا رواه أبو الشيخ ابن حبان عن سلمان - رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في آخر يوم من شعبان قال :"يا أيها الناس، قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه رزق المؤمن، مَنْ فطَّر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه، وعتقَ رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء، قالوا: يا رسول الله، ليس كلُّنا يجد ما يفطر الصائم ،فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "يعطب الله هذا الثواب من فطَّر صائما على تمرة، أو شربة ماء، أو مذقة لبن، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له، وأعتقه من النار، واستكْثِرُوا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غناء بكم عنهما؛ فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه، وأما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار، ومن سقى صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة".
هذا حديث أصل في التكافل الاجتماعي، وأساس من أسس التواصل الإنساني، ووسيلة من وسائل الترابط الحقيقي، وهو من غير شك يغذِّي ما يسمَّى بالأمن الاجتماعي والأمن القومي، أمْنٌ أتى به شهرُ رمضانَ على لسان الرسول - عليه الصلاة والسلام-، فإذا جعلنا هذا الحديث منهج حياة، وطريقا مسلوكة لكفانا، ومتَّن علاقاتِنا، وأصلح لنا شأننا، ووطد أركانَ مجتمعنا، هذا هو التكافل وذلك هو الشعور الصادق بحاجة الفقير، وعوز المحتاج، فرمضان هو الشهر الذي جعله الله شهر رقة، ومواساة، وشهر ارتقاء بالأحاسيس، والمشاعر بين كل من الأغنياء والموسرين الواجدين، والفقراء المحتاجين المتضورين جوعا وألما طوال العام، فاللهم لك الحمد على نعمة الإسلام، وشرعة الصيام، وجلال الإيمان، ولك الشكر على أن بلَّغتنا رمضان، وجعلتنا من أتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم-، واكتب لنا حسن الاتِّساء، وصدق الاتباع، وسلامة الطريق،والتفاني في نشر هذا الدين والذود عن حياضه يا رب العالمين، وكل عام وأنتم بخير.

---

vlqhk aiv hgj,hwg ,hgj;htg vlqhk aiv

الموضوع الأصلي: رمضان شهر التواصل والتكافل || الكاتب: الامير المجهول || المصدر: منتديات نور الاستقامة

سبحان الله وبحمد...سبحان الله العظيم