سؤال أهل الذكر لسنة 1422هـ - منتديات نور الاستقامة
  التعليمـــات   قائمة الأعضاء   التقويم   البحث   مشاركات اليوم   اجعل كافة الأقسام مقروءة
أخواني وأخواتي..ننبه وبشدة ضرورة عدم وضع أية صور نسائية أو مخلة بالآداب أو مخالفة للدين الإسلامي الحنيف,,,ولا أية مواضيع أو ملفات تحتوي على ملفات موسيقية أو أغاني أو ماشابهها.وننوه أيضاَ على أن الرسائل الخاصة مراقبة,فأي مراسلات بين الأعضاء بغرض فاسد سيتم حظر أصحابها,.ويرجى التعاون.وشكراً تنبيه هام


** " ( فعاليات المنتدى ) " **

حملة نور الاستقامة

حلقات سؤال أهل الذكر

مجلة مقتطفات

درس قريات المركزي

مجلات نور الاستقامة



الإهداءات



نور الفتاوى الإسلامية [فتاوى إسلامية] [إعرف الحلال والحرام] [فتاوى معاصرة] [فتاوى منوعة]


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
Icon26  سؤال أهل الذكر لسنة 1422هـ
كُتبَ بتاريخ: [ 04-02-2011 ]
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية عابر الفيافي
 
عابر الفيافي غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363
قوة التقييم : عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


أول حلقة من سؤال أهل الذكر لغرة رمضان 1422 هـ



السؤال(1)
تتم عملية غسيل الكلى عن طريق الأوردة حيث يتم إدخال بيكربونات الصوديوم وبعض الأملاح ويضاف له أحيانا جلوكوز ويمرر هذا عن طريق الأوردة ومهمته تنقية الدم ثم إخراجه هل في هذه الحالة هذه العملية تضر الصوم ؟ وإذا أراد المسلم أن يصوم هل له ذلك ؟


الجواب:
أولا قبل كل شيء هل يتسرب شيء من ذلك إلى الجوف أو لا ، فإن كان يتسرب شيء من ذلك إلى الجوف فإنه ناقض للصيام وإلا فلا ، ولكن نظراً إلى أن المريض بالكلى هو مريض من ناحية ثم هو بحاجة إلى العلاج من ناحية ثانية فنحن نختار له تفادياً لهذا الأمر أن يأخذ برخصة الله تعالى للمريض في ذلك اليوم أي اليوم الذي تقوم فيه هذه العملية وأن يفطر ثم يقضي بعد ذلك يوما مكان هذا اليوم.


السؤال(2)
هل يصح للمرأة أن تصلي صلاة التراويح في بيتها ؟


الجواب:
لا مانع في ذلك.


السؤال (3)
ما أهمية صلاة التراويح للمرأة ؟


الجواب:
المرأة كالرجل مطالبة بأداء الفريضة ، ومأمورة أن تتقرب إلى الله تعالى بالنوافل حسب استطاعتها.


السؤال (4)
نلاحظ بأن المساجد تكتظ في شهر رمضان الكريم وفي نهاية الشهر تفرغ أو ربما يقل فيها المصلون فهل لكم أن تتحدثوا في علاج هذه الظاهرة ؟


الجواب:
مما يؤسف له أن يهتم الناس بالصلاة خلال شهر رمضان المبارك وتفتر هذه الهمة والعزيمة فيما بعد ذلك مع أن المعبود في رمضان هو المعبود في غيره ويجب له العبادة في غير رمضان كما تجب له العبادة في شهر رمضان .
على أن الكثير من الناس قد يهتمون بقيام رمضان أكثر مما يهتمون بالفرض وهذا أيضا أمر غير سديد لأن الاهتمام بالفرض أولى والاهتمام بالفرض لا في شهر رمضان وحده بل في شهر رمضان وفي غيره من سائر الشهور دائما ، ويتقبل الله من المتقين ومن أخل بفرائض الله فليس من المتقين ، ولا يفيد الإنسان أن يعتني بالنوافل مع إخلاله للفرائض ، والله تعالى أعلم.

السؤال (5)
امرأة تأتيها العادة وتزيد عن الأيام المعتادة لها وفي بعض الأحيان تصل إلى عشرة أيام وقد تتجاوز إلى أربعة عشر يوما ومع ذلك تأخذ العلاج لمكافحة هذه الزيادة ، فما حكم صيامها ؟


الجواب:
أولا قبل كل شيء يجب على المرأة بقدر استطاعتها أن تعرف ميقات حيضها وطهرها ، فإن ضبط الضابط واجبه عليها ، وبمقدار هذا الضبط تستطيع أن تؤدي العبادات لو ما عرض لها عارض من استحاضة ، فإنها بضبطها أوقات حيضها المعتادة وضبطها أوقات طهرها المعتادة تتمكن من رد كل شيء إلى أصله.
ومن ناحية أخرى أيضا تؤمر المرأة أن تفرق بين الدماء الثلاثة بين دم الحيض ودم النفاس ودم الإستحاضة ، وكذلك المرأة عليها أن تعرف أقل مدة الحيض وأكثر مدة الحيض ، فأقل مدة الحيض على ما دل عليه الحديث حديث أنس عند الإمام الربيع هو ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام ، وإن كانت هناك أقوال أخرى منهم من قال أقله يوم وليلة وأكثره خمسة عشر ، ومنهم من قال أقله دفعة ، ومنهم من قال أقله يومان ، ومنهم من قال أكثره سبعة عشر ، ولكن هذا الذي دل عليه الحديث .
أما أصحاب الأقوال الأخرى فإنهم جعلوا الحديث دال على الحالة الغالبة في طبائع النساء من غير حصر ، ولكن مع هذا كله نحن نسمع من الأطباء وهم ذو خبرة في هذا المجال أن الحيض لا يقل عن ثلاثة أيام ولا يزيد عن عشرة أيام كما جاء الحديث ، هذا ما سمعته من أكثر من طبيب ومن هؤلاء الأطباء الدكتور محمد على البار الذي هو من كبار الأطباء في المملكة العربية السعودية وله بيان وتفصيل فيما يتعلق بهذا الجانب فيما سمعته منه .
فلذلك ما دامت الأيام لم تتجاوز العشرة الأيام وهي لم تكن لها عادة مستقرة سابقاً عليها في خلال العشر أن تجعل الدم جميعاً دم حيض ، وهذا إن كان هذا الدم بدأ بالسواد بحيث تكون فيه صفات دم الحيض .
ومما يجب على المرأة أيضا أن تعرف دم الحيض لأن دم الحيض أسود غليظ له رائحة بخلاف دم الإستحاضة دم أحمر رقيق ، وقد يميل أحيانا إلى الصفرة وليس له رائحة دم الحيض ، فلما كان الحيض متميزا بهذه الصفات بإمكانها أن تميز بين دم الحيض وبين دم الإستحاضة . إلا أن الدم إن جاء في ميقاته أو إذا جاء إلى المرأة بحيث أمكن أن تجعله للحيض وكنن دما أسودا إذا جاء من بعد الدم الأحمر فإنها تجعله في حكم دم الحيض إلا إذا خرج عن الأوقات المعتادة فإن هناك لا تعطيه للحيض وتجعله استحاضة ، أما إن كان في الوقت المعتاد بحيث لا تتجاوز أيام عادتها فإن حكمه حكم ما قبلة لأن الصفرة والكدرة والترية وسائر التوابع تجعلها المرأة تابعة للدم ففي الحديث عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ( لا تطهر المرأة من حيضها حتى ترى القصة البيضاء ) وحديث أم عطية ( كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئا) أي لا نعد للصفرة والكدرة شيئا زائداً على ما سبقه . فالصفرة تعطى حكم ما سبقها ، فإن كانت مسبوقة بدم فهي حيض ، وإن كانت مسبوقة بطهر فهي طهر ، وكذلك جمع التوابع لها هذا الحكم فإذا هذه المرأة عليها أن تضبط أوقاتها أولا والدم في خلال هذه الأيام العشر إن لم تكن لها عادة مستقرة بأيام معلومة تجعله دم حيض ولا تجعله دم استحاضة . أما إن خرج عن الأيام العشر وتجاوز أيامها المعتادة وتجاوز أيام الانتظار التي تؤمر المرأة أن تنتظر فيها فتجعله عندئذ دم استحاضة فإذا كان الدم جاوز عشرة أيام إلى أربعة عشرة يوما فعلى القول الراجح الذي دل عليه الحديث وأيده الطب الحديث هو دم استحاضة وفي خلال دم الإستحاضة تؤمر أن تغتسل وتؤمر أيضا أن تصوم إن كانت في فترة الصيام والله تعالى أعلم .



السؤال (6)
إذا كانت الجدة وصلت مرحلة من العمر لا تستطيع معها الصيام وولدها يسكن عنها بعيدا بمسافة ست ساعات بالسيارة هل يجوز أن يطعم عنها وهو بعيد عنها ؟


الجواب:
لا مانع من ذلك سواء أطعم عنها في المكان التي هي فيه أو في المكان الذي هو فيه ، والله تعالى أعلم.


السؤال (7)
ما هو حكم الاستياك بالمعجون في نهار رمضان ؟


الجواب:
أولا الاستياك العلماء اختلفوا فيه لأن عدداً كبيراً من العلماء كرهوا السواك في نهار الصيام ، منهم من كرهه من أول النهار إلى آخره ، ومنهم من كرهه بعد الزوال ، ومنهم من كرهه للرطب دون اليابس ، وهؤلاء الذين قالوا بالكراهه استندوا إلى حديث ( لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ) وقالوا لأن المستاك عندما يستاك يقضي على الخلوف مع أنه ينبغي له أن يحرص على استبقائه حتى يزول وزواله مكروه لما كان بقاؤه مستحبا .
وهناك رأي آخر قاله أيضا عدد كبير من العلماء وهو أن السواك لا يمنع منه الصائم سواء كان في أول النهار أو في وسطه أو في آخره ومن غير كراهة وهذا القول استدل له بروايات متعددة منها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة وعند كل وضوء) ، وهذا يعني سواء في حالة الصيام أو في غير حالة الصيام ، ومنها رواية لبعض الصحابة رضي الله عنهم : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستاك بالرطب واليابس ما لا أحصي . وإلى غير ذلك من الأدلة التي استدلوا بها ، وهذا هو أقوى دلالة لأن حديث الخلوف لا يدل على منع السواك لا من قريب ولا من بعيد إذ لم يتعرض لذلك قط وإنما غاية ما فيه أن الصيام هو محبوب وكل ما يترتب عليه فهو محبوب فالخلوف الذي يكرهه الصائم هو أطيب عند الله تعالى من ريح المسك هذا الطيب لا لذات الخلوف ولكن من أجل الصيام فالطيب إذاً طيب الصيام هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن السواك لا يقضي على الخلوف فلذلك لا ترى التمسك بهذا الدليل وترك الأدلة الصريحة الظاهرة فحديث أبي هريرة رضي الله عنه ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة وعند كل وضوء) عموم الحديث يدل على أن السواك مستحب على أي حال في جميع الأوقات عند كل صلاة وعند كل وضوء بما في ذلك وقت الصوم إذ لم يخص وقت الصوم والعام يجرى على عمومه ما لم يرد مخصص يخصصه ، أما بالنسبة للمعجون فإنه لا يؤمن أن يتسرب من هذا المعجون شيء إلى الحلق فلذلك من الأحوط للصائم أن يتجنب السواك بالمعجون وأن يقتصر على السواك بالمسواك المعتاد فحسب ، والله تعالى أعلم.


السؤال (8)
أخ في هولندا عندهم مشكله في تحديد الإفطار لا يدرون متى يأتي وقت الإفطار لعل الساعات هناك تكون طويلة من طلوع الشمس إلى غروبها أو النهار قصير لكن هناك أيضا أشخاص آخرين من دول الخليج كل واحد يفطر على دولته ما هو حل هذه القضية ؟


الجواب:
أنا أعجب من هذه الحالة فإن هولندا إنما هي في أوروبا والفصل الآن قريب من الشتاء ومن عادة الأيام في فصل الشتاء أن يكون نهارها قصيرا لا سيما في تلك المناطق الشمالية فأي مشكلة في هذا ، كيف لا يصومون حتى تغرب الشمس عندهم فإن الله تعالى ناط الإفطار بغروب الشمس بالليل والليل إنما يتحقق بغروب الشمس ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ )(البقرة: من الآية187) ، أما أولئك الذين يفطرون بحسب التوقيت في بلادهم وهم في بلاد أخرى فهم قد انغمسوا في الجهل حتى غرقوا إلى الأذقان كيف يكون الصيام بحسب ساعات النهار في بلدهم وهم في بلد أخرى .
هم ليسوا متعبدين بحسب البلدان التي هم منتمون إليها ، وإنما هم متعبدون بحسب الأوقات في البلد الذي هم فيه ، أريتم صلاة الظهر متى يصلونها هل يصلونها في وقت الصباح هنالك لأن ذلك هو وقت الظهر في بلدهم ، وكذلك صلاة العصر هل يصلونها في ما قبل وقت الظهر مثلا وكذلك صلاة المغرب هل يصلونها قبل وقت العصر أو وقت الظهر هذا أمر غريب .
ما بال هؤلاء الناس يتصرفون هذا التصرف مع أن الله تبارك وتعالى ناط الصيام بطلوع الفجر وناط الإفطار بإقبال الليل وإقبال الليل إنما هو بغروب الشمس فعليهم أن يمسكوا عن الطعام عند طلوع الفجر وعليهم أن يفطروا عند غروب الشمس وأن لا يلتفتوا إلى الحالة التي في بلادهم فإنهم في بلد آخر هم عليهم أن يتكيفوا في واجباتهم بحسب الأوقات في ذلك البلد الذي هم فيه وعليهم إن لم يكونوا قادرين على التحكم في معرفة الوقت أن يلجأوا إلى الخبراء الفلكيين فإن الخبراء الفلكيين بإمكانهم أن يحددوا لهم وقت غروب الشمس بدقة ومن خلال ذلك يتمكنوا من الإفطار في الوقت للذي أباح الله تعالى فيه الإفطار ، أما الذي يفطر قبل غروب الشمس فهو مفطر في النهار ومن أفطر في النهار فقد هدم صومه .



السؤال (9)
حكم الغيبة هل تؤثر على الصائم ؟


الجواب:
جاء في الحديث عن رسول الله صلى عليه وسلم : ( الصيام جنة ) وفي بعض الروايات ( الصيام جنة عن الغيبة ) وقد جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في المسند الصحيح مسند الإمام الربيع بن حبيب رحمه الله ( الغيبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم ) وهذا الذي نعمل به هذا الذي تأخذ به وهو يعتضد بالروايات الأخرى من بينها رواية أبي هريرة رضي الله عنه عن الإمام البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجه في أن يدع طعامه وشرابه ) ، فهذا المغتاب عليه أن يعيد يومه وتسقط عنه الكفارة ، والله تعالى أعلم .


السؤال (10)
في شهر رمضان الكريم الإنسان يحاول أن يكثر من العبادة فيه لكنة قد يذهب إلى مكان من أماكن العبادة فسمع عن وجود مرض هناك أو أخبار في الحقيقة غير مؤكدة أو مؤكدة ما الحكم أو ما نصيحتكم ؟


الجواب :
المعبود موجود في كل مكان ، والله تعالى لم يكلف عباده شططا ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :" إذا سمعتم بهذا الوباء في الأرض فلا تدخلوها " هكذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل أحد أرضا سمع بأن فيها شي من الوباء وليعبد الله تعالى ولتقرب إليه في بلده ومن بين القربات الصدقات فليتصدق بما كان سينفقه في سفره لو سافر ، والله تعالى الموفق .


السؤال(11)
ما حكم صلاة التراويح بالنسبة للمرأة ؟


الجواب :
المرأة ينبغي أن تكون لها صله بالله تعالى من خلال صلوات النوافل كالرجل فالمرأة هي متعبدة كما أن الرجل متعبد فصلاة التراويح ليست محصورة في الرجال وكذلك صلاة التهجد وهى التي تكون بعد منتصف الليل وخصوصا بعد الليل الأخير هذه الصلاة ينبغي على الرجل والمرأة أن يحرصا عليها .


السؤال (12)
هل هناك نوافل مستحبة ؟


الجواب :
هذه النوافل كلها من يملك النوافل الزيادة على الفرائض والسنن الرواتب وكذلك التهجد في جنح الليل وصلاة الضحى وغيرها من الصلوات المرأة فيها كالرجل .


السؤال (13)
ما هو الصاع وكم مقداره ؟



الجواب:
الصاع هو مكيال والمكيال يختلف باختلاف الأشياء المكيلة قد يكون بعضها أثقل من بعض أما بالنسبة للعرس يقدر الصاع بنحو كيلويين وثمانين جراما ونحن قلنا النصف صاع فإن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن المسكين يطعم نصف صاع في الفدية إذا حلق الإنسان رأسه ونحن قلنا بقياس بقية الإطعام على هذا الإطعام لأجل أن الأنه واحدة إذ المقصود الإطعام أما بالنسبة إلى إخراج القيمة فالقيمة لا يمكن أن تحدد بين بلد وآخر فقد يكون الطعام في بعض الأزمان أقل قيمة وفي أخرى أكثر قيمة فلذلك لا يمكن أن نحدد القيمة بمقدار معين .


السؤال(14)
ما حكم ذكر الله تعالى في مكان الاستنجاء . وهل هناك دعاء بالاستنجاء ؟


الجواب:
ليس هناك دعاء فإن كان يعني بذلك النية فالنية إنما هي القصد بالقلب وليست تلفظا باللسان وليس هنالك داع للتحدث باللسان.


السؤال (15)
عن المعاصي وتأثيرها في الصوم ؟


الجواب:
نحن قلنا بأن الكبائر والكبائر ما ورد عليها وعيد المعاصي فالكبائر بناء على حديث النبي صلى الله عليه وسلم (لا صوم إلا بالكف عن محارم الله) وقوله (من لم يدع قول الزور والعمل به ) فالكبائر تبين نقضها للصيام وقوله تعالى ( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(البقرة: من الآية183)) أما الصغائر فلا نقوى على القول بأنها ناقضة والله تعالى أعلم.


السؤال (16)
لدينا رجل معوق ومتخلف عقليا فهل يجوز لزوجة أبية أن تنكشف عليه عند استحمامه علما أن والده غير موجود في المنزل بصفة دائمة فهل يبطل صومها ؟


الجواب:
لا يبطل للصوم بذلك ، وليس عليها حرج إن لم تجد من يقوم بشأنه ، وإنما تتفادى النظر إلى عورته بقدر استطاعتها.



schg Hig hg`;v gskm 1422iJ gskm lil hg`;v





توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس

كُتبَ بتاريخ : [ 04-02-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 2 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



السؤال (17)
هل يجوز في شهر رمضان أن تقوم الخادمة غير مسلمة بطهي الطعام ؟


الجواب:
الطعام لا يختلف بين رمضان وغير رمضان ، ولكن ينبغي للإنسان أن يأكل طعام المسلمين لا طعام غيرهم ، وإنما أبيح طعام الذين أوتوا الكتاب لأن رطوباتهم غير مؤثرة.


السؤال (18)
هل يلزم الإنسان أن يقوم للسحور؟


الجواب:
السحور من السنة وهو بركة ومن تركه لا يؤثر ذلك على صيامه.


السؤال (19)
هل يجوز الإفطار لأذان التلفاز ؟


الجواب:
الإفطار إنما يكون يتحقق الغروب ، فإذا غربت الشمس وتحقق من الغروب فالإنسان يباح له الإفطار في ذلك الوقت سواء أذن المؤذن أم لم يؤذن .
أما بالنسبة إلى التلفاز هل هنالك ضبطاً للوقت في الآذان الذي يبث في التلفاز ، ثم من ناحية أخرى لا بد من اعتبار الفارق بين الوقت فقد يكون هنالك فارق ، مثلا بين مسقط وصلالة بالسلطنة فارق كبير جداً قد يتقدم الآذان في مسقط خصوصا في أوقات الشتاء أكثر من نصف ساعة عنه في صلالة ، فينبغي أن ينظر في ذلك وأن لا يفطر الإنسان بالآذان الذي يبث في التلفاز من غير أن يعتبر الفارق في التوقيت بين منطقة وأخرى .


السؤال (20)
كنت قد اتفقت مع مقاول لبناء منزل لي وكان الاتفاق هو أن أدفع له مبلغاً مقسطاً شهريا وعلى أن يبدأ البناء بعد انتهاء نصف التكلفة ولكن بعد اكتمال الشرط لم نتفق وطالبت منه استرجاع مبالغي ولكنه أخبرني بـأنه لا يوجد لديه الآن وسوف يردها لي على دفعات . هل الزكاة على هذه الأموال واجبة؟ وإذا كان الجواب نعم فعلى من تجب ؟


الجواب:
قول السائل لم نتفق كلام غامض وله أكثر من معنى محتمل ، فإذا كان قصده بذلك أن العقد الذي كان مبرما بينهما أنهياه على أن يستبدل هو مقاول آخر بدلاً من المقاول الأول بحيث كان كل واحد من المتعاقدين في حل من هذه العقدة التي كانت بينهما من قبل فلا ريب أن هذا دين واجب على المقاول ، وإن كان وصل إليه شيء من المبلغ وأصبح هذا الدين في ذمته وهو دين حال والدين الحال كما ذكرنا أكثر من مرة يجب أن يزكي من قبل الدائن بشرط أن يكون المدين وفياً فإن كان كذلك فتجب تزكيته على الدائن وإلا فلا حتى يتمكن من استيفائه ، والله تعالى أعلم.


السؤال (22)
امرأة تشتكي من خروج الدم من بين أضراسها باستمرار وعندما تنام يتسرب شيئا منه إلى حلقها مما تضطر إلى عدم النوم في نهار رمضان فما حكمها ؟


الجواب:
لا ، عليها أن تنام ، ولا يلزم أن يكون هذا الدم يتسرب إلى الحلق عندما تنام فقد يعصمها الله تعالى من ذلك ولئن وقع ذلك في غير حالة اختيار بأن يكون ذلك اضطرار فإن الله تعالى لا يؤاخذها بما وقع عليها اضطرارا وإنما عليها أن تحترس مع إمكانها فحسب ، والله تعالى أعلم .


السؤال(22)
هل تؤثر الاستحاضة على الصيام والصلاة ؟


الجواب:
المستحاضة لا تُمنع من الصلاة ولا تُمنع من الصيام ، فالمستحاضة عندما تعرف أن الدم دم استحاضة وليس دم حيض عليها أن تصلي وعليها أن تصوم إن كانت في شهر رمضان المبارك .


السؤال (23)
امرأة في أول نفاس لها كان اليوم الثامن والثلاثين من نفاسها هو يوم التاسع والعشرين من شعبان أي قبل رمضان بيوم ورأت الجفاف في هذا اليوم فاغتسلت وأصبحت صائمة إلا أنها عند المغرب من أول يوم رمضان رأت دما قد خرج ثم رأت الجفاف عند العشاء فجمعت المغرب والعشاء تلك الليلة ، واستمر الجفاف ليومين آخرين عاشرها زوجها خلالها أي في اليوم الثالث والأربعين إلا أنها تعاقب عليها بعد ذلك الصفرة أحيانا والجفاف أحيانا أخرى ولم تعرف أطهرت أم لا ، وفي اليوم الخامس من رمضان رأت القصة البيضاء فاغتسلت للاحتياط ولكنها لم تعرف متى طهرت بالضبط وما هو الحال في ما صامت في رمضان علما بأنه أول نفاس لها ؟


الجواب:
إن كانت رأت الجفاف فالجفاف الذي يلي الدم تعطيه حكم الطهر اللهم إلا إن اعتادت المرأة أن يكون طهرها بالجفاف لا بالقصة البيضاء ، فمن اعتادت فإنها تعتبر الجفاف طهرا ولكن عندما يستمر بها الدم ثم لواحق الدم وهي التوابع من الصفرة والكدرة أو الترية أو الجفاف فإنها إن استمر بها الدم إلى ما بعد الأربعين تعتبر الأربعين هي النفاس ولا حرج على زوجها أن يواقعها بعد الأربعين في غير فورة الدم ولو كان الدم مستمرا عليها أن تغتسل وعليها أن تصلي بعد الأربعين لأن النساء الصحابيات كن يقعدن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أربعين يوما وذلك لا يكون إلا بتوجيه من النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم ، فلذلك أخذ العلماء بهذا الرأي واعتمدوه وإن كانت هنالك حالات تخالف هذه الحالة فهي حالات شاذة لا يحمل عليها الحكم العام ، والله تعالى أعلم.


السؤال (24)
إذا جاءت الدورة المرأة في نصف النهار هل تمسك إلى الليل أم تفطر مباشرة ؟


الجواب:
لا معنى للإمساك لأنها أتاها ما قطع حبل صيامها فهي تأكل وتشرب وتمتنع عن الصلاة كذلك .


السؤال (25)
ما نصيحتكم للشباب الذين يحيون ليالي رمضان باللعب وما شابه هذا الأمر؟


الجواب:
النصيحة الموجهة إلى أولئك أن يعرفوا قيمة العمر ، وأن يعرفوا قيمة الشباب ، وأن يعرفوا قيمة الأوقات التي خصها الله تعالى بمزيد الفضل كليالي شهر رمضان المبارك ، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ) ، يسأل عن عمره لأن العمر هو النعمة الكبرى التي تترتب عليها النعم الأخرى ، فكل نعمة من نعم الحياة إنما هي مبنية على هذه النعمة العظيمة وهي نعمة العمر .
ثم أن هذا العمر يتميز جزء منه على جزء فالشباب متميز على بقية المراحل متميز على المرحلة التي سبقته وهي مرحلة الصبا ويتميز على المرحلة التي تلحقه وهي مرحلة الكهولة والشيخوخة ، فلذلك كان للشباب وضع فيسأل عنه الإنسان سؤالا خاصا .
والأوقات أيضا فضّل الله تعالى بعضها على بعض ومن بين هذه الأوقات المفضلة أوقات رمضان فكلها ذات فضل عظيم ، ليل رمضان ونهاره كلاهما ذو فضل عظيم كيف وقد جاء في الحديث أن من أدى في رمضان نافلة كان كمن أدى في غيره فريضة ، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى في غيره سبعين فريضة ، فكفى بها مزية ، ثم مع هذا نجد أيضا أن الأعمال تضاعف أجورها وترقى درجاتها في شهر رمضان المبارك فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لأم سنان الأنصارية رضي الله عنها ( إذا جاء رمضان فاعتمري فإن عمرة رمضان تعدل حجة معي ) ، هذا دليل على ميزة هذا الشهر الكريم وفضله العظيم فجدير بالإنسان أن يحرص على استغلال أي وقت من أوقات هذا الشهر وأن لا يفوت أي وقت من أوقاته في ما لا يعود عليه بجدوى ، لذلك كان على أولئك الذين يقضون لياليهم في السمر والحديث الضائع الذي لا يجدي شيئا والقيل والقال والهراء من القول ويقضون أوقاتهم في اللعب إلى غير ذلك من الأحوال التي لا تحمد عليهم أن يتقوا الله وأن يقدروا هذه النعمة وأن يعرفوا المسئولية أمام الله تعالى .


السؤال (26)
أقرضت ولدي مبلغا من المال لشراء قطعة أرض فهل يجب علي إخراج الزكاة من هذا المال مع العلم بأنني لا أملك غير هذا المال ؟


الجواب:
إن كان هذا القرض في ذمة وفيّ فعلى المقرض الزكاة وإلا فلا.


السؤال (27)
هل هناك فرق بين الملبوس وغير الملبوس من الحلي ؟


الجواب:
الحلي كله يجب أن يزكى إن كان ذهبا أو فضة إن كان ملبوسا أو غير ملبوس لأجل الروايات الكثيرة التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم منها تشديده عليه أفضل الصلاة والسلام فيما وجده على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من السوارين إن لم تؤد زكاتها وكذلك روايات أخرى تؤكد هذا وهذه الروايات تعتضد بالآية الكريمة ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )(التوبة: من الآية34) ، وبالأحاديث العامة التي توجب الزكاة في الذهب والفضة ، والله تعالى أعلم.


السؤال (28)
هل زكاة الأبدان تشمل الفقراء ؟


الجواب:
الناس في زكاة الأبدان بين مشدد ومرخص ومتوسط ، وهي لا تجب على المعدم نهائيا ، هي تختلف عن الزكوات الأخرى لا يكون لها نصاب معين لأنها طهرة للصائم من اللغو ولكن على من تجب ؟ تجب على الواجد ، ولكن من هو الواجد ؟ قيل من عنده فضلة عن طعام يومه أي يوم العيد فمن كان عنده فضلة عن طعام يومه لزمه أن يدفعها ، ومنهم من قال من كانت عنده فضله عن طعام شهر ، ومنهم من رخص أكثر من ذلك .
الذين رخصوا أكثر من ذلك وسعوا كثيرا ومن قال بأن من كانت عنده فضلة عن نفقة يومه أيضا شددوا ، أما الذين قالوا بمقدار نفقة الشهر فهؤلاء توسطوا .
والإنسان لا يأمن أن يقع في اللغو ، فلينظر هذا الإنسان إلى حاجته لأنه قد يكون عنده فضل عن نفقة يومه ولكن لا يتيسر له العمل في اليوم التالي من أيام العيد واليوم الذي يليه فلذلك ينبغي أن يوسع لمثل هذا بحيث يوسع له أن يدخر مقدار ما يكفي لنفقته ونفقة عياله إلى أن يتيسر له العمل، وأما من كان له مثلا مرتب يومي أو مرتب شهري بحيث وإن كان عنده مقدار نفقة يومه فقط مع الزيادة التي يمكنه أن يخرجها فلا ريب أنه مع الضمان الحاصل له لا ينبغي أن يتردد من إخراجها حرصا على تطهير صيامه من اللغو ، والله تعالى أعلم .


السؤال (29)
سلم شخص زكاة لقريب له وذهب ليسلمها له فلم يجده فرجع وفي حالة رجوعه طلبها منه شخص آخر لتكون سلفا وقرضا وأكد أنه سيعيدها قريبا لكي تصل لصاحبها الأصلي فلم يرجعها حتى الآن فهل على من تسلم الزكاة أن يدفعها من جيبه علما بأن قيمة الزكاة مائة ريال ؟


الجواب:
إن كان هذا الذي كانت الزكاة بيده كانت هذه الزكاة أمانة بيده ليسلمها إلى شخص معين فإنه بتسليمها إلى شخص آخر كقرض مثلا مضيع لأمانته وعليه أن يضمنها هو الذي أقرض فعليه أن يرد القرض وكل منهما مسئول ، فهذا الذي دفع الزكاة التي كانت أمانة في يده قرضا يعد مضيعا لأمانته ، وذلك الذي أخذ القرض ولم يرده أيضا هو مضيع لما يجب عليه فعليه أن يرد القرض.


السؤال (30)
رجل لديه صندوق يجمع فيه أموالاً لأولاده حتى وصلت ثلاث مائة وخمسون ريالا هذه من العطايا والصدقات فهل تجب فيها الزكاة ؟


الجواب:
إن كان هذا المال مشتركا من أول الأمر وبلغ النصاب فهو بمثابة المال الذي يملكه المالك الواحد تجب الزكاة فيه ، أما إن كان لكل واحد نصيب مستقل عن نصيب الآخرين فإن الزكاة تجب في مال كل واحد منهم إن بلغ النصاب.


السؤال( 31)
مجموعة من الأهل لديهم صندوق خيري ربما يقيمون منه مشاريع أو يساعدون به بعضهم فتتغير أموال هذا الصندوق فمرة ترتفع ومرة تنخفض فهل تجب الزكاة فيه ؟


الجواب:
إن كان هذا الصندوق لقوم مخصصون يعود عليهم بالمصلحة وهم يجمعون المبالغ التي تودع فيه من أموالهم لأجل أن يعود عليهم بالمصلحة فذلك بمثابة المال المملوك لأنه لم ينتقل عن ملكهم ، وعليهم أن يزكوه إذا بلغ النصاب ثم لو انخفض المقدار عن مقدار النصاب وزاد بعد ذلك في آخر الحول فبما أنه زكي من قبل يزكي أيضا من بعد ، أما إن كان من أجل التبرعات الخيرية بحيث لا يحصر فيه أناس وإنما يتبرع مما يودع فيه إلى كل أحد كان مستحقا للمساعدة سواء في النائبات أو في غيرها من غير حصر في جماعة تجمع هذا المال فلا ريب أن هذا المال أخرج في أول الأمر ليكون صدقة وما كان صدقة فلا زكاة فيه.


السؤال (32)
السباحة لوقت طويل بحيث يظل الرجل في الماء هل يؤثر على صيامه ؟


الجواب:
إن كان لا يصل الماء إلى جوفه من المنافذ بحيث يمنع وصوله بسبب سده لأنفه وإغلاقه لفيه وتغميضه لعينيه فلا يصل الماء إلى الجوف فلا ينتقض الصيام بذلك .



ينبع....

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 04-02-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 3 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً




الموضوع : السحر



السؤال (1) :
ما حقيقة السحر؟ وما مدى تأثيره على الناس؟
وهل سحر النبي صلى الله عليه وسلّم أم لا ؟


الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فقبل كل شيء يجب علينا أن يكون في قرارة نفوسنا جميعاً أن هذا الكون بأسره سماءه وأرضه ، علويه وسفليه ، ملكه وملكوته ، ظاهره وباطنه ، روحه ومادته هو ملك لله سبحانه وتعالى ، وأن كل ما في هذا الكون وكل من في هذا الكون إنما هو مملوك لله ، فلا يملك أحد لأحد نفعاً ولا ضرا ، لا يستطيع أحد مهما كان أن يحقق مصلحة لنفسه أو أن يدفع مضرة عن نفسه إلا بإذن الله سبحانه .
ولإن كان الحق تبارك وتعالى يخاطب خيرة رسله وصفوته من خلقه سيدنا محمداً عليه وعلى آله وصحبه عليه أفضل الصلاة والسلام فيقول له ( قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)( الأعراف : 188 ) ، فكيف بمن عداه صلى الله عليه وسلّم ، كيف يتصور الإنسان أن الخلق يملك بعضهم لبعض تحقيق منفعة لم يردها الله تبارك وتعالى ، أو دفع مضرة شاء الله تعالى وقوعها .
والآيات القرآنية تصل الإنسان بالله سبحانه وتعالى وتعرّفه أن الكون هو ملك لله ، وأن الإنسان هو مملوك لله فما عليه إلا أن يتجه بروحه وجسمه ، بعقله وقلبه ، بضميره وغرائزه ، بحواسه ومشاعره إلى الخالق العظيم سبحانه وتعالى ، يقول سبحانه وتعالى( قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ( الرعد : 16 ) ، ويقول سبحانه وتعالى( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ )( الزمر : 38 ) ، ويقول( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ( فاطر : 2 ) ، ويقول سبحانه وتعالى ( وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ ) ( الأنعام : 17 ) ، ويقول ( وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )( يونس : 10 )
كل ذلك من أجل أن تصفو عقيدة الإنسان ويخلص إيمانه ويتوجه بيقينه إلى ربه سبحانه وتعالى ، موقنا أن الخلق أجمعين لا يملكون شيئا من تحقيق المنافع ولا دفع المضار ، فلا يتعلق الإنسان بالجن ولا يتعلق بالشياطين ولا يتعلق بالسحرة ولا يتعلق بأي شيء ، إنما يتعلق بالله ، فإذا سأل فإنه يسأل ربه سبحانه ، وإذا دعا فإنه يتجه إلى بدعائه إلى الله تبارك وتعالى.
وهكذا علّم النبي صلى الله عليه وسلّم حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله ابن عباس- رضي الله عنهما- إذ قال له ( يا غلام احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك ، واعلم أن أهل السماوات والأرض لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك). ولكن مع هذا فإن الله تعالى يبتلي بعض عباده ببعض ، ويبتلي بعض مخلوقاته ببعض لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى ، فهو يسلط من يشاء على من يشاء ، ويقي من يشاء شر من يشاء ، كل ذلك لأنه سبحانه وتعالى مدبر هذه الوجود ومصرفه ، ويفعل في خلقه ما يريد ، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا تبديل لكلماته ، وذلك لابتلاء العباد عندما يبتلون بمثل هذه المواقف هل يصبرون أم يجزعون ، فإن الإنسان مجزي بصبره يجزى به خيرا عظيما ، وبشر الله سبحانه وتعالى الصابرين في آيات كثيرة منها قوله سبحانه وتعالى ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) ( البقرة : 155 ) ، ويقول تعالى ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) ( الزمر: 10) ، هذا لأجل أن يوطن الإنسان نفسه لجميع الشدائد التي يلقاها والمحن التي يكابدها والتي يواجهها حتى لا يجزع عند وقوع شيء من ذلك ، بل يكون أشد صلة بالله وأشد إيمان به سبحانه وتعالى .
والسحر الذي ذكر في القرآن الكريم إنما هو نوعان :
سحر تخيل ، بحيث يخيل الإنسان للإنسان ما ليس بواقع ، وهذا أمر معهود ، أنا شاهدته بنفسي ، كنت في الصين ورأيت كيف يتصرف الساحر فيخيل للناس أشياء غريبة ، رأيت قبل كل شيء أحداً من الناس جاء بورقة من الورق ولواها ، ثم أخذ يصب فيها حليبا ، وبعد حين نفض هذه الورقة وإذا بها بدلاً من أن ينسكب منها حليب يسقط منها منديل ، ثم بعد ذلك غطى على المنديل بشيء وبعد ذلك كشف هذا الغطاء فإذا ببطة كما تسمى هناك عندهم ببطة بكين تطير من هناك ، وهذا كله من السحر وليس هو من الحقيقة في شيء ، والله سبحانه وتعالى ذكر ذلك في قصة موسى مع فرعون عندما قال ( يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى )( طه : 66 ) ، فالخيال هذا أمر واقع وهو مشاهد وكثير من الناس تحدث به.
والنوع الآخر الذي تحدث عنه القرآن الكريم هو السحر الذي يكون بإلقاء العداوات والكره في النفوس بحيث تكره نفس نفسا أخرى وهذا أيضاً يقع ، والله تبارك وتعالى يقول( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ )، ولكن مع هذا يقول ( وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ )( البقرة : 102 ) ، فهم لا يملكون أن يوقعوا المضرة إلا عندما يريد الله تبارك وتعالى وقوعها ابتلاء منه سبحانه وتعالى .
فالسحر لا ينفعل بنفسه وإنما ينفعل بأمر الله تعالى ، فإذاً هذان النوعان هما المذكوران ، أما ما شاع وذاع في أوساط الكثير من الناس من أن السحرة يأكلون لحوم البشر، وأنهم يخفون البشر ويظهرونهم للناس أنهم موتى ، وقد يخيل لبعض الناس أن فلاناً ميت وليس هو بميت وإنما أخفي من قبل الساحر ، ويخيل إليهم أنه يُغسل غسل الموتى والذي يُغسل هو جماد وليس ذلك الرجل الذي يخيل إليهم أنه مات ، فكل من ذلك لم يقع ، وكل من ذلك لم يدل عليه دليل قط لا من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهذا إنما هو من الأوهام والأساطير التي تعشش في الأدمغة المريضة ، والتي يروج لها في المجتمعات الساقطة ، المجتمعات التي شاع فيها الجهل وانحسر عنها العلم .
وأنا بنفسي تابعت قضيتين اثنتين ، قضية واحدة سمعت الكثير من الناس أن شاباً مات ودفن ووقف أبوه على قبره ودفنه بنفسه وواره في التراب ثم بعد سنين ظهر، وشاع ذلك حتى وجدت أحد المشايخ مع الأسف الشديد دوّن هذه القصة بقلمه ، وبعد هذا جاء أبو الشاب وأمه إليّ وذكرا أن ابنهما وجداه بعينه ، وأن كل العلامات التي كانت في ابنهما ظهرت في هذا الذي وُجد ولكن قالا بأنه استولى على عقله الساحر ، ولا يعترف بأبوة أبوه له وبأمومة أمه ، بل أصبح ينتمي إلى ذلك الساحر ، والقضية وصلت إلى الشرطة ، وإذا بي في نفس اليوم ألقى ذلك الشاب وقد كان هذا من قدر الله تعالى المقدور ، لقيته في عزاء وحضر أمامي وعُرضت علّي قضيته لأنه طلق امرأته وهو في حالة يرثى لها بسبب فقدانه الوعي والنباهة ، فسألت عنه أهو الذي يقال بأنه مسحور ؟ فقيل لي : نعم . وقد وصل الأمر إلى حد أن بعض الجهات الرسمية صدقت بهذا الأمر حتى قالوا في ذلك الذي يدعي أنه ابنه خذه إليك ، لما جاء به هو وامرأته من العلامات التي ظهرت فيه ، ولكن في نفس الوقت هنالك جماعة من الناس يشهدون بأن هذا ابن فلان وأنهم عرفوه منذ ولد إلى ذلك الوقت ، وابن خالته شخصية بارزة ، شخصية لها مكانة اجتماعية ومكانة سياسية في الدولة والمجتمع ، ولذلك كان وجود هذه الشخصية سببا للحيلولة دون هذا التصرف الأهوج .
فإذاً هذه القضية على أن أخواتها من القضايا إنما هي شبيهة بها ولا تخرج عنها ، وهنالك قضية أخرى روج لها ، أشيع عن رجل بأنه ظهر بعد سنين ، بعد اختفاء مدة طويلة ، وبعدما ظهر لأبويه أنه مات ، وجاء إلى المجتمع الذي مات الشاب الذي تقمصه بعد حين ، جاء إلى المجتمع وجاء إلى أم ذلك الشاب وقال أنا ابنك ، وأظهر لها العلامات التي تعرفها في ابنها ، وأخذ يحدثهم عن قصص ذلك الشاب وعن أخباره وماذا كان من أمره ، هذا الرجل رُوّج لقضيته هذه حتى جيء بصورته في بعض الصحف المحلية ونشرت قصته ، وصارت قصة شائعة تحدث عنها الصغير والكبير ، ثم تورط بعلاقة مع امرأة خائنة واتفق هو وإياها على التخلص من زوجها وفعلا وقع هذا التخلص ، قتلاه جميعا لأجل أن يتزوجها فيما بعد ، وبعد هذا كله القضية رصدت في الجهات الأمنية باسم ذلك الذي قالوا عنه بأنه مسحور ، باسم ذلك الشاب الذي توفي قبل سنين وكان قد غرر بأم ذلك الشاب وقال لها بأنه ابنها وصدقت كل تصديق ، وعندما عرضت القضية علينا في اللجنة الشرعية ، سألت هذا الرجل : ما اسمك الحقيقي ؟ فاعترف بكل الحقيقة ، وقال اسمي فلان ابن فلان الفلاني، وأبي هو فلان ابن فلان الفلاني ، وأمي فلانة بنت فلان الفلانية ، فاندهشت حتى تلك العاهرة التي شاطرته الجريمة، اندهشت منه ، وقالت له : ألا تقول بأن أمك فلانة ، قال : ليست بأمي ، ولكنني ابتليت بها ، فقلت له: بل هي التي ابتليت بك . والرجل اتضحت حقيقته قبل أن يُعدم ، ووضحت صورته كما هي ، وتبين أنه لعب بعقول الناس ، فإذاً كل هؤلاء إنما هم شياطين ، وهم يلعبون بعقول الناس ويجدون في المجتمع المنحط من يساندهم ، فعندما سألته من أخبرك بقصص ذلك الشاب الذي توفي قبل سنين حتى تقمصت شخصيته وأخذت تحكي قصصه التي تحكيها كأنك شاهد عيان وكأنك أنت صاحب هذه القصص التي تحكيها، حدثني بأن أخاه أي أخا ذلك الشاب من أبيه هو الذي علمه تاريخه جميعا وحفّظه إياه حتى استطاع أن يغرر الناس بما يحكيه منه ، فهكذا شأن هؤلاء .
أما السؤال عن سحر النبي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام فلا ريب أن ذلك مما ورد في الصحيحين وتقبله الكثير مع الأسف الشديد ، وتلقاه الكثير بالقبول ، ودوّن في الكتب ، ولكن عندما نرجع إلى التحقيق نجد أنه ليس كل ما ثبت سنده ثبت متنه ، فالروايات يجب أن تنقد من حيث المتون كما يجب أن تنقد من حيث الأسانيد ، فالنقد من حيث الإسناد لا يكفي .
ومما هو معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان معصوما ، وحالة السحر التي حُكيت حالة لا يمكن أن تصيب النبي صلى الله عليه وسلّم بحيث يخيل إليه أنه يفعل الشيء وهو لا يفعله ، يخيل إليه أنه يأتي نسائه وهو لا يفعل ذلك ، هذه حالة لا يمكن بحال من الأحوال أن تصيب المعصوم صلوات الله وسلامه عليه الذي ينزل عليه الوحي من عند الله لأن هذا مما يجعل المجرمين يشككون في الوحي ، لأن الوحي على هذا يكون غير مأمون أن يكون أصيب بما أصيب من التحريف من جراء هذا الذي يزعم هؤلاء الزاعمون أنه أصيب به النبي صلى الله عليه وسلّم ، ومن خلال ذلك روّج لقصة الغرانيق التي روّج لها المروجون وما هي من الحقيقة في شيء ، إنما هي خيال في خيال ، ولكن تلقفها المتلقفون وأظهروها في صورة مزوّقة تغري النفوس بقبولها وليست هي من الحقيقة في شيء ، فعلينا أن نوقن بأن الرسول صلى الله عليه وسلّم معصوم من عند الله ، وأن كل ما ينطق به إنما هو وحي من عند الله تعالى ، فلا يمكن أن يؤثر عليه سحر الساحرين ، كما لا يمكن أن تتدخل الشياطين في الوحي الموحى إليه من رب العالمين حتى يخيل للناس ما يمليه أولئك الشياطين أنه من جملة الوحي . والله تعالى المستعان .

السؤال (2)
هل يستطيع الساحر أن يخفي إنساناً عن الأنظار من دون أن يميته ؟


الجواب :
قد يُخفي نفسه ، يمكن للساحر بسبب ما يخيل للناس من سحره يمكن أن يخيل لهم أنه حيوان يمر كما يمر الحيوان بين أيديهم هذا من المحتمل ، وهذا كما ذكرنا بأنه يمكن يخيل للناس غير الواقع أنه واقع ويخيل لهم ماهو واقع ليس بواقع، مجرد خيال ، يخفي عن الأبصار ما هو ظاهر ، لكن أن يتصرف بحيث ينقل أحدً من مكان إلى مكان ويخفيه عن الأنظار ويأتي بخشبة مثلا فيصورها في صورة إنسان هذا أمر مستحيل لا يُصدق .


السؤال(3)
بعض الناس يعتقدون أن الشيطان يتمثل في صورة ابن آدم أربعين يوما ، فهل في هذا حقيقة؟


الجواب :
كثير من القضايا إنما هي من وحي الشياطين ، حتى ما يسمى الآن بتحضير الأرواح ، إنما هو من وحي الشياطين وليس ذلك من الحقيقة في شيء ، وأنا أخبرني أحد من الناس قبل ما يقارب ثلاثين عاما من الآن ، لأنني كنت أتابع هذه القضية وأسأل عنها لما أشيع عند الناس من أن هنالك من يحضر الأرواح ، مع أن القرآن الكريم يدل على أن تحضير الأرواح من المستحيل لأن الله تعالى يقول ( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)(الاسراء: من الآية85) ، ويقول ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا )(مريم : 98 ) ، ويقول ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّى)(الزمر: من الآية42) ، فلئن كانت الروح التي ماتت يمسكها الله فمن الذي يستطيع أن يطلقها من يد الله تعالى لتعود وتتحدث إلى الناس .
تابعت هذه القضية وسألت بعض المشائخ الذين جربوا هذا الأمر، فذكروا بأن رجلاً من الناس كان يزعم أنه يحضر أرواحاً بطريقة معينة ، يقول : وكان الناس يلتفون من حوله، وهذا يقول له حضّر روح فلان وذلك يقول له حضّر روح فلان ، وإذا بي – يعني الشخص المتحدث - يقول : أرى أنني أرغب أن أسمع من روحي بعض الحديث . فقلت له: حضّر روحي أنا فلان بن فلان . فقال : طيب ، وكان هنالك " زنبيل" عندما تحضّر الروح حسب ما يزعمون يتحرك فتحرك الزنبيل ، فسُئل: من أنت ؟ فقال: فلان . باسم الرجل نفسه . يقول: فطرحت على هذا الذي حضر أسئلة عن أشياء لا يعلمها غيري ، فأجابني كما هي بها فعجبت من هذا الأمر ولكن سألته عن بعض الأمور كحفظ القرآن وغير ذلك فإذا به ليس على صفته ، فقلت له : من أنت واصدقني في ما تقول؟ فقال لي: أنا قرينك . أي هو القرين من الجن ، هو الذي يتحدث بهذا ليضلل الناس ، فإذاً هؤلاء إنما يحضرون الشياطين الذين يريدون أن يضلوا الناس ولهم صلة بهؤلاء الشياطين من خلال خبث النفوس لأن الشياطين تألف النفوس الخبيثة كما تألف الملائكة الأرواح الطيبة .


السؤال (4)
أنا امرأة ولله الحمد ملتزمة بديني من فروض وتطوع وأعتني ببيتي وأولادي وقبل فترة من الزمن تزوج زوجي عليّ زوجة أخرى وكانت على خلق ودين ، ولكن طرحت عليّ إحدى القريبات مني فكرة ( عمل ) أي تفريق بين وزوجي وزوجته ، فقمت بهذا العمل وتم التفريق بين زوجي وزوجته، وزوجي في الحقيقة لا يؤمن بهذا ، ولا يشك فيّ أبدا ، فماذا عليّ ؟


الجواب :
من تعامل مع السحره فقد كفر، وعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله توبة نصوحا ، وأن ترجع إلى حظيرة الحق التي خرجت منها ، وأن تطلب من زوجها العفو عما أجرمته في حقه ، وأن تطلب من تلك المرأة التي تسببت للفراق بينها وبين زوجها عليها أن تطلب من تلك المرأة أيضاً بأن تسامحها ، وعليها أن تصلح ما أفسدته بقدر المستطاع بحيث إن كانت دفنت شيئا من هذا العمل الخبيث في مكان أو استعملت شيئاً من ذلك عليها أن تنتزعه وتتلفه بمشيئة الله تعالى ، وأن تطلب من الله سبحانه وتعالى بأن يقضي على أثر هذا السحر الخبيث ، وبهذا تكون ذمتها بريئة وتوبتها مقبولة ، والله تعالى المستعان .


السؤال (5)
ألا يجب عليها أيضاً أن تخبر عن ذلك الرجل الذي عمل لها ذلك التفريق حتى تتبعه السلطات ويلحق به العقاب ؟


الجواب :
إن كان بحيث يمكن أن تناله السلطات فنعم ، ولكن إن كان في مكان قاصٍ بعيد بحيث لا يمكن أن تمتد إليه يد العدالة ، بحيث يكون في دولة أخرى فماذا عسى أن يقال !!


السؤال(6)
هنالك من يعالج بالقرآن الكريم ، وهو حسب الظاهر من الثقات وهذا المعالج يخبر المريض بأنه مسحور، أو أن أحداً من الناس وضع له عمل ، فكيف استدل المعالج على ذلك ؟ وما الحكمة من سؤال المعالج عن اسم أم المريض؟


الجواب :
أما السؤال عن سؤال اسم أم المريض فذلك مما يدخل في التنجيم ، والتنجيم باطل وهو حرام حرام حرام ، لا يجوز لأحد من الناس أن يفعله ، ولا يجوز لأحد من الناس أن يأتي من يفعله ، فإن التنجيم إنما هو من بقية المعتقدات الضالة ، معتقدات الذين يعتقدون لهذه النجوم تأثيراً في حياة الناس .
فيجب على الناس أن لا يصدقوا هذا الذي يدّعي علم الغيب لأن القرآن صريح في أنه لا يعلم الغيب إلا الله ، فالله تعالى يقول ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (النمل:65) ، فلا يجوز لأحد أن يصدق قط أن هنالك من خلق الله تعالى من يعلم الغيب في السماء وفي الأرض ، هذا ما يجب أن يكون في قرارة نفوسنا جميعاً أنه أمر مستحيل ، ومن كان في قرارة نفسه خلاف ذلك فقد كفر بما أنزل على محمد ، لأنه كفر بصريح هذه الآية الكريمة .
ونحن نطالب من أولئك الذين يتورطون ويذهبون إلى هؤلاء العرافين أن يعودوا قبل كل شيء إلى عقيدة الإسلام ، وأن يستلهموا الحقائق من القرآن الكريم ، وأن لا يقعوا أسارى لأولئك الذين يروجون بينهم هذه الأوهام ، فإنهم بهذا تعمى عليهم السبل ، ولا يجدون الطريق الذي يؤدي إلى الحقيقة ، فليتقوا الله تعالى وليرجعوا إلى رشدهم ، وحديث النبي صلى الله عليه وسلّم يقول ( من أتى عرافا فسأله فقد كفر بما أنزل على محمد ) . والله تعالى المستعان .


السؤال (7)
ما مدى صحة استخدام المعالج للأخوة المسلمين من الجن في إبطال الأعمال والأمراض من الجسم ؟


الجواب :
أولا قبل كل شيء الجن لا يعلمون الغيب ، فالله تبارك وتعالى يقول وهو سبحانه وتعالى هو أصدق القائلين ( فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ)(سـبأ: من الآية14) ، ثم إن الله سبحانه وتعالى بيّن في سورة الجن أن تشبث الإنس بالجن وتعلقهم بهم من أجل دفع الضرر أو من أجل تحقيق المنافع أمر لا يزيد هؤلاء المتشبثين إلا رهقا ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) (الجـن:6) ، فالتعلق بالجن من أجل دفع شيء من هذه المضار أو تحقيق شيء من المكاسب ، من الأمور التي هي وليدة الأوهام و الجهل والخرافة فلا يجوز لأحد أن يصدقها .
وأنا أتعجب من تصديق هذه الأشياء من قِبَلِ أحد يتلو كتاب الله تعالى ويصلي وفي صلاته يقرأ سورة الفاتحة الشريفة ، وهذه السورة فيها ما يبيّن أن الاستعانة لا تكون إلا بالله كما أن العبادة لا تكون إلا له ، فالله تعالى يعلمنا كيف نستعين وكيف نعبد بحيث لا نستعين إلا به ولا نعبد إلا إياه يقول( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )( الفاتحة : 5 ) ، فكما أن العبادة لا يجوز أن تكون إلا لله فالاستعانة أيضاً يجب أن لا تكون إلا بالله سبحانه وتعالى ، هذا في الأمور التي لم يجعل الله تعالى التعاون فيها بين الناس من سنن الحياة ونواميس الوجود ، أما الأمور التي جعل الله تعالى التعاون بين الناس من سنن الحياة ومن نواميس الوجود فبهذا الاسلوب لا مانع من استعانة أحد بأحد فللإنسان أن يأتي إلى غيره من الناس ليقول له أعني بإقراض مبلغ من المال ، ولكن ليس له أن يقول له أعني فاجعلني من الأغنياء .
وله أن يقول له : أعني بحيث تعالجني عن هذا المرض ، ولكن ليس له أن يقول له: أعني بحيث تشفيني من هذا المرض . فإن الشافي إنما هو الله سبحانه وتعالى .
وللإنسان أيضا أن يقول لغيره: أعني بحيث تحمل معي هذا الحمل ، أو تحمل عني هذا الحمل ، ولكن ليس له أن يقول له: أعني بحيث تجعلني قوياً قادراً على حمل هذا الحمل ، فإن ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله تبارك وتعالى .
ولما كان ذلك من مقدور الله تعالى وحده فليس لأحد أن يستعين عليه بأحد إلا به تبارك وتعالى ، ليس له أن يستعين بإنسي أو أن يستعين بجني ، فالإنس والجن جميعا لا يملكون دفع الضرر ولا يملكون تحقيق منفعة إلا بأمر الله تعالى ، والله تبارك وتعالى يعلمنا من خلال ما يحكيه عن إبراهيم عليه السلام أن الشفاء إنما هو بيد الله ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ )( الشعراء : 80 ) ، ولكن بما أن الله تعالى جعل لكل داء دواء فالطبيب المعالج إنما يستعمل الدواء النافع سواءً كان هذا الدواء حقنة أو شرابا أو كان هذا الدواء من خلال عملية يجريها ويستأصل العلة ، أما أن يكون ذلك الطبيب هو نفسه يملك بأن يشفى أحداً فلا ، وإلا لكان هذا الطبيب قادراً على أن يدفع الموت عن الناس ، وكم من أحد يعالجه الطبيب وهو يتماثل للشفاء وإذا به يموت وهو على تلك الحالة ، فالله تبارك وتعالى وحده هو الشافي وهو الذي يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد .


السؤال (8)
قال الله تعالى( وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ) ما المقصود بسحر عظيم ؟


الجواب :
جاءوا بسحر عظيم لأنهم خيلوا لموسى عليه السلام مع أنه لا بد أن يكون من أرسخ الناس عقلا وأحياهم نفساً وأكثرهم بصيرة ، خيل إليه أنها تسعى وما هي بساعية ، فهذا سحر عظيم ، استطاعوا أن يخيلوا إليه هذا الأمر ، هذا سحر عظيم .


السؤال(9)
الناس يلصقون بمن يتهمونه بالسحر بعض الصفات فيقولون بأن الساحر لا يمكن أن يقرب مسجد ولا يمكن أن يذهب إلى الحج ، فإذا وجدوا شخصية من هذا النوع اتهموه بالسحر فهل هذا صحيح ؟


الجواب :
لا ، الساحر قد يكون يأتي المسجد وهو في حقيقته ساحر.


السؤال(10)
هل يعد الساحر كافرا ؟


الجواب :
نعم ، نعم ، هو كافر لأنه يستمد من وحي الشياطين ، وليس هو من الإيمان في شيء ، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلّم بقتله ( اقتلوا الساحر والساحرة ).

السؤال (11)
ما هي عقوبة الساحر في الآخرة ؟


الجواب :
عقوبته في الآخرة عذاب جهنم خالداً فيه مخلدا .


السؤال (12)
الإنسان الذي لا يعتني بنظافته ولا يكون نظيفاً في ملابسه وفي مظهره هل يكون معرضا للسحر؟


الجواب :
الشياطين تألف الخبيث ، فإن كان لا يتقي النجاسات فلربما كان ذلك سبباً لقرب الشياطين منه بسبب عدم اتقائه هذه النجاسات ، وقد يكون أيضا الخبث المعنوي سبباً لأسر الشياطين لأولئك ( أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا )(مريم : 83 ) ، فقد يكون الخبث المعنوي وهو أن يكون هذا الإنسان خبيث النفس عاصياً لله سبحانه وتعالى مجانباً لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصيام والحج وسائر العبادات وسائر الأعمال بعيداً عن ذكر الله ، فإن ذلك مما يؤدي أيضاً إلى أن تتلبس به الشياطين . والله تعالى أعلم.


تمت الحلقة بعون الله تعالى وتوفيقه

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 04-02-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 4 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



سؤال أهل الذكر 7 من ربيع الأول1423 هـ، 19/5/2002م
المــوضوع: عام


السؤال(1)
بالنسبة للمعوقين ما هو الحد في التصرفات المالية التي يتصرفون بها ومتى تتاح لهم فرصة ممارسة هذه المعاملات ، وما هي الضمانات التي جعلها الشرع حفاظاً على أموالهم ؟


الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فالشخص المُعَوّق ، أو المَعُوْق ، يقال فيه مَعوق ومُعَوّق ، يمكن أن تكون علته علة جسمية ويمكن أن تكون علته علة عقلية ، فإن كان ما به يتعلق بجسمه وكان عقله عقلاً وافرا بحيث لم يكن متأثراً أبداً في أفكاره ، ولم ينعكس ما به من علة على تصرفاته وعلى أعماله فإن له حرية التصرف فهو يبيع ويشتري كغيره من الناس ، وهو أيضاً يمكن أن يتزوج ويزوّج ، ويمكن أن يبرم أي اتفاق بينه وبين غيره كالذي يكون من سائر الناس ، أما إن كان الذي به أمراً يعود إلى عقله أو إلى سوء تصرفه وذلك أيضاً عائد إلى عقله فإن آفة العقل لا تنحصر في الجنون وحده وإنما هي في أنواع من الآفات التي تنعكس آثارها على تصرفات الإنسان ، فيمكن أن يكون الجنون هو الآفة ولا ريب أنه آفة كبرى ، ولربما كان أيضاً العته آفة من الآفات ، ولربما كان أيضاً بعض التصور الخاطئ وذلك بأن تكون به غرة ، وأن يكون غير قادر على تصور الأمور كما هي وهذه غفلة وهؤلاء هم الذين يعبر عنهم بالحمقى ، فهؤلاء الحمقى والمغفلون هم الذين أصيبوا بشيء من الحجاب المانع من نفاذ شعاع العقل إلى تصرفاتهم حتى تكون هذه التصرفات منضبطة انضباطاً تاما ، فهؤلاء أيضا يمنعون من التصرف بسبب هذا الآفة التي تنعكس على تصرفاتهم ، وقد يكون أحدهم غير قادر على تصور ما ينفعه أو ما يضره ، فقد يندفع فيبيع ويشتري من غير أن يفكر في مصلحته .
ومن ذلك السفه ، والسفه هو عبارة عن خفة ، هذه الخفة تؤدي بالإنسان أحياناً إلى أن لا يبالي بما ينفقه من مال سواءً كان ذلك في بيع أو اشتراء ، أو كان ذلك في إعطائه المال لغيره ، فمثل هؤلاء جميعاً لا يتركون وهذا التصرف يتصرفون كيف يشاءون ، وإنما يمنعون من التصرف بقدر ما تصان أموالهم حتى لا تكون هذه الأموال عرضة للتلف ، فإذاً العاهة التي تؤدي إلى الحجر والمنع ، منع صاحب المال من التصرف في ماله إنما هي التي تؤدي به إلى سوء التصرف ، أما إن كان به عاهة في جسمه ولا تمنعه من التصرف الحسن والانضباط في تصرفه وفي أعماله فهذه العاهة لا تمنعه من التصرف ، ، نعم إن كان ضريرا ، فالضرير قالوا بأنه يمنع من البيع والشراء إلا بواسطة وكيله لأنه قد لا يتصور ما يبيعه ، فلا يتصور قيمته إلا إذا كان هذا الذي يبيعه شيئاً منضبطاً معلوماً كالمياه مثلاً ، لأن المياه أي المياه التي يسقى بها وهي المعبر عنها بمياه الأفلاج هي منضبطة وهي معلومة ولا تحتاج إلى نظر ، فما كان غير حاجة إلى النظر بحيث لا يعود تقديره إلى النظر لا يمنع الأعمى من بيعه ، كل ما كان من هذا القبيل لا يمنع من بيعه ، وإن كان بعض أهل العلم يرى أن الأعمى الحاذق القادر على ضبط تصرفاته في بيعه وشراءه لا يمنع من البيع والشراء ، والله تعالى أعلم .


السؤال(2)
ما حكم عمليات التجميل التي يندفع الناس إليها بسبب التشوه الخلقي ؟


الجواب :
عمليات التجميل تختلف بين عملية وأخرى ، فإن كانت عمليات التجميل تبديلاً لخلق الله بحيث يغيّر الإنسان ما فطره الله تعالى عليه ، يغير خلق الله إلى خلق آخر فهذا غير جائز لأنه من وحي الشيطان ، فالشيطان قال فيما ذكره من قصده في إغواء هذا الإنسان ( وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ)(النساء: من الآية119) ، فتبديل خلق الله أمر غير مستساغ قطعا ، أما إن كان هذا لأجل تشوه وقع خارج عن الفطرة وإنما هو تشوه حصل للإنسان حتى ولو كان هذا التشوه تشوها خلقيا ويؤدي به إلى الضرر سواءً كان الضرر ضرراً جسديا أو كان ضرراً نفسيا بحيث يشعر دائماً كأنه أمام الناس مزدرى ومحتقر وينعكس أثر ذلك على نفسه ففي هذه الحالة لا مانع من إزالة التشوهات فحسب من غير تبديل لخلق الله ، والله تعالى أعلم .


السؤال(3)
كم هو نصاب الذهب ، وهل على الحلي زكاة ؟


الجواب :
نعم ، هذه المسألة وإن وقع فيها الخلاف بين علماء الأمة إلا أن القول الذي نأخذ به والذي تعضده الأدلة هو أن في الحلي زكاة ، لا فرق بين الحلي وغيره عندما يكون الحلي من أحد النقدين بحيث يكون ذهباً أو فضة ففيه الزكاة ، والأدلة على ذلك كثيرة منها قول الله تعالى ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )(التوبة: من الآية34) ، وعموم حديث النبي صلى الله عليه وسلّم : ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حق الله فيهما .. إلى آخر الحديث الشريف . فالحديث عام بجانب الأحاديث الخاصة التي دلت على نفس زكاة الحلي ، وهذه الأحاديث لم تعارض إلا بأحاديث أخرى أضعف منها متناً وأضعف منها سندا ، فلذلك أخذنا بالأحاديث الأقوى التي تعتضد بالعمومات .
ونصاب الذهب هو عشرون مثقالاً ، والعشرون مثقالاً بحسب التقديرات التي توصل إليها بعض علماء العصر رأوا أنها بحسب معايير العصر هي خمسة وثمانون جراماً ، فإذا وصل الذهب إلى هذا المقدار وجبت الزكاة فيه ، والله تعالى أعلم .


السؤال(4)
بعض الشباب يتخذون هؤلاء الذين ابتلاهم الله بعاهة في عقولهم مجال سخرية وتسلية ، فنريد كلمة لهؤلاء .


الجواب :
حقيقة الأمر هذا يعود إلى عدم الوازع الديني من ناحية ، ويعود إلى عدم التربية الأخلاقية من ناحية أخرى ، فإن من تربى على الأخلاق الفاضلة ، وتربى على توقير الكبير ، وعلى الرحمة بالصغير لا يمكن أن تصدر منه هذه التصرفات ، هذه التصرفات هي تصرفات قوم شاذين خارجين عن الفطرة السليمة التي فطر الله تعالى عباده عليها ، وإنما دفعت بهم التربية السيئة إلى الإنزلاق في هذه المزالق ، والوقوع في هذه المهالك .
والإيمان حاجز للإنسان من ذلك كله ، لأن المؤمن يدرك تمام الإدراك أن الله تبارك وتعالى هو الذي خلق هذا الإنسان هذا الخلق ، هو الذي حرمه من نعمة العقل أو من نعمة وفرة العقل ، فلئن كان هذا ابتلاءً من الله تبارك وتعالى فإذن السخرية منه إنما هي سخرية من الله الذي ابتلاه هذا الابتلاء ، والله تعالى يبتلي من يشاء من عباده بالحرمان من بعض النعم كما يبتلي من يشاء من عباده بتوفير النعم فكل ذلك ابتلاء من الله ، يبتلي الله من ابتلي بنقص النعم حتى يبلو الله تعالى صبره من جزعه ، ومن وفّر نعمته فإنما يبتليه الله تبارك وتعالى ليبلو شكره من كفره فجدير بهذا الذي آتاه الله تعالى النعمة نعمة العقل إن كان يتصور نفسه عاقلا أن يستخدم هذه النعمة في طاعة المنعم ، واستخدامها في طاعة المنعم تقتضي أن يكون حريصاً على عدم احتقار أحد من الناس وتنقيص أحد من الناس بسبب ما به من آفة أو عاهة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم يقول : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يقتله ولا يحقره حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم . فما بال هذا الإنسان يحقر أخاه المسلم لأنه ابتلي بآفة أو عاهة ، لأنه أصيب في عقله .
على أن التسلية لا تكون بهذا ، إنما يتسلي الإنسان بالنظر في آيات الله والاعتبار بخلقه ، واستجلاء نعمه في هذه المخلوقات التي خلقها سبحانه وتعالى وسخرها لعباده فإن ذلك هو الذي يسلي الإنسان .
على أن الإنسان يعلم أن كل ما بيده من نعمة إنما هو من عند الله ، وأن الله تعالى قادر على أن يسلب منه أي نعمة من هذه النعم في أي وقت من الأوقات ، فلا يتوقف هذا السلب على إرادة الإنسان وإنما هي إرادة الله تعالى ، فالحياة نفسها تسلب من الإنسان على غير اختيار لينقلب من كونه حياً إلى كونه جثة هامدة ، وقد يتحول من العقل إلى أن يكون أقل الناس عقلا يتصرف تصرف المجانين ، وقد يكون أيضاً هذا الإنسان الذي آتاه الله تبارك وتعالى صحة في جسمه يتحول فجأة إلى مصاب بعاهة تجعله عبرة لعباد الله ، والعاقل هو من اعتبر بغيره ، والأحمق أو الجاهل هو من اعتبر به غيره ، والله تعالى المستعان .


السؤال(5)
امرأة تتعاطي نوعاً من العلاج يتسبب في تأخيرها لصلاة الفجر ، فما الحكم في ذلك ؟


الجواب :
إن كان هذا العلاج ضرورياً فذلك لا يمنع لأن ذلك ليس بيدها ، والعلاج لا بد منه ، أما إن كانت تجد علاجاً آخر فإن ذلك العلاج الاخر ينبغي ان تأخذ منه ما يكفيها عن هذا العلاج إن كان يغنيها عن هذا العلاج ، ذلك لأن المحافظة على الصلاة في أوقاتها واجبة هذا إن كان الإنسان لا يملك القدرة على هذه المحافظة على الأوقات أما إن كان ينام ولا ينتبه من نومه إلا بعد مضي الوقت فهو متعبد بأن يصلي الصلاة متى انتبه من نومه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم : من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا تذكرها .


السؤال(6)
امرأة نذرت فعل شيء ما ولم تستطع بسبب عدم وجود المال أو بسبب الفقر ، فما الحكم في ذلك ؟


الجواب :
هذا النذر بما أنها نذرته يكون متعلقاً بذمتها ، فمتى منّ الله عليها بالقدرة عليها أن تفي به ، وإن عجزت عنه فالله أولى بعذرها .


السؤال(7)
ما الحكم في تقويم الأسنان المتباعدة ، وهل يفرق في ذلك بين ذكر وأنثى في هذا الأمر ؟


الجواب :
لا يفرق بين ذكر وأنثى ، فإن كان هذا التقويم لا يؤثر تغييراً في خلق الله ، ولا يسبب شيئاً مما يحذر منه الشرع الشريف فلا مانع منه ، أما إذا كان يسبب شيئاً من ذلك أي يكون تغييراً لخلق الله فهو ممنوع .


السؤال(8)
متى تكون الوصية واجبة ؟ فالملاحظ أن غالب الناس يوصون عند أسفارهم للحج ونحوه .


الجواب :
أولاً نحن نرى في القرآن الكريم أن الله تعالى يقول ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ) (البقرة:180) ، فهذه الوصية يدل القرآن على أنها واجبة ، ويجعلها حقاً ، حقاً على من ؟ حقاً على المتقين ، ومعنى ذلك أنها حق على كل مسلم ، لأن كل مسلم مطالب بأن يتقي الله تبارك وتعالى ، فهي حق في رقاب العباد بشرط أن يكون الإنسان بيده شيء من المال الذي يتركه .
وكلمة ( خير ) هنا كلمة مطلقة لم تقيد بقيد ، وقد اختلف العلماء في مقدار المال الذي عندما يتوفر لدى الإنسان عليه أن يوصي بشيء لأقربيه الذين لا يرثونه صلة لهم بعد الموت كما أن عليه أن يصلهم في حياته بقدر ما يستطيع ، اختلف العلماء في ذلك ، والقول الفصل في هذا بأن ذلك يعود إلى العرف فما يعرف عند الناس بأنه مال يكفي صاحبه لحاجاته ويفضل شيء منه لورثته فعليه أن يوصي بشيء ولو كان يسيراً لأولئك الذين لا يرثونه ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم يقول : ما حق رجل مسلم يجد ما يوصي به أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه . ومعنى ذلك أن الإنسان يطلب منه من أول الأمر أن يتعجل في الوصية ، حتى لا يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة معدة ، إذ لا يدري متى يفجؤه ريب المنون ، مع أن هذه الوصية فرضها الله تبارك وتعالى عند حضور الموت على كل من كان يملك خيراً أي يملك مالا ، ولا يدري الإنسان متى يحضره الموت فقد يحضره فجأة من غير أن تكون له مقدمات .


السوال(9)
توجد رواية عن الإمام جابر بن زيد رحمه الله تعالى أنه قال للسيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : إني أحبك . ثم تذكر أنه لم يقل لها في الله ، فرجع وقال لها : إني أحبك في الله . فقالت له : أو تظن في غير الله يا أعور .
فهل هذه الرواية صحيحة ، وعلى تقدير صحتها هل التلفظ أو الإفصاح بحب المرء امرأة في الله خاص بأمهات المؤمنين وهل للمرء أن يفصح لأي امرأة بهذا الشعور .


الجواب :
أولاً قبل كل شيء من حيث الرواية هي رواية مذكورة في آثار أهل العلم ، وهي مما أضافه الإمام أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني رحمه الله إلى مسند الإمام الربيع ابن حبيب من رواية أبي سفيان محبوب بن الرحيل رحمه الله ، ولكن من حيث السند لم يتصل سندها ، فهي رواية لم يتصل سندها ، ولكن مع ذلك ليس بمستبعد أن يقول الإمام أبو الشعثاء جابر بن زيد رحمه الله لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بأنه يحبها في الله ، أو أنه يحبها ثم يلوم نفسه لأنه من المعلوم أن هذا الحب لن يكون إلا في الله فيصرح بأن حبه إياها إنما هو في الله .
وثانياً لا يمنع المسلم أن يصرح لمسلمة أن يحبها في الله ، ولا تمنع المسلمة أن تصرح لمسلم أنها تحبه في الله ذلك لأن المودة بين المؤمنين والمؤمنات مشتركة ، فالمودة هي تجسيد للولاية التي تجب بين المؤمنين والمؤمنات ، والله تبارك وتعالى بيّن أن هذه الولاية ليست خاصة بين المؤمنين وحدهم أو بين المؤمنات وحدهن بل قال ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ )(التوبة: من الآية71)
فالتواد في الله سبحانه وتعالى إذاً مشروع بين هؤلاء جميعاً ، بين هؤلاء المؤمنين والمؤمنات الذين التزموا أوامر الله وانقادوا لحكمه ، وأذعنوا لطاعته ووقفوا في حدوده فصاروا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله ، ونحن نوالي كل رجل متصف بهذه الصفات ، ونوالي كل امرأة متصفة بهذه الصفات ، نوالي كل مؤمن ومؤمنة ، ولما كنا نوالي كل مؤمن ومؤمنة اتصف بهذه الصفات فلا يمنع أن نصرح للرجل المؤمن بأننا نحبه في الله ، وأن نصرح للمرأة المؤمنة بأننا نحبها في الله ، والله تعالى أعلم .


السؤال(10)
ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي ؟


الجواب :
الاحتفال بذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلّم أمر لم يعهد عند السلف ، لم يعهد في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم نفسه ، ولم يعهد في عهد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ، ولم يعهد في عهد التابعين وإنما حدث بعد قرون ، بعد مضي ثلاثة قرون ، وأول ما حدث عند الفاطميين ، والناس يقدحون في معتقدات الفاطميين ، ويرون أنهم يريدون أن يطووا حقيقة معتقداتهم وأن يظهروا خلاف ما يضمرون فلذلك أظهروا الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلّم ستراً على معتقداتهم لأن معتقداتهم غير إيمانية ، هذا هو قول الذين حجروا على الناس أن يحتفلوا بهذه المناسبة الكريمة .
ومنهم من قال بأن هذه وإن كانت بدعة إلا أنها بدعة حسنة ، فالبدعة الحسنة ما كان لها أصل في شرع الله ، والبدعة السيئة ما لم يكن لها أصل في شرع الله وإنما كانت مخالفة لشرع الله .
والله سبحانه وتعالى شرع لعباده ما يأتون وما يذرون ، وبيّن النبي صلى الله عليه وسلّم ذلك ، فالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام بيّن كثيراً مما سكت عنه القرآن الكريم وبيّن مجملات القرآن الكريم ، ولكن مع ذلك قد تكون بياناته صلى الله عليه وسلّم مجملات ، وعندما يكون عمل الإنسان يوافق شيئاً من هذه المجملات التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلّم أو عمل بمقتضاها فإن هذه البدعة تكون بدعة حسنة عندئذ .
ونحن عندما ننظر إلى الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلّم نجده أنه يجسد حب الإنسان المسلم للنبي صلى الله عليه وسلّم ، وإن كان هذا الحب يجب أن لا ينحصر في هذا الجانب وحده ، فإن محبته صلى الله عليه وسلّم ليست محبة عاطفية فحسب حتى تكون كمحبة غيره لا تكاد تثور حتى تغور ، وإنما محبته محبة عقيدة ، وهي يجب أن تكون متجسدة في الاقتداء به عليه أفضل الصلاة والسلام وترسم خطواته .
ومن شأن الإنسان أن يحب الاقتداء بالعظماء ، وأي عظيم أعظم من النبي صلى الله عليه وسلّم ، ومن شأن الإنسان أن يسارع في هوى من يحبه ، وأي أحد أولى بالحب من النبي صلى الله عليه وسلّم ، فلذلك كان حرياً بهذا الذي يحب النبي صلى الله عليه وسلّم أن يحرص على تجسيد هذا الحب في إحياء سنته وفي اتباع أوامره وفي الازدجار عن نواهيه .
على أن اتباعه صلى الله عليه وسلّم ليس تجسيداً لحبه وحده وإنما هو تجسيد لحب الله تعالى أيضا ، فإن الله تعالى يقول ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ )(آل عمران: من الآية31) ، ولكن مع هذا ، هذا الإنسان ليس خالياً من العاطفة ، ولما كان ليس خالياً من العاطفة فقد يريد أن يُظهر هذا الحب في مظهر ، إلا أن هذا ينبغي أن يؤطر في الإطار الشرعي وذلك بأن تكون هذه المناسبة يحتفي بها المسلم احتفاءً بعيداً عن البدعة ، فلا يكون في ذلك اختلاط بين النساء والرجال ، ولا يكون في ذلك أيضا شيء من مظاهر الإسراف والبذخ ذلك لأن الإسلام يحرم هذه الأمور ، ومع هذا أيضا لا بد من أن يكون هذا الاحتفاء بنّاء بحيث يترجم إلى عمل واقعي ، أي عمل دعوي يحرص المسلمون على استغلال هذه المناسبة من أجله بحيث يستثيرون في إخوانهم المسلمين هذه العاطفة لأجل اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلّم وإحياء ما اندرس منها ، وإبلاغ دعوته إلى الناس ، وهذا لا يتم إلا عندما تكون هذه الاحتفالات متجددة ، ومعنى كونها متجددة أن لا يقتصر الإنسان على تلاوة قصة مولد النبي صلى الله عليه وسلّم ، قصة قد تكون كتبت قبل مئات السنين أكل عليها الدهر وشرب حتى أصبحت تمل من كثرة ما تردد على الأسماع ، على أنه لا يمكن أن يردد حديث على الأسماع باستمرار إلا ويمل ماعدا قول الله تعالى .
ومع هذا علينا أن نفرق بين كلام الله وكلام غيره ، فكلام الله تلاوتنا له تلاوة تعبدية ، فإن الأعجمي الذي لا يعرف من العربية شيئا يتلو القرآن الكريم فيكتب الله تعالى له أجراً على تلاوته القرآن بخلاف ما يُتلى من كلام الناس ، فإن الذي يُتلى من كلام الناس إنما يتلى من أجل الاستفادة من فائدته ، حتى كلام النبي صلى الله عليه وسلّم لا يُتلى من أجل التعبد به ، نحن لا نقراً حديث الرسول صلى الله عليه وسلّم من أننا نتقرب إلى الله بقراءته كما نتقرب إلى الله بقراءة القرآن الكريم ، وإنما نتلوه ونتقرب إلى الله بتلاوته من أجل تفهمنا معناه ومن أجل محاولتنا لتطبيق مضمونه .
ولئن كان هذا في كلام النبي صلى الله عليه وسلّم فكيف بكلام غيره من الناس ، ولئن كان الأمر كذلك فإنه من المفروض أن تربط هذه المناسبة بالواقع ، وذلك بأن يُكشف للناس كيف كان عظم هذا الحدث التاريخي ، وماذا ترتب عليه من خير عظيم للإنسانية ، وماذا يجب على الأمة المسلمة أن تصنع الآن وهي قد بعدت كثيراً عن هذا المصدر بحيث أصبحت الآن تقلد الآخرين بدلاً من أن تتبع خطوات النبي عليه أفضل الصلاة والسلام ، وأصبحت تعتز بحذوها حذو غيره من الناس ولربما كان أولئك كفرة ، أكثر مما تعتز بارتباطها بالتأسي بالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام ، مع معالجة قضايا العصر على ضوء هذه المناسبة ، ففي هذه الحالة تكون هذه المناسبة مناسبة بناءة ، ويكون الاحتفاء بذكراها سبباً لإزالة كثير من غبش التصور عن كثير من الناس ، ويكون ذلك سبباً لارتباط كثير من الناس بعقيدتهم ، وارتباطهم بأخلاقهم ، وارتباطهم بأوامر ربهم ، وارتباطهم بسنة نبيهم عليه أفضل الصلاة والسلام .


السؤال(11)
امرأة لزمها مبلغ من المال لأحد الخياطين ثم سافر هو الآن وهي تسأل ما السبيل لإيصال هذا المال وقد تعذر وصولها إليه ومعرفتها مكانه فماذا تصنع فيما لزمها له ؟


الجواب :
عليها أن تحرص على إيصال هذا المال إليه إن كانت تجد سبيلاً إليه ، وعندما لا تجد السبيل عليها أن تسأل عن السبيل بقدر المستطاع ، فإن تعذر ذلك عليها ولم تجد سبيلاً قط إليه ففي هذه الحالة تدفع ذلك إلى فقراء المسلمين ، والله تعالى أعلم .


السؤال(12)
ما حكم استعمال الحناء بالنسبة للرجال إذا استخدمه للعلاج ولم يقصد به الزينة ؟


الجواب :
أما التزين بالحناء فهذا من خصائص النساء ، وقد جاء في حديث رواه أبو داود من طريق أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم جيء إليه بأحد خضب يديه ورجليه بالحناء . فقال ما بال هذا ؟ فقيل له : إنه يتشبه بالنساء . فأمر به فنفي إلى النقيع . وهذا يعني أنه لا يجوز لأحد أن يخضب يديه أو رجليه بالحناء لأجل الزينة لأن ذلك من شأن النساء لا من شأن الرجال ، وقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلّم : لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال . وإن كان يصنع ذلك علاجاً بحيث لم يجد علاجاً آخر إلا هذا العلاج لعلة به فذلك لا يمنع ، إن كان ذلك علاجاً ولا يغني عنه علاج آخر .


السؤال(13)
هل يكون المؤذن إماماً ، وكذلك الإمام هل يتولى أمر الأذان والإقامة ؟


الجواب :
ينبغي أن يؤذن غير من يؤم ، وأن يؤم غير من يؤذن إلا إن لم يوجد من يقوم بهذه المهمة إلا شخص واحد ، والله تعالى أعلم .


السؤال(14)
هل يصح للمرأة أن تصبغ شعرها الأسود بلون آخر ؟


الجواب :
هذا من تبديل خلق الله ، وهذا من الاقتداء بالآخرين ، تريد المرأة أن تشقر شعرها لتخرج عن الفطرة التي فطرها الله تعالى عليها ، هذا غير جائز .


السؤال(15)
ما حكم الشراء بعملة كأن يذهب رجل إلى دولة ما وتكون معه عملة بلده ثم في معاملته تلك يدفع عملته التي معه وترجع له باقي القيمة بعملة أخرى غير العملة التي دفعها ؟


الجواب :
لا حرج إن كان ذلك يداً بيد ، ولم يفترقا وبينهما شيء .


تمت الحلقة بعون الله وتوفيقه

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 04-02-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 5 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



سؤال أهل الذكر 19 ربيع الآخر 1423هـ ، 30 /6/2002م

السؤال (1)
أب وابن تزوجا أخوات ، ثم أن أحد الجيران أعطى زوجة الأب ابنته لترضعها ، ثم بعد زمان تزوج ابن الابن البنت التي أرضعتها زوجة الأب " أي خالته " .. اكتشف هذا الأمر في الفترة الأخيرة ، وتم الانفصال وذلك عندما سئل سماحة الشيخ الجليل عن ذلك . ولكن بعد فترة لم يستطع الزوج الصبر عن زوجته والتي هي أخته ، متعللا بأولاده وأرجعها وأنجب منها طفلا …
ما قولكم سماحة الشيخ ، وما نصيحتكم لهم ولوالديهم ، والى مشايخ البلدة الذين لم يتكلموا بشي ؟


الجواب:
لا ريب أن الله تبارك وتعالى عندما أباح الزواج قيده بقيود وضبطه بضوابط . ومن بين هذه القيود أن لا يكون الزواج زواج بذات محرم . ذوات المحارم جاء بيانها في كتاب الله عندما قال الله تعالى ( وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً * حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء:22-23). فالمحارم لا بد من أن تتقى ، لأن الله سبحانه وتعالى إنما حرمها لحكمة علمها عز وجل .
ومن بين هذه المحارم من الرضاع . فالحرمة تقع من أجل علاقة نسبية أو علاقة سببية ، فالعلاقة السببية تنقسم إلى قسمين : أما أن تكون صهرا وأما أن تكون رضاعة . فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
وفي تعداد المحارم في هذه الآية الكريمة قال الله تبارك وتعالى (… وَأُمّهَاتُكمُ الّتي أَرْضعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكم مِّنَ الرّضاعَةِ ) .
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام تؤكد هذه الحرمة وتدل على أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
ومعنى ذلك أن كل علاقة محرمة من قبل النسب يحرم مثلها من قبل الرضاع . فالمرضعة تحرم لأنها أم ، وبنت المرضعة تحرم لأنها أخت ، وأخت المرضعة تحرم لأنها خاله ، وأم المرضعة تحرم لأنها جدة ، وعمة المرضعة تحرم لأنها عمة أم ، وخالة المرضعة تحرم لأنها خالة أم ، وبنت ابن المرضعة تحرم لأنها بنت أخ ، وبنت ابنة المرضعة تحرم لأنها بنت أخت .. وهكذا .. فكل ما يحرم من الرضاع يحرم من النسب ، وكذلك زوج المرضعة يكون أباً للطفل الراضع فيحرم الزواج بين الطفل الراضع وبين من يحرم عليه من قبل أبيه الذي ولده من الأنساب في حكم الرضاع ، إذ هذه العلاقة النسبية حكمها نفسه حكم العلاقة التي تكون من الرضاع ـ كما ذكرنا ـ .
وبناء على هذا فان زوجة الجد ـ أب الأب ـ إن أرضعت طفلا ، فذلك الطفل هو ولد لذلك الجد ، وإن أرضعت طفلة فتلك الطفلة هي بنت لذلك الجد . أي في هذه الحالة حسب ما جاء في هذا السؤال تكون هذه الراضعة من زوجة الجد عمة لهذا الذي تزوجها ، لأنها أخت أبيه من الرضاع فهي عمته فيحرم عليه أن يتزوج بها . ولما تبينت هذه العلاقة وانكشفت بعدما كانت بينهما علاقة زوجية ظاهرة فإنه في هذه الحالة يتبين بطلان تلك العلاقة الزوجية ، ويتبين أن الاستمرار عليها أمراً محرم لإنه استمرار على نكاح المحرم ، والتفريق بينهما أمر لازم فلا بد من التفريق بينهما بعدما تأكد هذا الرضاع .
وكما قلنا يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي ـ عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام ـ لأجل ذلك فإن رجوع هذا الشخص إلى تزوج تلك المرأة التي تبين له أنها عمته من الرضاع مرة أخرى ما هو إلا رجوع إلى الباطل وإصرار عليه ، وتزوج بذات محرم منه . وفي هذه الحالة يكون زانيا بذات محرم ، وذات المحرم الزنا بها أشد من الزنا بغيرها من النساء _ وإن كان الزنا كله شديدا ـ فان الله تبارك وتعالى قال ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الإسراء:32) ، ولكن الزنا بذات المحرم هو اشد أثما ومن اجل ذلك جاء في روايات عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أن الزاني بذات محرم يقتل حدا أي ولو كان غير محصن _ أي ولو كان بكرا ـ ، وهذا الذي فعله عبد الملك ابن مروان وأثنى عليه بسبب ذلك الإمام أبو الشعثاء ـ رضي الله عنه ـ فقد جيء عبد الملك بن مروان برجل تزوج زوجة أبيه فقال له : كيف تزوجت أمك ؟ قال : ليست أمي وإنما هي امرأة أبي ، ولم أدر إنها حرام علي . فأمر عبد الملك بضرب عنقه وقال : لا جهل ولا تجاهل في الإسلام . فأثنى على ذلك الإمام أبو الشعثاء وقال : أجاد عبد الملك أو أحسن عندما بلغه صنيعه هذا ..
فهكذا الأمر ينبغي في هذه الحالة ، بل يجب أن يتعاون الكل على تغيير هذا المنكر وسكوتهم عن هذا المنكر إنما هو سكوت عن باطل وإقرار له . ومن سكت عن الباطل وأقره استحق لعنة الله تعالى ، فان الله عز وجل يقول ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ* كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة:78-79) ، فحال هؤلاء الساكتين مع علمهم بهذا حال أولئك الذين استحقوا هذه اللعنة من بني إسرائيل .. والله المستعان .


السؤال (2)
هل تشمل عموميات الوعيد التي في الآيات حتى من لم يتب ؟


الجواب:
طبعا عمومات الوعيد إنما هي فيمن لم يتب لأن الله تبارك وتعالى قيدها بعدم التوبة فالله تعالى يقول ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) ( الفرقان :68-70) .
والله سبحانه وتعالى يقول أيضا ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93)
وهذا مقيد بها إذا لم يتب الإنسان ، أما مع التوبة فان الله سبحانه وتعالى يتقبل توبته .
وآيات الوعيد وأحاديث الوعيد إنما تجري في مجراها في عمومها إلا فيمن تاب فقط . أما غير التائب ـ فإن غير التائب ـ يجري عليه عموم الوعيد .
وقول من قال بأن الله تبارك وتعالى ينجز وعده ويخلف وعيده ليس بشيء لأنه يترتب عليه أن الله سبحانه وتعالى عندما يتوعد على أمر ما ، إما إن يكون عالما بأنه سيخلف هذا الوعيد وهذا يعني الكذب في كلام الله ـ تعالى الله على ذلك ـ ، وإما أن يكون يعني أن الله سبحانه وتعالى يبدو له فيما بعد إن يخلف هذا الوعيد بعدما كان أول الأمر في علمه إنه سينفذه وهذا يعني الجهل ، والجهل منتفي عن الله . لأن الله تعالى يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن أن لو كان كيف يكون .
كل من ذلك معلوم له سبحانه وتعالى وبكل شي عليم كما انه على كل شيء قدير.
وجاءت الآيات القرآنية تدل على أن كلمات الله تعالى لا تبديل لها وان الوعيد لا يتبدل فالله سبحانه وتعالى يقول ( لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ِ) ( ق: 28-29) .
ويقول سبحانه وتعالى أيضا (ِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ)(يونس: من الآية64) ، ويقول :( إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)(آل عمران: من الآية9) .
فالقول بأن الله سبحانه وتعالى ينجز وعده ويخلف وعيده هو في منتهى الخطورة .
على إن هذا الادعاء هو الذي يدفع إلى انتهاك الحُرم والوقوع في المعاصي وارتكاب الموبقات ، فإن الله سبحانه وتعالى ذكر عن بني إسرائيل الوقوع في هذا الأمر ، وهذه الأمة حُذرت أن تتبع سنن ما قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع ، وقد وقعت في ذلك ـ والعياذ بالله ـ فالله سبحانه وتعالى يقول في بني إسرائيل ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا)(الأعراف: من الآية169) .
نعم هذا الأمر الذي وقع فيه أولئك الذين يقولون بأن الله سبحانه وتعالى ينجز وعده ويخلف وعيده إنما يتعلقون بأماني المغفرة .
على أن هذه الأماني قد اجتثت بالنصوص القاطعة في كتاب الله ، فان الله تبارك وتعالى يقول وهو اصدق القائلين ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً) (النساء:123)
أما كون أن هذه الأدلة أدلة عامة وأن العموميات قد خصصت وما من عام إلا وقد خصص . فان ذلك ليس على إطلاقه ، إذ ليس كل عموم يكون في دلالته ظنية ، إذ من العمومات ما لا يحتمل التخصيص بحال من الأحوال .. من العمومات ما لو قيل بتخصيصه لأدى ذلك ـ والعياذ بالله ـ إلى الكفر فمن ذلك قول الله سبحانه وتعالى في وصف نفسه ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) ( الإخلاص :3-4) ، فقوله ( لَمْ يَلِدْ ) نفي لأن يكون الله تبارك وتعالى والداً لأي أحداً كان ، لأن المنفي هنا فعل والفعل حكمه حكم النكرة ، فكما أن النكرة إذا كانت في سياق النفي تفيد العموم ، كذلك الفعل إذا كان في سياق النفي يفيد العموم.
وكذلك قوله( لَمْ يُولَدْ )هو نفي للمولودية عنه سبحانه وتعالى ، فهو لا يتصف بها بالنسبة إلى أي أحد كان فلا يجوز بأن يقال أن هذا العموم خصص وأنه مولود لبعض الخلق دون بعض ، فهو تبارك وتعالى لا يتصف بالمولودية كما أنه لا يتصف بالوالدية.
وكذلك قوله سبحانه بعد ذلك ( وَلَمْ يَكُن لّهُ كفُواً أَحَدُ ) فهو على عمومه ولا يمكن أن يقال بأنه خصص وأن أحد من خلقه يمكن أن يكون كفوا له تبارك وتعالى فإن الله عز وجل لا يكافأه شيء من خلقه ـ تعالى الله أن يكون له كفوء ـ .
ومثل ذلك قول الله سبحانه ( وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً) (الجـن:3) ، هذا العموم يجب أن يبقى كما هو على عمومه ، وبقائه كما هو على عمومه لأن تخصيصه يؤدي إلى بطلان التوحيد ؛ ذلك لأن من قال بأن هذا خُصص وأن الله تبارك وتعالى اتخذ بعض الصواحب فمعنى ذلك أنه تبارك وتعالى صار مفتقرا إلى الصاحبة ـ تعالى الله عن ذلك ـ . فقوله سبحانه وتعالى( مَا اتخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً) كذلك هو على عمومه سواء كان من حيث الصاحبة أو من حيث الولد لأنه يستحيل أن تكون لله تبارك وتعالى صاحبه أو أن يكون له ولد ..
ومثله قوله تعالى (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)(الكهف: من الآية49)، فإن بقاء هذا العام على عمومه أمر قطعي ولا يمكن أن يشك فيه أحد ، إلا من أراد أن ينسب إلى الله تبارك وتعالى ما هو بريء منه من الظلم ..
ومثله قوله تعالى ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ )(محمد: من الآية19) ، ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ) هو على عمومه أي نفي ألوهية أي أحد غير الله تبارك وتعالى ، والدلالة على ذلك دلالة قطعية إذ لو كانت هذه الدلالة دلالة ظنية لساغ الشك في وجود إله غيره تبارك وتعالى .
وكذلك قوله سبحانه وتعالى ( لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)(الحاقة: من الآية18) فإن قوله ذلك على عمومه وإلا لكان هنالك مجال للشك في أن بعض الأشياء تخفى على الله سبحانه . ومثل هذا كثير ، وضابط ذلك أن يكون تخصيص هذا العموم يؤدي إلى أمر لا يقره العقل ، لأنه يؤدي إلى نقص في حق الله تبارك وتعالى .
ومسائل الوعيد تعود إلى هذا النحو لان الله تبارك وتعالى متصف بالعدل فهو لا يحابي أحداً من الناس ، كلهم سواء ، ليست بين أحد من خلقه تبارك وتعالى وبينه عز وجل صلة نسب ولا صلة سبب إلا التقوى . فالصلة التي بين العباد وبين ربهم سبحانه وتعالى هي صلة التقوى ، فلذلك كانت محاباة بعض الناس بأن يتهاون في حقهم وأن يشدد على الآخرين أمر يستحيل على الله تبارك وتعالى لأنه ينافي العدل الذي هو متصف به عز وجل فلذلك كانت هذه الأدلة أدلة قطعية . والله تعالى أعلم .


السؤال (3)
ما حكم الركعتين اللتين قبل صلاة الظهر ؟ هل هما واجبتان ؟ أم في مرتبة المستحبات ؟ وهل تاركهما آثم أم لا ؟


الجواب :
هما سنة مرغب فيها ، ولا يصل الأمر بها إلى درجة الوجوب ، فمن تركها لم يقترف إثما ، ولا يترتب على تركها شيء من العقوبة عليه . ولكن مع هذا كله إن كان داخلا في المسجد في ذلك الوقت فإننا نرجح بأن تحية المسجد هي سنة واجبة ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها قبل الجلوس ونهى عن الجلوس قبلها اجتمع فيه أمر ونهي . في رواية عنه صلوات الله وسلامه عليه ( إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس ) ، وفي رواية أخرى ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يرجع ركعتين ) ، والله تعالى أعلم .


السؤال (4)
ما هو الدليل على أنه لا تقليد في الأصول ؟ وما هي الأصول ؟


الجواب :
الأصول هي أصول الدين ، فالقضايا التي الأدلة فيها شاهرة والحق فيها ظاهر لا يجوز لأحد أن يقلد فيها . أي ما كان منصوصا عليه نصاً قطعياً في كتاب الله أو ما كان دلالة العقل عليه واضحة جلية ففي هذه الحالة لا يجوز للإنسان أن يرجع إلى التقليد . وكذلك ما ثبت بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم وكانت عليه الدلالة عليه دلالة نصية .


السؤال (5)
ما هي الأمور المعلومة من الدين بالضرورة ؟ وهل هي متفق عليها ام مختلف فيها ؟


الجواب :
الأمور المعلومة من الدين بالضرورة هي كل ما كانت الدلالة عليه دلالة قطعية لا تحوم حولها ريبة قط . ومن ذلك الإيمان بوجود الله ، والإيمان بصفاته سبحانه وتعالى التي هي لا ريب فيها ، والإيمان بالمعاد ـ بيوم القيامة ـ وبمثوبة المطيع وعقوبة العاصي كل ذلك من الأمور التي عرفت من الدين بالضرورة .


السؤال (6)
من الأمور المحزنة تم تزويج بنت عمرها عشر سنوات إلى رجل عمره خمس وستون سنة وذلك طمعا من الأب ، ولسيطرة إحدى النساء على الأب رغم أنها ليست من أقاربه حيث أنها حصلت على مبلغ من المال من الزوج ومن الأب.
ما قول سماحتكم وما نصيحتكم لهم ولوالديهم وإلى مشايخ البلدة ؟


الجواب :
بئس ما يفعله هؤلاء . الزواج ليس هو بيعاً للفتاة المتزوجة وإنما هو ربط مصير بمصير ، ويجب أن يكون بعد موافقة الفتاة نفسها إن كانت بالغة . ولذلك إن كانت دون البلوغ فلها الغير وكل ما أنفقه الزوج إن دخل بها فإنه في هذه الحالة لا يمكن أن يسترد منه شيء مع غيارها وذلك بما أصاب منها .
وعلى الناس أن يتقوا الله تعالى في هذا الأمر ، وأن يدركوا أن الصداق ليس للأب حق فيه ونصيب ، إنما هو حق للفتاة وحدها فإن الله تبارك وتعالى يقول ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً)(النساء: من الآية4) ، ولم يقل وآتوا أولياء النساء الصدقات أو آتوهم شيء من الحقوق أو شيء ، فليس له من الحق شيء إنما الحق كله للفتاه .
فطمع الأب الذي يؤدي به إلى أن يبيع ابنته هذا البيع إنما هو محض طمع فيما لم يأذن الله تبارك وتعالى بالطمع فيه . إنما هو ظلم وعلى الآباء أن يتقوا الله ، وعلى المجتمع أن لا يقر هذه العادات السيئة .


السؤال (7)
بعض المسيحيين الذين أسلموا يدعون لآبائهم بالجنة . ويحتجون بآية من القرآن الكريم في سورة البقرة التي يقول الله تعالى فيها ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:62) ، فمثل هؤلاء يستدلون أنه يمكن أن يدخلون الجنة استدلالاً بهذه الآية فكيف نرد على هؤلاء ؟


الجواب :
أولا علينا أن ندرك معاني القرآن الكريم ، وأن نقف عند حدود الله تبارك وتعالى .
الله تبارك وتعالى نص في مواضع متعددة أن الذين لم يسلموا ليس لهم نصيب من رحمته تبارك وتعالى فقد قال الله سبحانه وتعالى ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85) ، قال عز من قائل ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ )(آل عمران: من الآية19)، وقال سبحانه وتعالى ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) (البينة:6) ، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي نصت على وعيد هؤلاء فعلى الإنسان أن يكون عارفاً معاني ذلك .
أما قوله تبارك وتعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:62) علينا أن نفهم معنى الآية الكريمة .
أولا المفسرون اختلفوا في المراد بهذه الآية الكريمة . هل المراد بها الذين كانوا موجودين أثناء نزول الآية الكريمة ، ومعنى ذلك أن الذين آمنوا أي الذين آمنوا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم . هذا قول طائفة من المفسرين . والذين هادوا هم اليهود والنصارى هم المعروفين والصابئين أيضا هم المعروفين
( من آمن ) أي من تخلى عما كان عليه أول الأمر من الكفر والضلال وآمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون . ومعنى ذلك اتبع الحق واستمسك بالهدى واعرض عن الباطل .
أو أن المراد بالذين آمنوا هذه الأمة - أمة النبي صلى الله عليه وسلم - ووصفهم بأنهم الذين آمنوا إنما هو وصف تغليبي ، وإلا فوصف الإيمان يسلك على كل من كان مستمسك بحبل الله والذين هادوا هم أمة موسى والنصارى هم أمة عيسى والصابئين هم على حسب ما اختلف فيهم .
فيهم كلام كثير ، منهم من قال بأن هؤلاء الحنفيون ، ومنهم من قال هم غيرهم من آمن بالله واليوم والآخر أي من كان مستمسكا بالإيمان بالله واليوم الآخر ومتبعا لشريعته التي جاءت من عند الله تبارك وتعالى من غير تفريط فيها ومن غير أن يكذب رسالة من رسالات الله فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، ومعنى ذلك أن هؤلاء أن كانوا على ما هم عليه قبل أن تأتي الرسالة الخاتمة التي بعث بها الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد مجيء هذه الرسالة الخاتمة لا يسع أحدا إلا اتباعها .
فهؤلاء ليسوا على شيء من الحقيقة عندما يقولون هذا القول . عليهم أن يدركوا معاني القرآن . والقرآن الكريم لا يؤخذ بعضه ويترك بعضه إنما يؤخذ به جميعا ، ومتشابه القرآن يرد إلى محكمه . والله تبارك وتعالى أعلم .


السؤال (8)
شاب أسلم وعمره خمسة عشر سنه والأبناء هنا في هولندا لا يكتسبون حريتهم إلا بعد ثمانية عشر سنه والابن في هذه الحالة ـ أو الشاب ـ يواجه مشكلة مع أهله فعندما يريد أن يسمع القرآن الكريم يرفضون ، وعندما يريد أن يأكل الحلال يرفضون ويأكلونه لحم الخنزير .. كيف يتعامل معهم في هذا العمر ؟


الجواب:
عليه أن يتقي الله تعالى حسب استطاعته ، وعلى المسلمين هنالك أن يوجدوا له المأوى والكنف بقدر الاستطاعة لا يكلفون ما لا يطيقون . فعليه أن يخرج في بعض الأحيان ، ولا بد أن يجد فرصة للخروج إلى المراكز الإسلامية أو إلى جماعة المسلمين الموجودين هناك من أجل اللقاء بهم والارتباط بهم وتنفس هواء الحرية في كنفهم ، والله تبارك وتعالى يفتح له ، ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)(الطلاق: من الآية2).
وإن أكّلوه لحم خنزير عليه أن يتقي ذلك قدر استطاعته ، وان أكلوه فعليه أن يقيه إن تمكن من ذلك ، إن أكّلوه كرها .


السؤال (9)
بعض الناس ابتلي بمرض جلدي أو بالبرص أيضا وتقدم لخطبة فتاة ورفض أهلها ورفضت الفتاة أيضا . ما هو الحكم في رفض الولي أو المرأة لهذا الشخص بحجة أنه معوق ؟


الجواب :
لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ، الإسلام يأمر برفع الضرر ، وبما أنه مصاب فعليه أن يحتسب أجره عند الله سبحانه وتعالى ، وليتزوج التي ترغب فيه لا التي لا ترغب فيه حتى لا يكون سبباً لأذاها ، ولا يكلف الولي بأن يزوج موليته بمن يكون وجودها عنده سببا لضررها .


السؤال (10)
إذا قرأ الإنسان الفاتحة ثم أعادها في الصلاة أو أعاد آية منها . هل تبطل الصلاة ؟ وما الدليل ؟


الجواب :
نعم لأن الفاتحة ركن . والركن لا يكر في المقام الواحد . فلا يجوز تكرار الفاتحة وإنما يقتصر على قرأتها مرة واحدة فحسب . والله تعالى أعلم .


السؤال (11)
في قوله تعالى ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)(المائدة: من الآية44) ، هل هو كفر ملة ؟ أم هو كفر دون كفر ؟


الجواب :
هناك أمران ، إن كان يعتقد رداً لحكم الله بأن يعتقد أن ما أنزله الله تعالى باطل وأن ما كان من شرعة الطاغوت هو الحق ففي هذه الحالة يكون راداً لنص قطعي ويكون كفره كفر ملة ، وبهذا يخرج من ملة الإسلام . أما إن كان يرتكب المخالفة مع إيمانه بأن ما أنزله الله تبارك وتعالى هو الحق وأن ما خالفه هو الباطل ففي هذه الحالة يكون كفره كفر نعمة . والله تعالى أعلم .


السؤال (12)
سائلة علمت أن تكبيرة الإحرام واجبة عليها بعد التوجيه قبل خمس سنوات فهل تقبل صلواتها ـ يعني أنها لم تكن تكبر تكبيرة الإحرام ـ ؟


الجواب :
إن كانت لا تكبر رأسا فعليها أن تقضي . وأما إن كانت من قبل تكبر قبل الإحرام فليس عليها قضاء .


السؤال (13)
ما هي نصيحتكم للشباب الذين يضربون أمهاتهم ؟

الجواب :
بئس ما يفعلون وساء ما يرتكبون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
الأم لها مكانة عظيمة في الإسلام ، فالله تبارك وتعالى قرن حق الأبوين بحقه في أكثر من موضع من كتابه الكريم ومع ذلك ـ أي مع تنبيهه على حق الأبوين كليهما ـ بيّن التضحيات العظيمة التي قدمتها الأم ، فالله سبحانه وتعالى يقول ( وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً)(الاحقاف: من الآية15). والله تبارك وتعالى يقول أيضا ( وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (لقمان:14)
والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء نصاً ليدل على ما أشارت إليه الآيتان الكريمتان . الآيتان تشيران إلى أن حق الأم أعظم بعد حق الله تبارك وتعالى فهو أعظم من حق الأب لأن الله تعالى بعد ما ذكر حق الوالدين جميعا نبّه على التضحيات التي قدمتها الأم .
والحديث الشريف جاء نصا فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : يا رسول الله أي الناس أحق بحسن صحابتي ؟ فقال له أمك . قال له: ثم من ؟ قال له : أمك قال له : ثم من ؟ قال له أمك . قال له ثم من قال له أبوك ثم الأقرب فالأقرب . فبين أن حق الأم وذكره ثلاث مرات ثم عطف عليه حق الأب مرة واحدة بثم التي تقتضي المهلة والترتيب .
فهل من حق الأم أن تُضرب بعد هذه التضحيات العظيمة . إن هذه جرأة ليست بعدها جرأة ووقاحة لا تضاهيها وقاحة وعقوق هو أعظم عقوق .
فعلى هؤلاء أن يتقوا الله . ولأن كان الوالد ليس من حقه ليس من حقه التأفف أمامه فلا يجوز أف من الولد فكيف بالضرب .. والله تعالى المستعان .


تمت الحلقة بعون الله تعالى وتوفيقه

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 04-02-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 6 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



سؤال أهل الذكر 9 من جمادى الثانية 1423هـ ، 18/8/2002م
موضوع الحلقة : آداب السؤال


السؤال (1)
في بداية اللقاء سماحة الشيخ نحن بحاجة إلى أن نتعرف على أهمية السؤال ؟


الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فإن الإنسان مطالب بأن يكون على بينة من أمره وبصيرة من دينه بحيث لا يتقدم خطوة في شيء جاء فيه شرع الله تبارك وتعالى إلا وهو على بينة من كون تلك الخطوة التي يخطوها صوابا ، ذلك لأن الإنسان لم يخلق هملاً ولم يترك سدى يقول الله سبحانه وتعالى( أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) (القيامة:36)، فالإنسان خلق ليضطلع بأمانة كبرى ، هذه الأمانة لا يستطيع أن يقوم بواجباتها ويؤديها حق الأداء إلا إذا كان على معرفة وبصيرة .
ولئن كان النظام الذي يسلكه مخلوق في هذه الأرض لا بد من دراسته حتى يكون دارسه على بينة من أمره لئلا يقع في خطأ في شيء منه ، فإن النظام الرباني هو أولى بالدراسة وأجدر لئن يعكف عليه الإنسان عليه حياته كلها ، ذلك لأن الحياة تتجدد وأطوارها تتقلب، وهذه الأطوار مع كل تجدد لا تخرج عن إطار حكم الله سبحانه وتعالى ، فحكمه يتناول الكليات والجزئيات والدقائق والجلائل من أعمال الإنسان ، وقد فرض الله سبحانه وتعالى السؤال في قوله ( فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(النحل: من الآية43) ، والنبي صلى الله عليه وسلّم عندما أقدم قوم على أمر خالفوا فيه الشرع فكان من النبي صلى الله عليه وسلّم التوبيخ لهم ثم أتبع ذلك قوله ( هلا سألوا فإن شفاء العي السؤال ) ، فالإنسان مأمور بأن يسأل وأن لا يتقدم خطوة إلا وهو على بينة من أمره .
هذا ولا ريب أن الإنسان خلق جاهلاً بطبعه فالله تبارك وتعالى يقول ( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً )(النحل: من الآية78) ، ولكن هذا الجهل يتبدد بالسؤال وطلب المعرفة وقد أجاد الشاعر عندما قال :
إذا أنت لم تدر ولم تك بالذي *** يسآل من يدري فكيف إذن تدري
فإذن السؤال هو على قدر من الأهمية ، وبقدر اختلاف حكم المسئول عنه يكون الاختلاف في قدر السؤال ، فإن كان واجباً فعله أو واجباً اتقاؤه وقد كان ذلك أمراً حاضراً فهو من الفرائض اللازمة أو الواجبات على حسب اختلاف العلماء هل الفرض هو الواجب أو الواجب أعم من الفرض ، وذلك بأن يكون الفرض ما ثبت بدليل قطعي والواجب أعم منه بحيث يشمل ما ثبت بالدليل الظني ، وإن كان من الأمور التي هي أوسع من كونها واجباً فعلها أو واجباً اتقاؤها فذلك من الأمر المندوب إليه إن كان أيضاً مما يتعلق بجانب الدين . والله تعالى أعلم .


السؤال (2)
سماحة الشيخ أنتم الآن بينتم أهمية السؤال وأن الإنسان المسلم مطالب بأن يسأل في أمر دينه ، كيف نوفق بين هذه الأهمية وبين ما ورد في بعض الأحاديث من التحذير من كثرة السؤال فالنبي صلى الله عليه وسلّم يقول في حديث آخر مبيناً أن هلاك بعض الأمم إنما كان بسبب كثرة سؤالهم كيف نوفق بين هذا وذاك ؟


الجواب:
أولاً قبل كل شيء علينا أن نعرف معنى السؤال لغة وشرعا ، فإن الشرع كثيراً ما يستخدم الألفاظ في أصولها اللغوية وذلك كالصلاة مثلا ، الصلاة نقلت في الشرع إلى معنى أخص من المعنى اللغوي ، ولكن مع ذلك قد تستعمل شرعاً بالمعنى اللغوي كما في قول الله تبارك وتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(الأحزاب: من الآية56) ، المقصود بالصلاة هنا الدعاء وهذا الأصل الصلاة كما يدل على ذلك قول الشاعر :
عليك مثل الذي صليت فاغتبطي ***نوماً فإن لجنب المرء مضطجعا
لأن ذلك مترتب على قوله من قبل :
تقول ابنتي وقد قربت مرتحلاً ***يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا
ونجد كثيراً في الشرع استعمال الألفاظ التي لها وضع آخر في الشرع غير الوضع اللغوي أو وضع أخص من الوضع اللغوي في المعنى اللغوي كما في قول الله تعالى حكاية عن مريم عليها السلام ( إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً)(مريم: من الآية26( .
والسؤال من حيث اللغة هو الطلب ، طلب الشيء يقال سأل بمعنى طلب ، ولذلك نجد في القرآن الكريم الأمر بإعطاء السائلين وجعل ذلك من جملة ما شرعه الله سبحانه وتعالى من البر ( وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ)(البقرة: من الآية177) ، فإن السؤال هنا بمعنى الطلب .
وقول النبي صلى الله عليه وسلّم ( إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال ) يحتمل أن يحمل على هذا المعنى كما حمله على ذلك بعض الشراح ، ومن المحتمل أن يكون المراد بذلك السؤال الذي فيه تنطع كما كان من بني إسرائيل عندما أمروا أن يذبحوا بقرة ، قيل لهم اذبحوا بقرة لكنهم أخذوا يتنطعون بالسؤال بحيث يدققون تدقيقاً عجيباً فضُيق عليهم بقدر ما ضيقوا على أنفسهم ، هم لم يكتفوا بهذا فهم عندما قيل اذبحوا بقرة تناولوا أي بقرة كانت لكان ذلك مجزياً وكافياً ولكنهم أخذوا يدققون ويتنطعون فسألوا موسى عليه السلام عندما قال ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً )(البقرة: من الآية67) قالوا ( ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ)(البقرة: من الآية68) ، لم يكتفوا بها ( قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) (البقرة:69) ، لم يكتفوا بهذا بل ( قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا)(البقرة: من الآية70) . هكذا ضُيق عليهم بقدر ما ضيقوا على أنفسهم ، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلّم يكره مثل هذه الأمور كسؤال بعض الناس عندما سأله : الحج واجب علينا في كل عام ؟ لذلك اشتد النبي صلى الله عليه وسلّم وغضب حتى احمّر وجهه لأنه لو قال نعم لكان ذلك واجباً وهم لا يقدرون على أن يفعلوا ذلك .


السؤال (3)
سماحة الشيخ قد يقول البعض الآن معرفة الأحكام أصبح أمراً متاحاً لكل أحد من خلال الرجوع للقرآن والسنة ما داما المصدرين الشرعيين لاستنباط الأحكام . لماذا لا يتاح لأي مسلم إشغال عقله واستثمار هذه المصادر المتاحة أمامه الآن ليستنبط الحكم منه ؟


الجواب :
ليس كل أحد قادراً على الاستنباط ، فالاستنباط يتوقف على فنون شتى . من المعلوم أن الله تبارك وتعالى أنزل القرآن بلسان عربي مبين ، واللغة العربية هي أوسع اللغات فلذلك هيأها الله تعالى لتكون وعاء لكلامه فأنزل بها كتابه ، وجاءت السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام بلسان عربي مبين أيضا ، ولكن مع هذا كله قبل كل شيء اللغة العربية دخلها الكثير الكثير من العجمة بسبب دخول أمم في دين الله ، فلذلك احتاجت اللغة إلى فنون شتى وقد تسابق الناس إلى خدمتها ، وكان العجم أكثر من العرب عناية بها ، فنحن نجد أن الذين اعتنوا باللغة العربية ودرسوا فنونها وبحثوا اشتقاقاتها وتأملوا اصطلاحاتها معظمهم من العجم ، وهذا راجع إلى رغبتهم في معرفة القرآن الكريم ، ثم بجانب ذلك هناك طرق للاستنباط وهذه الطرق قد تكون صعبة إلا على من يسر الله تبارك وتعالى ذلك له بحيث تمكن من الوسائل التي تُسهّل له هذه المهمة .
والصحابة رضوان الله تعالى عليهم لسلامة فطرهم ولأنهم صحبوا النبي صلى الله عليه وسلّم وعايشوا نزول القرآن الكريم على قلبه عليه أفضل الصلاة والسلام وعرفوا كيف كانت الآيات تتنزل ولأي مناسبة كانت تأتي أحكامها ، وعرفوا كيف السنة النبوية ترد كانوا أقدر الناس على الاستنباط ، وهم وإن تفاوتوا من حيث الفقه إلا أن ثم قدراً مشتركاً بينهم جميعا في الفقه فكلهم فقهاء وكلهم قادرون على استنباط الأحكام من أدلتها .
ثم جاءت طبقة التابعين وكانوا أقل من الصحابة في ذلك فلذلك كانوا بحاجة إلى أن يرجعوا إلى الصحابة وأن يمارسوا هذا الأمر .
ثم جاءت طبقة من بعدهم واحتاج الناس إلى وضع المصطلحات ، احتاج الناس إلى أن يفهموا اللغة فهماً دقيقاً فأخذ الناس يدرسون فنون هذه اللغة بعدما وضعها الواضعون ، ثم احتاج الاستنباط أيضاً إلى دراسة الطرق والوسائل ، فإن الأدلة الشرعية منها ما هو مجمل ومنها ما هو مبين ، ومنها ما هو عام ومنها ما هو خاص ، ومنها ما هو مطلق ومنها ما هو مقيد ومنها ما متشابه ومنها ما هو محكم ، ومنها ما هو ناسخ ومنها ما هو منسوخ .
فلذلك كان دراسة الفن الذي يمكّن من ذلك أمراَ ضروريا ، فنحن نجد أن العلماء بعد تلك الفترة وضعوا فن أصول الفقه ، والصحابة رضوان الله عليهم وإن لم يصطلحوا على تسمية هذا خاصاً وهذا عاماً وتسمية هذا مطلقاً وهذا مقيداً وتسمية هذا مجملاً وهذا مفصلاً ، إلا أنهم كانوا على قدر من الذكاء والفطنة فلذلك كانت الأحكام تجري على ألسنتهم وفق مراد الله تبارك وتعالى من غير وجود هذه المصطلحات .
ولكن بعدهم أنّى للإنسان الآن وهو يرى الدليل العام أن يأخذ بهذا الدليل العام على أي حال من الأحوال ولو كان ثم مخصصات خصصت هذا الدليل العام ، فكم من مخصص خصص العموم ، حتى أن العلماء قالوا إنه ما من عام إلا وقد خصص ما عدا بعض العمومات التي لا يجوز تخصيصها وهي لا تتعلق إلا بجانب العقيدة لا تتعلق بجانب العمل ، وكذلك نجد أن المطلقات قيدت وأن المجملات بينت وأن هناك منسوخاً وثم ناسخا فلا بد من فهم ذلك ، ولا بد من فهم كيفية التخصيص للعمومات وكيفية التقييد للمطلقات وكيفية البيان للمجملات هذه أمور لا يتمكن منها إلا الحاذقون الفاهمون الذين درسوا هذا الفن وهو فن أصول الفقه .
فأنى للعامي أن يأتي إلى القرآن الكريم وهو يجد في تضاعيف كتاب الله تبارك وتعالى أحكاماً شتى هذه الأحكام جاءت عاماً ولكنها خصصت بمخصصات متعددة مثال ذلك قول الله تبارك وتعالى ( سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ)(النور: 1-2) ، جاء هذا الحكم حكم الزاني والزانية في كتاب الله أنه الجلد ولم يفرق القرآن بين محصن وغير محصن ، ولكن السنة النبوية التي أُجمع على صحتها وأخذت بها الأمة جميعا ، هذه السنة خصصت هذا العموم ودلت على أن هذا الحكم إنما هو خاص بالبكر ، وأما المحصن فلا بد من رجمه .
ذلك نجد أن الله تبارك وتعالى في تعداد المحرمات من النساء قال بعد ذلك ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ)(النساء: من الآية24) إلا أن السنة النبوية بينت أن ثم محارم لم يذكرها القرآن الكريم فلا بد من تخصيص عموم القرآن عموم قوله ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ)(النساء: من الآية24) بتلكم المخصصات التي وردت عليه من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال ( لا تنكح المرأة على عمتها ولا المرأة على خالتها لا الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى ) .
كذلك القرآن الكريم عندما تعرض للمحارم من قبل الرضاع إنما ذكر الأمهات والأخوات فقط ، ولكن السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام بيّنت على أن المحارم تتعدى ما ذكر القرآن إلى كل ما يحرم من قبل النسب فقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلّم ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) ، وثبت عنه ( يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة ) ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلّم ( إنما الرضاع مثل النسب ) إلى غير ذلك فكان في هذا تخصيص .
كذلك نحن نجد في القرآن الكريم قوله سبحانه وتعالى ( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ)(الأنعام: من الآية145) ، نجد أن الله تبارك وتعالى ذكر هنا أربعة أصناف من المحرمات ، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلّم أن يقول بأنه لا يجد فيما أوحي إليه محرماً إلا ما ذكر هنا ، ولكن جاءت مخصصات بعضها من القرآن نفسه وبعضها من السنة النبوية .
فمن المخصصات ما جاء في القرآن الكريم وذلك أن الله تبارك وتعالى حرّم الخمر وهي من جملة المطعومات فهذا تخصيص لهذا العموم ، كذلك حرّم الحق سبحانه وتعالى الصيد على المُحرم وهذا من جملة المخصصات ، كذلك جاءت السنة التي خصصت هذا العموم فالنبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن أكل الحمر الأهلية والنبي صلى الله عليه وسلّم قال ( أكل كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام ) فدل ذلك على أن هذه الآية خُصّص عمومها بمخصصات متعددة .
فلو أخذ الإنسان بالعموم الذي يجده في القرآن لوقع في أمر مريج ، ولقي من الإشكال أمراً لا يكاد يتصور ، ولكن لا بد من النظر في المخصصات ولا بد من النظر أيضاً في المقيدات والمطلقات ولا أيضاً بد من النظر في أسباب النزول أحياناً ، فكل ذلك مما يضطر الإنسان إلى أن يدرس فن أصول الفقه فضلا عن حاجة الإنسان إلى معرفة الناسخ والمنسوخ من الكتاب والسنة ، ومعرفة مقاصد الشريعة الإسلامية لينزل كل شيء منزله وليعطي كل شيء حكمه ، فمن هنا كان التقول على الله تبارك وتعالى بغير علم من أكبر المحرمات ، الله تبارك وتعالى قرن ذلك بالإشراك عندما قال ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف:33) .
واللغة العربية لا بد من أن يكون الدارس للفقه متمكناً منها حتى ينظر في دلالات الألفاظ من حيث اللغة العربية .
نجد أن المجتهد هو بحاجة إلى النحو وبحاجة إلى الصرف وبحاجة إلى البلاغة وبحاجة إلى أصول الفقه وبحاجة إلى علوم الحديث ، بحاجة إلى فنون مختلفة ليتمكن من الاجتهاد .
نجد كثيراً من الاختلاف يبنى على النظر في بعض الحروف في العربية ، كثير من الاختلاف يكون بين الفقهاء وهذا الاختلاف إنما مرجعه إلى النظر في حاجة قد يراها الإنسان أمراً بسيطاً ولكنها في الحقيقة ليست ببسيطة مثال ذلك أن العلماء اختلفوا في التيمم بغير التراب هل التيمم مقيد بالتراب أو يمكن أن يكون بغير التراب ؟ الذين قالوا بأنه يتيمم بأي شيء كان بالتراب وغير التراب قالوا بأن ( منه ) في قوله الله تبارك وتعالى ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ)(المائدة: من الآية6) ، هي لابتداء الغاية ، والذين قالوا لا بد من أن يكون تيمم بتراب يلتصق بالكفين عند ضربهما عليه قالوا بأن ( منه ) هنا للتبعيض .
كذلك مثال ذلك الواو في قوله تعالى ( وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ)(الأنعام: من الآية121) اختلفوا فيها هل هي للحال أو هي للعطف ، وبناء على هذا الاختلاف وقع الاختلاف في حكم أكل ما لم يذكر اسم الله تعالى عليه . والله تعالى أعلم .


السؤال (4)
هناك حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( أعظم الناس جرماً من سأل عن شيء ليحرم ) نريد إطلالة مختصرة حول ماهية السؤال ، ومعنى هذا الحديث .

الجواب :
هذا يرجع إلى ما ذكرناه من التنطع المذموم شرعا ، وذلك أن يأخذ الإنسان في السؤال عن شيء لم يأت به حكم من الله تبارك وتعالى سواء كان نصاً في القرآن أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلّم ، يأخذ في السؤال عنه وهو لم يحرم فيترتب على هذا السؤال أن يرد شرع بتحريمه.
هذا من التنطع ، فلذلك كان النبي صلى الله عليه وسلّم إشفاقاً على أمته يأمرهم أن يتركوه ما تركهم بحيث لا يسألون عن أشياء لم يرد فيها حكم بتحريمها . إذ قبل كل شيء الأصل فيما خلقه الله تبارك وتعالى وجعل فيه منافع للعباد أن تلك المنافع مباحة لهم ، إلا إن دل الدليل الشرعي على رفع هذه الإباحة بتحريم ، ثم من ناحية أخرى أن الأمور التي حرمت في الإسلام هي غالباً أمور محدودة أمور مقيدة أمور معدودة بخلاف الحِل ، فإن الحِل هو الأصل ، ولذلك كان الحل لا ينضبط ولا يتقيد بقيد والحرمة هي التي تتقيد .
الله تبارك وتعالى عندما ذكر المطعمومات استثنى أربعة أنواع من المطعومات ثم جاءت نصوص أخرى في القرآن الكريم كما ذكرنا تدل على تحريم بعضها ، وجاءت أيضاً نصوص قليلة من السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام تدل على تحريم بعضها وإلا فالأصل أن كل مطعوم نافع هو حلال ولا يحرم ، ثم كذلك نأتي إلى المنكوحات من النساء الله تبارك وتعالى بيّن ما يحرم نكاحه من النساء ثم قال ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ)(النساء: من الآية24) إلا ما جاءت السنة مبينة أنه يحرم فذلك مخصص بهذا العموم .
كذلك أيضاً أنواع اللباس أباح الله تبارك وتعالى الانتفاع بما خلقه في هذه الأرض( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً )(البقرة: من الآية29) ، ومن بين ذلك الملبوسات وإنما جاء تحريم الذهب وتحريم الحرير على الرجل وتحريم لبسة الخيلاء وهكذا فإذن المحرمات هي معدودة ، والأصل في الحل الإطلاق بخلاف الحرمة فالأصل فيها أن تكون مقيدة أن تكون غير مطلقة ، فلذلك يمنع أن يأتي الإنسان وهو يرى هذه الأدلة التي تدل على إطلاق الحل وتقييد الحرمة أن يأتي ويأخذ في التنقير والبحث حتى يترتب على سؤاله أن يرد نص شرعي بتحريم ما لم يكن حراماً من قبل فهذا هو الممنوع والله تعالى أعلم .


السؤال (5)
إذا كانت فتوى المفتي تحمل عدة أقوال بدون أن يرجح رأياً من الآراء فهل يجوز للمستفتي أن يعمل بأيها شاء ؟


الجواب :
أولاً قبل كل شيء علينا أن ندرك التفرقة بين مسائل الرأي ومسائل الدين ، مسائل الرأي المجال للاختلاف فيها واسع ، ذلك لأنه من المعلوم أن كل واحد يتشبث بدليل ولو اختلفوا .
ومسائل الرأي إنما هي فيما لم يرد فيه نص قطعي الدلالة وقطعي المتن ، قطعية المتن إنما تكون ذلك بأن يكون النص نصاً متوترا ، ومعنى كونه متواترا أن يتلقاه عدد كبير لا يمكن أن يتواطأ مثلهم على الكذب عادة يتلقونه عن مثلهم وعن مثلهم هكذا حتى ينتهي تلقي هذا النص إلى المعصوم فمثل هذا النص هو قطعي المتن . ولكن إن كانت دلالته دلالة ظاهرة وليست دلالة نصية كالعام فإنه يكون ظني الدلالة ولذلك يقولون في العام مثلاً ( العام ظني الدلالة ولو كان قطعي المتن ) فإن كان قطعياً من الدلالة وقطعياً من حيث المتن ففي هذه الحالة لا يجوز أن يخالف هذا النص القطعي من حيث الدلالة ومن حيث المتن ولا يؤخذ بأي دليل آخر يخالفه نظراً إلى أن الأدلة الظنية لا تقاوم الأدلة القطعية وذلك كتحريم الربا مثلا أو تحريم الخمر أو تحريم أي شيء من هذا القبيل ، هذا الأمر أصبح من المعلوم من الدين بالضرورة فلا يجوز الاجتهاد في ذلك ، لا يسوغ أن يقول قائل مقالاً يخالف النص الشرعي القطعي من حيث الدلالة ومن حيث المتن ، وأما ما عدا ذلك فإن المجال واسع للاختلاف ، إذ الأدلة تتعارض أحياناً ، فبعضهم يأخذ بهذا الدليل لأنه يترجح عنده على الدليل الذي يخالفه ، وبعضهم يأخذ بذلك الدليل لأنه يترجح عنده على الدليل الذي يخالفه وهكذا ، فلذلك تتعدد الآراء في النظر إلى مخصصات العمومات وفي النظر إلى تقييد المطلقات وفي النظر إلى كيفية استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة التفصيلة نظراً إلى أن هذه الأدلة أدلة غير نصية ، فلذلك يقع الاختلاف بين العلماء .
وفي المسائل التي هي معدودة من مسائل الرأي وهي التي يستدل لها بأدلة ظنية لا يقطع فيها عذر المخالف ، ولكن مع هذا كله فإنه من الواجب على الإنسان إن وجد عالماً مجتهداً قادراً على الترجيح أن يرجع إليه ، ذلك لأن العالم شأنه كشأن الطبيب ، فالطبيب قد يعطي لهذا جرعة ويعطي لآخر جرعة أخرى مع أن علتهما واحدة إلا أنه ينظر في كثير من الأحوال ، ينظر في الطبائع فطبائع الناس تختلف هذا طبعه حار يابس وهذا طبعه حار رطب وهذا طبعه بارد رطب وهذا طبعه بارد يابس فيكون علاج هذا يضر ذلك ، وبجانب ذلك أيضاً ينظر الطبيب أحياناً إلى الفصول وينظر إلى المناخات وذلك أن المناخ الاستوائي غير المناخ البارد وهكذا ، فلذلك يحتاج الطبيب إلى النظر في طبائع الناس وفي طبائع المناخات وفي طبائع الفصول والأزمنة فيكون العلاج بمقدار ذلك ، وهكذا شأن العالم أيضا مثال ذلك أن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما جاء إليه رجل وسأله عن تقبيل الرجل لزوجته فأباح له ذلك ، وجاءه رجل آخر فمنعه من ذلك ، وقد لاحظوا أن الرجل الذي أباح له أن يقبل امرأته وهو صائم كان شيخاً أي رجلاً متقدماً في السن ، ومن المعلوم أن الشيخوخة مظنة ضعف الشهوة ، والآخر الذي منعه من ذلك كان شاباً والشاب إنما هو مظنة فوران الشهوة فلذلك منعه لئلا يجره التقبيل إلى ما هو أعظم منه .
وهكذا . ثم مع ذلك قد تختلف الظروف وتختلف الأحوال فنجد الدليل الشرعي يشرع ومع ذلك هذا الدليل إنما يكون لمصلحة يعلمها الله تبارك وتعالى ولا يستطيع أن يطّلع على تلك المصلحة إلا الربانيون من العلماء ، ولذلك كان عمر رضي الله تعالى عنه ينظر في بعض الأحوال ويحكم بأحكام لم يكن قد حُكم بها في عهد الرسول الله صلى الله وسلّم ولم يكن حُكم بها في عهد أبي بكر رضي الله عنه ، مثال ذلك أنه منع المؤلفة قلوبهم ما كانوا يُعطونه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم وفي عهد أبي بكر رضي الله عنه ، وسهم المؤلفة قلوبهم منصوص عليه في القرآن الكريم ، فهو رضي الله عنه لم يقصد مخالفة القرآن ، ولم يقصد مخالف الرسول صلى الله عليه وسلّم ، ولم يقصد مخالفة ما أجمع عليه المسلمون في عهد أبي بكر رضي الله عنه ، ولكن رأى أن مجيء ذلك الحكم في القرآن إنما هو لأجل غاية ، هذه الغاية كان لا بد من ملاحظتها في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم ولا بد من ملاحظتها في عهد أبي بكر رضي الله عنه ولكن بعد ذلك هذه الغاية أصبح النظر إليها أمراً لا حاجة إليه لأن الزمن تبدل ، فسهم المؤلفة قلوبهم إنما شرع من أجل كف شر هؤلاء المؤلفة قلوبهم لما لهم من مكانة اجتماعية عند قومهم من اجل استدرار خيرهم ، والإسلام بعدما قوي وأصبح يغزو الروم والفرس لم تكن هناك حاجة إلى أن يعطى هؤلاء مما كانوا يعطونه من قبل فلذلك منعهم ما كانوا يعطونه وقال إن ذلك لما كان الإسلام ابن لبون وأما الآن فقد بزل أي صار قويا ليس هو بحاجة إليهم فهكذا كان تصرفه فأين هؤلاء الذين يستطيعون أن يفرقوا بين هذه الدقائق ، ذلك أمر لا يقدر عليه كل أحد وإنما يقدر عليه العلماء الربانيون المتمكنون من العلوم القادرون على النظر في الأحكام الشرعية وإنزال كل شيء منزله ، ولأجل هذا كانت الضرورة داعية إلى أن يتقيد الإنسان برأي العالم المجتهد في عصره إن وجد هذا العالم المجتهد القادر على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية . والله تعالى أعلم .


السؤال (6)
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال ( دعوني ما تركتم إنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ).
من المعلوم سماحة الشيخ أن العلماء ورثة الأنبياء ، وأن المسلمين يأخذون منهم أحكام الدين ، فهل ما سكت عنه العالم يسع المسلمين السكوت عنه فلا ينبغي السؤال عنه مثلا . على سبيل المثال إذا نزلنا إلى بعض فتاواكم سماحة الشيخ السؤال عن لبس المرأة الجوارب في الصلاة هذه المسألة لم تكن مثارة من قبل بالشكل الواسع وكنتم سماحة الشيخ لا تذكرونها بالصورة الملفتة لكن عندما وجه إليكم السؤال عن هذا الموضوع أفتيتم بالفتوى المعروفة والتي انتشرت بشكل واسع هل هذه المسألة وغيرها تنطبق على الكلام الذي قلناه من أن ما سكت عنه العالم لا ينبغي السؤال عنه ؟


الجواب :
لا . أولاً إنني أنا لست بشارع ، الشارع هو الرسول صلى الله عليه وسلّم أنا فقط أخذت من حديث الرسول صلى الله عليه وسلّم عندما سئل عن الإسبال وشدّد وقال في إزرة المؤمن أنها إلى نصف ساقيه ، سألته أم سلمة رضي الله عنها عن المرأة فقال : ترخي شبراً . قالت له : إذن ينكشف عن قدميها . فقال : ترخي ذراعاً . لذلك أخذنا من هذا الحديث وجوب ستر المرأة لقدميها إذ لو لم يكن ثم محذور من انكشاف قدمي المرأة لما أمر النبي صلى الله عليه وسلّم المرأة أن ترخي ذراعاً بعدما أذن لها أولاً أن ترخي شبراً فقط . هذا دليل على هذا . هذا لا يدخل في هذا النوع .
المسألة مشكلة يُسأل عنها لكن مثال ذلك أن يعطي العالم أو العلماء جواباً عاماً هذا الجواب العام تندرج تحته أنواع الخصوصات المتعددة ومع ذلك يأخذ أحد من الناس ويدقق يسأل عن كل خصوص بعينه هل كذا كذا حكمه ، هل كذا كذا حكمه ... ، مثل هذا هو من باب التكلف ومن باب التنطع الذي لا ينبغي أن يكون .


السؤال (7)
أنتم ذكرتم أن العالم الرباني الذي لديه العلم الواسع هو يفتي للناس ، لكن نعود مرة أخرى ، هذا العالم الرباني في بعض الأحيان عندما يُستفتى يسرد في أقواله عدة آراء لا يرجح شيئا منها ، هل يصح للمستفتي أن يأخذ بأيها شاء ؟


الجواب :
في هذه الحالة ينبغي له أن يسأله إن كان يعرفه قادراً على الترجيح ما هو القول الراجح من هذه الأقوال ، ينبغي له أن لا يأخذ بأي رأي كان ، وإنما يسأله ما هو القول الراجح .


السؤال(8)
بعض الناس لا يراعون أوقات العلماء فيتصلون في وقت متأخر من الليل أو في وقت القيلولة أو في أوقات مزعجة يكون العالم فيها منفرداً بنفسه ، هل هناك ضوابط لهذه المسائل بحيث ينال العلماء راحتهم فيها ؟


الجواب :
لا ريب أن كل أحد يرتاح ويتعب ، الإنسان كيفما كان معرض للتعب ، بطبعه يحب الراحة في بعض الوقت لا بد مراعاة ذلك ، وإنما هذا يمكن في أن يراعى فيه ترتيب وقت معين يكون للسؤال مع إمكان أن يرتب هؤلاء المشايخ العلماء أوقاتهم لتكون هذه الأوقات منتظمة باستمرار وهذا لا يمكن إلا أن يكون للمتفرغين لأعمال خاصة تتعلق بالعلم ، أولئك الذين يقسمون أوقاتهم بين تدريس وتأليف وإجابة على الأسئلة ، هؤلاء يمكن أن يخصصوا لهم أوقاتاً خاصة ، أما إن كانوا مشغولين بالدهماء بجماهير الناس في قضايا هي بعيدة عن الفقه والدين وغير ذلك فكثيراً ما يكون هؤلاء لا يمكن أن تنتظم أوقاتهم .


السؤال (9)
سماحة الشيخ في بعض الأحيان يسأل الإنسان عالماً معيناً في مسألة من المسائل فيفتيه بالرأي الراجح عنده لكنه ربما لا يقتنع بذلك فيذهب ليسأل عالماً آخر ، كالطلاق مثلا ربما أفتاه عالم بأن الطلاق هنا غير واقع وأفتاه آخر بأن الطلاق واقع في هذه الحالة هل يأخذ بسؤال العالم الأول أم له أن يأخذ بسؤال العالم الثاني ؟


الجواب:
.............................

السؤال (10)
ولكن هل يصح له أساساً أن يسأل مرة هذا ومرة هذا ؟


الجواب :
ولماذا هو يفعل ذلك ، إن كان يلتمس الرخصة فلا ينبغي له ذلك ، لأنه يبحث عن الرخصة ولو كانت بزلة لسان .


تمت الحلقة بعون الله تعالى وتوفيقه

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 04-02-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 7 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



سؤال أهل الذكر 16 من جمادى الثانية 1423هـ ، 25/8/2002م
موضوع الحلقة : آداب السؤال وآداب الاختلاف


السؤال (1)
بين لنا باختصار آداب السؤال ؟


الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فإن السائل إنما يطلب ممن يجيبه على سؤاله أن يوضح له حقيقة ما غمض على فهمه ، وهذا يعني أنه يطلب بسؤاله هذا أن يمنحه المجيب علماً في القضية التي يسأل عنها ، لذلك كان الواجب أولاً أن يكون هذا السائل يسأل سؤالاً فيه ما ينم عن تواضعه ، ويدل على حرصه على الاستفادة لا أن يكون هذا السؤال سؤال متعالم ، ولذلك فإن من سلفنا وهو الإمام أبو علي موسى بن علي رحمه الله قال : إن العالم ليسأل سؤال الجاهل ويفهم فهم العاقل .
أي من أدب السؤال ولو كان الإنسان من أهل العلم إذا سئل من هو أعلم منه يكون سؤاله كسؤال الجاهل الذي لا يعرف شيئاً في تلك المسألة ، لا أن يكون سؤال متعالم ، سؤال تقعر وتنطع ، وقد نظم هذا المعنى الإمام السالمي رحمه الله تعالى عندما قال :
من أدب السؤال للعفيف *** أن يسأل العالم كالضعيف
فالعفيف أي العاقل الكيس الفطن من شأنه أن يسأل وهو عالم لا أنه جاهل لا يعرف شيئاً .
ثم إن هناك أشياء لا بد من أن يتفادها السائل وذلك ألا يكون سؤاله بأسلوب فيه شيء مما يجعل السؤال ساقطا .
والسؤال يسقط بالعديد من الأسباب منها:
أن يكون السؤال سأل سؤالاً تناقض ، وذلك أن يكون آخر السؤال ينقض ما جاء في أوله . كأن يسأل مثلاً ما الدليل على أن صار هذا الأمر كذا ، مع أن الحقيقة بخلاف ذلك كأن يسأل عن الدليل على أن صار العرض جرماً وصار الجسم حركة . هذا سؤال فيه تناقض الأمر بخلاف ذلك . العرض ليس هو من الأجرام وإنما هو الأشياء التي تتعلق بالأجرام ، وكذلك الحركة ، الحركة هي من الأعراض .
كذلك أن يكون هذا السؤال مضطرباً وذلك أن يدخل الأعم في الأخص ، أو أن يكون هذا السؤال فيه إثبات شيء المجيب ينفي ذلك الشيء كأن يسأل عن الحجة في إثبات قدم العالم ، ومن المعلوم أن المجيب المؤمن لا يقول بقدم العالم .
أو أن يجمع عن سؤالين معاً كأن يقول مثلاً ما الدليل الذي صار من أجله العرض عرضاً وصار من أجله الجسم جسماً بحيث يجمع السؤالين ويطلب لهما إجابة واحدة ، هذا كله مما يؤدي إلى التناقض .
وكذلك إذا كان هذا السؤال سؤال تعنت بحيث لا يريد هذا السائل إلا أن يقول المجيب بأنه لا يعرف تلك المسألة ليكون شامتاً بهذه الإجابة فمثل هذه الأسئلة لا إجابة عليها ، والله تعالى أعلم .

السؤال (2)
الرخصة موجودة في الكثير من الأحكام الفقهية وهي تتناسق مع قول النبي صلى الله عليه وسلّم ( يسروا ولا تعسروا ) وأنه صلى الله عليه وسلّم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ، لكن العلماء يظهرون هذه الرخصة بل ينفرون من تتبعها ويزجرون من يسأل عنها ، ألا يتناقض هذا مع الحديث الداعي إلى اليسر ؟


الجواب:
ما هي الرخصة ، في عرف الفقهاء الرخصة القول العاري من الدليل ، والقول العاري من الدليل ولو قاله من قاله فإنه لا يعتد به ، إذا لا يعدل الإنسان عن الدليل إلى غيره .
قد نجد من الفقهاء من يقول ورخص ولكن في مصطلحهم أن هذه الرخصة هي قول لم يقم عليه دليل ، ومن المعلوم أن الإنسان متعبد باتباع الدليل مع وجوده ، فإن كان الدليل قطعياً فتعبده به أمر قطعي ، وإن كان الدليل ظنياً فتعبده به أيضاً أمر ظني ، وهو وإن كان لا يُقطع عذره إن خالف الدليل الظني إلا أنه إن كان ذلك تبعاً لهواه فلا ريب أنه لا يجوز له ذلك إذ ليس للإنسان أن يعرض عن الدليل مع قيام الحجة به .
ولا ريب أن مع وجود الدليل الشرعي من كتاب الله أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلّم سواء كان هذا الدليل نصياً أو كان ظاهراً لا يجوز للإنسان أن يعدل عنه لأن الله تعالى يقول ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(النساء: من الآية59) ، ويقول ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)(النساء: من الآية83) ، وهو سبحانه وتعالى يقول ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (الأحزاب:36) ، فليس للإنسان مع وجود الحجة في كتاب الله أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلّم سواء كانت هذه الحجة نصية أو كانت ظاهرة أن يقوم باعتصار ذهنه من أجل أن يصل إلى قول يخالف الدليل الشرعي .
ومع هذا أيضا الأدلة تتعارض وقد يكون الدليل الذي استدل به العالم هو الدليل الأقوى ، وليس للعالم أن يعدل عن الدليل الأقوى إلى الدليل الأضعف لأنه مطالب أن يقارن بين الأدلة وينظر المرجحات ما بين هذا الأدلة فقد يكون هنالك دليل ولكن هنالك ما يدل على أن ذلك الدليل منسوخ وأنه نسخه دليل آخر فلا تكون الحجة في المنسوخ .
كذلك إن كان دليل الرخصة عموماً ودليل العالم الذي لا يترخص خصوصاً ، فإن الخصوص يقدم على العموم ، كذلك إن استدل أحد بالإطلاق مع وجود ما يقيد فإنه لا يعدل إلى المطلق مع وجود المقيد ، إذ المطلق يجب أن يحمل المقيد كما أن العام يحمل على الخاص وهكذا .
فهذه الأشياء لا بد من النظر فيها ، وقد يكون الدليلان متكافئين من حيث قوتهما ولكن مع ذلك أحد الدليلين يتفق مع مقاصد الشرع ، والآخر قد يكون مع اعتبار المقصد الشرعي لا يتفق مع مقصد الشارع فلا بد من مراعاة ذلك ، فلذلك من الواجب على الإنسان أن يتفطن لهذه الدقائق . وهذه الأشياء لا يدركها العوام .
على أن الذين يأخذون بالرخص هم يريدون التلفيق ما بين آراء أهل العلم ليخرجوا برأي لم يقله أحد من أهل العلم قط بحيث يأخذون من هذا العالم الترخيص في مسألة كذا ، ويأخذون من قول العالم الثاني الترخيص في مسألة كذا ، ويأخذون من العالم الثالث الترخيص في مسألة كذا ، وإذا بما يأتونه خليط من الآراء لم يقله أحد من أهل العلم قط ، وفي هذا ما يؤدي إلى فساد الدين ويؤدي إلى الميوعة ، وهذه أمور لا يرضاها الإسلام قط ، والله تعالى أعلم .


السؤال (3)
هناك عدد من الأمور تعد عند علماء معينين في بلد معين من السنن الواجبة التي لا بد من الالتزام بها كالذي يتعلق باللباس أو المظهر أو غيره بينما تعد عند غيرهم من سنناً مستحبة وذلك يحدث حتى في المذهب الواحد فيتبع أهل كل بلد قول عالمهم وهذا الواقع موجود ولكن تتفرع عليه مسائل وهي الأول هل يمكن أن يقع الخلاف بالفعل في مثل تلك المسائل بحيث تكون عند فريق مستحبة وعند آخرين واجبة ؟


الجواب :
لا ريب أن العالم مطالب بأن يرجع إلى الدليل كما قلت ، ولما كان هو مطالباً بأن يرجع إلى الدليل فلعل من قال بالوجوب وجد الدليل الدال على الوجوب ، ومن قال بالاستحباب كانت عنده قرينة تصرف ذلك الدليل عن دلالته عن الوجوب إلى دلالته على الندبية مثلا ، لأن الندب يأتي حتى في كلام الله تعالى هنالك توجيهات ربانية ، هذه التوجيهات ليست هي في الحقيقة دالة على وجوب ذلك كأمره سبحانه وتعالى بمكاتبة الأرقاء إن علم الإنسان فيهم خيراً ( فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُم)(النور: من الآية33) . هذا الأمر هو هنا إنما هو في الحقيقة للندب إذا لا يفرض على الإنسان أن يكاتب رقيقه ولكن هذا من باب الحث على السبق إلى الفضائل مع غير ذلك من الأشياء ، مع أن الأصل في كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم إن جاء أمراً أن يحمل على الوجوب إلا إن كانت هنالك قرينة تصرف هذا الأمر من الوجوب إلى الندب أو إلى غير ذلك من الأمور التي يحمل عليها الأمر .
وقد يرى أحد العلماء قرينة تصرف الأمر مثلاً من الوجوب إلى الندب ، ولا يرى الآخر ذلك بل يرى الأمر هو على أصل وجوبه فلذلك يحمله على محمله فيجعله من الواجب .


السؤال (4)
لكن أليست هذه القرائن شيء اصطلح عليه علماء الأصول بحيث يجب على كل عالم أن يعرفه ؟


الجواب :
مهما كانت هذه القرائن لكن قد تختلف وجهات نظر العلماء فيها ، كثيراً ما نرى مسائل حدثت حتى في عهد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم كاختلاف الصحابة في توريث الجد ، فإن كلاً من أولئك بنى رأيه على أصل المسألة معروفة عند الفرضيين بمسألة الأكدرية اختلف فيها الفقهاء على العديد من الآراء نحو ستة آراء من عهد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم .


السؤال (5)
إذا التزم أهل كل بلد في مثل هذه المسائل التي ذكرتموها قبل قليل نجد في واقع طلبة العلم من يخطئ الطرف الآخر ولربما يتكلم عليهم ، ولربما لا يتولاهم أيضاً ، هل يصح له ذلك ؟


الجواب :
لا ، المسائل الفرعية لا يؤدي الأمر فيها إلى البراءة ، ولا يؤدي الأمر فيها إلى التقاطع ، ولا يؤدي الخلاف فيها إلى قطع العذر ، فإن ذلك كله مما يتنافى مع دلالة ذلك الدليل على ذلك الحكم بطريق الظن .
على الناس أن يدركوا أن هنالك مسائل قطعية ، والمسائل القطعية لا يجوز الاختلاف فيها ، فلا يجوز لأي أحد أن يجتهد فيدّعي أن الزنا مباح في حال من الأحوال ، وليس لأحد أن يجتهد فيدّعي أن الخمر محللة ، وليس لأحد أن يدّعي أن الربا محلل ، وليس لأحد أن يجتهد فيدّعي أن قتل النفس بغير حق محلل ، وليس لأحد أن يجتهد فيّدعي أن أكل مال الغير غنماً محلل ، كل من ذلك لا يحل .
على الناس أن يدركوا أن هذه الأشياء محرمة بالنص وبالإجماع فلا يجوز الاجتهاد فيها ، ولكن هناك مسائل وقع فيها الخلاف بين أهل العلم ، وكل ذي رأي من هذه الآراء إنما بنى رأيه على ما فهمه من الدليل الشرعي .
نرى مثلاً أن العلماء اختلفوا في ذوات الناب من السباع والمخالب من الطير هل هي حرام أو هي حلال ، منهم من قال بأن ذوات الناب من السباع والمخالب من الطير هي حرام لأن حديث النبي صلى الله عليه وسلّم يقول ( أكل كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام ) ، ومنهم من يقول لا بل هي محللة لأن الله تبارك الله وتعالى يقول ( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ)(الأنعام: من الآية145) ، وهؤلاء قالوا وإن كان الحديث يخصص عموم القرآن الكريم إلا أن كلمة حرام قد تطلق أحياناً على معنى التغليظ في الكراهة في اصطلاح بعض أهل العلم ، ولربما حمل بعض الناس الحديث على ذلك ، وبما أن الحديث آحادي والآحادي وإن كان يخصص عموم القرآن الكريم إلا أنه قد يتردد بعض الناس في إثبات أصل الحديث وعدم إثباته لذك لم يجز لمن أخذ بهذا الحديث وجعله مخصصاً لعموم القرآن أن يقطع في هذه المسألة عذر مخالفه لأن ذلك لا يؤدي إلا إلى الشقاق الذي لا يرضاه الله تعالى مع أن المسألة كما قلت مسألة رأي .


السؤال (6)
البعض يقرأون كتباً معينة فيحسون أنهم حازوا من العلم ما يناطحون به العلماء ويثيرون بذلك بلبلة في أوساط أهل العلم ، فما هي نصيحتكم لهؤلاء ؟


الجواب :
أولاً قبل كل شيء من واجب طالب العلم أن يتواضع ، وأن يعرف قدره ، وأن يقف عند حده ، وقد أجاد الشاعر عندما قال :
من لم يقف عند انتهاء قدره *** تقاصرت عنه فسيحات الخطا
والتواضع إنما هي صفة المؤمن ، المؤمن لا يتعالى ولا يتكبر ، التكبر إنما هو من صفات الكفار ومن صفات المنافقين ، ومع هذا فإن الذي يحذر عقاب الله تعالى وسخطه عليه لا بد من أن يمنع لسانه فلا يطلقها حتى تلغ في حرمات الناس وفي أعراضهم ، ولئن كانت للناس حرمات عامة وللمسلمين حرمات خاصة فإن للعلماء حرمات أخص فيجب أن تراعى هذه الحرمات وأن لا يتطاول عليهم السفهاء والأوغاد ، إنما مثل هؤلاء كما يقول الشاعر :
ومنزلة الفقيه من السفيه
كمنزلة السفيه من الفقيه
فهذا زاهد في قرب هذا
وهذا منه أزهد منه فيه
إذا غلب الشقاء على سفيه
تنطع في مخالفة الفقيه
وقد أجاد في هذا الإمام نور الدين السالمي رحمه الله تعالى إذ نظم معنى البيت الأخير فقال :
إن غلب الشقاء على سفيه *** أبدى تنطعاً على الفقيه
وعليهم أن يدركوا أن الفتيا أنما العاقل يتجنبها بقدر استطاعته إن وجد من يكيفه إياها ولو بلغ ما بلغ من مقامات أهل العلم ومنازلهم فإنه يتمنى أن يجد الكفاية من قبل غيره ، ولا يجرؤ على أن يفتي برأيه ومن تلقاء نفسه .
أولاً قبل كل شيء الإنسان مأمور بأن لا يقدم على أي أمر كان إلا ببينة وبصيرة ، الله تبارك وتعالى يقول ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الاسراء:36) ، وقد قرن الله تبارك وتعالى التقول على الله بغير علم بالإشراك به عندما قال ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف:33) ، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال : ( من أفتى مسألة أو فسّر رؤيا بغير علم كان كمن خر من السماء إلى الأرض فصادف بئراً لا قعر لها ولو أنه وافق الحق ) .
وصحابة الرسول صلى الله عليه وسلّم مع علو أقدارهم وعظم شأنهم واشتراكهم جميعاً في الفقه كانوا يتدافعون الفتيا خوفاً وإشفاقاً على أنفسهم فكيف بأمثالنا .
نحن لم نجد بداً من أن نجلس في هذا المجلس ونجيب على الأسئلة وإلا فكم نتمنى أن يكفينا هذا الأمر العلماء الربانيون الراسخون في العلم الذين هم أولى بهذا الأمر منا .
وطلبة العلم عليهم واجب أن يرعوا أقدار العلماء وألا يتطالوا على العلماء وأن يقفوا عند حدودهم . طالب العلم عليه أن يدرك أنه طالب فلا يتطاول على العالم فضلاً عن تطاوله على حكم الله تعالى وحكم رسوله صلى الله عليه وسلّم ، كأين رأينا من أحد يتطاول على أحكام الله وعلى أحكام رسوله صلى الله عليه وسلّم ثم إذا به من بعد ينقلب على عقبيه ويصبح في عداد الملاحدة الكفرة ثم يقضي الله تبارك وتعالى عليهم بما هم له أهل .
أنا بنفسي حضرت أحد المؤتمرات وقد تطاول متطاول ، وهذا المتطاول كثيراً ما كان يلبّس على الناس من خلال بعض المقالات التي ينشرها ومن بعض التمويهات التي يحاول أن يلبّس بسببها على عقول الناس ، سمعته يتطاول وهو على منصة ذلك المؤتمر على حكم الرجم للمحصن ويقول بأن الرجم فرية وأن أي أحد لا يمكن أن يؤخذ قوله ما دام هنالك دليل من القرآن يدل على خلاف قوله ، معنى ذلك يريد أن يرد السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام بما يزعمه دليلاً من القرآن الكريم ، هو لم ينظر إلى أن السنة تخصص عمومات القرآن وهذا مما وقع إنعقاد الإجماع عليه فقال هذا الذي يقوله القرآن ( سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِر)(النور: 1-2 ) .
ثم قال : وهل يبقى إسلام لأحد يقول في أمر قال الله تبارك وتعالى فيه بأنه مبين وأنه مفروض وأنه أنزل فيه آيات بينات ؟‍ هل يبقى إسلام لمن يقول بأنه مع ذلك يحتاج إلى بيان من جهة أخرى ؟‍ يريد بهذا إنكار السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام .
ولكن كانت عاقبة ذلك أن الرجل بعد مدة ليست بالطويلة كشف عن حقيقة نفسه وأسقط قناعه عندما نشر رسالة بثها في الآفاق مدّعياً أنه رسول الله وأنه هو الذي يشير إليه القرآن الكريم في قوله تبارك وتعالى ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّه)(آل عمران: من الآية81) ، وقال بأن هذه الآية تعنيه هو أنه الرسول الذي يأتي بعد النبيين مصدقاً لما معهم ، وحاول أن يلبّس على الناس من خلال بعض الكلمات التي كتبها فيما يدل على إعجاز القرآن الكريم حسب تصوره هو من حيث الأرقام ، ولكن الله تبارك وتعالى قطع دابره فبعد مدة قضى الله تعالى شأنه على يد من أراد من عباده .
هكذا شأن أولئك الذين يتطاولون على الله ويتطاولون على أحكامه ويريدون أن يبدعوا في دين الله تبارك وتعالى ما لم يأذن به الله ، والله تعالى المستعان .


السؤال (7)
إذا وجدنا رجلاً قرأ كتاباً ثم أخذ يثير البلبلة في أوساط العلماء ألا نحكم مباشرة على أنه رجل ليست لديه نية صافية في العلم ؟


الجواب :
الله تبارك وتعالى جعل الظاهر عنوان على الباطن وقد أجاد الشاعر الذي يقول :
ومهما تكن عند امرئ من خليقة ***وإن خالها تخفى على الناس تعلم
وأجاد الشاعر التهامي عندما قال :
ثوب الرياء يشف عما تحته *** فإذا التحفت به فإنك عاري
فمن كان على هذا النحو فهو من أول الأمر ساقط الاعتبار ولا زنة له ، والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم يقول ( من تعلم العلم ليباهي به العلماء أو ليماري به السفهاء لقي الله وهو خائب من الحسنات ) .


السؤال(8)
في المسائل المعاصرة كأطفال الأنابيب والتشريح والتبرع بالأعضاء وغيرها عادة ما تجتمع المجامع الفقهية فتصدر فيها فتاوى موحدة بعد مناقشتها إلا أن كل عالم بعد ذلك يفتي فيها باجتهاده بما يخالف ربما ما اتفق عليه في مجمع الفقه ومن هنا أيضاً ينبثق سؤال : أليس ما اتفق عليه العلماء في مجمع الفقه يعد إجماعاً فيأخذ أحكام الإجماع الذي يعد المصدر الثالث للتشريع ؟


الجواب :
لا ريب أن رأي الاثنين من العلماء أقوى من رأي الواحد ، ورأي الثلاثة أقوى من رأي الاثنين ، وكلما كثر العدد كان ذلك أبعد من مظنة الخطأ والغفلة والوقوع في الزلل ، ولكن مع ذلك الإجماع الذي اعتبر حجة وكان يعتبر المصدر الثالث من مصادر التشريع له أوصاف معينة ، وذلك أن يُجمع أهل العصر جميعاً حتى أن بعض العلماء شدّد في ذلك وقال أن يجمع أهل العصر برهم وفاجرهم عالمهم وجاهلهم صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم على حكم معين فهذا هو الإجماع القطعي الذي لا يجوز خلافه مع تواتر ذلك وثبوته وعدم سبق الخلاف فيه ، لا بد من أن يكون الإجماع الذي هو حجة غير مسبوق بخلاف في المسألة فإذا كان مسبوقاً بخلاف فلا يعد ذلك إجماعا ، ومن المعلوم أن المجامع الفقهية تعتني عناية بالغة بتتبع آراء العلماء الكبار ، ولكن لا يعني ذلك أن جميع علماء العصر مشاركون في ذلك المجمع بل هناك خارج المجمع كثير من العلماء ، ثم إنه مع ذلك قد يقع الخلاف في المسألة الواحدة بين العلماء في نفس المجمع ثم تُعرض الآراء للتصويت فأي رأي صوّت عليه أكبر عدد من الآراء الأخرى كان هو الذي يؤخذ به ويعتد به والإجماع بطبيعة الحال ليس كذلك .


السؤال (9)
إذا اتفق العلماء في مجمع الفقه على مسألة من المسائل وأصدروا فيها فتوى ثم اجتهد العالم في أي بلد من البلدان في تلك المسألة وأفتى بفتوى تخالفهم ، هل يجوز للناس في هذه الحالة أن يأخذوا بالرأي الذي أجمع عليه العلماء في المجمع الفقهي أم عليهم لزاماً أن يأخذوا برأي عالمهم ؟


الجواب:
قبل كل شيء إن وجد الدليل فالدليل هو الفيصل في هذا ، فأولئك الذين اتفقوا على رأي في مجمع الفقه من المعلوم أنهم لم يقولوا ما قالوه إلا عن دليل ، ولكن هذا الدليل قد يكون أحياناً دليلاً وقتياً لأنه كما سبق في الحلقة الماضية قد يقع الاختلاف في مراعاة الظروف بين عصر وآخر إذ لكل عصر ظروفه ، كما أن الأمكنة أيضاً لها اعتبارات في هذا ، فقد تتفاوت ظروف الأمكنة كما تتفاوت ظروف الأزمنة ، ومن أجل هذا وقع ما وقع من الاختلاف في التطبيق بين عهد الخلفاء الراشدين وعهد النبوة كما ذكرنا عن موقف عمر رضي الله تعالى عنه من بعض القضايا التي كان فيها حكم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم بل نزل فيها حكم في القرآن ، ولكن رأى عمر رضي الله عنه عدم الضرورة إلى تطبيق ذلك الحكم في عصره من حيث إن الحكم شرع في القرآن وفي السنة لأجل مراعاة بعض الجوانب التي لا بد من مراعاتها ، كحق المؤلفة قلوبهم في الزكاة فإنه أسقط هذا الحق لا إسقاطاً لحكم الله ولكنه رأى أنه لا داعي إليه لأنه شرع من أجل كفاف شر أولئك ومن أجل اجتلاب ما يمكن أن يجتلب من خيرهم وذلك في إبان كون الدولة الإسلامية ضعيفة أما بعدما قوي الإسلام وأصبح يهد عروش الروم والفرس فإنه لم يعد بحاجة إلى تأليف قلوب أولئك المؤلفة بشيء من المال يعطونه .
فهذه الأمور كلها لا بد من اعتبارها . فالعالم الذي هو في بلده ربما اعتبر أن الأحوال تختلف عن الأحوال التي راعاها العلماء الذين نظروا ذلك النظر في المجمع واتفقوا عليه ، قد يكون هو أخذ بهذا الرأي لسبب من الأسباب والسبب يختلف . هذه الأمور لا بد من مراعاتها .
فلذلك أنا لا أقول بأنه يلام من أخذ بالرأي الذي قاله العالم بحسب ما رأى من ظروف بلده ، ولا يلام أيضاً من أخذ بالرأي الذي ذهب إليه الأكثرون في المجمع لأن هذه المسائل التي يختلف فيها إنما هي مسائل فرعية وليست من المسائل القطعية ، والله تعالى أعلم .


السؤال (10)
بعض الناس يتصيدون الرخص ولربما أيضاً نيتهم أخرى فيسألون عالماً من العلماء مسألة من المسائل ويعملون بها حيناً من الزمن ثم يسألون عنها عالماً فيتركون ذلك الحكم ليأخذوا بالحكم الجديد فهل يصح لهم ذلك ؟


الجواب :
ما هو الداعي لتكرار السؤال ؟ وما هو الباعث على ذلك ؟ هل هذا كله من أجل محاولة التماس الرخص ؟ ومحاولة الخروج من الدليل الشرعي أي الانفكاك من الدليل الشرعي ؟ أو المحاولة هي محاولة استفادة علم ومعرفة ، أما إذا كان ذلك العالم أفتى برأي واحد وفي المسألة آراء متعددة وهم يريدون الاستفادة من الآراء المتعددة ، أو لأنه وقع في نفوسهم أنه ربما كان ذلك العالم عندما أفتى وهو غير حاضر الذهن فأرادوا التأكد من كونه حاضر الذهن إلى غير ذلك من الأسباب التي هي تعد مشجعة على هذا التصرف أما إذا كان المقصود من هذا أن يتصيدوا الرخص أو المقصود بهذا أن يوقعوا بين أهل العلم شيئاً من الاختلاف وشيئاً من الشقاق فذلك أمر غير جائز وعليهم أن يكفوا عنه والله تعالى يعلم سرائرهم .


السؤال (11)
يحدث خلافاً بين العلماء ونحن لا نسميه خلافاً وإنما نسميه تعدد آراء لكن بعض الذين يأخذون برأي عالم من العلماء عندما يرون الآخرين قد أخذوا برأي عالم آخر يقرعونهم ويدعون أنهم هم الأفضل وعلى ذلك أن يترك الرأي الذي أخذه ، ما هي نصيحتكم لهؤلاء ؟؟


الجواب :
إن كان الطرف الثاني عول على رأي عالم بلغ رتبة من العلم تمكنه من النظر في الأدلة الشرعية وإعطاء الحكم الشرعي بناء على نظره فليس لهم أن يقرعوه ، وليس لهم أن يوبخوه ، وليس لهم أن ينالوا منه قط ، وإن كان إنما حاول أن يخالف ذلك العالم لهوى في نفسه ورغبة في المخالفة لا غير ذلك هذه مسألة أخرى والله يعلم السرائر .
والمسائل الفرعية يسع فيها الاختلاف ، ولا يجوز فيها قطع العذر ، ومن قطع عذر أحد فيها قُطع عذره لأنها مسائل فرعية ، وكل واحد من العلماء يقول : قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب ، هذا هو قول كثير من العلماء حسبما قرأنا عنهم .


السؤال(12)
الذي يتردد أن الاختلاف بين العلماء رحمة ، هل هذا الاختلاف في المسائل الفقهية أم أيضاً يشمل المسائل العقائدية ؟


الجواب :
الاختلاف في المسائل الفقهية هو اختلاف رحمة ، ولئن كانت المسائل العقدية لا تصل إلى القطع بحيث لم يكن هنالك دليل قطعي لقول أحد من الناس وإنما كان يترجح رأي من الآراء عند أحد بسبب ما يراه من القرائن التي تؤيد رأيه فالقضية أيضاً لا تتعدى أن تكون قضية رأي ويجوز فيها الاختلاف .
أما إن كان الأمر بخلاف ذلك بحيث يرد أحد دليلاً قطعياً ثابتاً في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم المتواترة وكانت دلالته نصية ولم تكن دلالته ظاهرة فحسب فإن هذا هو الذي يرد ، والذي لا يجوز الاختلاف معه ، ويكون الاختلاف معه نقمة بدلاً من أن يكون رحمة . وأيضاً حتى في المسائل الفقهية لو رد أحد من الناس حكماً فقهياً منصوصاً عليه في كتاب الله تعالى أو في السنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه فإنه لا يعتبر ذلك الاختلاف رحمة . الاختلاف الذي هو رحمة إنما هو الاختلاف في فهم الأدلة إذا كانت هذه الأدلة ليست نصية ، ويكون الاختلاف في أيضاً رحمة في ترجيح دليل على دليل إذا كانت هذه الأدلة في نفسها ظنية بحيث كانت ظنية المتن وذلك كالأحاديث الآحادية ، والله تعالى أعلم .


السؤال(13)
سؤال يتعلق بالمرأة التي تبلغ مبلغاً من العلم وتأهلت للفتيا إذا ما تصادم قولها مع قول عالم من الرجال ، المعروف بأن شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل ، في هذه الحالة إذا حصل خلاف بين عالم وعالمة برأي من يؤخذ ؟


الجواب :
يؤخذ بالرأي الذي يترجح بالدليل ، والنساء قد يبلغن في العلم مبلغاً لا يقل عن مبلغ الرجال فأمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن عندما كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم يختلفون في الكثير من المسائل لا سيما المسائل التي تتعلق بالنساء أو المسائل التي اطلعت أمهات المؤمنين على موقف للرسول صلى الله عليه وسلم فيها فإن الصحابة كانوا يأخذون بعد الاختلاف بما يصلهم من قبل أمهات المؤمنين .
كم من مسألة وقع فيها الاختلاف بين الصحابة ، ولما وقع فيها الخلاف رفعوا الأمر إلى أمهات المؤمنين فسألوهن . كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يرجع إلى أمهات المؤمنين في الكثير من المسائل ، بل ربما رجع إليهن في أمور حتى الأمور التي لم يكن فيها نص عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام مثال ذلك أنه سأل ابنته حفصة رضي الله تعالى عنها عندما مر بامرأة في الليل وهي تقول :
ألا طال هذا الليل واسود جانبه ***وليس إلى جنبي خليل ألاعبه
إلى آخر الأبيات
و هذا هو أمر شأن هذه المرأة فطلبها وسأل عن شأنها فإذا بزوجها في الغزو وهي بحاجة إلى معاشرته ، فسأل السيدة حفصة رضي الله تعالى عنها عما يمكن أن تصبر فيه المرأة عن زوجها من الزمن ؟ فقالت له : إنها ينتهي صبرها بمضي أربعة أشهر . فأمر أن لا يبقى غاز في غزوته أكثر من أربعة أشهر إن كانت له امرأة .
كذلك عندما وقع الخلاف بين ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وأبي سلمة ابن عبد الرحمن وهو ابن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وهو من التابعين وليس من الصحابة ولكن وقع بينهما خلاف في المعتدة إن كانت حاملاً ووضعت حملها قبل مضي أربعة أشهر وعشر أي إن كانت مميتة فقال ابن عباس : تعتد بأبعد الأجلين ، وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن : بل بوضعها حملها تنتهي عدتها ، فجاء أبو هريرة فعرض عليه الأمر فقال أنا مع ابن أخي أي مع سلمة بن عبد الرحمن فأرسلوا رسولاً إلى أم سلمة رضي الله تعالى عنها فأجابتهم أم سلمة بأن سبيعة الأسلمية وضعت حملها بعد موت زوجها بليال وأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تنكح ما شاءت إذ اعتبر عدتها قد انتهت ، هذا مما يدل على أن الصحابة كانوا يرجعون إلى أمهات المؤمنين .
فإن نبغت امرأة وكانت من الفطنة و الذكاء والإدراك والقدرة على الاستنباط والقدرة على فهم الأدلة والترجيح ما بين هذه الأدلة في مكان لم يصله عالم من علماء زمانها من الرجال فلا ريب أن قولها يقدم على قول ذلك العالم .



تمت الحلقة بعون الله تعالى وتوفيقه

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 04-02-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 8 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



سؤال أهل الذكر 23 جمادى الثانية 1423 هـ ، الموافق 1/9/2002 م
موضوع الحلقة : عام


السؤال (1)
رجل توفي وعنده مال وأثر ماء يتجاوز الثلاثة آلاف وعنده زوجة وأربعة أولاد فهل يجب على أولاده الإنفاق بحجة وعمرة وصيام رمضان وكفارة أم لا ؟


الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فمما يؤسف له أن كثيراً من الناس يغادرون هذه الحياة الدنيا وقد أُنسأ في آجالهم ولكنهم مع ذلك لا يتهيئون للقاء الله سبحانه وتعالى ، فلا يكتب أحدهم وصية مع أن القرآن الكريم بيّن فرضية الوصية ، الوصية للأقربين ذلك لأن الله تبارك وتعالى يقول ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) (البقرة:180) ، فهذه الوصية واجبة عندنا بدليل أن الله تبارك وتعالى بيّن أنها مما كُتب أي فُرض ، ولا يمكن أن يصرف هذا اللفظ إلى غير معنى الوجوب ، كذلك قال بعد ذلك ( حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ) فمعنى ذلك أن كل من أراد أن يكون من زمرة المتقين فحق عليه أن يوصي بهذه الوصية وهي الوصية للأقربين الذين لا يرثون .
ولماذا أدرج الوالدان هنا في ضمن الذين يوصى لهم مع أن الوالدين لهما حق في الإرث منصوص عليه في كتاب الله في سورة النساء ؟؟ كثير من الناس من قال بأن هذه الآية الكريمة نُسخ ما فيها ما دل على الوصية للوالدين بآيات المواريث ، ومنهم من قال بأن النسخ إنما هو بحديث ( لا وصية لوراث ) مع انعقاد الإجماع على مدلول هذا الحديث . ومنهم من قال بالجمع ما بين الحديث والآية .
وذهب بعض العلماء من السلف ورّجحه بعض أشياخنا المتأخرين إلى أن الوالدين المقصودين هنا هما الوالدان الذين لا يرثان وهما الوالدان اللذان لهما عقيدة دينية تخرجهما من ملة الإسلام وذلك بأن يكونا غير مسلمين فلا حق لهما في الإرث ، ولكن لهما حق في الوصية بسبب أبوة الأب وأمومة الأم ، فإن هذه الوالدية لها حق ولذلك يجب أن يراعى هذا الحق وأن يوصي لهما ولدهما المسلم . وهذا القول هو في الحقيقة من القوة بمكان إذا ما رأينا إلى الدلائل الأخرى وهي عدم جواز أن يوصى للوارث .
وكذلك يجب على الإنسان أن يوصي بما عليه من الحقوق التي يخشى أن لا يتمكن من أدائها في حياته ، لأن الإنسان لا يدري متى يفجأه ريب المنون ، فإن كانت عليه حقوق لله تبارك وتعالى أو حقوق للبشر فعليه أن يوصي بهذه الحقوق مع أمره بأن يعجّل في أدائها ، ولكن الوصية للإحتياط لا لأجل أن يتكل على الوصية ولا يؤدي هذه الحقوق .
أما الوصية للأقربين الذين لا يرثون فهي وصية واجبة ولو بر هؤلاء الأقربين ووصلهم في حياته فإن الله تبارك وتعالى أراد أن تكون هذه الصلة مستمرة بعد مماته فلذلك فرض ما فرض من الوصية لهم .
وإن أوصى أحد بما عليه من الحقوق سواء كانت هذه حقوقاً لله تبارك وتعالى أو كانت حقوقاً للبشر فإن ذلك ينفذ من وصيته ، وقد أجمع الكل على أن حقوق العباد تنفذ من أصل المال ، واختلفوا في حقوق الله هل هي من أصل المال أو أنه من الثلث ، والراجح أنها من أصل المال ولو ذهب كثير من العلماء أنها من الثلث بدليل أن النبي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام قال ( فاقضوا فدَين الله أحق بالقضاء ) ، وكلمة أحق إن لم تدل على أسبقية حقوق الله تبارك وتعالى على حقوق الناس فلا أقل من أن تدل على أن حقوق الله تبارك وتعالى وحقوق الناس جميعاً مشتركة في هذه الأحقية ، فلا تكون حقوق الله أقل من حقوق الناس .
واختلفوا فيما إذا كانت عليه حقوق لله تبارك وتعالى ولم يوص بها مع الإجماع أن حقوق البشر - أي ما كان عليه من ديون أو ما كان عليه من تبعات أو ما كان عليه من أي حق من حقوق الناس المفروضة عليه التي هي واجبة عليه - فإن أدائها يكون من المال ولو لم يوص بهذه الحقوق إذا ثبتت الحجة بها .
وأما حقوق الله فقد اختلفوا فيها فذهب أصحابنا وطائفة من علماء المذاهب الأخرى إلى أن هذه الحقوق لا تجب إن لم يوص بها ، ومنهم من قال بأنها تجب إن ثبتت لدى الوارث تجب في ماله ولو لم يوص بها ، وهذا القول هو أرجح ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلّم ( فاقضوا فدين الله أحق بالقضاء ) هو دليل على ذلك .
ومن العلماء من فرّق بين الحقوق الواجبة في الذمة - أي حقوق الله الواجبة في الذمة - وبين حقوقه التي هي واجبة في المال فلم ير وجوب أن تنفذ الحقوق الواجبة في الذمة ورأى وجوب أن تنفذ الحقوق الواجبة في المال ، وهذا هو الذي ذهب إليه الإمام نور الدين السالمي رحمه الله تعالى .
وبجانب هذا فإنه مما ينبغي للأولاد أن يبروا أباهم وكذلك أمهم بعد وفاتهما ، ومن هذا البر أن يكثروا من الصدقة عنهما ، وأن يفعلوا ما يمكن أن ينفعهما عند الله تبارك وتعالى كالحج والعمرة فإن ذلك مما يرجى خيره للوالدين وللأولاد الذين يأتون بهذه الأعمال ، أما أن نقول بالوجوب فإنه لا دليل على الوجوب ولكن ذلك من البر ومما ينبغي للإنسان أن يفعله ، والله تبارك وتعالى أعلم .


السؤال (2)
ترك أحد أقربائي وصية ليحج عنه أحد أقرباه ، ثم رآه أحد أقاربه في المنام يطلب منه أن يحج عنه ويقول له : حج عني . فرد عليه هذا الرجل : لماذا لا تحج أنت عن نفسك ؟ فقال : أنا مشغول . فهل هذه الرؤيا تلزم القريب بالحج عن ذلك الرجل الذي رآه في المنام ؟


الجواب:
أما الإلزام فلا ، لأن الأحكام الشرعية لا تتلقى في المنامات ، وإنما تترتب هذه الأحكام على موجباتها ، ولكن مع ذلك فإن قول الميت حق لأنه في دار حق ، ولذلك ينبغي لهذا القريب أن يحج عنه ، وقوله إنني مشغول لا ريب أنه كذلك لأنه بسبب وفاته صار لا يتمكن من أداء الحج ، فمما ينبغي أن يحج عنه هذا فلعل في هذه الحجة خيراً للميت وخيراً لمن يحج عنه .


السؤال (3)
أحد الأولاد تزوج في عهد أبيه ولم يكن لديه بيت فأراد أبوه أن يقتطع له قطعة من أرض المزرعة قام فيها بقطع النخل وبنى فيها بيتاً لولده ، ولم يستشر في ذلك أبناءه ولم يأخذ رأيهم ، الآن بعد وفاة الأب هل يعتبر ذلك الذي أخذه الابن جزءاً من نصيبه من ميراث أبيه ، أم له نصيب في كل الميراث ؟


الجواب :
الله المستعان ، حقيقة الأمر مما يؤسف له أن نرى كثيراً من الناس يتصرفون تصرفات لا ترضي الله تبارك وتعالى فالعدل مطلوب ، ومن العدل المطلوب العدل بين الأولاد ، فلا ينبغي لأحد بل لا يجوز له أن يؤثر أحد أولاده على غيره ، لأن هذا الإيثار مما يؤجج روح الحسد ما بين الأولاد ويجعل العداوة تستحكم في نفوسهم ، والحسد يثور في مكامن أحاسيسهم ، ذلك لأن الولد عندما يرى والده يؤثر أخاه عليه لا بد من أن ينقدح في نفسه شي من الغيرة بسبب هذا الإيثار ، ومن أجل هذا جاءت السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ناهية أِشد عن ذلك فعندما أراد النعمان بن بشير أن يمنح أحد أولاد نحلة - أي عطية - وأراد أن يشهد النبي عليه أفضل الصلاة والسلام على ذلك امتنع النبي صلى الله عليه وسلّم من الشهادة وقال ( لا أشهد على جور ، أو لا تشهدني على جور . أو لا أشهد إلا على حق ، أو أشهد غيري ) ، وليست كلمة أشهد غيري إقرار لهذا التصرف وإنما ذلك من باب التهديد لأن النبي صلى الله عليه وسلّم ليس من شأنه أن يقبل الجور فلا يمكن أن يشهد عليه ، وإنما إن حصل ذلك فذلك يحصل من غيره هذا هو مراده عليه أفضل الصلاة والسلام من بقوله ذلك .
والعلماء اختلفوا فيما إذا فعل الإنسان ذلك هل يُرد فعله هذا أولا يُرد ؟ فجمهور أهل العلم قالوا بأن ذلك يعتبر ماضياً ولا يُرد ، ومنهم من قال بأنه يُرد ، وهذا القول يتبين لي رجحانه ذلك لأن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام يقول ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) وهذا قد عمل عملاً ليس عليه أمر الرسول صلى الله عليه وسلّم ، وأمر الرسول صلوات الله وسلامه عليه إنما هو من أمر الله تبارك وتعالى فما كان لمؤمن أن يخالف أمر الله أو أمر رسوله ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (الأحزاب:36) فيجب رد الباطل إلى الحق ، فلذلك أنا أجنح إلى القول بأن ذلك يرد والعطية لا تمضي هذا الذي أراه .
ومهما كان قضية الإرث قضية ثانية وإنما قضية العطية هي يحكم فيها إن لم يصطلح الأطراف فيها على وجه معين ، وإنما أنصح هذا الابن بأن يحترز لنفسه وأن يرد هذه العطية لتكون من ضمن الميراث ، وأن لا يحمل أباه تبعة هذا الأمر ، وأن لا يحمل نفسه لأنه يعلم أن أباه أقدم على ذلك بغير وجه حق ، والله تعالى أعلم .

السؤال (4)
ذكرتم بأنكم تميلون إلى القول الذي يقتضي من الابن أن يرد العطية التي أعطاها إياها أبوه ، في هذه الحالة الرجل بنى بيتاً في تلك الأرض ، هل يقيّم البيت أم ماذا ؟


الجواب :
نعم في هذه الحالة إن كان من الصعب أن يقتسم البيت فإنه يقوّم ، وإن كان الابن هو مضطراً إلى البيت فهو أولى به مع دفعه القيمة ، والله تعالى أعلم .


السؤال (5)
إذا سامح أخوته ؟


الجواب :
من رضي أن ينزل عن حق من حقوقه فذلك خير له ، بل لو نزل أحد الورّاث عن كل ما يملك من حق لما كان في ذلك حرج على أحد .


السؤال (6)
الابن إذا اشترى قطعة أرض من أبيه في حياته فهل هذا يصدق عليه مسألة العطية ، أم أن الشراء يختلف ؟


الجواب :
بما أنه اشترى فالشراء معاوضة ، ولما كان ذلك بمعاوضة فلا يدخل ذلك في الإيثار .


السؤال (7)
صليت صلاة الجمعة ثم بعد الصلاة تذكرت أنني لم أتوضأ ، فماذا أفعل ؟


الجواب :
لا صلاة إلا بوضوء ، لأن الوضوء شرط من شروط صحة الصلاة ، ولما كانت الصلاة مشروطة بالوضوء فإن الشرط كما عرّفه العلماء هو ما يترتب على عدمه العدم ولا يترتب على وجوده الوجود ولا العدم لذاته ، فلذلك تكون الصلاة غير صحيحة ، وبما أن صلاة الجمعة لا يمكن أن يصليها الإنسان بمفرده ففي هذه الحالة على من فاتته صلاة الجمعة أن يصلي ظهراً أربع ركعات إلا إن كان في سفر فإنه يصلي ركعتين ، والله تعالى أعلم .


السؤال(8)
يقول النبي صلى الله عليه وسلّم : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنحكوه - وقيل دينه وأمانته - إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير . ما هو حكم أولياء الأمور الذين يحرصون على تزويج بناتهم بأشخاص ذوي مناصب عالية أو مكانة اجتماعية ولا يبالون بهذا الحديث ؟


الجواب :
أولاً قبل كل شيء يقدّم ما دل عليه الحديث على كل اعتبار آخر ، ثم بجانب ذلك لا بد من أن يكون أيضاً الأمر راجعاً إلى مولية الرجل ، فليس للرجل أن يزوج موليته لأي شخص بحسب هواه بنفسه ، وإنما عليه أن يستشيرها ، وأن يقبل رأيها فإنها هي التي تتزوج وهي التي تقترن ، وهي ذات نفس ذات مشاعر وأحاسيس ، وقد تحب وقد تكره وقد تود وقد تبغض كما هو شأن الرجل ، فلذلك لا يمكن أن تكره بالزواج من شخص لا توده ، أو يضيق صدرها منه ، أو تحس بأن العيش معه عيش نكد ، من الصعب أن يزوج الإنسان موليته لشخص لا ترضى به ، إنما عليه أن يلحقها بهواها لأن ذلك مما يجعل الألفة بينهما ألفة مظنونة الوقوع بخلاف ما إذا أرغمها أن تقترن بشخص هي لا توده ولا تريد الاقتران به ، فكيف ذلك وهذه ليست دابة تباع لأي شخص يريد أن يبيعها له صاحبها ، إنما هذه نفس تحمل مشاعر وتحمل أحاسيس فعليه أن يتقي الله تبارك وتعالى في ذلك .


السؤال (9)
إذا نام شخص عن صلاة الفجر وصحا بعد طلوع الشمس فهل يصح له أن يصلي صلاة الفجر في تلك اللحظة ؟


الجواب:
نعم ، بل عليه أن يصلي في ذلك الوقت فإن في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم : من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا تذكرها . فمن نام عن صلاة فاستيقظ وقد فات وقتها ، لا معنى لما يفعله الكثير من الجهلة الذين لا يعرفون شيئاً من أمر الدين ويتصورن أنهم على معرفة به لأن جهلهم جهل مركب كما يقول الشاعر :
ومن عجب الأيام أنك لا تدري ***وأنك لا تدري بأن لا تدري
أولئك يؤخرون الصلاة إلى مثل وقت وجوبها من الغد وليس ذلك بصحيح إنما النبي صلى الله عليه وسلّم أمر أن تصلى الصلاة في وقت تذكرها إن كان قد نسيها ، وفي وقت اليقظة إن كان قد استيقظ ، وهو عليه أفضل الصلاة والسلام فعل ذلك ، فإنه صلى الله عليه وسلّم كان في سفر ونام ، ونام أصحابه واستمروا في النوم إلى ما بعد طلوع الشمس ، واستيقظ عمر رضي الله عنه وكبّر فيهم ، واستيقظ النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه ، وفي ذلك الوقت قاموا لتأدية الصلاة لأن ذلك هو وقت الوجوب .
هذا ، ومن الخطأ ما يظنه الكثير من الجهلة من أن الصلاة الفائتة لا تقضى إلا في مثل وقتها فإن النبي صلى الله عليه وسلّم قضى صلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة المغرب في وقت العشاء ، وهذا يعني أن جميع الأوقات هي مإنة لقضاء الصلوات الفائتة إلا الأوقات التي تحرم فيها الصلاة ، وهي وقت طلوع الشمس إلى أن تستكمل طلوعها ، ووقت غروبها إلى أن تستكمل غروبها ، ووقت استوائها في كبد السماء في الحر الشديد إلى أن تزول ، والله تعالى أعلم .


السؤال (10)
رجل توفي منذ ثمانية أشهر وعلم أبناؤه أن عليه دين خمسة عشر يوماً من رمضان ، فكيف يكون القضاء ، وهل يمكن أن يقسم على أبنائه ؟


الجواب :
اختلف العلماء في صوم الحي عن الميت ، هل يصوم الحي عن الميت أو لا يصوم عنه ؟ ذلك لأن الصيام عبادة بدنية خالصة كالصلاة ، فمنهم من قال بأنه لا يصوم أحد عن أحد كما لا يصلي أحد عن أحد ، ولكن جاء في حديث الشيخين من رواية أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلوات الله وسلامه عليه قال : من مات وعليه صيام صام عنه وليه .
وعلى هذا فإنه لا حظ مع الأثر . ولا يعوّل على القياس مع وجود الخبر عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام لأن القياس إنما هو في غير مورد النص ، ومع ورود النص فلا يعّول على القياس ، ولكن بعض العلماء حملوا هذا على صيام النذر دون غيره .
ومهما يكن فإنه أولاً قبل كل شيء فإن كان الحكم ورد في النذر فذلك من باب ذكر حكم العام بفرد من أفراد العموم وذلك لا يخصص العموم ، ولو كان ذلك يخصص العموم لاقتضى أن تخصص عمومات كثيرة بمخصصات من هذا النوع ، ومن ناحية أخرى فإنه ما الذي يفّرق بين صيام النذر وغيره ؟ لأنا لو أعملنا القياس فالقياس يقتضي أن يلحق صيام غير النذر بصيام النذر ، فلذلك أرى أن يصوم أحد أولياءه عنه ، وإن وزّع ذلك الورثة فيما بينهم فإن ذلك يكون بقدر الميراث ، ولا يكون في وقت واحد وإنما يصوم هذا مع فطر هذا ، إذ لا يجوز أن يصوم اثنان عنه في وقت واحد .
هذا وإن أرادوا الإطعام فلا مانع من ذلك فليطعموا عن كل يوم مسكينا ، والله تعالى أعلم .


السؤال (11)
رجل أكل عمداً في نهار رمضان ستة أيام فكيف تكون الكفارة وكيف يكون القضاء ؟


الجواب :
عليه أن يقضي هذه الأيام الستة ، وإن كان من العلماء من يقول بأنه بطل صيام شهره جميعاً ، وهؤلاء اختلفوا منهم من قال يقضي الشهر كله ، ومنهم من قال يقضي الأيام السابقة على هذا الإفطار .
وبالنسبة إلى الكفارة فقد اختلفوا في ذلك فمنهم من قال بكل يوم كفارة بناء على أن كل يوم عبادة مستقلة ، ومنهم قال بكل شهر كفارة ، فإن كان الإفطار لشهر واحد فيرخص له أن يكفّر كفّارة واحدة عن جميع الأيام التي أفطرها عمداً بذلك الشهر ، ومنهم من يترخص رخصة بالغة وهذه الرخصة لا ينبغي أن تبذل إلا للتائبين تيسيراً لهم لأن الله تبارك وتعالى يحب التيسير على عباده وهي أن يكون الكفارة كفارة واحدة ، هذه رخصة تبذل لمن كان تائباً لا لمن كان مصراً ، وإن أخذ أحد بذلك نرى أنه أخذ بوجه حق مع توبته إلى الله تبارك وتعالى وإقلاعه وندمه ، والله تعالى أعلم .


السؤال(12)
إذا كان الرجل قادراً على الحج ولكنه لمشاغل الحياة لم يحج ومات على ذلك ، فهل يسقط عنه العذاب إذا حج عنه أولياؤه ؟


الجواب :
نسأل الله تبارك وتعالى اللطف ، حقيقة الأمر قضية العذاب هذه مردّها إلى الله تبارك وتعالى ، لأن الله هو العليم بسريرته عندما مات هل كان مصراً على عدم المبالاة بالحج أو أنه كان تائباً إلى الله تعالى ، نادماً على تأخيره الحج ، راغباً أن لو استقبل من أمره ما استدبر ، فلذلك ينبغي أن نكل هذا الأمر إلى الله تبارك وتعالى وحده .
بالنسبة إلى الأولاد فإنهم يؤمرون بأن يحجوا عنه وذلك من برهم بأبيهم وإحسانهم إليه كما دلت على ذلك الروايات عن الرسول عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام ومنها حديث الخثعمية ومنها حديث التي ماتت وقد نذرت أن تحج والمرأة التي ماتت ونذرت أن تصوم فأمر النبي صلى الله عليه وسلّم بقضاء الصوم والحج ، وهكذا ينبغي للأولاد أن يحجوا عنه وأن لا يترددوا في ذلك .


السؤال(13)
امرأة أسلمت في دولة مسلمة وليس لديها محرم وترغب في الحج ، فهل يصح لها أن تحج بغير محرم ، أو هل هناك طريقة أخرى ؟


الجواب :
الطريق الآخر إن كانت تحج حجة الفريضة أن تذهب في رفقة جماعة المسلمين المصاحبين لنسائهم وهم ثقات أمناء ، فإن أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن حججن مع أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه ، وقد استدل العلماء بهذا على جواز حج المرأة في برفقة جماعة المسلمين الموثوق بها ، ولا بد من أن يكونوا مصاحبين لنسائهم ففي ذلك حل لمشكلتها إن شاء الله .


السؤال(14)
هل يجب الغسل إذا عاشر الرجل زوجته ولم ينزل شيئاً ، وإذا كان يجب الغسل فما هي الكفارة لمن كان لا يغتسل ؟


الجواب :
وجوب الغسل هو القول الذي استقر عليه العمل عند الأمة عملاً بحديث الرسول عليه وعلى آله وصحبه اَفضل الصلاة والسلام عندما قال : إذا التقى الختانان فالغسل واجب ، وفي رواية : إذا التقى الختانان وجب الغسل أنزل الرجل أو لم ينزل . سواء كان هنالك إنزال أو لم يكن هنالك إنزال فإن التقاء الختانين موجب للغسل .
أما حديث ) الماء من الماء ) فإنه حديث منسوخ بدليل حديث رافع بن خديج رضي الله تعالى عنه الذي ناداه النبي صلى الله عليه وسلّم وكان يعاشر أهله فقام عن أهله وأتى النبي صلى الله عليه وسلّم بعدما اغتسل فقال له : لعلنا أعجلناك . فقال له : نعم . فقال له : إذا أعجلت أو قحطت فيكيفك الوضوء . ثم إن رافعاً قال إن هذه كانت رخصة أول الأمر ثم بعد ذلك فرض النبي صلى الله عليه وسلّم الغسل من المباشرة نفسها ولو لم يقع إنزال . فلذلك استقر عمل الأمة على أن الغسل واجب أنزل الرجل أو لم ينزل .
وعلى هذا الشخص الذي كان لا يغتسل وهو يباشر أهله بحيث تغيب الحشفة في فرج المرأة على هذا الرجل أن يتوب إلى الله تعالى ، وأن يقضي الفروض التي أداها على هذا النحو وهي لا تصح إلا مع الغسل من الجنابة الفروض المشروطة بالغسل من الجنابة ، والله تبارك وتعالى أعلم .


السؤال (15)
ما حكم إزالة بعض الشعيرات المتفرقة من المنطقة التي توجد بين العين والحاجب ؟


الجواب :
هذا الشعر إما أن يكون موصولاً بشعر الحاجبين أو لا ، فإن كان موصولاً بشعر الحاجبين فلا يجوز إزالته لأنه من الحاجبين وهو من ترقيق الحاجبين وذلك محرم لأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : لعن الله النامصة والمتنمصة . ذلك وعيد شديد لأن اللعن لا يكون إلا على كبيرة من الكبائر ، والله تعالى المستعان .
وإن كان غير موصول بشعر الحاجبين فذلك شعر آخر ولا يعتبر من ترقيق شعر الحاجبين فلا مانع من إزالته ، والله تعالى أعلم .


السؤال(16)
ما حكم النوم على البطن ، لأنه يروى حديث ينهى عن النوم على البطن لكونها نومة الشيطان ؟


الجواب :
جاء في بعض الروايات النهي عن نوم الرجل على بطنه ، وأنا لست على خبرة بمقدار صحة هذا الحديث ومعرفته فذلك أمر راجع إلى أهل الحديث ، وكذلك جاءت رواية وأحسبها موقوفة على عمر رضي الله تعالى عنه عن أن تنام المرأة مستلقية في هيئة من تنتظر المباشرة من الرجل ذلك لئلا يكون في ذلك تذكير للمرأة بالمباشرة وإثارة للشهوات . هذا من باب الأدب حتى يكون الإنسان قادراً على السيطرة على غرائزه لا يثير الغرائز ولا يهيجها . هذا الذي يتبين لي ، والله تعالى أعلم .


السؤال(17)
ما حكم سفر البنت للدراسة في الدول الأخرى ؟


الجواب :
إن كانت تسافر مع محرم ، وتسافر لتستقر في مكان مصون ، والمكان الذي تدرس فيه أيضاً هو مكان مصون بحيث يؤمن عليها كل فساد ، تسافر مع محرم وتعود مع محرم وتكون في يد أمينة بحيث تكون مصونة من كل سوء فلا حرج .
أما أن يلقى بها إلى حيث المخاطر فإن ذلك مما يعد إهمالاً للواجب وتضييعاً للأمانة وذلك هو عكس ما يدل قول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)(التحريم: من الآية6)
وأنا أريد أن أذكّر أولياء الأمور بأن يتقوا الله تعالى في بناتهم ، فإن الفتاة التي في مرحلة المراهقة والبلوغ كثيراً ما تكون عرضة لأولئك الذين يريدون بها السوء ، وهي إن أهملت وتركت وشأنها كانت في ذلك خطورة بالغة .
والناس في أيام جاهليتهم من غير يؤمنوا بالله ، ومن غير أن يؤمنوا باليوم الآخر كانوا يحافظون على الشرف والعرض ، ويرون العرض أغلى من كل شيء ، فكيف والإسلام هو الذي شدّد في هذا الأمر ، ويقترن بالمحافظة على العرض الخوف والرجاء ، الخوف من عقاب الله تبارك وتعالى ، فمن الواجب على الإنسان أن يحافظ على عرضه ، وأن يحافظ على كرامته ، وأن لا يفرط في ثمرات فؤاده وفي أفلاذ كبده ، فإن في ذلك خطورة بالغة ، فليتق الله أولياء الأمور ، والله تعالى المستعان .


السؤال(18)
امرأة استعارت كراساً من عند زميلتها ، ولكن بعد ذلك ذهبت عنها تلك الزميلة ، وتقطن في مكان بعيد ولا سبيل لها للوصول إليها ، تريد الآن إرجاع الأمانة فماذا تفعل ؟


الجواب :
عليها أن تحافظ على هذه الأمانة ، وأن تبحث عن صاحبة الأمانة بقدر المستطاع ، وأن توصي بردها إليها إن خشيت الوفاة ، وإن أيست نهائياً بحيث يتعذر أن تُرد هذه الأمانة إلى صاحبتها أو إلى ورثة إن كانت توفيت سواء في حياتها هي أو بعد مماتها ، إن تعذر كل ذلك فذلك مال مجهول ربه ، وكل مال جهل ربه ففقراء المسلمين أولى به ، والله تعالى أعلم .


السؤال(19)
امرأة حفظت خمسة عشر حزباً من القرآن الكريم ولانشغالها لم تستطع مراجعتها فنسيت الكثير منها أو نسيتها ، فهل تؤثم ؟


الجواب :
النبي صلى الله عليه وسلّم يقول : من تعلم القرآن ثم نسيه حشر يوم القيامة أجذم . والعلماء اختلفوا في النسيان ، فجمهورهم على أن النسيان هو نسيان التلاوة لأن هذا هو الظاهر وهذا هو المتبادر ، ولا يصار إلى غيره إلا مع قرينة .
ومنهم من حمل النسيان على معنى نسيان العمل بحيث ترك القرآن ، ولكن مع هذا ، أي مع القول بالتشديد فإنهم قالوا إن كان هذا بسبب مرض أدى إلى هذا النسيان فلا حرج ، وبعضهم ترخص مادام يفرق الإنسان ما بين القرآن وغيره من الكلام بحيث لا يلتبس عليه غير القرآن بالقرآن .
ومهما يكن فإننا نوصيها بأن تحافظ على ما حفظته وأن تحرص على استعادة ما نسيته ، وأن تحافظ على مدارسة القرآن لئلا يتفلت منها ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم (مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت ) ، والله أعلم .


السؤال (20)
ما قولكم في رجل يفضل زوجته على والدته ويسخط إذا قالت كلمة لزوجته ، ويؤدي ذلك إلى خصام بين والدته وبين زوجته ؟


الجواب :
الوالدة هي أعظم حقاًُ ، وأولى بأن تبر وأن تقدم وأن تراعى وأن يحافظ على حقها ، فإن أعظم حق على الرجل إنما هو حق أمه ، عليه أن يتقي الله تبارك وتعالى في هذا الحق وأن يحافظ عليه .
وللزوجة أيضاً حق ، ومن حقها أيضاً ألا تكون عرضة لأن تمتهنها الأم وأن تؤذيها وأن تجرح مشاعرها ، فلكل واحدة منهما حق ، فليس له أن يسخط أمه لإرضاء زوجته من غير أن تكون هذه الأم ارتكبت شيئاً من الإيذاء ، شيئاً مما يخل بالحقوق الواجبة للزوجة ، وفي نفس الوقت أيضاً عليه أن يرشد أمه بالنصح وبالكلمة الهادئة الهادفة إن وجدها قد حافت على الزوجة أو قالت لها كلاماً جارحاً أو نحو ذلك عليه أن يستعمل الأسلوب الحسن وأن يتقي الله تبارك وتعالى في كل واحدة منهما .


السؤال(21)
عن قول الله عز وجل ( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)(الجـن: من الآية23)؟


الجواب :
الآية ظاهرة ، معصية الله تبارك وتعالى مخالفة أمره ، ومعصية الرسول صلى الله عليه وسلم هي مخالفة أمره ، فالله تعالى وعد الطائعين جنة عرضها السماوات والأٍرض وتوعد بالنار ، فعلى الإنسان أن يتقي الله وأن لا يمني نفسه الأماني إذ الله تبارك وتعالى يقول ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً) (النساء:123)
والله سبحانه يقول ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (النمل:89-90)
يقول ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (القصص:84)
ويقول ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (الأنعام:160)
ويقول تبارك وتعالى رداً على مقولة اليهود ( بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:81) ، فليتق الله كل أحد في نفسه ولا يغتر بالأماني .


السؤال(22)
طلقت زوجتي عن طريق الهاتف بعد مرور عام ونصف من الزواج ومن أهم أسباب الطلاق أنها كانت تدعي أنها كثيرة الخوف من المعاشرة طوال سنة ونصف وحاولت علاجها ولكن فشلت . هل الطلاق بالهاتف جائز ، وهل يحق له استرجاع المهر علماً أنه لم يدخل عليها أو لم يدخل بها ؟


الجواب :
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ما أكثر جهل الناس وتجاهلهم ، ما أكثر وقوعهم في الأخطاء ، ليتهم يسألون قبل أن يقعوا في الخطأ فن شفاء العي السؤال
إذا أنت لم تدر ولم تك بالذي ***يسآل من يدري فكيف إذاً تدري
ما الداعي إلى أن يطلقها ثلاثاً ؟ ، ما الداعي إلى ذلك ؟ إنما هذه حماقة يرتكبها الناس من دون مبالاة بما يترتب عليها من عواقب الوخيمة ، على أن الطلاق شرع بطريقة معينة والخروج عن هذه الطريقة مخالفة صريحة لهدي كتاب الله وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام .
هذا وقضية الجواز وعدم الجواز هذه قضية ثانية ، كان ينبغي له أن يسأل هل وقع الطلاق أو لا يقع ؟ .
الطلاق وقع بل ولو لم يخاطبها مباشرة ولو يكن بالهاتف ، بل ولو قال في غيبتها بأنها طالق فإنها تطلق بذلك ، ثم من المعلوم أن المرأة لها الصداق ، الصداق حق من حقوقها ولا يجوز لأحد أن يرزأها فيما أعطاها من الصداق ، فإن الصداق أمر فرضه الله تبارك وتعالى للمرأة وقد قال عز وجل ( وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً) (النساء:20-21(
فما يفعله كثير من الناس من مضايقة نسائهم حتى يضطروهن إلى الإفتداء ذلك لا يجوز شرعاً وإنما يأكلون سحتاً .
ثم مع هذا أيضاً المرأة إن كانت هي صارت متضايقة من دون تقصير منه ولا تستطيع معاشرته فإنها هذه المرأة يباح لها أن تفتدي إن لم يرض هو بأن يسرحها بدون فدية ، وإنما تفتدي بما دفع إليها لا بأكثر منه ، تدفع ما دفع إليها لا أكثر من ذلك لحديث ( وأما الزيادة فلا ) فإنها لا تزيده على ما دفع ما يفعله الكثير من الناس الذين بحيث يأخذون من نسائهم أكثر مما دفعوا إليهن وذلك عندما تخشى المرأة ألا تقوم بالحقوق الزوجية ، ويخشى هو أيضاً ألا يعاملها معاملة حسنة بسبب تقصيرها فإن الله تبارك وتعالى يقول ( وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)(البقرة: من الآية229) ، هكذا يكون الأمر فيما بين الزوجين إن وقع بينهما شجار أو خلاف ، أما أن يطلقها ثم بعد ذلك يعود ليطالبها بالصداق فلا .
والصداق يجب للمرأة ، وإنما إن طلقها ولم يباشرها وقد سمّى لها صداقاً أي اتفقا على صداق ، فلها نصف ما سمّى لها سواء ما دفعه إليها أو لم يدفعه إليها ، وسواء ما يسمى بالعاجل أو ما يسمى بالآجل لها نصف ذلك وترد إليه النصف الباقي ، إلا إن عفا فأتم أو عفت فأسقطته ، أي إن عفت فأسقطت الجميع فذلك إليها ويحل له في هذه الحالة أن يأخذ ما أسقطته ، وإن عفا فأتم فذلك خير فالله تبارك وتعالى يقول ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة:237) ، فلها إذن نصف الصداق إلا أن عفت فأسقطته أو عفا هو فأتم فدفع إليها النصف الباقي ودفع إليها صداقاً وذلك خير لأن الله تبارك وتعالى يقول ( وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) .
وإن اختلفا بحيث ادّعى هو أنه لم يباشرها ، وادّعت هي أنه باشرها فإن كان قبل الدخول وقبل أن يرخي عليها حجاباً فالقول قوله ، وبعد كان أن أرخى عليها حجاباً فالقول قولها ، والله تعالى أعلم .


السؤال(23)
شخص ذهب إلى مكان فصلى صلاة السفر ثم تبين له أن المسافة التي قطعها لم تتجاوز المدة المحددة للسفر وهي 12 كلم ؟


الجواب :
إن كانت المسافة دون مسافة القصر عليه أن يعيد الصلاة تماماً وإلا فقد صلى والله تعالى يتقبل منه .


السؤال(24)
أجهل كل الجهل للأمور الفقهية الأساسية وفق المذهب الإباضي هل يمكن أن تدلوني على بعض عناوين الكتب التي استفيد منها في هذا المجال ؟


الجواب :
نعم ، نوصيك بأن تقرا كتاب الوضع للشيخ أبي زكريا يحيى الجناوني ، وأن تقرأ كتاب القواعد للشيخ إسماعيل بن طاهر ، وأن تقرأ كتاب الإيضاح للشيخ عامر الشماخي ، وأن تقرأ جامع أبي الحسن البسيوي العماني ، وأن تقرأ كتاب مختصر الخصال للإمام أبي إسحاق إبراهيم بن قيس الحضرمي ، وأن تقرأ مدارج الكمال ، أو مختصر الخصال للإمام نور الدين السالمي ، وأن تقرا معارج الآمال ، ومثل هذه الكتب فهي كتب مفيدة إن شاء الله .

السؤال(25)
ما قولكم في المرأة التي تذهب للكوافير لتصفيف شعرها لزوجها ، وما قولكم في من يقول أن من يدخل هذا المكان كفر ؟


الجواب :
نسأل الله تبارك وتعالى العافية ، دخول المرأة الكوافير التي قد يكون فيها رجل وقد تكون فيها النساء غير مسلمات وقد تكون فيها الفاسقات من النساء المسلمات هو مكان فيه ريبة ، والكفر هنا ليس كفر شرك وإنما هو كفر نعمة .


السؤال(26)
جدة أرضعت أبناء أبناءها وأبناء بناتها فما حكم التزاوج فيما بينهم وكذلك الإرث ؟


الجواب :
الرضاع لا يترتب عليه الإرث من لم يكن وارثاُ بسبب أو نسب ، أي لا يترتب على الرضاع أن يرث الراضع ، أو أن يرث أي أحد بسبب علاقة الرضاع بين الوارث والموروث .
أما الحرمة فنعم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب . فإن كانت الجدة أرضعت أولاد بنيها وأولادها بناتها فأولئك الذي رضعوا يحرم عليهم أن يتزاوجوا ، ويحرم الزواج بينهم وبين أولاد عماتهم وبين أولاد خالهم ما بين الطرفين ، كل من رضع منها يحرم عليها ، إن كان الراضع من أولاد أبناءها فيحرم عليه أن يتزوج أي واحدة من بانت أعمامه أو من بنات عماته ، وإن كان الراضع من أولاد بناتها فيحرم عليه أن يتزوج أي واحدة من بنات أخواله أو بنات خالاته الكل حرام ، والله أعلم .


تمت الحلقة بعون الله تعالى وتوفيقه

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 04-02-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 9 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



برنامج سؤال أهل الذكر
حلقة الأحد : 1 رجب 1423هـ ، 8/9/ 2002م
الموضوع : عام


السؤال :
امرأة كان لها زوج شديد وقاس وكان يعمل الأعمال السحرية ليضر بها الناس وكان يجبرها أن تدفن تلك الأعمال السحرية في أماكن معينة ثم تشاهد بنفسها المقصودين بالسحر يتضررون وهي الآن مطلقة وتائبة ولكنها تسأل عما يمكن أن تُكفّر به عن ذلك السحر ؟


الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلّم على سيدنا ونبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فإن الله تبارك وتعالى لم يترك الناس سدى ، ولم يخلقهم هملا ، بل كل إنسان محاسب على ما قدّم وأخّر مسئول عن فعله { أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } ( القيامة :36-40).
بلى ، وإنه سبحانه سوف يحاسب كل أحد بعد إحيائه على ما قدّم وأخّر في هذه الحياة الدنيا ، لهذا كانت طاعة من تحق له طاعة من البشر مؤطرة في حدود طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلّم ، فما كان لأحد أن يطيع أحداً من الناس أياً كان زوجاً أو والداً أو أي أحد له شأن وقدر ورفعة في معصية الله سبحانه وتعالى فإن معصية الله سبحانه وتعالى أمر عظيم ، من شأن المؤمن أن لا يتردد في طاعة الله وفي طاعة رسوله { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} (الأحزاب:36) لأنه اجترأ على الله ذي الشأن العظيم والذي له الحق في أن ينقاد له كل أحد من أعماق نفسه .
هذا والسحر هو أكبر الكبائر لأنه من ضمن الإشراك بالله ، والشرك بالله هو أكبر الكبائر فإن السحر يتضمن الإشراك بالله تبارك وتعالى ، إذ فيه طاعة للشيطان وتجاوب مع عمله وانقياد له وإيثار لطاعته على طاعة الله ، وكفر بما أنزل الله سبحانه وتعالى ، لذلك كان السحر معدوداً من جملة الإشراك ، ولذلك جاء في الحديث عن النبي عليه وعلى وصحبه أفضل الصلاة والسلام << اقتلوا الساحر والساحرة >> ، فالساحر والساحرة حكمهما أن يقتلا بسبب ردتهما عن الإسلام .
على أن السحر مهما كان إنما يضر من كتب الله تعالى عليه التضرر به فالله سبحانه وتعالى يقول{ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ}(البقرة: من الآية102) ، ولكن مع ذلك هو من أعظم الكفر ، ولذلك تجد التصريح بما يدل على أن السحر داخل في ضمن الكفر في قوله الله تعالى { وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ }(البقرة: من الآية102) ، ومعنى ذلك أن من تعلم السحر فهو كافر ، أو من سعى وراء ضلالة السحر فهو كافر .
فما كان لهذه المرأة أن تطيع زوجها فيما يأمرها به من الكفر ومخالفة الحق ، وعليها مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى أن تتخلص إلى أولئك الذين تضرروا وذلك بأن تضمن لهم ما لحقهم في أنفسهم أو في أموالهم ، أي أن تضمن أي تضرر أصابهم إلا أن ينزلوا عن حقهم ويعفوا عنه فإن ذلك أمر سائغ ، والله تعالى أعلم .


السؤال :
قضية تلبس الجن الإنس هل هي حقيقة أم هي أمور نفسية ؟


الجواب :
حقيقة الأمر هذه قضية بحثها العلماء ووقفوا منها موقفين ، منهم من قال بدخول الجن في جسم الإنس لأن أجسامهم أجسام لطيفة أي هم أقرب إلى الروحانية فلذلك يتمكنون من الدخول ، ومنهم من قال بعدم دخولهم لأنهم ولو كانت أجسامهم لطيفة إلا أنهم أجسام فلا يتلبس جسم بجسم ، ولكن مع هذا هنالك تأثير من حيث الإيحاء فقد يتكلم الإنسان كلاماً يوحيه إليه الجني الذي تلبس به بطاقته الروحانية لا بدخوله في جسمه حسب ما يبدو ، وإنما يؤثر عليه تأثيراً حتى يتحدث مما يتحدث به .
وهذه القضية قضية لا ننكر وقوعها إلا أن ذلك قد رُوّج له ترويجاً عجيباً عند الناس ، وهذا الذي جعل الناس يتأثرون تأثراً نفسياً عجيباً ، وتترادف عليهم الأمراض النفسية ، وتكثر عندهم الأوهام ، وتشيع عندهم الخيالات حتى يتحدث الإنسان بأنه رأى كذا ورأى كذا وأنه يحس بكذا في حالة نومه أو في حالة انفراده أو في غير ذلك من أنواع الحالات ، هذا إنما هو في الغالب ناشئ عن حالات نفسية ، وقد كان الواجب أن تكافح هذه الأمور نفسياً بحيث يُعوّد الناس على التصلب .
وصل الأمر بالناس أن أحداً إذا أحس حشرجة في حلقه قال هذا من أثر الجن ، أو أوجعته أذنه قال هذا من الجن ، أو وجع رأسه قال هذا من الجن ، أو أصابه أي شيء قال هذا من الجن ، كأنما الإنسان ليس عرضة للبلاء مع أن أي أحد عرضة للبلاء .
فمثل هذه الإشاعات أوحت إلى الناس إيحاءات غريبة ، وأثّرت عليهم تأثيراً نفسياً فلذلك من الواجب أن يكافح هذا ، ومع هذا يؤمر كل أحد أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، عندما شكا عبدالله بن عمرو بن العاص إلى النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أنه عندما ينام يرى أهوالاً علّمه النبي صلى الله عليه وسلّم أن يقول << أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعذابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون >> .
فالمسلم يؤمر أن يتقي الله في جميع أحواله ، أن يتقي الله عندما ينام ، وأن ينام على طهارة ، وأن يتقي الله عندما يستيقظ ، وأن يستيقظ على نية خالصة ترضي الله وتعالى ، وأن يذكر الله قبل نومه ، وأن يذكر الله عند يقظته ، وأن يذكر الله تعالى في جميع أحواله ، استجابة المسلم لذكر الله تبارك وتعالى في أحواله المختلفة سبب لوقايته من هذه الشرور ومن الأوهام ومن هذه الخيالات ، فليكثر الناس من ذكر الله تبارك وتعالى لتطمئن قلوبهم فإن الله تعالى يقول { أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرعد: من الآية28) ، والله تعالى الموفق .


السؤال :
من خلال تفحصنا للواقع نجد أن مشكلة أيضاً وقعت في هذا مثل الموضوع فقد تنشز زوجة أحدهم عليه فيبقى حائراً هل ذلك النشوز هو بسبب السحر أم بسبب أنها لا تحبه أو لا ترغب فيه فيرتبك ولا يدري كيف يتصرف ، فهل هنالك علامات معينة تدل على أن الزوجة إنما تأثرت بفعل السحر ؟


الجواب :
نحن لا ننكر أن يكون هنالك سعي من بعض السحرة والدجالين للتفريق بين المرء وزوجه كما قال الله تعالى { فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}(البقرة: من الآية102) ، ولكن مع هذا لا يقع إلا بقدر من الله { وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ}(البقرة: من الآية102) ، الضرر إنما يقع إذا كتبه الله تبارك وتعالى وإلا فالأصل أن لا يؤثر سحر الساحر حتى يكون ذلك أمراً مقدراً من قبل الله سبحانه .
وكثير من الناس ربما يتوهمون أن ما يقع بينهم من خصومات وما يقع بينهم من خلاف إنما هو بسبب سحر الساحرين ، ولا يلزم أن يكون ذلك صحيحاً ، هذا لعله من النادر أن يكون ذلك بسحر السحرة فإن كره المرأة لزوجها ، وكذلك كراهة الرجل أحياناً لامرأته قد يحصل بدون أن يكون هنالك سحر هذا مما وقع ، والخلاف ما بين الزوجين يقع حتى في أطهر البيوت في بيت النبوة ، النبي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام كان أحياناً يقع خلاف بينه وبين أهله حتى أنه خيّر نساءه لمدة شهر وما ذلك إلا بسبب ما يقع من خلاف فيما بينهم فلا يُعد هذا أمراً خارجاً عن الطبيعة وخارجاً عن المألوف .


السؤال :
أنا سيدة متزوجة وموظفة ومن نغّص عليّ عيشي وقلب حياتي جحيماً وأحال شمسي ظلاماً و أبدل سروري تعاسة هو للأسف الشديد والدي سامحه الله فقد اشترط عليّ تسليمه راتبي كاملاً ، وكذلك التحكم في كل مصروفاتي فهذا اقتنيه وذلك لا أشتريه ولا يسمح لي إلا بما يريد ، ولله الحمد لا أخالف الدين في ما أصرفه من مال وأستشير زوجي وهو راض تماماً ولكن أبي يضيق عليّ الخناق ويزيد في شروطه ومتطلباته رغم أني لم أقصر في حقه وأدفع له كل شهر مبلغاً من المال ، ما هي نصيحتكم ؟


الجواب :
أولاً نصيحتنا للأب أن يتقي الله ، وأن لا يكون جشعاً ، وأن لا يفرض على ابنته ما لا تطيق وما لا تقوى عليه ، وأن يحرص على تجنب الطمع المرذول ، فهذا هو الطمع المرذول الذي يجعل الإنسان جشعاً على المال جشعاً يتعدى الحدود ويخرج عن المألوف .
مما يؤسف له أن يكون كثير الآباء يساعدون أولادهم على عقوقهم ، هذا التصرف من هذا الأب مدعاة للعقوق ، والمرأة هي أحق بما تملك ، نعم إن كان أبوها في حالة عجز لا يجد ما ينفقه على نفسه في هذه الحالة عليها أن تنفق عليه بقدر طاقتها مع تساعدها هي وبقية إخوتها لا أن تتحمل هي العبء والتبعة ، وإن كان هو قادراً على الإنفاق على نفسه ، إن كان قادراً على الاكتساب أو كان عنده مال يأتيه من قبله ريع فإنه عليه أن يقنع بما رزقه الله ، وأن لا يكلف ابنته هذه الكلفة الشاقة الصعبة عليها .


السؤال :
امرأة عند انتهاء مدة حيضها يأتيها الجفاف وبعد يومين ترى القصة البيضاء فبأي علامة تعمل ؟


الجواب :
الأصل في الطهر من الحيض أن يكون بالقصة البيضاء لا بالجفاف ، وإنما الجفاف للتي لا ترى القصة البيضاء ، فإن كانت لا تأتيها القصة البيضاء ويأتيها الجفاف فعندئذ تأخذ بالجفاف ، أما إن كانت تأتيها القصة البيضاء فالجفاف يكون حكمه حكم التوابع ، والتوابع حكمها حكم ما قبلها كالصفرة والكدرة والدَريّة ، كل من ذلك إنما ما قبله فما كان مسبوقاً بدم فهو حيض وما كان مسبوقاً بطهر فهو طهر .


السؤال :
رأيت في المنام أني أسأل سماحة الشيخ المفتي هل يجوز الكذب على الأطفال فأجابني بأنه لا يجوز والكذب حرام سواء كان على الأطفال أم على غيرهم فقلت له إن الأطفال لهم متطلبات كثيرة وخصوصاً إذا ذهب الأب إلى الأسواق أو غيرها فإنهم يطلبون هذا وذاك ولو أجابهم الأب إلى ذلك لكثرت عليه الديون فتبسم من ذلك ، فما هو ردكم على هذا الموضوع ، هل نسميه دلالة على موافقتي أم ماذا ؟


الجواب :
الكذب على الأطفال مما يجرأ الأطفال على الكذب ، والنبي صلى الله عليه وسلّم بيّن أن الكذب على الأطفال حرام حيث أبصر امرأة تقول لابنها تعال خذ فسألها ماذا تريدين أن تعطيه ؟ فأجابت بما تريد أن تعطيه فبيّن لها النبي صلى الله عليه وسلّم أنها لو لم تكن قاصدة أن تعطيه شيئاً وقالت له ذلك لكانت كاذبة وتبوء بوزر الكاذبين .
فالكذب من أخبث السجايا التي تكون في الإنسان ، ولا يُطمئن إلى الكذاب في أي حال من الأحوال ، والولد في حالة طفولته إنما هو كاللوحة الصافية التي لم ينقش فيها شيء ، وتنتقش بحسب ما يكون عليه الوالدان ، فالولد يحاول أن يقلد والده في كل ما يسمع منهما وفي كل ما يبصر منهما ، فإن جرب على والديه كذباً كان ذلك مدعاة لأن يعتاد الكذب ، فلذلك كان الكذب من أقبح ما يربى عليه الأولاد ، فعلى الوالدين كليهما أن يحرصا على أن لا يعثر الطفل في سلوكهما على أي كذب ، وأن يحرصا على تحري الصدق في حديثهما إليه .
وهذه المطالب التي تكون من الأطفال يمكن أن يقنعوا بطريقة أو بأخرى حتى يَقنعوا بالشيء اليسير ولا يكلفوا والدهم الشيء الكثير ، والله تعالى أعلم .


السؤال :
ما حكم الصلاة بقبعة فيها شعار إسرائيل ؟


الجواب :
إن كان هذا الشعار يوحي بالرضا عن فعلهم ، أو موالاتهم أو شيء من ذلك فذلك حرام حرام حرام داخل الصلاة وخارجها .


السؤال :
ما حكم تعليق صورة مرسومة باليد لوالدي رحمه الله في البيت ؟


الجواب:
الرسم باليد ممنوع كالنحت إن كان لصورة ذات لروح ، وإنما أقصى ما أبيح هو الصور الفوتوغرافية لا غير ، والله تعالى أعلم .


السؤال :
ما الحكم الشرعي في حلب الأخت الحليب من صدرها مباشرة في عين أختها والتي تبلغ من العمر أحد عشر عاماً ؟


الجواب :
لا يمنع ذلك لأن رضاع الكبير لا يؤثر عليه ، فمن رضع وقد جاوز الحولين فلا يؤثر عليه الرضاع حكماً ، إنما الرضاع يؤثر على من لم يجاوز الحولين .


السؤال :
امرأة كبيرة في السن قالت إنها أرضعت شخصاً ثم أنكرت ذلك فهل يصح التزاوج بين هذا الشخص وبين أولاد المرأة التي اعترفت ثم أنكرت علماً بأنها كبيرة في السن ؟


الجواب :
أما إن كانت تذهل وتنسى وهناك احتمال كبير أن يكون ذلك الاعتراف ناتجاً عن ذهولها ثم تذكرت بعد ذلك وأنكرت إنكاراً جازماً ففي هذه الحالة يمكن أن يتم الزواج ، أما إن كانت ليست بهذه الحالة أي لم يصل بها الحال إلى أن تقول غير الواقع وإنما ذكرت أنها أرضعت ثم تراجعت ففي ذلك خلاف بين أهل العلم منهم قال بأن قولها السابق حجة ، والحجة لا يسقطها الإنكار فإنكارها فيما بعد هو محاولة منها لدرأ الحجة ولا تندرأ الحجة عندما تقوم ، ومنهم من يقول بأن هذا الإنكار يسقط الحجة لأنها كما يحتمل أن تكون كاذبة في إنكارها يحتمل أن تكون كاذبة في قولها الأول . والله تعالى أعلم .
والحوطة في ذلك عدم الزواج ففي غيرها من النساء سعة ، والله تعالى أعلم .


السؤال :
ما حكم القنوت عند أصحابنا الإباضية ؟


الجواب :
القنوت روي عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه كان يقنت وهو يدعو على قوم ، يدعو على رُعَل وذكوان لمدة شهر ، ثم لما نزل بعد ذلك { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ}(آل عمران: من الآية128) امتنع من القنوت .
وهناك أحاديث عديدة دلت على أن الكلام في الصلاة ُنسخ ، فالأمة اختلفت منهم من قال بمنع القنوت رأساً وهذا الذي أخذ به أصحابنا بناء على منع أي كلام في الصلاة خارج الكلام المألوف المعهود .
ومنهم من قال بأنه بقي في صلاة الفجر وفي صلاة الوتر وفي النوازل .
ومنهم من خصه بالنوازل وحدها .
ونحن لسنا في مجال المناقشة في قضية القنوت وإنما نقول بأن من كان يصلي خلف أحد وفي معتقد ذلك المصلي أن ما يأتيه في الحكم هو عنده مشروع فإن ذلك لا يؤثر على صلاة من صلى خلفه ، ولذلك عندما فقد أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة رحمه الله أبا مودود حاجب بن مودود وقد كانا متصاحبين في طريقهما إلى الحج فصليا خلف إمام قنت في صلاته ففقد أبو عبيدة أبا مودود حاجب بن مودود قال أين ذهب اللحياني ؟ - وقد كان كبير اللحية - لعله يريد أن يعيد الصلاة ونحن لا تلزمنا إعادتها .
فنحن نود أيضاً من الذين يقنتون أن يقتصروا على المأثور دون غيره ، وأن لا يخرجوا عما روي إلى ما عداه من الكلمات العجيبة التي قد تكون خارجة عن حدود الصلاة ، والله تعالى أعلم .


السؤال :
شاب تاب إلى الله تعالى بعد ضلالته وكان قد أكل حقوق كثير من الناس منهم يعرفهم ومنهم لا ، والآن يرغب في أداء الحقوق إلى أصحابها ولكنه لا يملك المال الكافي لأداء هذه الحقوق إليهم ، ولا يستطيع أن يطلب منهم مسامحته ، فماذا يفعل ؟


الجواب :
كان جديراً بهذا أن يأتي إليهم ويقول لأحدهم قد كانت عليّ حقوق لك هذا مقدارها ولا أقدر أن أدفع إليك هذا الحق إن كنت تعفو فذلك وإلا فأني أوصي لك بهذا الحق ، ومتى تيسر لي قبل وفاتي فإنني سوف أدفعه إليك ، فإن تنازل ذلك الشخص بالحق عن حقه سقط عنه الحق وإلا فإنه يحرص على الوصية له ، ولعل الله تعالى يهيئ له من يقضي عنه هذا الحق بعد موته ، أو يهيئ له من يتبرع له في حياته بأن يعينه على قضائه .


السؤال :
رجل لديه أمواله كثيرة ولكنه لا يزكيها وتريد زوجته أن تزكي عنه ماله بدون إذنه ، هل يصح له ذلك ؟


الجواب :
لا ، الزكاة لا تؤخذ من أحد كرهاً إلا أن يأخذها الحاكم المسلم الذي يجبر الناس على دفع زكواتهم ، ذلك لأن الزكاة عبادة من العبادات فلا تؤخذ من الإنسان خلسة وراء ظهره لأن أي عبادة من العبادات لا بد لها من نية ، فهي وإن دفعتها ولكن تبقى هي في ذمة ذلك الزوج واجبة عليه لأنه لم ينو دفعها ، أما لو أخذها الإمام بطريقة مشروعة أي الحاكم المسلم ففي هذه الحالة تكون الزكاة قد بلغت مبلغها وإنما تبقى نية ذلك الذي أخذت منه هل نيته بعد ذلك أن يتوب الله أو أن يستمر على منعه للزكاة .


السؤال :
امرأة كانت في خلاف شديد مع زوجها وكان يعود إليها في وقت متأخر فيسمعها كلاماً مؤلماً ويتهمها بأشخاص معينين وقال لها في مرة من المرات اذهبي إلى بيت أهلك ، فلما أرادت أن تأخذ أغراضها قال : إنك أتيت عندي ولم تأت بشيء . وعندما أرادت الخروج قال لها : إن خرجت من رز الباب فأنت خارجة بكلمتك . بعد ذلك التفت إلى أولاده وقال لهم من منكم يريد أن يذهب مع أمه ؟ فقالت بنت : أريد أن أذهب مع أمي . فقال لها إن ذهبت مع أمك فأنت لست ابنتي وإنما من رجل آخر ، ما الحكم ؟


الجواب :
بئس الرجل من يتصرف هذا التصرف ، هذا التصرف يدل على عدم الإيمان ، ويدل على عدم مراعاة حقوق الزوجية ، ويدل على الانحراف عن الفطرة الإنسانية السليمة ، تلكم الفطرة التي فطر الله تبارك وتعالى عليها البشر ، فإن العلاقة الزوجية هي وئام ومودة وسكون وعطف ورحمة، الله تبارك وتعالى يقول { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم:21) .
فالعلاقة الزوجية علاقة مودة علاقة رحمة ، لا علاقة جفاء وعلاقة نشوز وخلاف وشقاق ونفرة ، وغلظة في القول ، وصلف في المعاملة فإن ذلك أمر مرفوض شرعا ، وخير الناس من كان أبر بأهله ، النبي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام يقول : <<خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي>> . قد كان النبي صلى الله عليه وسلّم مثالاً في حسن معاشرة الأهل ، كان يعاشر أهله بالحسنى ، ويتلطف في مخاطبتهم ، ويلين لهم القول ، ويحسن معاملتهم ، ويعينهم على خدمة البيت ، هكذا كان شأنه صلى الله عليه وسلّم ، لم يكن صلفاً ولم يكن غليظ القول جافياً ، إنما هذا الجفاء نتيجة الانحراف في الفطرة ، ونتيجة فراغ هذه النفوس من الإيمان .
ثم إن اتهام الرجل لامرأته بأنها تأتي الفاحشة وترتكبها ثم يقذفها برجال هذا كله إنما هو قذف لها وقذف لأولئك ، فهذا يبوأ بعقوبة القذف ، الله تبارك وتعالى فرض في هذه الدنيا عقوبة للقاذف عندما قال { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا}(النور: 4-5) ، الله تبارك وتعالى حكم عليهم بهذه العقوبة وفي الآخرة يقول الله سبحانه وتعالى { إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} (النور:23-25) ، هكذا يبين سبحانه وتعالى هذه العقوبة في الآخرة التي تنتظر هؤلاء القاذفين .
على أن مضايقة المرأة واضطرارها للافتداء من الرجل أمر أيضاً لا يرضاه الإسلام ، فليس للرجل أن يأخذ من امرأته أي حق كان ، أي شيء كان ، إلا في حالة واحدة أن يعلم أنها له كارهة ، وأنها لا تستطيع أن تقوم بحقوقه ، وتريد أن تتخلص منه لأجل أن لا تكون عليها تبعة ، تبعة القيام بهذه الحقوق في هذه الحالة يباح له فالله تبارك وتعالى يقول { وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}(البقرة: من الآية229) ، ويقول { وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً} (النساء:20-21) ، فأين هذه الآيات القرآنية من هذا الأرعن الذي يتصرف هذا التصرف .
وأما قوله لها اذهبي إلى أهلك فإن قصد به الطلاق فهو طلاق لأن ذلك من كنايات الطلاق ، وإن لم يقصد به الطلاق لم يقع .
وكذلك قوله إن خرجت خرجت بكلمتك إن قصد بذلك الطلاق فإنها تطلق بهذا القول .
وقوله لابنته أنت لست بابنتي ولتخبرك أمك بأبيك هذا أيضاً من القذف ومما يعاقب عليه ، ولا يتخلص من ذلك إلا بلعان أي إن لاعن هذه المرأة تخلص من الولد الذي أنكره على أن يكون مُنكراً له من أول الأمر لا يكون ذلك منوطاً بسبب رغبة الولد سواء كان ذكراً أو أنثى في اللحوق بأمه ، إن كان من أول الأمر مُنكراً لذلك الولد فإنه يلاعن بينه وبين المرأة إن أصر على هذا الإنكار ورماها بالزنا ، والله تعالى المستعان .


السؤال :
رجل تسبب في وفاة آخر وكان هو المخطئ فدفع دية مقدارها ثمانين ألف دينار جزائري ، ما الحكم في هذا ؟


الجواب :
دية الإنسان بالنسبة إلى الرجل هي في الأصل مائة من الإبل ، وبالنسبة إلى المرأة هي خمسون من الإبل ، هذه هي الدية الشرعية المشروعة من أول الأول .
والدية تختلف بين منطقة وأخرى بحسب التقدير للقيم ، قدرت في عهد الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه ، فرض على أصحاب الإبل كما ثبت في السنة مائة من الإبل ، وعلى أصحاب الذهب ألف دينار ، وعلى أصحاب الدراهم أي أصحاب الفضة اثني عشر ألف درهم وهكذا ، فالدية إنما تقدر بحسب ما يراعى من القيم بين منطقة وأخرى ، والدية مشروعة فقد شرعت بنص القرآن الكريم ولا معنى للتردد في إقرارها فإنها أمر أقره الإسلام .


السؤال :
كم تكون الدية وهل عليه صوم ؟


الجواب :
الدية هي في الأصل مائة من الإبل إلا إن رضي الطرف الآخر أن يتنازل عن حقه ، ولا بد من الصيام فيمن قتل مسلماً أو غير مسلم خطأ . والله تعالى أعلم .


السؤال :
الإسلام كما تعلمون حرّم جمع المرأة بعمتها وخالتها وحرم جمع المرأة بأختها ولكن لم يحرّم الجمع بين بنات العم ، ما الحكمة في ذلك الجمع رغم وجود الغيرة في كل الأحوال ؟


الجواب :
طبعاً علاقة الأخت بأختها أقوى وعلاقة العمة بابنة أخيها وعلاقة الخالة بابنة أختها أقوى من علاقات بنات العم فلذلك لم يحرم الجمع بين بنات العم ، وإنما هو مكروه .


السؤال :
هل من حقوق الزوجة على زوجها أن يخبرها بكل مصادره المالية ، وهل يخبرها بكل صدقاته التي يتصدق بها ؟


الجواب :
لا ، ليس ذلك من حقوقها ، والصدقة يؤمر بأن يخفيها الرجل حتى لو تصدق بصدقة كما جاء في الحديث ينبغي أن يخفيها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه .


السؤال :
رجل يعمل في إحدى المحلات التجارية وهذا المحل يقوم ببيع الدخان وقد طلب من صاحب المحل عدم بيع الدخان ، فما هو الحكم في العمل في هذا المحل هل يستمر فيه أم يبحث عن عمل آخر ؟


الجواب :
الأولى أن يتجنبه ، وإن بقي فيه فلا يبيع الدخان ، وإنما يبيع بقية الأمتعة .


السؤال :
أب يمنع ابنته من الالتقاء بأمها المطلقة وكذلك يمنعها من صلة أبيه الذي هو جدها ؟


الجواب :
عليها أن تبر أمها وتصلها رضي أم كره ، فليس لها أن تطيعه في معصية الله تعالى .


السؤال :
وجبت الزكاة على رجل وأراد أن يؤخرها دائماً إلى شهر رمضان ليحوز الفضل ، وكان الفارق بين وجوب الزكاة عليه وبين شهر رمضان ما يقارب ثلاثة أشهر أو أكثر ، هل ينفعه التأخير بعدما وجبت ، هل عليه الزيادة على التأخير ، وكيف تحسب إذا كانت عليه ؟


الجواب :
الأولى أن يزكيها متى ما حضرت الزكاة ولا يؤخرها ذلك لأن الزكاة تجب بمرور العام فإذا مر العام فليزكيها .


السؤال :
رجل نذر أن يعمل لزوجته ساعة من ذهب إن جاءه ولد ، وبعد ذلك جاء الأولاد وبلغ عددهم ستة ولم يعمل شيئاً ، فما الحكم ؟


الجواب :
من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه ، وقد نذر هو بطاعة لأنه لا ضير أن يدخل السرور على أهله ، فليدخل عليهم السرور ، وليوف بنذره .


السؤال :
إذا لم يستطع مطلقاً أن يوفي بهذا النذر ، هل يبقى في ذمته ؟


الجواب :
نعم .


السؤال :
من حصل على جائزة جاءت عن طريق الربا ، هل يصح له أن ينتفع بها في تدريس ابنته ؟


الجواب :
لا ، لا ، لا ، فالربا حرام من أكله أو من أطعمه .


السؤال :
إن العالم الإسلامي يعيش هذه الأيام فترة حرجة ومؤسفة ، فهل هذا الضيق الذي تشعر به الأمة الآن ويشكل ضغطاً عليها قاسياً يعد بشارات نصر أم هي هزيمة ؟


الجواب :
نعم ، إن رجعت الأمة إلى الله وادّكرت وعملت بأمره وازدجرت عن نهيه ، ووقفت عند حدوده واعتصمت بكتابه وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلّم فإن هذا مؤشر خير والله تعالى يقول { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} (الشرح:5-6 ) .

السؤال :
هل يصح أن تُصلى صلاة الجمعة في إحدى قاعات الجامعة في بلاد الغرب لعدم وجود مسجد جامع في الجامعة ، وإن كان لا يصح ذلك فهل تسقط الصلاة عن الطلبة الموجودين في الجامعة والذين ليس لديهم متسع من للوقت للذهاب إلى المسجد الجامع ؟


الجواب :
صلاة الجمعة تصلى في الجوامع ولا تصلى في القاعات ، إذ لم يصلها النبي صلى الله عليه وسلّم إلا في مسجد مع أنه كان يصلي بقية الصلوات في غير المسجد عندما تحضره الصلاة ، فلا تصلى صلاة الجمعة إلا في المسجد .


السؤال :
ما رأيكم في تحدث المرأة مع عاملها في أمر هي بحاجة إليه فيه ، علماً بأن هذا العامل مسلم ؟


الجواب :
أما الخلوة فليس لها أن تخلو برجل أجنبي مسلماً كان أو كافرا ، بل حتى ليس لها أن تخلو بحميها كما دل الحديث عندما قال النبي صلى الله عليه وسلّم : <<إياكم والدخول على النساء>> . فقال له رجل من الأنصار : أرأيت الحمو يا رسول الله ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم : <<الحمو الموت>> . أما إن كانت لا تخلو به ، أو كانت تكلمه بواسطة كأن تكلمه في الهاتف وكان كلاماً بريئاً فلا حرج في ذلك .


السؤال :
ما مدى صحة الحديث الذي يروى عن عائشة رضي الله تعالى عنها في جواز ظهور الوجه والكفين لدى للمرأة ؟


الجواب :
حديث عائشة حديث ضعيف لأن فيه إرسال ، ومن ناحية أخرى هو جاء من طريق قتادة معنعنا ، وعنعنة قتادة تُضعّف بسبب تدليسه ، وإنما يقال في هذا الحديث بعض المتابعات التي تدل عليه ، والحديث جاء من طريق عائشة أن أسماء دخلت على النبي صلى الله عليه وسلّم فأعرض عنها وقال : <<يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصح لها أن يُرى منها إلا هذا وهذا ، وأشار إلى الوجه والكفين >>. ولكن هنالك أدلة أخرى كحديث الخثعمية تدل على أن الوجه غير عورة ، وإنما مع خوف الفتنة يجب اتقاء الفتنة فسد ذرائع الفساد باب من أبواب الشريعة السمحة .


تمت الحلقة بحمد الله تعالى و توفيقه

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
كُتبَ بتاريخ : [ 04-02-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 10 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



سؤال أهل الذكر 22 رجب 1423 هـ - 29/9/2002 م
الموضوع : عام


السؤال :
أخت جزائرية تحكي فيها مأساتها الفكرية تقول : إنها كانت غير ملتزمة بالأصول والقواعد والآداب والأخلاق ، لأنها كانت بعيدة نوعا ما عن النصح والإرشاد ، وتخرجت من الجامعة وحصلت على شهادة اللسانس في الحقوق ، وبعد فترة من الزمن ( في الثمانينات ) سمعت بالمبادئ والقيم والأخلاق التي تدعو إليها الجماعات الإسلامية في الجزائر ، فاعتنقت مبادئهم والتزمت ولبست الحجاب ، وسمت تلك المرحلة بالمرحلة الذهبية لأنها شعرت فيها بحلاوة الإيمان وأحست أنها مؤمنة حقاً .
في بداية التسعينيات حدث عندها تغير فكري ، عندما سمعت وعلمت أن هذه الجماعات الإسلامية التي تأثرت بها ورأت فيها القدوة الممتازة بدأت تقتل الأطفال والنساء والشيوخ ، وبدأت تستخدم وسائل مفزعة ومرهبة في إرعاب الناس ، فهذا الأمر جعلها تشك في عقيدتها بل تشك حتى في التوحيد الذي تؤمن تشك في إيمانها بالله جل وعلا ، فمثلت هذه المرحلة عندها مرحلة مقلقة جداً أدت في بها في نهاية المطاف إلى خلع الحجاب بل إلى الشك في القيم والمبادئ والأخلاق الإسلامية ، وتحسب أنها في هذا الوضع تعاليم ميتة وأنها لا تصلح للحياة إذا كان هؤلاء الذين يدعون إليها يرتكبون مثل هذه الأعمال المنكرة .
وتقول : فكيف لمن كان يدعو للجنة والخير والمحبة والأخوة وكل الخير للناس أن يذبح ويمزق أشلاء كل الناس بدون تمييز بين صبي وأنثى وبين رضيع وغيره .
تقول : أريد معرفة حكم الإسلام في أفعالي ، لأنها عندما تحولت فكرياً وبدأت تتخلى عن الحجاب تخلت أيضاً عن الصلاة والصيام والعجيب أنها خلعت الحجاب في السابع والعشرين من رمضان عام 1996 م .
ثم بعد ذلك شعرت بألم في بطنها وذهبت إلى الأطباء ، لكن التحاليل لم تثبت شيئاً من الأمراض العضوية عندها ، ثم ذهبت إلى الرقية ويبدو أنه لا يزال لديها بصيص من الأمل في الإسلام والقرآن الكريم ، فقال لها الراقي أن جنياً دخلت في جسدك ويتحدث بلسانك ويسيء إلى الإسلام ويسيء إلى النبي صلى الله عليه وسلّم .
بقيت المرأة الآن في حالة اضطراب نفسي وانتابها تغير فكري ولم تدر ما حقيقة ما شاهدته من أفعال مرعبة وإرهابية ، هل هو من قبل الذين يدعون إلى المبادئ والأخلاق الإسلامية أم هو من قبيل فعل الجن والسحر كما سمته هي بسحر التكليف .
تريد هي منك أن تبسط القول في هذه المسألة ، وتقول : لا أريد أن أكون من الخاسرين ، فلقد فطرت على حب الخير وحب الأنبياء وأولياء الله الصالحين ، ولقد واجهت مشاكل عويصة في حياتي وكنت والحمد لله من الصابرين ، أريد أن تقنعني لأنني شعرت أنه لا يوجد رجل في هذا العالم سواكم يمكن أن يحل مشكلتي .
فتريد منك أن تهديها إلى طريق السواء وأن توضح لها الحقيقة التي غابت عنها ؟


الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فمما يؤسف له أن نجد قوماً محسوبين على الإسلام يدمرون الإسلام أكثر مما يدمره أعداءه من الخارج ، ووجدت حالات عديدة فيها الكثيرة من المفارقات والتناقضات التي تدعو كل ذي لب إلى أن يقف عندها ليتدبر وينظر أسباب مآسيها ، وما هي الدواعي والبواعث إلى ارتكاب هذه الأمور التي تؤدي إلى الاضطراب وتؤدي إلى المفارقات والتناقضات ، مع أن دين الإسلام دين سمح دين أصيل جاء من عند الله بعيد عن المفارقات والتناقضات .
ولقد وقفت مع نفسي كثيراً وتساءلت حول هذه القضايا التي أصبحت تدعو إلى الأسى وقلت في أكثر من موقف بأنه يجب أن تصاغ هذه الأمة صياغة من حيث الفكر ومن حيث الأخلاق ومن حيث الإجتماع ، على أن تكون هذه الصياغة صياغة قرآنية نابعة من صميم عقيدة القرآن ونابعة من أسس هذا الدين الحنيف الذي جاء به المرسلون وأكلمه الله سبحانه وأتم به النعمة على يد عبده ورسوله محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام .
الأمة كما قلت بحاجة إلى صياغة فكرية ذلك لأن كل هذه المآسي التي أصابت هذه الأمة والتي جرتها عليها انحرافاتها إنما هي بسبب فقدان التصور ، فأولئك الذين ارتكبوا المآسي العظيمة لم يبالوا بالحرمات فقتلوا الأطفال وقتلوا النساء وشردوا الآمنين ارتكبوا ما ارتكبوا باسم الإسلام والإسلام براء من كل ذلك فإن الإسلام دين المرحمة يدعو إلى الرحمة في أي موقف من المواقف ، ولذلك ينهى أتباعه كل النهي وأشد النهي عن العدوان حتى عندما يقابل المسلمون العدوان إنما عليهم أن يردوا عدوان المعتدي وحده وألا يتعدوا على غيره ، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة:190) .
ولئن كان الإسلام يأمر بالبر والإنصاف حتى مع غير المسلمين الذين لم يجاهروا المسلمين بالعداوة حيث يقول عز من قائل { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الممتحنة:8) .
فكيف يرضى المسلم مع ذلك أن يعامل إخوانه المسلمين بل يعامل أهل بلدته وأبناء جلدته هذه المعاملة القاسية ؟ ويتنكر لمبادئ الإنسانية حتى يكون سبعاً ضارياً لا يبالي بأن يفتك بالأطفال والنساء والشيوخ الكبار وكل ضعيف .
إن هذه الحالة هي حالة شاذة بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام وعن قيم الإسلام ، فليت هؤلاء ما انتموا إلى الإسلام قط ، وليتهم لم يرضوا بأن يلحقوا بهذا الدين الحنيف النظيف هذه التهم القذرة التي يجب أن يبرأ الدين منها .
ونحن نأسف لذلك ، وقد سبق أن قمت بالإجابة على أسئلة طرحت في ندوة عن صياغة هذه الأمة فهذه الأخطاء هي أخطاء ليست وليدة اليوم والأمس وإنما هي وليدة تراكمات تاريخية حجبت عن الناس الصورة الصحيحة عن الإسلام ، فلا بد إذن من أن يبني كل مسلم فكره على أساس التصور الإسلامي الصحيح حتى يعرف كيف يتصرف في هذه الحياة .
أما بالنسبة إلى ما وقع لهذه المسكينة التي أصيبت بما أصيبت به التي رزأت بهذه الأرزاء ، رزأت في عقيدتها وفكرها ودينها ، بالنسبة إلى مأساتها فإن من الواجب عليها قبل كل شيء ألا تفهم الإسلام من خلال هذه التصرفات الشائنة التي تنطلق من أقوام لا معرفة لهم بالدين ولا دراية لهم بأصوله ولا بفروعه ولا أساس عندهم من تعاليمه وفكره .
وإنما عليها أن ترجع إلى الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا خلفه فتستوحي تعاليم الإسلام منه ، وعليها أن تراجع نفسها .
وأن تنظر إلى هذا الكون كله فإنها تجد أن الكون مصاحف هداية لهذه الإنسانية ، إذ كل ذرة من ذرات هذا الكون هي كلمة من كلمات الله ناطقة بافتقارها إليها سبحانه وتعالى ، وتناسق هذا الكون العجيب دليل واضح على وحدانية مكونه سبحانه وتعالى ، ولذلك نجد أن في الكتاب الكريم إحالة الإنسان على النظر في دلائل هذا الكون التي تدل على توحيد الله سبحانه في مقام الدعوة إلى توحيده فالله تعالى يقول { وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } ( البقرة : 163) ، ثم يتبع الله سبحانه وتعالى ذلك قوله { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ( البقرة :164) .
نعم إن في ذلك كله آيات بينات لأن خلق السموات والأرض يدل دلالة واضحة على وحدانية المكون العظيم سبحانه وتعالى ذلك لأن كل ما في هذا الكون من سمائه وأرضه ، من علوه وسفله كل ما في هذا الكون إنما هو متناسق مع بقية أجزاء الكون تناسقاً عجيباً وذلك دليل على أن صدور ذلك عن مكون واحد إذ لو كان ذلك عن أكثر من مكون واحد لكان لكل واحد منهم إرادة مستقلة عن إرادة غيره ، هذا مما يجعل كل واحد من أولئك يستقل بمراده وهنا يكون التعارض والاختلاف والشقاق ، وذلك يؤدي إلى الفساد كما قال سبحانه { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } (الأنبياء :22) .
فلأجل هذا نجد اقتران ذكر التوحيد في كتاب الله سبحانه وتعالى بذكر هذه العلامات الكونية الدالة وحدانيته عز وجل فالله سبحانه وتعالى يقول { قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ *أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } ( النمل : 59-63) .
فعليها أن تفكر في وجودها بنفسها وفي وجود هذه الكائنات كلها من حولها فإنها دلائل شاهدة صادقة على وحدانية الله سبحانه وتعالى .
هذا ما اعتمل في نفسها من أفكار ووساوس فإن ذلك إنما هو نتيجة حتمية لانحراف الإنسان عن الحق ، فإن الإنسان عندما ينحرف عن منهج الحق يصاب بهذه الأزمات النفسية ، وتكون نفسه فريسة للشيطان الرجيم فالله سبحانه يقول { أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} (مريم:83) ، ويقول سبحانه وتعالى في وصف الذين اتقوا الذين هم بعيدون عن هذا { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُون } (الأعراف:201) .
هنالك فارق بين المتقي وغيره ، لذلك ندعوها إلى أن تكون في زمرة المتقين ومن حزب عباد الله المصلحين أولئك الذين يتذكرون كلما مسهم مس من الشيطان ، كلما ألم بهم شيء من وسوسة الشيطان وفكره ، ولا ريب أن الشيطان عندما يوسوس للإنسان وينصرف الإنسان عن منهج الحق يكون عرضة بعد ذلك لمثل هذه الأزمات النفسية ولمثل هذه الأمراض العصبية والنفسية والذهنية التي تخيل إليه خيالات شتى .
فلذلك نحن ندعوها أولاً إلى أن تكثر من ذكر الله سبحانه وتعالى ، فإن ذكر الله تطمئن به القلوب يقول الله سبحانه وتعالى { أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرعد: من الآية28) .
وعليها أن تكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، وأنصحها بأن تتلو في كل يوم ما يتيسر من كتاب الله سبحانه وتعالى مع التزامها بدين الله ، وأن تكثر من تلاوة المعوذات وذلك بأن تقرأ الإخلاص والمعوذتين مع النفث في يديها والمسح وينبغي أن تقول في حال مسح جسدها : أعوذ بالله السميع العليم الشيطان الرجيم ، أعوذ بالواحد الصمد من شر كل ذي حسد ، أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعذابه ومن شره عباده ومن همزات الشياطين ، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما أجد وأحاذر فإن الله سبحانه يدفع عنها هذه الوساوس وهذا القلق وهذه الأمراض وهذه البلاوى وهذه المصائب التي ألمت بها ، ومع هذا كله فإن مما ينبغي أن تلازمه قراءة عشر آيات من سورة البقرة في كل صباح وفي كل مساء وذلك بأن تقرأ أربع آيات من أول سورة البقرة إلى قول الله تبارك وتعالى { المفلحون } ثم ثلاث آيات هي آية الكرسي والآيتان بعدها إلى قوله سبحانه وتعالى { خالدون } ثم قوله سبحانه { لله ما في السماوات ... } إلى آخر السورة وهذه الآيات الثلاث الأخرى ومع ملازمتها لذلك وإخلاصها لله سبحانه وتعالى فإنني أرجو كل الرجاء أن تنقشع أمام نظرها هذه الغيوم التي تلبدت حتى حجبت الحقيقة عن قلبها وعقلها ، وأرجو بمشيئة الله أن تتلاشى هذه الوساوس وأن تتلاشى هذه الأمراض ، وأن تعود إلى سيرتها الأولى والله تبارك وتعالى ولي التوفيق .


السؤال:
فيما يتعلق بهذه الأفعال التي يرتكبها من يدّعي الإسلام ، هناك حجج ربما تطايرت إلى أسماع الناس وتعاطف معها الكثير أيضاً ظانين أنها صحيحة من هذه الحجج يقول من يقوم بمثل هذه الأعمال أن الآخرين يقتلون أبناؤه ونساؤه وأطفاله فلا بد أن يواجههم أيضاً بالمثل ، وبعضهم خصص ذلك بالنسبة للكافرين فما دام الكفار يفعلون مع أبناءه وأطفاله نفس تلك الأفعال فلا بد أن يواجههوا بالمثل ، هل هذه الحجة صحيحة ؟


الجواب :
لا ، وألف لا ، فإن المسلم الذي هو صحيح الإسلام من شأنه الرفق ، ومن شأنه الرحمة فهو لا يعتدي على من لم يعتد عليه ، وما ذنب هذا الطفل الذي هو ولد على الفطرة ؟ فإن كل مولود يولد على الفطرة كما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم << كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه >> .
فما ذنب هذا المولود الذي على الفطرة ولا يزال الفطرة لم يبلغ الحلم ، ولم يرتكب شيئاً من المنكرات ولم يقارف شيئاً من الأوزار ، ولم يعتد على حرمة أحد من الناس حتى تنتهك حرمة حياته ويودى بحياته ؟
ما الداعي إلى ذلك ؟
ما ارتكبه غيره من حماقات لا ينعكس أثره عليه لأنه الله تبارك وتعالى { وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}(الاسراء: من الآية15) .
ثم مع هذا كله هب أن أولئك الذين تنكروا لإنسانيتهم وفعلوا ما فعلوا من هذه الأعمال الوحشية فعلوا ذلك بالمسلمين ، فهل المسلمون في مثل هذه الحالة يتنكرون لإنسانيتهم أيضاً ويتجردون من معاني هذه الإنسانية ، لا ، وألف لا .
وأذكر هنا كلمة قالها الإمام أبو الخطاب المعافري اليمني رحمه الله تعالى ورضي عنه الذي نُصب إماماً لأهل الحق والاستقامة في بلاد المغرب وكان مثالاً في العدل والاستقامة والنزاهة وتطبيق سيرة النبي صلى الله عليه وسلّم وسيرة الخلفاء الراشدين ، فإنه شدّد على جيشه أن يأخذوا شيئاً من أموال أهل البغي من الذين يقاتلون هؤلاء المسلمون الصالحون من أهل الحق والإستقامة بسبب تنكرهم لمبادئهم ويأخذون أموالهم قيل له من قبل بعض جيشه بعدما منع هو أصحابه من أن يأخذوا شيئاً من أموال أولئك ، فقال له بعضهم : نأكل من أموالهم كما يأكلون من أموالنا . قال : إذن حق على الله أن يكبنا معهم في النار فنكون كما قال الله تعالى { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا}(الأعراف: من الآية38) .
هكذا التورع ، وهكذا النزاهة ، وهكذا ينبغي أن يكون المسلمون في ورعهم وفي نزاهتهم وفي تطبيقهم لمبادئ الإيمان ومبادئ الإسلام ومبادئ الرحمة التي جاء بها القرآن الكريم .


السؤال :
البعض يقولون بأن هذا الذي ينسب إلى الجماعات الإسلامية من قتل وتشريد وإرهاب إنما هو كيد إعلامي ليس له أساس من الواقع ويراد به تشويه المسلمين وتشويه الإسلام من خلال هذه التغطية الإعلامية التي يراد منها إبعاد المسلمين عن حقيقة الإسلام .


الجواب :
حقيقة الأمر أن من يرتكب هذه الحماقات وهذه الأعمال فلا يعد من الجماعات الإسلامية ، ولا يعد تصرفه من تصرف المسلمين ، وإنما يعد من عملاء أعداء الدين ينفذ ما ينفذ من الأعمال الرهيبة في أمة الإسلام لأجل النكاية بالإسلام ، ولأجل النكاية بالمسلمين خدمة لأعداء الدين ، ونحن لا نحمل على جماعة معينة ونحملها تبعية الأمر ، وإنما نقول من فعل ذلك ، ولا نقول بأن هذا ثابت على جماعة معينة فإن الأصل في المتهم أنه برئ حتى يثبت ما أتهم به ، فما يدرينا لعل هؤلاء قوم دُسوا في وسط هذه الجماعات من أجل تشويه صورتها ومن أجل الكيد لها ، هذا أمر محتمل .


السؤال :
لكنكم أشرتم إلى أن التراكمات التاريخية التي كانت ترزأ بها أمة الإسلام دفعت مثل هذه الجماعات إلى ارتكاب مثل هذه الأعمال ؟


الجواب :
نعم ، عدم وضوح صورة الإسلام ، لربما اندفع بعض الناس وراء العاطفة ، ولم ينظروا إلى الأمور بمنظار العقل ومنظار الوحي الرباني ، وإنما نظروا إلى كل شيء بمنظار العاطفة ، ولم تقف بهم عاطفتهم عند حد معين حتى أدت بهم إلى ارتكاب هذه الحماقات .


السؤال :
بعض الذين يلتزمون بتعاليم الإسلام يتميزون بالفضاضة والغلظة في تعاملهم مع الناس ولم يستحضروا في أثناء تعاملهم هذا قول الله سبحانه وتعالى { ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك } ، نريد نصيحة لهؤلاء ؟


الجواب :
هذا أيضاً مما يؤسف له كثيراً ، فإن الإسلام دين أخلاق ، والله تبارك وتعالى عندما وصف الرسول صلى الله عليه وسلّم وصفه بالخلق وذلك دليل على أن الخلق أسمى ما يتصف به الإنسان ، فالله تعالى عندما وصف النبي صلى الله عليه وسلّم قال { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4) .
ونحن نرى أن الله سبحانه وتعالى بهذا الوصف يرفع من قدر الخلق حتى يجعله أعظم ما يتصف به عباد الله الصالحون ، ولذلك وصف به خيرة خلقه عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلّم الذي أرسله رحمة للعالمين وسراج للمهتدين وإماماً للمتقين ، فلو كان هنالك وصف أعظم من الخلق لوصفه به .
وقد يظن الإنسان أن العلم هو الدرجة العليا للإنسان ولكن الله تعالى لم يصف النبي صلى الله عليه وسلّم بقول وإنك لعلى غزير ، أو وإنك لعلى علم عظيم ، وإنما وصفه بالخلق فقال { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4) ، أما العلم فقد خاطبه مع غيره من بني البشر بقوله { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً}(الاسراء: من الآية85) ، ومعنى ذلك أن علم الرسول صلى الله عليه وسلّم وعلم سائر البشر بجانب علم الله تعالى لا يعد إلا شيئاً قليلاً ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلّم أعلم البشر أجمعين إلا أن هذا العلم لا يوازي شيئاً بجانب علم الله الذي أحاط بكل شيء ، فلذلك وصف الله تعالى عبده ورسوله صلى الله عليه وسلّم بالخلق فقال { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } .
وهذا يعني أن أتباع النبي صلى الله عليه وسلّم عليهم أن يتحلوا بالأخلاق الحميدة ، الأخلاق الفاضلة ، الأخلاق السهلة التي تقرب ولا تبعد وتؤلف ولا تنفر وتجمع ولا تفرق ، هكذا كان الرسول صلى الله عليه وسلّم وهكذا كان صحابته رضي الله عنهم لأن أخلاقهم انعكست عليها أخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم فتجسدت أخلاق النبي صلى الله عليه وسلّم في أخلاقهم ، وخلق النبي صلى الله عليه وسلّم هو تجسيد لخلق القرآن كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها عندما سئلت عن خلقه فقالت : كان خلقه القرآن .
ونجد أن هذا الخلق الذي تحلى به صلوات الله وسلامه عليه كان يتجسد في رحمته بالعباد ، في رحمته بالناس وحبه الخير لهم فالله تعالى يقول { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة:128) .
نعم كان بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً كان بالناس رؤوفا لأنه يريد أن ينتشل الناس جميعاً من الضياع ، يريد أن ينقذ الناس جميعاً من النار فهو يأخذ بحجزهم عن النار لأنه يدعوهم إلى الله ، وكان حريصاًَ على إيمانهم حتى ينقذوا أنفسهم من الهلكة ولذلك يقول الله تعالى مخاطباً إياه { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً} (الكهف:6) ، ويقول { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (الشعراء:3) ، ومعنى باخع نفسك أي مهلك نفسك ، فهو من شدة الهم الذي يحمله بسبب عدم إيمان الناس حتى ينقذوا أنفسهم من النار ، من شدة هذا الهم الذي يحمله كان يكاد أن يودي به هذا الهم لولا لطف الله تبارك وتعالى به ، وذلك يعود إلى خلقه العظيم ، إلى اتصافه بالرحمة ، إلى اتصافه بالخير .
والله تعالى يصفه صلى الله عليه وسلّم بأنه لو كان فضاً غليظ القلب لانفض خير القرون من حوله ، لانفض صحابته من حوله مع أن صحابته أثنى الله عليهم في كتابه بما أثنى عليهم به قد خلد ذكرهم بقوله { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر:8-9) .
ويقول في وصفه ووصفهم { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (الفتح:29) . ومع هذا يقول لنبيه صلى الله عليه وسلّم { وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك}(آل عمران: من الآية159) ، أي لانفض صحابته من حوله مع ما من مبادئ الرحمة ، فكيف بسائر الناس .
كيف بالرجل العادي الذي يريد أن يكون داعية إلى الخير ، وأن يكون آمراًً بالمعروف ، وأن يكون ناهياً عن المنكر يقابل الناس بالفضاضة ويقابل الناس بالشدة معه أنه ليس في مستوى النبي صلى الله عليه وسلّم .
أين هو من النبي صلى الله عليه وسلّم ؟ بعده عن الرسول صلى الله عليه وسلّم كبعد الثرى عن الثريا وكبعد الضريح عن الضراح ، وأولئك الناس أيضاً الذي هم من حوله يريد أن يدعوهم إلى الخير أين هم من صحابة النبي صلى الله عليه وسلّم الذين أثنى الله تعالى عليهم في كتابه ، وأولئك الصحابة الذين لو كان النبي صلى الله عليه وسلّم فضاً غليظ القلب لانفضوا من حوله فكيف بهؤلاء لا ينفضون من حوله وقد اتصف بهذه الفضاضة واتصف بهذه الغلظة .
لا ريب أن دماثة الأخلاق تقرب البعيد وتؤلف النافر وتدعو كل أحد إلى التفاعل مع هذا الذي اتصف بهذه الدماثة ، فعلى جميع المتدينين أن يكونوا مثالاً في حسن الخلق ، ونحن نجد أن الله تعالى يقول { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}(البقرة: من الآية83) ، وهذا الخطاب وإن كان هو موجهاً من حيث لفظه إلى بني إسرائيل إلا أن إنزاله في القرآن الكريم دليل على أن هذه الأمة مطالبة بأن تتحلى بهذه الصفة وذلك بأن تقول للناس حسنا ، ولم يقول وقولوا للمؤمنين حسنا ، قال وقولوا للناس ليكون ذلك داعياً لجميع الناس إلى الإيمان واتباع الحق ، والله تعالى المستعان .


السؤال :
قال رجل قبل ثلاثة أشهر من الآن لزميل له إنني أعتبر علاقتي مع زوجتي انتهت من هذه اللحظة ، وهي في طهر مسها فيه ، قال ذلك نتيجة تراكم سوابق كثيرة معها ومع أهلها جعله ييأس من استمرار هذه العلاقة ، ونظراً لأنه علاجها بعيداً عن عالم الحروز والعقاقير والبخور والتمائم فقد كانت مريضة ولكنها تتبع تعليمات أهلها في ذلك محاولة إخفاء ذلك عنه ، ثم رأى أهلها ضرورة العلاج بالطب العصري فلما وصل العلاج إلى مرحلة يقتضي فيها العلاج السفر بعيداً عن الوطن للعلاج استنجدوا بالزوج فقال ما ذكر لكنه وعد بعلاجها أولاً مع اعتبار العلاقة منتهية خلال هذه الفترة من وفاء وعدة ، فأخذ زوجته وسافر بها وقام بإعادة إجراءات علاجها من جديد إلى أن شُخص المرض بأنه لا علاج لها إلا بعملية جراحية وهي استئصال في ورم في غدة في الرأس وهم ينتظرون صدور قرار الأطباء بإجراء العملية أو عدمها وهذه مرحلة حاسمة مع العلم بأن الرجل طوال الوقت يختلي بزوجته ويسافر بها لكن لم يباشرها والزوج خلال هذه الفترة لا يعتبرها زوجته وهو يقوم بالسعي في علاجها لأنه وعدهم بذلك .


الجواب :
أولاً قبل كل شيء قوله قد انتهت العلاقة التي بينه وبينها من الكنايات أي من كنايات الطلاق ، فإن قصد بذلك الطلاق فالطلاق واقع ، وإن كان لم يقصد بذلك الطلاق فالطلاق غير واقع ، ولكنني أفهم من السؤال أن الزوج قصد بذلك الطلاق ، وبناء على هذا فإنها بعد أن تنتهي عدتها ليس له أن يختلي بها قط ، وتصبح أجنبية منه ، وقد كان علاج ذلك أن يراجعها إن كان هذا الطلاق رجعياً قبل أن تنتهي عدتها وذلك بأن يشهد شاهدين على أنه راجعها بصداقها وعلى ما بقي من طلاقها ، فإن فعل ذلك قبل أن تنتهي عدتها وأخبرها الشاهدان بذلك فهي تصبح في عصمته ، تصبح امرأته كما كانت من أول مرة .


السؤال :
رجل يقول : طلقت زوجتي للمرة الثانية ثم راجعتها بعد مرور شهر ونصف بإشهاد شاهدين ، وبعد مرور ما يقارب سنة طلقتها الطلاق الثالث والآن قد أخبرتني أنها قد غسلت ثلاث مرات في فترة الشهر والنصف بعد الطلاق الثاني ما حكم المراجعة بعد الطلاق الثاني ؟ وما حكم الطلاق الثالث علماً بأنني لم أكن أعلم بأنها حاضت وغسلت ثلاث مرات بعد الطلاق الثاني ، وأن الزوجة لم تكن تعلم أنه لا بد من عقد جديد إذا خرجت المرأة من العدة ولم تراجع خلال تلك الفترة ؟


الجواب :
إنا لله وإنا إليه راجعون ، هذا هو الجهل بعينه ، فإن كثيراً من الناس يظنون أن المراد بثلاثة قروء ثلاثة أشهر ، وذلك فهم خاطئ ناشئ عن الجهل وعدم المعرفة بالعربية ، وعدم المعرفة بأحكام الإسلام ، فالثلاثة قروء هي ثلاث حيض ، ولا يحل للإنسان بعد أن تغتسل زوجته من حيضتها الثالثة أن يراجعها في حال من الأحوال ، وإنما عليه أن يتزوجها بعقد جديد ، وبناء على ذلك فإنها لبثا في معاشرة محرمة وعليهما أن يتوبا إلى الله تبارك وتعالى .


السؤال :
ما حكم مصافحة الزوجة لأخوال زوجها ؟


الجواب :
أخوال الزوج وإخوته وأعمامه كلهم أجانب من زوجته فلا تجوز لهم مصافحتها ، ولا يجوز لها مصافحتهم ، لأنهم أجانب منها ، وذلك أنه لو مات عنها الزوج أو طلقها تصبح حلالاً لكل واحد منهم ، فكيف مع ذلك يصافحونها ، وأما المحارم الذين تجوز المصافحة بينهم وبين ذات المحرم منهم فهم الأب وإن علا أي الجد وأبوه وجده وإن علا ، والابن وإن سفل أي ابن الابن وابن البنت وهلم جرا وإن سفلوا هؤلاء كلهم هم محارم ، وكذلك الأخ وأبناء الأخ ابن الأخ وابن ابن الأخ ، وابن بنت الأخ وهلم جرا ، وكذلك أبو الزوج ، وكذلك ابن الزوج وكذلك الخال وكذلك العم ، ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب كما دل على ذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلّم مع دلالة القرآن على حرمة الأخوات من الرضاع ، وعلى حرمة الأمهات من الرضاع .


السؤال :
في الجزائر يعانون هناك من ندرة في الطلبة الذين ينقلون الفتاوى ويضبطونها ، ويوجد لديهم طالب يدرس في السنة الثانية من المرحلة الجامعية يريد أن يتفرغ لهذا الأمر فيضبط الفتاوى وينقحها ، لكن تفرغه لهذه الفتاوى يؤدي إلى أضرار اقتصادية ومالية به فهل يواصل دراسته وفي أثناء الفراغ يقوم بهذا العمل ، أم يقطع الدراسة نظراً لأن الأمر يهم المسلمين وينفعهم


الجواب :
في هذه الحالة أنا أحب أن يكون هنالك تنسيق بينه وبين غيره ، بحيث يكون هناك فريق يقوم بهذه المهمة حتى لا يقع العبء على رأسه وحده وإنما يتحمل كل واحد نصيب من هذا العبء بحيث ينقل هذا الفتوى مع فراغه ، وينقل الآخر مع فراغه والعمل إن تكاثرت الأيدي التي تقوم به يكون سهلاً ميسراً ، ولا ينبغي لأحد منهم أن يقطع دراسته فليجمعوا بين الحسنيين بين الدراسة وبين نقل الفتاوى ، والله تعالى يوفقهم .


السؤال :
يقول الله تعالى { ولا تقف ما ليس لك به علم } ما حدود هذه الآية ؟ هل يقف المسلم عند كل حركة وسكون ولا بد أن يسأل ؟


الجواب :
أولاً قبل كل شيء أشد ما يكون حرمة أن يقدم الإنسان على القول بغير علم ، فإن الإقدام على القول بغير علم أمر قرنه الله تبارك وتعالى بالإشراك به عندما قال سبحانه { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} (الأعراف:33) ، وبين أن ذلك مما يدعو إليه الشيطان لعنه الله والعياذ بالله من شره ومن دعوته فقد قال سبحانه { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} (البقرة:169) ، وجاء في الحديث الذي أخرجه الإمام الربيع رحمه الله في مسنده الصحيح عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال : <<من أفتى مسألة أو فسر رؤيا بغير كان كمن خر من السماء إلى الأرض فصادف بئراً لا قعر لها ولو أنه وافق الحق>> . هذا ولو وافق الحق ، فكيف إذا خالف الحق ، فلذلك كان التقول على الله بغير علم أمراً محرماً .
أما الفعل فإن كان الإنسان في نفسه ريبة من الأمر ، وفي نفسه حرج من الإقدام على ذلك الفعل فليس له أن يقدم عليه حتى يسأل ليتبينه قبل أن يقدم عليه ، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم : <<استفت قلبك وإن أفتوك وأفتوك>> . وفي الحديث عنه : <<البر ما اطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في الصدر >>.
وكذلك نجد في بعض الروايات <<دع ما يريبك إلى ما لا يريبك>> . فليس للإنسان أن يقدم على شيء من غير أن يكون على بينة من الأمر وهو في نفسه ريبة من ذلك الأمر ، أما إن لم تكن في نفسه ريبة وأقدم على شيء وهو لا يعلم حكمه ووافق الحق و لم يخالف الحق ففي هذه الحالة لا يكون مسئولاً أمام الله لأنه وافق الحق وإن كان الأولى له أن يتعلم ، ولكن لا يستطيع الإنسان أن يمتنع من أي عمل حتى يتعلم حكمه فإن ذلك أمر عسير فما لم تكن هنالك ريبة وكانت النفس مطمئنة ترجى السلامة إن وافق الحق ، والله تعالى أعلم .


السؤال :
رجل طلق زوجته أثناء المكالمة الهاتفية ثلاث مرات ثم أعاد الطلاق ثلاث مرات بعد المكالمة ويقول كانت نية الطلاق موجودة قبل المكالمة ؟


الجواب :
تبين منه بالثلاث لأن الطلاق يتبع الطلاق ما دامت المرة في العدة ، ومن العلماء من حكى الإجماع على ذلك ومن بين العلماء الذين حكوا الإجماع عليه العلامة ابن قدامة في كتابه المغني ، والله تعالى أعلم .


السؤال :
امرأة تصوم عن زوجها المتوفى وهو ليس عليه صيام فهل أجر الصيام يصل إليه ؟


الجواب :
ليس في ذلك دليل شرعي ولا ينبغي لها أن تفعل ذلك وإنما الأولى أن تتصدق عنه فإن الصيام عن الغير إنما هو في من مات وعليه صيام كما جاء في حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها من مات وعليه صيام صام عنه وليه ، والله تعالى أعلم .


تمت الحلقة بحمد الله تعالى

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
1422هـ , لسنة , مهم , الذكر , سؤال


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سؤال أهل الذكر 13 من رجب 1425هـ ، 29 /8/2004م--الموضوع : عام جنون حلقات سؤال أهل الذكر 0 02-19-2011 05:24 PM
سؤال أهل الذكر 30 من شعبان 1423هـ ، 6/11/2002 م,,الموضوع : الصيام وفضله وأحكامه عابر الفيافي حلقات سؤال أهل الذكر 0 02-18-2011 12:10 AM
سؤال أهل الذكر الموضوع : السحر عابر الفيافي حلقات سؤال أهل الذكر 0 02-17-2011 11:32 PM
سؤال أهل الذكر ...... الموضوع : السحر عابر الفيافي نور الفتاوى الإسلامية 2 12-05-2010 06:36 PM
الموسوعة الكبرى في فتاوى الحج والعمرة عابر الفيافي نور الحج والعمرة 2 11-14-2010 12:05 AM


الساعة الآن 11:25 PM.