سلسلة إشراقات من التفسير الموضوعي (6): الشريعة (ج2) - منتديات نور الاستقامة
  التعليمـــات   قائمة الأعضاء   التقويم   البحث   مشاركات اليوم   اجعل كافة الأقسام مقروءة
أخواني وأخواتي..ننبه وبشدة ضرورة عدم وضع أية صور نسائية أو مخلة بالآداب أو مخالفة للدين الإسلامي الحنيف,,,ولا أية مواضيع أو ملفات تحتوي على ملفات موسيقية أو أغاني أو ماشابهها.وننوه أيضاَ على أن الرسائل الخاصة مراقبة,فأي مراسلات بين الأعضاء بغرض فاسد سيتم حظر أصحابها,.ويرجى التعاون.وشكراً تنبيه هام


** " ( فعاليات المنتدى ) " **

حملة نور الاستقامة

حلقات سؤال أهل الذكر

مجلة مقتطفات

درس قريات المركزي

مجلات نور الاستقامة



الإهداءات


العودة   منتديات نور الاستقامة > الــنـــور الإسلامي > الـنور الإسلامي العــام

الـنور الإسلامي العــام [القرآن الكريم] [اناشيد اسلاميه صوتيه ومرئيه] [السيره النبويه] [اناشيد اطفال] [ثقافة إسلامية]


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
افتراضي  سلسلة إشراقات من التفسير الموضوعي (6): الشريعة (ج2)
كُتبَ بتاريخ: [ 07-05-2011 ]
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية الامير المجهول
 
::الـمـشـرف العـام::
::مستشار المنتدى::
الامير المجهول غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 8
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : عمان
عدد المشاركات : 7,603
عدد النقاط : 913
قوة التقييم : الامير المجهول محبوب الجميع الامير المجهول محبوب الجميع الامير المجهول محبوب الجميع الامير المجهول محبوب الجميع الامير المجهول محبوب الجميع الامير المجهول محبوب الجميع الامير المجهول محبوب الجميع الامير المجهول محبوب الجميع


سلسلة إشراقات من التفسير الموضوعي (6): الشريعة (ج2)
الدكتور الشيخ كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة
جريدة عمان: الجمعة, 10 يونيو 2011
وضع الشريعة وإنزالها لا يجوز إلا لله تعالى وحده
التفريع والبناء على الذي أنزله علينا ربنا تبارك وتعالى هو المأذون به للناس
اما المعنى الثاني - وهو معنى دقيق ينبغي ان نتنبه له - فهو التفرقة والتمييز بين وضع الشريعة وانزالها وبين البناء والتفريع عليها، لأن وضع الشريعة وانزالها لا يجوز الا لله تعالى وحده ولا يمكن ان يكون لأحد سواه فهو جل وعلا هو الذي انزل علينا هذه الشريعة وهو الذي سنها لنا ووضعها لنا فهو تعالى المصدر.
ولهذا قال (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) وما لم يأذن به الله يعني تشريعاتهم المعارضة والمناقض لما وضعه وانزله ربهم تبارك وتعالى مما يصلح احوالهم، لهذا فإن مصطلحات: التشريع، وسلطة التشريع، ومشروعية عمل ما، هي ـ على ما يظهر من تعقيدها ـ سهلة يسيرة في ديننا، فوضع الشريعة وانزالها لا يكون الا لله تبارك وتعالى، (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ )، (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) ويقول أيضا (ألا له الخلق والأمر) (أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ) وهذا المعنى مطابق لما نجده هنا في قول الله عز وجل: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ) لكن التفريع والبناء على هذا الذي انزله علينا ربنا تبارك وتعالى هو المأذون به للناس، فيكون استنباطهم واجتهادهم في استخلاص ما يصلح احوالهم وما يقيم أود حياتهم على نظم وتشريعات وقوانين وسنن صالحة غير خارج عما انزله ربنا تبارك وتعالى ولا معارض له أو مناقض بل مبني عليه وداخل في أطره العامة وقواعده الكلية ومقاصده الشرعية، وهذا مما دعي إليه الناس في كتاب الله عز وجل (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) ولهذا ايضا قال (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وقال (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) فإذن مشروعية امر ما لا تكون صحيحة الا اذا كانت مبنية على ما انزله الله عز وجل علينا من شرع، أما كيف يكون ذلك؟ فهناك قواعد كلية، و مفاهيم كبرى في هذا الدين، وقواعد أساسية أصلية راسخة في هذا الدين، على الناس أن يرجعوا إليها فيستقوا منها ويرتووا من معينها بإعمال عقولهم وتشاور آرائهم، لأن الله تعالى وكل أمر تطبيقها وترجمتها للواقع إلى الناس رحمة بهم وفضلا منه تعالى لهم، فنحن عندما نتحدث عن مبدأ الشورى على سبيل المثال وهي من المبادئ الاساسية الراسخة الثابتة للمؤمنين فإن تطبيقات الشورى وكيفية ممارستها في الواقع منوط باجتهاد الناس، حينما نتحدث عن العدالة وهذا مبدأ لا مساومة فيه لان الله تعالى يأمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول (وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) في نفس السياق الذي استشهدنا به، اذن العدالة مبدأ كلي لا بد من تطبيقه وبسطه في الواقع أما كيفية ذلك فهي غير ذات أهمية، المهم ان يسود الناس العدل وان يقام القسطاس المستقيم في واقع حياتهم، حتى وإن اتخذت العدالة بذلك اشكالا متعددة، ولا يمكن ان تحصر ممارسة هذه المبادئ الكلية الأساسية في أنماط جامدة يلزم الناس بها، عندئذ يمكن ان يستنبط من هذه القواعد الكلية وان يبنى عليها ما يحتاج اليه الناس في واقع حياتهم، فيكون عندئذ التشريع تشريعا مجازيا لانه غير خارج عن الاطار العام لشرع الله عز وجل الذي ارتضاه لعباده.
اما المعنى الثالث الذي نفهمه ونستفيده ونستلهمه من الآيات التي استعرضناها فهو خصائص هذه الشريعة، ولنا أن نتساءل: ما هي خصائصها حسبما نجدها في كتاب الله عز وجل؟ لا ريب أن الإجابة تكمن في الآيات التي استعرضناها وفي عموم السياقات المتصلة بالدين وبأحكام شرع الله عز وجل، وبالاخلاق التي امرنا بها الله تبارك وتعالى، وهذه القضية بالذات – أي خصائص الشريعة – قضية في غاية الاهمية، لان ثقة الناس بما يعرفونه ليست كثقتهم بما يجهلون، ولأن قناعتهم بما يدركون اسراره وابعاده وآفاقه ليست كقناعتهم وثقتهم بما لا يعرفون عنه شيئا ولا يدركون له حكمة أو معنى. ولهذا نحن عندما نتحدث عن الشريعة وعن خصائصها ومزاياها لا بد ان نتبين بأنفسنا وان نبين لشبابنا الذين يكادون يفقدون ثقتهم في شرع الله عز وجل ولكثير من الناس الذين استهوتهم ايضا نظريات وجدليات معاصرة فابعدتهم عن شرع الله عز وجل وظنوا ان المعاني الحقيقية وان ما ينشدونه هو في غير هذه الشريعة ان يبين لهم ما الذي تشتمل عليه شريعتهم من مزايا وخصائص وفقا لما قررته الأدلة الشرعية.
وهذه الخصائص والمزايا هي:
اولا: لا خلاف ان شرع الله عز و جل موافق للفطرةالتي فطر الله عز وجل الناس عليها وموافقة الفطرة ليست نظرية، لان هذه المسألة حاسمة، وسبب كونها كذلك انها تنفي التناقض في هذه الشريعة لانه لو كان هناك تناقض لصارت حياة الناس الذين ينتسبون الى هذه الشريعة فوضى وعصبيات ولتحولت علاقاتهم الى حرب والى اعتداء وبغي وظلم وعدوان وهذا ما نشهده حينما تفقد الشريعة من واقع حياة الناس اما حينما يسود الناس شرع الله عز وجل بهذه الخصائص التي سنذكرها ينتفي التناقض ويحل محل ذلك ما يوافق الفطرة التي فطر الله الناس عليها ولهذا قال (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
واين نجد موافقة الشريعة للفطرة في غير هذا الموضع من الآيات التي استشهدنا بها اول الحديث؟ نجدها ايضا في قوله تبارك وتعالى (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) فلو ان هذه الشريعة غير صالحة لعموم الناس لما كانت مما اوحاه الله عز و جل الى نبيه محمد الخاتم صلى الله عليه وسلم لأنها مما وصى بها الانبياء قبله من لدن نوح عليه السلام وحتى عيسى عليه وعلى نبينا افضل الصلاة وازكى السلام، لو كان هناك تناقض لوقفت هذه الشريعة عند الامة التي عانت من ذلك التناقض ومن نفرتها عن الفطرة السوية التي فطر الله عز و جل الخلق عليها، وهذا ايضا ما نجده في دستور هذه الشريعة في كتاب الله عز وجل (ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) قطع بأن هذا الكتاب هذا القرآن لا ريب فيه ولا شك يحوم حوله أو فيه، وانظروا ان كان يوجد مؤلَّف اليوم - غير كتاب الله عز وجل - يصدِّر مؤلفه - وفي حالة القرآن منزله - بأن هذا الكتاب لا خطأ فيه ولا ريب ولا شك، كل مؤلف يعتذر عن الاخطاء لكن هذا الكتاب يقول (لا رَيْبَ فِيهِ) يدعو للاعجاز ولذلك قال (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا) هو دعوة ان كنتم تجدون فيه اختلافا فأرونا إياه وقد تحدى هذا الكتاب العزيز صناديد قريش ان يظهروا فيه شيئا من الخلاف فما استطاعوا، اذن هذه الشريعة في ذاتها موافقة للفطرة في عقائدها وفي تشريعاتها واحكامها واخلاقها كما في دستورها وكتابها الذي منه تستقى، لا مناقضة ولا اختلاف ولا نفرة فيما بينها و لا مع فطرة النفس.
مهما حاولوا لن يفلحوا:
الخصيصة الثانية:ان هذه الشريعة تقوم على جوهر عقدي ايماني ولا تقوم على خواء خلقي ولا على فراغ روحي، ومهما حاول الناس ان يقيموا شريعة لا تستند الى عقيدة فلن يفلحوا في ذلك ابدا، ولذلك فإن من ابرز خصائص شريعتنا ان جوهرها الايمان بالله عز وجل، جوهرها عقيدة راسخة في هذه النفس لا تقبل المساومة ولا تقبل شيئا من الريب او الشك ولا الخرافات ولا الاساطير، عقيدة خالصة تؤمن بالله واليوم الآخر، ولهذا نجد في سورة المائدة التي فيها (وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) هذا هو الواعز الايماني الذي يقيم اود تلك الشرعة والمنهاج المتين على هذا الجوهر الخالص، (إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) فالمصدر من الله عز وجل لانه قال (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) والمرجع الى الله تبارك وتعالى لانه قال (إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) ثم ايضا في سورة الشورى نفسها في نفس السياق الذي وردت فيه الشريعة نجد (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) كم من المؤكدات في هذه الآية وحدها مما يصل بين اقامة هذه الشريعة والتزامها بالاستقامة على دين الله عز وجل وبالدعوة اليه وبنفي اتباع الهوى كم فيها من المؤكدات التي تصل بين كل ذلك وبين الايمان بالله تبارك وتعالى واليوم الآخر وهذه هي العقيدة الراسخة التي تملأ جوانح النفس (وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ) ثم (وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) ولهذا حينما نقول ما ثمرة ذلك؟ فإن ثمرتها ان امر الشريعة عندنا لا يخضع للاهواء والشهوات، لان اساس الشريعة انما اقيم على الايمان والعقيدة الصحيحة الخالصة، وهذا ايضا ما نجده نصا صريحا في هذه السياقات التي اقتبسناها.
والله تعالى يقول (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ)، والنهي عن اتباع الهوى واضح صريح (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ) نجد ايضا في سورة المائدة صدر بيان جعل الله تعالى للناس الشرعة والمنهاج بقوله تبارك وتعالى (وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ) اذن كلا الامرين الاصل والثمرة، الاصل (عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ) هذا هو المعتقد الايماني، والثمرة (وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ) لن يخضع امر الشريعة لاهواء الناس، هي فوق اهواء الناس وفوق شهواتهم بل عليهم ان يطوعوا اهواءهم ومسالكهم وفق هذه الشريعة التي انزلها عليهم ربهم سبحانه وتعالى.
الخاصية الثالثة:من الخصائص المهمة انها شريعة تقوم على اعلاء كرامة الانسان، فلا تحط من قدر الانسان ولا تقدس ايضا من مكانته ايا كانت منزلته مجتمعه وفي بيئته، فهو مكرم لذاته الإنسانية فالله تعالى يقول (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) وكون الانسان مكرما واضح جلي في كتاب الله عز وجل، وعندما تتصف الشريعة بأن بناءها يقوم على تكريم هذا الانسان فهذا يؤدي بنا الى ان نوقن ان كل ما شرعه ربنا جل وعلا هو مما يحقق لهذا الانسان كرامته، مما يحقق له الكرامة والعزة والاحترام في هذه الحياة الدنيا (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) هذا في سياق المفاضلة وان التعبير المستخدم هو تعبير المفاضلة في التكريم (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
الحرية ..يجب ان نعي معناها:
الخاصية الرابعة: بعد تكريم الإنسان ومعه تأتي خصيصة اخرى لا تقل عنها اهمية وهي حرية الارادة، كثير من الناس يتحدثون عن الحرية دون ان يعوا معناها ولا ان يردوها الى متونها الشرعية وكثير منهم يظنون ان كلمة الحرية بالمفهوم الذي نعرفه اليوم لم توجد في تراث هذه الأمة الاسلامية وفيما دونه علماء الاسلام لان مصطلح الحرية في تراثنا الفكري كان مقابلا للرق والعبودية ويظنون انها بالمعنى الذي يستخدمه الناس اليوم وهو فعل الانسان ما يريد دون اكراه او إلجاء او إملاء من طرف آخر مع حفظه ايضا لحقوق الآخرين يظنون ان هذا المعنى غير موجود في شريعتنا وليس الامر كذلك كما سيظهر في الدرس الثالث من هذه السلسلة المباركة بإذن الله.
ولهذا فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) لم يكن يقصد بها من كان رقيقا او عبدا وانما يقر مبدأ موجودا في كتاب الله عز وجل، في نفس هذا السياق الذي نتحدث فيه الآن عن الشريعة نجد (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فاستباق الخيرات والمسارعة فيها لا يكون الا بإرادة حرة ولهذا نجد (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) ونجد ايضا (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا) لم تأت كلمات (يُرِيدُ) و (أَرَادَ) اعتباطا، وانما جاءت لتبين ان للانسان حرية الاختيار، لكن حرية الاختيار تعني تحمل المسؤولية، لذلك نجد ان الله تعالى يقول (فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) من هذا الذي يتخذ الى ربه سبيلا؟ الذي يريد، (فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا)، ويقول ايضا (ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا) هذه هي حرية الاختيار وهي صفة ملازمة لشريعتنا لا بد ان نعيها ونتقن فهمها ولا يكفينا فقط ايضا أن نفهمها وان نعيها! بل نحن مخاطبون ان نمارسها وان نبينها للناس لانهم يحتاجون اليها، صحيح ان كثيرا من دلالاتها وتفسيراتها تحتاج الى ضبط والى تحليل لكن ذلك شأن ميسر حينما نرد هذا المفهوم الى اصوله الشرعية من كتاب الله عز وجل ومن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وفق فهمنا الكلي للشريعة التي (نعتز بالانتماء اليها).
عزة المسلم بإيمانه وشريعته:
الخاصية الخامسة: العزة: فالعزة من خصائص هذه الشريعة وهي ليست متعلقة بجانب دون آخر لانها تعني نفي الاستكبار في الارض لكنها لا تعني ايضا الذل والهوان في هذه الحياة الدنيا، ولا تعني الاستسلام للخطوب وللصعاب التي يواجهها هذا المسلم، هذه هي حقيقة العزة التي نجدها في شريعتنا (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) وكيفية تطبيق ذلك نجدها تشريعا قرآنيا يقول (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) إذن في مواجهة الخطوب من حروب وصعاب وعقبات وتحديات (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ) هذه العزة التي نحتاج اليها لكن مصدرها (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، فعلوكم انما بإيمانكم وعزتكم انما هي بإيمانكم وشريعتكم ،و كذلك الحال حينما نتأمل بعض صفات المؤمنين ونجد فيها (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).


المصدر

sgsgm Yavhrhj lk hgjtsdv hgl,q,ud (6): hgavdum ([2) 5 6 lk hgl,q,ud hgjtsdv hgsvdum hga,vn [2 [3 sgsgm Yavhrhj





توقيع :

إنا لأهل العدل والتقدم ::: إنا لأصحاب الصراط القيم
الدين ما دنّا بلا توهم ::: الحق فينا الحق غير أطسم
يا جاهلا بأمرنا لا تغشم ::: توسمن أو سل أولي التوسم


]

رد مع اقتباس

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
5 , 6 , من , الموضوعي , التفسير , السريعة , الشورى , ج2 , ج3 , سلسلة , إشراقات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سلسلة إشراقات من التفسير الموضوعي (8): الحرية (ج1) الامير المجهول الـنور الإسلامي العــام 0 07-05-2011 09:35 AM
سلسلة إشراقات من التفسير الموضوعي (7): الشريعة (ج3) الامير المجهول الـنور الإسلامي العــام 0 07-05-2011 09:33 AM
سلسلة إشراقات من التفسير الموضوعي (5): الشريعة (ج1) الامير المجهول الـنور الإسلامي العــام 0 07-05-2011 09:31 AM
سلسلة إشراقات من التفسير الموضوعي (2): الشورى (ج2) الامير المجهول الـنور الإسلامي العــام 0 07-05-2011 09:26 AM
سلسلة إشراقات من التفسير الموضوعي (1): الشورى (ج1) الامير المجهول الـنور الإسلامي العــام 0 07-05-2011 09:24 AM


الساعة الآن 01:44 PM.