الجزء الخامس-فتاوى الجهاد - منتديات نور الاستقامة
  التعليمـــات   قائمة الأعضاء   التقويم   البحث   مشاركات اليوم   اجعل كافة الأقسام مقروءة
أخواني وأخواتي..ننبه وبشدة ضرورة عدم وضع أية صور نسائية أو مخلة بالآداب أو مخالفة للدين الإسلامي الحنيف,,,ولا أية مواضيع أو ملفات تحتوي على ملفات موسيقية أو أغاني أو ماشابهها.وننوه أيضاَ على أن الرسائل الخاصة مراقبة,فأي مراسلات بين الأعضاء بغرض فاسد سيتم حظر أصحابها,.ويرجى التعاون.وشكراً تنبيه هام


** " ( فعاليات المنتدى ) " **

حملة نور الاستقامة

حلقات سؤال أهل الذكر

مجلة مقتطفات

درس قريات المركزي

مجلات نور الاستقامة



الإهداءات



جوابات الإمام السالمي جوابات الإمام السالمي رحمه الله,جوابات الإمام السالمي رحمه الله,جوابات الإمام السالمي رحمه الله,جوابات الإمام السالمي رحمه الله,جوابات الإمام السالمي رحمه الله,


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
افتراضي  الجزء الخامس-فتاوى الجهاد
كُتبَ بتاريخ: [ 03-20-2011 ]
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية عابر الفيافي
 
عابر الفيافي غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363
قوة التقييم : عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز


الجهاد

جهاد المشركين خارج بلادهم بلا دعوة

السؤال :
اختلافهم في المشركين الذين في غير بلادهم إذا غزاهم المسلمون هل يحتاجون إلى دعوة أو لا ؟ قولان . وذلك إن لم يوجد معهم شيء من سبايا المسلمين ولم يشهروا السلاح . فإن كان شيء من ذلك قوتلوا بلا دعوة ما وجه الخلاف الأول ؟
الجواب :
أما القائل بوجوب الدعوة لهم فلعموم الأدلة القاضية بثبوت الدعوة مطلقا ولم تفصّل بين من كان في بلده ومن كان خارجاً، مع احتمال أن يكونوا قد خرجوا يريدون الإسلام .
وأما القول بأنه لا دعوة لهم فذلك لأن الدعوة إنما توجه إلى أكابرهم وهؤلاء قد خرجوا لا يعرف لهم كبير . وأيضا فلعلهم خرجوا غزاة على المسلمين وأيضا فالدعوة قد بلغت بلدانهم فما معنى تكرارها.
فإن وجد معهم سبي أو شهروا السلاح علم أنهم لم يخرجوا إلا محاربين فمن هنالك جاز قتالهم بلا دعوة على القولين .
وأقول إن دعوة رسول الله " قد بلغت حيث بلغ الخف والحافر بل حيث بلغت الجواري في البحر وقد تركها من تركها إصراراً واستكباراً وتمرداً أو عناداً فلا معنى لوجوب تكرار الدعوة إليهم مرة بعد أخرى . كيف يدعون إليها وهم إنما يسعون في إطفائها ويبذلون المجهود في انطماسها ؟ وهل كررها رسول الله " بعد انتقاله عنهم إلى المدينة ؟ وإنما بدأهم بالحرب بعد أن أقام فيهم ما أقام وما ذلك إلا لعلمه بتمردهم وعدم انقيادهم إلا بالسيف فمن شاء منهم الإيمان هاجر إليه فحال النصاري في زماننا هذا كحال قريش في زمانه " ولا يظن جاهل أن لهم دعوة أو ذمة فكيف تكون لهم ذمة ؟ وهم يحاولون أن يعملوا المسلمين ذمة بل كثيراً من العرب .

توجيه منع سبي المولود حال العهد

السؤال :
قولهم يمنع سبي من ولد في حال العهد ما وجهه ؟ وكيف يعرف ذلك ؟
الجواب :
إن المولود في حال العهد إنما ولد على الذمة فكأنه صار بذلك حُرّاً و[ إذا ] صار إلى الحرية لا يرجع إلى الرق أبداً .
وأما معرفة ذلك فإنه إنما يمنع عند الصحة فمن جاء بصحة أنه ولد في ذلك الزمان خلّى عنده وكذلك من علم حاله بالسن في التاريخ ومن لم يصح ولم يعلم حاله بيع في الأعراب . والله أعلم .

فداء الاسرىحال قلة عدوهم وكثرتهم

السؤال :
قولهم في المأسورين من المسلمين إن كانوا أقل من نصف العدو ففداهم من بيت المال وإن كانوا لنصف عدوهم ففي أموالهم... ما الذي اعتبروه ؟
الجواب :
اعتبروا وجوب القتال عليهم وعدم وجوبه فإنهم إن كانوا كنصف العدو فأكثر وجب عليهم أن يثبتوا ولا يحل لهم أن يسلموا أنفسهم لعدوهم { كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله }([1])، { فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مئتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين }([2]) فقد وعدهم الله بالنصر مع الصبر فلما لم يصبروا ولم يثبتوا كان فداؤهم في أموالهم ولا يخص بيت المال منهم شيء وإن كانوا أقل من نصف العدو لم يلزمهم الثبات فإن أسروا كان الفداء من بيت المال لأنه من جملة المغارم التي جلبها أمر المسلمين .
واعلم أن العشرة من المسلمين الصابرين المحتسبين يغلبون مائة من العدو كما أوجب الله تعالى في أول الأمر فقال { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين }(1) فالواحد منَّا يقاوم العشرة من عدونا ولم ينسخ أمر المقاومة وإنما نسخ وجوبها فنحن لو صبرنا لكان منا ما كان من أسلافنا في أول الأمر وقد صبر سلمان بن ربيعة الباهلي وهو في عشرة آلاف من أصحابه وجههم عثمان إلى الغرب، فالتقاهم ثلاثمائة ألف من الأتراك فقاوموهم صابرين وقاتلوهم محتسبين حتى قتلوا عن آخرهم مستشهدين، فقتلوا من الأتراك مائة ألف فكان لكل واحد منهم عشرة من الأتراك هذا شأنهم .
ولعمرى إن الصبر فيها طريقة الأماجد وبذل النفس في نيل الشهادة من أعظم المقاصد أفترغب عن حياة أبدية وسعادة سرمدية ودرجة في أعلى الدرجات العلية يخبرك بها رب العزة وهو أصدق القائلين { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوفٌ عليهم ولا يحزنون }(2) .
اللهم يا ذا المنن العظيمة، والعطايا الجسيمة، أنعم علينا بهذه الخصلة الكريمة، آمين . والله أعلم .
معاملة الكفار فيما غصبوه من مسلم

السؤال :
اختلافهم فيما سباه المشركون من فرقة منهم لها عهد قيل يشتري منهم وقيل لا . ما وجههما ؟
الجواب :
أما المنع فللعهد الذي أخذوه من المسلمين وأما الجواز فالنظر إلى معاملة المحاربين، فإنهم يعاملون على قول في جميع ما وجد في أيديهم ولو كانوا قد اغتصبوه من المسلمين .
حاصل المقام أنهم اختلفوا في معاملة المشركين فيما غصبوه من المسلمين فقيل تجوز وقيل لا وأهل العهد ليسو بأشدَّ من المسلمين . والله أعلم .

حكم فرار الإمام إذا خاف القتل

السؤال :
ما يوجد في جامع أبي محمد مما نصه " قال أكثر أصحابنا إذا لقي الإمام الحرب لم يجز له أن يهرب عنها ولا يصفح بوجهه موليا عن العدو ومع استظهار العدو عليه وعلى أصحابه وظفره بهم وإن بقي الإمام وحده قال : والنظر يوجب عندي غير ذلك لأن الله جلّ ذِكرُه مَنَعَ الإنسان أن يقتل نفسه ويلقي بها إلى التهلكة وأمره باحيائها بقوله جل ذكره { ولا تلقوا بأيديكم إلى
التهلكة }
(1) وقوله { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما }(2) والله أعلم قال السائل، ما تقول في هذا الكلام ؟ وهل هو صحيح أم لا ؟ وإن كان صحيحاً فما وجهه ؟

الجواب :
الله أعلم بصحة ذلك وقد وجدت أنا في الأثر أن الإمام إذا دخل الحرب ومعه من الرجال من يرجو بهم القوة على عدوهم ثم ولى عنه أصحابه أو أقبلوا لم يكن له إذا ألزمه فرض الجهاد وألزمه نفسه بدخوله في الحرب فقد وجب عليه ولم يسعه الخروج منه إلى أن ينصره الله على عدوه أو تفنى روحه .
وقال الفضل بن الحوارى : للمسلم أن يجاهد بنفسه دون دمه وماله وللقليل أن يجاهدوا الكثير ويروى عن النبى " أنه قال : " ليس للمؤمن أن يذل نفسه " قال معناه أن يتعرض من البلاء لما لا يقوم به .
قال أبو سعيد معناه لا يعرض نفسه لمعصية الله من قليلها وكثيرها فإنه لا يقوم لها وأما ما كان من الطاعات فالمؤمن يقوم له ويقدر عليه ولا يكون ذليلا في ذلك وإنما الذليل من عصى الله فهذا الأثر يدل على صحة ما حكاه أبو محمد عن أصحابنا رحمهم الله تعالى ووجهه حينئذ أنه متى ما دخل الإمام الحرب وجب عليه الثبات فيها وحرم عليه الفرار منها لقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار }(1) الآية فإن فيها تحريم تولي الأدبار فرارا عن العدو بل هو كبيرة لما ترتب عليه من الوعيد الشديد فعلى الإمام ما دام لم يلق الحرب بنفسه أن ينظر الأصلح للمسلمين والأبقى للدولة فإذا بقى العدو حرم عليه الفرار وإن رأى الموت بين عينيه، وله أن يتحيز إلى فئة وأن يولي متحرفا لقتال أو طالبا لخدع أو احتيال أو نحو ذلك .
وبالجملة فلقاء العدو سبب يحرم معه الفرار خلافا لأبي محمد حيث جوز الهرب للإمام عن العدو وبعد أن يباشر الحرب إذا خاف القتل على أصحابه ورأى القتل شارعاً فيهم ويأتي عليهم حتى يفنوا ويقلوا قال ولا يقيم بأصحابه على القتل والحياة لهم أنفع للمسلمين وأرجى لبقاء الدولة .
واحتج على ذلك بأمرين :
أحدهما - الاقتداء بفعل رسول الله " في هربه إلى الغار وتواريه عن عدوه عند طلبهم إياه وارتفاعه بأصحابه إلى جبل أحد وتحصنه بالخندق وكل ذلك انتظاراً منه للقوة على عدوه ووجود الناصر والتعمل في الحيلة وطلب المكيدة عليه إلى أن وجد السبيل إلى ذلك .
وثانيهما - قوله تعالى { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما }(1) وقوله تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة }(2) .
ولا بد من الجواب على الاحتجاجين فأما الجواب عن الاحتجاج الأول فهو أن جميع ما ذكره من فعل رسول الله " خارج عن محل النزاع فإن كلامنا في تحريم الفرار من الزحف والهروب عن العدو بعد لقائه، وخروجه " إلى الغار وارتفاعه بأصحابه إلى الجبل يوم أحد وتواريه عن المشركين كل ذلك كان في غير موضع القتال .
وأيضاً فإنه " لم يهرب عن عدو قط بل ثبت حين انكشف المسلمون يوم أحد ويوم حنين وارتفع إلى الجبل بعد انحياز كل فريق إلىجهة فلا يصح أن يطلق لفظ الهروب من العدو على رسول الله " .
وأيضا فإنه " لم يؤمر بالقتال إلا في المدينة وكان في مكة مأمورا بالإعراض عن المشركين ثم أمر بالهجرة والخروج من بين ظهراني المشركين ولا يصح له أن يقاتل إلا بإذن من ربه فلا يتم لأبي محمد تمسكه بخروجه " إلى الغار ولا بتواريه عن المشركين والله أعلم .
وأما الجواب عن الاحتجاج الثاني فمن وجوه .
أحدها - أنا لا نسلم أن من بذل نفسه لله تعالى وقاتل في سبيله حتى قتل طلبا لمرضاة الله أنه قاتل لنفسه ولا أنه ملق بأيديه إلى التهلكة، والله تعالى يقول { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون وعدا عليه حقا }(1) الآية قال الزمخشري مثّل الله إثابتهم بالجنة على بذلهم أنفسهم وأموالهم في سبيله بالشراء قال ورُوي : " تاجَرَهم فأغلى لهم الثمن " وعن عمر رضي الله عنه فجعل لهم الفقتين جميعاً إلى أن قال ومر برسول الله " أعرابي وهو يقرأها فقال كلام من ؟ قال : كلام الله، قال : بيع والله ، لا نقيله ولانستقيله فخرج إلى الغزو فاستشهد (انتهى) وروى عنه " أنه قال سيد الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائز فأمره ونهاه فقتله وعن ابن مسعود قال قال رسول الله " ألا أنبئكم بأفضل الشهداء عند الله بعد حمزة بن عبد المطلب قالوا بلى يا رسول الله قال رجل أتى أميرا جائرا فأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر فإن هو لم يقتله لم يجر عليه ذنب ما كان حيا وإن هو قتله كان من أفضل الشهداء عند الله عز وجل بعد حمزة بن عبد المطلب ومعنى قوله لم يجر عليه ذنب ما كان حياً أي يوفق للطاعات فلا يقارف الذنب والسر في ذلك أنه لما بذل نفسه لله فلم يقتل كافأه الله في الدينا بحفظه عن الذنوب حتى يموت على الحالة التى بذل فيها نفسه والله أعلم .
ويروى أنه " سئل عن أفضل الجهاد فقال : " كلمة حق تقال عند جبار يقتل عليها " ومن المعلوم أن الآمر والناهي للسلطان لا يستطيع دفع صولة السلطان ولا انقاذ نفسه منه ومع هذا كله فقد سمعت ما ورد من الترغيب في ذلك فلم يكن قاتلا لنفسه بذلك .
وأيضا ففي أول الإسلام كان الواجب ثبات العشرين للمائتين ثم نسخ وجوب ذلك وبقي مندوبا إليه ففي ذلك دليل أن الباذل لنفسه في رضى الله غير قاتل لها والله أعلم .
الوجه الثانى - لا نسلم أن معنى الآيتين كما تصور لأبي محمد بل معناهما على خلاف ذلك فأما قوله تعالى { ولا تقتلوا أنفسكم }(1) فمعناه والله أعلم لا تقتلوا من كان من جنسكم من المؤمنين على حد قوله تعالى في بني اسرائيل : { ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم }(2) الآية أي يقتل بعضكم بعضا، وعن الحسن لا تقتلوا إخوانكم أو لا يقتل الرجل نفسه كما يفعله بعض الجهلة، وعن عمرو بن العاص أنه تأوله في التيمم لخوف البرد فلم ينكر عليه رسول الله " .
وبالجملة فمعنى القتل المنهى عنه في الآية غير المعنى الذي تصوره أبو محمد، على أنا لا نسلم أن من قتله السلطان أو من لا يستطيع دفعه يكون قاتلا لنفسه وان تسبب لذلك بل القاتل له غيره وعليه حكم التسبب لا حكم القتل فإن كان التسبب خيرا فهو خير وإن كان شرا فشر والله أعلم .
وأما قوله تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة }(1) فقد قيل أن معناه النهى عن ترك الانفاق في سبيل الله لأنه سبب الهلاك وعن الاسراف في النفقة حتى يفقر نفسه ويضيع عياله أو عن ترك الغزو الذي هو تقوية للعدو، وروى أن رجلا من المهاجرين حمل على صف العدو فصاح به الناس ألقى بيده إلى التهلكة فقال أبو أيوب الأنصاري نحن أعلم بهذه الآية وإنما أنزلت فينا صحبنا رسول الله " فنصرناه وشهدنا معه المشاهد وآثرناه على أهالينا وأموالنا وأولادنا فلما عزّ الإسلام وكثر أهله ووضعت الحرب أوزارها رجعنا إلى أهالينا وأولادنا وأموالنا نصلحها ونقيم فيها فكانت التهلكة الإقامة في الأهل والمال وترك الجهاد والله
أعلم .

الوجه الثالث - أن مدلول الآيتين غير مطابق لغرض أبي محمد، وذلك أن أبا محمد استدل بهما على جواز فرار الإمام بمن معه عن الزحف إذا خاف من الثبات استيلاء القتل، والآيتان يدلان على تحريم قتل النفس وتحريم الالقاء باليد إلى التهلكة، فلو سلمنا أن معنى الآيتين على حسب ما تصوره أبو محمد صح استدلاله بهما على الجواز لأنهما إنما يدلان على تحريم قتل النفس فيستلزم ذلك وجوب الفرار عن خوف القتل لا جوازه فيلزم أبا محمد أن يقول بوجوب الفرار ولا قائل بذلك وهو أيضا لم يرده بل أراد نفس الجواز فظهر أنه لا تعلق له بشيء مما احتج به وبذلك تعرف صحة ما قاله أكثر أصحابنا في هذه المسألة . والله أعلم .

حكم القتال مع خوف القتل

السؤال :
ما يوجد في بيان الشرع من الأثر أن الذي يجاهد لا يجوز له أن يلقي نفسه للتهلكة ويكون قصده يجاهد إلى أن يغلب ويسلم قال فإن كان يجاهد على أنه مقتول وأنه يحب أن يقتل فهو هالك، ما معنى هذا الأثر ؟ وهل هو صحيح أم لا ؟ فإن كان صحيحاً فما وجهه ؟
الجواب :
لا أدري ما معناه فإن كان المراد به ظاهره فهو عندي غير صحيح وإن كان غير ذلك فالله أعلم ويحتمل أن يكون معناه فيمن قاتل ضجرا من الحياة وطلبا للقتل كما يفعله بعض الجهال عند تضجرهم بما يكرهون فإنه إذا كان قتاله على هذا المعنى كان قصده حراماً فإن قتل كان هالكاً والعياذ بالله .
وأما إذا كان يجاهد في سبيل الله وقصده اعلاء كلمة الله ومع ذلك فهو يجب أن يتقبل الله منه نفسه وأن يقتل في سبيل الله رغبة في الشهادة التي رغّب الله فيها عباده فلا يصح أن يكون هنا هالكا بل هو المحق قطعا والفائز بالدرجات العلى التى وعده الله تعالى في كتابه العزيز بقوله تعالى { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة }(1) في امثالها من الآيات .
كيف يكون مثل هذا هالكا والآيات القرآنية والسنة النبوية والسيرة الإسلامية كلها دالة على فضل صاحب هذه الدرجة وعلو شأنه فمن الكتاب قوله تعالى : { ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون }(2) قيل : خوطب بها الذين لم يشهدوا بدرا وكانوا يتمنون أن يحضروا مشهدا مع رسول الله " ليصيبوا من كرامة الشهادة ما نال شهداء بدر وهم الذين ألحوا على رسول الله " في الخروج إلى المشركين وكان رأيه في الإقامة بالمدينة فقد وبخهم الله تعالى على عدم ثباتهم لما كانوا تمنوه ولم يوبخهم على نفس تمنيهم للموت في سبيل الله لأجل كرامة الشهادة وكذلك قوله تعالى { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألاّ خوف عليهم ولا هم يحزنون }(1) روى عن النبي " لما أصيب اخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر تدور في أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوى إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش وفي هذه الآية والحديث بعث للناس على ازدياد الطاعة والجد في الجهاد والرغبة في نيل منازل الشهداء وإصابة فضلهم واحماد لحال من يرى نفسه في خير فيتمنى مثله لاخوانه في الله وكذلك قوله تعالى { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله }(2) ففي هذه الآية وأمثالها الترغيب في القتل في سبيل الله وطلب الشهادة لرضوان
الله .

وجميع ما جاء في الكتاب والسنة من الترغيب في الشهادة فهو دال على جواز أن يحب الانسان القتل في سبيل الله إذ لا يصح أن يرغب تعالى في شيء وهو مع ذلك يحرم على الناس أن يحبوه ويقصدوه بيان ذلك أن في الترغيب في الشيء حثاً إليه واغراء به ولا يتأتى الانبعاث إليه إلا مع القصد إليه والمحرم من الأشياء منفر عنه فلا يصح من الحكيم الاغراء بما نهى عنه وحرمه والله أعلم .
ومن السنة ما يروى عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى النبى " يقول : والذي نفسه بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم حتى يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله والذي نفسه بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل، واستشكل هذا التمنى منه عليه الصلاة والسلام مع علمه بأنه لا يقتل وأجيب بأن تمنى الفضل والخير لا يستلزم الوقوع فكأنه عليه الصلاة والسلام أراد المبالغة في بيان فضل الجهاد وتحريض المؤمنين عليه([3]) .
ويروى عن انس بن مالك قال خطب النبى " فقال أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرةٍ ففتح له وقال ما يسرنا أنهم عندنا . قال أيوب السختياني أو قال ما يسرهم أنهم عندنا ووجه الاستدلال بهذا الحديث هو قوله ما يسرنا أنهم عندنا لأن فيه السرور لهم بالشهادة والله أعلم .
ومن ذلك ما وقع في زمانه " ولم ينقل عنه انكار له فيكون ذلك تقريرا منه " روى أنه " حرض الناس يوم بدر وقال : " والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة فقال عمير بن الحمام أخو بني سلمة وفي يده تمرات يأكلهن : بخٍ بخٍ فما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء فقذف التمرات من يده وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل وهو يقول :

ركضا إلى الله بغير زاد


الا التقى وعمل المعاد


والصبر في الله على الجهاد


وكل زاد عرضة النفاد


غير التقى والبر والرشاد

وفي رواية فقال رسول الله " : " قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض " قال عمير بن الحمام بخ بخ فقال رسول الله " ما يحملك على قولك بخ بخ قال لا والله يارسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها فقال فإنك من أهلها فأخرج تمرات من كرزه أي جعبته فجعل يأكل منهن ثم قال : لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي إنها لحياة طويلة قال فرمى بما كان معه من التمرات ثم قاتلهم حتى قتل وروى في يوم أحد أن عبد الله بن جحش وهو ابن عمة رسول الله " أميمة بنت عبد المطلب لقى سعد بن أبي وقاص في أول النهار فقال له عبد الله هلم يا سعد فلندع الله وليذكر كل منا حاجته في دعائه وليؤمن الآخر فخلوا في ناحية فقال سعد يا رب إذا لقيت العدو غدا فلقنى رجلا شديدا بأسه شديدا حرده أقاتله فيك ويقاتلني ثم ارزقنى الظفر عليه حتى أقتله وأسلبه أو قال آخذ سلبه فأمَّن عبد الله بن جحش على دعائه، ثم قال : اللهم ارزقنى رجلا شديدا بأسه شديدا حرده أقاتله فيك ويقاتلني فيقتلني ثم يجدع أنفى وأذنى فإذا لقيتك غداً قلت لي يا عبد الله فيم جدع أنفك وأذناك ؟ فأقول : فيك يا رب وفي رسولك فتقول لي صدقت فأمَّن سعد على دعوته . قال سعد : كانت دعوة عبد الله خيرا من دعوتي لقد رأيته آخر النهار وأن أذنيه وأنفه معلقان في خيط ولقيت أنا فلانا من المشركين فقتلته وأخذت سلبه قيل وزعم آل عبد الله بن جحش أن رسول الله " دفن عبد الله بن جحش مع حمزة في قبره وكان قد مثل به كما مثل بحمزة إلا أنه لم يبقر عن كبده وجُدع أنفه وأذناه فلذلك يقال له المجدع في الله .
وروى أنه لما تجهز الناس وتهيئوا للخروج إلى مؤتة وذلك في السنة الثامنة من الهجرة قال المسلمون للخارجين للغزو صحبكم الله ودفع عنكم السوء وردكم سالمين غانمين فقال عبد الله بن رواحة ذلك شعرا :


لكننى أسال الرحمن مغفرة


وضربة ذات فرع تقذف الزبدا


أو طعنة بيدى حران مجهزة


بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا


حتى يقولوا إذا مروا على جدثى


لرَشدك الله من غاز وقد رشدا


وما زال المسلمون يحمدون المتعرض للشهادة والمحب لها وما زالت أفاضلهم يتمنون ذلك فمن ذلك ما يروى أن رسول الله " قال في يوم بدر حين انهزم المشركون من لقى العباس بن عبد المطلب عم رسول الله " فلا يقتله فإنه إنما خرج مستكرها قال أبو حذيفة انقتل آباءنا وابناءنا واخواننا وعشيرتنا ونترك العباس والله لئن لقيته لألجمنه بالسيف فبلغت رسول الله " فقال لعمر بن الخطاب : يا أبا حفص أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف ؟ فقال عمر يا رسول الله دعني فلأضربن عنقه بالسيف فوالله لقد نافق فكان أبو حذيفة يقول ما أنا بآمن تلك الكلمة التى قلت يومئذ ولا أزال منها خائفا إلا أن تكفرها عنى الشهادة فقتل يوم اليمامة شهيدا ويروى أن خالد بن الوليد لما حضرته الوفاة بكى وقال لقد لقيت كذا وكذا زحفا وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء ويروى أن أهل النهروان لما دهمهم علي ومن معه بالقتال كانوا يتنادون : الرواح الرواح إل الجنة، ومما ينقل عن أبي بلال : المرداس بن حدير رضى الله عنه أنه قال :

ابعد ابن وهب ذى النزاهة والتقى


ومن خاض في تلك الحروب المهالكا


أرجّي حياة أو أحب سلامة


وقد قتلوا زيد بن حصر ومالكا

فيا رب سلم نيتى وبصيرتى


وزدني التقى حتى ألاقى أولائكا


وقال :

وما نبالي إذا أرواحنا خرجت


ماذا فعلتم بأجساد وأوصالِ


نرجو الجنان إذا صارت جماجمنا


تحت العجاج كمثل الحنظل البالي


إني امرؤ باعني ربي لموعدة


إذا القلوب هوت من خوف أهوال


وقال عمران بن حطان يرثى مرداس بن حدير :

يا عين بكى لمرداسٍ ومصرعه


يا رب مرداس أجعلني كمرداس


وقال الراثى للمختار بن عوف وأصحابه رضي الله عنهم :
يا رب أسلكني سبيلهم


ذا العرش واشدد بالتقى أزري


إلى أن قال في وصفهم :

لا شيء يلقاه أسرّ له


من طعنة في ثغرة النحر

منهرة منه تجيش بما


كانت عواصى جوفه تجري

وقال أبو اسحاق ابراهيم بن قيس الحضرمي رضوان الله عليه :


فلا تحزنى ان التوكل مغفرى


ودرعى يقيني والحقيقة جُنّتي


وفي الكف منى كالشهاب وضوئه


ويوم سعودي يوم القى منيتي

ويوم أرى الحوراء تمسح غُرّتي


شهيدا والسِيدان تنهش جثتي


وقال رحمه الله :

سلامتي عندي إذا لم أسلم


يا نعمة ما مثلها من أنعم

إن أدرجوني في ثيابي بدمي


لا شرف أعلى من التقحم


لله في خوض الحمام الأحوم


أهلا وسهلا بالفنا فليقدم

أهلا به بين الفنا المحطم


لست أُلاقيه بوجه أجهم

ففي هذا كله التصريح بطلب الشهادة وتمنيها ولم ينكره أحد من المسلمين بل أثنوا على صاحبه وتمنى خيارهم أن يكونوا مثل من أدرك ذلك الحال، ولا يخفى على عاقل أن تمنى الشهادة تمنٍّ للقتل في سبيل الله فإنهما بمعنى واحد .
قال الزمخشري :
فإن قلت : كيـف يجـوز تمنـى الشهـادة وفي تمنيهـا تمنى غلبـة الكافر
المسلم ؟ قلت متمنى الشهادة قاصد إلي نيل كرامة الشهداء لا غير ولا يذهب وهمه إلى ذلك المتضمن كما أن من يشرب دواء الطبيب النصرانى قاصداً إلى حصول المامول من الشفاء ولا يخطر بباله أن فيه جر منفعة واحساناً إلى عدو الله وتنفيقاً لصناعته والله أعلم .
حكم من صار تبعا للنصارى

السؤال :
ما حكم الذين يسمّون بألبانيان في زماننا هذا، هل هم حرب للمسلمين أم لا ؟
الجواب :
أما البانيان في زماننا فقد تعلقوا بالنصارى فهم لهم تبع، حرباً وسلماً والله أعلم .
الفرق بين الأسر والسبي

السؤال :
هل يكون سبي النبي " لعمه العباس رضي الله عنه دليلا على جواز سبي قريش أم لا ؟ فإن لم يكن دليلا فبم يجاب عن ذلك فإن القطب أبقاه الله تعالى جعل ذلك دليلا على جواز سبيهم ذكر ذلك في " ذهبه " .
الجواب :
لم يسب النبي " عمه العباس ولكن أسره مع غيره من صناديد قريش يوم بدر، وليس الأسر سبيا بل هو نوع من التسليط والقهر، ولو كان سبيا لما جاز في الباغى الموحد لأن سبي الموحدين حرام إجماعا والله أعلم .

معنى الشعار في الجهاد أمت أمت

السؤال :
شعار المسلمين في بعض المواطن يا منصور أمت أمت ما معناه ؟
الجواب :
لعل المراد بالمنصور الرب جل وعلا أخذا من قوله تعالى { إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم }(1) .
وعليه فهو يدل على أن أسماء الله تعالى ليست بتوقيفية .
ومعنى أمت أمت أي ارسل الموت على الأعداء والله أعلم .


أمان الملوك لأهل الحرب

السؤال :
ما قولك في أمان هؤلاء الموده لأهل حربنا من المشركين من أفراد الموحدين ؟ وما معنى الحديث " المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم " وكذلك حديث أم هانئ بنت عبد مناف يوم الفتح حين أراد أخوها علي بن أبي طالب قتل رجل في بيتها وصنيع بلال في أسيرى عبد الرحمن ما وجهه ؟
الجواب :
الله أعلم بحال من ذكرت وقد صاروا ملوكا على الناس وادعوا التفرد بالسياسة والنظر في المصالح، فإن صحت هذه الدعوى فلا يصح الاعتراض لمؤمنهم مخافة أن يكون في ذلك مفسده على المسلمين وفتق لا يرتفع وبعض الشر أهون من بعض،
والمسلمون يد على من سواهم إذا كانت الكلمة واحدة ولم تتفرق بهم الأهواء ولا تستعبث بهم الآراء والأغراض فإما إن تفرقوا وصار بعضهم يقتل بعضا على الدنيا فما هذه اليد التى تكون لهم على من سواهم، لقد قطعها التفرق والتشتت، ذهب الوفا ذهب الدين ذهبت المروءة ذهبت الغيرة ذهبت الحمية، طمع فينا الخصم طلبنا بالمكائد ونصب لنا الحبائل فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وإن ظهر أن في تأمين الجبابرة فسادا في الدين وفشلا في المسلمين فلا تأمين لهم، كيف يكون التأمين فيما فيه هدم أركان الدين وقد اختلف المسلمون في تأمين الرعايا إذا لم يأذن لهم الإمام في التأمين ولم يحجر عليهم فإن حجر فلا أمان لهم، ولهذا قال " أجرنا من أجرت فإنه إجارة منه " لها في ذلك وأما أسيرا عبد الرحمن فإنه لم يؤمنهما ولكنه أسرهما والأسير في قبضة من أسره إن شاء قتله وإن شاء أخذ الفداء، وإن شاء منّ عليه، وقتل بلال لهما لاستصحاب الأصل في الأمر بقتلهم في الجملة . والله أعلم .

أخذ مال غير المستأمن في دار الإسلام

السؤال :
أهل الشرك إذا دخلوا بغير أمان في المصر هل يجوز أن يؤخذ من أموالهم بالاحتيال من غير أن يقاتلوا على الاسلام ؟ وهل فرق إذا احتال لأخذ أموالهم أحد في دارهم ؟ وما معنى ما يوجد في السير أن أحداً من المبايعين للنبي " يوم العقبة أخذ نعلاً للمشركين وعد ذلك من غنيمة أموالهم ؟ وكذلك فيما حكى الله عن نبيه سليمان عليه السلام { أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني
مسلمين }
(1) ما معنى ما أراد نبي الله سليمان بهذا الاتيان ؟ وما الذي تراه أوجه ؟ وهل فيها دلالة لجواز أخذ المشركين في غير وقت المحاربة إذا لم يعقد لهم أمان ؟ وهل أخذ النبي سليمان عليه السلام ذلك العرش أم رده عليها بعد اسلامها ؟ عرفنا بذلك .

الجواب :
إذا كان أهل االشرك حربا للمسلمين وجب أن يؤخذوا من كل جهة وإن يقعدوا لهم كل مرصد وحل أخذ أموالهم بالسلب والاحتيال لكل قادر عليه من المسلمين ويكون ما أخذه غنيمة، وقد أجاد الشيخ محمد بن خميس البوسعيدي رحمه الله تعالى في تخريج هذه المسألة وهو ممن كان في عصر الشيخ ناصر بن أبي نبهان فإنه قال : إذا بلّغ أحد من االمسلمين دعوة الإسلام عظماء أهل بلد من المشركين فلم يجيـبوه أن أموال أهل الشرك من تلك البلد جائز أخذها وحلال أكلها لجميع المسلمين ولو لم تقع بينهم منا بذرة حرب، ومن قدر على أخذ تلك الأموال جهراً أو اختلاساً فهي له حلال حيث ما وجدت أخذت، وكذلك أخذ أطفالهم ونسائهم إذا كانوا من مشركي العجم فجائز سبائهم ولو بسرقة واختلاسٍ وليخرج منها الخمس للفقراء والمساكين .
قال وقد يخرج عنده فيه قول آخر أنها له رغد إلا أن المسلمين قالوا أنها الغنيمة بعد الهزيمة قال والذي حفظنا أنه عن أبي الحوارى أن أموال المشركين جائز أخذها وحلال أكلها لمن قدر عليها بأي وجه أخذها بعلم من المشركين وبغير علم منهم ولو لم يكن بينهم وبين المسلمين منا بذرة حرب إلى أن قال أو ما ترى أن االمسلمين قالوا في كنوز الجاهلية هي لمن وجدها ويخرج منها الخمس لأنها من أشياء المشركين ولا يفرق في ذلك بين غني وفقير .
هذا حاصل كلامه وهو الحق وإن خالفه الشيخ ناصر بن أبي نبهان وقضية النقل الموجودة في السير تدل عليه لأن القول إنما أخذه يكون كله له من غير اخراج الخمس لا يظهر لي وجهه وقول المسلمين أن الغنيمة بعد الهزيمة إنما هو بيان لوقت جمعها وقسمتها وإنما قيل الهزيمة وحروب يصح فيها من اضاعة الأموال والانتفاع بيسيرها للتقوّي على العدو ما لا يصح بعد الهزيمة .
ولعلي أزيدك ها هنا بياناً في موضع الدعوة، اعلم أن موضعها فيما إذا كان المسلمون هم الخارجون على العدو الطالبين لقتالهم ودخولهم في الاسلام، فأما إذا كان المشركون هم الخارجين علينا والطالبين لاظهار كفرهم واطفاء نور الله كما في زماننا فلا دعوة لهم وإنما هم حرب على كل حال ولا يصح لأحد تأمينهم في بلاد الإسلام بعد أن يحجر جماعة المسلمين ذلك وأن من خرج معهم بعد الحجر فهو باغ بذلك لأنه دال على عورات المسلمين وخارج عليهم بعدوّهم وساع في الأرض بالفساد ومظاهر للشرك على الإسلام .
وأما صنع سليمان عليه السلام فقد قيل أن غرضه من ذلك أن يكون احضار العرش دلالة لبلقيس على قدرة الله تعالى وعلى نبوة سليمان عليه السلام حتى تنضم هذه الدلالة على سائر الدلائل التي سلفت، وقيل المراد أن يؤتى بذلك العرش فيغير وينكر ثم يعرض عليها فينظر أتعرفه أم تنكره اختباراً لعقلها، وقيل أراد أن يعرف قدر ملكها قبل وصولها لأن العرش سرير الملك، وقال قتادة أراد أن يأخذه قبل إسلامها لعلمهأنها إذا أسلمت لم يحل له أخذ مالها، ورد بقوله " لم تحل الغنائم لأحد قبلكم كانت تجمع وتنزل نار من السماء فتأكلها .
وأيضا فإن هذا رأينا لا يناسب رد الهدية وتعليله بقوله { فما آتاني الله خير مما آتاكم }(1) مع أن الأنبياء منزهون عن الطمع اجماعاً وأجيب بأن هذا ليس غنيمة ولم يذكر أحد أنه أخذه لتملكه وإنما أراد اظهار معجزاته وقوته، ووجه ذلك أن اثبات اليد على مال مسلم بغير رضاه محظور، فلذا قال { قبل أن يأتوني مسلمين }(2)، وأيضا فهو مال حربي يجوز اتلافه بنحو حرق وهدم واتلاف بلا رضاء كما صرحوا به في أخذ مال الكفرة في شرع ما قبلنا بخلاف مال المسلم، وليس اتيان عرشها لطمع فيه . ثم إن الظاهر أنه عليه السلام إنما فعل ذلك بوحي فيجوز أن يكون من خصوصياته لحكمة .
وبالجملة فإنه في الآية دليل على أن المشرك إذا بلغته الدعوة ولم يسلم من فوره فإنه يكون حربا للمسلمين وتجرى فيه وفي ماله أحكام المحاربين، فهي حجة لجواز ما سألت عنه، وأحوال سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام شاهدة على ذلك .
وأما رد عرشها إليها فلم أجده مذكوراً والظن به أنه رده وربما يفهم ذلك من ظواهر الآيات فإنه أضاف العرش إليها بعد اتيانه في قوله { نكروا لها عرشها }(1) وقوله { أهكذا عرشك }(2) . والله أعلم .

تحديد الجزية ومن يعفى منها

السؤال :
تحديد الجزية بأربعة دراهم وأنه ليس على العبد والمرأة والطفل والراهب المنقطع والشيخ الهرم جزية . ما وجه التحديد والاستثناء ؟
الجواب :
ليس للجزية حد معلوم وإنما هي على ما يرى الإمام من قوة المشرك وضعفه وكثرة المال وقلته وشدة بعض الإسلام وعدمها وغير ذلك حتى لو رأى الصَّلاح في تسويتهم لفعل .
ومنهم من حددها ثم اختلفوا .
فقال بعضهم على كل واحد دينار في السنة وإن رضوا بالزيادة فعلى المتوسط ديناران وعلى الفقير دينار، وإن شاؤوا أعطوا الدراهم بدل الدينار فيحسب الدينار باثني عشر درهما كدينار الديات والأروش وأما دينار الزكاة فعشرة دراهم ودينار المعاملات يزيد وينقص وإن شاء الإمام أخذ في كل شهر دراهم فيكون على الغني في الشهر أربعة دراهم وعلى المتوسط درهمان وعلى الفقير درهم .
وقيل على اليهودي عشرة دراهم في كل سنة وعلى النصراني اثنا عشر وقيل خمسة عشر .
وقال الشافعي : الجزية دينار على كل واحد في السنة .
وقال ابن القاسم من المالكية : أربعة دنانير على كل غني أو فقير ولا ينقص عنها .
ولا مستند لهذه الأقوال إلا ما يوجد أن النبي " أمر معاذ بن جبل أن يأخذ الجزية ديناراً على كل واحد في السنة وقال له : أو خُذْ قيمة الدنانير معافرياً وهي ثياب وقد عمل به عمر في بعض القرى وروى عنه أنه كتب إلى عامله عثمان بن حُنيف في الكوفة بأن على الغني أربعة دنانير وعلى المتوسط دينارين وعلى الفقير ديناراً وروى عنه غير ذلك وكان عليّ يأخذ الجزية من كل ذي صنعة بحسبه وكان يأخذ من صاحب الأبر أبراً، ومن صاحب الحبال حبالاً وهكذا، وهذا كله يدل على أنها غير محدودة وإن القائل بالتحديد إنما قال ذلك بحسب زمانه وأهله ولكل زمان حكم .
وأما العبد فلا جزية عليه لأنه مال والمقصود من الجزية إذلال أهل الكتاب وإهانتهم على شركهم حيث اختاروا الشرك على الإسلام يدل عليه قوله تعالى :{ حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون }(1) وإهانة العبد لا تفيد عِزَّا للإسلام وإنما يفيد عزة الإسلام إهانة الملوك والأكابر وأتباعهم من أهل الأنفة والبطش .
وأما المرأة والطفل والراهب والشيخ فلا جزية عليهم للنهي عن قتلهم ومن نهينا عن قتله فلا تؤخذ منه الجزية لأن الجزية دفع عن النفس ولا معنى للدفع عنها مع النهي عن قتلها . والله أعلم .




([1]) سورة البقرة، الآية 249

([2]) سورة الأنفال، الآية 66

(1) سورة الأنفال، الآية 65

(2) سورة آل عمران، الآية 169 و 170

(1) سورة البقرة، الآية 195

(2) سورة النساء، الآية 29

(1) سورة الأنفال، الآية 15

(1) سورة البقرة، الآية 195

(2) سورة النساء، الآية 29

(1) سورة التوبة، الآية 111

(1) سورة النساء، الآية 29

(2) سورة البقرة، الآية 85

(1) سورة البقرة، الآية 195

(1) سورة التوبة، الآية 111

(2) سورة آل عمران، الآية 143

(1) سورة آل عمران، الآية 169

(2) سورة التوبة، الآية 111

([3]) التحقيق أن عبارة التمني مدرجة في الحديث من كلام الصحابي الذي رواه .

(1) سورة محمد، الآية 7

(1) سورة النمل، الآية 38

(1) سورة النمل، الآية 36

(2) سورة النمل، الآية 38

(1) سورة النمل، الآية 41

(2) سورة النمل، الآية 42

(1) سورة التوبة، الآية 29

hg[.x hgohls-tjh,n hg[ih] hgohlstjh,n hg[.x hg[ih]





توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الخامسفتاوى , الجزء , الجهاد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
[كتاب إلكتروني] كتاب إلكتروني "جوابات الإمام السالمي" بأجزائه الستة عابر الفيافي الكتب الالكترونية والأعمال الأخرى 23 09-20-2015 11:18 AM
كتاب : الفتاوى كتاب الصلاة ج1 لسماحة الشيخ أحمد الخليلي عابر الفيافي نور الفتاوى الإسلامية 8 10-26-2011 09:29 PM
تشكيلة فريدة من الأدوات في مكتبة المصمم المحترف عابر الفيافي الفوتوشوب وملحقاته 2 01-02-2011 03:48 PM


الساعة الآن 10:48 PM.