تفريغ/ حلقة العبودية لله تعالى سؤال أهل الذكر - منتديات نور الاستقامة
  التعليمـــات   قائمة الأعضاء   التقويم   البحث   مشاركات اليوم   اجعل كافة الأقسام مقروءة
أخواني وأخواتي..ننبه وبشدة ضرورة عدم وضع أية صور نسائية أو مخلة بالآداب أو مخالفة للدين الإسلامي الحنيف,,,ولا أية مواضيع أو ملفات تحتوي على ملفات موسيقية أو أغاني أو ماشابهها.وننوه أيضاَ على أن الرسائل الخاصة مراقبة,فأي مراسلات بين الأعضاء بغرض فاسد سيتم حظر أصحابها,.ويرجى التعاون.وشكراً تنبيه هام


** " ( فعاليات المنتدى ) " **

حملة نور الاستقامة

حلقات سؤال أهل الذكر

مجلة مقتطفات

درس قريات المركزي

مجلات نور الاستقامة



الإهداءات



نور تفريغ المحاضرات ورشة عمل لتفريغ المحاضرات المرئية و المسموعة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
افتراضي  تفريغ/ حلقة العبودية لله تعالى سؤال أهل الذكر
كُتبَ بتاريخ: [ 08-26-2013 ]
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية نجل النهروان
 
::مراقب عام::
نجل النهروان غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 5830
تاريخ التسجيل : Aug 2012
مكان الإقامة : بركاء
عدد المشاركات : 511
عدد النقاط : 10
قوة التقييم : نجل النهروان على طريق التميز


[CENTER][SIZE="6"]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا وسهلا في هذا اللقاء .
العبودية لله معنى نبيل يختزل قصة الخلق في تحقيق معانيه ويبشر السالكين دروبه بالفوز المبين بيد أن تفسير العبودية متجاذب الأطراف بين الفهوم بيد مَن يقصره على المعاني الروحية والخضوع في أداء الأركان وبين من يمد له في العمل الإجتماعي والسياسي ويجعل تحقيق العدالة والحرية للناس غاية أهداف العبودية في الحياة هناك فهم أخر يجعل للعبودية معاني تتحقق بالخوف عند كل عمل وإظهار الخشوع في الوجه والجسد كيف لا؟ والمسلمون سيماهم في وجوههم, وعلى هذا النحو يتم مدحه الصالحين فهي أعظم محطات ذكرهم في السير والتأريخ ويرى آخرون أن خدمة المجتمع والناس ووضع برامج الحياة لتسعد بها الأجيال هي معنى العبودية لله فالؤم ألف مألوف وخير الناس أنفعهم للناس, وقد خرج ابن عباس رضي الله عنهما معتكه لأن تلبية حاجة الناس تفوق معنى الخلوة والعبادة الخاصة, هناك تسأولات أخرى يسألها الإنسان لنفسه وهو يؤدي عبادته لله, هل هي من نوع العبودية, أم تسير في الطريق البعيد؟ العبودية لله كيف تحقق للمسلم؟ وما هي المعاني التي يراد له أن يحققها كي يكون من العابدين؟
حوار حلقة اليوم مع سماحة الجليل العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة.
س/ سماحة الشيخ, قال الله تعالى:( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الذاريات: 56, وقال سبحانه وتعالى أيضا في وصف الاستخلاف:( هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) الإنسان بين العبودية والتعمير كيف تكتمل هذه المعاني في حياة المسلم؟

ج/ بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فإن الإنسان لابد من أن يكون عبدا عبودية, إما أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى, وإما أن تكون تتنازعها أطراف أخرى, وضرب الله مثالين عبدين, عبدا هو خالص لأحد بعينه وعبد فيه شركاء متشاكسون, فعبودية الإنسان إن لم تكن خالصة لله سبحانه تجاذبتها أطراف لأن الإنسان مستهدف من قبل الشيطان, فالشيطان أقسم بعزة الله أنه ليردين الإنسان وقد تبين من خلال ما جاء في القران الكريم من قصة الإنسان أن الشيطان هو بالمرصاد لهذا الإنسان يريد أن يضله وأن يبعده من نهج الله, وهذه هي مهمته في الحياة أي مهمة الشيطان ثم يجانب ذلك, فالشيطان له وسائل من جملة هذه الوسائل (الشهوات والغرائز) التي يغري بها الإنسان حتى يخرجه عن النهج السوي, فالإنسان إن لم يكن عبدا خالصا لله سبحانه كانت عبوديته لشيطان, وكانت عبوديته لشهواته ونزواته ورغباته وغرازه, ومع ذلك أيضا أن يكون عبوديته للأخلاَء الذين يصطفيهم فيضلونه عن النهج السوي لذلك كان على الإنسان أن يحرص على أن ينال شرف العبودية الخالصة لله تعالى بحيث تكون عبوديته لله عزوجل لا يشارك الله سبحانه وتعالى فيها أحد, وهذا إنما يتحقق للإنسان إذا أخلص لله العبادة لله, إذ بإخلاصه العبادة لله تعالى يخلص عبوديته لله, لأن العبادة إنما هي ضريبة هذه العبودية لله سبحانه وتعالى وعبادة الله سبحانه, لا تعني أن ينقطع ال, لا تعني أن ينقطع الإنسان في مسجده ولا يخرج إلى ساحات الحياة ليشارك المجتمعات وليشارك الأمة وليشارك الجنس البشري في مهمات هذه الحياة, وإنما العبادة تكون خالصة لوجه الله عندما تطوي الحياة كلها لله سبحانه وتعالى, فالله سبحانه بين ما هو الإسلام عندما قال عز من قائل:(قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) الأنعام: 161 – 162
فالإنسان إنما يكون عبدا لله سبحانه وعابدا لله مؤديا لضربية العبودية عندما يطوع الحياة كلها لأمر لله, بحث تكون أعماله هي قربات خالصة, وأعماله متعلقة بالدينا موجة إلى الله سبحانه وتعالى, فكما أن الصلاة لله يكون النسك لله ويكون المحيا لله ويكون الممات لله, وهذا لا يعني أن يكون الإنسان غير مشارك للناس في امور معاشهم؛ وأن يكون الإنسان بعيدا عن الاستمتاع عن هذه الحياة, وإنما عليه أن لا تشغله الوسائل عن الغاية, فمتع الحياة كلها عندما تستخدم في الطرق السلمية على حسب النهج الصحيح تؤدي إلى غاية حميدة تؤدي أولا إلى شكر الله بإستشعار عظمته واستشعار وحداينته, لأن كل ما بالإنسان من نعمة إنما هي من الله, وما بكم من نعمة فمن الله, كل نعمة في داخل عمق الإنسان في نفسه أو في واسع الأرجاء المتراميل الأطراف هي من عند الله سبحانه وتعالى, فعندما يستشعر الإنسان أن هذه النعمة من الله, وأنه لو طوع نفسه وطوع جميع إمكانيته وطاقته وجميع ما أتاه الله سبحانه وتعالى من أجل شكر أدنى نعمة من نعم الله لما أمكن للأنسان أن يوفي شكر هذه النعمة اليسيرة, فكيف بنعم الجُلَ, وما من نعمة من الله سبحانه وتعالى إلا وهي جُلَّ, كل نعم الله سبحانه وتعالى جُلَّ حسب الإنسان ما هيئا الله سبحانه وتعالى في هذا الوجود, حيث سخر له هذا الكون ورتبه ترتيبا متناسقا, ولم يجعل بينه منشاز ولا اضطراب كل هذا الكون إنما هو في مصلحة الإنسان هو الذي خلق لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا وسخر لكم ما في الأرض جميعا منه, هذه النعم من الذي يحيطها ومن الذي يستطيع أن يؤدي شكرها, ليفكر الإنسان النفس الذي يتنفسه لو لم يكن الله سبحانه وتعالى هيئا له هذا المناخ الذي يتنفس فيه, كيف يمكن لهذا الإنسان أن يتنفس, وكيف يمكن لهذا الإنسان أن يعيش إذاً هذه النعم كلها تستوجب شكر الله سبحانه وتعالى وطاعته والإخلاص لله والغنقياد لحكمه والإذعان لطاعته والوقوف عند حدوده, فإذا الإنسان بحاجة أن تكون عبوديته خالصة لله سبحانه وتعالى, بحيث يسخر حياته كلها لله ويسخر أيضا مماته بحيث يموت في سبيل الله والإرضاء لله تعالى, ولا يعني الموت في سبيل الله أنه يلزمه أن يموت في المعارك لا, قد يموت الإنسان على فراشه وهو في سبيل الله عندما يضمر طاعةَ الله وينوي أن يأدي حق الله, وينوي أن يأدي حق عباد الله, وينوي أن يخدم دينا الله, وينوي أن يتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بشتى القربات التي تباعده من هوى نفسه, وتجعله عبدا خاضعا لله, كل ذلك مما يؤدي إلى أن تكون عبوديته خالصة لله.

س/ يقولون أن العبودية غاية الخضوع مع غاية الحب ويقول الله تعالى( والذين آمنوا أشد حبا لله) ما هي المعاني الحقيقة لمحبتنا لله؟
نحن نقول: مهما انزجرنا عن المعاصي ومهما تبنا ومهما تعبدنا, نخاف ولا نتمنى الموت؛ لأن القضية تتعلق بالمصير الأبدي فكيف نوفق بين محبة الله, والخوف منه سبحانه وتعالى بشكل متوازن, لأن من تعريفاتهم للمحبة: أن الشوق إلى لقاءه ولهج اللسان بذكره؟
ج/ نعم, إن الله سبحانه وتعالى جعل صلة الإنسان بالله ليست صلته بالخلق هذه الصلة بالله تعالى تختلف تمام الاختلاف عن صلته بخلق الله, ولذلك كان حبه لله سبحانه وتعالى ليس هو حب عاطفة لا تكاد تثور حتى تغور, ولا تكاد تتقد حتى تخمد, وإنما هو حب عقيدة حبُ يجعل الإنسان يتنافى في طاعة الله, هذا هو الحب لله, ولا ريب أن حب الإنسان لغيره أي كان إنما يعود إلى أمرين اثنين:
إما أن يرى ذلك غير متوفقا, بحيث يتمتع بأوصاف عالية وكمالات لا توجد في نفسه هو.
وإن ما أن يكون ذلك راجعا إلى يدى بيضاء, أسداها إليه ومنَّ بها عليه وعلى كل الاعتبارين من أولى بالحب من الله, مَن أولى بالحب من العظيم الذي تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم, سبحان الله الله تبارك وتعالى الذي تتجلى ربوبيته في كل ذرة من ذرات الحياة, وتتجلى عظمته في كل مظهر من مظاهر الحياة من أدنى الأشياء إلى أعلاها, ومن أدقها إلى أجلها, كل ذرة في هذا الكون هي كلمة من كلاماته معبرا على لساني حالها عن افتقارها إليه ومعبرا عن جلاله وعظمته فكل ما يشاهده الإنسان , إنما هو صفحات يتلوا في هذه الصفحات ايات الله تعالى العظام, فالكون كله كتاب كبير كل ذرة من ذراته هو سطر, بل هو سطور, بل هو سفر حافل بالآيات العظام ناهيكم أن الإنسان كما يقولوا المتخصصون يستهلك في كل ثانية من ثواني عمره مئة وخمسة وعشرين مليون من الخلايا, في كل ثانية يستهلك الإنسان مئة وخمسه وعشرين مليون خليه, في الدقيقة الواحدة يستهلك سبعة آلاف مليون خلية تذهب وتأتي أخرى هذه الخلايا كلها, كل خلية منها إنما نتجوز ونختصر ونقول إنها سفر من الأسفار, وإلا الأمر أكبر من ذلك, فالخلية بنفسها عالم هذه الخلايا التي يستهلكها الإنسان ولا يدري بها هي عوالم كل خلية هي عالم من حيث تكوينها ومن حيث دقتها, ومن حيث انسجامها مع اخواتها, ومن حيث تركيبها هي آية, وقد قلتُ سابقا: قبل سنوات في بعض ما كتبتُ بأن: الخلية لو قصر الإنسان عمره لدرستها لما استطاع أن يوفيها حقها من الدراسة, إذا أُوفاج بالأمر أنه أعظم من ذلك وأعمق من ذلك وأدق, وقد وجدت مقال نشر في مجلة المجتمع الكويتية في العدد الصادر في شهر بيع الثاني من 1429 في هذا المقال حديث عن الهندسة الوراثية, وتحدث عما يسمى "بالجزئية" وهي المعبر عنها بالكرموسوم أو الصبغ, هذه الجزئية لا تساوي من الخلية شيئا بدقتها لِكونها منتهى القلة, ولكن مع ذلك هذه الجزئية تحتوي من أسرار الله تعالى ما لو شرح لملأ تسعمئة صفحة أربعين ضعف الموسوعة الطبية البريطانية التي تقع في أربعين مجلدا, هذه الجزئية فما بالكم بالخلية, إذا كانت هذه الجزئية لو شرحت لملأت ألف وستمئة مجلد, تسعمئة ألف صفحة فإذا كيف هذا الإنسان يمكن أن يحصى آيات الله ويحصى نعمه هذه كلها نعم من الله تعالى لو أن الإنسان وقف حياته كلها في شكر أقل نعمه من هذه النعم, وكانت خلاياه كلها ألسنة تلهج بحمد الله تعالى وشكره ومع ذلك أمدته الكائنات بذراتها, فكانت كلها ألسنة ناطقة لما استطاع أن يوفي شكر أقل نعمة من هذه النعم, فإذا كيف يكمن لهذا الإنسان أن يوفي شكر هذه النعم التي يصبح في خضمها قبل أن تخرج
إلى عالم الشهود, بل منذ الإنسان الأول أن يتدرج في نعم الله سبحانه وتعالى؛ لأن التطور خلقه من خلق إلى خلق, وإنتقاله من صلب إلى صلب ثم إلى الأرحام أيضا كل ذلك مما يضاعف بنعمته, فإذا الله هو أولى بأن تملئ محبته جميع قلوب العباد, وهو أولى بأن يشغل الإنسان نفسه بطاعته, إن الإنسان بطبعه إن حب أحد فإنه يسارع في هواه يسارع في طاعته, وإذا كان هذا من شأنه يسارع في هوى المحبوب من خلق الله فإنه أحق وأحرى بأن يسارع في طاعته لله سبحانه وتعالى, ويسخر الحياة كلها هذه محبة الإنسان لله, فعندما تتحقق هذه المحبة لا حرج أنه يكون مشتاقا إلى الله سبحانه وتعالى, وإن كانت تعترضه عوارض من خوفه من المصير وهذا الخوف من المصير من عالم الإيمان؛ لأن المؤمن دائما خائف, ولا يمكن أن يزدجر إلا بخوفه فالله سبحانه وتعالى يقول( سيذكر من يخشى) ويقول سبحانه وتعالى (فذكر بالقران من يخاف وعيد) وقال عز من قائل (إنما تنذر الذين يخشون ربهم) فإذا الخشية من الله سبحانه وتعالى هي من معالم الإيمان, ومن دلائل الاستقامة.

س/ لا شك أن المهتمين بالعبودية والعبادة لله يحاولون معرفة أفضل العبادات والقربات التي تختصر المسافات لينيل رضى الله, بعضهم يركز على الأعمال المحققة في الخشوع والسكينة والأنس بالله كقيام الليل وحج النافلة لقوله تعالى في وصف بعض مقربيه (وكان لنا خاشعين) وقوله (إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار), والبعض الأخر يرى أفضل الأعمال ما كان نفعه متعدي لاسيما الإنفاق التي تواترت وتكاثرت فيه الآيات بفضله كقوله تعالى (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة) فما رؤية شيخنا بالموضوع؟

جـ/ من المعلوم أن الإسلام كل لا يتجزى فلا يمكن أن يبعض بحيث يؤخذ ببعض ويشرك بعضه, هناك على كل حال ميادين واسعة للعمل, ولكن على الإنسان أن يرعى توفيت الحقوق فالله سبحانه وتعالى حقه لابد من أن يوفى والعباد حقوق هذه العباد أن تتوفى ومن خلال توفيت هذه الحقوق يوفى حق الله فإن الإنسان إلا لم يوفي العباد حقوقهم لاريب أنه يكون بعيدا عن الله, وخير الناس أنفعهم للناس, والعباد إنما هم عيال الله, والإنسان عيال الله وخيرهم أنفعهم لعياله فكل ما كان الإنسان أكثر جدوى وأكثر نفعا لكن هذا لا يعني أن يكون غير خاشعا لله ولا يعني أن يكون غافلا عن ذكر الله لابد من أن يجمع الخصال التي وعد بها الله سبحانه وتعالى عليها الخير, الله تعالى يقول( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما).
وقال( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون)
جمع الله بين الخشية من الله بحيث توجل قلوبهم بهيبة الله تعالى, وبين الإنفاق بين عباد الله, ويقول الله سبحانه وتعالى أيضا بعد ما وعد المؤمنين بأنه اشترى أنفسهم وأموالهم في جهادهم في سبيل الله, بيّن هذا في قوله( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الله بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)
وصف هذا هؤلاء المؤمنين بقوله (التائيبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود وبشر المؤمنين)
هذه تسع خصال لابد من أن يستجمعها الإنسان كما جاء عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أن هذه التسع الخصال لا تتحقق الشهادة لهذا الإنسان إلا بها, لابد أن يستجمع, فإذا هذه الأمور تعني أن يكون الإنسان حريصا على ذكر الله حريصا على طاعة الله حريصا على تذكير نفسه بحق الله وتذكير نفسه أيضا بالمعاد, ومع ذلك يحرص على نفع عباد الله ليكسب رضى الله تعالى فهكذا يجب على الإنسان أن لا يشتغل بجانب على حساب جانب آخر.

سـ/ سؤال آخر سماحة الشيخ: هل صحيح أن العبادة ما شرعت إلا تزكية النفس وتقوية أخلاقها وتطهيرها من أدرانها, إذا لماذا عصى الشيطان الله تعالى عندما أمره بالسجود رغم السنوات الطويلة التي قضاها في عبادة الله تعالى ألم تزكيه؟

جـ/ العبادة تؤدي إلى تقوى الله, وهذا ما نصت عليه نصوص القران الكريم فالله سبحانه وتعالى قال (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) هذه لعل وإن اختلف فيها المفسرون على خمسة أقوال, وذهبوا بها مذاهب شتى, وتناقشوا فيما بينهم إلا أننا نرجح قول شيخ المفسرين ابن جرير الطبري, وقول الكثير من أئمة العربية, هو أن لعل هنا ليست لترج؛ لأن الله سبحانه وتعالى منزه عن ذلك, وإنما هي للتعليل لعلكم تتقون أي لتتقوا وشاهد ذلك من كلام العرب قول الشاعر:
وقلتم لنا كفوا الحروب لعلنا نكف
وثقتم لنا كل موثق
فلما كففنا الحرب كانت عهودكم
كلمع سراب في الملآى متعلق
وقوله وثقتم لنا كل موثقِ دليل على أن لعل ليست لترج فحسب, وإنما هي أي لمثل هذا الموقف للتعليل, وقوله لعلنا نكف بمعنى لنكف.
فإذا تؤدي العبادات إلى تقوى الله سبحانه وتعالى فصل هذا في ذكره للعبادات وقد قال في الصلاة (وأقم الصلاة لذكر) وقال (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) إلى غير ذلك مما ورد في ذكر خصائص الصلاة, وما تؤدي إليه هذه الصلاة من تزكية النفس كقول الله تعالى (إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون), ومثل ذلك قوله (أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون). الأصل لسياق أن يقول لهم: "فويل لهم" لكن عدل عن ذكر المضمر إلى ذكر المظهر, وكان هذا المضمر ساهون لأجل التنبيه على أن السهو في الصلاة هو الذي يؤدي إلى هذا كله.
على أي حال هذه آثار العبادة والله تعالى يقول فالصيام (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) والزكاة قال فيها (خذ من أموالهم صدقة تطهيرهم وتزكيهم بها) والحج ذكره مقرونا بالتقوى كثيرا كما في قوله تعالى (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب)
فالتقوى هي التي يجنيها الإنسان من خلال العبادات التي يؤديها فهي على أي حال تؤدي إلى تزكية النفس؛ لأن الإنسان إنما يتزكى بتقوى الله فالله سبحانه وتعالى يقول (ونفس وما سواها فألهما فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها), وقد أفلح من زكاها بالتقوى, وخاب من دساها بالفجور.
والتقوى بمعنى "البِّر"؛ لأن الفجور يقابله البر, وقد بين الله سبحانه وتعالى بأن التقوى بمعنى البر في قوله (ولكن البر من اتقى), وفي قوله (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيّن وأتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وأتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون)
هذا مما يدل على أن بمعنى البر؛ فإذاً يفلح الإنسان إن زكى نفسه بالبر ويخيب إن دساها بالفجور.
العبادات تؤدي إلى تزكية النفس, ولكن هذه العبادات متى تؤدي إلى تزكية النفس؟
إنما تؤديها عداها الإنسان بإخلاص, والشيطان ما كان يعديها بإخلاص, وإنما كان مرائيا, فلذلك أضله الله سبحانه وتعالى وبعد عن منهج الحق, وتكشف ما كان في خفايا نفسه, ومن أول الأمر كان حاسدا لأب البشر, فلذلك خسر خسرانا مبيناً.

سـ/ في قوله تعالى ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزءا ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا)
لماذا ذكر الخوف هنا مع أن العمل المقدم يبعث على الطمع في الجزاء الحسن ماذا يفهم المسلم هذا عندما يقوم بمثل هذه الأعمال؟

جـ/ المسلم يخاف الله تعالى, وهو يعمل البر ويسارع إلى الطاعة لا يكون برهُ وصلاحه وتقواه سببا لأمنه مكر الله ودائما يخشى الله ويخشى العواقب إذ لا يعلم بالسابقة التي هي في علم الله كما لا يعلم في الخاتمة التي تختم له فلذلك يبقى دائما وجلا, وهذا ما نجده في القرآن عندما قال الله تعالى (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة) فهم يتقربون إلى الله بإتاء ما آتوا من البر والإحسان على الناس, ولكن قلوبهم مع ذلك وجلة لأنهم يرجؤن إلى الله ولا يدرون ما في علم الله تعالى من عاقبة أمرهم ولا يدرون ما الذي ستأتي به الخاتمات فلذلك هم دائما يخشون الله سبحانه وتعالى ويراقبونه, والخوف من الله سبحانه وتعالى سور للأعمال الصالحة, إن لم يخف الإنسان إندفع وارء رغبات النفس, من الذي يأمن إن لم يكن خائفا وجلا من الله سبحانه وتعالى أن تجره نفسه إلى أن ترعى في المراعي والبيئة التي تنقلب عليه بالشر والسوء, من الذي يأمن أن تدفع هذه النفس وراء تياراتها حتى تقع في هلكاتها, إنما الخشية من الله هي التي تحجز الإنسان عن التردي في المهلكات, ورجاء الله هي التي تدفعه فعل الطاعات, فلذلك على الإنسان أن يوازن بين الخوف والرجاء, وزن صالح الأعمال بالخوف والرجاء, هما جنة للصالحات وسوره, وبالعدل وبالإحسان قم واستقم كما أمرت,
وبادر فالمعاش قصير وراقب وصايا الله سرا وجهرة
ففي كل نفس غفلة وفتور تعرض لتوفيق الإله بحبه
ودع ما سواه فالجميع قشور.

سـ/ كيف يستطيع للإنسان أن يجمع بين العبادة لله سبحانه وتعالى بمعنى تحقيقه للجانب الروحي, وبين عمله الدنيوي وشغله؟

جـ/ العبادة هي التي الإقبال على الله بالذكر والطاعة هذه لا تستهلك جميع وقت الناس هناك أوقات يقضيها في الأعمال النافعة التي تعود بالمنفعة عليه, والتي تعود المنفعة على أسرته, والتي تعود المنفعة على أمته, وإذا ادى هذه الأعمال لأجل أن يتقرب إلى الله بتوفيّت كل ذي حقا حقه, فإنه بهذا يكون في عبادة الله سبحانه وتعالى, بل نجد أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن الإنسان يؤجر حتى ما كان يوضعه في امرأته إن جالسا بين امرأته وبينهم مداعبة وهكذا لقمة وبسبيل الداعبة ألقاها في ما بين شفتيها هذا مما يعتبر صدقة من الصدقات ومما يثاب عليه العبد, بل يثاب العبد حتى على مباشرة أهله وقضاء وطره منها, كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم "في وضع أحدكم صدقة. قالوا له: أيصبنا أحدنا شهوة فيؤجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في الحرام ألم يكن يوزر؟ قالوا: بلى, قال كذلك إن وضعها في الحلال يؤجر.
فالعبادة لا تعني أن يقطع الإنسان نفسه عن العمل الدنيوي, وأن يقطع نفسه عن متع الحياة كلها, هذه المتع عندما يباشرها على أنه يستشعر نعمة الله عليه, ويباشرها من أجل كفكفت نفسه عن الحرام تعدوا قربات وعبادات لله تعالى.

سـ/ يفتح الله للناس من فتوح العلم فيخترعون ويكتشفون, ويخلق لهم من مثل الفلك ما يركبون, هل ينظر المسلم إلى هذا الذي حصل الإنسان من فنوحات مختلفة في شتى مجالات الحياة علىأنه نوع من الاستخلاف والتعمير حتى لو حصل من غيرهم, أم هو نوع من تقلب الذين كفروا في البلاد, وبالتالي فإن الاشتغلال بهذه الأمور منافي للعبودية؟

جـ/ الأصل أن البشر جميعا مستخلفون في الأرض (والذي جعلكم خلائف في الأرض ورفع فوق بعض درجات ليبلوكم فيما أتاكم) كل البشر إنما هم مستخلفون سواء البررة منهم والفجرة, وسواء منهم المؤمنون والكفرة, يعني الكل مستخلف, والكل ينظر الله تعالى فيما يصنع في هذا الاستخلاف ليتحقق الله علمي بكل شيء, لكن ليتحقق بظفور هذا الذي هو في علم الله للناس ليثبت للناس فالله سبحانه وتعالى يبتلي من شاء بما شاء جعل مظاهر الإستخلاف بلاء, ليبلوى الناس فيما أتاهم وهو سبحانه كما قال (سريع العقاب وإنه لغفور رحيم)
يعاقب المجرمين ويغفر ويرحم البررة المتقين, كل ما يتقلب به الإنسان من مظاهر تكريم الله تعالى للجنس البشري هو من مظاهر الإستخلاف في الأرض والتمكين فيها, وهذه الأطوار التي مرت بالجنس البشري, أو مرَّ بها الجنس البشري حتى وصل هذا الجنس لما وصل إليه هي أيضا من مظاهر هذا الإستخلاف والتمكين.

سـ/ الوقت المفضل لقيام الليل, هل في الثلث الأول؟
جـ/ قيام الليل هو في منطلق الليل في أوله, أو في أوسطه, أو في آخره, ولكن الأفضل هو القيام في آخر الليل في الثلث الأخير من الليل.

سـ/ الذي يؤدي ركعتين عند دخوله المسجد, ولم يبقى من الوقت سوى القليل, وأن ذلك سيؤدي إلى أن يتعدى الوقت المحدد؟
جـ/ أما إذا كان سيعطل الصلاة ويأخرها إلى ميقاتها, ويؤثر ذلك على الناس فلا ينبغي ذلك, بل في هذه الحالة يقتصر على التسبيح.

سـ/ جناح الذل من الرحمة ما هو؟
جـ/ المقصود جناح الذل الرحمة منتهى الخضوع, فإن الكلام العربي فيه الحقيقة وفيه المجاز وفية الصريح وفيه الكناية, وهذه العبارة كناية عن التواضع والتذلل أمام الوالد, وأقصدُ بالوالد "الأب والأم"

سـ/ هل يشترط الخشوع في كل العبادات كالأذكار والأستغفار, فكثير منا ما يرددها, وقد يكون قلبه مشغول الفكر؟
جـ/ لا ينبغي للإنسان أن يشتغل قلبه عن ذكر الله, فذكر اللسان إنما هو وسيلة لذكر القلب.

سـ/ عندما أخشع في الصلاة أحس أنني أمام الله فأتخيل شيء أمامي, هل يصح ذلك؟
جـ/ أما أن يتخيل صورة فلا, وإنما عليه أن يتصور بأن الله سبحانه وتعالى محيط به لا يعزب عنه, عليه أن يكون كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في وصف الإحسان "أن تعبد الله كأنك تراه فإلم تكن تراه فإنه يراك"

jtvdyL pgrm hguf,]dm ggi juhgn schg Hig hg`;v Hli lil hg`;v hguf,]dm juhgn jtvdy or pgrm schg





توقيع :

"يدركه من كد فيه نفسه حياته ثم أطال درسه"


"مزاحما أهل العلوم بالركب وطالبا لنيله كل الطلب"



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



التعديل الأخير تم بواسطة نجل النهروان ; 08-26-2013 الساعة 02:03 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أمه , مهم , الذكر , العبودية , تعالى , تفريغ or , حلقة , سؤال


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تفسير سورة البقرة ص6(القرطبي) الامير المجهول علوم القرآن الكريم 1 08-23-2011 11:38 PM
الجزء السادس-فتاوى أصول الدين عابر الفيافي جوابات الإمام السالمي 2 03-23-2011 07:01 PM
تفسير سورة النساء ص9(القرطبي) الامير المجهول علوم القرآن الكريم 0 01-24-2011 08:12 PM
تفسير سورة البقرة ص 35(القرطبي) الامير المجهول علوم القرآن الكريم 0 01-06-2011 05:31 AM
تفسير سورة البقرة ص5(القرطبي) الامير المجهول علوم القرآن الكريم 0 01-01-2011 08:00 PM


الساعة الآن 12:08 AM.