سؤال أهل الذكر 30 من جمادى الأولى 1425هـ ، 18/7/2004م-- الموضوع : الوحدة الاسلامية - منتديات نور الاستقامة
  التعليمـــات   قائمة الأعضاء   التقويم   البحث   مشاركات اليوم   اجعل كافة الأقسام مقروءة
أخواني وأخواتي..ننبه وبشدة ضرورة عدم وضع أية صور نسائية أو مخلة بالآداب أو مخالفة للدين الإسلامي الحنيف,,,ولا أية مواضيع أو ملفات تحتوي على ملفات موسيقية أو أغاني أو ماشابهها.وننوه أيضاَ على أن الرسائل الخاصة مراقبة,فأي مراسلات بين الأعضاء بغرض فاسد سيتم حظر أصحابها,.ويرجى التعاون.وشكراً تنبيه هام


** " ( فعاليات المنتدى ) " **

حملة نور الاستقامة

حلقات سؤال أهل الذكر

مجلة مقتطفات

درس قريات المركزي

مجلات نور الاستقامة



الإهداءات


العودة   منتديات نور الاستقامة > الــنـــور الإسلامي > نور الفتاوى الإسلامية > حلقات سؤال أهل الذكر

حلقات سؤال أهل الذكر حلقات سؤال أهل الذكر,فتاوى الشيخ أحمد بن حمد الخليلي,فتاوى الشيخ سعيد بن مبروك لقنوبي,حلقات سؤال أهل الذكر كتابية مفرغة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
Post  سؤال أهل الذكر 30 من جمادى الأولى 1425هـ ، 18/7/2004م-- الموضوع : الوحدة الاسلامية
كُتبَ بتاريخ: [ 02-19-2011 ]
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية جنون
 
::مـشـرفـة::
::نـور الـصـحـة والعناية::


جنون غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : مكان ما
عدد المشاركات : 1,947
عدد النقاط : 154
قوة التقييم : جنون له تميز مدهش وملحوظ جنون له تميز مدهش وملحوظ


سؤالأهل الذكر 30 من جمادى الأولى 1425هـ ، 18/7/2004م

الموضوع : الوحدة الاسلامية


السؤال(1)

لماذا يختلفالمسلمون وهم يقدمون للعالم أرقى القواعد في فقه الاختلاف ؟ هل هناك نواح أخرىتتدخل في مسائلهم ؟

الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد للهرب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أمابعد :

فإن الله تبارك وتعالى من فضله على عباده لم يتركهم لأهوائهم ونزعاتهمونزغاتهم ، بل أرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيعن بينة .

وقد أتم الله سبحانه وتعالى عليهم نعمته وأكمل لهم الدين بأن بعث فيهمعبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلّم ، الذي جاء إلى هذاالوجود والناس متفرقةمسالكهم ، متنوعة نزعاتهم ونزغاتهم ، متباينة أهوائهم ورغباتهم ، كل يدعي أنه علىالصواب ، فجمع النبي صلى الله عليه وسلّم بأمر الله هذا الشتات ، وألف الله تعالىبه بين هذه القلوب المتنافرة ، وجمع به بين هذه الفئات المتدابرة ، فإذا بالشقاقوفاق ، وإذا بالنزاع وئام ، وإذا بالاختلاف ائتلاف ، جمع الله تبارك وتعالى به بينالذين ورثوا العداوات وورثوها أولادهم ، فظلوا يتطاحنون في حروب دامية أكلت الأخضرواليابس وأتت على الطارف والتليد وأهلكت الحرث والنسل ، فإذا بهؤلاء يتفقون جميعاًفي ظل العبودية لله تعالى .
والله سبحانه يذّكر هؤلاء العباد النعمة العظيمةالتي أسبغها عليهم بأن أخرجهم من الظلمات إلى النور ومن الشقاق إلى الوفاق ومنالاختلاف إلى الائتلاف ومن التدابر إلى الاجتماع والتعاون فيما بينهم يقول سبحانه ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَقُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَاحُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْآَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (آل عمران : من الآية103) .

وقد قبض اللهتعالى عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلّم بعدما كانت هذه النعمة نعمة سابغةعلى هذه الأمة شاملة لجميع أفرادها إذ تآلفت قلوبهم برباط الإيمان الذي يوحد ولايشتت ويجمع ولا يفرق ، ثم بعد ذلك ولي الأمر خلفاؤه الراشدون رضي الله تعالى عنهموهم الذين ساروا على نهجه واتبعوا هديه إلى أن لقوا الله تبارك وتعالى .

ثم تحولالأمر إلى سياسة غاشمة كانت تتبنى توجهاتها حسب أهواء الأفراد الذين تربعوا على سدةالحكم ، فكان الأمر بخلاف ذلك ، إذ أخذت العرى تنقض عروة عروة ووقع الخلاف ، وكل منكان في ركب تلك السياسة كان مرضياً عنه وكان معدوداً من الصالحين وكان معدوداً منالموافقين ، ومن كان بخلاف ذلك كان أمره خلافه .

ونجد البون الشاسع والفرقةالبعيدة والشقة المتنائية ما بين الوضع في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم والوضعفي تلكم السياسة التي قامت من بعد ، ففي عهد الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهميقول أحد الخلفاء على مسمع ومرأى من الناس ( أيها الناس إذا رأيتم فيّ اعوجاجاًفقوموني ) فيقوم له أحد من عامة الناس ويقول له : والله لو رأينا فيك اعوجاجاًلقومناه بسيوفنا . فما يكون منه إلا أن يحمد الله على أن جعل في أمة محمد صلى اللهعليه وسلّم من يقوم اعوجاجه بسيفه .

بينما الأمر بعد ذلك وصل إلى أن يقول أحدالذين تربعوا على دست ما يسمى بالخلافة يقول ( أيها الناس لست بالإمام الضعيف ولابالإمام المداهن ولكن لن يقول لي أحدكم اتق الله حتى يكون السيف أسرع إلى عنقه منقوله إلى سمعه ) . ومع ذلك قيل بأن هذا الذي ولي الأمر بالقوة والجبروت هو على حكمالله سبحانه وتعالى ، وأنه أصبح حاكماً بأمر الله وأصبحت طاعته واجبة على الرعية .

هكذا انقلبت الموازين رأساً على عقب . فبسبب هذا حصل الاختلاف وحصل التفرق ،فمن الناس من سلك في معارضة ما كان قائماً مسلكاً معتدلاً ، لم يخرج به إلى الشططوالانحراف ، بل ظل مع هذا كله يحافظ دائماً على مثل الإسلام وأخلاق الإسلام وقيمالإسلام وتعاليم الإسلام .

ومن الناس من أثّرت فيه الأحداث القائمة ردة فعل أدتبه إلى الشطط والبعد عن المنهج السوي والغلو والإفراط . فهذا هو الذي أدى بالناسإلى التفرق والاختلاف بطبيعة الحال .

فمهما يكن من أمر فإن تلك الأحداث التيجاءت بعد عهد الرسالة وعهد الخلافة الراشدة هي التي أدت إلى ما أدت إليه وهي التيأوجدت هذا الاختلاف بين الأمة .

ولكن تلك أحداث انقضت عصورها ، تلك أحداث لاينبغي أن تلاك بالألسن وإن كان كثير من الناس الآن يحرص على السير في ذلكم الاتجاهالذي قلب الموازين رأساً على عقب بحيث جعل المحق مبطلاً والمبطل محقا ، كثير منالألسن تلوك ذلك .

ولكن نحن نرى أن طي تلك الصفحة وإصلاح الأمة وبنائها على أسسمن الفكر السليم ومن السلوك المستقيم على هدي القرآن الكريم والثابت الصحيح من سنةالرسول صلى الله عليه وسلّم هو الذي سيؤدي بالأمة إلى الوفاق والتآلف من جديدبمشيئة الله ، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها .

فالأمة بحاجة إلىصياغة تكون امتداداً لتلك الصياغة التي كانت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلّم ثمفي عهد خلفائه الراشدين ، والله تعالى الموفق .


السؤال(2)
من خلال كلامكم رأيتم أن الخلاف هذا كان بسبب تأثير سياسيعندما غاب النصح عن أولئك الذين تربعوا على عروشهم ، لكن لماذا استجاب العلماء لهذاالاتجاه وبدأت هناك تصنيفات ومذاهب متفرقة وفهم الموضوع على أنه قضية علماء ومذاهبلا دخل له في الأمور السياسية ؟

الجواب :
على كل حال ينبغي أننفرق بين اختلاف المذاهب في القضايا الفقهية القضايا الفرعية التي لا تشتت الأمةولا توزعها ، هذه لا نعد الاختلاف فيها بلاءً ونقمة ، وإنما نعد الاختلاف فيها رحمةونعمة .

أما الاختلاف الذي يؤدي إلى التفرق والتنابز بالألقاب وقذف كل طائفةأخرى بما تقذفها به ومحاولة وصفها بالأوصاف البعيدة عن الحق هذا هو الذي يعاب وهوالذي لا يقر أبدا .


السؤال(3(
أنتم رأيتم أن الاختلاف فيبعض الأحيان يكون رحمة فكيف تكون الموازنة في هذه الحالة بين الانتماء المذهبي وبينالدعوة إلى الوحدة الإسلامية ، هل تعني الدعوة إلى الوحدة الإسلامية أن يتخلىالإنسان عن طريقته التي سلكها وعن مذهبه الذي اقتنع بقواعده ؟

الجواب :
ليست هنالك دعوة إلى أن يتخلى أحد عن مذهبه ، إلى أن يتخلى عن قناعاته ، ولكنهناك دعوة إلى أن يكون هذا الاختلاف اختلاف تكامل لا اختلاف تنافر ، أن يكون بينالأمة تكامل ، أن يكون بين الأمة وفاق ، أن يكون بين الأمة تراحم ، أن يكون بينالأمة تلاحم ، هذا الذي يدعى إليه .


السؤال(4)
هلتلاحظون أن هناك تحميل للأجيال الجديدة ما كتبه الأقدمون ؟

الجواب :
لا ريب أنه يجب أن يوضع كل شيء على المحك الصحيح الذي يفرق ويباين بين ما هوصحيح وبين ما هو زائف .
لا بد من أن تكون هنالك معايير يوزن بها كل ما قيل وكلما كتب ، سواءً ما كتبه الأقدمون أو ما كتبه من جاء من بعدهم ، إذ ليست هذهالكتابات وحياً يوحى ، إنما كانت بإيحاء من مواقف معينة ، من سياسات معينة ، منأغراض معينة هي التي أدت بالأمة إلى هذا التفرق وهذا الاختلاف والتشرذم .


السؤال(5)
في واقع المسلمين الآن يلاحظ أنهم سمحوا لوسائل الإعلام أنتصنفهم إلى فرق بمسميات مختلفة ، لا تكاد تحدث في بلد إسلامي مشكلة إلا سارعت وسائلالإعلام إلى تصنيفهم ، هذه التصنيفات عندما يسمعها المسلم تترسخ في نفسه وعندمايسمعها غير المسلم يتوهم الفرق الكبير ، السماح لوسائل الإعلام بهذه الكيفية ماقولكم فيها ؟


الجواب :
إن الله تبارك وتعالى أدبنا بأدب الإسلام ،ومن هذا الأدب أنه نهانا عن الكثير من الأمور ، نهانا عن السخرية ، ونهانا عنالتنابز بالألقاب ، ونهانا عن إساءة الظنون ، ونهانا عن الاغتياب ، كل ذلك من أجلأن تكون هنالك وحدة متكاملة بين الأمة .
الله سبحانه وتعالى يقول ( يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آَمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًامِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلاتَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُبَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَالظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّأَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوااللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّاخَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَلِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَعَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (الحجرات : 11-13) ، هذه الآيات لو نحن عملنا بها وتأدبنا بأدبهاوتخلقنا بأخلاقها لكانت هذه الآيات كفيلة لأن تقضي على عنصر الخلاف بين الأمة ، وأنتوحد هذا الشتات ، وأن ترأب هذا الصدع ، وأن تأتي على هذا الشقاق والاختلاف ما بينالأمة ، فإن الله تبارك وتعالى ينهى هذه الأمة أن يسخر بعضها من بعض ، ومن هذهالسخرية ما يكون من وصف هذه الطائفة بأنها كذا ووصف تلك الطائفة بأنها كذا ، وخلعالألقاب المستهجنة على الأمة الإسلامية وعلى جماعاتها ، بحيث يكون ما بين هذهالجماعات شبه حرب إعلامية هذه تصف تلك بما تصفها به ، وتلك تصف هذه بما تصفها به ،هذا مما لا يجوز شرعا .
كذلك الله تبارك وتعالى ينهانا عن اللمز ، وعندما نهاناعن اللمز لم يقل ( ولا يلمز بعضكم بعضا ) ، بل قال ( وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ) ، ومعنى ذلك أن هذا اللمز عندما يصدر من أحد فإنما واقع على نفسه ولو كان هو فيحق أخيه ، إذ بلمزه أخيه إنما يلمز نفسه ، فهو يطعن نفسه بما يطعنها به من القولالبذيء والوصف القبيح .
كذلك ينهانا الله تبارك وتعالى عن التنابز بالألقاب ، أيالألقاب الشائنة القبيحة التي ينبز بها بعض بعضا ، هذا مما نهانا الله تعالى عنههنا .
ثم مع ذلك ينهانا الله تبارك وتعالى عن الظن ، يأمرنا باجتناب الكثير منالظن لأن بعض الظن إثم ، أي الظن الذي يحالف الحق هو إثم .

وينهانا عن التجسسمطلقاً ، ولم يقيد ذلك بالتجسس على مسلم ولا غيره لأن العورات يجب أن تستر .

ثمينهانا الله تبارك وتعالى عن أن يغتب بعضنا بعضا ، ويمثل هذه الغيبة في صورة منينهش لحم أخيه وهو ميت .

ثم يتبع ذلك سبحانه وتعالى بيان أن الناس جميعاً مهمااختلفت ألسنتهم وألوانهم وعناصرهم وأصولهم النسبية هم يرجعون إلى أصل واحد ، يرجعونإلى أب واحد ، ويرجعون إلى أم واحدة ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْمِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّأَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) ، فلا عبرة بالأحساب والأنساب ، وإنماالعبرة بالتقوى ، فالتقوى هي ميزان التفاضل ، لا فضل لهذا على ذاك بسبب عنصره وأصله، ليس أحد من الناس ينتسب إلى الله تبارك وتعالى ، إذ الله عز وجل منزه عن أن يكونولد ، وهو سبحانه وتعالى ليس له جنس -تعالى الله عن ذلك - ، فليس بينه وبين أحد منخلق الله نسب ، وليس بينه وبين أحد من خلق الله سبب إلا ما يكون من التقوى ، إنماالسبب الذي يصل العباد بالله تقوى الله .

فعندما يكون الإنسان مستمسكاً بحبلالتقوى يكون موصولاً بالله ، وعندما يكون مفرطاً في الاستمساك بحبل التقوى يكونبعيداً عن الله ، فلذلك كانت منازل الناس متفاوتة بقدر استمساكهم بهذا الحبل المتين .


السؤال(6)
هل توجهون الآن من خلال هذا البرنامج دعوة لوسائل الإعلامالإسلامية التي تملك زمام نفسها أن تتجنب هذه الألقاب في المرحلة القادمة؟

الجواب :
نعم لا بد من ذلك ، نحن نرى كيف أدبنا القرآن ، اللهتبارك وتعالى عندما يخاطب هذه الأمة يقول ( يا أيها الذين آمنوا ) ، هذا الخطابالذي يخاطب به المؤمنين ، لم يخاطب الله تبارك وتعالى المؤمنين إلا بهذا الخطاب ،وعندما يخاطبهم مع غيرهم من الأمم الأخرى يقول ( يا أيها الناس) .
الله تعالىلم يخاطب ناساً في القرآن الكريم بعبارة بذيئة أو بعبارة تؤدي إلى شيء من الحرج فيالنفس ، وإنما عندما يخاطب حتى الكفرة يقول لهم ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوارَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ( الحج : 1) ، ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍوَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً( النساء : من الآية 1) ، ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْوَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( البقرة : 21) ، هكذا يخاطبالله سبحانه وتعالى جميع طوائف العباد بقوله ( يا أيها الناس ) ، ولا يخاطبهمخطاباً فيه شيء من اللمز والطعن أو نحو ذلك ، فهكذا ينبغي .

هذا الأدب الذي أدبالله تبارك وتعالى هذه الأمة ، فعلى هذه الأمة أن تدرك ذلك .


السؤال(7)
في عالم تتسابق فيه الدول المختلفة إلى الاجتماع وتوحيدالكلمة ، وتتعدى ذلك إلى توحيد عملتها وهي رمز الاقتصاد ، تركض إلى المسلم أينماكان أسئلة مختلفة لماذا لا يتم ذلك بين المسلمين ؟
لم يكن لدى تلك الشعوب نصوصربانية تسوقها إلى الوحدة ، وليس بينها وبعضها قواسم مشتركة وروابط عرقية أو دينيةأو لغوية ، وصفحات معظمها مصبوغة بالحروب الطاحنة بينها وبين إخوتها ، لكنها ما إنسمعت صوت المؤذن بالتجمع والاتحاد حتى أصغت إليه باهتمام وتنادت في المشارقوالمغارب أن هلموا فاجتماعنا على قولنا مرجوح خير من تفرقنا على قول راجح .
والمسلمون واأسفاه يمتلكون المقومات اللازمة لهذه الوحدة ، ويضمون إلى ذلكرصيداً ضخماً من القواسم والروابط المشتركة ، وفوق هذا وذاك مأمورون شرعاً بهذاالاتحاد ، لكنها لا تزال كلمات تزحم الأوراق ، ومجاملات تخرج من جيب التقية أحياناًومن ملفات تحسين الصورة أحياناً أخرى .
فما هو العلاج ، وما هو الحل؟


الجواب :
حقيقة الأمر لا ريب أن الأمم التي أخذت تتجمع وتتحدأدركت مصالحها ، وأدركت أن الفرقة عذاب وأن الوحدة رحمة ، وأن الفرقة ضعف وأنالوحدة قوة ، وأن الفرقة تعب وأن الوحدة راحة ، فلذلك سارعت إلى ما فيه مصلحتها ،بينما أمة الإسلام قبل أن تكون الوحدة عندها استجابة لمصالحها هي استجابة لداعيالله تبارك وتعالى ، فإن الله سبحانه وتعالى فرض عليها الوحدة ، يقول الله سبحانهوتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاتَمُوتُنَّ إلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاًوَلا تَفَرَّقُوا )( آل عمران :101-102 ) ويحذر الله عباده من التفرق والاختلافعندما يقول عز من قائل (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْبَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ( آل عمران105) ، والله سبحانه يبين الفرقة تؤدي إلى الضعف والتشتت ، وتؤدي إلى انهيارالقوة فيقول سبحانه وتعالى (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ )( الأنفال : من الآية 46) .

وهكذا نجد دعوة القرآن دعوة تدوي في هذا الوجودداعية هذه الأمة إلى الاتحاد والتآلف .
وقبل كل شيء فإن الله تعالى يثبت لنا فيكتابه أن هذه الأمة أمة التوحيد أمة واحدة ( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةًوَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) (الأنبياء : 92) ، ويقول تعالى ( وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ) ( المؤمنون : 52) .

فهذه الأمة إنما تجتمع وتتآلف في ظلال العبودية لله ، وفي ظلالتقوى الله ، لأن عبادة الله تعالى هي جامعة هي جامعة غير مفرقة .
كل عبادة منالعبادات المشروعة في الإسلام تنتزع من صدور العباد السخائم والأحقاد ، وتفيض فيهاشعوراً بواجب الوحدة الإيمانية الرابطة ما بين عباد الله تعالى المؤمنين .

كلعبادة من العبادات تحطم الحواجز ما بين العابدين ، وتقضي على أسباب الفرقةوالاختلاف بينهم ليترفعوا فوق أهوائهم ونزعاتهم ونزغاتهم متوجهين إلى الله تعالىالمعبود الواحد الذي فرض بينهم هذه العبادة وفرض عليهم عبوديتهم له .
فإذاًالإسلام هو داعٍ إلى هذه الوحدة .
ومع ذلك نحن نجد أن دواعي الاتحاد بين الأمةكثيرة ، فقبل كل شيء الرب المعبود واحد ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَإِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )( البقرة: 163) ، فما دام المعبود هو الله تعالىفإذاً هذا وحده من دواعي الائتلاف .
كذلك بجانب هذا كيفية العبادة ، لأن الصلواتالتي تؤديها الأمة هي التي نفس الصلوات التي اتفقت عليها جميع طوائفها .
فما منقائل بأن هناك أربع صلوات أو صلاتان أو ثلاث أو ست أو عشر ، وإنما الكل يقطع بأنالفروض التي تتكرر في اليوم والليلة هي خمسة وليست أكثر من ذلك ولا أقل .
كذلكهذه الأمة متفقة في وجوب صيام شهر رمضان ، ومتفقة في وجوب تزكية المال ، ومتفقة فيوجوب حج بيت الله الحرام وهو لقاء عام بين عباد الله تعالى المؤمنين.

كما أنهذه الأمة أيضاً قبلتها واحدة ، وكتابها الذي ترجع إليه وتعتمد عليه كتاب واحد ،ونبيها الذي تأتم به وتهتدي بهديه هو نبي واحد .
كل ذلك مما يدعو إلى الألفةوالاجتماع فإذاً ما يجمع هذه الأمة الشيء الكثير الكثير .

فالأمة لو أنها أخذتبأسباب الوحدة فما عندها من الرصيد الديني والرصيد الفكري كافٍ لأن يؤلف بينهاويجمع شتاتها .

السؤال(8)
قال الله تعالى ( وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَامِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُالْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )( المائدة : من الآية 14)هل لهذه الآية علاقة بغياب الوحدة الإسلامية ؟


الجواب :
هذه الآيةلا تعني هذه الأمة . هذه الآية لغير هذه الأمة . وبطبيعة الحال حصلت ما بين أولئكمجازر وحروب طاحنة بسبب الاختلاف في بعض الأشياء التي لا تمس الحقيقة ولا تدانيالحقيقة . اختلفت طائفتان من النصارى الملكانية والمنفوسية في طبيعة المسيح ، هلطبيعة المسيح طبيعة لاهوتية محضة ، أو طبيعة مزدوجة تجمع ما بين اللاهوتيةوالناسوتية وأدى هذا إلى حروب طاحنة ما بين الجانبين .


السؤال(9)
أنتم ذكرتم في محاضرة من محاضراتكم أن الوحدة العربية تمتلكمن المقومات ما لا تمتلكه الأمة الإسلامية من غير العربية ، فما هي هذه المقومات؟


الجواب:
العرب إن استقاموا واستمسكوا بحبل الله تعالى المتينواتبعوا نوره المبين هم محط أنظار الأمة الإسلامية بأسرها من أقصاها إلى أقصاها ،لأن الله تعالى أكرم العرب بأن بعث فيهم عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلّم ،وهو منهم أي من جنسهم لأنه ينحدر من أصولهم ، وهو أيضاً مبعوث بلسانهم ، بعثه اللهتعالى بلسانهم ، فجاء القرآن الكريم الكتاب المعجز بهذا اللسان عربي مبين ، فكانذلك داعياً إلى توقير العرب وتقديرهم .
ولا ريب أن اللسان رابط ، فاللغة رباط مابين الناس كما أن الفكر رباط ، وهذا ما وجدنا المستعمرين قد أدركوه ، فإن المستعمرفي أي بلد يستعمره يحرص أن يفرض على أهل البلد لغته بحيث تكون تلك اللغة هي لغةالثقافة لتكون جسراً تعبر أفكاره عليه إلى تلك الأمة .
فإذاً لغة القرآن لغةرابطة ، وبما أن العرب يتقنون هذه اللغة هم لا ريب قادرون على فهم القرآن أكثر منغيرهم ، وقادرون على التوصل إلى أحاديث الرسول عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاةوالسلام أكثر من غيرهم ، فهناك ما يدعو هؤلاء إلى أن يكونوا أكثر تآلفاً وأكثرتقارباً وأكثر تراحماً وأكثر تلاحماً ، وهذا لا يعني أن يفصلوا الأمة الأخرى ، أنيفصلوا بقية الأمة أي الشعوب الأخرى عنهم ، بل الوحدة الإسلامية تجمع بين العربيوالأعجمي وبين الأبيض والأسود وبين القريب والبعيد ، لا عبرة بالأنساب والأحساب ،وإنما العبرة بالإيمان ، فكل كل من كان مؤمنا بالله واليوم الآخر فهو أخونا ، ولكنبما أن العرب وجدت فيهم هذه المؤهلات لقيادة الأمة فإنهم إن استمسكوا بهذه المؤهلاتوأخذوا بحجزتها كان في ذلك أثر كبير في نفوس الأمة ، والأمة بأسرها تقدرهم ، ونحننجد ذلك فيما يقوله المفكرون والكاتبون من أمة الإسلام ، الكل يقدر العرب ، والكليتمنى للعرب أن يكونوا على وحدة ووئام وعلى ألفة ، وحتى أن بعضهم قال بأن تضحيةشباب العرب هي قنطرة عودة أمجاد هذه الأمة إليها ، يعني عندما يكون العرب مستمسكينبدين الله سبحانه وتعالى فإن ذلك مما يؤدي إلى هذه الأمة أن تتماسك وأن تتعاون وأنتتآزر وأن تتناصر .
ثم مع هذا كله أيضاً العرب مكانهم مكان وسط في هذه الأمة ،يكفي أنهم جيران بيت الله تعالى الحرام ، فهم بجوار الله تبارك وتعالى ، ويكفي أنبقية بلادهم تلتف حول بيت الله تعالى الحرام هذا أيضاً مما يعطيهم مكانة ، بلادالعرب مقصودة من جميع أمة الإسلام ، هذا كله مما يقوي جانب العرب من أجل جمع شتاتهذه الأمة والتأليف فيما بينها .


السؤال(10)
مع زحمة المجامع الفقهية والمؤتمرات الإسلامية والروابطالإسلامية هل تشعرون أن علماء المسلمين لا يزالون بحاجة إلى اتحادات أخرى لتوحيدالأمة وعلمائها واجتماعها ؟

الجواب:
الأمة الإسلامية تحس من أعماقنفسها بأنها هي بحاجة إلى الوحدة ، ولا ريب أن الأزمات التي تمر بها والمحن التيتلاقيها والصعاب التي تكابدها كل ذلك مما يحدوها إلى الاتحاد ، ومما يفجر في نفسهامشاعر هذه الأمنية العظيمة ، أمنية اتحادها وتألفها وترابطها .
ونحن نحس الآنبأن الوحدة أصبحت هاجس كل مسلم .
كل مسلم يتمنى الاتحاد ، والذين هم مخلصون منفئات هذه الأمة جميعاً يحسون بالسأم من هذا التفرق ، ومن هذا الاختلاف ، ومن هذاالتنازع ، ومن هذا التشتت ومن هذا التشرذم فلذلك يطمعون في هذه الوحدة ، ويطمحونإليها ، فهذا مما يحفز الهمم .
ولكن الأمة بحاجة كما قلت سابقاً فيما يتعلقبالجانب الاقتصادي هي بحاجة إلى تخطيط سليم وإلى تنفيذ سليم ، هذا ليس خاصاًبالجانب الاقتصادي فحسب وإنما هو في جميع الجوانب ، في الجانب الاجتماعي في الجانبالثقافي والإعلامي ، في كل الجوانب الأمة الإسلامية بحاجة إلى هذين العنصرين ،بحاجة إلى تخطيط سليم وبحاجة إلى تنفيذ أمين .
فالأمة الإسلامية مقومات اتحادهاكثيرة وهي قائمة بمشيئة الله سبحانه وتعالى ، وإنما وجدت عصبيات ووجد الجهل ، وأججتالأحقاد في نفوسها عوامل مختلفة منذ قديم ، والموروثات الفكرية التي أدت بالأمة إلىالاختلاف والتنازع والتشتت تعمقت هذه المؤثرات في نفوسهم إلى أصبحت كل طائفة منهمتحرص على أن تستمسك بمواريثها ولا تحاول قط أن تعرض هذه المواريث قط على الأصولالتي يجب أن يرجع إليها وهي كتاب الله تعالى أولاً ثم الثابت الذي لا خلاف فيه منالسنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم .



السؤال(11)
ذهبتم قبل أيام إلى بريطانيا لحضور اجتماع اتحاد علماءالمسلمين ، هل ذلك الاتحاد رأيتم أنه أضاف شيئاً جديداً فوق تلك الاجتماعات أوالمؤتمرات التي كنتم تحضرونها فيما مضى ؟

الجواب :
الاجتماعبمشيئة الله تبارك وتعالى تم في ظروف ما كان يحسب فيها أن يتم مثل هذا الاجتماع ،إذ حضر من بقاع الأرض نحو مئتين يحدوهم الحب الذي في نفوسهم للألفة والوحدةوالترابط برباط العقيدة السمحة التي تجمع ولا تفرق .
والاجتماع كان نواة لخطةنرجو أن تكون بمشيئة الله سليمة ، ونرجو أن يعقبها التنفيذ الأمين . نرجو أن تكونهذه الخطة خطة سليمة ، خطة محكمة ومدروسة وتتضافر الجهود بمشيئة الله تعالى من أجلهذه الدراسة حتى تعد لاستيعاب هذه الأمة وتوحيدها وإيجاد التسامح فيما بينها بمشيئةالله سبحانه .
فهذه إضافة جديدة بجانب الجهود المبذولة فيما تقدم .


السؤال(12)
عمان في القديم والحديث ما هي إسهامات علمائها في توحيدالأمة الإسلامية ؟

الجواب :
عمان منذ أمد بعيد حرصت على الوحدة ،وحرصت على الألفة ، وحرصت على الإنصاف ، إنصاف كل أحد ، ولذلك نجد في كنف أهل عمانتعيش فئات الأمة جميعاً على اختلافها ، تعيش في كنف الوحدة والتعاون فيما بينها .
هذا ما كان معروفاً عند العمانيين سواءً هنا أو في خارج أرض عمان ، حتى أنهقبل خمس سنوات تقريباً كنت في اجتماع لافتتاح مسجد لجماعة عمانية في الجزيرةالخضراء ، وحضر في ذلك الوقت نائب الرئيس التنزاني السابق وهو الدكتور عمر علي جمعة، وألقى خطاباً على الجمهور هناك ، وكان فيما قاله في هذا الخطاب قال : ليس بينناوبين الإباضية أية مشكلة ، هؤلاء القوم كانوا حكامنا في وقت من الأوقات حكموابلادنا ، ولو شاءوا لحولونا جميعاً إلى مذهبهم ، ولكن لم يقف تسامحهم عند حد أنهميتركوننا وحرياتنا في اختيار المذهب الذي نختاره بل كانوا بجانب ذلك أيضاً يبنونالمساجد ويسلمونها إلينا ، هذا التسامح هو مثال في التسامح الذي يجب أن يحتذى ،فعلى المذاهب الأخرى أن تتعلم من هذا التسامح) .
ألقى هذا الخطاب وقاله أمامالجمهور وقد بث عبر وسائل الإعلام هناك ، وتمنيت في ذلك الوقت أن لو ترجم إلىالعربية ونشرته وسائل الإعلام هنا في عمان.
هكذا قال ، فإذاً العمانيون ضربواأروع الأمثال فيما يجب أن يكون عليه المسلمون من التسامح ، وهذا لا يرجع إلىالعمانيين فحسب بل إخوانهم من أهل شمال أفريقيا ضربوا هذه الأمثال الرائعة ، وذكرذلك في من ذكر ابن الصغير في كتابه الذي أرخ فيه لأئمة الرستميين ، ذكر بأن الأئمةالرستميين كانوا مثالاً في التسامح ، مع أنه لم يكتم ما كان يدور ويعتمل بين حنايانفسه بحيث قال ( وإن كنا للقوم مبغضين ولسيرتهم كارهين ) هكذا قال ، ويقول بأنه كانمبغضاً لهم وكارهاً لسيرتهم ، ولكن معه ذلك يصفهم بالعدل ، ويصفهم بالتسامح ،ويصفهم بأن الشعوب كانت تلقى مأمناً في كنفهم ، فكانت ( تيهرت ) عاصمتهم في وقتهممأمناً للشعوب ، ولذلك يقول كنت تجد في تيهرت الديار المختلفة ، يقال لك هذه دارفلان العراقي وهذه دار فلان الشامي وهذه دار فلان المصري ، يعني أن الشعوب كانتتأرز إلى ذلك المكان لما وجدوا فيه من التسامح .
فهكذا كانت سيرة سلفنا بمشيئةالله تعالى ، كانوا مثالاً في التسامح ، وهذا ما قالوه وما أعلنوا عنه فيما قبل هذهالفترة بكثير أي في بداية تاريخ انقسام الأمة وتفرقها ، كان أبو حمزة الشاري رحمهالله يعلن على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلّم ( الناس منا ونحن منهم إلا ثلاثة : مشركاً بالله عابد وثن ، أو كافراً ًمن أهل الكتاب ، أو إماماً جائرا) .

ولكنمع هذه الكلمات المنصفة نجد أن من الناس من حاول أن يصورها في صورة الشيء القبيحبحيث قال بأن براءته من الإمام الجائر تدل على سوء طويته وانحراف عقيدته ، وما درىهذا بأن البراءة من الإمام الجائر إنما سبق إليها الله تعالى ورسوله ، فالله سبحانهوتعالى لا يرضى الظلم ، بل نهى عن نفس الركون إلى الظلم وشدد فيه وتوعد عليه بالنارحيث قال ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ )( هود : من الآية 113) .

ونجد أن سبحانه وتعالى يبين لنا في كتابه أن أي انحراف عنالحق يقتضي البراءة ، الله تبارك وتعالى يقول فيما يحكيه عن نوح عليه السلام أنهقال ( إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ ) ( هود من الآية 45)، فرد الله تبارك وتعالى عليه بقوله ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌغَيْرُ صَالِحٍ ) ( هود: من الآية 46 ) ، قال له إنه ليس من أهلك ، ثم علّل ذلكبأنه عمله عمل غير صالح حيث قال ( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) ، وفي قراءةحمزة ( إنه عَمِلَ غير صالح ) ، هذه قراءة حمزة من القراء السبعة ، وقرأ بها أربعةمن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وهم علي وابن عباس وابن عمر وأنس بن مالك رضيالله تعالى عنهم حسبما ما في ذاكرتي . تدل هذه القراءة تدل على أن العمل غير الصالحالذي يصر عليه صاحبه يقتضي فصله .
والنبي صلى الله عليه وسلّم يقول : من غشنافليس منا . ولئن كان هذا في غش الأفراد فكيف بمن غش الأمة بأسرها .
تمت الحلقة بعون الله تعالى وتوفيقه

schg Hig hg`;v 30 lk [lh]n hgH,gn 1425iJ K 18L7L2004l-- hgl,q,u : hg,p]m hghsghldm 30 H lil lk hgH,gn hgl,q,u hghsghldm hg`;v hg,p]m [lh]n schg





توقيع :

رد مع اقتباس

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
1425هـ , 30 , أ , مهم , من , الأولى , الموضوع , الاسلامية , الذكر , الوحدة , جمادى , سؤال , ،


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سؤال أهل الذكر 16 من جمادى الأولى 1425هـ، 4/7/2004م-- الموضوع : عام جنون حلقات سؤال أهل الذكر 0 02-19-2011 05:18 PM
سؤال أهل الذكر9 من جمادى الأولى 1425هـ ، 27/6/2004م-- الموضوع : عام جنون حلقات سؤال أهل الذكر 0 02-19-2011 05:17 PM
سؤال أهل الذكر 24 من ربيع الثاني 1425هـ ، 13/6/2004م-- الموضوع : عام جنون حلقات سؤال أهل الذكر 0 02-19-2011 05:15 PM
سؤال أهل الذكر 17 من ربيع الثاني 1425هـ ،6/6/2004م-- الموضوع : القرآن الكريم والصيف جنون حلقات سؤال أهل الذكر 0 02-19-2011 05:14 PM
سؤال أهل الذكر 21 من صفر 1425هـ ، 11/4/2004م-- الموضوع : عام عابر الفيافي حلقات سؤال أهل الذكر 0 02-19-2011 05:07 PM


الساعة الآن 12:30 AM.