تفريغ محاضرة العناية بالدنيا بين التفريط والإفراط

ومما أكتشف إلى الآن بأن هناك إشعاعات تلف هذه المجرات أكتشف ما أكتشف منها بأبعد ما يمكن يتوصل إليه الإنسان بالمقاييس لأنه يبعد عن الأرض عشرين مليار سنة ضوئية بحيث لو إنطلق شيء بسرعة الضوء من هذه الأرض لوصل إليها بعد هذه المدة هذا الكون وهذه الأرض التي هي قرار الإنسان والتي يناحر الإنسان من أجلها ويهتم بها كل الإهتمام هذا قدرها إنما هو سبع ثانية فحسب بحيث لو لف الضوء على لكرة الأرضية بسرعته عند الخطوط الإستوائية للف عليها سبع مرات في الثانية الواحدة هذه هي الأرض على أن هذه المجرات حسب تصوري والعلم عند الله سبحانه وتعالى هي لا تخرج عن كونها في سماء الدنيا لأن الله تعالى يقول ( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ) وقال (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ)

فهذه الأجرام الفلكية إنما هي في السماء الدنيا حسب ما يبدوا من تفسير هاتين الآيتين الكريمتين فإذا هذه المجرات إنما هي كلها في سماء الدنيا ووراء ذلك سماوات على أن الكون كما قالوا إنما هو بمثابة الكرة فإذا كل سماء تكون أكبر من السماء التي دونها وهكذا فالكون بسماواته السبع أكبر بكثير مما يمكن أن يتصور الإنسان ولقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن الدار الآخرة عندما نريد أن نقارن بين الدنيا والآخرة بأن الدار الآخرة وهي الجنة التي أعدها الله للمتقين إنما سعتها السماوات والأرض هذه السماوات بكل أبعادها تدخل في هذه الجنة الله تعالى يقول (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) ويقول سبحانه وتعالى (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) فإذا ما الذي تسواه الدنيا بجانب الآخرة إذا ما قسنا هذه الدنيا بأن مساحتها لا تعدوا أن تكون سبع ثانية إذا قسناها بسرعة الضوء على أن الناس لم يتسلطوا على جميع ما في هذه الأرض وكما قلنا هناك بحار وهناك صحاري وهناك مناطق متجمدة في هذه الأرض ومع ذلك يشترك البشر جميعا في هذه الأرض أي فيما يصلح للعمارة منها وهم يتناحرون عليها ويتدافعون من أجلها ويتجاذبون بشتى الوسائل وهناك الدار الآخرة هي من حيث الزمن لا نهاية لها هم فيها خالدون يعني أن الحياة لا تنتهي فالحياة في الدار الآخرة لا تهدد بموت والصحة لا تهدد بسقم والغنى لا يهدد بفقر والراحة لا تهدد بتعب ليس هناك ما ينغس على الناس حياتهم تلك إن فازوا بالنعيم المقيم إن فازوا بالخلد في جنات النعيم فكل أحد يفوز بذلك الخلد إنما يعيش في رغد في نعيم في صحة في راحة في طمأنينة في أمن

بخلاف هذه الحياة الدنيا كل ما يحيط بالإنسان فيها إنما ينغص عليه حياته ويكدر عليه عيشه فالأمن مكدر بالخوف والصحة منغصة بالمرض والعافية مهددة بالبلاء وهكذا تحيك بالإنسان المصائب من كل جانب في هذه الحياة الدنيا فإذا بطبيعة الحال الكيس هو من دان نفسه وعمل من أجل بعد الموت والأحمق من أعطى نفسه هواها وتمنى على الله الأماني الكيس من سخر هذه الدنيا من أجل الآخرة بحيث يدرك أن هذه الدنيا ممر فهو لا يهملها ولكن لا يجعلها في قلبه وإنما يجعلها في يده ليسخرها للدار الآخرة بينما الأحمق إنما يجعل الدنيا من أقل لأنه لا يفكر فيما وراءه لا يحاول أن يعد العدة لما بعد هذا الدار فهو دائما مشغول بدنياه مصارع إليها يحاول أن يستكثر منها بقدر الإستطاعة ولا يبالي ونحن لا ريب من خلال هذا نقول بأن الإنسان عليه أن ينظر في هذه الحياة بالمنظار القرآني كم من آيات في القرآن الكريم جاءت من أجل كشف حقيقة هذه حياة الدنيا وبيان ما تنطوي عليه لقد ضرب الله تعالى فيها العديد من الأمثال

فقد قال تعالى ( أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) ثم قال(سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ) وقال سبحانه وتعالى (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ثم بين ما يدعوا إليه الله سبحانه وتعالى وما أرسل من أجله رسله وما أنزل من أجله كتبه وما أقام من أجله معالم دينه وهوالإستعداد للدار الآخرة قال (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)

نعم الذي يستجيب لداعي الله إنما ينتهي بهالشوط إلى دار السلام تلكم الدار التي سامت من كل ما يكدر صفوها ويهدد أمنه وينغص الحياة فيها هي دار سالمة (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) ثم بين سبحانه وتعالى بعد هذا المنقلب الذي ينقلب إليه الناس في تلكم الدار فقال (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) ويقول سبحانه وتعالى (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا) ثم قال (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا)

نعم هذه هي الحياة الدنياكما ضرب الله فيها هذه الأمثال وكما صورها هذا التصوير وكما جلاها لحقيقتها للناس والدار الآخرة هي أعظم مما يتصوره الإنسان لأن الله سبحانه وتعالى الذي أخبر عن عظم ما فيه فقال (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم في وصف تلك الدار فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فكل ما يخطر على الناس من أنواع النعيم إنما الدار الآخرة هي أعظم من ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم يصور قيمة تلك الدار التي جعلها الله سبحانه وتعالى عرضها عرض السماوات والأرض يصور قيمة تلك الدار فيقول لموضع صوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها نعم موضع صوت أحد مكان يضع الإنسان فيه صوطه في تلك الدار هو خير من الدنيا وما فيها فإذا كيف يمكن أن يقارن الإنسان بين الدنيا وبين الآخرة نعم على أن هذه الدنيا مهما إكتسب الإنسان فيها ومهما أوتي من نعيم ومن خير إنما الإنتفاع مما يؤتاه هو الدفاع المحذور والنبي صلى الله عليه وسلم يصور ذلك بعدما تلا قوله تعالى (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) قال يقول إبن آدم مالي مالي ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت الإنسان يحرص على المال ولكن ليس له من ماله إلا ما أكله فأفناه أو لبسه فأبلاه أو تصدق به فأمضاه وما يتصدق به هو الذي يبقى له وهو الذي يلقاه وهو الذي يلقاه في موازينه يوم القيامة

فإذا المال هو ما ينفقه الإنسان تقربا إلى الله تعالى وإبتغاء إلى ما عند الله هو الذي يبقى فأما المال فيفنى والإنسان نفسه فاني الإنسان يفنى بسرعة قد يكون فناءه أسرع من فناء المال وقد يفنى المال في حياته كما إقتضت حكمة الله تعالى أن تتبدل أحوال الناس فقد يكون الإنسان في قمة من الغناء إذا هو في الحضيض من الفقر وقد يكون الإنسان في الدرجة العلياء في العزة فينقلب إلى الذل وقد يكون الإنسان في أعظم راحة فإذا هو ينقلب إلى أتعس شقاء وهذه هي سنة هذه الحياة الدنيا كما ضرب الله سبحانه وتعالى فيها الأمثال ومن خلال هذا يتبين أن الإنسان إنما عليه أن يجعل نصب عينيه أولا رضا الله فالله تعالى هو الذي إستخلفه في هذه الأرض وهو الذي من عليه بما آتاه من الرزق وكل نعمة تحيط به من فوقه ومن تحته وعن يمينه وعن شماله ومن أمامه ومن خلفه ومن داخل أعماقه إنما هي من الله على أن الإنسان لو كانت خلاياه جميعا ألسنة ناطقة وأسعفته أيضا الكائنات بجميع ذراتها فكانت أيضا ألسنة ناطقة تساعده وأشتركت جميعا بالتسبيح لله تعالى ليل نهار وفي إعلان شكره سبحانه وتعالى لما وقفت جميعا شكر أقل نعمة من نعم الله تعالى التي أصبغها على الإنسان

(قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) أي لسان يمكن أن يفي بشكر هذه النعم العظيمة حسب الإنسان هذا الهواء الذي يستنشقه في جميه أحواله في نومه وفي يقظته في ذكره وفي غفلته في ليله وفي نهاره في في حضره وفي سفره من غير عناء ومن غير ثمن هذه من نعم الله سبحانه وتعالى وأنتم تدرون أن الله سبحانه وتعالى بسط لعباده النعم بقدر حاجتهم إليها وافتقارهم إليها فكل نعمة كانت النفس البشرية أحوج إليها كانت أيسر من غيرها كما ترون الهواء الذي لا يمكن للإنسان أن يستغني عنه لا يعيش دونه لحضة واحدة ثم تأتي من بعد ذلك نعمة الماء والماء يسر تيسيرا بحيث جعل الله سبحانه تعالى سننا كونية تتفاعل جميعا حتى ينزل هذا الغيث من السماء وبقا منهمرا يخصب الأرض ويروي البشر ويروي البهائم وتنبت به الزروع وتصل به الثمار إلى حد النضج هذا الماء يسره الله وجعله خزائن في الأرض ولو شاء الله تعالى لذهب هذا الماء

( وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ) ولو تشققت هذه الأرض وغارت هذه المياة من ذا الذي يستطيع أن يمسكها وبأي طريقة يستطيع للإنسان أن يتوصل إليها (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ) فإذا الإنسان عليه أن يعرف ثممع هذا عليه أن يعرف لماذا خلق هو لم يخلق ليكون عبدا للدنيا إنما ذللت له الدنيا فالله سبحانه وتعالى خلق له منافع الأرض بل سخر له منافع الكون ذلك لأجل أن يقوم الإنسان بواجب الحق في الأرض ويعبد الله تعالى كما فرض عليه وأنتم ترون أن الله سبحانه عندما خاطب عباده آمرا لهم بالعبادة إنما عرفهم بخلقهم وخلق أصولهم وتسخير المنافع لهم قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الله سبحانه وتعالى الذي سخر هذه المنافع العظيمةله حق العبادة والله سبحانه وتعالى يسأل الإنسان عما أعطاه ويسأله عن كل شيء في هذه الحياة عندما ينقلب إليه فقد قال عز من قائل (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى)

) وجاء حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينا ما يسأل به العبد يوم القيامة فقد جاء في الحديث الشريف لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعـن ماله من أين أكتسبه وفيـما أنفقه وماذا عمـل فيما علم نعم يسأل الإنسان عن هذا كله يسأل عن العمر لأن العمر هو وعاء النعم فجميع الأعم التي أسبغها الله إنما وعاؤها هذا العمر على أن هذا العمر كما قلنا يتقضى وكل لحضة تمضي لن تعود أبدا وكل نفس يتنفسه الإنسان إنما هو خطوة ما خطواته إلى الآخرة إذ لا يعود هذا النفس أبدا ويسأل سؤالا خاصا عن الشباب لأن الشباب هو تاج العمر وريعانه وبهجته وزينته وعنفوانه وقوته فلذلك يسأل يوم القيامة سؤالا خاصا عن شبابه فيما أبلاه ويسأل عن ماله سؤالين من أين إكتسبه؟ وفيما أنفقه؟ لأن المال هو مال الله هذا هو حكم الإسلام وهذا هو مهجه فالمال الذي بيد الإنسان إنما هو مال الله والإنسان إنما هو مؤتمن عليه ومستخلف فيه ومسؤول عنه فالله تعالى يقول (وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ) ويقول (مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) وجاءت الآيات الكثيرة في القرآن حاضة على الإنفاق في سبيل الله وعاء واسع يشمل كل بر فكل ما ينفق قربة إلى الله سبحانه وتعالى إنما هو في الحقيقة في سبيل الله