سؤال أهل الذكر 27 رجب 1425هـ ، 12/9/2004م--الموضوع : الإسراء والمعراج - منتديات نور الاستقامة
  التعليمـــات   قائمة الأعضاء   التقويم   البحث   مشاركات اليوم   اجعل كافة الأقسام مقروءة
أخواني وأخواتي..ننبه وبشدة ضرورة عدم وضع أية صور نسائية أو مخلة بالآداب أو مخالفة للدين الإسلامي الحنيف,,,ولا أية مواضيع أو ملفات تحتوي على ملفات موسيقية أو أغاني أو ماشابهها.وننوه أيضاَ على أن الرسائل الخاصة مراقبة,فأي مراسلات بين الأعضاء بغرض فاسد سيتم حظر أصحابها,.ويرجى التعاون.وشكراً تنبيه هام


** " ( فعاليات المنتدى ) " **

حملة نور الاستقامة

حلقات سؤال أهل الذكر

مجلة مقتطفات

درس قريات المركزي

مجلات نور الاستقامة



الإهداءات


العودة   منتديات نور الاستقامة > الــنـــور الإسلامي > نور الفتاوى الإسلامية > حلقات سؤال أهل الذكر

حلقات سؤال أهل الذكر حلقات سؤال أهل الذكر,فتاوى الشيخ أحمد بن حمد الخليلي,فتاوى الشيخ سعيد بن مبروك لقنوبي,حلقات سؤال أهل الذكر كتابية مفرغة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
Post  سؤال أهل الذكر 27 رجب 1425هـ ، 12/9/2004م--الموضوع : الإسراء والمعراج
كُتبَ بتاريخ: [ 02-19-2011 ]
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية جنون
 
::مـشـرفـة::
::نـور الـصـحـة والعناية::


جنون غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 15
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : مكان ما
عدد المشاركات : 1,947
عدد النقاط : 154
قوة التقييم : جنون له تميز مدهش وملحوظ جنون له تميز مدهش وملحوظ


سؤال أهل الذكر 27 رجب 1425هـ ، 12/9/2004م

الموضوع : الإسراء والمعراج

السؤال :
عند الحديث عن حادثة الإسراء والمعراج فإنه كأي حدث تاريخي لا يمكن ابتسارها أو اقتطاعها من سياقها التاريخي الذي مضت به الدعوة في مكة المكرمة . هل يمكن أن تضعوا لنا سماحة الشيخ هذه الحادثة في سياقها التاريخي وتؤطرونها بإطارها الزمني ؟

الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فإن حادثة الإسراء والمعراج مما لا يُختلف فيه ، ذلك لأن الإسراء جاء منصوصاً عليه نصاً صريحاً في بداية السورة التي سيمت بهذا الاسم وهي قول الله سبحانه وتعالى ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الإسراء:1) .

أما حادثة المعراج فقد نُوه إليها وأشير إليها في سورة النجم في قوله تبارك وتعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) (النجم:13-18) ، فهذه الإشارات إنما تشير إلى حادثة المعراج التي تلت حادثة الإسراء .

هذا ، ولا ريب أنه مع هذا الاتفاق يعسر أن نحدد الزمن تحديداً دقيقاً ، ذلك لأن هذه الحادثة لم يأت نص صريح يدل على ميقاتها الزمني لا في القرآن الكريم ولا في الأحاديث الثابتة الصحيحة التي يمكن أن يعتمد عليها في تحديد الزمن ، ولذلك وقع الخلاف كثيراً بين أهل العلم سواء في الوقت أو في الميقات الشهري في أي شهر ، منهم من قال بأن حادثة الإسراء كانت قبل الهجرة ، وهذا هو المشهور ، وهذا الذي تؤذن به أيضاً الدلائل لأن ذكر المسجد الحرام بأنه بداية لحادثة الإسراء دليل على أن ذلك كان قبل الهجرة ، وقلة قالوا بأن ذلك كان بعد الهجرة .
ومنهم من قال بأن ذلك كان في شهر رمضان .
ومنهم من قال بأن ذلك كان في شهر ربيع الأول .
ومنهم من قال بأن ذلك كان في شهر رجب .
ومنهم من قال غير ذلك .
وأيضاً بالنسبة إلى اليوم اختلف في أي يوم ذلك ، وإن كان المشهور عند أكثر الناس بأن ذلك كان في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب .
فنحن لا نستطيع أن نحدد الزمن تحديداً دقيقاً لهذه الحادثة .

هذا مع أن الدلائل تشير بأن ذلك إنما كان بعدما توفي عم النبي صلى الله عليه وسلّم أبو طالب الذي وقف أمام أعداء النبي صلى الله عليه وسلّم حاجزاً عن النيل من شخص الرسول صلى الله عليه وسلّم بالإيذاء ، وبعد وفاة زوج النبي صلى الله عليه وسلّم السيدة أم المؤمنين خديجة الكبرى رضي الله تعالى عنها التي كانت تغمر النبي صلى الله عليه وسلّم بحنانها وعطفها وبرها وكانت تنسيه المشكلات والمصائب عندما يأوي إلى كنفها لما يجد منها من حسن الرعاية واللطف في المعاملة ، فكانت المصيبة مصيبة كبيرة على شخص النبي صلى الله عليه وسلّم من خلال هاتين الرزيتين الكبيرتين ، ولذلك سمى ذلك العام عام الحزن .

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلّم بعدما وجد المضايقة الشديدة في مكة المكرمة والتحدي عن أن تصل هذه الدعوة إلى الناس رغب أن يجد لها متنفساً فذهب إلى الطائف وإذا بالأمر يضيق به ، وبأهل الطائف تشتد معارضتهم له صلى الله عليه وسلّم أكثر مما هو الحال في مكة المكرمة ، وهذا ما جعل صدر النبي صلى الله عليه وسلّم يضيق من هذه المعاملة القاسية حتى دعا دعائه المشهور ( اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت رب كل شيء ، إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني ، أم إلى عدو ملكته أمري ، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ، ولكن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك ) . فغمرته ألطاف الله سبحانه وتعالى ولقي من اللطف الرحماني ما أنساه هذه الصعاب التي واجهها والمشكلات التي كان ينوء بها ، ففتح الله تبارك وتعالى له الآفاق ، إذ أول الأمر عند رجوعه آمن به نفر من الجن وذلك الذي يشير إليه قول الله سبحانه وتعالى ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ )(الأحقاف: من الآية29) ، فكان ذلك إيذاناً بأن الإنس إن كانوا ضاقوا ذرعاً بهذه الدعوة التي تدعو إليها فإن الجن هم الذين يتقبلون هذه الدعوة .

ثم مع ذلك كانت تلكم الرحلة التي كان فيها إيذان بأن الله تبارك وتعالى فتح الكون لعبده ورسوله صلى الله عليه وسلّم فإن ضاقت به جهة من الأرض فإن أرجاء الكون لن تضيق به ، هذا مع ما أكرمه الله سبحانه وتعالى به من الاطلاع على آياته الكبرى في تلكم الرحلة العظيمة التي رحلها رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الملكوت الأعلى .

هذا دلائله تدل على أنه كان حادثاً قبل هجرته صلى الله عليه وسلّم . وكما قلنا من خلال الأدلة والقرائن ندرك أن ذلك إنما كان بعد مأساته صلى الله عليه وسلّم بما أصابه من الحزن العميق بسبب فقده شخصين كانا محببين إلى قلبه وهما عمه أبو طالب لما كان منه من إحسان إلى شخصه صلى الله عليه وسلّم وصده مؤامرات المشركين ، والسيدة خديجة رضي الله تعالى عنها مع ما كانت تغمره به من الحنان واللطف ، فذلك كان لطفاً من الله سبحانه وتعالى ليشعره الله سبحانه أنه على مسمع منه ومرأى ، وأنه ما ودعه ولا قلاه ، وأنه يغمره سبحانه وتعالى بألطافه مهما ضاقت به الشدائد . فهذا هو الذي نستطيع أن نقوله بالنسبة إلى هذه الجزئية من هذا الحدث التاريخي العظيم .

السؤال :
قلتم بأن الإسراء ثبت بنص الكتاب العزيز أما بالنسبة للمعراج فثبت بإشارة القرآن الكريم ، ما هو البعد العقائدي لحادثة الإسراء والمعراج ، بمعنى هل يقع حادثي الإسراء والمعراج ضمن دائرة المعلوم من الدين بالضرورة ؟

الجواب :
نعم ، أما بالنسبة إلى الإسراء فلأجل النص القطعي في سورة الإسراء ، وأما المعراج فمن حيث الإشارة إلى ذلك التي تكاد تكون صريحة في سورة النجم ، مع الأحاديث المستفيضة ، ولذلك قالوا بأن من أنكر الإسراء فهو كافر كفر شرك لأنه رد نصاً صريحاً لا يقبل الجدل ، ومن أنكر المعراج فهو فاسق .

السؤال:
يتعامل البعض مع هذه الحادثة من خلال الحسابات الفلكية ، والبعض الآخر من خلال الرجوع إلى القوانين الفيزيائية بغرض إثبات صحتها ، الأمر الذي يرى فيه البعض خروجاً عن موضوع المعجزة أو الكرامة وهو الأمر الخارق للعادة إذ كيف يمكن أن يكون أمراً خارقاً للعادة إذا استطعنا تنزيله وفق الحسابات البشرية ووفق النواميس الكونية ، ما هو رأيكم سماحة الشيخ ؟

الجواب :
أولاً ينبغي أن نحدد ما يقصد بالمعجزة .
لا ريب أن الله تبارك وتعالى يخلق ما يشاء ويفعل ما يريد . نحن علينا أن نؤمن بأن الله سبحانه وتعالى وإن أوجد للكون نظماً وسنناً ونواميس إلا أنه عندما يريد خرق هذه النواميس وتبديل هذه السنن لا بد من أن يقع ذلك . تكون هنالك جزئيات تحدث فيها حوادث من هذا النوع وإن كان النظام العام إنما يسير وفق تلك النواميس والسنن التي طبع الله تبارك وتعالى عليها الوجود ، ولذلك شواهد من القرآن الكريم منها قصة أصحاب الكهف ، إذ لا يعقل حسب نواميس الوجود وسنن الحياة أن يبقى أناس على قيد الحياة لمدة ثلاثمائة وتسع سنوات مع أنهم لم يتغذوا بشيء في خلال هذه المدة ، هذا أمر غير مألوف بحسب عوائد البشر التي اعتادوها .
وكذلك قصة الرجل الذي أماته الله تعالى مائة عام ثم أحياه ، وقد نص على ذلك القرآن .
وكذلك بالنسبة إلى نقل صرح ملكة سبأ إلى سليمان عليه السلام ، كل ذلك مما لا يدخل في مقاييس البشر .
فعلينا أن نؤمن بأن الله تبارك وتعالى على كل شيء قدير ، يصرف هذا الوجود كما يشاء ، ويقدم ويؤخر في هذا الوجود كما يريد .
ومعجزات الأنبياء إنما هي من هذا النوع ، إنما هي أمور خارقة للعادة ، غير مقدرو للبشر أن يأتوا بمثلها . هذا مما يجب علينا أن نؤمن به .
وعلينا أن نؤمن بأنه بجانب هذه المعجزات فإن هؤلاء الأنبياء قد يكرمهم الله سبحانه وتعالى بأمور تكون خارجة عن سنن هذه الحياة ذلك مما يتبين واضحاً .

فبالنسبة إلى هذه الحادثة هي خارجة عن سنن الحياة ، ولكن هل نقول بأنها معجزة ؟ هذه نقطة يجب أن نقف عندها .
نحن نؤمن بأن رسل الله تبارك وتعالى قرن الله عز وجل دعواتهم بمعجزات خارقة للعادات ، بمعنى أنها خارجة عن مألوف البشر ، وعن السنن التي عهدوها في هذه الحياة ، إلا أن ذلك إنما كان في مقام التحدي .
في مقام التحدي كانت معجزة عيسى عليه السلام في إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى .
كانت في مقام التحدي معجزة موسى عليه السلام وهي العصا التي لقفت كل ما جاء به سحرة فرعون .
في مقام التحدي كانت معجزة إبراهيم عليه السلام إذ لم تؤثر النار عليه احتراقا ، هذا كله إنما كان في مقام التحدي .
أما بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فإن الله تبارك وتعالى أراد أن تكون معجزته معجزة أبدية باقية حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، لأن رسالته صلى الله عليه وسلّم لم تكن رسالة موقوتة كرسالات المرسلين من قبل ، فلذلك كانت معجزته هي من ضمن رسالته ، بل هي وعاء رسالته لأن رسالته اشتمل عليها القرآن الكريم ، فإذا بهذا القرآن معجز ، معجز إلى جميع طبقات الناس .
معجز بالنسبة إلى العرب الذين نزل بين ظهرانيهم ، وهم كانوا في ذلك الوقت بلغوا شأواً بعيداً في البلاغة والفصاحة بحيث كانوا لا يشق لهم غبار في الكلام نظمه ونثره وسجعه ومرسله .
ومعجز أيضاً للأمم الأخرى ، فهو معجز لأهل الكتاب بما كشف من أحوالهم ، وبما عرّاه من دخائلهم التي كانوا يكتمونها .
وهو معجز للأمم الأخرى إلى قيام الساعة لما فيه أنباء بمغيبات لم تكن تدور ببال أحد فإذا بالواقع يأت طبق دل عليه القرآن .
وكذلك هو معجز بالنسبة إلى التشريع المتقن الدقيق .
وهو معجز بالنسبة إلى الكشف عن مخبآت هذا العالم التي كانت لا تدور بحسبان أحد . فمن كل هذه النواحي القرآن الكريم معجز .
وفي مقام التحدي نجد أن الناس عندما كانوا يطلبون الآيات يُردون إلى القرآن الكريم فالله سبحانه وتعالى يقول ( وَقَالُوا لَوْلا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى) (طـه:133) ، ويقول ( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ)(العنكبوت: من الآية51) ، ويقول سبحانه ( وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآياتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ)(الإسراء: من الآية59) .
فالله ما أراد أن يستأصل هذه الأمة بسبب تكذيبها ، أراد أن يكون لهذه الأمة امتداد ، وأن تستمر ، وأن يكون لها عقب صالح يؤمن بالله ويحمل رسالة الإسلام فلذلك جعل هذه المعجزة معجزة لا تستأصل الناس ، معجزة تبقى ، يكون بها التحدي في أعقاب الزمن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، معجزة متنوعة في تحديها للخلق بحسب تنوع ثقافاتهم وتنوع وعيهم وتطور إدراكهم ، هي معجزة بمطلق هذه الكلمة .

وهناك أمور كانت خارقة للعادات وقعت النبي صلى الله عليه وسلّم ، فنحن لا ننكر ذلك ولكن هذه لم تكن في مقام التحدي . فقضية الإسراء والمعراج إنما كان فيها ترويح عن النبي صلى الله عليه وسلّم ، هي خارقة للعادة ، لم تكن من مألوف البشر ولكن فيها ترويح لشخص النبي صلى الله عليه وسلّم ، ترويح لنفسه التي كانت تحمل هموماً مما أصاب هذه الدعوة من الجمود كما ذكرنا . وفيها إكرام للنبي صلى الله عليه وسلّم وتعريف بقدره ، وفيها أيضاً تنبيه على أنه عليه أفضل الصلاة والسلام جاء ليورث هذه الأمة مواريث النبوات السابقة ، وليورثها مقدسات الأمم السابقة ، فكان الإسراء به صلى الله عليه وسلّم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى من أجل التنبيه بأن هذه الأمة وريثة الأمم في مقدساتها ، فعليها أن تحافظ على هذه المقدسات من غير أن تفرط في أي شيء منها .

وهذا لم يكن في مقام التحدي ، نفس الإسراء والمعراج لم يكن في مقام التحدي ، ولو كان في مقام التحدي لطُلب من قريش مثلاً ومن معهم ومن كانوا في صفهم أن يكتبوا مثلاً إلى أهل القدس الشريف أو أن يذهب وفد منهم إلى هناك ليجد هل النبي صلى الله عليه وسلّم انتقل فعلاً إلى القدس .
لا ، هذه الحادثة حدثت في غيبة منهم ، بحيث لم يكونوا على اطلاع على ذلك قط ، وإنما كان اطلاعهم بإخبار النبي صلى الله عليه وسلّم لا غير ، فبهذا يتبين أن هذا مما لا يدخل في ضمن الإعجاز ، وإن كان هو مما يدخل في ضمن خوارق العادات .


السؤال :
ما حكم صوم يوم الإسراء والمعراج ؟

الجواب :
هذا يوم كسائر الأيام ، لم يأت بدليل بمسنونية صومه ، ولم يأت دليل أيضاً بمنع صومه.
فمن أراد أن يصوم هذا اليوم على أنه صيام عادي ، صيام لم تدل عليه سنة ثابتة فلا حرج عليه ، لأن الحديث الذي روي باستحباب صومه إنما هو حديث ضعيف ، ولكن مع ذلك لم يأت أي دليل يمنع من صومه .
فمن أراده أن يصومه على أنه كسائر الأيام ، يصومه كما يصوم أي يوم يريد أن يصومه تقرباً إلى الله تبارك وتعالى فلا يقال بمنعه من هذا الصوم .
وأما اعتقاده بأن ذلك سنة فهذا مما يتوقف على ثبوت مسنونية صيام هذا اليوم وذلك مما لم يثبت .

السؤال :
ما هي الدروس والعبر التي يمكن أن يستفيدها المسلم من خلال هذه المناسبة ؟

الجواب :
حقيقة الأمر المسلم يستفيد الكثير لأن المسلم دائماً يكون موصولاً بربه سبحانه وتعالى فإن واجهته شدة علم أن وراء هذه الشدة خيراً له ، إذ لا يضيّق عليه إلا لخير يريده الله تعالى به أو بسبب معصية اقترفها وأراد الله أن يعجل عليه العقوبة ، فهو يحاسب نفسه إن كان هنالك ضيق عليه ، مع كونه يعوّل على ربه سبحانه راجياً من الله تعالى أن يفرّج كربته وينفّسها عنه ، فهذا هو شأن المسلم .

وهناك أيضاً من جملة العبر ما يؤذن بأن الشدائد وإن ضاقت فإن انتظار الفرج عبادة . النبي صلى الله عليه وسلّم ضاقت به الشدائد ، وهو كغيره من الرسل ، الرسل جميعاً تمر بهم أزمة شديدة بسبب بما يلقونه من التحدي ، فالله سبحانه وتعالى أخبر النبي صلى الله عليه وسلّم بأنباء الرسل ليثبت بذلك فؤاده ( وَكُلاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ)(هود: من الآية120) ، وعندما أمره الله سبحانه وتعالى أن يخبر عن سبيله بل وسبيل أتباعه وهو الدعوة إلى الله أتبع ذلك ما يثبت عزيمته مما قصه من أنباء من قبله من الرسل ، فقد قال تعالى ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108) ، ثم أتبع ذلك قوله ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ * حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ * لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف:109-111) ، فهكذا كان شأن المرسلين مع أقوامهم عندما تضيق بهم الأزمات بحيث يشارفون اليأس بسبب هول الموقف يأتيهم فرج الله تبارك وتعالى .
فالمؤمن هكذا يتطلع إلى الفرج ، يتطلع إلى النصر ، يتطلع إلى اللطف الإلهي ، يتطلع إلى الرحمات الربانية التي تغمره في كل موقف من المواقف .

وبجانب هذا أيضاً المسلم يشعر دائماً أن الله تعالى على كل شيء قدير ، وأنه سبحانه وتعالى أحاط بكل شيء علما فهو سبحانه سنّ سنناً لهذا الكون ، ولكن عندما يريد خرق هذه السنن فهو تعالى لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ، هو على كل شيء قدير ، يصرف الكون كما يشاء ، يقول للشيء كن فيكون .

السؤال :
ما هي أوصاف دابة البراق ، وهل صحيح أنها طلبت من الرسول صلى الله عليه وسلّم الشفاعة ؟

الجواب :
هذه الأوصاف إنما تتوقف على الأدلة الصحيحة الثابتة ، وهذه أمور هي من الغيبيات التي نحن لم نكلف تفاصيلها ، فلا داعي إلى التساؤل عنها أو الخوض فيها ، إذ الإنسان في هذه الأمور الغيبية لا يتحدث إلا بدليل قاطع يعتمد عليه ، أما الأدلة الضعيفة بل حتى الأدلة الصحيحة التي هي غير قطعية لا يعوّل عليها في مثل هذه القضايا إنما يعوّل على الأدلة القطيعة لأنها أمور غيبية .

السؤال :
هل كانت رحلته صلى الله عليه وسلّم بالروح أم بالروح والجسد ؟

الجواب :
أما الإسراء فهو بالجسد والروح ، ولذلك لو كان بمجرد الروح لما كان هنالك داع لتعجب قريش وإنكارهم وضجيجهم ، ولكان ذلك مثل الرؤيا المنامية التي يراها ، ولكن هذا الضجيج الذي أثاروه بسبب أنه قال بأنه انتقل ، وانتقاله يعني بنفسه وجسده ، وهذا ما يؤذن به قوله سبحانه وتعالى ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ)(الإسراء: من الآية1) ، فالعبد يشمل الجسد والروح معاً ، ولا يكون خاصاً بالروح دون الجسد .

أما بالنسبة إلى المعراج من المحتمل أن تكون هذه الرحلة روحانية فحسب ، ومحتمل أن تكون روحانية جسدية ، فالله تعالى على كل شيء قدير ، ولا ريب أن في مثل هذه الحالات عندما يكون العروج بالجسم والروح تكون الشفافية للروح ، ويغلب الجانب الروحاني على الجانب الجسماني حتى يكاد يتلاشى الجانب الجسماني في الجانب الروحاني فيخف الجسم ويعرج حيث يريد الله تعالى عروجه .

السؤال :
البعض يستدل بقوله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) (النجم: 13 ) أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلّم رأى ربه ليلة المعراج ، فما قولكم ؟

الجواب :
ثبت في رواية الإمام الربيع وفي رواية الشيخين البخاري ومسلم ورواية غيرهم من أئمة الحديث من رواية مسروق أنه سمع أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها تقول : من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية . قال مسروق : وكنت متكئاً فجلست وقلت يا أم المؤمنين أمهليني ولا تعجليني ، ألم يقل الله تعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) (النجم:13) ، ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ) (التكوير:23) ؟ فقالت : أنا أول هذه الأمة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن ذلك ، فقال : ذلك جبريل لم أره في صورته التي خلقه الله عليها إلا مرتين رأيته منهبطاً من السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض .
فهذا نص صريح على أن المرئي إنما هو جبريل عليه السلام ، وأن ذلك من كلام الرسول صلى الله عليه وسلّم فهو المبلغ .
قال من قال بأن هذا مجرد كلام من عائشة رضي الله تعالى عنها ، ليس كما قال ، بل هي تروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلّم بصريح العبارة ، على أنها استدلت بهذا النفي بقوله تعالى ( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الأنعام:103) . كما ثبت ذلك في رواية هؤلاء الأئمة ، والله تعالى أعلم .

السؤال :
من الكتب التي يستقي بعض المسلمين تصوراتهم عن ليلة الإسراء والمعراج وما حدث فيها من أحداث والمشاهد التي رآها النبي صلى الله عليه وسلّم كتاب ( المعراج ) لابن عباس ، وهو كتاب مليء بالقصص الخرافية مما وضعه القصاص بقصد جذب انتباه السامعين بالقصص الغريبة والأحاديث العجيبة . هل من كلمة تودون قولها حول هذا الكتاب ؟ وهل تصح نسبته إلى ابن عباس ؟

الجواب :
أولاً نسبة هذا الكتاب إلى ابن عباس رضي الله عنهما لا تصح . ولا يمكن لابن عباس أن يقول مثل ذلك الكلام السخيف . فابن عباس هو ترجمان القرآن ، وهو حبر الأمة الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلّم ربه سبحانه وتعالى أن يعلمه التأويل وأن يفقهه في الدين .
فليس من المعقول أن ينحدر ابن عباس وهو بهذا القدر العظيم عند ربه سبحانه وتعالى وعند رسوله صلى الله عليه وسلّم إلى هذا المستوى السخيف حتى يكون يقص من الأنباء ما هو في مستوى الجهلة العوام الذين لا يفرقون بين الذئب والحمل ولا يفرقون بين التمرة والجمرة .
إنما ابن عباس هو أسمى من ذلك بكثير وكثير وكثير ، فهو حبر هذه الأمة وترجمان كتاب ربها سبحانه وتعالى ، فكيف ينحدر إلى هذا المستوى .

ثم مع ذلك الأمور يجب أن تعرض على الأدلة . والأدلة متنوعة منها ما هو عقلي ، ومنها ما هو نقلي .
الله تبارك وتعالى منح عباده عقولاً ، هذه العقول يمكنهم بها أن يميزوا بين الكثير مما يقال ، بين صحيحه وفاسده ، بين ثابته وغير الثابت ، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى جعل العقل هادياً إلى كثير من الحقائق . أنا لا أقول بأن العقل هو كل شيء وأنه يعتمد عليه في كل شيء ، لأن العقل هو طاقة محدودة . ولكن بقدر ما أعطى الله تعالى عباده هذه الطاقة وجعلها محدودة ، جعل فيها من القدرة على اكتناه كثير من الحقائق ، ولذلك نجد أن الله سبحانه تعالى يبين أن هذه الآيات إنما هي لقوم يعقلون ولقوم يتفكرون . فيُطلب من الإنسان أن يستعمل فكره ، وأن يستعمل عقله في كثير من القضايا .
أما لو تصادم العقل مع الدليل القطعي من الكتاب أو السنة المتواترة فلا مجال هنا لجعل العقل يرد النص القطعي لأن هذا كلام لا يُقبل ، في هذا المقام يُتهم العقل ، ولكن بالنسبة إلى الروايات التي تأتي من الناس من غير أن تثبت العقل يرجع إليه فيها .
وأما بالنسبة إلى النقل فكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم . هذه الروايات تتعارض تمام التعارض مع ما جاء في كتاب الله ومع ما ثبت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم فكيف يعوّل عليها .
على أنه كما يقول بعض العلماء المحققين : لئن كان من أسباب الحكم الحديث بالضعف وحطه من مرتبة الصحيح معارضته لما هو أقوى منه الروايات ، فكيف إذا عارض الحديث النص القطعي من القرآن أو الحديث المتواتر ، كيف يمكن لهذه الرواية أن يحكم بصحتها ؟

وهكذا بالنسبة إلى ما يروى عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ، أو يروى عن غيرهم من التابعين وغيرهم ، فمهما كانت منزلة من يروى عنه ذلك .

أولاً نحن نحكم أنه ليس كل ما يروى عن أحد هو ثابتاً عن ذلك المروي عنه فضلاً عن كون المروي عنه إن كان غير معصوم عرضة للنسيان وغيره ، فهذا مما يجب أن يتفطن له .
فالناس يُطلب منهم أن يعتبروا بالقصص التي في القرآن ، وأن يعتبروا بالقصص الثابتة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلّم وفي سيرته عليه أفضل الصلاة والسلام ، لا أن يعولوا على الخرافات ، فإن بناء الدين على الخرافة يؤدي إلى عدم إيمان الناس بهذا الدين عندما تنكشف هذه الخرافة عن حقيقتها .

السؤال :
البعض يشكك في الروايات حول حادثة المعراج ويقول أنها بعيدة عن التصديق من خلال تحليل متون تلك الروايات ، فما حكم من أنكر المعراج استناداً إلى مثل تلك التحليلات ؟

الجواب :
نحن كما قلنا سابقاً نعوّل على قول من قال بأن من أنكر المعراج يُفسّق ، لأن الإشارة إليه واضحة في القرآن الكريم ، ومن أنكر الإسراء يُشرّك .

أما بالنسبة إلى الروايات ليست متونها كلها متساوية ، طبعاً قد يكون في بعض المتون ما يدعو إلى النظر ويدعو إلى التأمل ، ولكن هي في مجموعها قوية وتدل على أمر ثابت ، هذا في مجموعها ، لا أعني أن كل واحد من هذه المتون كذلك ، ولكن في مجموعها تدل على ثبوت ما جاءت دالة عليه بمجموعها ، فيعوّل على مثل هذه الرواية مع استفاضة هذه الروايات وشد بعضها أزر بعض .

السؤال :
يرى بعض العلماء أن المعراج حدث مرتين ويستدلون على ذلك بقول الله سبحانه وتعالى ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى) (النجم:13-14) ، فما هو رأيكم سماحة الشيخ ؟

الجواب :
هذا كلام من لم يطلع على الحديث أو من تجاهل الحديث ، لأن حديث النبي صلى الله عليه وسلّم يقول بأن ذلك جبريل لم أره في صورته التي خلقه الله عليها إلا مرتين ، رأيته منهبطاً من السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض .

فالمرة الأولى التي رأى فيها النبي صلى الله عليه وسلّم جبريل كهيئته التي خلقه الله تعالى عليها إنما كانت في بداية الوحي عندما ناداه من السماء فرفع بصره إليه فرآه في السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض ، فرجع النبي صلى الله عليه سلّم وهو ترجف بوادره مما ألم به من الخوف الطبيعي الذي ينتاب كل أحد عندما يرى أمراً كهذا الأمر الذي هو خارج عن المألوف ، فهذا بطبيعة الحال روّع النبي صلى الله عليه وسلّم ورجع إلى أهله وقال زملوني زملوني كما ثبت ذلك ، وأنزل الله تعالى فيه ( يا أيها المدثر ) و( يا أيها المزمل ) إلى آخره .

والمرة الثانية هي هذه المرة التي وقع فيها هذا الحدث كما أخبر الله تعالى فيها بقوله ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) (النجم:13-18) .

فهذا مما دل عليه القرآن ، والسنة جاءت موضحة لما أجمله القرآن الكريم .
فيعوّل على ذلك . أما أن يقال بأن الحدث تكرر مرتين . فالمرة الثانية متى كانت ؟ هل بعدما فتح النبي صلى الله عليه وسلّم مكة ؟ أو عندما سار في عمرة القضية بعدما صد عن الحديبية ؟
لا . فإذا كان إنما كان هذا الحدث قبل الهجرة فليس هنالك دليل على وقوعه مرة أخرى ، القرآن ذكر ذلك مرة واحدة ، سورة النجم سورة مكية ، سورة الإسراء سورة مكية ، فكيف يقال بأن هذا الحدث وقع مرة بالمدينة ومرة بمكة ، ليس هنالك من دليل على هذا قط .

السؤال :
هل صلى النبي صلى الله عليه وسلّم بالأنبياء إماماً ؟ وهل معنى ذلك أنهم أحيوا ؟

الجواب :
ورد ذلك في روايات وإن كانت هذه الروايات لم تبلغ مبلغ التواتر ، ولذلك لا يُقطع بهذا الأمر ، ولكن مهما يكن فإنه لا يجوز لأحد أن يقدم على رد ذلك .
من المحتمل أن يكون الله تبارك وتعالى مثّل له أرواحهم ، والأنبياء لا بد أن يعتقد الإنسان أن منزلتهم فوق منزل الشهداء ، والله سبحانه وتعالى يقول ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (آل عمران:169) ، فمنزلة النبيين أكبر من هذه المنزلة ، هم ماتوا بطبيعة الحال كما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلّم ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (الزمر:30) ، وقال ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ) (الأنبياء:34) ، لكن هذا لا يمنع أن يكون هنالك لهم إحساس ، وأن يكون لهم شيء من الطبيعة التي هي تتميز عن طبيعة غيرهم . فالله تعالى قادر على كل شيء ، كما أخبر سبحانه أنه أحيا الذي أماته مئة عام ، أليس قادراً على أن يحي هؤلاء ، وأن يجمعهم بالنبي صلى الله عليه وسلّم ، أو أن تتمثل له أرواحهم وهم يصلون ورائه صلى الله عليه وسلّم ، إن الله على كل شيء قدير ، القدرة الإلهية قدرة مطلقة ، قدرة لا تحدها شيء ، صفات الله تعالى صفات مطلقة ، كما أن علم الله تعالى مطلق أحاط بكل شيء ، كذلك قدرته الله سبحانه وتعالى قدرة مطلقة أحاطت بكل شيء ، هو على كل شيء ، كما أنه سبحانه وتعالى بكل شيء عليم .

فليس هنالك ما يمنع من هذا ، ولا يجوز لأحد أن يرد مثل هذه الأخبار لمجرد خيال في نفسه بأن هذا يتصادم مع الواقع أو يتصادم مع المألوف عن الموتى ، فالله سبحانه وتعالى أخبر عن المسيح عليه السلام أنه من معجزته أنه كان يحي الموتى ، هذا مما نص عليه القرآن الكريم ، وأمر الله تعالى أعظم شأناً ، ما كان على يدي المسيح إنما هو من باب رفع قدره وإعلاء شأنه والدلالة على صدق قوله فيما يبلغه عن ربه ، فكيف بالقدرة المطلقة لله سبحانه وتعالى .

السؤال :
ما هو المعراج ؟

الجواب :
المعراج يقصد به العروج إلى المقامات العلى ، هذا هو المقصود . الأصل معراج مفعال ، ومفعال يطلق على الآلة ، ولكن يراد به هنا العروج .

السؤال :
ما هي وسيلة المعراج ؟

الجواب :
نحن نعلم أن الله تعالى يصنع ما يشاء ويفعل ما يريد ، الله تبارك وتعالى يدّبر هذا الكون كما يريده ، ينقل الشمس من مكان إلى مكان كما يقول العلماء الآن بأنها تقطع في الثانية الواحدة اثني عشر ميلاً ، والشمس هي أكبر من الأرض بمليون ضعف ومع ذلك تقطع هذه المسافة ، ما هي الوسيلة ؟ إنما هي قدرة الله تعالى التي أحاطت بكل شيء ، فضلاً عن الأجرام الفلكية الأخرى التي هي أكبر من الشمس بكثير ، وهي أسرع من الشمس بكثير ، كل ذلك مما يدل على أن الله على كل شيء قدير .
فهل الله سبحانه وتعالى يعجزه أن يعرج بعبده ورسوله صلى الله عليه وسلّم من غير وسيلة ، وهل هو بحاجة إلى الوسيلة ، إنما علينا أن نسلّم الأمر لله تبارك وتعالى وأن لا نخوض في ذلك .

السؤال :
ما حكم من أنكر المعراج ؟

الجواب :
من أنكر الإسراء فإنكاره للإسراء يعتبر ردة عن الإسلام ، أما من أنكر المعراج فإنكاره للمعراج إنما يعتبر فسوقا . ولكن مع هذا كله نقول إن تأول المعراج بأنه عروج بالروح فلا يفضي به الأمر إلى أن يقال بأنه فاسق .

السؤال :
قلتم بأنه ينبغي رد أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم إلى دلالات الكتاب العزيز ، بالنسبة للحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلّم قوله : تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار . مما مدى صحة هذا الحديث خصوصاً إذا ما رد إلى آيات الكتاب العزيز كقوله تعالى ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ )(النساء: من الآية32) ، وقوله سبحانه وتعالى ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97) ، فكيف يمكن الجمع بين الحديث وهذه الآيات ؟

الجواب:
مهما بلغ هذا الحديث فهو حديث آحادي ، والله تبارك وتعالى وعد المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار ، وإنما يؤخذ منه ومن غيره من الروايات ومن الأدلة الخاصة والعامة الدعوة إلى التصدق والإنفاق في سبيل الله ، والدعوة إلى عمل الخير .
فالمرأة مطالبة أن لا تنساق وراء رغباتها ، والرجل مطالب أن لا ينساق وراء رغباته . ومن غلب عقله شهوته ورغباته ، فهو ترجى له السلامة ، وترجى له السعادة ، ويرجى له الخير ، أما من غلبت شهواته ورغباته عقله فهو والعياذ بالله هوى إلى دركات الهون .
فعلى كل أن يكون متوكلاً على الله ، معتمداً عليه ، راجياً ثوابه ، مشفقاً من عقابه ، إذ الله تبارك وتعالى لا يجامل أحداً لأجل جنسه ولا لأجل نوعه ، فلا يجامل الرجل لأجل أنه رجل ، ولا المرأة من أجل أنها امرأة ، فالكل عباد الله ، ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ) (فصلت:46) .

تمت الحلقة بعون الله تعالى وتوفيقه


schg Hig hg`;v 27 v[f 1425iJ K 12L9L2004l--hgl,q,u : hgYsvhx ,hgluvh[ 27 H lhgl,q,u lil hg`;v hgYsvhx vpj schg ,hgluvh[





توقيع :

رد مع اقتباس

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
1425هـ , 27 , أ , مالموضوع , مهم , الذكر , الإسراء , رحت , سؤال , والمعراج , ،


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سؤال أهل الذكر 26 من ربيع الأول 1425هـ ، 16/5/2004م-- الموضوع : عام جنون حلقات سؤال أهل الذكر 4 01-03-2012 12:37 AM
سؤال أهل الذكر 30 من جمادى الأولى 1425هـ ، 18/7/2004م-- الموضوع : الوحدة الاسلامية جنون حلقات سؤال أهل الذكر 0 02-19-2011 05:18 PM
سؤال أهل الذكر 24 من ربيع الثاني 1425هـ ، 13/6/2004م-- الموضوع : عام جنون حلقات سؤال أهل الذكر 0 02-19-2011 05:15 PM
سؤال أهل الذكر 17 من ربيع الثاني 1425هـ ،6/6/2004م-- الموضوع : القرآن الكريم والصيف جنون حلقات سؤال أهل الذكر 0 02-19-2011 05:14 PM
سؤال أهل الذكر 21 من صفر 1425هـ ، 11/4/2004م-- الموضوع : عام عابر الفيافي حلقات سؤال أهل الذكر 0 02-19-2011 05:07 PM


الساعة الآن 02:33 AM.