الأرصــــــــاد الجويـــــــة
مصادر بخار الماء
لا يخلو جو الأرض من بخار الماء ، فهو موجود دائماً في جميع البقاع . وبالرغم من صغر كمية كميته بالنسبة لوزن الهواء فإن لوجوده أهمية عظمى في كثير من ظواهر الجو ، كما أنه يعمل على حفظ الحرارة بعامل الامتصاص الذي سبق شرحه . وتكون عمليات
التبخر على أشدها في المناطق الحارة . ويحمل بخار الماء الذي يتولد في هذه المناطق الحرارة الكامنة للبخر عندما ينتقل بواسطة الرياح إلى المناطق المعتدلة ليتكاثف هناك ، وتنطلق منه هذه الحرارة وبذلك يعمل بخار الماء أيضاً على تلطيف المناخ وتوزيع الحرارة بصورة عادلة على مختلف بقاع الأرض .
وأهم مصادر بخار الماء في الجو المحيطات والبحار . ويبلغ متوسط ما يتبخر من كل سنتيمتر مربع على سطح الأرض نحو 2 ملليمتر في اليوم . فإذا اعتبرنا مساحة سطح الأرض 5 ملايين ملايين ملايين سنتيمتر مربع فإن متوسط ما يتبخر يعادل في اليوم الواحد نحو ألف مليون كيلوجرام من الماء . وبديهي أن نفس هذا المقدار من بخار الماء يجب في المتوسط أن يتكاثف يوميا ويسقط في صورة أمطار يعود ماؤها إلى البحار والمحيطات مرة أخرى لتبدأ الدورة من جديد .
البخر والنتح
من الحقائق الثابتة أن معظم الماء الذي يمتصه النبات من التربة يخرج من الأوراق على هيئة نتح ، بينما تستخدم كمية ضئيلة منه في تكوين غذاء النبات . وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار التربة عبارة عن خزان يستقبل الماء الوارد من المطر الساقط أو الري ويفقد جزءاً من هذا الماء عن طريق البخر من سطح التربة أو الماء . ويمتص النبات الأغلبية العظمى من الماء الوارد ويضيفه للهواء في صورة نتح .
ويسمى التأثير المشترك لفقدان المياه عن طريق النتح والبخر المشار إليها بالبخر نتح ، وهو عملية انتقال الماء من التربة إلى الهواء سواء كان الانتقال مباشرة كما هو الحال في البخر أو عن طريق غير مباشر كما يحدث في النتح ، أي أنها عكس عملية الهطول التي فيها ينتقل الماء من الجو إلى الأرض .وتعبر كمية البخر نتج هذه عن احتياجات النبات من الماء . وكلما ازداد توفر الماء في التربة ازدادت كذلك كمية الماء التي تفقد عن طريق البخر نتج . وعلى ذلك فإنه لا يمكن الحكم على مناخ أي إقليم بأنه رطب أو جاف من مجرد معرفة كمية الأمطار التي تسقط عليه فحسب ، ولكن تدخل في الاعتبار كمية المياه التي يحتاج إليها النبات للقيام بعملية البخر نتح . فإذا تعدت كمية الأمطار البخر نتح اعتبر الإقليم رطباً ، وإن قلت عنه اعتبر جافاً ، وإن كانا متعادلين تقريبا سمي المناخ متوسط الرطوبة . ويجدر بالذكر في هذه المرحلة أن نميز بين كمية المياه التي تفقد عن طريق البخر نتح وكمية
التبخر .
تعريف التكاثف
المقصود بالتكاثف تحول بعض بخار الماء الذي في الجو إلى نقط من الماء أو بلورات من الثلج ، وهو بذلك يمثل العملية العكسية للبخر ، وينتج التكاثف من تبريد الهواء المحمل ببخار الماء لأن التبريد هو الوسيلة الطبيعية التي بها تقل قدرة الهواء على حمل بخار الماء . فإذا لم يكن الهواء مشبعا ثم برد بطريقة من الطرق فإنه يقترب من حالة التشبع تدريجيا حتى يصل إليها وبعدها يبدأ بالتكاثف فتتحول بعض الأبخرة إلى نقط ماء أو بلورات ثلج حسب درجة الحرارة .
والتكاثف ظاهرة مألوفة تشاهد مثلا عندما نعرض كوبا من الماء المثلج للهواء في فصل الصيف فإننا لا نلبث أن نشاهد ترسب نقط من الماء على سطح الكوب الخارجي نتيجة لتبريد الهواء اللاصق لهذا السطح بتوصيل البرودة من الكوب إلى الهواء ، أو بمعنى أصح نقص حرارة الهواء بنقل أو توصيل بعضها إلى الكوب ، حتى تصل درجة الحرارة إلى نقطة الندى ، فيظهر ضباب حول سطح الكوب لا يلبث أن يتحول إلى نقط تنمو باستمرار التكاثف .