حُكم صلاة الجُمعة إِذاَ وافَقَتْ يَوْمَ عِيْدٍ ... للشيخ سعيد القنوبي - منتديات نور الاستقامة
  التعليمـــات   قائمة الأعضاء   التقويم   البحث   مشاركات اليوم   اجعل كافة الأقسام مقروءة
أخواني وأخواتي..ننبه وبشدة ضرورة عدم وضع أية صور نسائية أو مخلة بالآداب أو مخالفة للدين الإسلامي الحنيف,,,ولا أية مواضيع أو ملفات تحتوي على ملفات موسيقية أو أغاني أو ماشابهها.وننوه أيضاَ على أن الرسائل الخاصة مراقبة,فأي مراسلات بين الأعضاء بغرض فاسد سيتم حظر أصحابها,.ويرجى التعاون.وشكراً تنبيه هام


** " ( فعاليات المنتدى ) " **

حملة نور الاستقامة

حلقات سؤال أهل الذكر

مجلة مقتطفات

درس قريات المركزي

مجلات نور الاستقامة



الإهداءات


العودة   منتديات نور الاستقامة > الــنـــور الإسلامي > نور الفتاوى الإسلامية

نور الفتاوى الإسلامية [فتاوى إسلامية] [إعرف الحلال والحرام] [فتاوى معاصرة] [فتاوى منوعة]


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
افتراضي  حُكم صلاة الجُمعة إِذاَ وافَقَتْ يَوْمَ عِيْدٍ ... للشيخ سعيد القنوبي
كُتبَ بتاريخ: [ 10-24-2012 ]
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية عابر الفيافي
 
عابر الفيافي غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363
قوة التقييم : عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز


فضيلة الشيخ
سعيد بن مبروك القنوبي
حفظه الله
مكـــتبـــة الضـــامـــري
للنـشر والتـوزيع
سلـطنـة عُـمان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد ... فيقول الله تبارك وتعالى في محكم كتابه [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا البَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ] {الجمعة:9}
فهذه الآية الكريمة نص صريح على وجوب صلاة الجمعة على الأعيان ، وبذلك تواتر النقل عن سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام ، وعلى آله وصحبه الكرام ، وعلى ذلك اتفقت هذه الأمة إذ لم يخالف أحد منهم في ذلك ، إلا ما كان من الخلاف في بعض شروطها كما هو مبسوط في الكتب الفقهية ، وقد بينا في غير هذا الموضع أن غالب تلك الشروط لم تثبت من طريق تقوم بها حجة ، وما روي من حديث " أربع إلى الولادة " ، وحديث " لا الجمعة إلا في مصر جامع " ونحوهما ، فلا أصل له عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أو أنه ضعيف جداً ، وإنما هو عن بعض الصحابة ، على ما في بعض أسانيدها من وهن .

الدليل على وجوب الجمعة إذا وافقت عيداً :
وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم وآله وسلم - ، أنه كان يصلي الجمعة والعيد معاً إذا اجتمعا في يوم واحد .
فقد أخرج مسلم ، والنسائي ، وأبو داود ، والترمذي ، والدارمي ، وابن ماجة ، وأحمد ، وابن خزيمة ، وابن الجارود ، والحميدي ، والطيالسي ، وابن أبي شيبة ، والعقيلي ، والبيهقي ، والبغوي من طريق النعمان بن بشير أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يقرأ في العيد بسبح اسم ربك الأعلى ، وهل أتاك حديث الغاشية ، فإذا اجتمع عيد ويوم جمعة قرأ بهما فيهما .
وهو حديث صحيح ثابت ، وقد صححه غير واحد ولم يأت من أعله بما يستحق الذكر .
ضعف أدلة القائلين بعدم الوجوب :
وأما ما يروى من الأحاديث التي تفيد عدم وجوب الجمعة إذا وافقت العيد فهي أحاديث واهية ولا عبرة بتصحيح من صححها ، وإليك البيان :
1. عن إياس بن أبي رملة قال : شهدت معاوية يسأل زيد بن أرقم ، هل شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيدين اجتمعا في يوم ؟ قال : نعم ، قال : فكيف صنع ؟ قال : صلى العيد ثم رخص في الجمعة ، فقال : " من شاء أن يصلي فليصل " رواه أحمد ، والنسائي ، وأبو داود ، وابن ماجة ، وابن خزيمة ، الحاكم ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي ، وهو وهم منهما ، فإن إياس بن أبي رملة مجهول ؛ ولذلك قال ابن المنذر : هذا الحديث لا يثبت .
وإياس بن أبي رملة ، عن زيد مجهول ، ووافقه على الحكم بجهالته ابن القطان في " بيان الوهم والإيهام " والذهبي في " الميزان " والحافظ ابن حجر في " التهذيب : و " التقريب " ، وذكره الذهبي في " الكاشف " ولم يذكر جرحاً ولا تعديلاً ، وهو كما قالوا ؛ إذ لم أجد من وثقه من أئمة الحديث ، ولا يعترض علينا بإن ابن حبان قد ذكره في " ثقاته " ، وذلك لما عُرف من قاعدة ابن حبان في هذه المسألة كما نبهنا على ذلك في مواطن كثيرة ، وكما ذكر ذلك جماعة من أئمة الفن منهم ابن الصلاح ، وصلاح الدين العلائي ، وابن عبد الهادي في " الصارم " ، والحافظ ابن حجر في " النكت " و " اللسان " ، والكوثري في " المقالات " و " التأنيب " ، والمعالمي ، وصاحب المنار ، وآخرون ، وقد نص على جهالة ابن أبي رملة المذكور أيضاً ابن خزيمة في " صحيحه " حيث قال : " إن صح الخبر فإني لا أعرف إياس ابن أبي رملة لا بعدالة ولا بجرح " فالعجب من الصنعاني ، وصاحب المعارف ، وصاحب فقه السنة ، والعثماني ، حيث نسبوا إلى ابن خزيمة أنه صحح هذا الحديث .
وأما ما قيل أن ابن المديني قد صحح هذا الحديث ؛ فجوابه أن هذا التصحيح مردود من وجهين :
أولها : أن ابن المديني لم يتعرض لهذا الحديث بتصحيح ولا بتضعيف البتة ، ونسبة التصحيح إليه لهذا الحديث وهم عن تصحيح أبي موسى المديني[1] لجميع ما في مسند أحمد بن حنبل ، وهو تصحيح باطل مردود كما نص على ذلك غير واحد من أئمة الحديث .
قال الذهبي في " الميزان " : وقع في المسند أشياء غير محكمة المتن ولا الإسناد .
وقال في " سير أعلام النبلاء " : وفي المسند جملة من الأحاديث الضعيفة مما يسوغ نقلها ولا يجوز الإحتجاج بها ، وفيه أحاديث عديدة شبه موضوعة لكنها قطرة في بحر . أهـ .
وقال العراقي : فيه أحاديث ضعيفة كثيرة ، وإن فيه أحاديث يسيرة موضوعة . أهـ .
قلت : ومن نظر في مسند أحمد بعين الإنصاف علم علماً يقيناً أن فيه طائفة غير قليلة من الأحاديث الموضوعة أو الواهية ، وتبين له بياناً واضحاً أنه لا دليل لمن نفى وجود مثل هذه الأحاديث فيه فضلاً عن الأحاديث الضعيفة إلا مجرد التعصب الممقوت .
ثانيهما : وهو على تقدير ثبوت تصحيح هذا الحديث عن ابن المديني ، فإنه لا قيمة لهذا التصحيح بعد أن بينا أنه مخالف للقواعد الحديثية والأصولية ، وكلٌٌ يؤخذ من قوله ويرد خلا أنبياء الله ورسله عليهم صلوات الله وسلامه .
2. عن أبي هريرة - رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم العيد : " إنه قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه عن الجمعة وإنا لمجمعون " . رواه أبو داود ، والحاكم ، والبيهقي .
والجواب عن هذا : أن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة ؛ لأن في إسناده بقية بن الوليد وهو مدلس ، وقد عنعنه إلا في رواية ابن المصفى ، وابن المصفى كثير الوهم - كما سيأتي - فلا تقبل مخالفته ، على أن بقية هذا يدلس تدليس التسوية ، ومن كان يدلس هذا النوع من التدليس فلا بد من أن يصرح بالسماع في جميع الطبقات عند القائلين بجواز الإحتجاج برواية هذا الصنف من المدلسين ، وإلا فقد قالت طائفة من المحققين : إن رواية هذا الصنف لا يؤخذ بها ولو صرح صاحبها بالسماع في كل الطبقات ، وهو مذهب قوي وحجته واضحة جلية .
وفي إسناده أيضاً ابن المصفى وهو مدلس - وقد اتهمه بعضهم بتدليس السوية - كثير الوهم ، - كما تقدم - .
نعم تابعه عمر بن حفصة الوصابي ، ولكنها متابعة لا يفرح بها وذلك لأمرين :
أولهما : أن الوصابي هذا غير معروف حاله ، كما قال ابن الموّاق .
وثانيهما : أنه لم يصرح بسماع بقية من شعبة ، وقد تقدم ما في ذلك .
وفي إسناد هذا الحديث أيضاً مغيرة بن مقسم الضبي وهو مدلس تدليس السوية - وقد عرفت ما في هذا النوع من التدليس - لكنه تابعه زياد بن عبد الله البكائي إلا أنه لين الحديث في روايته عن غير أبي إسحاق فلا خير في متابعته .
وقد جاء من طريق أخرى مقيداً بأهل العوالي ، وإسنادها ضعيف كما قال الحافظ وغيره .
وجاء من طريق أخرى ولكنها مرسلة ولذلك أعلَّه أحمد ، والدارقطني بالإرسال .
ورواه ابن ماجة من طريق ابن عباس - رضي الله عنهما - بالإسناد الأول نفسه من غير متابعة الوصابي . قال البوصيري في " الزوائد " : إسناده صحيح رجاله ثقات . أهـ .
قلت : وهذا التصحيح باطل مردود ، كما تقدم بيانه ، على أنه لا ملازمة بين ثقة الرجال وصحة الإسناد ، وبين صحة الحديث ، كما لا يخفى على النقاد ، وقد بينا ذلك في غير هذا الموضع وضربنا عليه الأمثلة بما لا يدع مجالاً للشك والإرتياب ، فلينظره من شاء . على أن هذا الحديث مضطرب - كما رأيت – لأنه جاء مرةً من مسند ابن عباس ، وجاء مرة من مسند أبي هريرة ، وجاء مرة متصلاً ، وجاء مرة مرسلاً ، وجاء الترخيص مرة مقيداً بأهل العوالي وجاء مرة مطلقاً ، ومثل هذا الإضطراب يُعَلَّ به الحديث ولو كان من رواية الثقات الأثبات ، فكيف إذا كان مُسلسلاً بالضعفاء والمدلسين ؟ وسيأتي للمقام زيادة بيان ، والله المستعان .
3. عن ابن عمر - رضي الله عنهما – قال : اجتمع عيدان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فصلى بالناس ، ثم قال : " من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها ، ومن شاء أن يتخلف فليتخلف " رواه ابن ماجة .
قال البوصيري في " الزوائد " : هذا إسناد ضعيف لضعف جبارة ، ومندل . أهـ .
قلت : هو كما قال وزيادة ، إلا أنني أكتفي بذلك الآن ، وجبارة هو ابن مفلس ، ومندل هو ابن علي ، وهما من رجال إسناد هذا الحديث ، وقد عرفت حالهما .
4. عن عطاء بن أبي رباح قال : صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار ، ثم رجعنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحدانا ، وكان ابن عباس بالطائف ، فلما قدم ذكرنا ذلك له ، فقال : " أصاب السنة " . رواه أبو داود .
قال النووي : إسناده على شرط مسلم . أهـ .

1ـ وهو غير ابن المديني المشهور.

pE;l wghm hg[Elum YA`hQ ,htQrQjX dQ,XlQ uAdX]S >>> ggado sud] hgrk,fd hg[Elum hgrk,fd dQ,XlQ da;g wghm sud] uAdX]S YA`hQ





توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس

كُتبَ بتاريخ : [ 10-24-2012 ]
 
 رقم المشاركة : ( 2 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



قلت : هو ضعيف ، وإن كان على شرط مسلم ، وذلك لأن في إسناده أسباط بن نصر الهمداني وهو ضعيف .
قال حرب : قلت لأحمد : كيف حديثه ؟ قال لا أدري وكأنه ضعفه .
وقال أبو حاتم : سمعت أبا نعيم يضعفه .
وقال النسائي : ليس بالقوي .
وأنكر أبو زرعة على مسلم إخراج حديثه .
وقال الحافظ بن حجر في " التقريب " : صدوق كثير الخطأ يُغرب .
وفيه الأعمش وهو مدلس وقد عنعنه .
ورواه النسائي ، والحاكم من طريق عبد الحميد بن جعفر ، عن وهب بن كيسان وزاد " ثم خرج فخطب وأطال الخطبة فصلى ركعتين " .
والجواب : إن هذه الرواية شاذة أو منكرة ، لمخالفتها للنصوص الصحيحة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدالة على أن خطبة العيد بعد الصلاة لا قبلها ، كما هو ثابت في الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر ، وابن عباس ، وأنس ، وأبي سعيد ، وجندب ، والبراء ، وغيرهم من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ومن المعلوم أن الإتيان بالخطبة قبل الصلاة من محدثات بني أمية التي خالفوا بها السنة الصحيحة ، وعمل الخلفاء الراشدين ، كما يدل على ذلك حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد ، ومسلم ، وأبي داود ، وابن ماجة ، والبيهقي قال : أخرج مروان المنبر في يوم عيد فبدأ بالخطبة قبل الصلاة ، فقال رجل : لقد خالفت السنة ، أخرجت المنبر في يوم عيد ولم يكن يخرج فيه ، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة ، فقال أبو سعيد : من هذا ؟ قالوا : فلان بن فلان ، فقال : أما هذا فقد قضى ما عليه ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " أهـ .
قلت :وأقرهما على ذلك الصحابة ، إذ لم ينكر عليهما في ذلك منكر .
قال القاضي عياض بعد أن ذكر بعض الأحاديث الدالة على أن الخطبة بعد الصلاة : وهذا هو المتفق عليه بين عُلماء الأمصار وأئمة الفتوى ولا خلاف بين أئمتهم فيه ، وهو فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والخلفاء الراشدين من بعده ، إلا ما روي أن عُمر في شطر خلافته الآخر قدم الخطبة لأنه رأى من الناس من تفوته الصلاة ، وليس بصحيح عنه .
وقال ابن قدامة : لا نعلم فيه خلافاً بين المسلمين إلا عن بني أمية ، قال : وعن ابن عباس ، وابن الزبير فعلاه ولا يصح عنهما ، قال : ولا يُعتد بخلاف بني أمية ، لأنه مسبوق بالإجماع الذي كان قبلهم ومخلف للسنة . أ هـ .
قلت : ومع هذا التحقيق ، لا أدري لماذا يحتجون بمثل رواية ابن الزبير هذه ؟ وقال العراقي : إن تقديم الصلاة على الخطبة قول العُلماء كافة ، قال : وإنما روي عن عُمر ، وعُثمان ، وابن الزبير ولم يصح عنهم ، قال : والصواب أن أول من فعله مروان في خلافة معاوية كما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري ، قال : ولم يصح فعله عن أحد من الصحابة لا عن عُمر ولا عُثمان ولا معاوية ولا ابن الزبير . أ هـ .
وقال ابن العربي : يقال أول من قدمها عُثمان ، وهو كذب لا يلتفت . أ هـ .
ولغيرهم من العلماء كلام طويل مما يدل على ما ذكروه لا نطيل المقام بذكره ، وإذا كان الأمر كذلك ، فكيف ينسب إلى ابن عباس وهو أحد رواة الحديث أن الخطبة بعد الصلاة كما في الصحيحين وغيرهما ، أنه قال لمن خطب قبل الصلاة : أصاب السنة ؟ مع أن السنة تنادي بأعلى صوت بأن الخطبة بعد الصلاة ، وهذا يكفي للحكم على الحديث بالبطلان ، ولو صح إسناده ؛ لأن الشاذ من قسم الضعيف كما هو مبين في مصطلح الحديث ، فكيف وإسناد الحديث ليس بذلك القوي كما بين ذلك غير واحد من أئمة المحدثين ؟ ومما يقوي الحكم على هذا الحديث بالشذوذ أو النكارة قوله في الحديث : " فصلوا وحدانا " ومن المعلوم المتقرر أن صلاة الجماعة فريضة على الأعيان بالإتفاق على من كان داخل المسجد كما ذكر ذلك غير واحد ، وعلى الصحيح على من كان خارجه كما بيناه في غير هذا الموضع [1] ، فكيف يصلون وحدانا ؟! وأيضاً لماذا لم يبين لهم ابن الزبير ذلك عند الإنتهاء من صلاة العيد ؟! على أن أكثر القائلين بسقوط الجمعة بصلاة العيد يقولون : إنها لا تسقط عن الإمام ، إلا أن لا يجتمع له من يصلي به الجمعة ؛ لأنه لو تركها لامتنع فعل الجمعة ، في حق من تجب عليه ومن يريدها ممن سقطت عنه ، وقد حكى بعضهم الإتفاق على ذلك فصنيع ابن الزبير وقع على خلاف هذا الإجماع ، فكيف يصح الإحتجاج بمثل هذا الفعل المخالف للإجماع ؟! وأيضاً فإن هذا الحديث يعارض الأحاديث السابقة ، فيسقط الإستدلال بها جميعاً ؛ لعدم إمكان ترجيح بعضها على البعض الآخر .
هذا وقد روى أبو داود هذا الحديث من طريق أخرى عن عطاء قال : اجتمع يوم جمعة ويوم فطر على عهد ابن الزبير فقال : عيدان اجتمعان في يوم واحد ، فجمعهما جميعاً فصلاهما ركعتين بكرة ولم يزد عليهما حتى صلى العصر . ولم يذكر فيه أنه أخبر بذلك ابن عباس .
والجواب : أن هذه الرواية على تقدير صحتها - على ما في إسنادها من وهن -لا دليل فيها على عدم وجوب الجمعة إذا وافقت يوم عيد ، لأن غاية ما في ذلك أنه مذهب صحابي ، ومذهب الصحابي ليس بحجة عند جمهور الأمة ، فكيف إذا أنكر عليه الجم الغفير من الصحابة وغيرهم ؟! على أن فعل ابن الزبير هذا يدل على سقوط الجمعة والظهر معاً إذا كان ذلك يوم عيد ، وهو قول متروك مهجور لا يعول عليه كما قال ابن عبد البر وغيره ، ولا عبرة بترجيح الشوكاني ، وصديق خان له ؛ لأنه معروفٌ عنهما الشذوذ في كثير من المسائل ، وأيضاً هما ليسا ممن تُشَدُّ إليهما الرحال في مثل هذه المضايق .
والحاصل : أن وجوب الجمعة قد ثبت بأدلة قاطعة وبراهين ساطعة ، وسقوطها في بعض الأحيان لا يكون إلا بمثلها ، وليس معنا هنا خبر مرفوع صحيح صريح فضلاً عن كون المسقط قطعياً ، فكيف يُترك ما دل عليه الكتاب ، والسنة المتواترة ، والإجماع بمثل هذه الروايات الواهية ؟! على أنها لو صحت لكان للكلام فيها مجال واسع ، وأحسن ما تحمل عليه تلك الأحاديث على تقدير صحتها - وإن كان دون تصحيحها أو تحسينها مفاوز ملتوية وطرائق متشعبة وعقبات شامخة كما رأيت - أن يقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد رخص في ترك الجمعة لمن كان خارج الفرسخين ، وذلك لعدم وجوبها عليهم لا للإكتفاء بصلاة العيد ، بدليل ما رواه البخاري عن عثمان أنه قال في خطبته : " أيها الناس ، إن هذا اليوم قد اجتمع لكم فيه عيدان ، فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر ، ومن أحب أن يرجع فقد آذنت له : أ هـ .
وهذا لا إشكال فيه ؛ لأن الجمعة لا تلزم من كان خارج الفرسخين كما هو مقرر في محله .
الأقوال في المسألة :
هذا وقد اختلف الناس في هذه المسألة :
1. فذهب أصحابنا والجمهور إلى وجوب الجمعة ، وهو مذهب أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، والظاهرية .
قال ابن حزم في " المحلى " : وإذا اجتمع عيد وجمعة يصلى للعيد ثم للجمعة ولا بد ، ولا يصح أثر بخلاف ذلك .
2. وذهبت الحنابلة إلى الإكتفاء بصلاة العيد عن الجمعة ، ونسب إلى بعض الصحابة ولم يثبت عن أحدهم من طريق تقوم بها حُجة ، وأقوى تلك الطرق ما جاء عن ابن الزبير وقد رأيت ما فيها .
3. وذهب بعضهم إلى الإكتفاء بصلاة العيد عن صلاة الجمعة والظهر ، وهو قول عليل ودليله كليل -كما تقدم بيانه - .
والقول الأول هو الحق الحقيق بالقبول وذلك لستة وجوه :
أولها : لقوة أدلته ، وسطوع براهينه ، وضعف أدلة مُخالفيه ، وتعارضها وتضاربها - كما رأيت - .
الثاني : أن أدلة مخالفيه ، رغم ما فيه من عوج تحتمل عدة احتمالات ، والدليل إذا طرقه الاحتمال سقط به الإستدلال - كما هو مقرر عند أولي العلم والكمال - .
الثالث : أن العمل بهذا الرأي خروجاً من دائرة الخلاف ، والخروج من دائرة الخلاف مطلوب إذا أمكن المصير إليه - كما هو مقرر عند الفحول من أئمة الأصول - .
الرابع : أن من عمل بهذا القول قد احتاط لدينه ، والإحتياط في الدين مطلوب مأمور به - كما في حديث " دع ما يريبك ، إلى ما لا يريبك " ، وقول عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد - رضي الله عنه - : الأمور ثلاثة : أمر بان لك رشده فاتبعه ، وأمر بان لك غيه فاجتنبه ، وأمر أشكل عليك فقف عنه . وقد رواه بعضهم عن المسيح - عليه السلام - ، ورواه بعضهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا يصح شيء من ذلك وإن كان معناه ثابتاً متفقاً عليه .
الخامس : أن في العمل بغير هذا الرأي مخاطرة شديدة ، لاحتمال وجوب الجمعة ، والمسلم منهي عن المخاطرة بدينه - لما تقدم ، ولحديث " من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه " - .
السادس : أن هذا القول مذهب الأكثر ، ومعلوم أنه لو تكافأت الأدلة ، أن المصير إلى رأي الجمهور أولى ؛ لأن مظنة أن يكون الحق معهم أقوى - كما لا يخفى - فكيف والفرق بين أدلة الفريقين كالفرق بين الأرض والسماء ، وبين الثرى والثريا - كما هو واضح لأولي النهى ، ولأدلة أخرى لا يتسع المقام لذكرها - والله أعلم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

2. جواب بعنوان " حكم صلاة الجماعة " من منشورات مكتبة الضامري للنشر والتوزيع . الناشر .

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للشيخ , الجُمعة , القنوبي , يَوْمَ , يشكل , صلاة , سعيد , عِيْدٍ , إِذاَ , وافَقَتْ


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فتاوى الصلاة للشيخ سعيد بن مبروك القنوبي عابر الفيافي نور الفتاوى الإسلامية 30 08-26-2013 02:24 PM
كتاب : الفتاوى كتاب الصلاة ج1 لسماحة الشيخ أحمد الخليلي عابر الفيافي نور الفتاوى الإسلامية 8 10-26-2011 09:29 PM
فتاوى الحج للشيخ سعيد القنوبي عابر الفيافي نور الحج والعمرة 3 06-08-2011 03:08 PM
سعيد بن جبير عابر الفيافي نور صحابة رسول الله 3 02-03-2011 03:00 AM
تفسير سورة الفاتحة (القرطبي) الامير المجهول علوم القرآن الكريم 0 12-31-2010 08:29 PM


الساعة الآن 10:29 AM.