منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - موسوعة العروض والقافية
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 01-12-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 14 )
::الـمـشـرف العـام::
::مستشار المنتدى::
رقم العضوية : 8
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : عمان
عدد المشاركات : 7,603
عدد النقاط : 913

الامير المجهول غير متواجد حالياً



فقوله : ( شهدتُ ) خبر ( إن ) في البيت السابق .
ب-مقبول : إذا كان الكلام يتم بدونه كالتوابع ، وما أشبهها من الفضلات ، مثل :
وتعرفُ فيهِ منْ أبيهِ شمائلا


ومن خاله ومن يزيدَ ومن جُحُرْ


سماحةَ ذا ، وبِرَّ ذا ووفاءَ ذا



ونائلَ ذا إذا صحا وإذا سَكِرْ


فـ( سماحةَ ) ومابعده بدل اشتمال من قوله ( شَمائِلا ) .
(3) السِّناد : وهو اختلاف مايراعى قبل الروي من الحروف والحركات ، وهو خمسة : اثنان باعتبار الحروف ، وثلاثة باعتبار الحركات :
أ- سناد الردف : وهو جعل بعض الأبيات مردوفة ، وبعضها غير مردوف ، مثل :
إِذا كُنتَ في حاجةٍ مُرسلا



فأرسلْ حكيما ولا تُوْصِهِ


وإِنْ بابُ أمرٍ عليك التوى



فشاورْ حكيمًا ولا تعْصِهِ


فالبيت الأول مردوف والثاني غير مردوف .
ب- سناد التأسيس : وهو جعل بعض الأبيات مؤسسة ، وبعضها غير مؤسس ،مثل :
الرأيُ رأيُ أميرِ المؤمنينَ إذا



حارتْ رجالٌ وضلتْ في مَرَائِيْهَا


أسدى إليَّ أميرُ المؤمنين يدًا



جلَّتْ كما جل في الأملاك مُسْدِيْهَا


بيضاءَ ما شابها للأبرياء دمٌ



ولا تَكَدَّر بالآثام صافِيْهَا


فالبيت الأول والثالث فيهما ألف تأسيس ، والبيت الثاني غير مؤسس .
ج- سناد الإشباع : وهو تغيير حركة الدخيل في القافية المطلقة والمقيدة ، مثل :
وهلْ يتكافا الناس شتى خلالهم


وما تتكافا في اليدين الأَصَابِعُ

يُبجَّلُ إجلالا ويُكْبَرُ هيبةً



أصيلُ الحجى فيه تُقًى وَتَوَاضُعُ


ففي البيت الأول حركة الدخيل وهو الباء كسرة ، وفي البيت الثاني حركة الدخيل وهو الضاد ضمة.
د- سناد الحذو : وهو اختلاف حركة ماقبل الردف ، مثل :
السِّحْرُ من سود العيون لَقِيْتُهُ



والبابِلِيُّ بلحْظِهِنَّ سُقِيْتُهُ


الناعساتُ الموقظاتُ من الهوى



المُغْرِياتُ بهِ وكُنْتُ سَلَيْتُهُ


فحركة القاف في البيت الأول ، وحركة اللام في البيت الثاني تسمى حذوا ، وكان ينبغي أن تتحد حركة ماقبل اليائين ، لكنها جاءت في البيت الأول كسرة وفي البيت الثاني فتحة .
هـ سناد التوجيه : وهو اختلاف حركة ما قبل الروي المقيد ( الساكن ) ، مثل :
إنَّ (لا) بعد (نعم) فاحشةٌ



فبـ(لا) فابدأْ إذا خِفْتَ النَّدَمْ


لا تراني راتعا في مجلسٍ



في لحوم الناس كالسَّبْعِ الضَّرِمْ


فحرف الروي الميم الساكنة ، وقد جاء توجيه القافية الأولى فتحة ، وتوجيه الثانية كسرة .
هذه العيوب المتقدمة قد اغتفر للمولدين (المتأخرين ) ارتكابهُا لوقوعها كثيرا في شعر المتقدمين إلا التضمين القبيح ، فهو عيب غيرمغتفر ويجب الاحتراس منه .
ثانيا : العيوب التي لاتغتفر للمولدين :

(1) الإقواء : هو اختلاف حركة الروي بالضم والكسر أي اختلاف حركة المجرى في القصيدة
الواحدة ، وهو مأخوذ من قول العرب :( أقوى الفاتلُ حبلَه ) إذا خالف بين قواه فجعل إحداهن قوية والأخرى ضعيفة ، ومثاله :

أَمِنْ آل ميةَ رائحٌ أو مُغْتَدِيْ


عجلانَ ذا زادٍ وغيرَ مُزَوَّدِ


زعم البوارِحُ أنَّ رحلتَنا غدًا



وبذاكَ خبَّرنا الغُرَابُ الأَسْوَدُ


لامرحبًا ولاأهلا بهِ



إنْ كان تفريقُ الأحِبَّةِ في غدِ


فقد جاء الرويّ (الدال) في البيت الأول والثالث مكسورًا ، وفي البيت الثاني مضموما .
(2) الإِصْراف :وهو الانتقال بحركة الروي ( المجرى ) من الفتح إلى غيره ، أومن غير الفتح إلى الفتح ، وهو مأخوذ من قولهم : صرفت الشيءَ أي أبعدته عن طريقه،كأن الشاعر صرف الروي عن طريقه الذي كان يستحقه من مماثلة حركته لحركة الروي الأول ، مثل :
ألم ترني رددتُ على ابن ليلى



منيحتَهُ فعجَّلْتُ الأدَاءَ


وقلتُ لشاتهِ لما أتتنا



رماكِ اللهُ من شاةٍ بداءِ


فقد جاء الرويّ (الهمزة) في البيت الأول مفتوحا ، وفي البيت الثاني مكسورًا .
(3) الإِكْفاء : وهو اختلاف الروي بحروف ذات مخرج واحد أو متقاربة المخرج في قصيدة واحدة ، وهو مأخوذ من قولهم : ( فلان كفء فلان ، أي مماثل له ؛ لأن أحد الطرفين مماثل للآخر ، أي مقارب له في المخرج ، مثل قول الراجز :
إِذَا نزلتُ فاجعلانيْ وَسَطَا

إنيَ شيخٌ لاأطيقُ العُنَّدَا

البيت الأول رويه الطاء ، والثاني الدال ، وهما من مخرج واحد ، وهو طرف اللسان وأصول الثنايا .
(4) الإِجازَة (الإِجارَة ) : وهو اختلاف الروي بحروف متباعة المخارج في قصيدة واحدة ، وسمي بذلك لتجاوزه الحدود المرسومة وتعديها ، مثل :
خليليَّ سِيرا واتركا الرحلَ إنني


بِمَهْلَكَةٍ والعاقباتُ تَدُوْرُ


فبيناه يشري رحلَهُ قال قائلٌ



لِمَنْ جملٌ رِخْوُ الملاطِ نَجِيْبُ ؟


البيت الأول رويه الراء ، والثاني الباء ، والحرفان مختلفان ومتباعدان في المخرج .



أسئلة وتدريبات على ماسبقت دراسته

أولا : تمرين محلول :

وقع في كل من المجموعتين الآتيتين عيب من عيوب القافية ، حدد موقعه ، واذكر لقبه ، ونوعه :
(1)
ألا هل ترى إن لم تكن أم مالكٍ



بِمُلْكِ يدي أن الكفاءَ قليلُ


رأى من خليليه جفاءً وغِلْظةً



إذا قام يبتاع القَلوصَ ذَمِيمُ



.................................................. .....................................
(2)
فلم أرَ شيئا كان أحسن منظرًا


من المزن يجري دمعُه وهو ضَاحِكُ



مررنا على الروض الذي قد تبسمت
ْ


رُباهُ وأرواحُ الأَبارقِ تُسْفَكُ


الجواب :
(1) موقع العيب في المجموعة الأولى (قليلُ ) ، (ذميمُ ) ، وهذا العيب يسمى ( الإجازة ) وهو اختلاف الروي بحروف متباعدة المخارج، وهو من العيوب التي لاتغتفر للمولدين .
(2) موقع العيب في المجموعة الثانية (ضاحكُ ) ، (تسفكُ ) ، وهذا العيب يسمى ( سناد التأسيس ) وهو أن يسند الشاعر بيتا ويترك آخر ، وهو من العيوب التي تغتفر للمولدين .
ثانيا : أسئلة وتدريبات :

س1 : العيوب التي تتعلق بالقافية قسمان ، اذكرهما .
س2 : ما العيوب المغتفرة للمولدين ؟ ، مثل لواحد منها .
س3 : من عيوب القافية ( الإيطاء ) ، ما المقصود به ؟ ، أورد مثالا له .
س4 : عرف التضمين ، واذكر نوعيه ، ثم وضحهما ، مع التمثيل لهما .
س5 : ما السناد عند علماء القافية ؟ ، وما أقسامه ؟ ، وضحها مع التمثيل له بمثال واحد .
س6 : من العيوب التي لاتغتفر للمولدين ( الإقواء ) ، عرفه ثم مثل له .
س7 : ما الإصراف ؟ ، ولم سمي بهذا الاسم ؟ ، أورد مثالا له .
س8 : ما الفرق بين ( الإكفاء ) و ( الإجارة ) ؟ ، أورد مثالا لأحدهما .
س9 : وقع في كل من المجموعات الآتية عيب من عيوب القافية ، حدد موقعه ، واذكر لقبه ، ونوعه :
(1)
لابأس بالقوم من طولٍ ومن قصرٍ



جسم البغالِ وأحلامُ العصافيرِ


كأنهم قصبٌ جفَّتْ أسافلهُ



مثقَّبٌ نفختْ فيه الأعاصيرُ



.................................................. ......................................
(2)
أريْتُكَ إن منعتَ كلام يحي
ذذ


أتمنعنيْ على يحي البكاءَ



ففي طرفي على يحي سهادٌ



وفي قلبي على يحي البلاءُ



.................................................. ......................................
(3)
اَلمْ ترَ أنَّ تغلبَ أهلُ عزٍّ



جبالُ معاقلٍ ما يُرْ تَقَيْنَا



شربنا من دماء بني تميمٍ



بأطراف القنا حتى رَوِيْنَا



الضرورات الشعرية

الضرورات الشعرية ، أوالضرائر ، أو الجوازات الشعرية هي رخص أعطيت للشعراء دون الناثرين في مخالفة قواعد اللغة وأصولها المألوفة ، وذلك بهدف استقامة الوزن وجمال الصورة الشعرية ، فقيود الشعر عدة ، منها الوزن ، والقافية ، واختيار الألفاظ ذات الرنين الموسيقي والجمال الفني ... فيضطر الشاعر أحيانا للمحافظة على ذلك إلى الخروج على قواعد اللغة من صرف ونحو ... .
هذه الضروات لاتستوي في مرتبة واحدة من حيث الاستساغة والقبول ؛ فبعضها جائز
مقبول ، وبعضها الآخر مستقبح ممجوج ، ومنها ما توسط بين ذلك ؛ فكلما أكثر الشاعر من اللجوء إليها قبح شعره . والضرورات الشعرية كثيرة ، متنوعة فمنها ضرورات الزيادة ، وضرورات النقص ، وضرورات التغيير ، وإليك طائفة منها :

أولا : ضرورات الزيادة :

(1)تنوين مالا ينصرف ، مثل :
ويومَ دخلتُ الخدرَ خدرَ عنيزةٍ



فقالت : لك الويلاتُ إنكَ مُرْجِليْ


والأصل ( خِدْرَ عُنَيْزَةَ ) لكنه صرف للضرورة .
(2)تنوين المنادى المبنيّ ، مثل :
سلامُ اللهِ يامَطَرٌ عليها



وليس عليكَ يامطرُ السلامُ

والأصل ( يامَطَرُ ) لكنه نوَّن للضرورة .
(3)مد المقصور ، مثل :
سيغنيني الذي أغناك عني



فلا فقرٌ يدوم ولاغِناءُ


والأصل ( ولاغنى ) لكنه مدَّ للضرورة .
(4)إشباع الحركة فينشأ عنها حرف مد من جنسها ، مثل :
تنفيْ يداها الحصى في كلِّ هاجرةٍ

نَفْيَ الدنانيرِ تَنْقَادُ الصيارِيفِ


والأصل ( الصيارف ) لكنه أشبع للضرورة .
ثانيا : ضرورات النقص :

(1)قصر الممدود ، مثل :
لابدَّ من صَنْعَا وإن طال السَّفَرْ



وإنْ تَحَنَّى كلُّ عودٍ ودَبِرْ


والأصل ( صَنْعَاءَ ) لكنه قَصَرَ للضرورة .
(2)ترخيم غير المنادى مما يصلح للنداء ، مثل :
لَنِعْمَ الفتى تعشو إلى ضوء نارهِ



طَرِيفُ بْنُ مَالٍ ليلة الجوع والخصرْ
والأصل ( مَالِكٍ ) لكنه رخَّم للضرورة .
(3)ترك تنوين المنصرف ، مثل :
وما كان حِصْنٌ ولا حابسٌ



يفوقانِ مِرْدَاسَ في مَجْمَعِ


والأصل (مِرْدَاسًا ) لكنه ترك التنوين للضرورة .
(4)تخفيف المشدد في القوافي ، مثل :
فلا وأبيكِ ابْنَةَ العامريِّ


لايدَّعيْ القومُ أنِّي أَفِرْ


والأصل ( أَفِرّ ) لكنه خفف للضرورة .
ثالثا : ضرورات التغيير :

(1)قطع همزة الوصل ، مثل :
ألا لاأرى إِثْنَيْنِ أحسنَ شيمةً


علىحَدَثََانِ الدهرِ منِّي ومِنْ جُمْلِ


والأصل (اثْنَيْنِ) لكنه قَطَعَ للضرورة .
(2)وصل همزة القطع ، مثل :
يَا ابَا المُغيرةِ رُبَّ أمرٍ معضلٍ


فرَّجْتُه بالمكر منِّي والدها

والأصل (يَا أبَا) لكنه وَصَلَ للضرورة .
(3)فك المدغم ، مثل :
الحمدُ للهِ العليِّ الأجْلَلِِ



أنتَ مليكُ الناسِ ربًّا فاقْبَلِ

والأصل ( الأجَلّ ) لكنه فَكَّ للضرورة .
(4)تقديم المعطوف ، مثل :
ألا يانخلةً من ذاتِ عرقٍ



عليكِ ورحمةُ اللهِ السلامُ

والأصل ( عليكِ السلامُ ورحمةُ اللهِ ) لكنه قَدَّم المعطوفَ للضرورة .
أسئلة وتدريبات على ماسبقت دراسته

س1 : ما الضرورات الشعرية ؟ ، ولم خص بها الشعراء دون الناثرين ؟ ، وما درجاتها ؟ ، وما
أنواعها ؟ .
س2 : الضرورات الشعرية ثلاثة أنواع ، اذكرها ومثل لكل نوع بمثال .
س3 : بينْ مكان الضرورة ، ثم وضحها واذكر نوعها في الأبيات الآتية :
(1)
لابدَّ من صَنْعَا وإن طال السَّفَرْ



وإنْ تَحَنَّى كلُّ عودٍ ودَبِرْ


(2)
محمدُ تفدِ نفسَك كلُّ نفس



إذا ما خفتَ من شيء تبالا


(3)
ألم يأتيْكَ والأنباءُ تَنْمِيْ



بما لاقت لبون بني زيادِ



المبحث الرابع : ما أحدثه المولدون في أوزان الشعر وقوافيه

ما أحدثه المولدون في أوزان الشعر وقوافيه

نظر الخليل بن أحمد الفراهيدي فيما ورد عن العرب من أشعار فاستطاع أن يضبطه ويرجع أوزانه إلى خمسة عشر بحرا سماها بحور الشعر زاد الأخفش بعد ذلك بحرَ المتدارك وكان الخليل قد نفاه .
فكل ما خرج عن الأوزان الستة عشر أو الخمسة عشر فليس بشعر عربي ، وما يصاغ على غير هذه الأوزان فهو عمل المولدين الذين رأوا أن حصر الأوزان في هذا العدد يُضَيِّقُ عليهم مجال القول ، وهم يريدون أن يجري كلامهم على الأنغام الموسيقية التي نقلتها إليهم الحضارة ، وهذه لاحد لها ؛ وإنما جنحوا إلى تلك الأوزان ؛ لأن أذواقهم تربت على إلفها ، واعتادت التأثر بها ، ولأنهم يرون أن كلاما يوقع على الأنغام الموسيقية يسهل تلحينه والغناء به ، وأمر الغناء بالشعر العربي مشهور ، ورغبة العرب فيه خصوصا في هذه المدنية العباسية أكيدة . لذا رأينا أن المولدين قد أحدثوا أوزانا أخرى ، منها :
أولا : البحور المستنبطة :

استنبطوا ستة بحور من عكس دوائر البحور وهي : ( المستطيل ، الممتد ، المتوافر ، المتئد ، المنسرد ، المطرد ) .
ثانيا : الفنون المستحدثة :

استحدثوا غير ما تقدم الفنونَ السبعة وهي : ( السلسلة ، الدوبيت ، القوما ، الموشح ، الزجل ، كان وكان ، المواليا ) .

محاولة الإفلات من قيود الوزن العروضي والقافية باسم الشعر الحر :

إن الذي دعاهم إلى الإفلات من قيود الوزن زاعمين ضيق الأوزان في الشعر العربي قد دعاهم مثلُه إلى الإفلات من قيود القافية ؛ ذلك بأن الشعر العربي إذا زاد المقول فيه على بيت واحد وجب أن يتحد مع الأصل في الوزن والقافية ، ولم يعهد عن العرب القدماء أنهم قالوا بيتين أوأكثر في معرض واحد إلا جاؤوا بذلك من بحر واحد ، وجعلوا أواخر الأبيات حرفا واحدا مع ما اشترطوا في هذه الأواخر من شروط مجموعها هو علم القافية .
حقا إن هذا إذا نظرنا إليه نظرة عامة نراه التزاما شديدا لم تشترطه لغة غير العربية ، فأكثر اللغات يكفي فيها شرط الوزن مع خلاف بين اللغات واللغة العربية فيما يراد بهذا الشرط أيضا .

ولو نظرنا إلى اللغة العربية في سابق عهدها وجدناها قد نهضت بجميع أغراض القول مع اشتراط الوزن والقافية ، وكان أكثر كلام العرب شعرا ، ولم يُعرف أن أحدا منهم شكا من ذلك ، أوتبرم به ، أوحاول الخروج عليه لافي جاهلية ولا إسلام حتى كان العصر العباسي .
فإذا كان بعض الشعراء في العصر العباسي قد تبرم بهذين القيدين فليس العيب عيب اللغة ، ولكنه عيب من يحاول مالا يستطيع ، وهو عيب من لايستكمل الوسائل ثم يريد الطفور (القفز ) إلى الغايات ، وما كان لنا أن نتابع هؤلاء الباغين على العربية الذين يريدون أن يتحيَّفوا ( يتنقَّصوا )جمالها من
أطرافه ، فننادي معهم بطرح هذه القيود ؛ فإنها ليست كما ظنوا قيود منع وإرهاق ، ولكنها حجز زينة
، ومعاقد رشاقة ، ونظام فريد لايحسن إلا إذا روعي فيه التناسق والتناظر .
ومن أمثلة هذه المحاولة المزرية بقدر الشعر ما أنشده القاضي أبو بكر الباقلاني في كتابه الإعجاز من قول بعضهم :
رُبَّ أخٍ كنتُ به مغتبطًا


أشدُّ كفيْ بعُرى صحبتهْ


تمسكا مني بالود ولا



أحسبه يزهد في ذي أملِ


ولكن هذا الناعق لم يجد من يتابعه ؛ لأن الأذن لم ترتح إلى صنيعه ، لكنهم قبلوا من ذلك أنواعا أخرى منها :
أولا : الشعر المزدوج :

الشعر المزدوج أو المثنيات هو الذي يعتمد فيه الشاعر على تصريع أبيات القصيدة جميعا ، فقافية الشطر الأول هي نفس قافية الشطر الثاني ، وأميز ما يكون ذلك في الأراجيز .
وقد بدأ الشعراء العباسيون بهذا النوع من الشعر ؛ إذ وجدوه سهلا يسيرا لا يكلفهم مشقة الحفاظ على وحدة القافية في القصيدة الواحدة . ويُرَى أن أول من نظم فيه بشار بن برد وأبو العتاهية ، ثم تتابع عليه الشعراء ، إذ وجدوه أسهل في نظم القصص الطويلة ، والحكم ، والأمثال ، ومسائل العلوم . ولأبي العتاهية مزدوجة مشهورة عدتها أربعة آلاف بيت ، سماها ( ذات الحكم والأمثال ) ؛ لكثرة الحكم والأمثال فيها ، منها:
إن الشباب والفراغ والجده


مفسدة للمرء أي مفسده


حسبك مما تبتغيه القوت






ما أكثر القوت لمن يموت


الفقر فيما جاوز الكفافا


من اتقى الله رجا وخافا

لكل ما يؤذي ، وإن قل ، ألم


ما أطول الليل على من لم ينم

ما انتفع المرء بمثل عقله
>


وخير ذخر المرء حسن فعله


ثانيا : المسمط-المسمطات :

المسمط أو المسمطات نوع من الشعر يبتدئ فيه الشاعر ببيت مصرع غالبا ، تسمى قافيته عمود القصيدة ، ثم يأتي بمجاميع من الأشطر في كل منها خمسة أشطر : الأربعة الأولى منها على غير قافية البيت الأول ( عمود القصيدة ) والشطر الخامس على هذه القافية ، ومثاله المسمط المنسوب إلى امرئ القيس ، وقيل : إنه منحول :
توهمت من هند معالم أطلال



عفاهن طول الدهر في الزمن الخالي


مرابع من هند خلت ومصايف




يصيح بمغناها صدى وعوازف



وغيرها هوج الرياح العواصف



وكل مسف ثم آخر رادف


بأسحم من نوء السماكين هطال
وهذا أشيع أنواع المسمطات ، وإلا فإن له أنواعا عدة ، منها ما يعرف بـ(تسميط التقطيع) ، وتكون فيه أجزاء البيت الشعري كلها مسجعة بروي من غير روي القافية نحو قول ابن هانئ الأندلسي ( من الكامل ) :
ملأوا البلاد رغائبا وكتائبا



وقواضبا وشواربا إن ساروا


وجداولا وأجادلا ومقاولا


وعواملا وذوابلا واختاروا


ومنهم من يسمي هذا النوع من المسمطات ( الموازنة ) ، ويخرجه من صنف المسمطات .
ثالثا : المخمس - المخمسات :

هو الشعر الذي يقسم فيه الشاعر قصيدته إلى خمسة أقسام في كل منها خمسة أشطر مع مراعاة نظام ما للقافية في هذه الأشطر . والشعر المخمس نوعان :
النوع الأول : نوع يكون فيه كل خمسة أشطر ذات قافية واحدة ، ومستقلة تمام الاستقلال في قوافيها وأوزانها عن الأشطر الخمسة التي تليها ، ومثاله قول إلياس فرحات تحت عنوان ( بين الطفولة والشباب ) :
ظلمتني ظلمتني يا دهر



ماذا تشا ؟ هل لك عندي ثأر


كأن دمعي فوق خدي نثر



كأن صدري من سقامي شعر


وكل ضلع من ضلوعي شطر
قد صرت من حزني وامتعاضي


كالهيكل الهادي إلى الأرباض


إن أذكر العهد اللذيذ الماضي



يختلط السواد بالبياض


وتمطـــر العين على الأنقــاض
وهذا الشعر لم ينتشر بين شعرائنا المحدثين .
النوع الثاني : نوع تتحد فيه القافية في الأشطر الخمسة الأولى ، أما في باقي مخمسات القصيدة ، فيكون للأشطر الأربعة الأولى من كل مخمس منها قافية خاصة ، وتتحد قافية الشطر الخامس مع أشطر المخمس الأول ، ومثاله قول الرصافي :
إلى كم أنت تهتف بالنشيدِ



وقد أعياك إيقاظ الرقودِ


فلست ، وإن شددت عرى القصيدِ



بمجد في نشيدك أو مفيدِ

لأن القوم في غيٍّ بعيدِ


إذا أيقظتهم زادوا رقادا


وإن أنهضتهم ، قعدوا وئادا


فسبحان الذي خلق العبادا


كأن القومَ قد خلقوا جمادا


وهل يخلو الجماد عن الجمودِ ؟



وهذا النوع من المخمسات هو الذي استحسنه الشعراء المحدثون ، فأكثروا منه ، ونظموا فيه أغراضا لم يطرقها القدماء ، ففيه نظم حافظ إبراهيم قصيدة في رثاء الملكة فكتوريا ، ونظم معروف الرصافي قصيدته ( الفقر والسقام ) ، وقصيدته ( إيقاظ الرقود ) .
ويمكن اعتبار هذا النوع من المخمسات مع المربعات نواة للموشحات التي ظهرت فيما بعد ، وذلك نظرا لما فيه من عنصر يتكرر في كل قسم من أقسامه .



أسئلة على ما سبقت دراسته

س1 : ما حكم الأشعار التي خرجت عن الأوزان الخليلية ؟ ، ولمن ينسب ماخرج عن هذه الأوزان؟ .
س2 : ما رأي المولدين في حصر الأوزان في ستة عشر وزنا ؟ ، وماذا يريدون ؟ .
س3 : لم جنح المولدون إلى أوزان أخرى غير أوزان الخليل بن أحمد الفراهيدي ؟ .
س4 : ما الأشياء التي استحدثوها ؟ اذكر أمثلة لذلك .
س5 : ما الذي دعا المولدين إلى الإفلات من قيود القافية ؟ .
س6 : إن اشتراط الوزن والقافية التزام شديدلم تشترطه لغة غير اللغة العربية ، فهل عجزت عن أن تنهض بغرض من أغراض القول ؟ وضح هذا .
س7 : ما الشعر المزدوج ؟ ، ولم طرقه الشعراء ؟ ، ومن أول من نظم فيه ؟ .
س8 : ما المسمطات ؟ ، اذكر نوعا آخر لها .
س9 : ما الشعر المخمس ؟ وما أنواعه ؟ .
مراجع الكتاب

1. أهدى سبيل إلى علمي الخليل العروضِ والقافية :
المرحوم الأستاذ محمود مصطفى . المكتبة التجارية، مكة المكرمة . 1417هـ .
2. الخلاصة الوافية في علمي العروض والقافية :
الأستاذحامد سليمان عباس . 1397هـ .
3. ديوان صفي الدين الحلي :
دار بيروت للطباعة والنشر ، بيروت . 1403هـ .
4. السحر الحلال في الحكم والأمثال :
السيد أحمد الهاشمي دار الكتب العلمية ، بيروت .
5. الشافي في العروض والقوافي :
هاشم صالح مناع . دار الفكر العربي ، بيروت . 1993م .
6. العروض الواضح وعلم القافية :
تأليف الدكتور محمد علي الهاشمي .دار البشائر الإسلامية ، بيروت . 1415هـ .
7. العروض والقافية :
الدكتور أمين عبد الله سالم . مطابع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية . 1410هـ .
8. العروض والقافية :
الدكتور محمد إبراهيم الطاووسي . دار الأندلس للنشر والتوزيع السعودية ، حائل . 1417هـ .
9. علم العروض التطبيقي :
الدكتور نايف معروف ، الدكتور عمر الأسعد .دار النفائس ، بيروت . 1407هـ .
10. علم العروض والقافية :
الدكتور عبد العزيز عتيق . دار النهضة العربية ، بيروت . 1407 هـ .
11. الكافي في علم العروض والقوافي :
الدكتور غالب بن محمد محمود الشاويش . مطابع أضواء البيان ، الرياض . 1417هـ
12. المعجم المفصل في علم العروض والقافية وفنون الشعر :
الدكتور إميل بديع يعقوب . دار الكتب العلمية ، بيروت . 1411هـ .
13. معجم لآلئ الشعر :
الدكتور إميل يعقوب . دار صادر , بيروت . 1996م .
14. معجم مصطلحات العروض والقافية :
د.محمد علي الشوابكة / د.أنور أبوسويلم . دار البشير ، عمان . 1411هـ .
15. المفصل في العروض والقافية وفنون الشعر :
عدنان حقي . دار الرشيد ، دمشق . 1407هـ .
16. ميزان الذهب في صناعة شعر العرب :
المرحوم السيد أحمد الهاشمي . مطبعة حجازي ، القاهرة .1370هـ .
17. الميسر الكافي في العروض والقوافي :
فيصل حسين طحيمر العلي . مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان . 1415هـ .

رد مع اقتباس