منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - ملخصات وشروحات المؤنس والمفيد ,, للثآني عشر
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 03-10-2015 ]
 
 رقم المشاركة : ( 8 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



النصوص الأدبية ( المؤنس) الثاني عشر

إخواني الأعزاء هذا ما قرأنا لكم في قصيدة "سلوتم وبقينا نحن عشاقا"

أشعار ابن زيدون بين حبه للطبيعةوحبه لولادّة: تقع الأندلس في الجنوب الغربي من قارة أوروبا وتشمل ما يسمى الآنبأسبانيا والبرتغال ويفصلها عن القارة الإفريقية مضيق جبل طارق. وقد دخلهاالعرب عام (29هـ- 117م) وأطلقوا عليها اسم بلاد الأندلس وجزيرة الأندلس لمارأوا إحاطة الماء بأكثر جهاتها. وتسعد الأندلس بطبيعة جميلة، وأرض خصبة،وأزهار وأثمار ومشاهد ساحرة تلقى الناظر هنا وهناك قال الشاعر ابن سفرالمريني: في أرض أندلس تلتذ نعماء ولا يفارق فيها القلب سراء وليس في غيرهابالعيش منتفع ولا تقوم بحق الأنس صهباء وأين يعدل عن أرض تخص بها علىالمُدامةأمواه و أفياء وكيف لا يبهج الأبصار رؤيتها فكل روض بها في الوشيصنعاء أنهارها نفة والمسك تربتها والخز روضتها والدر حصباء وللهواء بها لطفيرق به من لايرق، وتبدو منه أهواء وقبل أن نكمل المسيرة بمروج الأندلسالساحرة ونلتمس شذى أزهارها من خلال منجزة ابن زيدون الشعرية لا بد لنا أننستعرض نشأته وحياته ومن ثم نستعرض لوحاته بالتأمل والخشوع تعظيما لذكرياتالأندلس.
نشأة بن زيدون ومسيرة حياته: ابن زيدون: هو الوليد احمد بن عبد اللهبن زيدون ولد بقرطبة سنة (493 هـ- 3001) وكان ميالا إلى العلم والأدب،فنشأهأبوه عليهما واخذ ابن زيدون يتزود منهما ويعني بالأدب واللغة عناية اشد، حتىصار من أعظم شعراء قرطبة توفي سنة (264هـ- 0701م)
حبه لولادّه بنت الخليفةالمستكفي: بلاد الأندلس جنة من جنات الأرض، تهز المشاعر، وتثير العواطف وابنزيدون أحد شعرائها الذين أعجبوا بطبيعتها الساحرة، وهاموا بها، فقد ارتبطت فيحسه ووجدانه، بحبه لولاده بنت الخليفة المستكفي، فتحت أشجارها الوارفةتلاقيا، وبين أزهارها الناضرة ورياضها الشذيذ نعما بالحب، ولقد أصبح هذا الحبمنبعا من منابع شعره، ومصدرا من مصادر إلهاماته الفنية، ألهمته ولاده فغنى،وقلّبته بين دل وإعراض، وإقبال وصدود، فشكا، ثم جرت عليه السياسة محنةالحبس.. فسكن ما بينهما. وسرعان ما تحولت عنه ولاده، فاحتال للفرار من قرطبةوعاد مستخفيا إلى مدينة الزهراء- ضاحية من ضواحي قرطبة- ليستأنف ويجدد ما مضىوقد وافاها الربيع قد خلع عليها برده ونثر سوسنه وورده، واترع جداولها، وانطقبلابلها، فارتاح ارتياح جميل بن معمر- صاحب بثينة- بوادي القرى، وراح بين روضيانع وريح طيبة السرى، فتشوق إلى لقاء ولاده، ولكن خاف تلك النوائب والمحنفكتب إليها هذا القصيدة الرقيقة:


إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا والأفق طلق ومرأىالأرض قد راقا (1) وللنسيم اعتلال، في أصائله كأنه رق لي، فاعتل إشفاقا (2) والروض عن مائه الفضي مبتسم كما شقفت عن اللبات أطواقا (3) نلهو بما يستميلالعين في زهر جال الندى فيه، حتى مال أعناقا (4) كأن أعينه- إذا عاينت أرقابكت لما بي فجال الدمع رقراقا (5) ورد تألق في ضاحي منابته فازداد منه الضحىفي العين إشراقا (6) سرى ينافحه نيلوفر عبق وسنان نبّه منه الصبح إحراقا (7) كل يهيج لنا ذكرى تشوقنا إليك لم يعد عنها الصدر إن ضاقا (8) لا سكن اللهقلبا عن ذكركم فلم يطر بجناح الشوق خفاقا (9) لو شاء حملى نسيم الصبح حين سرىوافاكم بفتى أضناه ما لاقى0 1) يوم كأيام لذات لنا انصرمت بنا لها حين نامالدهر سراقا (11) لو كان وفى المنى في جمعنا بكم لكان من أكرم الأيامأخلاقا (12)
يبدأ الشاعر قصيدته بمناجاة حبيبته فيقول: لقد تذكرتك في مدينةالزهراء الجميلة، فازددت شوقا إليك وتعلقا بك، ولقد كانت الطبيعة باسمة،فالسماء صافية ووجه الأرض ضاحك، والنسيم عليل وقت الأصيل وكأنه يشاركنيذكرياتي الحلوة، والرياض تبتسم وقد جرت مياهها ممتدة بيضاء ما فيه كلبات سقطتعنها أطواقها فبدا منها جمال اسر وبياض صاف. وياما لهونا بين هذه المجالي،يسمر عيوننا منها زهر يتردد الندى في صفحته فتميل به غصونه، ولكأن قطراتالندى دموع تحدرت عن مثلتيه ولم يستطع دفعها وقد أين ما بي (ضمير المتكلميعود على بن زيدون) من وجد صبابة وأرق وسهاد. وهذا الورد المتألق تقع الشمسعلى منابته، فيهتز ويخلع من رونقه على الضحى فيزداد إشراقه وجماله- والنيلوفرا الذي رشح مع الصباح أطيب النفحات والعطر. ثم يذكر الشاعر تلكالمناظر الجميلة الساحرة قد أثارت في نفسه ذكريات أيامه الصوافي، وألهبت شوقهإلى حبيبته وما كان هناك ما يشغله عنها، وهل يملك القلب حين يذكر ولاده إلاأن يطير من الشوق؟ إن قلبا لا يخف لذكر ولاده ولا يخفق بحبها لحري ألا ينعمبالسكون والطمأنينة. ومع القلب الخفاق جسم بروح به الضني، ولو حملته نسائمالصباح إليك لرأيت ما صنعت به الأيام. إن يومه هذا بالزهراء يحكي موقعاوجمالا، سرقاها حينما نام الدهر عنهما (ابن زيدون وولاده) فليته يرد عليهمالذة المنى وسعادة الاجتماع ليعداه من أكرم الأيام واصفاها.
التذوق الأدبيللقصيدة السابقة: تصور هذه القصيدة حالة الشاعر النفسية في فترة من فتراتحياته، وهي قصيدة تفيض بالحياة وتبرز الطبيعة الاندلسية الفاتنة التي مزجالشاعر بها عواطفه الثائرة الجياشة والتي ملكت عليه سمعه وقلبه، وأثارتذكرياته العذبة، وحركت لواعج الحب في نفسه ووصلت بينه وبين حبيبته، إن كل مافيها يشاركه أحاسيسه ويبادله مشاعره، فالرياض تبتسم، إعجابا به، والنسيم يرقإشفاقا عليه، والزهر تخضل عيونه، والصبح ينبه زهر النيلوفر الوسنان وهكذا. وتمثل لنا القصيدة فترتين من حياة الشاعر: فترة الماضي الجميل تمنحه مزيدا منالفتنة والسحر. وفترة الحاضر المحروم الذي بعد فيه عن حبيبته، وقاسى تباريحالهوى والآم الفراق. ولقد حول الشاعر أفكار القصيدة إلى عواطف جياشة وقدأكسبت الصور البيانية في القصيدة المعنى وضوحا وزادت في نقائه فالاستعارة فيالنسيم يرق لحاله) دلت على شدة إشفاق النسيم على الشاعر وفي الروض يبتسم، دلتعلى مشاركة الشاعر في سروره. ذكرياته لقرطبة: عاش بن زيدون فترة من الزمنبقرطبة، لذ له بها العيش وابتسمت له الحياة وذلك أيام توليه الوزارة فيهالابن جهورا أميرها. ثم قدر له أن يبتعد عنها، بعد أن تغير عليه ابن جهور،ولكن بعده عنها لم ينسه جمالها وذكرياته الحلوة فيها. معاني الكلمات
(1) طلق: واضح جميل، راق: صفا (2أصائله: جمعأصيل وهو الوقت بين العصر والمغرب، اعتل: مرض (3) اللبات: جمع لبة وهي موضعالقلادة من الصدر (4) جال: جرى (5) رقراق: متلألئ لامعا (6) تألف: اشرق ولمع،ضاحى منابته: المنابت البارزة للمشي والمنورة في رياضه وأغصانه. (7) ينافحه: يغالبه، فيلوفر: نبات ينبت في المياه الراكدة ويورق على سطحها وله زهر يتفتحفي النهار وينام في الليل، عبق: قوى الرائحة (8) يهيج: يثير لم يعد: لم يجاوز (9) عن: عرض، خفاقا: متحركا (10) أضناه: أتعبه (11) انصرمت: مضت (12) وفىالمنى: اكتمل السرور

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس