منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - فتاوي وأحكام
الموضوع: فتاوي وأحكام
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 02-22-2010 ]
 
 رقم المشاركة : ( 4 )
::الـمـشـرف العـام::
::مستشار المنتدى::
رقم العضوية : 8
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : عمان
عدد المشاركات : 7,603
عدد النقاط : 913

الامير المجهول غير متواجد حالياً



النَّافِعَ والضَّارَ

الشيخ حمود بن حميد الصوافي
من رحمةِ اللهِ سبحانَهُ وتعالى بعبادِهِ أنْ بيَّنَ لهم النَّافِعَ والضَّارَ والحلالَ والحرامَ وأحلَّ لهم الطيباتِ وحرمَ عليهم الخبائِثَ وأباحَ لهم التوسُّعَ في كسبِ المالِ من طريقٍ حلالٍ وحَرَّمَ عليهم الربا ذلكُمُ المرضُ الاجتماعِيُ الخطيرُ الذي يغرسُ في النَّفْسِ الرذَائِلَ التي على رأْسِها الأَنَانيَّهُ والاستغلالُ وامتصاصُ دماءِ العبادِ وحبُّ الكسلِ والعيشُ على حسابِ الآخرينَ ذلكُمُ الداءُ الوبيلُ الذي هو أقبحُ الفواحشِ وأعظمُ الجرائِمِ وأقوى عواملِ الذُلِّ والاستعبادِ وأكبرُ أسبابِ الفقرِ والدمارِ فكَمْ له من ضَحَايا وكم خَرَّبَ من بُيُوتٍ وكم جَرَّ من جَرائِرَ وكم جَلَبَ من مِحَنٍ وبَلايا حَذَّرَ اللهُ سبحانه وتعالى منه غايةَ التحذِيرِ ونَفَّرَ الناسَ من تعاطِيهِ بأَبْلَغِ الزواجِرِ نَهَى عن ارتِكَابِهِ وأعلَنَ الحربَ على مرتَكِبِهِ وتَوَعَّدَ متَعَاطِيَهِ بسوءِ العاقِبَةِ والمصيرِ والخلودِ في النارِ يقولُ عزَّ من قائلٍ (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) .

ومما تحدَّثَ بِهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ليلةَ أُسرِيَ بِهِ أنْ قالَ " مرَرْتُ بقَوْمٍ بُطُونُهُم كالبيوتِ فيها الحيَّاتُ تُرَى من ظَاهِرِ بُطُونِهِم فقلتُ مَنْ هؤلاءِ يا جِبْرِيلُ قالَ هؤلاءِ أَكَلَةُ الرِّبَا " وعن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ " اجتَنِبُوا السَّبْعَ الموبقَاتِ قالوا يا رسولَ الله : وما هُنَّ قالَ الشركُ باللهِ والسحرُ وقتلُ النفسِ التي حرَّمَ اللهُ إلا بالحقِّ وأكلُ الرِّبا وأكلُ مالِ اليتيمِ والتَّوَلي يومَ الزَّحفِ وقذفُ المحصَنَاتِ الغافِلاتِ المؤمناتِ " وعن جابرِ بن عبدِاللهِ قالَ : " لَعَنَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم آكلَ الربا ومُوكِلَهُ وكاتِبَهُ وشاهِدَيهِ " .

عن أبي هريرةَ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ " أربعةٌ حقٌ على اللهِ ألاَّ يُدْخِلَهُمُ الجنةَ ولا يُذيقَهُم نعيمَهَا مُدْمِنُ الخمرِ وآكلُ الرِّبا وآكلُ مالِ اليتيمِ بغيرِ حقٍّ والعَاقُّ لوالدَيهِ " والربا الذي يَظُنُّ الإنسانُ فيهِ النماءَ والزيادَةَ في المالِ إنما هو في الواقِعِ محقٌ في البَرَكَةِ من المالِ بل ومِنَ الأَنفُسِ أيضا فالربا يَمحَقُ البرَكَةَ ويَذهِبُ بالحلالِ ونتيجَةُ ذلك الإفلاسُ وسوءُ العاقبةِ والمصيرِ فما أكثَرَ أحدٌ من الربا إلا كانَ عاقبةُ أمرِهِ إلى قِلَّةٍ (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) وهناك عقوبَةٌ جماعِيَّةٌ يستوجِبُهَا المجتمعُ إذا انْحَرَفَ في تيَّارَاتِ هذا الوباءِ " إذا ظَهَرَ الرَّبا والزَّنا في قريةٍ أَذِنَ اللهُ بهلاكِهَا " " ما مِنْ قومٍ ظَهَر فيهِمُ الرِّبا والزِّنا إلا أحَلُّوا بأنفسِهِم عذابَ اللهِ " " ما مِنْ قومٍ يَظْهَرُ فيهِم الربا إلا أُخِذُوا بالسِّنَة " أي بمَنعِ الغيثِ ونزولِ القحطِ فكيفَ مع ذلك يَتَجَرأُ أحدٌ على مُحَاربَةِ اللهِ ورسولِهِ والتَّعَرُّضِ لسخَطِ اللهِ وعذَابِهِ كيف يفعلُ ذلك منْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ؟.
وممَّا يَجِبُ على كلِّ مسلمٍ أنْ يجتَنِبَ أيَّ بابٍ مِنْ أبْوابِ الرِّبَا ومما لا رَيْبَ فيهِ أنَّ الزيادَةَ التي تُسْتَمَدُ منَ البنوكِ إنَّما هي بابٌ منْ أبْوابِ الرِّبَا الصَّريحِةُ الواضحِةُ ومن أبْوابِ الربا بيعُ الجِنْسِ بِجِنسِهِ إذا كانَ غيرَ يدٍ بِيَدٍ ولو لم تَكُن هناكَ زيادةٌ كبيعِ الذهَبِ بالذهَبِ أو الفضَّةِ بالفضَّةِ أو الذهَبِ بالفضةِ وكاستِبْدَالِ الريالاتِ صرفَاً بَدَلَ الدَّرَاهِمَ أو الدَّرَاهِمَ بَدَلَ الريالاتِ أو الدنانيرَ بدَلَ الريالاتِ أو نحوَ ذلك مما هو مُتَّحِدُ الجِنْسِ فكلُّ هذا لا يجوزُ بيعُهُ إلا يداً بيدٍ، عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "الذهَبُ بالذهَبِ والفضةُ بالفضةِ والبُرُّ بالبُرِّ والشعيرُ بالشعيرِ والتمرُ بالتمرِ والمِلحُ بالمِلْحِ يداً بيدٍ فمنْ زادَ أو استَزَادَ فقَدْ أرْبَى الآخِذُ والمُعْطِي فيهِ سَواءٌ " وعن جابر بن زيدٍ قالَ بلغَنِي عن طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ أنَّهُ التَمَسَ منْ رجُلٍ صَرْفاً فَأَخَذَ طلحةُ الذهَبَ بِيَدِهِ يُقَلِّبُهُ فقالَ حتَّى يَجِيءَ خَازِنِيْ مِنَ الغَابَةِ وعمرُ بن الخطابِ رضي الله عنه حاضِرٌ يَسْمَعُ كلامَهُمَا فقالَ :واللهِ لا أُفَارِقُكُمَا حتى يَتِمَّ الأمْرُ بينَكُمَا فإنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ " الذهبُ بالوَرِقِ رباً إلا هَا وهَا والبُرُّ بالبُرِّ رباً إلا هَا وهَا والتَّمْرُ بالتَّمْرِ رباً إلا هَا وهَا والشعيرُ بالشعيرِ رباً إلا هَا وهَا وعن عُبادَةَ بنِ الصامِتِ قالَ : قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " لا تبيعُوا الذهبَ بالذهبِ ولا الفضةَ بالفضةِ ولا البُرَّ بالبُرِّ ولا الشعيرَ بالشعيرِ ولا الملحَ بالملحِ إلا مِثلاً بمثلٍ يداً بيدٍ سواءً بسواءٍ عيناً بعين.







--------------------------------------------------------------------------------





سيرة صحابي

الشاعر الشهيد عبد الله بن رواحة ..
إعداد / سيف بن عبدالله الناعبي
إنه الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة الخزرجي الأنصاري -رضي الله عنه- وكان يكنى أبا محمد. وقد حضر بيعتي العقبة الأولى والثانية، وشهد بدرًا وأحدًا والخندق، وكان أحد شعراء النبي الثلاثة، وكان بين يدي النبي في عمرة القضاء يقول:خَلُّوا بني الكُفَّار عَنْ سَبيلِهِ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ ضَرْبًا يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ وَيُذْهِلُ الخَلِيلَ عَنْ خَلِيـله فنادى عليه عمر وقال له: في حرم الله وبين يدي رسول الله تقول هذا الشعر؟ فقال له النبي : خَلِّ عنه يا عمر، فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وَقْعِ النبل وكان عبد الله عابدًا محبًا لمجالس العلم والذِّكر، فيروى أنه كان إذا لقى رجلا من أصحابه قال له: تعال نؤمن بربنا ساعة. وذات مرة سمعه أحد الصحابة يقول ذلك، فذهب إلى النبي ، وقال: يا رسول الله، ألا ترى ابن رواحة، يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة؟! فقال له النبي : رحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة .وذات مرة ذهب عبد الله إلى المسجد والنبي يخطب، وقبل أن يدخل سمع النبي يقول: (اجلسوا) فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبي من خطبتيه، فبلغ ذلك النبي ، فقال له: زادك الله حرصًا على طواعية الله ورسوله .وكان كثير الخوف والخشية من الله، وكان يبكي كثيرًا، ويقول: إن الله تعالى قال: {وإن منكم إلا واردها}، فلا أدري أأنجو منها أم لا؟وعُرفَ عبد الله بن رواحة بكثرة الصيام حتى في الأيام الشديدة الحر، يقول أبو الدرداء -رضي الله عنه- خرجنا مع النبي في بعض أسفاره في يوم حار حتى وضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا النبي وابن رواحة.ولما نزل قول الله تعالى: {والشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون. وأنهم يقولون ما لا يفعلون} أخذ عبد الله في البكاء لأنه كان شاعرًا يقول الشعر، ويدافع به عن الإسلام والمسلمين، وقال لنفسه: قد علم الله أني منهم، وكان معه كعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وهم شعراء الرسول الثلاثة، فنزل قول الله تعالى :إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرًا وانتصروا من بعد ما ظلموا. ففرح عبد الله بذلك، واستمر في نصرة المسلمين بشعره.
وكان ابن رواحة أمينًا عادلاً، وقد أرسله النبي إلى يهود خيبر؛ ليأخذ الخراج والجزية مما في أراضيهم، فحاولوا إعطاءه رشوة؛ ليخفف عنهم الخراج، فقال لهم: يا أعداء الله، تطعموني السحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم أي أتعامل معكم بالعدل وفي شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة، علم الرسول أن الروم قد حشدوا جيوشهم استعدادًا للهجوم على المسلمين، فأرسل النبي جيشًا إلى حدود الشام عدده ثلاثة آلاف مقاتل؛ ليؤمِّن الحدود الإسلامية من أطماع الروم، وجعل زيد بن حارثة أميرًا على الجيش، وقال لهم: إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رَواحة . فلما وصل جيش المسلمين إلي حدود الشام، علموا أن عدد جيش الروم مائتا ألف فارس، فقالوا: نكتب إلى النبي ليرسل إلينا مددًا من الرجال، أو يأمرنا أن نرجع أو أي أمر آخر، فقال لهم ابن رواحة: يا قوم، والله إن التي تكرهون هي التي خرجتم تطلبون، إنها الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، إنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به. فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور (نصر) وإما شهادة.فكبر المسلمون وواصلوا مسيرتهم حتى نزلوا قرية بالشام تسمى مؤتة، وفيها دارت الحرب، وقاتل المسلمون أعداءهم قتالاً شديدًا، وأخذ زيد بن حارثة يقاتل ومعه راية المسلمين، فاستشهد زيد، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب، وراح يقاتل في شجاعة حتى استشهد، فأخذ عبد الله الراية، فأحس في نفسه بعض التردد، ولكنه سرعان ما تشجع، وراح يقاتل في شجاعة ونال عبد الله الشهادة، ولحق بصاحبيه زيد وجعفر.









--------------------------------------------------------------------------------




حفظ النعم

قال الله تعالى ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ) سورة إبراهيم 28 فهؤلاء جاءتهم نعمة الإيمان فرفضوها واستبدلوا بها الكفر والعصيان فالنعمة ليست عدوة للإنسان ولكن الإنسان هو عدو النعمة إذا لم يفهم مراد الله تعالى منها ولم يشكرها ولم يستعملها على النحو الذى يرضي الله تعالى
الجوارح نعمة ، الوقت نعمة ، الصحة والعافية من البلاء نعمة ، الأولاد نعمة ، والنعم لا تقف عند حصر ولا يستطيع أحد أن يحصيها والعاقل هو الذي يستقبلها حامدا لربه شاكرا لفضله قائما بحقه فيها جاعلا منها عونا على طاعة الله تعالى وأما إذا شغلته عن ربه فتصبح حينئذ حجابا بينه وبين الله لأنه انشغل بالنعمة عن المنعم جل وعلا وبالعطاء عن المعطي ، لذلك ترك الشكر والثناء والحمد وقد قرن الله تعالى الشكر بالإيمان وأخبر أنه لا غرض له في عذاب خلقه إن شكروا وآمنوا فقال تعالى (( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما ) النساء 147 وعلق سبحانه وتعالى المزيد بالشكر ، والمزيد منه لا نهاية له كما لا نهاية لشكره فقال جل وعلا في سورة إبراهيم في الآية الكريم 7 ( وإذا تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ).
ويقول ابن القيم في معنى الشكر شكر العبد يدور على ثلاثة أركان ، ولا يكون شكرا إلا بمجموعها وهي الاعتراف بالنعمة باطنا ، والتحدث بها ظاهرا ، والاستعانة بها على طاعة الله تعالى ، فالشكر يتعلق بالقلب واللسان والجوارح ، فالقلب للمعرفة والمحبة ، واللسان للثناء والحمد ، والجوارح لاستعمالها في طاعة المشكور وكفها عن معاصيه والغاية من خلق العباد هى شكر المنعم على ما أعطاه وأولاه لعباده قال تعالى في سورة النمل 78 ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ) وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قام حتى تفطرت قدماه فقيل له أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال ( أفلا أكون عبدا شكورا ) وروى أبو داود عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال لمعاذ رضي الله عنه ( والله إني لأحبك فلا تنسى أن تقول دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) وروى مسلم عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال ( إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها )
فكل هذه الآثار تكشف بوضوح أسباب حفظ النعم من الزوال وقيدها من الفرار وسلف الأمة كثيرا ما ترمى عباراتهم إلى الشكر واعتباره أكبر المنازل التي تهفوا إليها أفئدة الصالحين والمخلصين كما جعلوا الشكر يفتح لهم أبواب المزيد من عطاء الله تعالى الذي لا ينفذ أبدا ، قال عمر بن عبد العزيز قيدوا نعم الله بشكر الله ، وقال ابن أبى الدنيا عن على بن أبى طالب كرم الله تعالى وجهه أنه قال لرجل من همدان إن النعمة موصولة بالشكر والشكر يتعلق بالمزيد وهما مقرونان فلن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد
فعلينا أيها القراء الكرام أن نكثر من ذكر نعم الله علينا ونتحدث بها فإن ذكرها شكر وقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يحدث بنعمة ربه عليه فقال (( وأما بنعمة ربك فحدث ) الضحى 11 والله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده فإن ذلك شكرها بلسان الحال
وكان أبو المغيرة إذا قيل له كيف أصبحت يا أبا محمد قال أصبحنا مغرقين في النعم عاجزين عن الشكر يتحبب إلينا ربنا وهو الغني عنا ونتمقت إليه ونحن أحوج ما نكون إليه ، وقال رجل لأبي حازم ما شكر العينين يا أبا حازم قال إن رأيت بهما خيرا أعلنته وإن رأيت بهما شرا سترته ، قال فما شكر الأذنين قال إن سمعت بهما خيرا وعيته وإن سمعت بهما شرا دفعته ، قال وما شكر اليدين قال لا تأخذ بهما ما ليس لهما ولا تمنع حقا لله هو فيهما ، قال وما شكر البطن قال أن يكون أسفله طعاما وأعلاه علما ، قال فما شكر الفرج قال ( والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) المعارج 29 / 30 / 31 هذا والذى شكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه مثله كمثل رجل له كساء فأخذ بطرفه ولم يلبسه فما نفعه ذلك من الحر والبرد والثلج والمطر
وكتب أحد العلماء إلى أخ له أما بعد فقد أصبح بنا من نعم الله ما لا نحصيه من كثرة ما نعصيه فما ندري أيهما نشكر أجميل ما يُسر أم قبح ما سُتر
وقال رجل لأبي تميمة كيف أصبحت قال أصبحت بين نعمتين لا أدري أيتهما أفضل ، ذنوب سترها الله تعالى علىَّ فلا يستطيع أن يعيرني بها أحد ، ومودة قذفها الله تعالى في قلوب العباد لا يبلغها عملى.
هذا والله تعالى أعلم
أنس فرج محمد فرج

رد مع اقتباس