منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - فتاوى الصلاة للشيخ سعيد بن مبروك القنوبي
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 01-30-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 13 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



1 - فمنهم مَن قال: إنّه يُصليها ولا يُشرَع له فيها القراءة، وهو قول مِن الضعف بمكان.

2- وبعضهم قال: يُشرَع أن يأتي فيها بالفاتحة فقط، وهو-أيضا-مصادِم للدليل، كما سيأتي بمشيئة الله تبارك وتعالى.

3- ومنهم مَن قال: إنه يُشرَع للإنسان أن يَقرأ فيها الفاتحة ويَقرأ فيها شيئا مِن السور القصيرة أو مِن الآيات القصيرة، وهذا هو الصحيح الثابت، فقد كان النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-يأتي فيها بسورة الكافرون في الركعة الأولى وبسورة الإخلاص في الركعة الثانية .. هذا في بعض الأحوال، وكان يأتي في بعض الأحيان بقول الله تبارك وتعالى: { قُولُوا آمَنَّا ..ْ} (6) .. بالآية [ 136 ] التي في سورة البقرة، وفي الركعة الثانية كان يأتي بالآية الثانية والخمسين(7) في بعض الروايات(8) وفي بعض الروايات بالآية الرابعة والستين(9) مِن سورة آل عمران(10).. كان هكذا صلوات الله وسلامه عليه يَختصر القراءة.

4- وذهب بعض أهل العلم أنه يأتي فيها بسورة أو بآية ولا يأتي بفاتحة الكتاب.
فهذه أربعة أقوال، أصحّها أنه يأتي بفاتحة الكتاب وبسورة أو آية قصيرة، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أما السورة فأمرها واضح بما ذكرناه مِن السور التي كان يأتي بها النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما بالنسبة إلى الفاتحة فذلك واضح مِن حديث: ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب )، وهو صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وبِحديث: ( كل صلاة لا يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج فهي خداج فهي خداج )، وهو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فهي داخلة في ضِمن بقية الصلوات التي دلّ هذان الحديثان وغيرهما مِن الأحاديث الكثيرة الدالة على مشروعية قراءة الفاتحة فيها.
وبقية الأقوال لا دليل عليها، ولعل الذين قالوا يأتي بسورة قصيرة أو بآية قصيرة أخذوا ذلك مما ذكرتُه عن السيدة عائشة فقالوا إذا كانت تشكّ هل أتى بفاتحة الكتاب فإنه إذا أتى بهذه السورة معنى ذلك أنه كان يَقتصِر عليها إذْ إنه إذا كانت تشكّ في الفاتحة فكيف يمكن أن يأتي بالفاتحة وبسورة أو آية بعدها، ولكننا نَحمِل قول السيدة عائشة-رضي الله تعالى عنها-على المبالَغة في الاختصار في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الصلاة.
هذا وقد ذهب بعضُ العلماء إلى أنه ينبغي للإنسان أن يُطيل القراءة فيها ولو قرأ في كل سورة بِجزء كامل، وهو قول ضعيف مصادِم للحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قلتُ سابقا: إنه ينبغي للإنسان أن يُطبِّق السنّة على حسب ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في كِمّيَتها وكيفيتها وعددها إلى غير ذلك مما ذكرتُه، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يَختصِر القراءة في هذه الصلاة-على حسب ما ذَكَرَتْه السيدة عائشة، الثابت عنها بالإسناد الصحيح-فكيف ينبغي أن نقول: " إنه ينبغي للإنسان أن يُطيل القراءة "، مع أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان تارة يَتحدَّث مع السيدة عائشة-رضي الله تعالى عنها-إذا كانت قائمة بعد الصلاة وتارة يَضطَجع على يَمينه، كما ثبت ذلك عنه صلوات الله وسلامه عليه، فالوقت واسع للقراءة ومع ذلك كان يَختصِر القراءة في هذه الصلاة، فينبغي للإنسان أن يُطبّق السنّة، فالخير كل الخير والفضْل كل الفضْل في متابعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أما الإطالة فلها وقت آخر، وقد أحسن الإمام الخليلي-رضوان الله تبارك وتعالى عليه-عندما سُئِل عن مسألة عن الراجح مِن الأقوال فيها فبيَّن رضوان الله-تبارك وتعالى-عليه السنّة ثم قال: " وفيها الفضْل لِمَن أراد الفضْل "، فالفضْل في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في الاختصار في هذه الصلاة؛ والله أعلم.
أما بالنسبة إلى صلاتِها في أثناء صلاة الإمام فهذه المسألة اختلف العلماء فيها، وتحت هذه القضية مسألتان:
الأولى: أن يكون الإنسان قد شَرَع في هذه الصلاة ثم أُقيمت الجماعة .. هنا اختلف العلماء:

1- منهم مَن قال: إنه يُواصِل الصلاة إلا إذا خاف أن تَفُوتَه صلاة الإمام.

2- ومنهم مَن قال: إنه يَقطَع الصلاة .. يُسلِّم ويَدخُل مع الإمام.

3- ومنهم مَن قال: إنّ صلاته تَبطُل ولو لم يَقطَعها بل لا حاجة إلى قَطعِها.

4- ومنهم مَن قال: إن كان يَعرِف أنه سيُدرِك الركعة الأولى .. سيُدرِك الركوع مِن الركعة الأولى فإنه يُواصِل صلاته، أما إذا كان لا يُدرِك ذلك فلا، وذلك لحديث: ( مَن أدرك ركعة فقد أدرك الصلاة ).

5- ومنهم مَن قال: إذا كان قد صلى ركعة واحدة فإنه يُكمِل الركعة الثانية، أما إذا كان لم يُصلِّ ركعة-وذلك يُقيَّد بالركوع-فإنه يَقطَع تلك الصلاة ويَدخل مع الإمام.
و-على كل حال- النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح: ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة )، فإذا أقيمت الصلاة فينبغي للإنسان أن يَدخُل مع الجماعة وبعد ذلك يَقضي هذه الصلاة بمشيئة الله تبارك وتعالى.
أما إذا كان لم يَدخُل في الصلاة مِن قبل ووَجد الجماعة تُصلِّي فاختلفوا:

1- منهم مَن قال: يُمنَع مِن صلاة السنّة في هذا الوقت بل عليه أن يَدخُل مع الجماعة ولا يَجوز له أن يُصلي السنّة.

2-ومنهم مَن قال: يُكرَه له ذلك ولكن إذا صَلاها فتُعتبَر صحيحة.

3- ومنهم مَن قال: له أن يُصلِّيَها إذا كان خارج المسجد أو في موضعٍ لا تَصِحُّ صلاتُه فيه مع الإمام، ومنهم مَن قَيَّد ذلك بِما إذا كان ذلك خارج المسجد.

4- ومنهم مَن قال: إذا كان يُمكِن أن يُدرِك الإمام في الركعة الأولى فله أن يُصلي، أما إذا كان لا يُمكِنه ذلك فلا.

5- ومنهم مَن قال: إنه إن كان سيُدرِك الركوع مِن الركعة الثانية فله أن يَدخُل، وإلا فلا.

6- ومنهم مَن قال: ليس له أن يُصلي مع الجماعة بل عليه أن يُصلِّي أوّلا السنّة فإن خاف أن يَفُوتَه الوقت-أي أن يَفُوتَه وقتُ صلاة الفجر-ففي هذه الحالة يُصلي الفريضة، أما إذا أَمكَنَه أن يُصلي السنّة فليَشتغِل بالسنّة ولو فاتته الجماعة.
والصحيح-ما ذكرناه سابقا، وهو-أنه عليه أن يَدخُل مع الإمام لحديث: ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) .. هذا هو الصحيح عندنا، وإذا ثبت الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم -كما قلنا أكثر مِن مرة-فلا ينبغي لأحد أن يَقول بِخلاف ما ثبت به الحديث عنه صلوات الله وسلامه عليه.
أما بالنسبة إلى قضاء السنّة بعد الفريضة أو بعد طلوع الشمس ففيه كلام، ولعله لم يَرِد في السؤال فلا أتعرض له الآن(11).


س:
ما هي السّنن الراتِبة ؟


ج:
قد تكلمنا بالأمس(12) على بعض السّنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم مِن قوله وفعله صلوات الله وسلامه عليه، وبيّنَا (13) أنّ مِن السّنن المؤكَّدة سنّة الفجر وسنّة الوتر، وهنالك-أيضا-سنن مؤكَّدة أخرى، ولكنّها ليست مقيَّدة باليوم والليلة، وإنما تُفعَل لبعض الأسباب .. عندما توجد تلك الأسباب فإنه يُؤتى بها، وليس كلامنا في ذلك في هذا الوقت(14).
أمّا بالنسبة إلى السّنن الراتبة فهي السّنن التي كان يُواظِب عليها النبي صلى الله عليه وسلم في حضره، بِخلاف المؤكَّدة فإنه كان يُواظِب عليها في السفر والحضر.
و-قد قُلت(15): إنّ-النبي صلى الله عليه وسلم لم يَترك سنّة الفجر والوتر لا في سفره ولا حضره.
أمّا ما يُؤخذ مِن بعضِ الروايات أنه لم يُصلِّ الوتر في ليلة جَمْع فإنه لم يُصلِّها في ذلك الوقت، والظاهر أنه صلاها بعد ذلك، أخذا مِن الأحاديث الأخرى التي صَرَّحت بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُواظِب على الوتر في أسفاره صلوات الله وسلامه عليه، وإذا وجدنا أدلة في ظاهرها شيء مِن التعارض فإنه ينبغي أن نَجمَع بيْن شَمل تلك الأدلة ونأخذ بِما اجتمَعَتْ عليه .. هذا إذا أَمكَن ذلك، وهذا مُمكِن-بحمد الله-في هذه القضية، وللإطالة في ذلك موضع آخر.
أما بالنسبة إلى السّنن الرواتب فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يُواظِب عليها في حضره، وقد أمر بها أيضا، كما جاء ذلك في حديث السيدة أم حبيبة أم المؤمنين-رضي الله تبارك وتعالى عنها-الذي ذكرَتْ فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن حافظ على اثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته بُني له بيت في الجنة ) وفي بعض الألفاظ: ( بنى الله له بيتا في الجنة )، والحديث صحيح، رواه مسلم، وطائفة كبيرة مِن أئمة الحديث، لا أرى داعيا لذكرهم في هذا الوقت، وقد جاءت المواظَبة على هذه السّنن-أيضا-في حديث السيدة عائشة رضي الله-تعالى-عنها، وهو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، رَوَتْه جماعة كبيرة مِن أئمة الحديث، وكذلك جاء ذلك عن البراء بن عازب في بعضها، وجاء في بعضها-أيضا-عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري-رضي الله تبارك وتعالى عنهما-على اختلاف يسير في عَدَد بعض الركعات.
سنّة الفجر هي ركعتان، و-كما قلتُ هي مِن السّنن المؤكَّدة.
أما السّنن الراتبة التي هي قبل الفرائض وبعد الفرائض:
فمنها السنّة القَبْليَّة التي هي قبل فريضة الظهر، وقد اختلفتْ الأحاديث .. منها ما جاء أنّها أربع ركعات، ومنها ما جاء أنّها ركعتان، فقد جاء عن السيّدة عائشة-رضي الله تبارك وتعالى عنها-أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي أربعا، وكذلك جاء في حديث السيّدة أم حبيبة-رضي الله تعالى عنها-وهو حديث قولي أنّه ذَكَرَ منها أربعا قبل الظهر، وجاء في حديث ابن عمر وفي حديث أبي سعيد الخدري-رضي الله تعالى عنهما-وهما حديثان صحيحان أنه صلى الله عليه وسلم كان يُصلي ركعتين قبل الظهر، وهنالك أحاديث أخرى منها ما يدّل على هذا ومنها على ذاك، ولكنّ الصحيح منها ما ذكرناه، وقد اختلفت كلمة أهل العلم في الجمع بين الرواية التي فيها الأربع والرواية التي فيها الركعتان:

1-فمِن العلماء مَن قال: إنّ السيّدة عائشة-رضي الله تبارك وتعالى عنها-حكت ما شاهدَتْه وحكى ابن عمر و-كذا-أبو سعيد-رضي الله عنهما-ما شاهداه، وهذا ليس بقول مستقل في حقيقة الواقع، إذ إنّه يَرجع إلى بعض الأقوال الآتية بمشيئة الله تبارك وتعالى.

2- ومنهم مَن قال: إنّ ابن عمر-رضي الله تبارك وتعالى عنهما-قد نسي الركعتين الأُخْرَيَيْن، وحَفِظَتْ ذلك السيّدة عائشة رضي الله-تبارك وتعالى-عنها، وليس بِعجَبٍ أن يَنسى بعض الصحابة بعض السّنن التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك أمثلة متعدِّدة لا أرى داعيا لإيرادها الآن ولكنّ هذا-في حقيقة الواقع-خلافُ الأصل لا يُصَار إليه إلاّ إذا لم يُمكِن أن يُحمَل الحديث على ما رُوي عن ذلك الصحابي، على أنّ ابن عمر-كما قلتُ لم يتفرّد بذلك، فقد رواه أبو سعيد عند الإمام الربيع رحمه الله تبارك وتعالى(16).

3- ومنهم مَن قال: إنّ مَن حكى الأربع-وهي السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها وحكى ذلك أيضا غيرها مِن الصحابة-فحكى ما كان يَفعله النبي صلى الله عليه وسلم في البيت، بينما حكى مَن حكى أنّه كان يُصلي ركعتين ما كان يَفعله في المسجد، فقد كان يُصلي في البيت أربعا وكان يصلي في المسجد ركعتين.

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس