منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - ملخصات وشروحات المؤنس والمفيد ,, للثآني عشر
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 03-10-2015 ]
 
 رقم المشاركة : ( 10 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



ألا لا أري الأحداث مدحا ولا ذما

الـمـتـنـبـي



أَلا لا أَرى الأَحداثَ حَمداً وَلا ذَمّا فَما بَطشُها جَهلاً وَلا كَفُّها حِلما
الأحداث نوائب الدهر ومصائبه ، والبطش الأخذ بالقوة .
يقول : لا أحمد الحوادث السارة ولا أذم الضارة لأنها إذا بطشت بنا أو آذتنا لم يكن ذلك جهلا منها وإذا كفّت عن البطش والضرر لم يكن ذلك حلما يعني أن الفعل في جميع ذلك ليس لها وإنما تنسب الفعال إليها .

إِلى مِثلِ ما كانَ الفَتى مَرجِعُ الفَتى يَعودُ كَما أُبدي وَيُكري كَما أَرمى
أكرى : نقص ، أرمى : زاد
إن كل واحد يرجع إلى ما كان عليه من العدم ويعود إلى حالته الأولى كما أبدئ وينقص ما حدث فيه من الحياة كما زاد ، ولهذا لا ذنب للحوادث أن أمدحها أو أذمها .

لَكِ اللَهُ مِن مَفجوعَةٍ بِحَبيبِها قَتيلَةِ شَوقٍ غَيرِ مُلحِقِها وَصما
لك الله : دعاء لها ، ومن مفجوعة : من زائدة ، والوصم : العيب .
هي مفجوعة قتلت بسبب شوقها إليه وليس هذا الشوق مما يلحق بها عيبا لأنه كشوق الأم إلى ولدها .

أَحِنُّ إِلى الكَأسِ الَّتي شَرِبَت بِها وَأَهوى لِمَثواها التُرابَ وَما ضَمّا
يريد بالكأس التي شربت بها كأس الموت ، ومثواها : مقامها ويقصد القبر .
يقول : لا أحب البقاء بعدها وأحب _ لأجل بقاءها في التراب _ التراب وما ضمه التراب يعني شخصها فقد أحبّ التراب لأنه يضمها ولأنها هي فيه .

بَكَيتُ عَلَيها خيفَةً في حَياتِها وَذاقَ كِلانا ثُكلَ صاحِبِهِ قِدما
الثكل : الفقد ، قدما : قديما .
يقول : كنت أبكي عليها في حياتها خوفا من فقدها وضرب الدهر من ضرباته وفرق بيننا وتغربت عنها فذاق كل واحد منا ثكل صاحبه قبل الموت .

وَلَو قَتَلَ الهَجرُ المُحِبّينَ كُلَّهُم مَضى بَلَدٌ باقٍ أَجَدَّت لَهُ صَرما
أجدّ : جدد ، الصرم : القطيعة .
يقول : لو كان الهجر يقتل كل محب كما قتلها هجري لَقتل بلدها أيضا ، يعني أن بلدها كان يحبها لإفتخاره بها لما لها عليه وعلى أهله من الأفضال ولكن الهجر إنما يقتل المحبين دون بعض .


عَرَفتُ اللَيالي قَبلَ ما صَنَعَت بِنا فَلَمّا دَهَتني لَم تَزِدني بِها عِلما
كنت عالما بالليالي وتفريقها بين الأحبة قبل أن تصنع بنا هذا التفريق فلما دهتني هذه المصيبة لم تزدني بها علما .

مَنافِعُها ما ضَرَّ في نَفعِ غَيرِها تَغَذّى وَتَروى أَن تَجوعَ وَأَن تَظماالضمير في منافعها يعود للمرثية يعني أنها كانت قليلة الطعام تؤثر بالطعام على نفسها فتجوع وتضمأ لتنفع غيرها ويقول : إن غذاؤها وريّها في أن تجوع وتضمأ لأن سرورها بإطعام غيرها يقوم مقام شبعها وريها ، وتقدير ما ضر هو ما ضرها .

أَتاها كِتابي بَعدَ يَأسٍ وَتَرحَةٍ فَماتَت سُروراً بي فَمُتُّ بِها غَمّا
الترحة : الحزن .
إشتد حزني عليها فكأني مت بها غما وماتت هي من شدة سرورها بحياتي ورسالتي إليها بعد يأسها مني .

حَرامٌ عَلى قَلبي السُرورُ فَإِنَّني أَعُدُّ الَّذي ماتَت بِهِ بَعدَها سُمّا
السرور حرام عليّ لأنه كان سببا في وفاة جدتي لذلك أعده سما وأحرمه على نفسي .

تَعَجَّبُ مِن خَطّي وَلَفظي كَأَنَّها تَرى بِحُروفِ السَطرِ أَغرِبَةً عُصما
تَعَجَّبُ : حذف إحدى التاءين أي تتعجب ، أغربة : جمع غراب ، العصم : جمع أعصم وهو الذي في جناحه بياض ، والغراب الأعصم نادر الوجود .
يقول : إنها كانت تتعجب من كتابي _ كلما رأته _ حتى كأنها كانت تنظر إلى ما لا يوجد كالغراب الأعصم ، ووجه تعجبها أنه سافر عنها حتى يئست منه فلما نظرت إلى كتابه أكثرت النظر شغفا به لا عجبا حقيقيا بالكتاب أي أنها لم تعجب بالكتاب كما أُعجبت بصاحب الكتاب .

وَتَلثَمُهُ حَتّى أَصارَ مِدادُهُ مَحاجِرَ عَينَيها وَأَنيابَها سُحما
المحاجر : ما حول العينين ، سحما ، سودا .
يقول : لم تزل تقبّل الكتاب وتضعه بين عينيها حتى صارت أنيابها وما حول عينيها سودا بمداده .

رَقا دَمعُها الجاري وَجَفَّت جُفونُها وَفارَقَ حُبّي قَلبَها بَعدَ ما أَدمى
رقأ الدمع والدم : إنقطع .
لما ماتت إنقطع ما كان يجري من دمعها على فراقي ويبست جفونها عن الدمع وسليت عني بعدما أدمى حبيس قلبها في حياتها .

وَلَم يُسلِها إِلّا المَنايا وَإِنَّما أَشَدُّ مِنَ السُقمِ الَّذي أَذهَبَ السُقما
يقول : لم يسلها عني إلا الموت ،والموت الذي أذهب سقمها بالحزن لأجلي كان أشد من السقم .

طَلَبتُ لَها حَظّاً فَفاتَت وَفاتَني وَقَد رَضِيَت بي لَو رَضيتُ بِها قِسما
يقول : إنما سافرت و فارقتها لأطلب لها حظا من الدنيا ولكنها فاتتني هي بموتها وفاتني الحظ لأني لم أدركه وكانت قد رضيت بي حظا من الدنيا لو كنت قد رضيت أنا بها .

فَأَصبَحتُ أَستَسقي الغَمامُ لِقَبرِها وَقَد كُنتُ أَستَسقي الوَغى وَالقَنا الصُمّاأستسقي : أطلب السقيا ، الغمام : السحاب ، الوغى : الحرب ، القنا : الرماح ، الصم ، الصلب .
يقول : بعد أن كنت أستسقي الحرب والقنا دماء الأعداء صرت أستسقي السحاب قبرها فأقول سقى الله قبرها على عادة العرب في الدعاء للقبور بسقيا السماء ، يعني تركت الحرب وانشغلت بالدعاء لها .

وَكُنتُ قُبَيلَ المَوتِ أَستَعظِمُ النَوى فَقَد صارَتِ الصُغرى الَّتي كانَتِ العُظمى
يقول : كنت قبل موتها أستعظم فراقها فلما ماتت صارت حادثة الفراق صغيرة وكانت عظيمة يعني أن موتها أعظم من فراقها .

هَبيني أَخَذتُ الثَأرَ فيكِ مِنَ العِدا فَكَيفَ بِأَخذِ الثَأرِ فيكِ مِنَ الحُمّى
يقول : احسبيني بمنزلة من أخذ ثأرك من الأعداء لو قتلوك ، فكيف آخذ ثأرك من العلة التي قتلتك وهي العدو الذي لا سبيل إليه .

وَما اِنسَدَّتِ الدُنيا عَلَيَّ لِضيقِها وَلَكِنَّ طَرفاً لا أَراكِ بِهِ أَعمى
يقول : إنه قد صار لفقدها كالأعمى وانسدّت عليه المسالك لذلك ، لا لأن الدنيا قد ضاقت عليه وإنما كان كل هذا لفقدها .

فَوا أَسَفا أَن لا أُكِبَّ مُقَبِّلاً لِرَأسِكِ وَالصَدرِ الَّذي مُلِئا حَزما
ما أشد حزني ألا أكب عليكِ مقبّلا رأسكِ وصدركِ اللذان ملئا حزامة وعقلا ، ويتأسف لغيبته لدى وفاتها وأنه لم يودعها قبل دفنها .

وَأَن لا أُلاقي روحَكِ الطَيِّبَ الَّذي كَأَنَّ ذَكِيَّ المِسكِ كانَ لَهُ جِسما
ووا أسفي أني لا ألقى روحك الطاهر الذي كأن جسمه _ أي جسم ذلك الروح _ من المسك الذكي الشديد الرائحة .

وَلَو لَم تَكوني بِنتَ أَكرَمِ والِدٍ لَكانَ أَباكِ الضَخمَ كَونُكِ لي أُمّا
الضخم : العظيم ، الجدة : تسمّى أما أيضا تقديرا واحتراما .
لو لم يكن أبوك أكرم والد لكانت ولادتك إياي بمنزلة أب عظيم تنسبين إليه ، أي إذا قيل لك : يا أم أبي الطيب المتنبي قام ذلك مقام نسب عظيم لو لم يكن لك نسب .


لَئِن لَذَّ يَومُ الشامِتينَ بِيَومِها فَقَد وَلَدَت مِنّي لِأَنفِهِمُ رَغما
لذّ : طاب ، والشامت : الفرح بمصيبة عدوِّه ، بيومها : أي بيوم موتها .
إن كانوا قد شمتوا بموتها فقد خلفت مني من يرغم أنوفهم بالرغام أي يلصقها بالتراب فيذلهم ويقهرهم .

تَغَرَّبَ لا مُستَعظِماً غَيرَ نَفسِهِ وَلا قابِلاً إِلّا لِخالِقِهِ حُكما ولدت مني رجلا تغرّب عن بلاده أي خرج عن بلده إلى الغربة لأنه لا يستعظم غير نفسه فأراد أن يغادر الذين كانوا يتعظمون عليه بلا استحقاق ، ولا يقبل حكم أحد عليه غير حكم الله الذي خلقه .

وَلا سالِكاً إِلّا فُؤادَ عَجاجَةٍ وَلا واجِداً إِلّا لِمَكرُمَةٍ طَعما
العجاجة : الغبار .
يقول : ولا أسلك طريقا إلا قلب غبار الحرب ولا أستلذ طعم شيء إلا طعم المكارم ، يعني لا أجد لذّتي إلا في الحرب والمكارم .

يَقولونَ لي ما أَنتَ في كُلِّ بَلدَةٍ وَما تَبتَغي ما أَبتَغي جَلَّ أَن يُسمى
يقول : يقول لي الناس لما يرون من كثرة أسفاري : أي شيء أنت ؟ فإنا نراك في كل بلدة وما الذي تطلبه ؟ فأقول لهم إن ما أطلبه أجلّ من أن يُسمّى ، يعني قتل الملوك والإستيلاء على ملكهم .

كَأَنَّ بَنيهِم عالِمونَ بِأَنَّني جَلوبٌ إِلَيهِم مِن مَعادِنِهِ اليُتما
إن أبناء هؤلاء الذين يسألون عن حالي وسفري كأنهم يعلمون أني أجلب لهم اليُتم وأُصيِّرهم يتامى بقتل آبائهم فهم لذلك يبغضونني .

وَما الجَمعُ بَينَ الماءِ وَالنارِ في يَدي بِأَصعَبَ مِن أَن أَجمَعَ الجَدَّ وَالفَهما
الجد : الحظ والبخت .
إن الفهم والعقل والعلم لا تجتمع مع الحظ في الدنيا وليس الجمع بين الضدين كالماء والنار بأصعب من الجمع بين الحظ والفهم أي فهما لا يجتمعان كما لا يجتمع الضدّان .

وَلَكِنَّني مُستَنصِرٌ بِذُبابِهِ وَمُرتَكِبٌ في كُلِّ حالٍ بِهِ الغَشما
ذبابه : ذباب السيف أي حدُّه ، الغشم : الظلم .
يقول : لكني إن لم أقدر على الجمع بين الجد والفهم أطلب النصرة بذبابة السيف وأركب الظلم في كل حال ، يعني الظلم أعدائي بسيفي .

وَجاعِلُهُ يَومَ اللِقاءِ تَحِيَّتي وَإِلّا فَلَستُ السَيِّدَ البَطَلَ القَرما
القرم : السيد العظيم .
يقول : أُحيي أعدائي يوم الحرب بسيفي ، أي أجعله لهم بدل التحية .

إِذا فَلَّ عَزمي عَن مَدىً خَوفُ بُعدِهِ فَأَبعَدُ شَيءٍ مُمكِنٌ لَم يَجِد عَزما
إذا أضعف عزمي عن غاية خوف بعد تلك الغاية ، فإن الممكن وجوده لا ينال أيضا إذا لم يكن لدى طالبه عزم ، يعني لا يدرك شيئا ألبتة إلا بالعزم عليه ، وإذا كنت تحتاج إلى العزم لنيل القريب وتدركه بالعزم فاعزم أيضا على البعيد لتناله ولا يمنعك منه خوف بعده فإنه يقرب بالعزم ويمكن .

وَإِنّي لَمِن قَومٍ كَأَنَّ نُفوسَنا بِها أَنَفٌ أَن تَسكُنَ اللَحمَ وَالعَظماأنف : العزة والمكان العالي .
يقول مفتخرا بنفسه وقومه : إن نفوسنا من شدة عزتها ترى من العار أن تسكن وتبقى محبوسة داخل اللحم والعظم فهي نفس حرة أبية لا تقبل بذلك ولا تخشى الموت بل تطلبه حتى تخرج من الحبس واللحم والعظم .

كَذا أَنا يا دُنيا إِذا شِئتِ فَاِذهَبي وَيا نَفسُ زيدي في كَرائِهِها قُدما
يقول للدنيا : أنا لا أقبل ضيما ولا آسف لدنية فاذهبي عني إن شئت فلا أبالي بك ، ويا نفس زيدي تقدُّما فيما تكرهه الدنيا من التعزز والتعظم عليها وترك الإنقياد لها .

فَلا عَبَرَت بي ساعَةٌ لا تُعِزُّني وَلا صَحِبَتني مُهجَةٌ تَقبَلُ الظُلما
يقول : لا مرَّت بي ساعة _ لحظة _ لا أكون فيها عزيزا ، ولا صحبتني نفس تقبل أن يظلمها أحد .








إعداد / الـــــــفــــــرهـــــود
ولايــــــة بُــــــهـــــلــــى

منقول

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس