منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - فتاوى الصلاة للشيخ سعيد بن مبروك القنوبي
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 01-30-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 10 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



(سادسا : أحكام صلاة العيد)


أولا: أحكام متعلقة بالعيد
س:
في لَيْلَة العيد .. هل هناك أَحْكَام شرعِية مُعَيَّنَة ينبغي على الناس أن يفعلوها أو يَصْنَعُوهَا قَبْلَ الصَّبَاح؟


ج:
إنه ينبغي للمسلمين أن يُرَاقِبوا رؤية الهلال وهذا مِنْ فُرُوضِ الكِفَايَة التي يَتَسَاهَل بِها كثير مِنَ النَّاس، فمِنَ المعلوم أنّ الهلال تتعلق به أحكام مُتَعَدِّدَة، ومِنْ أهَمِّ الأحكام التي نُريد أن نتكلم عنها في هذا الشهر:

1- ثبوت العيد، فإنّ صيام يوم العيد مُحَرَّم بالنصوص الصريحة وبإجماع الأمّة الإسلامية قاطبة.

2- وكذلك صلاة العيد مِنْ فُرُوضِ الكفايات على مذهب طائفة كبيرة مِنَ المسلمين.

وذهبت طائفة مِن المسلمين إلى أنَّها مِنْ فُرُوضِ الأعيان إلا مَنْ وَرَدَ استِثْنَاؤُه.
وذهب بعضهم إلى أنَّها مِنَ السُّنَن المؤكدة.
و- على كل-لا ينبغي لأحد أن يتساهل فيها إلا مَن كان له عُذْر شرعي.
فهذان الحكمان مِنْ أهم الأحكام التي تَتَعَلق برؤية الهلال هذا فَضْلا عن بقية الأحكام الأخرى التي تتعلق برؤية الهلال التي تكون أيضا في بَقِيَّة الأشهر الأخرى والتي يتساهل بِها الناس في زماننا هذا، فمِنَ المعلوم أن الأحكام الشرعية مَنُوطَةٌ بالشُّهُور العربية وليست بالشهور الأخرى التي يتعامل بِها كثير مِنَ الناس اللهم إلا ما جَازَ فيه العُرْفُ كَرَوَاتِبِ العاملين أو ما شابه ذلك إذا كان هنالك اتّفاق أو عُرْفٌ بأنَّهَا تكون على تلك الأشهر فذلك مِما لا بأس به، أمَّا ما يَتَعَلَّقُ بالزكاة وما يَتَعَلَّقُ بالعِدَدِ وما شابه ذلك مِن الأحكام الشرعية فلا يُمْكِن إلا أَنْ تكون على حسب الشهور القمرية، فإِذَنْ مُراقبة رؤية الهلال في كل شهر أمر لابد منه وفي بداية شهر رمضان وفي نِهايَتِه وهكذا بالنسبة إلى شهر ذي الحجة يكون الأمر أَشَد، فينبغي للمسلمين إذن في اللَّيْلَةِ القادمة-بِمَشِيئة الله تبارك وتعالى-أن يُرَاقِبُوا ذلك ومَنْ ثَبَتَت لَدَيْهِ الرؤية وتَأَكَّدَ مِنْ ذلك فعليه أن يتَّصِل بالجهات المسؤُولَة حتى يَنظر أهل العلم في ثبوت ذلك مِنْ عدم ثُبُوتِه؛ والله-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.
هذا بِالنسبة إلى ليلة العيد وبَقِيَت هنالك مسألةٌ قد قالَها بعض العلماء وهو أنَّه ينبغي قيام هذه اللَّيْلَة أو تَخْصِيصُهَا بِبَعض العبادات كإِطَالَةِ الصلاة بِخلاف غيرها مِن الليالي وقد قلتُ في بعض الأجوبة السابقة (1) بِأنَّ ذلك لَم يثبت فيه شيءٌ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وما جاء في ذلك فهو موضوعٌ لا يَصِح، وما جاء عن بعضِ أهل العلم فإنّ أقوالهم مُفْتَقِرَة إِلَى الدليل ولا يَصِحُ أَنْ يُسْتَنَدَ إِلَيها كدليل شرعي تقوم به الحجّة في مثل هذه القضية .. إذن قيام هذه الليلة-أعني ليلة العيد-لَيْسَ لَهُ مُسْتَنَد شرعي ولا ينبغي لأَحد أن يَعمَل به .. نعم قِيَامها كغيرها مِنْ بقية سائر ليالي العام هو مطلوب شرعا كما هو ثابتٌ في الأدِلَّة الدالة على مشروعية قيام الليل.
ومِن ذلك التكبير في ليلةِ العيد وأَخُصُّ بذلك عيدَ الفطر لأنّ التكبير له أحكام مُختلفة في العيدين ولا أريد الإطالة بأحكام التكبير في عيد الأضحى المبارك فَإِنَّنَا سوف نتكلّم في ذلك إن يَسَّرَ الله-تبارك وتعالى-في ذلك الوقت .. التكبيرُ في ليلةِ العيد مِمَّا اختلَف فيه أهل العلم:
فبعضُ أهل العلم ذهب إلى مشروعية التكبير بِمُجَرَّد دخول شهر شوال أو دخول ليلة العيد سواءً كان ذلك بالرؤية أو بِإِكْمَال رمضان ثلاثين يوما .. هذا ذهبتْ إليه طائفة مِن أهل العلم.
وذهبتْ طائفة مِن أهل العلم إلى أنَّ ذلك لا يُشْرَعُ في الليل وإنَّما يُشْرَع في النَّهَار، واختلفوا في ذلك:
مِنْهُمْ مَنْ قال: إنَّه يُشْرَع بطلوع فجر العيد.
ومنهم مَن قال: إنه يُشْرَع بطلوع شمس العيد.
ومنهم مَن قال: إنه يُشْرَع عندما يَخْرُجُ النَّاس إلى المصلى، وهذا القول هو القول الأقرب عندي إلى الصواب، وليس هنالك دليلٌ صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن جاءت بعض الأحاديث ولكنّ ذلك قد ثبت عن طائفة مِن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والظاهر أنَّ مِثْلَ ذلك مِما لا يُقَال بِمَحْضِ الرأي وإنَّما تَلَقَّوْهُ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأَصَحُّ الآثار بل الصحيح الثابت هو ما جاء بِأنه يُشْرَعُ عند الخروج إلى مُصَلَّى العِيد، أمَّا ما عَدَا ذلك فَلَمْ يَثبت، فهذا القول الذي نراه، وعليه فإنَّ ليلةَ العيد-أي على هذا القول-لا يُشْرَعُ التكبير فيها وإنَّمَا يُشْرَع-كما قلتُ-عند الخروج إلى الـمُصلى.

وقد اختلَف العلماء في حُكْمِ هذا التكبير:

1- منهم مَن قال: إنَّه فريضة .. أي أَنَّه واجب في اللَّيلِ.

2- ومِنْهم مَن قال: إنه سُنَّة، مِن الليل ويَسْتَمِر إلى صلاة العيد، ومنهم مَن قال: إنَّه مِنْ بداية الخروج إلى المصلى كما قدمنا.

3- ومنهم مَن قال بعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهِ في عيد الفطر المبارك.

والقول الوسط هو القول الصحيح، فهو ليس مِن الواجبات الـمُتَحَتِّمَات و-أيضا-ليس مِنَ الـمَكْرُوهَات أو ما شابه ذلك وإنَّما هو سُنَّة مِن السنن لا يَنبغي التفريط فيها بِحال.
وكيفية هذا التَّكْبِير لَم يَرِد فيها نَصٌّ صريح وإنَّما هُنَالِك للعلماء كَيْفِيَّات مُخْتَلِفَة والكُلُّ لا بأس به بِمشيئة الله:
فمنهم مَن يَقول: يُكَبِّر تكبيرتين قبل التهليل يَقول: " الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد ".
ومنهم مَن يَقول: يُكَبِّر ثلاثا سرداً: " الله أكبر الله أكبر الله أكبر ".
والـخَطْبُ سهل بِحمد الله تبارك وتعالى .. مَنْ فعل هذا فلا بأس عليه ومَنْ فعل هذا فلا بأس عليه والكل فيه خير بِمشيئة الله تبارك وتعالى.
وقد اختلَف العلماء-أيضا-في التكبير في العيديْن أيُّهُما آكَد:
مِنْهُم مَن قال: إنّ التكبير لعيد الفطر آكَد.
ومِنهم مَن قال بعكس ذلك.
ومِنهم مَن قال: هما سواء.
وليس هنالك دليل واضِح في المسألة وعلى تقدير وجودِه فهو مُحْتَمِل، و-على كل حال-ينبغي الإتيان بذلك ولا داعي-فِيمَا أرى-إلى ترجيح واحد مِن هذه الأقوال وإنَّما المطلوب الفعل في كِلْتَا الحالتَيْن؛ والله-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.


س:
بالنسبة للاغتسال في يوم العيد، ما حكمه ؟ وهل يُمكن أن يكون ذلك قبل الفجر ؟


ج:
الاغتسال يومَ العيد وردت فيه بعضُ الأحاديث التي تُرْفَعُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يَصِح شيءٌ مِن ذلك، وإنَّما جاءت روايات مُتَعَدِّدَة عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم منها الصحيح ومنها السَّقِيم، فالظاهر أنَّ هذا الاغتسال ثابت، و-أيضا-قَاسَهُ بعضُ العلماء على الاغتسال ليوم الجمعة وهو قِيَاسٌ لا بأس به ولكنّ الأقوى هو ما جاء عن الصحابة رضوان الله-تبارك وتعالى-عليهم، فالظاهر أنَّهُم قد أخذوا ذلك عن النبي صلوات الله وسلامه عليه.
وقد اختلَف العلماء في الوقت:
مِنْهم مَن قال: يَكُون بعد طلوع الفجر.
ومنهم مَن قال: يكون حتى في الليل ويكون ذلك بعد مُنْتَصَفِ الليل.
و-على كُل-كَوْنُهُ بعد طلوع الفجر أمرٌ مُتَّفَق عليه فمَنْ أمكنه ذلك فذلك هو الأوْلى والأحوط ومَن لَم يُمْكِنه ذلك لِبُعْدِ بَيْتِهِ-مثلا-مِن مُصَلَّى العيد أو لأنّ البيت الذي هو فيه فيه جماعة كبيرة مِن الناس وقد يكون مَوْضِعُ الاغتسال واحدا أو ما شابه ذلك وإذا اغتسلت الجماعة كُلُّهَا في ذلك الوقت تأخَّرُوا جِدا أو أَنَّهُ قد تَفُوتُهُم صلاة العيد أو يَغْتَسل بعضهم دون بعض أو ما شابه ذلك فهاهنا لا بأس بمشيئة الله-تبارك وتعالى-مِنْ أَنْ يَغْتَسِلَ بَعْضُهُم ولو كان ذلك قَبْلَ طلوع الفجر ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك قبل منتصف الليل، فالغُسْلُ-إذن-ثابت ولا ينبغي التفريط فيه.
و-كذلك-يُسَنُّ لُبْسُ الملابِس الحسنة الجميلة حتى يكون المسلم في أحسن صورة وأجْمَل هَيْأَة في هذا اليوم واسْتَثْنَى بعضُ العلماء المعتكف فقالوا: الأوْلى أن يَخْرُج في ثيابه التي اعتكف فيها، ومِنْهُم مَنْ أخذ ذلك مِن حال الشهيد حيث إنه يُكَفَّنُ في ثيابه، وهذا قياس باطل لا يصح، ذلك لأنّ الشهيد يُبْعَثُ يوم القيامة بمشيئة الله تبارك وتعالى .. يُبْعَثُ وَجُرحُه يَثْعَبُ دَماً بسبب تلك الشهادة لَوْنُه لَوْن الدم ورِيـحُه ريح المسك وليس كذلك بالنسبة إلى المعتكف، ثُم إنَّ ثياب المعتكف لَم يكن ذلك الوسخ الذي فيها بسبب الاعتكاف وإنَّما كان ذلك بسبب إطالة لُبْسِهَا بذلك، وعلى تقدير أنَّ ذلك كان بسبب عدم خروجه مِن مُعْتَكَفِه أو ما شابه ذلك فإنّ ذلك لا يكفي، ثُم إنَّ السنّة الصحيحة دالّة على أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يَلْبَسُ أَحْسَنَ الثِّيَاب وهو كان صلوات الله وسلامه عليه يَعْتَكِف في العَشْرِ الأخيرة مِنْ شَهْرِ رمضان، وإذن لا داعي لِمِثْلِ ذلك القياس لِمخالفته للصحيح الثابت.
وكذلك يُسَنُّ الطِّيبُ وهو وإِنْ كان لَم يَرِدْ مَرْفُوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم مِن طريق صحيحة ولكنه جاء عن بعض الصحابة ثُمَّ إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان مِنْ حاله أنَّهُ يُحِبُّ أن يَظْهَرَ أمام الناس في مثل هذه الـمَواطن وهو في أحسن حال وأحسن رائحة فلا ينبغي التفريط بذلك.
وكذلك بالنسبة إلى السِّواك بل هو مطلوب عند كل صلاة كما جاء ذلك في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال بعض العلماء: إنَّ الذي يَخْرُجُ للعيد ينبغي له أن يُقَصِّرَ شَعْرَ شَارِبِه وأن-أيضا-يُقَصِّر أظافره، فإن كان هو بحاجة إلى ذلك فنعم أما إن لم يكن له حاجة إلى ذلك .. أي لَمْ يكن شَعْرُ شَارِبِه طويلا ولَمْ تكن أظافره طويلة فإنه لا علاقة للعيد بذلك كما هو الحال بالنسبة إلى الجمعة.
والحاصل أَنَّ كُلَّ ما يُشْرَعُ لِصلاة الجمعة فإنَّه يُشْرَعُ لصلاة العيد .. هذا ما نَصَّت عليه طائفة مِنْ أهل التحقيق مِن أهل العلم، وهو كلام واضح لا غُبَارَ عليه بِمشيئة الله تبارك وتعالى.
و-كذلك- نَصَّ العلماء بِأنَّ الناس ينبغي لَهم أن يأتوا إلى مُصَلى العيد ولَوْ كان ذلك مِن مسافة شَاسِعَة، وما جاء مِن الخلاف في صلاة الجمعة فهو كذلك في صلاة العيد، منهم مَن قال: إنَّ على الناس أن يَخرجوا إلى المسافة التي يُسْمَع فيها الأذان لسائر الصلوات-وإن لَمْ يكن لصلاة العيد أذان كما هو معروف-وذلك يُقَدَّرُ بِفََرْسَخ، ولكنَّ الناس-للأسف الشديد-يتساهلون بِهذا الأمر وتَجد كلَّ أصحاب بلدة يُصَلُّونَ في بلدتِهِم و-كذلك-تجد كثيرا مِن أهل البادية يُصَلُّون في باديتهم، وهذا مُخَالِف لِهَدي النبي-صلوات الله وسلامه عليه-ولِهَدْيِ صحابته-رضوان الله تبارك وتعالى عليهم-فينبغي الاجتماع مِنْ أجل وحدة الكلمة ورَصِّ الصف حتى يظهر المسلمون وهم بِحمد الله-تبارك وتعالى-جماعة واحدة فَأَدْعُو إِلَى العمل بِمِثْلِ هذه الشعيرة؛ والله-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.


س:
هل يُسَنُّ أن يَكون التكبير جماعيا .. يعني يَخْرج الناس لِيُكَبِّروا بِصَوْتٍ واحد إلى أن يَصِلُوا إلى مصلى العيد ؟


ج:
الأصل أنَّ كُلَّ واحِد يُكَبِّرُ بنفسه .. كل واحِدٍ يُكَبِّرُ هو بنفسه ولا حاجة إلى أن يُكبِّر شخص وتَرُدُّ الـمجموعة بَعْدَه ولا شَكَّ بأنَّه عندما يُكَبِّر الناس جميعا سيكون بعضهم مُتَقَدِّما وبعضهم متأخِّرا وقد تكون المجموعة إذا كانت قليلة .. يكون صوتُها واحدا فإذن لا داعي لأن يقرأ أحدهم التكبير والبَقِيَّة تُتَابِعُه وإنْ كُنَّا لا نقول: " إنَّ ذلك مِن الأمور الممنوعة " ولكننا نقول: إنَّ ذلك لا يثبت وما دام غير ثابت فالأوْلى أن يكون العمل على حسب ما جاء في الأدِلَّة التي أشرنا إليها سابقا .والله أعلم.

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس