منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - فتاوى الصلاة للشيخ سعيد بن مبروك القنوبي
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 01-30-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 3 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



س:
الميّت الذي يُغسَّل، هل يَشعر بالمغَسِّلِين ؟


ج:
الله أعلم، عِلْم ذلك عند الله تبارك وتعالى، وليس ذلك بِبَعيد، لأنّه ثَبَت في الأحاديث بِأنّ الميت يَشعُر عندما يَأتي بعض الناس ويَمرّون عليه ويُسلِّمون عليه .. إلى غير ذلك مِن الأحاديث الكثيرة التي تدلّ على مثل هذه الأمور، والأوْلى أن نَرُد أمْر مثل هذه الأمور إلى الخالِق تبارك وتعالى، وليست هنالك فائدة كبيرة مِن الكلام على مثل هذه القضايا ومعرفة ما يقع في ذلك، بل علينا أن نعتبر بمثل هذه الأمور، ونعلم يقينا بأنه سيأتينا هذا اليوم جميعا الذي سنُغسَّل فيه وسنُحمَل فيه على الأعناق وسنُوارَى فيه في القبور، ونسأل الله السلامة مما يقع بعد ذلك.
س: إذا أوصى الميت بأن يُدفن في بلاد بعيدة، هل تُنفّذ وصيته ؟
ج: هذه الوصية ليست فيها مصلحة لذلك الميت، وعليه نقول لا تُنفَّذ؛ والعلماء اختلفوا في هذه القضية:
1-منهم مَن قال: إنّ ذلك حرام.
2-ومنهم مَن قال: إنّ ذلك مكروه.
ومهما كان فمثل هذه الوصية لا تُنفَّذ، إذ ليست هنالك مصلحة للميت، وكلّ أمر يخالِف سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه مردود على صاحبه.
نعم، إذا أوصى بِأن يُدفَنَ عند قبْرِ بعضِ أهلِ الصلاح-وما شابه ذلك-وكان ذلك في مكانٍ قريبٍ جِدّا-بِأن كان في المقبرة القريبة مِن بلدِه-فهذا قد تكون فيه مصلحة، أما أن يوصي هذا الشخص بأن يُدفن في بلاد بعيدة أو ما شابه ذلك فهذه الوصية لا تُنفّذ بل تردّ على صاحبها؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


س:
في بعض الأحيان الناس ينتظرون الميت إلى أن يأتي أهله الأبعدون من أماكن بعيدة ويحبسون الناس فترة طويلة.


ج:
لا داعي لمثل ذلك، بل ينبغي الإسراع في تجهيز الميت ودفنه، وينبغي-أيضا-الإسراع في تنفيذ وصية الميت ولاسيما فيما يتعلق بحقوق الناس، وكثير من الناس-وللأسف الشديد-يتساهلون بهذه القضية .. يهتمون بقسمة الأموال وما شابه ذلك ولا يَلتفتون إلى تنفيذ وصايا ذلك المتوفى، فينبغي الإسراع بذلك ولاسيما فيما يتعلق بالديون.


س:
قد يوصي الميت بمبلغ لحافر القبر ولِمُغسِّله ومُكفِّنه ؟


ج:
إذا أوصى لحافر القبر فتُنفّذ هذه الوصية، وأما-في الحقيقة-ما يتعلق بتغسيل الميت وما شابه ذلك فلا داعي لذلك؛ ومثل هذه القضية ينبغي أن يُسأل عن كل واحدة منها عند حدوثها، لأنّ الأصل .. هذه من الحقوق التي للميت فما الداعي إلى مثل ذلك ؟! نعم، إذا كان بعض الناس فقراء وبحاجة ماسّة فالأمر يختلف، فالحاصل حفر القبر فيه شيء من المشقة بخلاف بقية الأمور الأخرى، فحفر القبر تُنفّذ لِمَن حفره الوصية (42)، أما بالنسبة إلى الأشياء الأخرى فينبغي أن يُسأل عن كل قضية قضية، ولا داعي لأن نُجيب على العموم لما في ذلك من المصلحة؛ والله أعلم.


س:
ما كيفية إدخال الميت في القبر ؟


ج:
اختلف العلماء في هذه المسألة؛ وهذا-طبعا-خلافٌ-كما ذكرتُ في بعض المسائل-ليس في قضية الوجوب وعدمه، إذ إنه لم يَقل أحد من العلماء بوجوب إدخاله على الصفة الفلانية من الصفات التي سأذكرها بعد قليل إن شاء الله تبارك وتعالى، وإنما خلافهم في الأفضل وفي الثابت في سنّة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وقد اختلف العلماء في الأفضل من هذه الكيفيات الثلاث:
1-منهم من قال: يُدخل الميت من جهة القبلة .. يُسلّ من الجهة معترِضا.
2-ومنهم من قال: إنّ الميت يُدخل من جهة رأس القبر .. يُدخل أوّلا الرجلان وهكذا.
3-ومنهم من يقول: إنه يُدخل من جهة رجلي القبر .. يؤخذ الميت من رأسه ويُدخل-كما ذكرتُ-من جهة رجلي القبر؛ وهذا القول هو القول الصحيح؛ والله أعلم؛ فإذن يُسلّ من جهة رجلي القبر .. هذا هو الأوْلى.
وجاءت رواية فيها أنّ ذلك هو السنّة، ومن المعلوم عند المحدثين والأصوليين إذا قيل: " السنّة كذا " فيراد بها السنّة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .. هذا الذي ذهب إليه جمهور أهل العلم، وقد حكى الحاكم في " المستدرَك " اتفاق أهل العلم عليه وليس بشيء، لوجود الخلاف في ذلك، ولكنّ القول الصحيح أنه إذا جاء أنّ السنّة كذا أو هذا السنّة أو ما شابه ذلك من الألفاظ التي فيها ذِكر " السنّة " فالمراد بذلك السنّة المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم .


س:
هل هناك أولوية لأرحامه في النزول إلى القبر إذا كان رجلا ؟ وماذا-أيضا-إذا كان امرأة ؟


ج:
لا شك أنّ الأقارب أوْلى، فالأصل هكذا ولكن بشرط أن يكون من يَدخل يَعرف السنّة في وضع الميت على الكيفية المعروفة أو على أقل تقدير بأن يَصف له بعض الحاضرين الذين يَعلمون ذلك السنّةَ الثابتة في كيفية وضع الميت.
والحاصل أنه يجوز أن يقوم بإدخال الميت الأقارب والأباعد ولا فرق بين الرجال والنساء في ذلك .. أعني بذلك الميت لا من يضع الميت، وإلا فإنّ النساء لا يَذهبن إلى المقبرة لِما ذكرناه-سابقا (43)-مِن نهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد اختلف العلماء في هذا النهي هل هو للتكريه أو للتحريم كما قدّمنا(44) .. نعم، إذا كانت هنالك ضرورة ملِحّة بأن لم يوجد أحد من الرجال فللضرورة قدرها.
فوضع الميت إذا كانت امرأة في القبر لا مانع من أن يقوم به بعض الأباعد، كما ثبت ذلك في سنّة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقد قام بوضع ابنته-رضي الله تعالى عنها-أبو طلحة وهو من الأنصار وليس هو من أقاربها مع حضور النبي صلى الله عليه وسلم ومع حضور زوجها عثمان بن عفان، وقد جاء في تلك الرواية بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم طلب أن يضع ابنته في القبر من لم يُباشِر في تلك الليلة .. أي من لم يُباشِر زوجه في تلك الليلة، وقد اختلف العلماء في الحكمة من ذلك، ولهم في ذلك كلام طويل، لا داعي لذكره في مثل هذا الوقت؛ والعلم عند الله تبارك وتعالى.


س:
هناك من عندما يضع الميت في القبر يقرأ قوله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [ سورة طه، الآية: 55 ]، فهل ورد شيء يُثبِت ذلك ؟


ج:
هذا لا أصل له في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وليُعلَم أنه إذا قلتُ عن شيء أو قال-أيضا-غيري عن شيء: " إنه لا أصل له في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم " فإننا في بعض الأحيان نريد أنه لا أصل له في الثابت من سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي بعض الأحيان يُراد به أنه لم يأت من طريق أبدا .. أي لم يُنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذه الرواية من القسم الأول، إذ إنه قد جاءت رواية-تُنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم -بمشروعية قراءة هذه الآية عند وضع الميت في قبره ولكنّ هذه الرواية لا تَثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه، لأنها من طريق عبيد الله بن زَحر وهو ضعيف جدا-كما هو معلوم-لا يُحتج بروايته، وفي إسنادها-أيضا-ضعيفان بل هما أشدّ من ذلك فلا يمكن أن يُحتج بمثل هذه الرواية .. الراوي الثاني الضعيف بل هو ضعيف جدا عليّ بن يزيد، وقد أخطأ الإمام النووي حيث قال: " عليّ بن زيد بن جُدْعان " وليس الأمر كذلك، وإن كان عليّ هذا-أيضا-ضعيفا ولكنه لم يصل إلى درجة عليّ بن يزيد، والراوي الثالث هو القاسم أبو عبد الرحمن، وقد قال ابن حبان الحافظ عن هؤلاء الرواة بأنهم إذا رووا خبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يُشك أنّ هذا الخبر مما عملته أيديهم؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
وإنما ينبغي أن يقال: " بسم الله، وعلى ملّة رسول الله "(45).
أما هذه الرواية التالفة الباطلة التي فيها ذكر هذه الآية فلا.
قد يقول قائل: " هذه آية قرآنية والإنسان مخلوق من الأرض-كما هو معلوم-وبعد ذلك يوضع فيها-وهو مشاهَد-ثم إنه سيخرج منها في يوم القيامة " .. نعم، الأمر كذلك وإنما هل ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ لا، ذلك لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .. هل يُمكن أن نحتج برواية عبيد الله بن زَحر الذي يقول عنه ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الثقات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في هذا الإسناد خبر هؤلاء الثلاثة لم يُشك بأنّ هذا الخبر مما صنعته أيديهم " ؟! .. هل يُمكن أن نحتج بمثل هذه الرواية الباطلة العاطلة الموضوعة المخترعة المصنوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! ليس كل شيء هو الواقع .. أي كذلك .. يمكن أن يُؤتى به.
ولا بأس أن أخرج عن هذه القضية لفائدة مهمة، وأنا أهتم بالفوائد والأحكام الشرعية ولا أتقيد بالأسئلة كثيرا، وهذا دليلي فيه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهو عندما سئل عن حكم الوضوء بماء البحر قال: ( هو الطهور ماؤه، الحِلُّ ميتته )، فتكلم على حكم الميتة وعلى حكم الوضوء من ماء البحر مع أنه لم يُسأل إلا عن واحد منهما؛ فإذا كان في ذلك فائدة فلا مانع من ذلك.
على كل حال؛ عندما يقول المؤذن: " لا إله إلا الله " كثير من الناس يقولون: " حقّ .. لا إله إلا الله " لا شك في أنّ " لا إله إلا الله " حقّ، وأيّ حقّ، وكذلك بالنسبة إلى بقية الألفاظ " الله أكبر " حقّ، و " أشهد ألاّ إله إلا الله " حقّ، و " أشهد أنّ محمدا رسول الله " حقّ، و " حيّ على الصلاة " كذلك، و " حيّ على الفلاح " كذلك .. نحن علينا أن نطبِّق السُّنن ونتّبِع رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-ولنا فيه الأسوة الحسنة، لا أن نبتدع ونأتي ببعض الأمور المخترعة المكذوبة التي صنعتها أيدي بعض الرواة الكَذَبة الذين لهم أغراض لا تخفى على الفطِن في وضع مثل هذه الأحاديث ونسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ والله المستعان.


س:
البعض عندما يحمل الجنازة ينادي بصوت مسموع: " اذكروا الله .. اذكر ربك يا غافل "، فما رأيكم ؟


ج:
هذا لا أصل له في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. نعم، كثير من الناس يأتون بهذا، ومنهم من يقول: " صلّوا على النبي " بصوت مرتفع مع أنه هو لا يصلي عليه-صلوات الله وسلامه عليه-أو أكثرهم يصنع كذلك .. في ذلك الوقت، لا أقول: " لا يصلي عليه مطلقا " وهكذا .. هذا منكر.
العلماء منهم من يقول: إنّ المطلوب في هذا الوقت الصّمت والاعتبار والاتعاظ بمثل هذا الحال وأن يتذكر الإنسان بأنه سيصير في يوم من الأيام إلى مثل هذا الحال وأنّ الأمر لن يقف عند هذا الحد بل إنه سيُسأل في قبره وسيُحاسب يوم القيامة وسيكون مصيره إما إلى الجنة أو إلى النار والعياذ بالله-تبارك وتعالى-منها ومما يُقرِّب إليها.
ومنهم من يقول: لا بأس من أن يَذكر الله بصوت خافت .. يجمع بين الأمرين .. بين الاتعاظ والاعتبار وأخذ الموعظة وبين ذكر الله-تبارك تعالى-بصوت خافت.
أما أن ينادي هذا وهذا .. هذا من هنا وذاك من هناك: " اذكروا الله " أو ما شابه ذلك فهذا مما لا أصل له في السنّة، بل هو من البدع التي ينبغي الانتهاء عنها؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


س:
تركّبت عند بعض الناس معلومة مفادها أنّ الآباء والأرحام لا يحملون جنازات أرحامهم وآبائهم وإنما يكتفون بالمشي خلفها، فهل هذا صحيح ؟


ج:
نعم .. هذا مشهور عند كثير من العوام، وكثير من البدع مشهورة عند العوام.
هذا لا أصل له في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ينبغي أن يكون الأقارب في مقدِّمة الرَّكب .. لا مانع من أن يَحمل الأقارب وأن ينالوا ذلك الفضل العظيم الذي أخبر به الرسول-صلى الله عليه وعلى آله سلم-لمن حمل جنازة وكان-طبعا-يقصد بذلك وجه الله-تبارك وتعالى-ولا مقصود له سواه.

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس