منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - فتاوى الصلاة للشيخ سعيد بن مبروك القنوبي
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 01-30-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 8 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



هذه الصَّلاة يأتي بِهَا المصلي على الكَيْفِيَة التَالِية:

1- بَعْدَ تكبيرة الإحرام يَقْرَأُ سورة الفاتحة (3) ثم يأتي بسورة طويلة ولو أمكن أن يكون ذلك كسورة البقرة فذلك هو الثَّابت .. لا أقول: " الثابت أن يأتي بِالسورة نفسها "-إذ إنّ الرواية لا دليل فيها على ذلك-وإنَّما يأتي بِمثل ذلك المقدار.

2- ثم يَرْكَع ويُطِيل في الركوع يُكَرِّر قَوْل: " سبحان رَبِّيَ العظيم " .. يطيل الركوع جِدًّا (4).

3- ثُم يَقُومُ ويُطِيل في قِيَامه ثُم يقرأ، واختلَفوا ماذا يَقرأ في هذا الوقت ؟
مِنهم مَن قال: يَأتِي بِفاتحة الكتاب ويقرأ شيئا كثيرا مِن القرآن ولكن يَكونُ أقصر مِن الذي أتى به قبل هذا الركوع.
ومِنهم مَن قال: إنه لا يَأتِي بفاتحة الكتاب بل يَشرَع في قراءة السورة مباشَرة.
وليس هنالك دليل واضِح يَدلّ على واحدٍ مِن الأمريْن وإن كان القول بِأنه لا يأتي بِفاتحة الكتاب له وجه لا بَأْسَ بِه ولكن لَيْسَ هنالك نَصٌّ وَاضِحٌ في السنَّة أبدا.

4- يُطِيل في القراءة ثم يَركَع ويُطِيل في الركوع ولكن يَكون أقل مِمَّا صنعه في الركوع السابق.

5- ثم يقوم ويطيل في قيامه ويكون ذلك أقل مِن القِيَام السابق.

6- ثم يسجد ويطيل في سُجُودِه.

7- ثم يقوم ويأتي بالركعة الثانية .. يأتي بِهَا كالركعة السَّابقة إلا أنّ قِرَاءَتِه تكون أقل مِن قِرَاءِتِه في الرَّكعة السَّابِقَة (5).

8- ثم بعد ذَلِك يَنْتَهِي مِن صَلاَتَه (6) ثم يأتي بِخُطْبَة مُخْتَصَرَة يُبَيِّن فِيهَا هَذَا الأمر ويَحُثُّ الناس على التَّوْبَة إلى الله-تبارك وتعالى-ويُبَيِّن لَهُمْ الجَنَّة ومَا أعدّه الله فِيها لِعِبَادِه المتقين ويُبَيِّن لَهُمْ النار والعياذ بالله-تبارك-مِنها ومِمَّا يقرب إلَيْهَا ومَا تَوَعَّدَ الله-تبارك وتعالى-بِهِ عِبَادَه المجرِمِين ويَدعُو الناس إلى التوبة والرُّجُوع إلى الله، ويُشْرَع لِلنَّاس أن يَذْكُرُوا الله وأن يُسَبِّحُوه وأن يَبْتَهِلُوا إليْه وأن يَتَصَدَّقُوا كما ثبت ذلك في بَعْضِ الأحاديث أنّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-أَمَرَ بِالعِتْق، فهذه هِيَ الصِّفَة المخْتَصَرَة لِصَلاَة الكُسُوفِ وهَكَذَا يَكُونُ-أيضا-الأمر فِي صَلاَة خُسُوفِ القَمَر.
وَقَد اختلَف العُلَمَاء في القراءة هَلْ تَكُون سِرًا أو تَكُون جَهْرًا ؟ أيْ هَل:
1- يَقْرأ الإمام جَهْرًا كما يَجْهَرُ في الركعتين الأولَيَيْن مِن المغرب والعشاء وفي فريضة الفَجْر وفي صلاة الجمعة والعِيد وفي صَلاَة الاستِسْقَاء.

2- أو أَنَّه يُسِر القراءة.

3- أو أنه يُخيَّر بيْن الإسرار والجَهْر.

4- أو أنَّه يُسِرُّ في النهار ويَجْهَرُ في اللَّيل ؟ هِذِهِ الأقوال موجودة عند أهل العلم، وأَرْجَحُ تلك الأقوال عِنْدِي هُوَ قَوْلُ مَنْ قَال: " إنّ الإمام يَجْهَرُ بِالقِرَاءَة سَوَاءً كان ذَلِك في صَلاَة الكُسُوف أو في صلاة الخسوف " وَأُفَرِّق بَيْنَهُمَا مِن أجل الإيضاح والبيان .. هَذَا هُوَ الذي يَظهَر لي مِن أقَوَال أَهْلِ العِلم في هِذِهِ القَضِيَة، فإذن هَذِه هِي كَيْفِيَة الصلاة.
يَسأل كثير مِن النَّاس-مثلا-لَوْ مَنَعَ مَانِع مِن رُؤْيَة الكُسُوف أو الخُسُوف ولكن قَرّر أهْل الفَلَك بِأَنَّه يَقع في هَذِه الساعة هَلْ يُشْرَعُ لَنَا أن نَأْتِي بِهَذِهِ الصلاة أو لا يُشْرَع ذَلِك ؟
نَقُول: لا يُشرَع ذلك، لأنه أمْرٌ مُعَلَّق بِرؤيةِ ذلك، فإذا رأيناه فإنه يُشرَع ذلك في حقِّنا، وإن لَمْ نر ذلك فإنه لا يُشرَع ذلك في حقِّنا كما قرّرنا ذلك-أيضا-في قضية رؤية القمر (7).
فإذا قرّر-مثلا-الفلك بأنه تُمكن رؤية الهلال ولكننا لَمْ نَره فإنه لا يُشْرَع لنا أن نَصُوم وإنَّمَا نَصُومُ إذا رَأَيْنَاه، نعم .. إذا قَرَّرُوا بِأنَّه لا يُمْكِن ذَلِك أبَدًا وبَعدَ ذلك ادّعى بَعْضُ الناس بِأَنَّه رَآه فِإنَّنَا لا نَقْبَل مِنْه ذَلِك ونَقُول: إنّ كَلاَمَكَ هَذَا مُخَالِف لِهَذا العِلم الثابت المتقرِّر فتردّ شهادته بِذلك في هذه القضية.
فإذن الصلاة مشروعة في حقِّ الرجال وفي حقِّ النساء .. النساء إذا صَلَّيْن في البيت فذَلِك أَفْضَل كَمَا هَو الحال بِالنسبة إلى بَقِية الصلوات، وأمَّا بِالنسبة إلى الرِّجَال فالأفضل لَهُمْ أن يكون ذلك في المسْجد.
وهذه الصلاة مِمَّا اختلَف أهل العلم فيها:

1- مِنهم مَن قال: " هي سنَّة "، وقد حكى غير واحد مِن أهل العلم اتّفاق أهل العلم على ذلك.

2- ومِنهم مَن قال: هي واجبة.

3- ومِنهم مَن قال: هي مِن الواجبات على الكفايات وليست مِن الواجبات العينية؛ وهذا القول لَه نَصِيب مِن النظر.
وَمَهْمَا كان فَهِي تَدُور بَيْن الواجب الكفائي وبيْن السنّة المؤكدة، لِحثِّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلا ينبغي لأحد أن يَتَهَاوَن بذلك.
كما أنه لا ينبغي لأحد أن يُخالف السنّة بِالاختصار في القراءة، وكثير مِن الناس يَتعلَّلون بِأنَّهم يُصلّون بِبعضِ الضِّعاف وما شابه ذلك .. نقول: الضعيف والذي لا قَدْرَةَ لَه لا يَنْبغي له أن يُعكِّر على الجماعة فبِإمكانه أن يُصلِّي هو في بيته أو ما شابه ذلك وليَترُك الجماعة تأتِي بِسُنَّة النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-فَهَذِهِ الصلاة لا يُشترَط فيها بِأن تَكُون في الجماعة وإنَّما لا ينبغي التَّخلف عن الجماعة إلا إذَا كَانَ هُنالِك عُذر، فإذن ينبغي الإتيان بِالسنَّة كما ثبتت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
بعضُ الناس-أيْضا-يسأل وَيَقُول: إذا انتهى الكُسُوف أو الخسوف وَلاَزِلْنَا في الصلاة، ماذا نفعل ؟ نقول: يَخْتصِر الإنسان صلاتَه جِدًا ثم يَخْرُج مِنها بعد الانتهاء مِنها بعد أن يَأْتي بِهَا بِصَفَةٍ مُخْتَصَرَة؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.

كذلك يَسْأَلُ بَعْضُ الناس: لَوْ وَقَعَت هِذِهِ القَضِيَة بعد صلاة العصر مثلا، هَلْ نُصَلِي أو لا ؟
نقول: هِذِهِ الصلاة مِن الصلوات السببية والصحيح في الصلوات السببية أنه يُؤتَى بِهَا، فإذا وقع ذلك في وقتٍ تُكرَه الصلاة فيه فإنه لا مانع مِن الصلاة بل تُشرَع الصلاة في ذلك الوقت لأنها مِن الصلوات السببية والصلوات السببية ثبت في سنَّة النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-الصحيحة الثابتة عَنه بِأنَّه يُؤْتَى بِهَا حتى في الأوقات التي تُكْرَهُ فِيها الصلاة وإنَّما لا يُؤْتَى بِهَا في الأوقات التِي تَحْرُم فِيها الصلاة.
بعضُ النَّاس-أيْضًا-يسأل أنه إذا غَرَبَ القَمَر أو الشمس في حالة الكُسوف، هل نُصَلِّي في ذلك الوقت أو لا ؟ نقول: لا، بِمُجَرَّد غُروب الشمس أو غروب القمر فإنه لا تُشرع الصلاة ولو غرب وهو في حالة كسوف أو خسوف.
فَليُنْتَبَه لِهَذِه المسائل، وَهُنَالك مسائل متعدِّدة تتعلّق بِهَذِهِ الصلاة فإن أردتم أو أراد بعضُ السائلين أن يَطرَح شيئا مِنها فلا بأس، ومعذرة فإنني قد نَبَّهْتُ على مَسَائِل مُتَعَدِّدة لَمْ تَطْرَحُوهَا لظني بِأَنَّكم تريدون التنبيه عَلَيها؛ والله أعلم.


س:
هل تشترط فيها الجماعة بِالنِّسبة للرجال ؟


ج:
لا نَقول: " إنّ ذلك مِن الشُّرُوط " وإنَّما ذلك مِن السنن الثابتة التي لا ينبغي للإنسان أنْ يَتْرُكها.
لكن مَن كَانَ يَضِيق عليه الوقوف-مثلا-ويشقّ عليه-أيضا مثلا-الجلوس ولا يستطيع فيَطلب مِن الإمام بِأن يُصلِّي صلاةً مُختصَرة مِن أجل أن يُصلِّي هو معهم .. نقول: لا، لا ينبغي لك ذلك .. صلِّ بِنفسِك إذا كنتَ لا تستطيع وإلا فَاجْلِس ولا مانع ما دُمْت لا تستطيع على القِيَام، وإلا فالجماعة يَنبَغِي لَهَا أن تُطِيل كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.


س:
بِالنِّسبة للاستدراك فيها ؟


ج:
نعم، الاستدراك فيها مشروع.


س:
ويكون عَلَى نفس كيفية الإمام ؟


ج:
ويقضي على حَسْب ما فعله الإمام، فلا ينبغي للمأموم أن يُخالِف إمامَه، فلو قدّرنا أنّ الإمام يأخذ بِرأيِ مَن يَقول بِالركعتين .. أي أن يَأتِيَ في كل ركعةٍ بِركوع واحد لا يَنبغي لِلمأموم إذا قَامَ يَقْضِي يَأْتِي بِخِلاف تِلْكَ الصلاة لأنه يَقضي ما فعله ذلك الإمام فَلْيَقْضِ على حسب ما أتى به الإمام وإن كان الصَّوَاب الذي نُرْشِدُ إليْه بِأن يَأتي في كل ركعة بِركوعين (8) كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وهناك مسألة أحبُّ أن أُنبه عليها-أيضا-وهو أنّ كثيرا مِن الناس-وخاصّة مِن العامّة وطبعا لا يقع إلا مِن العَامَّة-يقومون بِضربِ الطبول وما شابه ذلك .. هذا لا أَصْلَ لَه بَلْ هُو مُخَالِف لِسُنَّة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
كما أنني أُرِيد-أيضا-أن أُنَبِّه إلى أنَّه وإن كُنَّا نَعْرِفُ ما هو السَّبب في وقوع الكسوف والخسوف لا ينبغي لنا أن نتهاون في هذا الأمر، فالنبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-لَمْ يتهاون بذلك .. كَلاّ بَل خَرَجَ فَزِعًا مَرْعُوبًا صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وإن كَانَ هُنَاك-مثلا-أَمْر واضح لِمثل هذه الأمور لكن هنالك-أيضا-أمرٌ شَرْعِي لاَبُد مِن مُرَاعَاتِه، فقد تَقَع هَذِه الأسباب في الكون على حسب السنَّة الكَوْنية ولكن لابد-أيضا-مِن مراعاة الأمرِ الشرعي فقد يكون والعياذ بالله-تبارك وتعالى-ذلك مُقدِّمَةً لِيَوْمِ القيامة وطبعا لابد مِن وُقُوعِ يَوْمَ القيامة-كما هو معروف-والأدلّة قد نَادَت بِأنَّه قَرِيب فلابد مِن ملاحظةِ هذا الأمر وألاّ نتّخذ هذا أمرا عاديا .. مثلا قال الفلكيون بِأَنَّه يقع كذا وكذا ودَرَسْنَا-مثلا-في علوم الفلك بِأنّ السبب كذا وكذا فإذن نَعْتَبر ذلك أمْرًا عَادِيًا .. كلاّ، عندما تَحْدُث هَذِه الحوادث مِن كسوف أو خسوف أو مِن وُقُوعِ زلزلة أو بَرَاكِين أو رِيَاح عَاتِية أو مَا شَابَه ذلك فإنه وإن كنا-مثلا-نَعْرِف شيئا ما عن هذه الأسباب لكن لابد مِن مُرَاعَاة تلك الأسباب التي رَاعَاهَا النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-ولابد مِن الخوف والوَجَل والفَزَع مِن مِثْل هِذِهِ الأُمُور التي لا يَدْرِي الإنسان ما يَحْدُث لِهَذِه الأرض في هذه الأحوال وفي غير هذه الأحوال، فكثير مِن الناس الآن مع تقدم هذه العُلُوم رَأَوْا هَذِه الأمور أمورا عادية ولا يهتمّون بِها .. تَجِد الوَاحد يقول: " يَحدث كَذَا ويَحدث كَذَا " وعِنْدَما يَحدث كذا تَجِدُه مُشْتَغِلا بِأُمُورِه ولا يُبَالِي بِمثل هَذِه الأُمُور .. الرسول-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-مَا كَانت تَخْفَى عليه هذه الأمور ومع ذلك-كما قلتُ-خرج فزعا صلوات الله وسلامه عليه خَائِفًا مِن العقوبة فعلينا أن نتّعظ وأن نعتبِر بِمثل هَذِه الأمور وأن نَقِفَ وقفة مع النَّفْس لِمُحاسبتها في مثل هذه الحوادث وألاّ نَتَّخِذها أمرا عاديا عابِرا؛ والله-تبارك وتعالى-ولي الإعانة والتوفيق.

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس