منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - الجزء الخامس-فتاوى الآداب
عرض مشاركة واحدة
Icon26  الجزء الخامس-فتاوى الآداب
كُتبَ بتاريخ: [ 03-17-2011 ]
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية عابر الفيافي
 
عابر الفيافي غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363
قوة التقييم : عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز


الآداب

الدعاء بما سمع من هاتف

السؤال :
الهاتف الذي رآه الرائي يقول له اللهم إني أسألك العفو والعافية وايماناً دائماً وديناً قيماً والسلام على من اتبع الهدى ورحمة الله وبركاته .
الجواب :
الظاهران هذا الهاتف هاتف حق وقد أمر بخير وكأن هذا الرائي قد خص بهذه الفضيلة فينبغي له أن يقبلها ولا يترك الدعاء بها وكذا ينبغي لغيره من الناس أيضا والله أعلم .

المفاضلة بين العفو عن الغيب وعدمه

السؤال :
وجدت في كتاب الإحياء عن ابن الجلاء أن بعض اخوانه اغتابه فأرسل إليه يستحله فقال : لا أفعل ليس في صحيفتي حسنة أفضل منها فكيف أمحوها، وقال غيره : ذنوب اخواني من حسناتي أريد أن أزين بها صحيفتي فكيف تبقى عليه بعد المتاعب أم تبقى لهذا حسنة ولا تبقى لذاك سيئة ؟ ومن باب الأفضل قال الله تعالى { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير
لكم }
(
[1]) وقال : { أن تعفوا أقرب للتقوى }([2]) وقال { فمن عفا وأصلح فأجره على الله }([3]) أليس الصفح والعفو والسماحة والحل مطلقا أفضل من التقصى والانقباض والامتناع ؟ وما قيل أن حسنات هذا يخفف بها عن سيئاته هل يصح هذا على مذهبنا ؟ وهل تبقى على التائب سيئة لقول رسول الله
" : " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " وأحسب أني وقفت في كتاب النونية على ما يشبه هذا تفضل ببيان ذلك بيانا شافياً .

الجواب :
نعم العفو أقرب للتقوى، والصفح عن الزلة مع التوبة منها خير لصاحبه، لكن هذا القائل إنما قال ذلك عن اجتهاد منه ومنشأ اجتهاده أنه لما كانت غيبة المغتاب له زيادة حسنة له رأى أن العفو عن الغيبة نقصان لتلك الحسنة ولم ينظر إلى عظيم درجة العفو وعلو منزلة الصفح، فقوله ذلك مع قطع النظر عن هذه الرتبة وهو معارض بما ذكرت من الآيات، وكذلك قول الآخر ذنوب اخواني من حسناتي أريد أزين بها صحيفتي ومعناه أن ذنوب اخوانه التي أذنبوها في جنابه تكون من حسناته .
والحاصل أن كل واحد منهما نظر إلى انتفاعه دون انتفاع أخيه ورأى أن منفعة نفسه في بقاء تلك الحسنات التي كتبت له من قبل خطيئة صاحبه مع قطع النظر عن فضل العفو ولا شك أنه أفضل من ذلك .
ثم أن قول كل واحد منهما مبني على رأي من لا يوجب الاستحلال في الغيبة بل يكتفي فيها بمجرد التوبة فإن هذا التائب من الغيبة تكفيه توبته دون استحلال صاحبه على ما يظهر من مذهبهما فإنه لو تعلقت صحة توبته عندهما باستحلالهما لكان الظاهر أن لا يمتنعوا من ذلك .
أما كون حسنات هذا تعطى لغيره بسبب من الأسباب فهو على خلاف المذهب العماني لكن أشياخنا من أهل المغرب رحمهم الله تعالى رأوا صحة ذلك ذكره شارح النونية في شرحها وصاحب " العدل والانصاف " في كتاب " الدليل والبرهان " وعزاه هنالك إلى ضمام وكفى به قدوة والمسئلة اجتهادية استندوا فيها إلى ظاهر أحاديث فلا بأس باثبات ما أثبتوا .
أما أصحابنا من أهل عمان فإنهم إنما منعوا من ذلك لقوله تعالى : { ولا تزر وازرة وزر أخرى }(1) فحاصل احتجاجهم أنه كما لا يحمل أحد وزر أحد كذلك لا يعطى حسناته والآية ليس على ظاهر عمومها فقد قال تعالى : { وليحملنّ أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم }(2) والمعنى أنهم يحملون أوزارهم وأوزاراً مع أوزارهم فالآية الأولى إنما تكون فيمن ليس له سبب في شيء من الأوزار أي لا يحمل أحد وزر غيره إلا بسبب صدر منه فالمبتدع يحمل أوزار من تبعه في بدعته وكذلك من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء دلت على ذلك الأحاديث الكثيرة .
وبالجملة فإن الأسباب معتبرة والمغتاب لصاحبه إن أخذ من حسناته فهو سبب صدر منه فلا يلومن إلا نفسه { إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون }(1) والله أعلم فلينظر في جميع ما كتبته ولا يؤخذ إلا بعدله .

الدعاء مجتمعين أو من واحد مع التأمين

السؤال :
الأفضل والأحسن في الدعاء للاستغاثة والاستسقاء يدعون جميعاً أم واحد يدعو والباقي يؤمنون إذا كانوا جماعة ؟ وما أسرع للإجابة ؟ بين لنا ذلك مأجوراً إن شاء الله .
الجواب :
أما الذي عليه العمل في عهده " وعهد الصحابة فهو أن يكون الداعي أحد القوم وسائر الجماعة يؤمنون وأرجو أن التأسي بذلك أسرع للإجابة .
وعندي أن مخالفة ذلك بدعة وإن كان غير حرام لكن يصح انفراد كل واحد من الحاضرين بالدعاء بحيث لا يسمع أحدهم دعاء الآخر لأنه أمر مشوش للقلوب ومشغل للبال ومناف للخشوع وهذه تناسب بُعْدَ الإجابة والله أعلم .

الأكل من بيت المال بلا إذن

السؤال :
من أكل من بيت المال سراً والذي أكل منه مفرق على العساكر أيكون العساكر القائمون لهم حق فيه أكثر من غيرهم أم يكونون هم وغيرهم سواء .
الجواب :
إذا كان القائم بأمر البلد الذي فيه بيت المال محقاً وكان قد جعل الأشياء في مواضعها على نهج العدل فليس لأحد من الناس أن يأخذ شيئاً من بيت مال تلك البلد إلا عن رأي هذا القائم وإذنه سواء في ذلك كان المال مفرقاً على عساكر أو لم يكن .
وإن كان القائم مبطلاً فلا يكون له تسلط على مال الله ولغيره ممن يستحق الأخذ من بيت المال أن يأخذ من ذلك بقدر استحقاقه منه كان مفرقاً على عساكر أو لم يكن والله أعلم .

الفرار من الطاعون

السؤال :
الفارِّ من الطاعون تجوز منه البراءة إن لم يتب وإن تاب ماذا عليه ؟ افتنا مأجوراً إن شاء الله .
الجواب :
لا تجوز منه البراءة وإن صرح القطب بأن ذلك كبيرة لكن يقال بأنه فعل محجوراً فإن تاب لم يكن عليه شيء . والله أعلم .

عيادة المطعونين والقيام عليهم

السؤال :
أهل القابل وأهل الدريز أجاركم الله فيها هذا الطاعون أيجوز لأهل القابل أن يطالعوهم ويعودوا مرضاهم وهم مطعونون ؟ وإن عادوهم ومات أحد من العائدين أيكون هالكاً أم لا ؟
الجواب :
يجوز لهم ذلك عندي لأن النهي عن القدوم على البلد الذي فيه الطاعون لا للتحريم وإنما هو لمعنى غير ذلك صرح به بعض العلماء فإن مات أحد من العائدين فلا يكون هالكاً بذلك .
وأقول أنه إذا كان مرضاهم محتاجين للقيام بهم ولم يكن في ذلك المكان من يقوم عليهم فعلى هؤلاء أن يسيروا إليهم ويقيموا بهم وإن تركوهم حتى ضاعوا هلكوا إن كانوا قادرين على ذلك والله أعلم .

حراسة البلد في الطاعون ونفقة الحراسة

السؤال :
أهل قرية اتفق رأيهم على أن يحرسوا بلدهم عن الداخلين من أجل هذا الطاعون وحدثوا بادة في فلجهم وقعدوها للحراس ما ترى فعلهم هذا جائز أم لا ؟ وإن استقعد أحد من هذه البادة هل عليه ضمان أم لا ؟ وإن كان عليه ضمان أين يضعه ؟ عرفني عن ذلك.
الجواب :
إن فعلهم هذا غير جائز، إذ لا يجوز قطع السبل للفرار من الطاعون فالأجرة على ذلك حرام وزيادة البادة ظلم وعلى من اقتعد منها الخلاص إلى أرباب الفلج يعطى كل واحد منهم كل حصته من الفلج والله أعلم .







عورة الحرة مع مملوكها

السؤال :
الحادّة ما تصنع عند المملوك الذي تملك منه شقصاً أتضع الخمار عنها أم يكون مثل غيره من الناس ويجوز تمشي بلا كوش ولا زربول على الأرض أم
لا ؟

الجواب :
يجوز لها أن تمشي على الأرض حافية ولا يلزمها أن تتزربل والحادة وغيرها في وضع الخمار سواء .
وأحسب أن في إبداء زينتها عند المملوك الذي تملك منه شقصاً خلافا والصحيح عندي أن ذلك جائز لأنه لا يصح لها أن تتزوج به ولأن الله تعالى قد أباح لهن وضع الزينة عند من ملكت أيمانهن والله أعلم .

حكم الاستغفار باللسان دون القلب

السؤال :
من يستغفر وهو متوضي هل ينقض استغفاره وضوءه أم لا يكون ناقضاً في بعض الأحوال دون بعض .

الجواب :
إن الاستغفار لا ينقض الوضوء مطلقاً لأنه فعل طاعة وعبادة ولا يصح أن ينقض الوضوء ما هو عبادة، خلافاً لمن زعم أنه ينقضه إذا كان المستغفر إنما يستغفر بلسانه دون قلبه، وعلل ذلك بأنه كذب والكذب ناقض للوضوء .
قلنا لا نسلم أنه كذب لأن الكذب إنما هو وصف للأخبار غير المطابقة للواقع، والاستغفار من الانشاآت وهي التي لا توصف بصدق ولا كذب فإن طابق ما في الضمير ما يلفظ به اللسان من الطلب فذلك هو حضور القلب للدعاء ولا يوصف ذلك الاستغفار والطلب بالصدق، وإن لم يحضر القلب عند الدعاء فهي الغفلة والتقصير ولا يوصف بأنه كذب والله أعلم .

اللفظ الأولى في الاستغفار

السؤال :
ما الأولى أن يقال في الاستغفار ؟ الأولى أن يقول أستغفر الله وأتوب إليه بالجملة الفعلية أم أنا أستغفر الله وتائب إليه بالجملة الاسمية ؟ وهل تراعى النكت التي صرح بها البيانيون في الجملتين حيث قالوا إن الجملة الفعلية التي فعلها مضارع تفيد التجدد والحدوث والجملة الاسمية تفيد الدوام والثبوت ؟
الجواب :
جميع ذلك حسن ولا تراعى ها هنا النكت البيانية لأن الاستغفار وسائر الانشاآت إيقاع فعل لا اخبار عن وقوعه، فقول القائل أستغفر الله وأنا أستغفر الله إنما هو فعل الاستغفار لا إخبار عن فعله، وفعل الشيء لا يتجدد إلا إذا فعل مرة أخرى والإخبار بالمضارع هو الذي يفيد التجدد والحدوث والاخبار بالجملة الإسمية يفيد الدوام والثبوت، والفرق بين فعل الشيء والإخبار عن فعله ظاهر فلا يشكل عليك والله أعلم .

استعمال الحروز من القرآن أو غيره

السؤال :
من استعمل لبس الحروز من كتاب الله تعالى فأنكر عليه بعض مخالفينا فقالوا : هذه الحروز تمائم ولبس التمائم حرام، لأنه نهى النبي " عن لبسها، فقلنا له : أما آيات القرآن فجائز حملها وشرابها محو الكافة المسلمين، وأما التمائم التي ذكرتها أنت فغير آيات الله فلم يصدقنا فتفضل علينا ببيان التمائم
الجواب :
ليس نهيه " متوجهاً إلى آيات الكتاب العزيز ولا إلى الأدعية والأذكار العربية ولا إلى ما عرف معناه أنه حق، وإنما النهي عن أشياء لا تحل شرعاً .
فعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : " إذا عسر على المرأة ولدها فليكتب لها بسم الله الرحمن الرحيم لا اله الا الله الحكيم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين { كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها }(1) { كأنهم يوم يرون ما يوعدون }(2 ) إلى آخر السورة " .
وعن عبد الله بن عَمْر و بن العاص أن النبي عليه السلام كان يأمرنا بكلمات من الفزع .
وشكا إليه خالد بن الوليد أنه يفزع في منامه فقال إذا أخذت مضجعك للمنام فقل بسم الله أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعذابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون فكان عبد الله بن عمر من أدرك من ولده علمه إياهن وأمره أن يقولهن إذا أراد أن ينام ومن لم يدرك كتبها وعلقها عليه والله أعلم .
وفي حاشية محمد الشنواني على مختصر ابن أبي جمرة ما نصه : يحكى أن قيصر ملك الروم كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن بي صداعاً لا يسكن فابعث لي شيئاً من الدواء فانفذ اليه قلنسوة فكان إذا وضعها على رأسه سكن ما به من الصداع وإذا رفعها عن رأسه عاد الصداع اليه فتعجب من ذلك فأمر بفتحها ففتشت فإذا فيها رقعة مكتوب فيها بسم الله الرحمن الرحيم فقال ما أكرم هذا الدين وأعزه حيث شفاني الله تعالى بآية واحدة فأسلم وحسن إسلامه، انتهى نقلا والله أعلم .

تمنى المتعلم رتبة غيره

السؤال :
المتعلم أيجوز له أن يتمنى أن يعطى مثل ما أعطي أحد من العلماء أو يسأل الله أن يعطيه مثل ذلك .
الجواب :
كيف لا يجوز ذلك وهي درجة شرفها الله تعالى في خلقه وأمر بالسعي إليها ؟! وليس هذا من باب الحسد بل هذا هو الغبطة .
والفرق بين الحسد والغبطة معروف، وذلك أن الحسد تمنى نعمة الغير أو تمني زوال نعمته والغبطة هي أن يتمنى مثل تلك النعمة والله
أعلم .








ما يلزم التائب عن ترك الفرائض

السؤال :
التائب من ذنبه مع ما ضيع من صوم وصلاة ولم يُحِطْ بعدد الصلوات والرماضين، وأَكْلِ أموال الناس، شيء يعلمه وشيء لا يعلمه، ولا يحفظ أهلُه ما عليه في ذلك، بين لنا ذلك .
الجواب :
أما ما ضيعه من صلاة وصوم فيجب عليه أن يقضيه، وإن لم يعلم عدد ذلك تحرَّى قدر ما ضيع وقضى، وكذلك يتحرى الكفارات فيكفر عن كل صلاة ضيعها كفارة، وعن كل يوم من رمضان كفارة .
ورخص للتائب من ذنبه الراجع إلى ربه أن يكفر عن الجميع كفارة واحدة وهي المسماة بكفارة العشور واحسب أن هذه الرخصة توجد عن أبي ابراهيم ولا تبذل إلا للتائب .
وأما ما أكل من أموال الناس أو ضيعه فيجب عليه الخلاص منه إلى أهله وما لم يعلم أهله اعتقد أداءه عند وجود أهله وأوصى به وأشهد الثقات على ذلك وأن تعذر علم أهله أو استحال وجودهم فهو مال مجهول ربه وله أن يتخلص منه إلى الفقراء والله أعلم .

دعاء المظلوم على ظالمه وغيبته

السؤال :
مظلوم هل يجوز له أن يدعوَ على ظالمه وأن يقول في أحد شيئاً وهو فيه ؟ وإن لم يجز ما يلزم الداعى إن دعا أو قال ؟
الجواب :
{ لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم }(1) قال الشيخ أبو سعيد رحمه الله معنى ذلك لايحب الله الجهر بالسوء من القول لمن ظلم ولمن لا يُظلَم، فينبغي لهذا المظلوم أن يحتسب ثواب ظلامته من الله ويصبر لحكم الله وإن دعا على ظالمه بما يستحقه فلا شيء عليه .
وأما القول في الناس بما هو فيهم فلا يحل ذلك في كل أحد لأن ذلك غيبة وهي حرام وجوز لنا غيبة الفاسق والمنافق ليُحذِّر الناس شره لا لقصد التلذذ بمساوئه .
فإن اغتاب أحداً ممن لا تحل غيبته فعليه التوبة من ذلك، وقيل عليه مع التوبة أن يستحله والله أعلم .

مقتضى النهي عن الضر بالطاعون

السؤال :
إذا أصاب هذا الوباء في بلد وأنت خارج عنها ولك فيها أهل وأصحاب، إذا أردت الاتصال بهم أتدخل في النهي عن السفر اليه أم لا إذا كان فيها من يقوم بهم غيرك ؟
الجواب :
في الحديث " إذا سمعتم به في ارض ولم يقل إذا سمعتم به في بلد " فيستفاد منه الترخيص في البلادين المتقاربة التي تعد في العرف أنها أرض واحدة .
مثاله إذا وقع في شيء من مسحاب الحارثي في بلادينه المتقاربة فلا تقول يتعين النهي لمجاورة هذه البلادين وجعلها أرضاً واحدة وربما يحتاج بعضها إلى بعض حاجة شديدة فيكون ذلك جائزا لحال الترخيص لأن المشقة تجلب التيسير والدين يسر والعلم عند الله .

صلة الأرحام ولو معاندين

السؤال :
من له ارحام معاندون له كيف يصنع من ابتلى بذلك ؟

الجواب :
إن على هذا أن يؤدى ما وجب عليه لرحمه، وعصيان الرحم لا يسقط الفرض الواجب عليه إلا إذا كان باغيا يحل قتاله فله أن يقاتله على بغيه .
فإن خاف ضرراً في حاله أو ماله أو دينه فله أن يتقيه بما تجوز فيه التقية هذا ما ظهر لي والعلم عند الله .

الكذب على الطفل

السؤال :
رجل عنده طفل صغير فقال له خذ هذا السكر أو هذا العسل أو خذ هذا الشيء وهو لا شيء بل يريد أن يفرحه يكون هذا كذباً ولا يريد هو الكذب بل يلاعب الطفل أو يقول ذلك ؟ بين لنا مأجوراً إن شاء الله .
الجواب :
أحسب أنه يُنهى عن ذلك فلا ينبغي له أن يفعله وأحسب أن النهي في ذا مروي عن رسول الله " إن صح ما في ظني .
ولم يحضرني الآن ذلك المعنى فأنقله نصاً والله أعلم .

حق الوالدين

السؤال :
قولهم إن للوالدين منع الولد عن النافلة وعن الجهاد غير اللازم وإن دخل فيه وأما الحج النافلة فيصح لهما منعـه قبل الدخـول فيه والإحرام به لا بعد ذلك . ما وجهه ؟
الجواب :
ذلك لأن حق الوالدين واجب إجماعاً بنص الكتاب العزيز قال
تعالى : { وصاحبْهما في الدنيا معروفا }
(1) وليس من المعروف مخالفتهما وقال : { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة }(2) وقال : { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا }(3) فليست نافلة أعظم من بر الوالدين فلذا كان لهما منعه عن النافلة فدع سائر المباحات والجهاد غير اللازم من جملة النوافل فلهما منعه منه وإن دخل فيه لأن الدخول فيه لا يوجب تتميمه وأما الحج النافلة فإنه يصير بالدخول فيه واجبا فلذا صح منعهما قبل الإحرام به لا بعده .
وليس لهما أن يمنعاه عن شيء من الواجب وليس له أن يطيعهما في ذلك بيانه أن في ترك الواجب هلاك نفسه ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والرفق بالنفس أولى وأحق وطلب رضا الخالق ألزم وأوجب من رضا المخلوق . والله أعلم.

القرابة

السؤال :
اختلافهم في حد القرابة فقيل : هي ما دون الشرك، وقيل : إلى سبعة آباء وقيل إلى خمسة آباء، وقيل إلى أربعة، وقيل : هي من ترثه ويرثك . ما وجهها ؟
الجواب :
الله أعلم، وأنا لا أعرف لهذه الأقوال وجوها إلا أن تكون اعتبارات اعتبروها في مفهوم القرابة إذ ما عدا القريب فهو بعيد .
فاختلف اعتبارهم في حد الأقرب حتى قصره بعضهم على الوارث دون غيره وهو القول الأخير من سؤالك ووجهه إن ضد القريب البعيد ومن المعلوم أن ترثه ويرثك هو القريب فيكون غيره بعيداً .
وهذا غير مسلَّم لأن القرابة صفة توجد في غير واحد من الأشخاص فلا يلزم من وجودها في واحد انتفاؤها عن غيره وهذا المعنى هو الذي اعتبره من قال إن القرابة ما صح النسب ما لم يقطعهم الشرك وذلك أن كل من صح معك نسبه منك فهو قريبك وإن كان بعضهم أقرب من بعض ما لم يقطع بينك وبينه شرك، وذلك أن الشرك مانع من وجوب الحقوق وموجب للعقوق، فإذا انتهى النسب إلى الشرك فقد انقطع وصار حيهم كميتهم .
وأما القول بأن القرابة إلى سبعة آباء أو إلى خمسة أو إلى أربعة فلا أعرف وجوهها وكذلك القول بأنها عشرة لا أعرف له وجها أيضاً إلا أن يكون الاعتبار الذي مضى في مفهوم القرابة وأن ما عدا ذلك بعيد فقصرها كل قائل منهم على ما وقع في فهمه إنه قريب من الآباء على اختلاف أفهامهم في ذلك وهي اعتبارات ضعيفة جدا .
وأما احتجاج بعضهم للقول بأنها أربعة آباء بقوله تعالى : { وأنذر عشيرتك الأقربين }(1) فأنذرهم إلى أربعة آباء فيُنافيه ما يوجد أنه " لما نزلت هذه الآية صعد الصفا فنـادى الأقرب فالأقرب فخذا فـخذاً قال : " يا بني عبد المطلب، يا بني هاشم، يا بني عبد مناف، يا عباس "عم النبي"، يا صفية "عمة النبي" إني لا أملك لكم من الله شيئا " فإن فيه إنذارهم إلى عبد مناف وهم ثلاثة آباء اللهم إلا أن يقول القائل اعتبر الأب القريب وهو عبد الله .


صلة الرحم

السؤال :
قولهم إنه مندوب بتأكيـدٍ وصلُ الرحم في ترح وفرح ومصيبة . مـا وجهه ؟
الجواب :
ذلك لأن هذه الأحوال أشد الأسباب المقتضية لاجماع الأرحام بعضهم إلى بعض فمن وصلهم في هذه الأوقات صار كأنه مواسياً لهم في الفرح والترح فيرون أنه قد وصلهم بنفسه وشاركهم في أمرهم وبذلك جرت العادة بين الناس فإن من لم يصلهم في ذلك الوقت مع قدرته على الوصل يعدونه جفاء ومن هنا يتأكد إرساله التعزية في الكتاب على من بعد وكذلك يظهر السرور في كتابه بما يسرهم .
فإن قيل إن صلة الأرحام واجبة فما وجه هذا التأكيد في الندبية دون الوجوب ؟
قلنا ذلك لأن وجوبها في الجملة ولم تقيد بوقت ولا بحال دون حال كما في قوله عليه السلام : " صلوا أرحامكم ولو بالسلام " وعنه " أنه قال : " إن الرحم إذا تناست تقاطعت " وبذلك حفظت العرب أنسابها .
ومن هنا قال أبو محمد ليس لصلة الرحم حد يعرف ولكن يكون علىالنية والوصل إذا قدر متى كان فإذا ظهر لك أن صلة الأرحام غير محدودة بشيء مخصوص وأن وجوبها في الجملة لا غير ظهر لك وجه الندبية في تخصيصها بالترح والفرح .
وإذا اعتبرت الحديث الثاني رأيت الحكمة في صلة الأرحام حفظ الأنساب وإذا كان الغرض هذا ظهر لك وجه الاكتفاء بالسلام لأن في إرساله وتبليغه حفظا للنسب . والله أعلم .

حدّ الجوار

السؤال :
تحديد حد الجوار بأربعين ذراعا كما قاله أبو عبيدة، وبأربعين بيتا كما قاله أبو عبد الله أو قدرها من البراح . وإن كانوا في فلاة فقيل إن الجوار ينتهي إلى قبس النار بعضهم من بعض، وقيل ما يبلغ صوت المغرف وقيل مقدار ما يحميه الكلب وقيل مقدار ما يبلغ رائحة القدر . قال السائل ما مستند هذا التحديد وما وجه هذه الأقوال ؟
الجواب :
الله أعلم، وأنا لا أعرف لهذا كله وجها إلا أني وجدت أن رجلا جاء إلى رسول الله " فقال يا رسول الله إني نزلت محلة بني فلان وإن أشدهم إلي إذا أقربهم إلي جواراً فبعث رسول الله " أبا بكر وعمر وعليا يأتون المسجد فيقومون على بابه فيصيحون : ألا أن أربعين دار جار، ولا يدخل الجنة من خاف جاره بوائقه فإن صح هذا الخبر فهو حجة لأبي عبيدة رحمه الله .
وأما سائر الأقوال فلا أعرف وجهها إلا أن الشيخ عامراً قال فيما يوجبه نظره إن أصل اختلافهم في ذلك فيما يقع عليه اسم الجوار إما من طريق اللغة أو من طريق الشرع وقال : وذلك أن قول من قال مقدار ما تبلغ رائحة القدر يدل أن قائله اعتبرفي ذلك أن من يؤذيه بقتار قدره فهو جاره وعليه أن يعطيه منه ومن لم يبلغه فليس بجاره ولايجب عليه حقه إذ لم يؤذه به .
قال : وكذلك على هذا المعنى من اعتبر مقدار صوت المغرف .
قال : والجار في اللغة مأخوذ من تداني مساكنهم بعضهم من بعض وهو المجاورة، والجيران الناس المتجاورون .
وحاصل كلامه رحمه الله أن الخلاف في ذلك مبني على قاعدتين :
منهم من اعتبر المعنى الشرعي وهو كف الأذى عن الجار فتحرى أقصى ما ينتهي إليه الأذى بين المساكن فجعلهم جيرانا .
ومنهم من اعتبر الاسم اللغوي وهو لفظ الجوار فاعتبر القرب والبعد فمن كان قريبا كان جاراً ومن بعُد خرج عن الجوار ثم اختلفت أنظارهم في تحديد ذلك على حسب اختلاف أفهامهم في القرب والبعد.
وها هنا قاعدة ينبغي أن ينبه عليها وهي اختلاف العرف بين أهل النواحي في صفة الجوار فإن لكل أهل ناحية من الأرض عرفاً في ذلك ولكل منهم عادة يعدون التمسك بها صلة وتركها قطيعة ومن أجل هذا المعنى اختلف معنى الجوار بين القرى والبوادي فحَدُّوه في القرى بالبيوت وفي الفلاة بقبس النار وما ذاك إلا لاختلاف أحوالهم وتباين عاداتهم ومنافعهم فإن أهل البادية يعدون جاراً كل من أمكن أخذ منافعهم الحاضرة منهم كاقتباس النار وأخذ الملح للقدر التي على النار، وأشباه ذلك وأما أهل القرى فلا يعدون ذلك جاراً لأن مساكنهم متقاربة متصاكة فجاء عرفهم بالجوار بأقرب البيوت إلى بعضها بعض ثم اختلف هذا العرف في تحديد هذا المقدار من عدد البيوت فكل قال بما وقع له من العرف .
وهذه قاعدة كما ترى أجمع من القاعدتين اللتين ذكرهما الشيخ عامر رحمه الله فينبغي أن يعول عليها في الجمع بين الأقوال في هذا الباب بعد أن ظهر صوابها . والله أعلم .

صفة الطريق القاطعة للجوار

السؤال :
الطريق القاطعة للجوار ما صفتها أهي الطريق الجائزة أو كل طريق ؟
الجواب :
الله أعلم وقد ورد الأثر بهذا الأثر مجملاً غير أن الشيخ عامراً قال يعني إذا كانت الطريق بين الدور .
وأقول إن حملَها على كل طريق لا يمكن لأنَّ طريق البيت طريق أيضا ومن المعلوم أنها غير قاطعة .
والذي يظهر لي أن المراد بها الطريق الجائزة لأنها هي الطريق الفاصلة والحكمة في جعلها قاطعة أنه لا يمنع من المرور بها أحد فصار المار في حكم قوم فاصلين بين البيوت فلم يكن بعضها جاراً لبعض لوجود ذلك الفاصل وكذا القول في الوادي والسوق . والله أعلم .

من لا يعطى حق الجوار

السؤال :
اختلافهم في المرتد والمانع للحق والقاطع هل يعطى حق الجوار أو لا قولان ما وجههما ؟
الجواب :
أما القائل بإعطائهم فقد تمسك بالعمومات الواردة في ذلك وإنها لم تخصص بجار دون جار .
وأما القائل بمنعهم فقد خصص العمومات بما علم من أحكامهم شرعاً وذلك أنه نظر في هؤلاء الثلاثة فرأى الشرع قد أوجب معاداتَهم ومقاطعتَهم، والصلة وحقوق الجار تنافي ذلك فمنعهم من الحقوق جمعاً بين الأدلة وتوفيقا بين الأحكام . والله أعلم .

مواصلة الجار بما ليس عنده

السؤال :
قولهم في مواصلة الجار أنها تجب بالشيء الذي لا يوجد عنده إن سمع به عند جاره أو رآه . ما علته ؟
الجواب :
ذلك لأن النفوس تتوق إلى الشيء الذي لا تجد إذا سمعتْ به أو رأتْه، ومن المعلوم أن حق الجار ثابت بنص الكتاب في قوله تعالى :
{ والجارِ الجُنُبِ }
(1) وإذا ثبت الإيصاء به من كتاب الله وجبت مواصلته بما أمكن من الحال من غير تعيين ومن المعلوم إمكان نحو هذا مع ما في تركه من حصول الجفاء للجار إيذاء وقد حرم ذلك في حقه خصوصاً وفي حق المسلم عموماً . والله أعلم .


معنى حديث كل شيء فضل عنه

السؤال :
معنى قوله " : " كل شيء فضل عن ظل بيت وجلف وثوب يواري عورة الرجل والماء لم يكن لابن آدم فيه حق " تفضل بين لنا ذلك .
الجواب :
معنى الحديث والله أعلم أنه متى اندفعت حاجة الانسان ولو بأحقر الأشياء فقد أوفى له ربه بوعده الذي وعده إياه في قوله : { وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق }(1) فما فضل عن ذلك فهو تفضل منه تعالى لا حق للعبد فيه على الله عز وجل وذكر الأنواع الاربعة لأن حاجة الانسان غالباً من قبلها فالظل للمسكن لأنه لا بد له من محل يؤويه والجلف بكسر الجيم وسكون اللام الخبز الذي لا ادام معه أو الخبز اليابس وأشار به إلى المطعوم لأنه لا بد له من قوت تقوم به بنيته والثوب للملبوس لأنه لا بد له من شيء يستر به عورته .
وخص الرجل بالذكر لكونه الأفضل فيقدم في الخطاب ولأن خطاب الذكور يتناول الإناث تغليبا على المشهور ولأن المقام مقام خطاب للذكور فالعدول عنه إلى غيره خروج عن أسلوب البلاغة والمراد بالماء هو ما لا بد له منه مشروب ومغتسل به قال الحليمي : والقصد أي من الحديث تعليم العبد القناعة فلا يستكثر من الدنيا لأنها فانية وأنشد في معنى الحديث :

خبز ومـاء وظـــل


هو النعيم الأجل

حجدت نعمة ربي


إن قلت أني مقل

انتهى والله أعلم .

كلام المستمع للقراءة

السؤال :
المستمع للقارئ إذا أتى من الكلام ما يعلم به أنه منصت للاستماع فاهم للمراد هل يجوز له ذلك أم لا ؟
الجواب :
يجوز له ذلك إذ لا مانع منه شرعاً ما لم يُرد به معنى باطلاً والله أعلم .

التحذير من خرافة وسم من كثر الموتى في أولاده

السؤال :
ما تقول في أهل زماننا هذا الموجود أنا نراهم من تكاثر عليه الموت في أولاده يقولون له فيك كواشح ولذلك طبيب وتراهم يسيرون صوب ذلك الطبيب وهو عارف بذلك من يرى فيه هذا الأذى المذكور يوسمه تحت لحيته في رقبته أوسما حفيفة والذي لا يرى فيه شيئاً يقول له لا فيك شيء من هذا ويرجع عنه وتقول العامة هذه كواشح تكشح الأولاد وهذا معهم مجرب صحيح في تجاربهم ويتواصفون ذلك ونحن لم نعلم هذه جائزة أم غير جائزة تفضل صرح لنا ذلك وأفتنا فيه بيانا لكي نعلم الحق من الباطل ولك جزيل الثواب .
الجواب :
إن تجربتهم في هذا غير صحيحة وأن اعتقادهم لذلك خارج عن الجادة الصريحة وهل ينكر ذو عقل بأن الألم إذا كان في شخص لا يقتل غير ذلك الشخص فإن كان هذا الألم قاتلا كما زعموا فأحق به أن يقتل من حل به لا ولده ولا أخاه وبهذا يظهر لك أن هذا الفعل من العامة غير جائز والله أعلم .



ادخال الحلي المكتوب عليه اسم الله النار أو دقّه

السؤال :
الصائغ أله أن يرسم إسما من أسماء الله تعالى في لوح ذهب أو فضة ويدخله النار وإن أتى له أحد مثل ذلك أله أن يدقه على آلته والحال أنه ليس له نية إهانة لذلك الاسم وهل على صاحب المال إن وجد مثل هذا في حليه أن يتركه وهو محتاج إليه وإن تركه على حاله لم يستفد منه بشيء وهل هذا من إضاعة المال إن تركه سدى .
الجواب :
يظهر لي أنه لا يمتنع رسم شيء من أسماء الله تعالى في شيء من الحلي والآلة على قصد التبرك بها أو لمراعاة أصلحية أو صلاحية دنيوية أو أخروية على أنه قد ثبت في السير أن خاتمه " منقوش فيه محمد رسول الله وكذلك نقل عن أفاضل الصحابة أنهم كانوا ينقشون في خواتمهم شيئا فيه بعض أسماء الله تعالى .
ولم أقف على نص يمنع من ادخال الحلي المكتوب ذلك فيه النار ولا من دقه بالآلة والظاهر جواز ذلك ما لم يقصد به الإهانة لاسمه تعالى فيكون فاعل ذلك على ذلك القصد شركا ومالم يكن القصد إلى غرض فاسد غير الإهانة فإن فعل ذلك على القصد الفاسد حرام فيمنع من فعله .
أما ما نقل عن الأصحاب من نقمهم على عثمان تحريق االمصاحف فلا يعارض ما قررناه فإنه وإن كان القصد من عثمان في تحريقها دفع المفسدة الناشئ عن الاختلاف المنتشر في القرآن فإنه يصح دفع تلك المفسدة بما عدا تحريق المصاحف مثلا وذلك مثل أن يزجرهم عن الاختلاف في القرآن والمباهاة فيها وأن يتوعدهم ويتهددهم على ذلك مع ابقاء كل قراءة على حالها فإن المفسدة المحذورة إنما هي ناشئة عن التباهي في القراءات والتفاخر فيها لا عن مطلق تخالفها والله أعلم .

الدعاء بمحو الشقاوة من اللوح المحفوظ

السؤال :
ذكرت لي أن أمحو مسألة اللوح عن المشارق فقد وجدت عين مسألتك في كتاب دلائل الخيرات ونصها اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم االكتاب شقيا أو محروماً أو مطروداً أو مقتراً علي في الرزق فامح اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي واقتاري واثبتني عندك في أم الكتاب سعيداً مرزوقاً موفقاً للخيرات فإنك قلت وقولك الحق في كتابك االمنزل على لسان نبيك المرسل
{ يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب }
(1) انتهى بلفظه وفي جامع ابن جعفر أن الدعاء على الشريطة جائز فإن كنت هذا لا تراه صواباً فعرفنا إن شاء الله لنمحوه .

وهل يسأل السائل إلا محض الخير فقط ويتعوذ من الشر وكلاهما مقرر في اللوح والحكمة جارية على مشيئة الله تعالى لا على دعوة الداعي { لا يسأل عما يفعل وهم يسألون }(1) أن عذبنا فبعد له وإن رحمنا فبفضله أمرنا أن ندعوه فدعوناه .
وقد وجدت أن من أراد الرزق فليكتب كذا وكذا ويدعو بكذا فالرزق مكتوب قدره في اللوح لا يزيد ولا ينقص فما فائدة هذا المذكور تفضل علينا بايضاحه أدامك الله .
الجواب :
نعم قد كتبت لك أن تمحو مسألة اللوح من المشارق وقد كنت كتبتها يوم كتبتها وأنا لا أرى إلا ظهور صوابها ووضوح حقها مع ما وقع فيها في ذلك الحال من النزاع بيني وبين شيخنا الصالح رضوان الله عليه وأخينا الراشدي رحمه الله فأما شيخنا فلا يرى صحة ما كتبت هنالك أصلاً ثم وافقته عليه فكان ما جرى والمسألة بعينها صرح بها الخازن في تفسيره ولها في كتب أصحابنا أهل المغرب رحمهم الله تعالى نظائر ولنا عند قولنا بثبوتها تشبثات كنا نظنها حججاً ثم ظهر لي بعد مناظرة طويلة من إخواننا المتعلمين صواب ما قاله شيخنا في منع تغيير ما كتب في اللوح فرجعت عما كتبته في المشارق وأحببت أن لا أكون رأساً في أمر لم يتقدمنى فيه أحد من أصحابنا وإن لم يفض ذلك إلى خطأ في الدين والحمد لله فلذا كتبت إلى أهل الآفاق بإبطال مسألة اللوح في نسخ المشارق .
فأما ما نقلته من دلائل الخيرات فهو من المسألة المذكورة محتاج بنفسه إلى دليل وما في الجامع من جواز الدعاء على شرط لا يكفي حجة لذلك فقد طالما تشبثنا بمثلها فصارت هباء منثوراً فالحق والذي لا مرية فيه أن ما كتب في اللوح لا يصح تبديله والله أعلم .

سفر الشخص وحده

السؤال :
الرجل أيجوز أن يسافر وحده قريباً كان أم بعيداً للحديث الواحد
شيطان ؟ وما معنى الحديث إذا كان جوازاً ؟

الجواب :
ينهى عن ذلك شفقة عليه من مصادفة المكروه ولا يبلغ به إلى تحريمه ما لم ير في ذلك علامات الهلاك فإن رآها حرم عليه اهلاك نفسه .
وأما الواحد شيطان فمبالغة في الزجر، وكأن المعنى أن الواحد يشبه في سفره الشيطان بجامع أن كلا منهما يكون منفرداً أو أن المعنى أن الواحد صيد الشيطان أو غير ذلك من الوجوه .
وأحسب أنه قيل أن الحديث منسوخ وأن ذلك في أول الأمر قبل ظهرو الإسلام لخوف الفتنة والله أعلم .

الأكل مما عند الصبي

السؤال :
الصبي إذا عرض الأكل من عنده ونفسه تطيب بذلك وهو مليء يحل الأكل من عنده أم لا إذا كان يعقل ؟ يتيما كان أو لا ؟
الجواب :
إذا كان الصبي مراهقاً وهو الذي وصل حد البلوغ لكن لم يصح بلوغه فمنهم من أعطاه حكم البالغ في جميع أموره إلا الحدود لأنها لا تقام على التهمة ومنهم من جعله في حكم الصغر حتى يصح بلوغه .
وأما دون ذلك من الصبيان فلا يؤخذ منه شيء ولا يؤكل من عنده إلا على قصد التعويض إن أراد جبر خاطره والله أعلم .


عورة العبيد والصبيان

السؤال :
معنى البيت الذى في " مدارجه " فإنه وقع بين المتعلمين في معناه النزاع والجدال وهذا هو :

عورة العبيد والصبيان


إن وجدوا الشهوة فالفرجان


ولاحاجة إلى نص مقولاتهم فيه وانما المعول على ما انت تبينه لنا معناه .
الجواب :
هو على ظاهره والمراد بالفرجين القبل والدبر ومابينهما وما يعد أنه منهما كالاليثين ومنابت الشعر من الجانبين إلى غير ذلك مما اشتمل على الفرجين .
فأما عورة الذكور من العبيد فالكلام فيها ماخوذ من قول ابن النظر في دعائمه حيث قال :

وما يمس الفرج بأس مـن


الانعام والطفل ذوى الصغر

مالم بكف رطبا وفي مسه


فرج الاناث أعظم الوزر

وفي المماليك بلا شهـــــوة


امساسهم حل بلا عقر


قيل سوى الفرج ولم يجعلوا


في الحرمة المملوك كالحرّ


وكلام ابن النظر هذا شامل للمماليك كلهم ذكورهم واناثهم وكأنه نظر إلى كلام الشيخ محمد بن محبوب رحمه الله تعالى حيث قال من نظر إلى فخذ الامة المملوكة ورأسها لم ينقض ذلك وضوءه . لكن تعقبه الشيخ أبو سعيد رحمه الله انه قد قيل في الامة انه من سرتها إلى ركبتيها عورة على الرجل وعلى المرأة إلا سيدها الذي يطؤها أو زوجها فلذلك اعتمدت في المدارج ان عورة الامة كعورة الرجل فالعبيد في هذا البيت انما هو خاص بذكورهم دون الاناث منهم .
وقد شدد أبو الحوارى رحمة الله عليه في عورات العبيد وظاهر كلامه ان العبيد والاحرار في ذلك سواء فكلام المدارج في عورة العبيد انما هو جار على القول الذي ذكره ابن النظر وغيره .
وأما عورة الصبيان فذكر في الاضاح واختلفوا في مس فروج الصبيان قال بعضهم تنقض الوضوء لأن لهم حرمة الانسان وقال آخرون لا نقض على من مس فروج الصبيان قال والعلة في ذلك عندهم ان فروج الصبيان كفروج البهائم لاعبادة عليهم ولا نقض على من مسهم .
وفرق بعضهم بين الذكر والانثى وقالوا مس فروج الاناث ينقض الوضوء وفي بيان الشرع من نظر إلى فرج صبية أو لمسه بيده وهو متوضء هل ينتقض وضوؤه . قال اذا نظر إلى جوف الفرج انتقض وضوؤه وان مس الفرج انتقض وضوؤه فهذه الكلام في النقض بمس عورة الصبى وعدم النقض بذلك إلى غير ذلك يدل على ان عورة الصبى ليس كعورة البالغ .
ولما كان الحال كذلك احتيج إلى بيان حال يكون فيه للصبى حرمة فيجتنب النظر إلى فرجه فضبط ذلك بما إذا وجد الصبى الشهوة أي إذا بلغ الصبى حداً يشتهى فيه الجماع كان ذكراً أو انثى يكون حينئذ له حرمة فتجتنب عورته وعورته حينئذ انما هى الفرجان دون غيرهما كعورة الذكور من العبيد وذلك لأنه لا دليل يدل على تحريم النظر إلى ماعدا ذلك من الصبيان .
فأما النظر إلى الفرجين منهم إذا انتهوا إلى حد من يشتهى الجماع فمستقبح بالعقل ويدل على تحريمه ظاهر قوله تعالى { أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء }(1) قال القطب في الهميان ومعنى عدم ظهورهم على عوراتهن عدم بلوغهم حد الشهوة وقيل اذا كان يشتهى استترن عنه قال ولا يكفرن بعدم الاستتار ما لم يلزمه الفرض .
وفي تفسير الفخر أن الصغير الذي لم ينتبه لصغره على عورات النساء فلا عورة للنساء معه وان تنبه لصغره ولمراهقته لزم ان تستر عنه المرآة ما بين سرتها وركبتها وفي لزوم ستر ما سواه وجهان أحدهما لا يلزم لأن القلم غير جار عليه والثانى يلزم كالرجل لأنه يشتهى والمرآة قد تشتهيه .
وفي بيان الشرع وعن مفاكهة الطفل للمرآة هل يجوز ذلك للمرآة . قال مضى أنه إذا أرادت بذلك معنى المفاكهة والتلذذ بالشهوة لم يجز ذلك وكان ذلك ممنوعاً عندى للمرأة واما الصبي فاذا لم يكن يعقل فلا تخرج له في ذلك كراهية فإن كان يعقل كان مكروها له عندي .
وفي بيان الشرع ايضاً واما ماذكرت هل يفسر وضوء الرجل اذا مس فرج الصبى قبله او دبره وهو مغسول فاذا كان الصبى صغيراً لا يستتر لم يفسد ذلك وضوءه اذا مسه فهذه الاثار تدل على اعتبار الشهوة في الصبيان والاثر الاخير منها يدل على جعل القبل والدبر عورة للصبيان فجمع صاحب المدارج بين الحالين وجعل عورة الصبيان اذا وجدوا الشهوة الفرجين قياساً على الذكور من العبيد والجامع بينهما أن كل واحد من الصبيان والعبيد يجد في نفسه شهوة الجماع ولا حرمة له كحرمة الحر البالغ فكان هذا الضابط في بيان عورة الصبيان مما تفرد به صاحب المدارج اخذا من معانى الاثر وقياساً على العبيد كما مر فلا يشكل عليكم عدم وجود المسألة بعينها في الاثر فالمقام مقام اجتهاد ونظر والله أعلم .

النظر إلى الأجنبيات والخلوة بهن

السؤال :
صفة النظر الذي لا يجوز في الاجنبيات ما عدا مواضع الزينة ان كان تلذذا لأنه لم يختلج في قلبه شيء من مقدمات الزنا ويرد نفسه عن ذلك وما صفة نظر الشهوة اذا كان يصون النفس عن ارتكاب المحارم وهل على الانسان اذا رأى ابداء الزينة من النساء الانكار اذا كان في نفسه انهن لن يسمعن لكلامه أم يكفيه أن يغض بصره ؟ وان كان تاجراً أيجوز الخلوة بهن اذا اردن شراء شيء منه ام لا ؟
الجواب :
لا يجوز النظر إلى شيء من الاجنبيات ماعدا وجهها وباطن كفها، وقيل يجوز النظر إلى ظاهر الكف، وكذلك يجوز النظر إلى ظاهر القدم ايضا كما صرح به بعض ولا يصح إلى غير ذلك كان بشهوة او لم يكن .
وأما النظر إلى الوجه والكفين وظاهر القدمين فيجوز إذا لم تكن شهوة وان كان بشهوة منع اتفاقا وليس الشهوة الطمع في الزنا وانما هو التلذذ بالنظر إليها سواء حدّث نفسه بالزنا أو لم يحدثها فان نظر لغير شهوة ثم حدثت الشهوة لزمه ان يكف النظر .
وعليه ان ينكر على من رآها قد أبدت زينتها في موضع لا يحل لها ذلك اذا قدر على الانكار وان لم يرج منها القبول، لأن الامر بالمعروف والنهى عن المنكر غير مقصود على الطمع بالقبول وانما هو فريضة على من قدر سواء قبلت منه او لم تقبل . وقيل ان لم يرج قبول ذلك فلا يلزمه شيء لان القادر هو الذي يقدر على قهر أهل المعاصي لا الذي يقدر على نفس القول فقط فاذا خاف على نفسه او ماله بسبب الامر والنهى سقط عنه اتفاقا .
ولا تصح الخلوة بالاجنبية وان كان المختلى تاجراً إذ لم يرد للتاجر بنفسه خصوصية في هذا الحكم بل هو وغيره في ذلك سواء والله أعلم .

استعمال العزائم والطلاسم لجلب السرقة

السؤال :
من يستعمل العزائم والطلسمات لجلب السرقة كولد الرويحى المسكرى أو غيره ممن لا تلحقه قيمته فتارة يرد المسروق إلى صاحبه وتارة يوجد مرمياً، وحينا يرد إلى العامل ويسلمه لربه من غير مناقشة، فإن رد يوما سرقة على احد كعادته فادعى صاحبها ان المسروق على كذا وكذا والظاهر منه هذا الذي اتيت به الآن ظهر مالى عندك واريد ما بقى منه منك فما الحكم شيخنا فهل يلزم هذا الخشاب شيء أم لا ؟ وهل عليه يمين ان يكن لا من اهل التهم أم لا ؟ وما قولك فيما يأخذه هذا المطلسم من الأجرة في ذلك متى ظهر المسروق أو بعضه أتحل له أم لا ؟

الجواب :
ليس عليه ما ادعاه المسروق من البعض الباقى ولا يكون الظاهر من السرقة حجة على الغائب فإن اتهمه بباقي حقه كان امرهما إلى الحاكم لأن اليمين بالتهمة مختلف فيها فان رأى الحاكم اليمين حلفه والا تركه وهو الناظر في ذلك .
وأما الأجرة التى يأخذها المطلسم من المسروق فالله أعلم بها وفي الأثر ما نصه ورجل سرقت له دراهم فجاء إلى رجل وقال له أعطيك نصف التى سرقت أو كذا وكذا الهارية أن طلعت لى فحسب لها الرجل وهو من أهل العلم من النجوم والحساب والطلسمات وعالج ذلك بشيء من الكتب حتى ردت الدراهم المسروقة على الرجل أثبتت العطية للمعطى على هذه الصفة أم لا يحل له ذلك ؟ الجواب وبالله التوفيق ان هذه العطية على صيغتك هذه لا تثبت وأما إن طابت نفس صاحب الدراهم وأعطاه شيئا بعد أن طلعت السرقة وكان بالغا صحيح العقل فلا يضيق ذلك والله أعلم أهـ بنص حروفه واطنه من جوابات بعض المتأخرين .
وفي النفس من قبل علم الطلسمات شيء إذ لم يكن شيء من ذلك في عصره " ولا في عصر أصحابه حتى انقرضوا عن آخرهم ولا في عصر التابعين لهم بإحسان رضي الله عن الجميع وإنما كان في أعصارهم دعاء باخلاص واجابة بإعانة عملاً بقوله تعالى { ادعوني أستجب
لكم }
(1) وذلك كانت لهم الكرامات الخاصة بمراتبهم العالية لصفاء بواطنهم فلا يحتاجون في تحصيلها إلى شيء من هذه الأوفاق والطلاسم وقد اعتنى بها كثير من متأخرى اصحابنا وكثير من قومنا وكان الغزالى يعتنى بعلم الاوفاق كثيراً حتى نسب إليه .
قال ابن حجر الهيتمى من قومنا : ولا محذور فيه ان استعمل لمباح بخلاف ما إذا استعين به على حرام قال وعليه يحمل جعل القرآن الاوفاق من السحر انتهى .
وقد منع بعض أصحابنا من استعمال الطلسمات التى لايعرف معناها وكذلك منعوا من رسمها في الكتب إذا لم يدر معناها لئلا يكون رسمها اغراء بالعمل بها .
ولم أجد لأحد من أقدمي أصحابنا إلى رأس التسعمائة من الهجرة كلاماً في هذا الباب وقد أكثر المتأخرون من بعد ذلك في استعماله ووردت لهم فيه سؤالات وجوابات ويحتمل أن يكون لمن قبلهم كلام لم اطلع عليه وإنا أحسن الظن بالأشياخ لأني على ثقة منهم بأنهم لم يعملوا إلا بما علموا أنه صواب فالحمد لله على الهداية والاعانة والله أعلم وبه التوفيق .

تنجية العاجز، والنظر إلى المحارم

السؤال :
المريض إذا عجز عن تنجيته وعن وضوئه هل يجوز لأرحامه أن ينجّو القذر منه ويوضؤوه إذا عجز عن نفسه ؟ وعن أبدان النساء ذوات المحارم هل يجوز النظر إليهن ما عدا العورة في المحيا والممات أم لا ؟

الجواب :
رخص بعض الفقهاء أن ينجّى المريض ذوو محارمه وينبغي أن تجعل خرقة تحول بينهم وبين جسده كما يصنع ذلك في غسل الميت .
وأما ذوات المحارم من النساء فيجوز النظر إلى ما فوق السرة وتحت الركبتين لأن عورتهن كعورة الرجال والله أعلم .

اللعن لمن يستحق ولمن لا يستحق

السؤال :
من لعن زوجته في كلام جرى بينهما وغضب عليها وقال أنت ملعونة أو الله يلعنك أو غير ذلك ما يلزمه في ذلك كانت مستحقة أو غير مستحقة ؟

الجواب :
إذا كانت مستحقة لا يلزمه شيء وإن كانت غير مستحقة فعليه التوبة وزوجته له وليس هذا من اللعان المحرم للزوجة وإنما اللعان المحرم رميها بالزنى، وحكومة الحاكم في ذلك الوصف المذكور في سورة النور والله أعلم .

اللفظ الأولى للسلام آخر الصلاة

السؤال :
السلام من الصلاة ما الأولى به السلام عليكم ورحمة الله باثبات الألف واللام أم سلام عليكم بحذف الألف واللام ؟ وما الأحب إليك فيها ؟
الجواب :
الأحب إلي أن يقول سلام عليكم بلا ألف ولام لأن هذا اللفظ هو الذي ثبت في الكتاب العزيز وأنه تحية أهل الجنة والله أعلم .

منع المصاحبة لقاتل أو مانع حق

السؤال :
من صاحب رجلا ويعلم أنه قاتلٌ ومانعٌ ما عليه بالأحكام أتحل له المصاحبة أم لا ؟ وإذا كانت في رأيك لا تحل له فنسى هذا المصاحبة فلما وصلا بعض الطريق حفظ أنه قاتل ومانع عليه كيف يصنع يفرّ منه أم لا ؟ وإن واتاه وليّ المقتول له يقتله أيسعه الوقوف لأنه أخذ بذنب ؟ افتنا مأجورا إن شاء الله .
الجواب :
لا يُصحب قاتل ولا مانع، فمن صاحبه ناسيا جاز له أن يترك صحبته إذا ذكر لأن أصل الصحبة منهي عنها، وإن جاءه ولي المقتول ليأخذه بما عليه من الله والحق فليس لهذا أن يمنعه منه إذا صح ذلك عليه والله أعلم .

رعاية اليتامى بقبض أموالهم واصلاحها

السؤال :
من قبض حق اليتيمة الزيدية التي قتل أباها الدوكة، احتسابا لها، وأخذ بذلك نخلا من بلد الثابتى خيارا وإصلاحاً لها إذا كانت فقيرة، هل يسعه ذلك ويكون خلاصا إذا لم يتعرض لغلته ولعل أهلها يصلحونها ؟ أم ترى السلامة الوقوف عن قبضه لأنه منذ حفظ لم يتعرض لقبض مال الأيتام ؟ اجبنا الجواب .
الجواب :
إن أخذ بتلك الدراهم لليتيمة الأصول على نظر الصلاح لها فلا يلزمه حفظ تلك الأصول ما لم يرها ضائعة ولا قائم لها فإن رأى ضياعها وجب عليه القيام بصلاحها كما يجب عليه القيام بما أمكنه من صلاح الأيتام ممن لا قائم لهم لأن ربنا سبحانه وتعالى قد ألزمنا القيام لليتامى بالقسط فهذه اليتيمة كغيرها من سائر اليتامى وشراء الأصل لها كالمقاسمة لها فكما لا يلزم المقاسم حفظ المال المقسوم كذلك لا يلزم الشارى حفظ البيع إلا إذا تعين القيام بالأيتام على المقاسم والمشترى .
وأما بيع الخيار فلا أحب استعماله واكراهه كراهة شديدة والله أعلم .

أثر النية في الثواب على الفعل أو الترك

السؤال :
كلام للعلامة أبي ستة رحمه الله في حاشية الترتيب على حديثى النية ما حاصله أن النية واجبة في سائر العبادات إلا ما قام الدليل على إخراجه من هذا العموم، كأن تكون عبادة معقولة المعنى كغسل النجاسات ورد الغصوب والعوارى والودائع وقضاء النفقات وغير ذلك مما هو معقول المعنى، أو تكون من باب الترك كترك الزنى وشرب الخمر ونحو ذلك إلا إذا أراد حصول الثواب على ذلك فلا بد من النية في كلا الوجهين فالظاهر من كلامه أن كل عبادة معقولة المعنى لا تجب فيها النية وكل عبادة تركية لا تجب فيها النية، وظاهر قوله " إلا إذا أراد حصول الثواب على ذلك فلا بد من النية " أن النية لا تجب ها هنا إلا إذا أراد حصول الثواب فحينئذ تجب، فالمفهوم من هذا أنه لا ثواب على العبادات غير معقولة المعنى والتركية ولا تجب النية فيها، فكأن هذه العبادة لا تجب فيها النية إلا إذا أريد بها حصول الثواب فهل يصح من قوله ؟ وما وجهه مع صحته ؟ افتنا .
الجواب :
لا يفهم منه أنه لا ثواب على العبادات غير معقولة المعنى والتركية وإنما يفهم منه أن العبادات غير معقولة المعنى يتعين فيها وجوب النية ولا يتعين وجوبها في العبادات معقولة المعنى ولا في العبادات التركية إلا إذا أراد تحصيل الثواب فلا بد من النية .
ومعناه في ذلك أن العبادات غير معقولة المعنى تتوقف صحة أدائها على النية والقصد وأما معقولة المعنى فلا تتوقف صحتها على النية بل يصح فعلها مع الإغفال عن القصد، وكذلك التركيات كاجتناب المحرمات كلها فإنه يكون ممتثلا بنفس الترك ولو لم يحضره القصد لذلك لكن إذا أراد تحصيل زيادة الثواب فلا بد لحصوله من النية والقصد يعنى إذا أراد تحصيل الثواب الخاص بحصول النية فلا بد له من النية أي لا يحصل ذلك الثواب الخاص إلا مع النية [ فهي ] شرط لحصوله وإذا انتفى لا الشرط انتفى المشروط .
ثم إن ما أشرت إليه من كلام أبي ستة ليس كله له بل بعضه له وبعضه لابن حجر نقله عنه وأقره عليه فهو تصويب له في ذلك والله
أعلم .


تحقيق النطق ببعض الآيات

السؤال :
قوله تعالى { ربنا أفرغ علينا صبرا }(1) و{ ربنا اغفر لنا ذنوبنا }(2) بمد ربنا أوهنا ملتقى ساكنين ولا يحتاج إلى مد ؟
الجواب :
الله أعلم بذلك، والذي عندي أن قوله تعالى حكاية عن أصحاب طالوت { ربنا أفرغ علينا صبرا } ليس فيه التقاء ساكنين لأن الهمزة في أفرغ قطعية وهي محركة لا ساكنة فلم يلتق ساكنان .
وأما { ربنا اغفر لنا } ففيه التقاء ساكنين وهي ألف ( نا ) والغين الساكنة لأن همزة ( اغفر ) همزة وصل فسقطت عند الدرج وبسقوطها التقى الساكنان المذكوران فوجب أن تسقط ألف ( نا ) في القراءة .
وكذا القول في { لا انفصام لها }(3) والله أعلم .

حديث ‘‘ لا تدخل الجنة عجوز ’’

السؤال :
أما بعد فقد بلغني سليمان بن مفتاح ما سمعه من نجيم فيما سالك عنه ورفعه عنى فما رفعه عن الحقير فهو عكس الواقع وأحببت أن أوضح لحضرتك الواقع الصحيح لنرجع إلى ما تراه إن شاء الله فاعلم شيخنا بأن نجيماً قال لفران ابن على وأنا حاضر وجملة من الجماعة : شايب لا يدخل الجنة، فأجابه أخونا قيس بن زاهر مستفهماً الشايب لا يدخل الجنة فقال له لا يجوز أن تقول الشايب وتنطق به معرفا، بل قل : شايب من غير ألف ولام كما هو الحديث هذا كلامه .
فقلت له حينئذ فما ذكرته ليس بحديث وكيف تحدث من غير علم وتسند إلى رسول الله " ما لا يصدر منه قلت له مناصحاً فلم يرجع عن ذلك فتحقق عندي تعمده واجتراؤه على الشارع فزجرته وقلت له ولمن حضر إنما الحديث المروي عنه عليه الصلاة والسلام في عجوز أتت النبي " وقالت يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة فقال لها العجوز لا تدخل الجنة على ما رواه المناوي عن الديلمي في كنز الحقائق في الفصل المحلى بأل، ورواه أيضا عن الطبراني الجنة لا يدخلها عجوز وعن الحسن قال أتت عجوز إلى النبي " فقال لها " لا يدخل الجنة عجوز فبكت فقال إنك لست بعجوز يومئذ قال الله
تعالى : { انا انشأناهن } الآية حديث الحسن حذف منه ابتداء الطلب من العجوز ومؤلف كتاب الأثار والأخبار والمزاح الحق مثل قوله عليه السلام للعجوز التي قالت ادع الله أن يدخلني الجنة فقال أن الجنة لا تدخلها العجوز فبعدما أوضحت لهم هذه الأحاديث على وجه المذاكرة وبينت لهم كما وجدته ما فيها من التقديم والتأخير صار نجيم يتناول الأشياخ بلسانه فأخرجته من المجلس بعد أن أغلظت عليه فهذا الواقع فإن رأيت أيها الشيخ الولي ما رفعته إليك موافقا للحق فزدني بيانا ليطمئن القلب وإن عكسه رأيته فأجب وأرشد والعمل على ما تراه إن شاء الله في هذا وغيره والله نسأله الإعانة والتوفيق أبقاك الله للمسلمين آمين .

الجواب :
إن كان الواقع على حسب ما ذكرت فقد أحسنت في الاغلاظ على نجيم وأصبت في الانكار عليه والتشديد، وقد أخبرَنا نجيمٌ بلمعة من القصة ولم يذكر السبب الذي ذكرته ولم يستقص القصة كما استقصيت وأجبناه على قدر سؤاله ولكل خطاب جواب ولكل مقام مقال .
على أنا عند ذلك الحال لم نحفظ الرواية التى فيها التعريف على حسب ما نقلتها ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ولعل التعريف للجنس لا للعهد بل لا شك أنه كذلك لأنه إنما يشير إلى حقيقة مخصوصة حاصلة في الذهن فهو في حكم التنكير كما صرح به علماء البيان وبعض أهل الأصول والله أعلم .

التشبه بغير المسلمين في اللباس

السؤال :
رجل لبس مصرا مدراسيا وكفالا صوفيا، فنهته المسلمون عن ذلك فلم ينته وقال : لبستهما لمصالحي هل يهلك بالخلاف ؟ وهل يحرم لبسهما ؟ وهل صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام والتابعون لهم باحسان لبسوا مثل ذلك ؟
الجواب :
من تشبه بقوم فهو منهم، وقد صار هذا اللباس في هذا الزمان من زي الفساق، ولا سيما إن انضم إلى ذلك نهى المسلمين فإن مخالفتهم معصية ظاهرة، إذ ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن .
وبالجملة فالمصر المدراسي خير من بعض العمائم التى تنطوى على النفاق، ومن هذا المعنى لم نشدد على أولادنا في تركه لئلا تكون عمائمهم منطوية على نفاق، فإذا طلبوا العمائم من صفاء قلوبهم كان ذلك خيرا من الجبر عليها، وكفى المرء هواناً أن يكون عليه علامة الفسوق، وأقبِحْ بحاله حالاً أن يكون عليه حالة الطاعة ويخفى ضدها، فالواجب تطبيق السريرة بالعلانية، ومراقبة الله في الجميع، ولكل سبيل، وحسبنا الله ونعم الوكيل . والله أعلم .

الدعاء بلفظ ‘‘ بقدرتك التي قدرت بها ’’

السؤال :

ألا أيها القطب الذي فاق بالعلم


مراتب أهل العز والجود والحلم


أفدني جوابا في دعاء قد انبهم


فإنك ذو علم وعقل وذو فهــــم


إذا قال مخلوق : " بقــــدرتك التي


قدرت بها " بالله عونا لمســـــــلم


أهذا سؤال قد يجوز من الفتى


لمولاه أم يحجر جلاء لفيهــــمي


الجواب :

فهاك جوابا يشبه الدر في النظم


يزيد قويَّ الفهم علما على علم


يفيدك أن الله بالذات قادر


وينفي مزيد الوصف في بادئ الوهم


فلا تصف الرحمن أن اقتداره


بوصف مزيد نحو عالم بالعلم


ولكنه بالذات، والقولُ داعيا :


بقدرتك العظمى يجوز بلا حرم


فهاك أبا يحيى جوابا موضحاً


يزيح شكوك الوهم عن كل ذي فهم



حكم لغو اليمين في المسجد

السؤال :
معنى حديث لكل شيء قمامة وقمامة المسجد لا والله وبلا والله ما هذه القمامة ؟
الجواب :
قمامة المكان ما يجتمع فيه من اللقط كالذي يجتمع في البيوت ثم يزال وقمامة المسجد يكون أيضاً من اللقط وهي القمامة الحقيقية ويكون من اللفظ كقول القائل لا والله وبلى والله فإنها أيمان لغو معفو عنها في غير المسجد وهى في المسجد شبيهة بقمامته والمعنى أنها مما ينبغى أن يجتنب وتزال كما تزال القمامة من المكان والله أعلم .

تفسير حديث ‘‘ ليست السنة بأن لا تمطروا ’’

السؤال :
حديث أنس ليس السَنَةُ أن لا تمطروا ولكن السنة أن تمطروا ولا تنبت الأرض شيئا فكيف يكون مطر ولا نبات يعقبه ؟
الجواب :
عن أبي هريرة قال قال رسول الله " : " ليست السنة بأن لا تمطروا ولكن السنة أن تمطروا وتمطروا ولا تنبت الأرض شيئا " والسنة بالفتح القحط الشديد وقيل الجدب والمعنى ليس القحط الشديد بأن لا يمطر بل بأن يمطر ولا ينبت شيئا وذلك بما كسبت أيدي الناس كما تراه في زمانك عيانا .
وإنما حصر القحط الشديد في هذه الحالة لكونها أفظع من عدم المطر فإن الأسباب إذا تهيأت ولم يحصل على أثرها المسببات كان أشد على النفوس وأبلغ في العقوبة { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة }(1) اللهم عفوك ورحمتك ولطفك بعبادك فأنت ربنا أولى بذلك والله أعلم .

معنى حديث ‘‘ إن الله جميل يحب الجمال ‘‘

السؤال :
معنى حديث " إن الله جميل يحب الجمال " ما معنى جميل ؟ وما معنى محبته للجمال ؟ تفضل اشرح لنا ذلك .
الجواب :
معناه أن الله سبحانه وتعالى متصف بالصفات الجمالية وهى الصفات الحسنة له الأسماء الحسنى، فهو تعالى يحب من خلقه الجمال أي الشيء الحسن، لأن المتصف بالحسن يحب الحسن بخلاف المتصف بالقبيح فإنه يحب ما يناسب صفته والله أعلم .

وصف العشاء بالآخرة

السؤال :
لفظ العشاء الأخيرة أم الآخرة .
الجواب :
نحن نقول فريضة العشاء الآخرة ويجوز العشاء الأخرى والأخيرة والله أعلم .

المفاضلة بين الأعمال المتطوع بها

السؤال :
الأفضل من الأعمال البدنية أو المالية إذا كانت كلها تطوعا أم الأفضل ما شق على النفس وإن تضرر البدن منها كالصوم ؟

الجواب :
أما ما يتضرر به البدن فلا يكون أفضل من غيره لأن الانسان مأمور أن لا يضر بنفسه فنفسه أمانة عنده ولذا شرع الافطار في السفر لصائم الفرض ودفعت المشقة عن العباد في غالب الأحكام .
وأما ما لا ضرر فيه على البدن فقد يكون فاضلا ومفضولا وأفضل الأعمال النقليه ما ورد فيه دليل مرغب فيه بعينه من قبل الشارع ويليه في الفضل ما رغب فيه بالجملة من غير أن يخص بالذكر وبعض هذه الأعمال أفضل من بعض وقد قال قوم أن الأفضل من ذلك ما صعب على النفس فعله لحديث أفضل الأعمال أحمزها أي أشقها وقد يكون الشيء الواحد فاضلا في حق هذا مفضولا في حق غيره فلابد من مراعاة الأحوال والمقامات والله أعلم .

معنى حديث الاخلاص أربعين صباحاً

السؤال :
معنى هذا الحديث من أخلص لله أربعين صباحاً تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه ما صفة هذا الاخلاص المخصوص بهذه الأربعين ؟

الجواب :
الإخلاص المشار إليه هو الاخلاص المعروف وهو أن يكون عمله كله خالصاً لوجه الله تعالى، فإذا حصل ذلك لأحد من الناس ودام عليه مدة كان ذلك سبباً لانفجار الحكمة في قلبه .
والحكمة المشار إليها هى الهداية التى وعد الله بها عبادة المجاهدين فيه فقال { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا }(1) وليس الأربعون يوماً قيدا لذلك المعنى وإنما ذكرت تقريبا للافهام والغرض دوام الاستمرار أو مبالغة على حد { إن تستغفر لهم سبعين مرة }(2) ويمكن أن يكون العدد قيدا لذلك فيكون السبب المقتضى لانفجار الحكمة هو الاخلاص في تلك المدة .
وليس معنى الحديث كما تأوله أهل الرياضات حيث صرفوه إلى الخلوة أربعين يوماً فإن ذلك تأويل للحديث على غير وجهه مع أن الخلوة لم تثبت عن رسول الله " ولا عن أحد من أصحابه ولا عن التابعين لهم باحسان .
وأما ما يروى أنه " كان يتعبد الليالى المعدودة في حراء فذلك قبل بعثته " وإن ثبت عنه بعد البعثة فذلك قبل استقرار الشريعة فلا دليل ومن المحال أن ينال العلم بالخلوة لأن علوم الاسلام سمعية منقولة عن الشارع وقد انسد باب الوحي فلا يمكن أخذها إلا عن الأشياخ شفاها أو من آثارهم الصحيحة والله أعلم .

معنى الضن بالعلم عن الجهال

السؤال :
معنى ما يوجد في الأحاديث النبوية والآثار الصحيحة من منع الجهال العلم وأنه من منح الجهال علما أضاعه، وكقولهم : لا تلقوا الدر في أفواه الكلاب وكقولهم : لا تقلدوا الدر الخنازير، ومن وضع الحكمة في غير أهلها فقد أضاعها، ونحو ذلك من المعانى لا يحضرني الآن نصها والسؤال في ذلك :
أولا عن العلم الذي لا يبذل للجهال ما هو أهو عموم العلم أم علم مخصوص ؟ وثانيا ما على فاعل ذلك ؟ وما حكم ذلك الفعل ؟ تفضل بين لنا ذلك بيانا شافيا واضرب لنا فيه مثالا شافيا ولك الأجر من الله .
الجواب :
نعم هو عموم العلم النافع الذي يحق له أن يسمى علماً وهو العلم الذي جاء به الشارع عليه السلام من عند ربه تعالى فهذا العلم يصان عن وضعه في غير أهله لأنه إذا وضع في غير أهله كان ذلك إضاعة له فإنْ طلب العلم لأجل تحصيل غرض عاجل، أو طلبه لأجل حق حاضر، أو جعله ذريعة لدنيا يصيبها وما كان مثل ذلك فليس هذا من أهل العلم ولايصح أن يمنح الحكمة فمن منحه الحكمة وعلمه العلم كان شريكه في إضاعته ولذلك كان السلف رضي الله عنهم يرددون الطالب مرارا حتى يعرفوا أهليته للعلم .
ولا يشكل عليك افتاء العلماء للسائل فإن ذلك من باب التبيين للكتاب الذي أخذ الله عليهم الميثاق أن يبينوه ولا يكتموه وهو أيضا من إقامه حجة الله على خلقه وليس هو من باب وضع العلم في غير أهله وإنما صفة وضع العلم في غير أهله أن يعتمد التعليم والتفهيم والتوضيح فيما يزيد على قدر حاجة السائل وأن يبين له من المسائل ما لا يعنيه ولا يخصه إلا لقصد أن يحمل عنه ذلك فهذا هو القدر المنهي عن وضعه في الجهال ومن ليس بأهل للعلم .
ولعلك تجد أهل زمانك لا يردون طالبا فأشكل ذلك عليك ولا اشكال في هذا فإن السلف إنما يرددون الطالب لكثرة الطالبين فلا يعلمونه حتى يختبروه وقد قل في زمانك الطلاب للعلم فلا يمنعون إلا من ظهرت منه الخيانة والتضييع لأن المنع ها هنا يجب وما قيل ذلك فهو حزم واحتياط والله أعلم .
ثم إني بعد ما أمليت هذا الجواب ظهر لي جواب آخر وهو أن الظلم المترتب على إضاعة الحكمة ليس مقصوراً على الظلم المحجور شرعاً بل هو عام له ولغيره فإن الظلم في اللغة معاملة الغير بخلاف ما يقتضيه حاله، فمن وضع الحكمة في غير أهلها فقد عاملها بخلاف ما تستحقه وذلك ظلم لها من حيث اللغة والعرف العام إن كان غير ظلم من طريق الشرع، وعلى هذا فيكون كل علم من العلوم مستوجباً أن لا يوضع في غير أهله ومن وضعه في غير أهله فقد عامله بخلاف ما يستوجبه .
ولا يختص العلم الشرعى بهذا الحكم بل يكون في كل علم حتى لو كان في نفس الامر لا يستحق اسمه غير أن أهله عظموه وجعلوه علما في اعتقادهم فمراعاة حقه عندهم واجبة في معتقدهم كوجوب مراعاة غيره من العلوم عند أهله ويدلك على هذا أن صون الحكمة والعلم موجود عند أهل الملل كلها ولا شك أن علومهم مختلفة باختلاف عقائدهم وهذا الجواب كما ترى أظهر مما قبله فاشدد به يدك، والسلام عليكم والله ولي التوفيق .

معنى حديث ‘‘ إنما أنسى ليستنّ بي ‘‘

السؤال :
قوله " : " إنما انسى ليستنّ بي " أتراه ينسى أم دليل أنه لا يقع له سهو ولا نسيان ؟ بين لنا ذلك مأجورا إن شاء الله .

الجواب :
أما هذا الحديث فلا أعرفه وإن صح أنه حديث فمعناه أن السهو يقع لي لأكون قدوة لأمتي في التأسي بي في بيان حكم السهو لأنه لو لم يسه " لما كان منه فعل سجود السهو فلما سها وسجد كان ذلك أسوة لأمته .

معنى ‘‘ لا تسبوا الدهر ‘‘

السؤال :
عن معنى قوله " : " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " قال السائل ما معنى قوله فإن الله هو الدهر .
الجواب :
إن معنى ذلك متوقف على معرفة سبب هذا الحديث فإن الجاهلية كانوا يزعمون أن مرور الأيام والليالي هو المؤثر في هلاك الأنفس وينكرون ملك الموت وقبضه للأرواح بأمر الله وكانوا يضيفون كل مصيبة تحدث إلى الدهر والزمان ولذا ترى أشعارهم ناطقة بشكوى الزمان وقد حكى الله تعالى عنهم هذا الزعم في قوله عز من قائل
{ وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون }
(1) فنهاهم " وعن سب الدهر لأنهم إنما يسبون الآتي بالحوادث وإن أخطئوا في تسميته بالدهر فقال لهم " فإن الله هو الدهر فإن الله هو الآتي بالحوادث لا الدهر ومعناه أن الذي تسمونه دهرا وتزعمون أنه فاعل هذه الحوادث فذلك هو الله لا الدهر الذي تزعمون والله أعلم .

معنى ‘‘ من تواضع لغنى ذهب ثلثا دينه ‘‘

السؤال :
معنى " من تواضع لغنى ذهب ثلثا دينه " قال السائل ما هذا التواضع الذي يذهب بثلثى الدين ؟ وهل يكون الدين متجزئاً حتى يصدق عليه ذهاب بعضه وبقاء البعض الآخر ؟
الجواب :
إن ذلك التواضع هو أن يكون للغنى لأجل غِناه كما يشير إليه وصف الغنى فإن ذكره في قوة التعليل وهو ظاهر، لأنه إذا تواضع الانسان لغنى لأجل غناه لا لغير ذلك من الأحوال فقد أذل نفسه لأجل دنيا وإذلال المؤمن نفسه لأجل دنيا حرام وأحسب أن بعضا صرح بأنه كبيرة وهو ظاهر هذا الحديث إذ لا يذهب بثلثى الدين إلا الكبيرة من الذنوب .
ومعنى ثلثى الدين أنه يكون مضيعاً لركنين من دينه وذلك أن الدين ثلاثة أركان اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان فالتواضع المحجور يذهب بالركنين الأخيرين لأنه إنما ينشأ عن التملق باللسان وعن حركة الأبدان ويبقى له الركن الأول ويطل بذلك من جملة الموحدين .
ويحتمل أن يكون ثلثا الدين كناية عن جميعه بناءً على أنه لا منزلة بين المنزلتين فمن ذهب شيء من دينه ذهب كله بمعنى أنه لا ينتفع بدينه في الآخرة إذا ذهب شيء منه وإن كان في الدنيا يعد من المسلمين والله أعلم .

كراهة قطع الشجر

السؤال :
قطع السدر الذي يكون في الفلوات ولم تكن فيه دعوى لأحد من الناس هل يجوز قطعه لأجل الانتفاع بخشبه وأغصانه أو نحو ذلك أم لا ؟
الجواب :
كره بعضٌ قطع الشجر المثمر كان سدرا أم غيره ونسب هذا التكريه إلى محبوب رحمة الله عليه وهو ظاهر مذهب منير بن النير وعزان بن الصقر وفي الأثر قال أخبرني سعيد بن محرز عن محمد بن هاشم أو من يثق به أن منير بن النير نزل إلى هاشم بن غيلان وكان يقطع لجمل منير السدر ويقول منير للقاطع أكثر فقال له محمد بن هاشم أو غيره أليس يكره قطع السدر فقال إنما يكره ما خرج من السدر وأما أشياء الناس فلا ومعنى قوله ما خرج من السدر أي ما خرج من الأملاك بدليل قوله وأما أشياء الناس فلا ومعناه أن أشياء الناس التي يملكونها فأمر ذلك إليهم فما شاؤوا قطعوا وما شاؤوا أبقوا وأما التكريه ففي السدر الخارج عن أملاكهم .
وإنما كره هؤلاء قطع الخارج عن أملاك الناس من الأشجار المثمرة لما في ذلك من قطع انتفاع الناس فإن الناس ينتفعون بمثل ذلك وربما يستغنى بعضهم عن الاقتيات بغيره فكان في قطعه إضاعة لهذه المصلحة وذهب بعضهم إلى تحريم القطع لمثل ذلك قال أبو نبهان : وعلى الإمام أن يعاقب بالحبس والتعزير قاطع ذلك على رأى من لا يجيز القطع وقال ابن عبيد أن في الذى يقطع السدر والشوع من الفلاة جائز حبسه وخاصة بعد التقدمة .
وأقول أن الحبس والتعزير يصح من الإمام حتى على قول من يكره ذلك بعد أن يتقدم إلى الناس بالنهى عن ذلك فإن العقوبة إنما تكون على مخالفة الامام لا على نفس تحريم ذلك ولعل المحرمين يحتجون بما يوجد عن مجاهد عن على بن أبي طالب قال قال رسول الله " أن اخرج فنادِ :
" من الله لا من رسول الله لعن الله من قطع سدرة " قال أبو معاوية إن صح هذا عن رسول الله
" فإنما هو عندنا [ فيمن ] قطع سدر الناس بغير رأيهم وتعدى عليهم وظلمهم وهذا موافق لكتاب الله والله أعلم .

نقل الورقة الممزقة بخط كاتبها

السؤال :
الأوراق إذا نقلت بخط كاتبها خوف التمزق وذهاب الحق الذي هو مكتوب فيها أترى عليه ضمانا أم لا ؟
الجواب :
إذا نقلها بإذن المكتوبة عليه فلا بأس وإن نقلها بغير إذنه وذكر أنها نظيرة الورق الأولى لا نفسها وضبطها بتاريخها وشهودها فلا بأس عليه أيضا إذا لم يزد شيئا ولم ينقص والله أعلم .

بطلان الاستعانة بالجن

السؤال :
عمن يسأل العارض من الجن أجارك الله عن مريض ويصف له مرضه وان علته كذا ودواؤه أن يتصدق عنه للفقراء برأس غنم يذبح عند غروب الشمس ويدفن جلده وما في بطنه في موضع كذا ويوضع في الموضع الذي استضر منه بخور عود ولبان ونحو ذلك ويعطى الذي يصف يعنى الذي فيه العارض الكبد والفؤاد هل يجوز سؤال العارض أم لا ؟ وهل يجوز العمل بما ذكرت وصفه على نية دفع أذى الجن عنه ؟ وهل هذا الفعل لا يحتمل إلا البطلان أم لا ؟
الجواب :
كل ذلك لا يجوز ولا وجه له إلا البطلان، ومن أتى كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد " فالبعاد البعاد والله ولى السداد .

المراد بالتصوير المحرم، والتفضيل بين الأنبياء

السؤال :
المصورون في حديث لعن الله المصورين هل هذا تصوير وهمي في بادئ النسم أو مصورو هذه الصور الحجرية والأصنام الحيوانية أو الوثنية وما مفهوم قوله " لا تفضلونى على أخى يونس بن متى .
الجواب :
ظاهر الحديث أن المراد به فاعل الصور إذ في بعض الأحاديث تصريح بذلك .
أما توهم التصوير في حق الله تعالى فهو أمر حدث بعد انقضاء السلف الصالح وأكثر الأحكام الشرعية المنصوص عليها توجهت على وقائع حدثت في زمان النبوة وهلال الشبهة معلوم بمخالفة المنصوص في صفات الله تعالى وأما حديث لا تفضلوني الخ فيحتمل أنه قال ذلك عليه الصلاة والسلام تواضعاً ويحتمل أنه قاله قبل أن يعلم أنه أفضل الأنبياء وعلى هذا التقدير فالحديث منسوخ والله أعلم .

أصل لفظ الجلالة، ودعوى أن أصله آه

السؤال :
من قال أن آه اسم من أسماء الله تعالى ثم قال هذا القائل لأن اشتقاق اسم الله منه أهو كذلك ؟ وكذلك صرح لنا ما اشتق منه هذا الاسم الأعظم على قول من قال باشتقاقه ؟
الجواب :
قد كفانا الله مؤنة هذا القائل بقوله عز من قائل { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون }(1) فإن أهـ كلمة توجع أى وجعى عظيم وتندم زائد دائم قال أبو البقاء شعراً .

رميت بلحظ قد أصبت بمهجتي

فآهي وما من شاهد لي سوى اهي

وقال الأزهرى الآه حكاية المتأوه في صوته وقد يفعله الإنسان شفقة وجزعاً وأنشد :

ألا مِنْ تيّاك آها


تركت قلبي متاها


وليست هي من أسماء الله في شيء وتعليله بأن اشتقاق اسم الله منه باطل من وجهين أحدهما أن ما اشتق منه الاسم لا يصح أن يكون إسماً لله تعالى وثانيهما أن اسم الله لم يكن مشتقا منها اجماعاً .
حتى على القول باشتقاقه فإن القائلين قد اختلفوا في الأصل الذي اشتق منه على ثمانية مذاهب :
المذهب الأول أن معنى الاله في اللغة المعبود سواء عبد بحق أو بباطل ثم غلب في عرف الشرع على المعبود بالحق، ومن الناس من قال : الاله ليس عبارة عن المعبود بل الاله الذي يستحق أن يكون معبوداً، ومنهم من قال ان الاله هو القادر على أفعال لو فعلها لاستحق العبادة ممن يصح صدور العبادة عنه وهذا كله باعتبار المعنى اللغوى .
المذهب الثانى أن الاله مشتق من ألهت إلى فلان أي سكنت إليه إذا العقول لا تسكن إلا إلى ذكره والأرواح لا تعرج إلا لمعرفته .
المذهب الثالث أنه مشتق من الوله وهو ذهاب العقل وذلك أن الأرواح البشرية تسابقت في ميادين التوحيد والتمجيد فبعضها تخلفت وبعضها سبقت، فالتي تخلفت ذهبت في ظلمات الغبار، والتي سبقت ذهب إلى عالم الأنوار فالأولون بادوا في أودية الظلمات والآخرون طاشوا في أنوار عالم الكرامات .
المذهب الرابع أنه مشتق من لاه إذا ارتفع والحق سبحانه وهو المرتفع عن مشابهة الممكنات ومناسبة المحدثات لأن الواجب لذاته ليس إلا هو والكامل لذاته ليس إلا هو والاحد الحق في ذاته وصفاته ليس الا هو والموجد لكل ما سواه ليس إلا هو وأيضا فهو تعالى متعال علوا بغير مكان لأن كل ارتفاع حصل بسبب المكان فهو المكان بالذات والمتمكن بالعرض لأجل حصوله في ذلك المكان وما بالذات شرف مما بالغير فلو كان هذا الارتفاع بسبب المكان لكان ذلك أعلى وأشرف من ذات الرحمان، ولما كان ذلك باطلا علمنا أنه سبحانه وتعالى أعلى من أن يكون علوه بسبب المكان وأشرف من أن ينسب إلى شيء مما حصل في عالم الامكان .
المذهب الخامس أنه مشتق من اله في الشيء إذا تحير فيه إذا العبد إذا تفكر فيه تحير لأن كل ما يتخيله الانسان ويتصوره فهو بخلافه فإن أنكر العقل وجوده كذبته نفسه لأن كل ما سواه فهو محتاج وحصول المحتاج إليه محال وإن أشار إلى شيء يضبطه الحس والخيال وقال أنه هو كذبته نفسه أيضا لأن كل ما يضبطه الحس والخيالات فأمارات الحدوث ظاهرة فيه فلم يبق في يد العقل إلا أن يقر بالوجود والكمال مع الاعتراف بالعجز عن الادراك فها هنا العجز عن درك الادراك ادراك .
المذهب السادس أنه مشتق من لاه يلوه اذا احتجب فانه تعالى بكنه صمديته محتجب عن العقول بمعنى أن العقول لا تصل إلى معرفة ذاته العلية لكن تستدل على وجوده وكمالاته بالأدلة الظاهرة من آثار القدرة الباهرة، ولا يجوز أن يقال ذاته محجوبة لأن المحجوب مقهور والمقهور لا يليق إلا بالعبد أما الحق فقاهر وصفة الاحتجاب صفة القهر فالحق محتجب والخلف محجوبون .
المذهب السابع أنه مشتق من اله الفصيل إذا ولع بأمه والمعنى أن العباد مولوهون مولعون بالتضرع إليه في كل الأحوال وذلك أن الانسان إذا وقع في بلاء عظيم وافة قوية فهنالك ينسى كل شيء إلا الله تعالى فيقول بقلبه ولسانه يارب يارب وكذلك إذا أراد الخير والراحة .
المذهب الثامن أنه مشتق من اله الرجل باله إذا فزع من أمر نزل به فألهه أى أجاره والمجير لكل الخلائق من كل المضار هو الله تعالى لقوله تعالى { وهو يجير ولا يجار عليه }(1 ) ولأنه هو المنعم لقوله تعالى { وما بكم من نعمة فمن الله }(2) ولأنه هو المطعم لقوله تعالى { وهو يطعم ولا يطعم }(1) ولأنه هو الموجد لقوله تعالى { قل كل من عند الله }(2) والله أعلم .
فهذه مذاهب القائلين بالاشتقاق والصحيح ما عليه أكثر الأصوليين والفقهاء أنه اسم علم لله تعالى وأنه ليس بمشتق أصلا لأنه لو كان لفظا مشتقا لكان معناه معنى كليا لا يمنع نفس مفهومه من وقوع الشركة فيه لان اللفظ المشتق لا يفيد إلا أنه شيء ما منهم حصل له ذلك المشتق منه وهذا المفهوم لا يمنع من وقوع الشركة فيه بين كثيرين ولو كان كذلك لما كان قولنا لا اله الا الله توحيدا حقا وهو بالاجماع توحيد قطعا .
وأيضا فقد قال تعالى { هل تعلم له سميا }(3) وحقيقة الاسم إنما تكون فى العلم لا في الصفة فإنه وإن سميت الصفة إسماً في النحو فالعرف اللغوى قد خصص الاسم بالعلم وكل من أثبت لله اسم علم قال ليس ذاك إلا قولنا الله قال جابر بن زيد رحمه الله اسم الله الأعظم هو الله ألا ترى أنه يبدأن في كل شيء وقيل هو اسم الله الأعظم لأنه لا يشاركه فيه أحد قال تعالى { هلم تعلم له سمياً } وقال في الموجز الله اسم للمعبود الذي لا يستحق العبادة وإلا هو وقيل اسم تبنى عليه الصفات وتدور عليه الأسماء، احتج القائلون بأنه ليس اسم علم بأن اسم العلم قائم مقام الإشارة والإشارة ممتنعة في حق الله تعالى فامتنع ما كان في
حكمها .

وأيضا فان اسم العلم انما يصار اليه ليتميز شخص عن شخص آخر يشهد في الحقيقة والماهية وهذا في حق الله ممتنع فامتنع اثبات اسم العلم في حقه وأجيب بأن اسم العلم هو الذي وضع لتعيين الذات المخصوصة ولا يستلزم أن يكون ذلك المسمى مشاراً إليه أو مشابها في حقيقته والله أعلم .

حكم التطفل على طعام الغير

السؤال :
رجل ملازم لسبلة معلومة تصنع فيها القهوة البنية ولم يزل كذلك مترددا يأكل مما يؤتى فيها من التمر ويشرب من القهوة ولم تسمح نفسه بإتيان تمر ولا قهوة من عنده والناس يوبخونه كثيرا لعدم اتيانه بشيء من التمر والقهوة ولأكل وشرب ما أتوا به ؟ أتراه أكل وشرب حراما ؟ وكذلك من تبع الاضياف بغير إذن من المضيف ما حكم أكله ؟
الجواب :
كل واحد من الرجلين متطفل على طعام الغير والأول أسوأ حالا وأراه قد أكل حراماً .
وأما الثانى فيعتبر فيه حال المضيف إن كان كارها فحكمه حكم الأول أو غير ذلك فالنظر فيه بحسب الحال والله أعلم .

ضرب الصبي لعدم التعلم

السؤال :
من له ابن اخ يتيم فتكفل بتعليمه القرآن اشفاقا له فيفهمه اللفظة قدر عشر أو عشرين ويضربه كثيرا لأجل هدايته فهل عليه بأس ؟
الجواب :
لا بد من اعتبار الحال فإن كان سوء حفظه من تساهله في التحفظ وتهاونه بالتعلم فالضرب علاج دائه، ولا يزاد على قدر الحاجة فإن الزيادة ظلم، وإن كان لسوء حفظ في طبعه فلا يستحق الضرب على ذلك إذ ليس من قدرته أن يحفظ كما أن الأعمى ليس من قدرته أن يبصر، والقائم على هذا اليتيم هو الناظر في حاله إن كان ممن يبصر ذلك والله أعلم .

عدم مشروعية السلام في بعض الحالات

السؤال :
من شغل ببعض الأذكار كأسماء الله وآيات كتابه عدداً معلوماً والمواضع التى لا يؤمر بالسلام عليه، هل عليه رد السلام أم لا ؟ وإن لم يكن فمن أي دليل سقط ؟
الجواب :
ليس عليه أن يرد السلام في المواضع التى نهى الرجل أن يسلم على غيره فيها، لأنه أتى بفعل منهى عنه فكان وجوده كعدمه إذ لا حق له في الرد .
ويدل على ذلك ما يروى أنه مر على الرسول " رجل وهو يقضى حاجته فسلم عليه فقام الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الجدار فتيمم ثم رد الجواب وقال : " لولا أني خشيت أن تقول سلمت عليه فلم يرد الجواب لما أجبتك، إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم علي فإنك إن سلمت علي لم أرد عليك " وهذا الحديث وإن كان آحاديا فإنه صالح البيان ثم يقاس عليه سائر المواضع التى ينهى عن السلام فيها لاشتراكها في العلة والله أعلم .

حكم مخالطة السلطان الجائر، للفقر

السؤال :

ما القول يا أعلى الخليقة منزلا

وأتمهم بدرا وأطيب منهلا


عبد الاله السالمي امامنا


اكرم به من مرشد كل الملا


قد جاء للدين الحنيف مجددا

ومسدّداً لَمّا رآه تخلخلا

فعناية من ربنا ايجاده

كانت لأمة احمد ان تجهلا


يا من يروم بلوغ مجد حله

من ذا يروم سباقه فيحصلا

فاقنع بجهلك واعترف بالنقص لا


تعدو محلك ان ذلك اكملا

في مسلم تربت يداه ولم يجد

سببا إلى نَيْل اللجين ومأكلا

جاء إلى السلطان يدفع فقره

ويزيل داء العدم منه والبلا


فأحله السلطان عند جنوده


جهراً ونادى حارساً عند الملا


بعد اعتقاد منه لا يدفع من

قد قام بالحق وقاد الجحفلا




هل ذا اعتقاد نافع يحمى ؟ وهل


ينفعه عند الحسيب يوم لا

هذا وهل يعذر عند الناس ان

أظهر هذا القول كى لا يخذلا ؟


وافتى الذي عقد الولاية عنده

هل قاطع منه لاسباب الولا ؟


فأمدنى من بحر علمك قطرة

أحيا بها مقرباً عند الملا


وانظر لها نظر المؤدب عيبها


واجعلها في كير لتهذب في الجلا

وأتتك من عبد ضعيف علمه


كيما يرى نهج الكمال فيكملا

صلى وسلم ذو الجلالة ربنا


على النبي خاتم الرسل الأُولى

وعلى صحابته الكرام فإنهم

قد جاهدوا معه وثاروا أولا


وعليك منى الف الف تحية


وكذا السلام يخص من يرقى العلا


الجواب :

هاك الجواب فلت ممن حصلا


كلا ولا أنا من رقى درج العلا


اثنيت من جهل على ولو علمت


بحالتى ما قمت تثنى في الملا


خل المديح فإن تكن ذا خلّةٍ


فانصب لربك داعياً لي في الخلا


واحذر مصاحبة المعين لجائز


في أمره فهو العدو وان علا

لا تغترر بحلاوة من قوله

أفعاله يكذبن ذاك المقولا


فهو المبيح لعرضه ولدمه

للمسلمين إذا أتوه جحفلا

إلا إذا أمر الإمام ومن ينوب


منابه بمقامه كيداً فلا

والرزق يكسب من مواضع حلّه

لا بالمعاصى لو تضيق مأكلا

فخذ الجواب وان يكن متعقدا

تلق المراد موضحا ومفصلا


والعذر منك مؤمل اذ لم أكن

متمهلا لكننى مستعجلا


انتهى وانظر في قوله تعالى { ان الذين تتوفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم }(1) إلى آخر الآية فإن الله تعالى لم يجعل لهم عذراً فيما اعتذروا به بل قالت لهم الملائكة : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها لا يقال أن هذه الآية نزلت في الهجرة وأنها كانت فريضة ثم نسخت لأنا نقول أن حكمها باق فيما كان وجوبه باقياً كالهجرة في أول الأمر .
ومن المعلوم أن معاونة الجبابرة لا تجوز وتكثير سوادهم والحرس في حصونهم والانضمام إليهم من أكبر المعاونة ولو انصف الناس من أنفسهم لما وجد الجبار معه واحداً فلما تركوا الانصاف صاروا معينين له، فهذا يعتل بأنه من جماعته ولا بد له منه، وهذا يعتل بأنه في داره ولا بد له منه، وهذا يعتل بأنه يحتاج إلى معاملته، وهذا يعتل بأنه يحتاج إلى ما في يده، ولو تركوا هذه التعللات لكان الجبار كواحد منهم فلا ينظم له أمر ولا يجتمع له شمل فليتقوا الله ربهم فإنهم شركاؤه في كل ما يأتي وما يذر ومن ها هنا وجبت البراءة من الجبار وعماله وأعوانه والله أعلم .

hg[.x hgohls-tjh,n hgN]hf hgohlstjh,n





توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس