منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - فتاوى الصلاة للشيخ سعيد بن مبروك القنوبي
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 01-30-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 4 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



س:
البعض عندما يحمل الطارقة-الحاملة التي عليها الميت-يُقَفِّزها ثلاث خطوات ثم يبدأ الانطلاق بها ؟


ج:
هذه بدعة، لا أصل لها أبدا .. لا تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام ولا عن أهل العلم الذين اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واقتدَوا به .. هذه بدع ينبغي أن يجتنبها الناس، وينبغي لنا جميعا أن نتعاون على البِر والتقوى وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر وأن ندعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة وأن نُخبرهم بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لم يثبت حتى نقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه ونجتنب ما نهى عنه أو لم يثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه، ومن المعلوم بأنه إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل بعض الأمور في مثل هذه الأشياء وتَرَك بعض الأمور أنَّ تلك الأمور التي تركها ليست بمشروعة .. لا يُمكن أن يقال تَرَكَها الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنه لم يَنه عنها .. نعم، وإن كان لم يَنه عنها لكنه لم يفعلها ولو كان في ذلك خير لفعله الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وقد أحسن الإمام السالمي-رحمه الله تبارك وتعالى-عندما ذكر قراءة القرآن على القبور عندما قال (46):
فالمصطفى((47 قد زارها وما قرا
إلا سلاما ودعا وأدبرا
ولم تكن قراءة القبور
بسنّة توجد في المأثور
على كل حال، ثم قال:
لو كان خيرا لم يَفُتْ محمدا(48)
.........................
فما فات الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم .. فلو كان في ذلك خير لفعله الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم قال:
حسبك أن تتبع المختارا
وإن يقولوا خالف الآثارا
والعلماء قد شددوا في مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويعجبني ما ذكره الإمام المحقِّق العلاّمة سعيد بن خلفان-رحمه الله تبارك وتعالى-عندما سُئل عن قضية خالف فيها بعضُ أهل العلم سنّة ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم فقال الإمام المحقِّق-رحمه الله-في ذلك: " ومِن العَجَب أن أَنُصَّ لك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تُعارضني بعلماء بيضة الإسلام من غير دليل ولا واضح سبيل .. أليس هذا في العيان نوعا مِن الهذيان ؟! " والإمام الخليلي-رحمه الله تبارك وتعالى-يقول: " وقول بخلاف الحديث يُضرب به عرض الحائط " .. على كل حال:
ولا تُناظِر بكتاب الله
ولا كلام المصطفى الأوّاه
معناه لا تجعل له نظيرا
ولو يكون عالما خبيرا(49)
وهذا-طبعا-إذا قال به بعض أهل العلم ظنّا منهم أنّ ذلك هو المطلوب أو ما شابه ذلك، فكيف إذا لم يقل بذلك أحد من علماء المسلمين قاطبة.
فهذا-على كل حال-مما ينبغي أن يُنهى عنه، ولكنني-كما قلتُ أكثر من مرة-أنه ينبغي أن نستعمل الحكمة في مثل هذه الأمور وألاّ نتسرع في نهي الناس فإنّ الناس في كثير من الأحوال لا يتقبلون مثل هذه الأمور لأنهم شبّوا وشابوا على مثل هذه القضايا فليس من السهولة أن يَرتدِع بعض العوام عن مثل هذه الأمور ولاسيما إذا كان من يقوم بالأمر والنهي طالبا صغيرا فإنهم قد لا يُصدِّقونه وقد لا يقبلون منه لأمر أو لآخر؛ فنسأل الله-تبارك وتعالى-التوفيق، والله أعلم.


س:
الشهيد، كيف يكون التعامل معه في التغسيل ؟ هل يُغسَّل ؟ هل يُكفَّن ؟


ج:
على كل حال؛ الشهيد هو من مات في أرض المعركة .. إذا مات في ذلك ولم يُنقل فهذا هو الذي يُحكم عليه بحكم الشهيد في هذه القضية؛ وإلاّ فالشهداء كثيرون، كما ورد ذلك في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنّ المراد بالشهيد ها هنا هو الذي يُحكم عليه بهذا الحكم في باب الجنائز.
فعلى كل حال الشهيد يُدفن في ثيابه التي مات فيها إن كانت عليه ثياب-أما إذا سُلِب فلابد من أن يُؤتى له ببعض الثياب-ولا يُنزع منه إلا السلاح وما شابه ذلك أما ما عدا ذلك فهو يوضع عليه.
ولا يَحتاج إلى تغسيل بل يُدفن على ذلك.
وقد اختلفوا في الصلاة عليه:
1-ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يُصلّى على الشهيد.
2-وذهب بعضهم إلى أنه لا يُصلّى عليه.
والقول بالصلاة عليه قول قوي، وقد دلّت عليه بعض الأحاديث.
أما الأحاديث التي تدل على عدم مشروعية الصلاة عليه فهي نافية وغيرُها مُثبِت والمُثبِت مقدَّم على النافي؛ وفي ذلك احتياط وسلامة للدين، وقد ثبت أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قد جاء بعد مدّة-بعد سنوات-وصلّى على شهداء أُحُد، وجاء في بعض الروايات التي قوّاها بعض أهل العلم بأنه قد صلّى عليهم-أيضا-بعد الانتهاء من المعركة، فرواية من روى خلافَ ذلك تُحمل على أنه لم يَعلم بذلك.
وليس بغريبٍ مِن أن يَنسى بعض الصحابة-رضوان الله تبارك وتعالى عليهم-بعض الأمور أو أنهم لم يعلموا بها أصلا، ولذلك أمثلة كثيرة لا يُمكن الإتيان بها في هذا الوقت.
فإذن يُصلّى عليه على الصحيح.
ومن العجب أنّ بعض أهل العلم قال: " يُجمع بين الروايات المثبِتة والنافية بأنّ رواية الإثبات تُحمل على ندبية الصلاة وعدم وجوبها، ورواية النفي تُحمل على عدم الوجوب " .. هذا كلام غريب .. لو جاء هذا في قضية وذلك في قضية أخرى .. أي في حادثة وذاك في حادثة .. أي صلى مرّة وصلى مرّة فيمكن أن يُحمل على هذا ولا يقال بالنسخ، أما أن يكون ذلك في قضية واحدة في وقت واحد فهذا مما لا يُمكن، لأنه إما أن يكون فَعَل أو لم يفعل، فكيف يقال: " هذا محمول على كذا وهذا على كذا " ؟! نعم، لو أرادوا بذلك الرواية التي فيها صلى بعد سنوات ولم يُثبتوا الرواية التي صلى في ذلك الوقت لكان لهذا وجه من الصواب، أما أن يقال بصحة جميع الروايات التي فيها أنه صلى في ذلك الوقت ولم يُصلِّ فهذا مما لا يُمكن أن يقال به، فهذا خطأ واضح؛ والله أعلم.


س:
الحديث الذي ورد فيه أنّ الذي سار مع الجنازة إلى نهايتها أو رجع عنها له قيراط أو قيراطان من الأجر (50)، ما صحّته ؟ وما حكم الرجوع عن الجنازة بعدما يسير الإنسان معها .. هل يلزم أن يبقى إلى آخرها أو يمكن أنه إذا بدا له أمر يذهب عنها ؟


ج:
هذا الحديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك نقول: إنه ينبغي الاعتناء بهذا الأمر، وأن تُشيَّع الجنائز حتى تُدفن ويرجع بعد ذلك المسلمون، ويُشرع-أيضا-في ذلك الدعاء للميت، أما التلقين-كما قلتُ [ ص2 ]-لا يُلقَّن وإنما يُدعى له ويُسأل له التثبيت.
وأما بالنسبة إلى سؤاله عن الرجوع قبل ذلك (51) فالحاصل هو لا يجب عليه أن يرافقهم إن لم تكن هنالك حاجة تدعو إلى ذهابه معهم كأن يكون هو الأبصر بهذا الأمر ولا يَعرف أحدٌ كيف يوضَع الميت أو ما شابه ذلك .. إن لم تكن هنالك حاجة فلا مانع مِن أن يرجع، ولكن لا شك بأنه سيفوته الفضل؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس