منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - فتاوى الصلاة للشيخ سعيد بن مبروك القنوبي
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 01-30-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 2 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



س:
زيارة الإناث-بالذات-للقبور ؟


ج:
أما زيارة الرجال فلا مانع منها، وإنما مُنع منها في السابق ثم نُسخ بعد ذلك، فإذا كانت من أجل الاتعاظ والاعتبار فلا مانع من ذلك بل هي نافعة لقُساة القلوب في كثير من الأحيان.
وأما بالنسبة إلى زيارة النساء فإن كانت مصادفة من غير قصد بأن مرّت المرأة على المقابر فإنها تُسلِّم وتدعو بدعاء مختصر، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أما أن تذهب قاصدة إلى المقابر فهذا مما اختلف فيه أهل العلم:

1- منهم من ذهب إلى مشروعية ذلك.

2- ومنهم من ذهب إلى عدم المشروعية.

والمشروعية مشروطة بألاّ تُكثِر من ذلك وألاّ يقع منها شيء من الصراخ والعويل وما شابه ذلك.
والقول بجواز ذلك مع الاحتراز مما ذكرتُه قول قويّ، لوجود بعض الأحاديث المروية عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-التي تدل على ذلك؛ وأرى أنّ الوقت لا يتسع لذكر شيء منها؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
نعم، مع وجود هذا الخلاف الشديد وعدم صراحة بعض تلك الأحاديث إذا احتاطت المرأة وتركت الذهاب إلى المقابر واكتفت بالدعاء لأهل الصلاح في بيتها والمواضع التي تكون فيها وإذا مرت من غير قصد لذلك سلّمت ودعت بدعاء مختصر فذلك فيه خير وفيه خروج من الخلاف وفيه احتياط وذلك مطلوب .. ( دع ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك )؛ والله المستعان.


س:
هل زيارة قبر بعينه من بين المقبرة مشروع أم يشرع فقط زيارة المقبرة بشكل عام ويُطلَق سلام عام على أهل المقبرة ؟


ج:
هو الأصل-كما قلتُ-الزيارة تكون للاتعاظ والاعتبار ولكن أن يزور الإنسان بعض القبور إذا كانت قريبة من غير شدّ الرّحل إليها بأن يزور قبور شهداء أحد مثلا .. الرسول صلى الله عليه وسلم ذهب لزيارتهم، والعلماء والمسلمون يذهبون إلى ذلك، وهكذا بالنسبة إلى قبور الصحابة التي في البقيع، وهكذا بالنسبة إلى قبور بعض أهل الصلاح وأهل العلم وما شابه ذلك فذلك مما لا مانع منه؛ والله أعلم.


س:
أخٌ ذكر حديث أبي أمامة مِن أنه أمر أهله أن يُلقِّنوه وأسند ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. ما حكم تلقين الميت بعد الدفن ؟


ج:
إنّ هذا الحديث المروي عن رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-لا يثبت عنه، إذ إنه قد جاء من طرق ضعيفة جدا لا تقوم بها الحجة، ولذلك نقول: إنّ التلقين مما لا ينبغي، بل ينبغي أن يُنهى عنه، لعدم ثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
هذا، والمراد بهذا التلقين المنكَر المبتدَع الذي لم يثبت عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-هو التلقين الذي يكون بعد دفن الميت، أما التلقين الآخَر المشهور وهو أن يُلقَّن الإنسان عند قُرب وفاته بأن يشهد ألاّ إله إلا الله فهو ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فينبغي للإنسان إذا حضر شخصا يوشك على الموت بأن يُلقّنه الشهادة .. بأن يَشهد ألاّ إله إلا الله إذا أمكن، بأن يَذكر ذلك الإنسان نفسُه اللهَ تبارك وتعالى، كأن يقول: " أشهد ألاّ إله إلا الله " حتى يَنتبه ذلك الشخص المُحتضَر فذلك هو المطلوب، وإن لم ينتبه فيمكن أن يأمره بذلك ولكن لابد مِن استعمال أسلوب لطيف حتى لا يتأثر ذلك الإنسان، فلابد من أن يأتي له بمقدمة بسيطة ولو بعدّة كلمات .. هذا إذا كان ذلك الشخص مسلما، أما إذا كان ذلك الشخص كافرا فإنه يُؤمر بأن ينطق بشهادة ألاّ إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم، كما ثبت ذلك عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-عندما أتى إلى عمه أبي طالب فأمره بأن يشهد ألاّ إله إلا الله، ولكنّ أبا طالب امتنع عن ذلك، وما جاء من الروايات بأنه دخل في الإسلام قبل وفاته فإنّ ذلك لا يصح، والثابت الصحيح بأنه لم يدخل في الإسلام؛ وكذلك عندما ذهب النبي صلى الله عليه وسلم لعيادة يهودي في المدينة أمره بأن يشهد ألاّ إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله، فالتلفت ذلك الغلام إلى أبيه، فقال له أبوه اليهودي: " أطع أبا القاسم " فدخل ذلك الابن في الإسلام والحمد لله تبارك وتعالى؛ أما بالنسبة إلى المؤمن-فكما قلتُ-ينبغي أن يُتلطف له، لأنّ بعض الناس قد يضيق بذلك وقد يمتنع من الشهادة-والعياذ بالله تبارك وتعالى-إلى غير ذلك.
هذا، ولم أجد في الروايات المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن يشهد ألاّ إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإنما فيها أن يشهد ألاّ إله إلا الله، وذلك هو في الحقيقة قد دخل في الإسلام من قبلُ وإنما من أجل أن يَختم حياته بهذه الشهادة؛ نسأل الله-تبارك وتعالى-أن يميتنا على الإسلام، وأن يوفقنا لكل خير، وأن يأخذ بأيدينا جميعا لما يحبه-تبارك وتعالى-ويرضاه.
هذا، وللأسف الشديد أنّ بعض أهل العلم قد أخذوا من الحديث الذي جاء من طريق أبي أمامة-رضي الله تبارك وتعالى عنه-والذي فيه ذِِكر " فلان بن فلانة " أنّ الإنسان إذا ذهب إلى الحج وأراد أن يلبّي فإنه يقول: " لبيك عن فلان بن فلانة "، وقد جاءت-أيضا-رواية أخرى تدل على ذلك ولكنها باطلة عاطلة؛ والحق الحقيق بالقبول أنه يقول: " بن فلان " لا أن يقول: " بن فلانة " أو يكتفي بذكر اسم ذلك الشخص(37)؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


س:
هل في صلاة الجنازة-صلاة الميت-استدراك ؟ وكيف يكون إذا كان ؟

ج:
صلاة الجنازة:

1- فريضة على الكفاية .. هذا الذي ذهب إليه جمهور الأمّة، وهو الصحيح عندي.

2- وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنها سنّة.

3- وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنها نافلة؛ وهم يعنون أنها سنّة ولكنها لا تصل إلى درجة التأكيد؛ وهذان القولان ليسا بشيء.
والصواب فيها ما قدّمتُه، لأدلة متعددة، ذكرها أهل العلم في كتبهم، ولا داعي لذكر ذلك، لأنّ هذا القول مشهور واضح جليّ.
لذلك نقول: " إنه إذا قامت طائفة من الناس بالصلاة على الجنازة فإنّ الفرض الكفائي يسقط بفعل تلك الجماعة "؛ وقد اختلف العلماء في عدد الجماعة:

1- منهم من قال: إنه يكفي أن يصلي عليه شخص واحد.

2- ومنهم من قال: يكفي أن يصلي عليه اثنان.

3- ومنهم من قال: ثلاثة.
4- ومنهم من قال: أربعة.

وعند الإمكان .. أي عندما تكون هنالك جماعة فإنه ينبغي أن تصلي على الميت جماعة كبيرة على أقصى ما يمكن وألاّ يُكتفى بجماعة صغيرة لما جاء من مشروعية ذلك، أما عند الضرورة فإنّ للضرورة أحكاما تخصها، فيمكن أن يُكتفى بواحد إذا لم يوجد غيره، وإذا لم يوجد أحد من الرجال فإنه تصلي عليه النساء، وقد ذكرتُ ذلك في جواب سابق(38)، فلا داعي للإطالة بذلك مرة ثانية.
أما بالنسبة إلى الاستدراك فإنّ الإنسان إذا جاء ووجد الجماعة تصلي على الجنازة فإنه إن أراد أن يصلي معهم فإنّ ذلك حسن، وإن كان ذلك ليس بلازم عليه، لأنّ الفرض الكفائي قد سقط عنه بفعل الجماعة التي تصلي على الميت. فإذا دخل معهم فاختلفوا في أوّل ما يأتي به، وذلك بناء على خلافهم .. هل ما أدركه المأموم هو أول صلاته أو هو آخر صلاته:

1- والذي نراه ونأخذ به أنّ ما أدركه المأموم مع الإمام-سواء كان ذلك في الصلوات العادية أو كان ذلك في صلاة الجنازة-هو آخر صلاته، وعليه فإنه يتابع الإمام على فعله ذاك.

2- وذهب بعض أهل العلم إلى أنّ ما أدركه المأموم هو أول صلاته، وعليه فإنه بعد أن يكبر يأتي بفاتحة الكتاب وهكذا على الصفة المعلومة.
أما بالنسبة إلى قضاء ما فاته فقد اختلف العلماء في ذلك:

1- ذهب بعضهم إلى أنه لا قضاء عليه، وهذا-طبعا-في صلاة الجنائز لا في الصلوات الفرائض، حتى لا يظنّ بعض الناس أنه شامل للفرائض فلابد من أن ينتبه لذلك .. ذهب بعض العلماء إلى أنه لا قضاء عليه وإنما يُسلّم بعد إمامه، إذ إنه قد صلى على ذلك الميت جماعة من الناس ولا استدراك في هذه الصلاة.

2- وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكبر من غير أن يأتي بشيء من الأدعية .. يأتي بالتكبيرات التي فاتته ويُسلِّم ولا شيء عليه.

3- وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يستدرك ما فاته ويختصر ما أمكنه في الدعاء؛ وهذا لا إشكال فيه على رأي، أما على رأي من يقول: " إنّ ما فاته هو أول صلاته وأنّ ما أدركه هو آخرها " فلابد من أن يأتي بفاتحة الكتاب، إذ إنّ هذا هو الفائت ولا يمكنه أن يقتصر على بعضها.

4- وبعضهم قال: إن بقي الميت في موضعه فإنه يستدرك، وإن لم يبق بأن حُمل فلا استدراك عليه.
والذي يظهر لي أنه لا مانع من الاستدراك حُمل الميت أو بقي في مكانه، إذ لا يُشترط بأن يبقى الميت في موضعه .. نعم، ذلك هو الأصل ولكن إذا لم يتمكن الإنسان من القضاء فليقض ما فاته وليختصر غاية ما أمكنه، وأرى هذا القول هو القول الصحيح، وإن كان إذا سلّم لا نقول: " إنه قد أخطأ "، لأنّ هذه المسألة مسألة اجتهادية وليس فيها دليل واضح على واحد من هذه الأقوال، ثم إنه قد قام بالفرض غيره من الناس فالصلاة في حقه ليست بفريضة .. هذا ما ذهب إليه غير واحد من أهل العلم؛ والعلم عند الله تعالى.


س:
بعد الانتهاء من دفن الميت مباشرة يجلس المشيّعون ويقوم أحد الأشخاص بضرب الأرض حول القبر عدّة مرات وهو يقول: " لا إله إلا الله، محمد رسول الله " ويسمّونه بتوحيش القبر، ظنّا منهم لمنع الحيوانات المفترِسة خشية أن تصل إليه.


ج:
هذا لم يثبت في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ إنني لم أجد دليلا في السنّة يدل عليه؛ وهو الذي صرّح به العلامة الإمام أبو نبهان رحمه الله تبارك وتعالى، ولكنّ الأمر كما قاله هذا الإمام .. إن كانت فيه مصلحة للميت .. مخافة أن يأتي شيء من الحيوانات المفترِسة وتقوم بنبش ذلك القبر وتفترس ذلك الميت .. فإن كانت في ذلك مصلحة فلا مانع من ذلك، أما أن يقال أنّ ذلك ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فهذا مما لا أصل له.
هذا، وكثير من الناس يسألون عن قضية رَشِّ الميت(39)، ولا بأس بالإجابة على هذا السؤال لشهرة البحث عن هذه المسألة، ونقول: إنه قد جاءت بعض الأحاديث تدل على ذلك، وقد ذهب غير واحد من أهل العلم إلى أنّ تلك الأحاديث يشدّ بعضها بعضا فتقوم بها الحجة، وهذا له وجه وجيه من الصواب.
ولكنّ كثيرا من الناس لا يكتفون بذلك بل يقومون برشّ بعض القبور المجاوِرة له وهذا خطأ واضح فلا يصح، ولذلك قال الإمام نور الدين رحمه الله تبارك وتعالى(40):
وفضله يُردّ فوق النهر(41)
لأنه به أحقّ فادْر
" وفضله " أي الماء المتبقي من رشّ قبر الميت.
فإذن الصواب يُرشّ قبر ذلك الميت من غير أن يُرشّ شيء من القبور الأخرى؛ والعلم عند الله تبارك وتعالى.

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس