منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - الجزء السادس-فتاوى أصول الدين
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 03-23-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 3 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



نوع تعلق الأمر والنهي بالمعدوم

السؤال :
هل يصح أن يتعلق الأمر والنهي بالمعدوم تعلقا معنويًّا أي اعتباريًّا لا حقيقيا موجوداً في الخارج أم لا ؟
الجواب :
يصح ذلك عندي، إذ لا بأس بالقول به وإن جعلته الأشاعرة والماتريديه ذريعة إلى إمكان القول بقدم الكلام الفعلى، ووجه جعلهم إياه ذريعة لذلك هو أنه لما قالوا بقدم الكلام الفعلي وكان من أنواعه الأمر والنهي ولم يكن في الأزل مأمور ولا منهي يتعلق به الأمر والنهي قالوا هما متعلقان بالمعدوم الذي سيؤمر وينهى أي هما متعلقان به في المعنى فلا يلزم على هذا من قدم الأمر والنهى قدم المأمور والمنهي ونحن نمنع قدم الأمر والنهي ونقول هما حادثان فيتعلقان بالموجود تعلقا حقيقيا فلم تحتج إلى ما ذكروه من التعلق المعنوي ومن كان من المأمورين لم يوجد حال حدوث الأمر وتوجيهه إلى المخاطبين فلا يكون في ذلك الحال مأموراً ولا منهياً لأنه إنما يتعلق به الأمر والنهي بعد وجوده وبعد بلوغه رتبة المخاطبين وكفى بوجود بعض المكلفين حال حدوث الأمر وتوجيهه إليهم متعلقا ثم نقل ذلك الخطاب بالواسطة التي تبلغه إلى من بعدها فيكون عند بلوغه إلى مخاطبين غير الأولين متعلقا بهم أيضا تعلقا حقيقياً وهكذا والله أعلم .

التكليف بما لا يطاق هل هو قبيح

السؤال :
هل يصح أن يعد ما قالته المعتزلة من أن الله لا يكلف العباد ما لا يطيقونه وليس هو في وسعهم لقبح ذلك في العقل رأيا حسنا فلا يخطئ من قال به لا على سبيل الدينونة أم لا ؟ .
الجواب :
إن ما قالته المعتزلة من التعليل لمنع تكليف الله العباد ما لا يطيقون مبني على قاعدة لهم فاسدة خرجوا بها عن الوفاء بالإسلام وهي تحكيم العقل على الشرع فلا يرد الشرع عندهم بما يخالف العقل أصلاً فجعلوا العقل قاضيا على الشرع يقبلون منه ما وافق حكم العقل ويردون منه ما خالفه .
وقد فرعوا على هذه القاعدة فروعا منها ما ذكرته من قولهم إن الله لا يكلف الناس ما لا يطيقون لقبح ذلك في العقل، والرب تعالى منزه عن القبيح فوجب أن لا يفعل ما هو قبيح، ونحن نقول إنه ليس شيء من أفعاله تعالى قبيحا لأنه لا معارض له في فعله ولا مناد، فجميع أفعاله تصرف في ملكه والمتصرف في ملكه مع عدم المعارض له لا يقال إنه فعل قبيحا لأن القبيح والحسن إنما هما باعتبار مخالفة الأمر والنهى وموافقتهما والرب تعالى لا يَصِحّ أن يكون مأموراً ولا منهيًّا .
وعلى هذا فلا يجوز أن يكون ذلك التعليل اجتهاديّا لما ترى من فساد أصله الذي بني عليه .
نعم لو قال به محق يخالف المعتزلة في اعتقادهم إن الحكم للعقل لا للشرع وأن الشرع مؤكّد لما في العقل ومبين لما خفي عليه فلا يخطئ لذلك التعليل ما لم يعتقده دينا والله أعلم .

التكليف بما لا يطاق هل يجوز

السؤال :
هل يجوز أن يكلف الله العباد ما لا يطيقونه أم لا ؟
الجواب :
إن ما لا يطاق أنواع :
منه يخرج عن طوق البشر لاستحالة وجوده لذاته كالتكليف بجمع الضدين .
ومنه ما يكون ممكنا في ذاته لكن للعبد فيه مشقة عظيمة كإزالة الجبل والصعود إلى السماء . وكلا النوعين يجوز التكليف به في حكمة الله عند الأشاعرة وبعض متأخرى أصحابنا، ومنعته المعتزلة وجمهور أصحابنا لأن التكليف بما لا يطاق عندهم من العبث والرب تعالى يستحيل عليه العبث فلا يجوز في حكمته أن يكلف بما لا يطاق قلنا يجوز ذلك في حكمته لاحتمال أن يكون كلفهم بذلك إختباراً، فيثيب الممتثل على تهيؤه للامتثال ويعاقب من لم يتهيأ منهم لذلك، ولاحتمال أن يخرق لهم العادة في فعل بعض ذلك فلا عبث ولا استحالة .
ومنها ما يكون ممكناً في ذاته وليس في تحصيله مشقة للمكلف لكن علم الله تعالى أنه لا يقع منه فوجوده منه مستحيل لذلك كتكليف من علم الله أنه يموت على الكفر بالإيمان فهذا النوع جائز التكليف به بإجماع الأمة إذ ليس علمه تعالى هو المانع من تحصيل ذلك الفعل من المكلف به لكن علم الله تعالى متعلق بالأشياء كلها فليس علة ما وجد منها علمه بوجوده ولا علة ما لم يوجد منها علمه بعدم وجوده فتفطن لهذا المعنى فإنه دقيق والله أعلم .

هل يتعلق التكليف بكل عاقل

السؤال :
هل يتعلق التكليف بكل عاقل أم لا ؟ فإن قلت : نعم لزم عليه لازمان أحدهما تكليف الصبيّ العاقل وهو خلاف المذهب لحديث " رُفِع القلم عن ثلاثة منهم الصبي " وثانيهما كون العقل حاكما إذ به ثبت التكليف فكأنه هو الذى أثبته وأنتم لا تقولون به وإنما هو مذهب المعتزلة .

الجواب :
كل عاقل مكلف بإجماع الأمة لكن لا يكون العقل عقلا صالحاً لأن يناط التكليف به إلا إذا بلغ حدًّا يعلمه الله تعالى وقد خفى علينا غاية ذلك الحد، فنصب لنا ربنا عز وجل علامة تدل عليه هي البلوغ .
فالصبي وإن كان له من العقل ما يظن معه أنه بلغ الرتبة القصوى من رتبة العقلاء لا يكون عقله صالحا لاناطة التكليف ولم أعلم فيه خلافا إلا لجماعة من الماتريدية قالوا بتكليف الصبي بمعرفة الله إذا عقل ولا يلزم من جعل العقل علة للتكليف كونه حاكماً وإلا للزم أن يكون العقل علة لشيء حاكما به، وهو باطل لأن الحاكم بالشيء هو غير علته . والله أعلم .

معنى العلة، والحاكم

السؤال :
ما معنى العلة وما معنى الحاكم ؟
الجواب :
إن العلة هي ما يوجد بوجوده الموجود وينعدم بانعدامه، كالشمس علة للنهار يوجد بوجودها وينعدم بانعدامها، والحاكم هو فاعل الحكم للشيء أي هو الذي أثبت للأشياء الأحكام وهو الربُّ عز وجل لأنه هو الذي حكم في الأشياء بما أراده منها فلا حكم لسواه خلافا للمعتزلة القائلين بتحكيم العقل حتى غلوا في ذلك وجعلوا العقل حاكما على الله عز وجل حيث أوجبوا عليه مراعاة الصلاحية والأصلحية والله أعلم .
فإن قلت هذه العلة العقلية فما العلة الأصولية ؟ الجواب : إن العلة الأصولية هي وصف ظاهر منضبط مناط للحكم كالاسكار لتحريم الخمر، فالاسكار وصف ظاهر أي تأثيره ظاهر في معلولاته منضبط أي غير مضطرب وقد علق به حكم التحريم فحيثما وجد الإسكار وجد التحريم، وبين العلة العقلية والعلة الأصولية فرق من وجوه تعلم بالاطلاع على الكتب الأصولية والله أعلم .

تغيير النطق للآيات، وما يترتب عليه

السؤال :
الجاهل بقراءة القرآن ان سُمِع منه مدّ فتحة اللام الأولى حتى صارت ألفاً من ( ليعلمن ) من قوله تعالى { فليعلمن الله الذين صدقوا }(1) ومدّ فتحة اللام حتى صارت ألفا من ( لتبعثن ) و( لتنبؤن ) من قوله تعالى { قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما علمتم }(2) أو مدّ فتحة القاف حتى صارت ألفا من قوله عز وجل { وخلق منها زوجها }(3) أو حذف الألف من ( خالق ) من قوله تعالى { هل من خالق غير الله }(1) أو الوقوف على ( خالق ) من قوله تعالى { هل من خالق غير الله } أو على ( إله ) من قوله سبحانه وتعالى
{ ما لكم من إله غيره }
(2) ونحو ذلك فهل يحسن به الظن أم يحكم عليه بالشرك ؟ فإن قلتم إنه معذور ومحكوم عليه بالشرك وكان رجل قد سمعه من زوجه فجامعها قبل أن يستتيبها من ذلك، وقالت له أنها كانت قد تابت إلى الله جل وعلا ووحّدت الله العظيم قبل جماعه لها فهل له تصديقها في ذلك أم تحرم عليه ؟

الجواب :
يحسن به الظن في بعض هذه الأمور فلا يحكم عليه بشيء ولا يحسن به الظن في البعض الآخر ويحكم عليه فيه بالارتداد .
فأما البعض الذي لا يحتمل له فيه بشيء فهو مد فتحة اللام حتى صارت ألفا من تلك الآيات ونحوها فإن في جعل فتحتها ألفا نفيا لما وجب ثبوته قطعا فهو شرك قطعا ولا يعذر الجاهل بجهله في الشرك .
وأما البعض الذي يحسن به فيه الظن فهو مد فتحة القاف من (خلق) وحذف الألف من (خالق) والوقوف على (خالق) و(إله) في الآيتين ونحو ذلك ووجه الاحتمال في هذا البعض دون ما قبله هو أن العرب كانت تطلق على المفرد خطاب الاثنين فلا يلزم من قرآته اثبات الهين وإن العرب تحذف الفعل وتبقى الفاعل مرفوعا به فيحتمل أن غير في الآية رفعاً بفعل محذوف تقديره : هل من خالق (خلقه) غير الله .
ويصح الوقوف بين النفي والإثبات من نحو تينك الآيتين لعذر في الواقف كعطاس أو ضيق نفس أو نحو ذلك فلا يحكم بشركه في هذه المواضع لهذه الاحتمالات .
أما الذي سمع من زوجته ما تشرك به فجامعها قبل أن يصح معه رجوعها إلى الإسلام فجماعه زنى بها، فإن قالت له قد رجعت إلى الاسلام قبل أن يقع ذلك الجماع فعندي أنه ليس له أن يصدقها لأنها عنده في حكم المشركين ولا يكون المشرك مصدقا في شيء من أمور الدين هذا ما عندي فيه والله أعلم فانظر في جميع ما كتبته لك . الله
أعلم .


أثر ارتداد أحد الزوجين على النكاح

السؤال :
إذا ارتد أحد الزوجين عن الإسلام فأى القولين أصح عندكما إذا تاب ورجع إلى الإسلام أنهما يجددان النكاح أم بنفس الرجوع إلى الاسلام يرجع إلى زوجه ؟ والسلام .

الجواب :
الصحيح عندي أنه لا يجب تجديد النكاح وأنها تصير زوجته بنفس الرجوع إلى الإسلام لكن بشرطين :
أحدهما - أن يكون ذلك الارتداد الواقع من أحدهما بعد أن صح الدخول بها لأنه إذا ارتد أحدهما بعد العقد وقبل الدخول انفسخ النكاح كذا قال الإمام أبو اسحاق رضي الله عنه في نكاح المشركين إذا أسلم أحدهما أولاً ثم أسلم الآخر، وهو نظير مسألتنا، فالدخول معتبر هنا كما اعتبر في العدة وغيرها،
وثانيهما - أن يكون إسلام المرتد منهما قبل أن ينتقل الآخر إلى حالٍ لا يحل اجتماعهما معه . مثال ذلك فيما إذا كانت المرأة هي المرتدة فأسلمت وقد تزوج أختها أو قد تزوج غيرها أربعا ونحو ذلك، ومثاله إذا كان الرجل هو المرتد فأسلم وقد تزوجت بغيره فلا يدركها بشيء والله أعلم .

العجز عن ادراك ذاته تعالى ادراك

السؤال :
معنى قول الصديق رضى الله عنه " العجز عن الإدراك إدراك، تفضل بين لنا ذلك .
الجواب :
معنى ذلك أن الاعتراف بالعجز عن الوصول إلى معرفة ذاته تعالى هو المعرفة، لأن ذاته تعالى لا تدرك بالافهام ولا تصورها الأوهام، فمن تخيل له أنه سيصل إلى معرفة ذات الله تعالى أو أنه واصل إلى ذلك فهو عن معرفة الله بمعزل، ومن اعترف بأنه تعالى لا تدرك ذاته العلية بشيء من الطرق العلمية وإنما تدرك آثار صفاته العيلة وبها يعرف سبحانه وتعالى { فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها }(1) { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآياتٍ لقوم يعقلون }(2) والله سبحانه وتعالى أعلم .
قال السائل :
فإذا كان المعنى هكذا فما معنى الإخبار عن العجز بأنه إدراك وإن العجز والإدراك شيئان متنافيان ؟
الجواب :
إن في كلام الصديق رضى الله عنه مبتدأ محذوفاً تقديره الاعتراف بالعجز عن الإدراك إدراك، فقوله إدراك خبر عن الاعتراف وهو المبتدأ المحذوف ولا منافاة بين الاعتراف بالعجز المذكور وبين الإدراك والله
أعلم .


أثر الدعاء في المقدور على الداعي

السؤال :
وذكرت لي أن أمحو مسألة اللوح من المشارق فقد وجدت عين مسألتك في كتاب دلائل الخيرات ونصها اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا أو محروما أو مطرودا أو مُقَتَّرا عليّ في الرزق فامح اللهم بفضلك شقاوتى وحرماني وطردى واقتارى، واثبتنى عندك في أم الكتاب سعيدا مرزوقا موفقا للخيرات، فإنك قلت وقولك الحق في كتابك المنزل على لسان نبيك المرسل
{ يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب }
(1) انتهى بلفظه وفي جامع ابن جعفر أن الدعاء على الشريطة جائز فإن كنت هذا لا تراه صواباً فعرفنا إن شاء الله لنمحوه وهل يسأل السائل إلا محض الخير فقط ويتعوذ من الشر وكلاهما مقرر في اللوح والحكمة جارية على مشيئة الله تعالى لا على دعوة الداعى { لا يُسْأَل عما يفعل وهم يُسألون }(2) إن عذبنا فبعدله، وإن رحمنا فبفضله، أُمرنا أن ندعوه فدعوناه، وقد وجدت أن من أراد الرزق فليكتب كذا وكذا أو يدعو بكذا فالرزق مكتوب قدره في اللوح لا يزيد ولا ينقص فما فائدة هذا
المذكور ؟ تفضل علينا بإيضاحه أدامك الله .


الجواب :
قد كتبت لك أن تمحو مسألة اللوح من المشارق وقد كنت كتبتها يوم كتبتها وأنا لا أرى إلا ظهور صوابها ووضوح حقها مع ما وقع فيها في ذلك الحال من النزاع بيني وبين شيخنا الصالح رضوان الله عليه وأخينا الراشدي رحمة الله عليه، فأما شيخنا فلا يرى صحة ما كتب هنالك أصلا وأما الراشدي فإنه أول من قال بثبوت ما كتب هنالك ثم وافقته عليه فكان ما جرى والمسألة بعينها صرح بها الخازن في تفسيره ولها في كتب أصحابنا أهل المغرب رحمهم الله تعالى نظائر ولنا عند قولنا بثبوتها تشبثات كنا نظنها حججاً ثم ظهر لي بعد مناظرة طويلة من إخواننا المتعلمين صواب ما قاله شيخنا في تغيير ما كتب في اللوح فرجعت عما كتبته في المشارق، وأحببت أن لا أكون رأسا في أمر لم يتقدمني فيه أحد من أصحابنا وإن لم يفض ذلك إلى خطأ في الدين والحمد لله، ولهذا كتبت إلى أهل الآفاق بإبطال مسألة اللوح من نسخ المشارق وأما ما نقلته من دلائل الخيرات فهو من المسألة المذكورة محتاج بنفسه إلى دليل، وما في الجامع من جواز الدعاء على شرط لا يكفي حجة لذلك فقد طال ما تشبثنا بمثلها فصارت هباء منثورا فالحق الذي لا مرية فيه أن ما كتب في اللوح لا يصح تبدله والله أعلم .

زيادة الإيمان ونقصه

السؤال :
ما معنى قوله " إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم فاسألوا الله أن يجدده مع أن معتقدنا معشر الأباضية الإيمان لا ينقص بل يزيد . فما معنى هذا الخَلَق الذي هو البلى الموصوف به الإيمان . أهو انعدامه أصلاً فيبقى الشخص غير مؤمن أم نقصه حين يضعف المرء عن الزيادة فيه غير ذلك أفتني مأجوراً .
الجواب :
معنى ذلك أن الإيمان يصير في جوف المرء قديماً بعد أن كان جديداً وهو عبارة عن ضعفه بعد قوته، والمرء يجد في أول إيمانه من الحال ما لا يجده بعد ذلك فالداخلون في الإسلام ابتداء أرق قلوبا ولهذا تراهم عند سماع التنزيل يكثرون التأوه والبكاء بخلاف من طال زمانه في الإسلام، وبكى رجل جديد الإسلام في حضرة الصديق إذ سمع التلاوة فقال الصديق : كذلك كنا ثم قست القلوب أو قال حتى قست . والإيمان يقوى ويضعف ولا شك أن إيمان الأنبياء أقوى من إيمان غيرهم والصديق أرجح الصحابة إيمانا .
وذلك غير الزيادة والنقص الذي وقع فيه الخلاف بين الأمة فإنما ذلك شيء غير القوة والضَّعْف بل المراد بالزيادة زيادة الفرائض فالإيمان عندنا يزيد ولا ينقص بمعنى أنه قد تأتي على الإنسان حالة يزيد عليه فيها التكليف، فإيمانه القيام بالواجبات كلها وإذا ترك بعض الواجبات لا يبقى له إيمان بل يدخل في حيز الكفر ويكون كافر نعمة مرة ومشركا أخرى، وقال مخالفونا بل يبقى له إيمان ناقص فهو عندهم مؤمن لكنه ناقص الإيمان، وبنوا على هذا القول بدخوله الجنّة وإن عصى لأنه مؤمن في زعمهم والجنة دار المؤمنين وفي شرح المسند تحرير حسن فراجعه من أول باب الإيمان والإسلام وباب الكفر . والعلم عند الله والسلام .

أصحاب الأنبياء معهم في الجنة

السؤال :
هل أصحاب الأنبياء والمتقربون عندهم في الدنيا بالعلم والعمل أصحابهم في الجنة على قدر تقربهم في الدنيا كأبي بكر وعمر رضوان الله عليهما لسيدنا ونبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه، أم درجة الأنبياء لا ينالها أحد ولو كانوا هؤلاء، أم الصحبة والقربة تكون في الدارين ؟ وأهل الجنة يسمون بأسمائهم في الدنيا ويعرفون بعضهم بعضا كل واحد باسمه ونسبه هذا فلان بن فلان الفلاني أم لا حاجة إلى ذلك ؟ عرفنا ذلك .
الجواب :
اقرأ قوله تعالى : { أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا }(1) تعرف بذلك مجاورة هؤلاء لبعضهم بعضاً، ولا تستلزم المجاورة تساوى الدرجات فالوزير يجاور الملك والرتب متفاوتة، وأهل الجنة يتعارفون ويتزاورون ويتجالسون وذلك من تمام نعم الله عليهم . واقرأ قوله تعالى : { ونزعنا ما في صدورهم من غِلٍّ إخواناً على سرر متقابلين }(1) فإنك تعرف أن الحال الذي كانوا عليه في الدنيا من الغلِّ الطبيعي ينزع في الجنة وذلك لا يكون إلا في المتعارفين، وكذلك قوله تعالى : { فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون }(2) إلى آخر الآية فإنها تدل على تساؤلهم عن الأحوال التي كانوا عليها في الدنيا، ولذلك قال قائل منهم إني كان لي قرين الخ ... فأمَّا أسماؤهم فإنهم يدعون بأشرف أسمائهم ويظهر أنه من تمام النعمة والعلم عند الله والسلام . والله أعلم .

معنى صفة الكلام لله تعالى

السؤال :
وقفت على عبارة في المشارق وعَظُمت عليَّ أكبر ما يكون، وأشكلت غاية الإشكال فالمراد تبيينها وتوضيحها، وهي هذه : قال المصنف اعلم أن الكلام تارة يضاف لله تعالى على معنى نفي الخرس فيكون صفة ذات، وتارة يضاف إليه على معنى أنه فعل له فيكون صفة فعل، فمعنى كونه متكلما على الأوَّل أي ليس بأخرس، وعلى الثاني خالق الكلام . والدليل على أنه متكلم إجماع الأنبياء عليهم السلام فإنه تواتر عنهم أنهم كانوا يثبتون له الكلام ويقولون أنه تعالى أمر بكذا ونهى عن كذا وأخبر بكذا وكل ذلك من أقسام الكلام فثبت المدعى . فإذا تقرر هذا عن الأنبياء فكيف يسعنا الخروج عن طريقتهم ونقول لا نسلم إليهم ذلك مع قوله تعالى { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم }(1)، وأعاد العامل مرتين في طاعتهما ولم يعده في طاعة أولى الأمر فتبين بهذا أن طاعتهما وجبت استقلالاً وطاعة أولى الأمر مفروضة عليهما . تفضّل أزل عنّا ما أشكل علينا لتتم الفائدة وتعود الفائدة .
الجواب :
لم أعلم إلى الآن أنكم خرجتم عن إجماع الأنبياء، كنت أظنكم غير ذلك وإن كنت تعرّض بنا فراجع نفسك فإن قصرت عن فهم العبارة فنحن نثبت ما أثبته الله لنفسه في كتبه وعلى لسان أنبيائه فهو متكلم عندنا إجماعاً بلا خلاف، والدليل على اثبات ذلك ما ذكره في المشارق من إجماع الأنبياء في إثبات الكلام إلى آخره، والعجب منك كيف خفى عليك ذلك مع وضوحه وتجعل العبارة علينا وهي لنا ..

عليّ صبُّ المعاني في قوالبها


وما عليّ لكم أن تفهم البقر


والعلم عند الله والسلام .


بعض المسائل المدرجة في أصول الدين للتنبيه

السؤال :
القول بجواز الرؤية والخروج من النار والشفاعة لأهل الكبائر وكون صفات الله الذاتية غير ذاته وتحليل نكاح الزاني بمزنيته من الأصول أم لا ؟
الجواب :
تلك أمور أحدث القول بها علماء قومنا وهي من بدعهم الشنيعة وأحداثهم القبيحة، وكان المسلمون في سلامة من ذلك فالمسلم يكون مسلماً ولو لم يعرف شيئاً منها وحين ابتدعها قومنا وأدخلوها في عقائدهم وجب علينا أن ننبه على غلطهم ونبين وجه ضلالهم، فإن كنت تعني بقولك من مسائل الأصول إن الدين لا يتم إلا بمعرفتها واعتقادها فإن الدين يتم مع جهلها وعدم معرفتها وهى طريقة عامة المسلمين وعليها سلف من سلف من صد هذه الأمة، وإن كنت تعني أن معتقدها هل يخطئ أم لا ؟ فنعم نخطئه في دينه لأنها بدعة ضالة مضلة وفي الحديث عن رسول الله " " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة " والله أعلم .

مناقشة مسألة الرؤية، لدى الزمخشري وابن المنير

السؤال :
ما يقال لأحمد المعترض على صاحب الكشاف بتأويله قوله تعالى { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة }(1) قال هو : " فلما فغرت فاه هذه الآية صنع في مصادمتها بالاستدلال على أنه لوكان المراد الرؤية لما انحصرت بتقديم المفعول لأنها حينئذٍ غير منحصرة على تقدير رؤية الله تعالى، وما يعلم أن المتمتع برؤية الله جمال الله تعالى لا يصرف عنه طرفه ..." إلى آخر كلامه .
الجواب :
استدلال الزمخشري على نفيها بتقديم المفعول غير سديد واعتراض أحمد عليه أوهى ضعفا منه، وكل إناء بما فيه يرشح والقوم جهلوا معاني التنزيل فضلوا في وجه التأويل، ونحن نعرف معانيه - ولله الحمد - من غير تبيين الزمخشري ونعرف الحجة من غير احتجاجه، فما يضرنا أن وهى استدلاله ما هو إلا رجل يصيب ويخطئ كغيره من الناس،
وغلط القوم في فهم الآية نشأ من وجهين : أحدهما اعتقادهم المفاسد بثبوت رؤية الباري تعالى، وهو إنما نشأ من مخالطة اليهود دسوا لهم دسيسا ليضلوهم عن دينهم ويزلوهم عن استقامتهم فقبلوه منهم فهم في ذلك اتباع يَهُود والوجه الثاني : جهلهم بأساليب العربية حيث حصروا النظر في الرؤية وهو إنما يكون لها ولغيرها وهو في الآية بمعنى الانتظار كما في قوله تعالى { فنظرة إلى ميسرة }(1) والمعنى أن وجوههم مشرقة بانتظارها رحمة الله ودخول الجنة كما كانت وجوه الأشقياء باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة فهذه مشفقة من خوف العذاب وتلك مشرقة بانتظار الثواب والله أعلم .

التوفيق بين البراءة ممن له فضائل ومناقب

السؤال :
ما يُقال في الأحاديث التى رواها قومنا في فضائل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وسبطيه وابن أبى سفيان معاوية ووزيره عمرو بن العاص وطلحة والزبير والأصح فيهم البراءة أو الوقوف لهذا الإشكال، وهل يقال أن على بن أبي طالب تاب لأنه ذكر أنه بعد قتله أهل النهروان كان يظهر الندم والتوبة .
الجواب :
أكثر هذه الأحاديث مكذوب كما صرَّح به نقاد الحديث راجع المناقب من " اللآئي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة " تجد بغيتك وتظفر بطلبتك، والبراءة من أهل الأحداث واجبة على من بلغ علمه إلى معرفة حكم ذلك، والمسلمون قد حكموا فيهم بحكم الله تعالى فمن علم فيهم مثل علمهم جاز له الحكم بمثل حكمهم، ومن قصر علمه عن ذلك كان سبيله الوقوف، وعليه أن يتولى المسلمين على ولايتهم لمن تولوا وبراءتهم ممن برئوا، وطريقتهم واضحة كالشمس الطالعة لا يكدرها غبار، وكذب الكاذب لا يورثنا إشكالاً فنحن على بصيرة من أمرنا وخبرة من ديننا لا تميل بنا الأهواء ولا تستميلنا الرجال نعرف الرجال بالحق، فمن وافقه فهو الرجل وإن صغر قدراً عند الناس ومن خالف الحق فهو الصغير الحقير وإن عظمه أهل الدنيا، ولله در هذا الميزان الذي أنزله الله تعالى ونبّه عليه في كتابه بقوله { والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان }(1) وهو وإن تناول ميزان المعاملة فإنه شامل له ولغيره وما هو إلا فرد من أفراد الحق .
وندم علي إنما كان على قتل أصحابه وضياع أمره وانتقاض دولته ولا يوجب ذلك توبة، لو كان تائباً لأذعن للحق وجمع المسلمين وطلبهم حيث كانوا وخلع الأمر على أيديهم فإن شاؤوا قدموه وإن شاؤوا أخروه، والغيب لله وحكمنا على ما ظهر فإن كان قد تاب توبة نصوحاً فالله أعلم بها ولا ينافى في ذلك حكم المسلمين فيه وقاتل أربعة آلاف مؤمن في معركة واحدة حقيق بالبراءة، ومن خرج على الإمام العادل بغيا وعدوانا كالجمل وصفين حقيق بالبراءة، وكأنى بك قد جاورت المخالفين أو طالعت كتبهم فاحذرهم أن يضلوك فوالله الذي لا إله إلا هو إن الحق واضح عند هذه العصابة التى نظر إليها أهل الدنيا بنظر الاحتقار وذلك بعد ما انقرضت دولتنا وظهرت دولة الأراذل، والأيام دول وغلبة الدنيا غير معتبرة، والله ربى والأيادي شاهدة والله أعلم .

الفرق في البراءة بين الشرك والفاسق

السؤال :
هل براءتنا للمشرك هي براءتنا للموحد الفاسق، أو لكل واحد براءة بحسب أفعاله ؟ وهل تكون الولاية كذلك ؟
الجواب :
لا شك أن المشرك أبعد من الموحد الفاسق، أما اللعن فواقع على الصنفين هذا بشركه وهذا بفسقه لكن جوّز الشرع في الفاسق أشياء منعها في المشترك كالنكاح والذباح والميراث والسلام وتشميت العاطس والصلاة خلفه والصلاة عليه إذا مات ومعاملته في جميع أمور الدنيا بمعاملة الموفى من المسلمين إلا الولاية والشهادة وما يتعلق بها من أحكام،
فإذاً يظهر لك أن الموحد الفاسق ليس كالمشرك في ذلك فلو رأينا مشركا يستطيل على موحد فاسق وجب علينا أن نناصر الموحد الفاسق ونكون معه على عدو الدين وقد احزن المسلمين انتصار الفرس على الروم في أول الاسلام مع أن الطائفتين كليهما على الكفر غير أن الروم أهل كتاب والفرس على المجوسية ونزل في ذلك قوله تعالى { ألم، غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين }(1) وهي تسلية للمؤمنين وقمع للمشركين حيث فرحوا بنصرة الفرس والله أعلم .

متولى المشرك هل يشرك

السؤال :
ما الذي تراه في المتولى للمشرك لشركه لجحده وشكه هل هو مشرك أوكافر نعمة ونفاق فإني وجدت عن أبي سعيد الكدمي رحمه الله الإجماع على كفره نعمة ونفاقا، وكنت قدما قبل اطلاعي على هذا الإجماع ولعلي قد اطلعت عليه قدما - ولكن رشحه الاناء - أقول بشركه وإنه بمنزلة المتولي جحداً ومساواة لقوله جلَّ من قائل { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادَّ الله ورسوله }(2) الآية وقوله { ومن يتولهم منكم فإنه منهم }(3) وقوله " " من أحب قوما فهو منهم " وفي حديث آخر " حُشِر معهم " فهذه الآيات والأحاديث تدل على ما كنت أقوله، ولأن المصوب للمشرك لشركه راد للتوحيد بطريق اللزوم وإن كان يقر بالجملة ولوازمها لأن من صوب فاعل شيء خطّأ فاعل ضده، ومن خطأ ذا التوحيد لتوحيده فهو مشرك، وما معنى الإجماع والأثر المغربي ناطق بشرك هذا المتولى، وإن كانت عبارتهم بالشرك عن ارتكاب خصلة منه، لكن ظاهر عباراتهم في هذا المقام تقتضي تشريك المتولى والله أعلم أرجو منك كشف الغطاء عن هذه النازلة .
الجواب :
نزل قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء }(1) الآية في المنافقين الذين كانوا في زمان النبى " بدليل قوله في آخر الأية { فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم }(2) أي في موالاتهم ومعاونتهم { يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة }(3) وسبب ذلك أن عبادة بن الصامت قال لرسول الله " إن لي موالي من اليهود كثر عددهم وإنى أبرأ إلى الله وإلى رسوله من ولايتهم، أو إلى الله ورسوله، فقال ابن أبيّ إنى رجل أخاف الدوائر لا أبرأ من ولاية موالى فنزلت الآية ورسول الله " لم يحكم على أولئك المافقين بحكم اليهود والنصارى بل عاملهم بمعاملة أهل التوحيد ووكل سرائرهم إلى الله .
فذلك أصل الإجماع الذي ذكره أبو سعيد رحمه الله تعالى فإطلاق الآية غير مراد في كل شيء غير أنهم محسوبون منهم في الموالاة والمناصرة ويحشرون معهم يوم القيامة ونفى الإيمان عمن يوالى من حادّ الله ورسوله في سورة المجادلة لا يستلزم الشرك لثبوت المنزلة بين الشرك والإيمان وهي النفاق وكفر النعمة .
فنحن نثبت المنزلة بين الشرك والإيمان خلافا للخوارج، وننفى المنزلة بين الكفر والإيمان خلافا للأشاعرة في اثباتهم منزلة بينهما سموها الإيمان الناقص، ولا شك أن تصويب المشرك شرك في الباطن كما أن الشك في التوحيد شرك أيضا غير أن إظهار الإسلام هو المعتبر في المعاملة كما في الحديث عن رسول الله " قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الاسلام وحسابهم على الله تعالى رواه البخارى ومسلم عن ابن عمر فتراه قال وحسابهم على الله إشارة إلى ما أظهروه من الكفر في بواطنهم، وأولئك هم المنافقون الذين أخفوا الشرك وأظهروا الإسلام ولهم في الآخرة الدرك الأسفل من النار بسبب ما أخفوا من الشرك . صار الجزاء موافقا للعمل أخفوا فأخفوا في المضيق الأسفل .
وقد ذكر الله المنافقين بما يصرح بشركهم في الباطن ومع ذلك فالنبيّ " وأصحابه يعاملونهم معاملة أهل الإسلام من الطهارة والنكاح والذباح والميراث ودخول المساجد والمعاملة والمخالطة، واقرأ قوله تعالى : { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين }(1)
إلى قوله : { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن }(2) وقوله تعالى : { وإذا لقوكم قالوا آمنَّا وإذا خلوا عَضُّوا عليكم الأنامل من الغيظ }(3) وقوله تعالى : { وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا }(1) إلى آخر ما ذكر الله عنهم في سورة التوبة وأمثالها من الآيات تجد الشرك فيما أضمروا وفيما أظهروه عند بعضهم بعضاً غير أنهم أخفوه عن المسلمين، فلم يعاملوا بما دسوا من ذلك، فهذه الأحوال مستند الاجماع الذي ذكره أبو سعيد رحمه الله تعالى .
فإن رأيت قولاً في مثل هؤلاء بالتشريك فإنما المراد به حكمهم في الآخرة وفيما عند الله في السريرة دون الأحكام الطاهرة فإنهم في الباطن مشركون كما بينته لك غير مرة وبذلك استحقوا الدرك الأسفل من النار أعاذنا الله والمسلمين، راجع الأثر وطالع التفسير فالجواب في موضع بعدت عينى فيه الكتب للمطالعة والعلم عند الله والسلام والله أعلم .

حكم النصارى واليهود المحاربين

السؤال :
أكل ذبائح النصارى في هذا الوقت أيجوز إذا عنا ذبائحهم وكذلك طعامهم الرطب مثل الحليب الذي يباع في آنية مختوم عليها لأنى سمعت أحدا من الناس يتكلم بتحريم ذبائحهم وأطعمتهم الرطبة، والله تعالى لم يخص وقتا دون وقت أباح لنا أكل طعامهم، وهل هذه الإباحة مقيدة بحال صلحهم أم في صلحهم وحربهم ؟ وهل هم الآن حرب للمسلمين أو لا ؟
الجواب :
صدق ذلك القائل، فذبائحهم إذا كانوا حربا للمسلمين حرام ورطوباتهم نجسة، وطعام الذين أوتو الكتاب يحل لنا إن كانوا صلحا لا حربا والمراد بالطعام ذبائحهم ولا أدري ما هؤلاء النصارى يزعمون أنهم أهل كتاب وكتابهم قد نزع من أيديهم بتحريفهم له وبتبديلهم فعندهم من الإنجيل جملة نُسخ بعضها يخالف بعضا والمنزل من عند الله واحد وهم لا يعلمون ما هو فأين كتابهم ؟ وكذلك التوراة مع اليهود، فما النصارى واليهود يومئذ إلا كالمجوس الذين كان لهم كتاب فرفع في ما قيل، نعم بقيت لهم التسمية أنهم أهل كتاب وليسوا من أهل الكتاب في شيء
{ يا أهل الكتاب لستم علىشيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم }
(1) .
قالوا نحن أتباع عيسى عليه السلام وفي كتابه العزيز يقول الله
{ وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة }
(2) ونحن الغالبون عليكم وعلى غيركم، قلنا صدق الله فيما أخبر وقد جعلكم فوق الذين كفروا بعيسى وهم اليهود وذلك مكافأة لكم على اتباع عيسى في أول الأمر لا على تبديلكم الأخير فإنكم بالتبديل قد استوجبتم العقاب والله يستدرجكم من حيث لا تعلمون .
وأما غلبتكم على المسلمين في بعض النواحي فلا يدل على حقكم ما ذاك إلا تسليط علينا بفعل ما حرّم، الله علينا، كما أخبر نبينا عليه الصلاة والسلام بأنه إذا ترك الأمر والنهى أديلت الكفار فهي عقوبة عاجلة وتسليط مقدر، فأنتم أشباه كفرة المجوس الذين سلطوا على بني اسرائيل حين عملوا بمساخط الله، والله المستعان والله أعلم .

معنى القدرة والمشيئة لفعل المخلوق

السؤال :
الخلق ألهم قدرة ومشيئة في أفعالهم أم لا ؟ فإن كان ذاك هل يكونان مؤثرتين في الفعل أم لا ؟ ما معنى تسميتهما بذلك وقد علمنا بأن مشيئته جل وعلا هي المؤثرة، لكني سائل أهي قبل وقوع الفعل أم عند وقوعه ؟ عرفنى بذلك .
الجواب :
هل للسكين أثر في عنق الذبيحة وهل بنفسها فعلت ذلك أم بحركة الذابح، فقدرة العبد في فعله كالسكين في عنق الذبيحة والله سبحانه وتعالى هو الذي أقدره على ذلك وذلك كحركة الذابح، فالسكين تكون حادة وكليلة وتمدح وتذم على ذلك وتحد ويبدل عنها غيرها وكل ذلك لطلب التأثير والفاعل للذبح على الحقيقة هو الذابح .
وهذا مثال يكشف لك المعنى فالله سبحانه وتعالى هو المريد لكل ما يكون من خير أو شر، والعبد وإن كان مصرفا في جميع أموره فالله سبحانه وتعالى قد جعل له قدرة واختياراً : أما الاختيار فيقوده إلى الأشياء من غير إكراه وإنما هو حبّ للشيء وتلذذ به ولحبه لا نيفك عنه { أفمن زُيّن له سوء عمله فرآه حسنا }(1)، وأما القدرة فإنها تؤثر في الفعل تأثير التسبب فالله عزّ وجل يخلق ذلك الفعل عند حركة العبد إليه فتكسبه قدرة العبد، فللفعل جهتان : جهة إيجاد وخلق وهى الله عز وجل لا غيره وجهه اكتساب وهى للعبد، وكلا الجهتين يكونان في حال واحدة .
ولخفاء هذا الحال ودقة هذا المعنى زلت فرقتان المعتزلة والمجبرة وأما المعتزلة، فظنت أن الجهتين جهة واحدة وزعمت أن العبد خالق لفعله الاختياري فجعلوا لله شريكا في الخلق { إذا لذهب كل إله بما
خلق }
(2) وشابهت المجوس في ذلك في جعلهم أن للخير خالقا وللشر خالقا ومن ها هنا قيل لهم مجوس هذه الأمة :

ما خلقت أفعالها المعتزلة


ولا اقتضت من القضايا خردلة


وأما المجبرة فإنهم نفوا الاكتساب رأسا مع إثباته في قوله تعالى { لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت }(3) وأضافوا أفعال العبد من خير أو شر إلى خالقها وجعلوا العبد مجبوراً على فعل ما صدر منه ملزمهم بذلك تعذيب المجبور على الفعل في زعمهم .
والله سبحانه وتعالى من لطفه ورحمته قد شرع لنا التقية في حق خلقه إذا أكرهنا على الكفر قلناه باللسان ولم يعذبنا الله على ذلك، أفيصدر منه الجبر لنا ويعذبنا عليه حاشاه، ولو صح ما ذهب إليه هؤلاء لبطلت الحكمة في بعثة الرسل وإنزال الكتب، ولا يكون للترغيب والترهيب ولا للأمر والنهي معنى، ولكان للعبد على ربه حجة أن يقول ما فعلته عن اختياري لكن جبرتني على فعله فلِم تعذبنى ؟ والله قد أرسل الرسل وأنزل الكتب لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فعلمنا بطلان ما زعموه من الجبر .
ومذهب أهل الاستقامة وسط بين الإفراط والتفريط لم ينفوا الفعل عن العبد رأساً بل أثبتوا له الاكتساب وبه يثاب ويعاقب، كما دلّ عليه القرآن الكريم ولم يضيفوا خلق الفعل إليه لأن الله تعالى هو الخالق لكل شيء، فالحمد لله الذي ألهم أمتنا الصواب ووفقنا وإياهم على الهدى
{ فبهداهم اقتده }
(1) والله أعلم .

الخير والشر من قدر الله تعالى

السؤال :
قال أبو محمد في الجامع : " ولا يجوز أن يأمر الحكيم أحدا بشيء وهو يريد منه خلافه " هل ترى هذا يصح عندنا أم لا ؟ فإن كان الضمير في منه عائداً إلى الشيء المأمور به فهو معنى صحيح إذ إن من المعلوم أنه لا يصح قول الحكيم لزيد قم وهو يريد بقوله قم القعود لا القيام، لأنه لو كان كذلك لعد ذلك منه عبثا لا حكمة بالغة . وأما إن كان الضمير في منه عائدا إلى أحد من قوله ولا يجوز أن يأمر الحكيم أحدا إلى آخره فهذا غلط منه لأنه لا ينافي الحكمة أن يأمر الحكيم بشيء وهو يريد خلافه، لأنه لو كان كما زعم للزم منه أن يكون العاصي فعل المعصية بغير إرادة من الله تعالى لأن الله تعالى لم يأمره بذلك بل نهاه عن ذلك { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي }(1) والله لا يرضى لعباده الكفر فيئول إلى أن الله جل ثناؤه يعصى باستكراه، وإليه الإشارة بقول أبي عبيدة رحمه الله لواصل بن عطاء : أنت الذي تقول إن الله يعصى باستكراه ؟! لأن واصلاً يزعم أن الله لم يرد عصيان العاصى فنقول : إن الله أراد كفر أبي جهل وغيره ولم يأمرهم به ولم يرضه منهم، ولكن الله خلق الأفعال خيرا أو شرا أمر بالخير ونهى عن الشر والله وأعلم .
الجواب :
نظرت في كلامك فرأيته صوابا وكلام أبى محمد إن كان متعلقا بشيء قبله فينبغي أن يحمل على متعلقه، كما إذا كان قد حكاه عن غيره فإنه عين مذهب المعتزلة ولا يوجد في الأصحاب من يوافقهم عليه، وإن كان كلام أبي محمد منقطعاً تاماً فلا يرضاه عنه إباضيّ حتما، فهو حرىّ بما كتبت بعده والله أعلم .

القطع للطفل بأنه من أهل جنة

السؤال :
هل يجوز أن يقطع الرجل لأحد من الأطفال عند موته أنه من أهل الجنة قطعا وما يبلغ به إذا صنع .
الجواب :
الغيب لله، والأطفال على القول المختار من أهل الجنة إن ماتوا قبل التكليف، ولا شيء على من قطع بذلك لقوة رجائه وحسن ظنه بالله ما لم يضلل من خالفه، فإن ضلل فهنا يهلك لأنه جعل الرأى دينا والله أعلم والسلام .

البراءة سرًّا من بعض الأئمة

السؤال :
ما يُوجَد في الأثر أن الشيخ محمد بن محبوب وبعضا من العلماء يبرؤن من الإمام المهنا سريرةً، وربما قيل أنه تبرأ رجل من المهنا عند الشيخ محمد بن محبوب فأنكر عليه ذلك، فكيف شيخنا إن كان الشيخ ابن محبوب وواحد عنده من العلماء قد اطلعوا على ما يوجب البراءة منه أما يجوز لهم أن يقيموا عليه الحجة بالعالمين أم حتى يشهر عند الخاص والعام ؟ وكيف سبب البراءة في الأحكام الظاهرة التى تصدر منه أم فيما هو مصدق فيه عند الناس من تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود ؟ أشكل علينا هذا الأمر يبرءون وهم في طاعته وعمله ولا يظهرون عليه الحجة ؟! تفضل اشرح لي ذلك شرحا كافيا شافيا .
الجواب :
نعم يوجد في الأثر أن محمد بن محبوب وسعيد بن المبشر كانا يبرآن من المهنا سريرة، وأن ابن محبوب أراد أن يخطب في الناس بعد موت المهنا بالبراءة منه فناشده الله أبو المؤثر وخوفه وقوع الفرقة بين الناس فإن المهنا إمام عند العامة وأنهم يتولونه ويدينون لله بطاعته حيث أنهم لم يطلعوا على خلاف ذلك منه، ولعل الشيخين قد اطلعا على موجبها في آخر عمر المهنا فلم يتسع الحال لإقامة الحجة عليه وعزله إن أصر، ولعلهم خافوا في حياته وقوع الفرقة بين المسلمين فسكتوا على ما عندهم لأن الناس كانوا في سلامة من طاعته، ولكل فيه علمه، ولا تنس قضية الصحابة فإنهم عاملوه بعد الاعوجاج ست سنين .
هذا كله إن قلنا إن العالمين حجة على الإمام في موجب البراءة ومقتضى العزل، وفي قول آخر ليس لهم عزله عن أمانته حتى يظهر حديثه بين الخاص والعام وعلى هذا القول فلا إشكال في المسألة . وبراءة ابن محبوب من الرجل المتبرى وجهها أن الرجل قد أباح من نفسه البراءة حيث تبرأ من إمام تجب على العامة ولايته فهو كمن تبرأ من وليّ لك عندك، وذلك أن الرجل لم يعلم أن ابن محبوب يبرأ من المهنا لأنه كان يسر ذلك فكأنه تبرأ معه من وليه، والحدث الموجب للبراءة منه فيما قيل إن صح ذلك أنه قيّد صبيًّا حتى انقطعت رجله، فإن صح هذا فهو من كبائر الذنوب كما ترى، وكان المهنا شديدا ولم يصح هذا الحدث عند عامة المسلمين فهو على حكم السلامة عندهم غفر الله لنا ولهم والله أعلم .

التبرؤ ممن امتنع من حكم الامام ظاهراً ولو كان بريئا

السؤال :
ما يوجد في كلام الشيخ أبى سعيد إن طالبه الإمام بحق ولو كان عند نفسه أنه ليس عليه ذلك الحق فلا يمتنع من حكم الإمام في الظاهر، لأنه يبيح من نفسه البراءة وإن فعل فقد هلك، فهذا فيما بينه وبين الناس أم فيما بينه وبين الله، وهل فرق بين أن يقوم عليه شهود أنه قتل فلانا عمدا عدوانا أو زنى وهو محصن وكان هو بريئا من القتل ومن الزنى ؟ أما يجوز له أن يمتنع من إتلاف نفسه ويهرب لأنه غير فاعل لما شهد عليه الشهود لاحتمال التشابه بغيره، فإن كانت إباحة البراءة تهلكه بينه وبين الناس فذلك واضح وإن كان بينه وبين الله فتفضل بين لي الحجة في ذلك .
الجواب :
هو هالك عند الله وعند عباده لأن الله تعالى قد أوجب عليه أن يطيع إمامه وحرم عليه الامتناع، فإذا امتنع فقد خالف أمر الله وفعل ما حرم الله عليه ولو كان في السريرة غير مستوجب لذلك، فإن حكم الظاهر يوجب عليه ذلك، ولهذا استحق البراءة عند المسلمين ولا تنس قولهم ليس للمرء أن يبيح من نفسه البراءة فإذا أباحها من نفسه فهو هالك حجة الله كقول أنت مبطل عاص وهو يقول أنا أعلم بخاصة نفسي، أتراها تترك الحجة لقوله ذلك، ولو جاز له هذا التعلل لتمشى في جميع فرق الأمة وفي كل من خالف الحق في الظاهر، إذ لكل واحد منهم أن يقول حينئذ أنا أعلم بخاصة نفسى فيتلاشى الأمر ويصير الناس فوضى وتترك الحجة ويختلط الحق بالباطل وكفى بها مفسدة في الناس وبلية في الإسلام، كلا لا يسمع من هذا التعلل وإن كان صادقا في السريرة بل هو في حكم الله من الكاذبين .
واذكر هنا مسألة القاذف فإن الله تعالى قد أوجب عليه ثمانين جلدة إن لم يأت بأربعة شهود وسماه كاذبا عند الله ولو كان في نفسه صادقا فإن لم يأت بأربعة شهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون، فأحكام الظاهر لا يصح خلافها إجماعا وتاركها لما في نفسه هالك عند الله وعند الناس إجماعا، ويوجد عن أبي سعيد رحمه الله قول بجواز هروب من وجب عليه حد إذا كان في نفسه غير فاعل، وذلك فيما إذا كان هروبه من غير امتناع عن الإمام مثل أن يهرب قبل أن يطلب فإن طلب فليس له الهروب والامتناع والعلم عند الله .

نزول عيسى عليه السلام

السؤال :
نزول عيسى بن مريم أثابت هو أم لا ؟
الجواب :
وسع من قبلنا السكوت فلا يضيق علينا والله أعلم .

انكار معرفة محمد "

السؤال :
قول أبي عمران أن معرفة محمد " ليست بتوحيد أو ليست بفرض كفر كفر نفاق ما وجه هذا الكلام ؟
الجواب :
لا أعرف هذا الكلام ومن لم يعرف محمداً " بعد بلوغ دعوته فهو كافر ولا يصح الخلاف في ذلك، ولا أعرف هذا الرجل الذي ذكرته ولا أعرف قوله فلا تجمع كل ما سمعت ولا تكن ممن مهما يجد شيئا يضم فإنه ربما ضم أفعي تلسعه والله أعلم .

معنى تعلق المعلم بالمعلومات

السؤال :
معنى قوله فإن العلم يتعلق بالمعلوم على ما هو عليه فإذا كان ممكنا علمه ممكنا وإذا كان واجبا علمه واجبا، ولفظة علمه بصيغة الماضى أم بالمصدر اشكل عليّ ذلك .
الجواب :
هي بصيغة الماضى والمعنى أنه سبحانه وتعالى يعلم جميع الأشياء موجودها ومعدومها ومستحيلها، يعلم كل شيء منها على ما هو عليه والله أعلم .

العلم بالمستحيل والتكليف به، وعلاقة العلم بالجبر

السؤال :
إذا علم الله عدم شيء هل يمكن وجوده ؟ وإذا كان هذا العدم واجبا هل يكون قضاء من الله تعالى ؟ وهل يكون التكليف به تكليفا بالعدم ؟ وهل يكون التكليف بالعدم جبراً ؟
الجواب :
مستحيل الوجود على نوعين : أحدهما مستحيل لذاته كانقلاب الحقائق وهذا النوع لا يتعلق به التكليف أصلا . والنوع الثانى مستحيل لأمر خارج عن ذاته وهو علم الله بعدمه، مثل إيمان أبي جهل وإيمان فرعون وأشباههما ممن علم الله أنه لا يؤمن فالإيمان من هؤلاء ممكن في ذاته لكنه مستحيل لعلم الله فيهم أنهم لا يؤمنون، والتكليف بهذا أمكن بل أوقع وليس هو بجبر على الكفر، لأن علم الله تعالى لا يجبر أحدا على شيء غير أن الجهل منتف عنه سبحانه وتعالى فهو يعلم جميع الاشياء علما تاما، وقد كلف الناس بما يطيقون وعلم المؤمن منهم، والكافر إنما اختار الكفر من تلقاء نفسه لا بجبر من الله والله قد علم أنه سيختار الكفر وعلمه بذلك ليس بجبر، فافهم المعنى والمقام ضيق وفيه زلت أقدام كثير من الناس والله المستعان وبيد الله التوفيق . والله أعلم .

الولاية والبراءة سرًّا لا علنا للاختلاف

السؤال :
الباعث لمعرفة البحث عما أشكل علينا من أمر المختلفين في رجل قتل رجلاً فقالت فرقة من العلماء إن القاتل قتله بحق وادعوا له صفة تجوز، مثلا أن المقتول بغى على القاتل أو قتل وليّا له أن يقتله به ونحن نصوبه على ذلك، وقا آخرون من العلماء إن القاتل قتل ظلما بغير حق ونحن لا نصوبه على فعله هذا وإنما قدم عليه بباطل وانبهم أمر القاتل والمقتول على بقية العلماء فما منزلة هؤلاء العلماء المصوبين له في فعله والمخطئين له على قتله وكل يدّعى صفة تجوز له القول بذلك، ما منزلتهم في أحكام الولاية والبراءة فيما بينهم أنفسهم دون الجهر عن بقية العلماء الذين لم يشاهدوا الحدث من هؤلاء المختلفين، لأن دعوى الفرقتين متضادة . أيبرأ الفريق المحق عند نفسه من الفريق المبطل في هذه الدعوى سريرة لا علانية عند أوليائهم . وإن طلب وليّ المقتول الانصاف عند الحاكم أيكون له القود بالدية أم لا قود ولا دية ؟ وهل فرق بين هذه ومسألة موسى بن موسي وراشد بن النظر والصلت بن مالك لقول فرقة من العلماء إن موسى وراشد خرجا باغين على الصلت مزيلين لإمامته هو إمام لم يعتزل عنها وهم يبرؤون من موسى وراشد، والقائلون أن موسى وراشد خرجا محتسبين لله في فعلهما ذلك وأن الصلت قد اعتزل عن الامامة وادعوا صفة جائزة لهما، أترى الفريقين يبرؤون من بعضهم بعضاً في السر لا في العلانية من غيرهم من بقية العلماء الذين لم يشاهدو الحدث لأن أمورهم متضادة، وكل من يدعى صفة توجب له صدق دعواه، لأنا علمنا من المذهب أن اختلاف هؤلاء اختلاف دعاوى لا اختلاف بدع ولا اختلاف رأي، وهم متسالمون من البراءة من بعضهم بعض عند من يعلم كعلمهم، فذلك عقائدهم في سرائرهم أنهم يتولون بعضهم بعضا أم يبرؤون فيما بينهم دون غيرهم ممن لم يعلم كعلمهم يبرؤون من بعضهم بعضاً ؟ تفضل بين لنا ذلك بيانا لا غياب عليه لأن في الأثار إجمالا وتفصيلا ففي كتاب مشارق أنوار العقول بعد كلام ما نصه : وكل واحدة من هذه الفرق تتولى الأخرى على ولاية من تولوا وبراءة من تبرؤوا لذلك الاحتمال الواقع فلم يزالوا على ذلك، وفي كتاب الاستقامة بعد كلام ما نصه : فمن أجل هذه العلل وغيرها جاز الولاية للمتظاهرين بالولاية والبراءة والوقوف حتى يعلم أنهم مبطلون وأن أحدا منهم مبطل بما يصح به باطله بما لا يحتمل له مخرج من مخارج الحق، بين لنا .
الجواب :
من ادعى في ولاية أو براءة دعوى يمكن صدقها فهو منزلته وهو أمين في دينه عند من لم يعلم أنه ادعى كذبا وباطلا فقول القائل إن فلانا قتل فلانا ظلما يحتمل صدقه عند من لم يعلم الحال، وكذلك قول ضده فالكل دعوى محتملة وكل واحدة من الطائفتين تنزل الأخرى منزلتها قبل الدعوى فليس لهؤلاء أن يبرؤوا من هؤلاء لا سرّا ولا علانية إلا إذا اطلع بعضهم على كذب بعض ولم تكن له بينة تشهد بكذبه فإنه يلزم هذا أن يبرأ في السريرة من هذا الذي علم كذبه وله أن يظهر ذلك عند غير أوليائه .
وهي شبيهة بمسألة موسى وأشد لأن اختلاف المسلمين فيهما إنما كان اختلاف دعاوى فمن تولاهما يدعى صوابهما في خروجهما ومن تبرأ منهما يدعى بغيهما على الإمام ولم تقم حجة تكذب واحدة من الدعاوى ومن وقف عنهما فإنما وقف للإشكال، هذا حكم الولاية والبراءة والوقوف في المسألتين معا .
وأما حق العباد فلا يسقط بالدعاوي بل القاتل مأخوذ بمن قتل حتى تقوم بينه عادلة على صحة ما ادعاه من جواز القتل وإنما لم يتفق المسلمون على بغي موسى ولا راشد لشبهة حصلت في ذلك وهو أن الإمام ترك النكير عليهما واعتزل بيت الإمامة ودفع إليهما العمة والخاتم وترك النكير ممن له النكير حجة عليه في حكم الظاهر ودفع الكمة والخاتم من غير حرب مقوٍ لذلك فلو أظهر الإمام النكير وطلب الدفع والمدافعة واستعان بمن أمكنه على دفعهم لانحسمت الدعوى وظهر الحق من المبطل وارتفع الاشكال وأبى الله إلا أن يكون ما كان ليقضي الله أمراً كان مفعولا . والله أعلم .

الولاية والترحم على منافق مع جهل حاله

السؤال :
عما يوجد عن بعض أهل العصر من سؤال الرحمة والمغفرة لناس ماتوا وعلامة النفاق في وجوههم، ما وجه ذلك ؟
الجواب :
لا أعرف ما عنى، فإن كان المترحم جاهلاً فلا عبرة بأفعال الجاهل وإن كان عالما فلعله لم يعرف مِن وليه ما عرفت وكل مخصوص بعلمه وإن اعترف بنفاق الرجل ومع ذلك فهو يستغفر له فهذا منافق مثله
{ ومن يتولهم منكم فإنه منهم }
(1) والله أعلم .

الاغراء على الإسلام بالزواج إن أسلمت

السؤال :
من يسافرون إلى البر إذا احتاجوا إلى نساء واعدوا نساء مشركات بالتزويج إذا أسلمن، وإذا امرأة ترغب في ذلك الزوج أسلمت وتزوجها وهل حكم هذه الآية باق أو منسوخ { إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات
فامتحنوهن }
(1) وفي الظن لو لم يواعدها بالتزويج لما أسلمت .

الجواب :
له أن يحتال على إسلامها بالمواعدة وغيرها من الأحوال الجائزة، وذلك من الدعوة إلى الإسلام ومن النصيحة للخلق وله بعد إسلامها أن يتزوجها، وليست الآية في هذا المعنى وإنما هي في المهاجرات اللوتى هاجرن في هدنة الحديبية ولتلك الهدنة أحكام خاصة بها زالت بزوالتها، فلا بقاء لها فهي في حكم المنسوخ والله أعلم .

من نطق بالنفي في الشهادتين، وشغل عن الاثبات

السؤال :
من أراد أن يأتى بالجملة وقال " لا إله " فيتشاغل عن تمامها ولم يقل " إلا الله " ماذا ترى عليه إذا فعل ذلك من غير عذر مانع وترك تمامها تعمُّداً مثلا ؟ كإذا حدثه أحد في حال نطقه بها فآثر جواب المحدّث على تمامها ولم يرجع ليتمها فما قولك فيه هل يدخل عليه النقض في إيمانه أم لا ؟
الجواب :
في ذلك قولان : قيل يكفر بذلك لأنه نفى الإله في ظاهر لفظه، وقيل لا يكفر لأنه لم يقصد الكفر . وعلى القولين فلا يعامل بمعاملة المشركين من تحريم الزوجة ونجاسة الجسد لأنه لم يشرك قصدا وإنما أشرك خطأ . والله أعلم .

زيادة الإيمان ونقصه

السؤال :
ما في القطعة السابعة من كتاب الهميان عند تفسير قوله تعالى : { وإذا تُلِيت عليهم آياته زادتهم إيمانا }(1)فقد قال قائل إن الإيمان يزيد وينقص ورأينا في المشارق في باب الإيمان ما يخالف ذلك، تفضل أوضح لنا صحة ذلك .
الجواب :
لعلَّ مراد الشيخ بزيادة الإيمان ونقصه نفس وصفه بذلك، فإن الإيمان يقوى بقوة اليقين ويضعف بضعفه فيكون قد سمّى ضعفه نقصانا، فإن كان هذا هو المراد فلا بأس به والخلاف فيه لفظي يعنى أنه راجع إلى اللفظ .
والذى في المشارق هو المذهب الحق وعليه الأصحاب أجمع وبه قالت المعتزلة، وهو أن الإيمان يزيد وينقص والمراد بالإيمان في هذا الموضع القيام بالواجبات أجمع، والمراد بزيادته زيادة الفرائض على المكلف الواحد وذلك أن الانسان يأتي عليه حال لا يلزمه فيه إلاّ التوحيد فإذا وجد فهو مؤمن ثم يأتى عليه الحال الثاني يلزمه فيه مع التوحيد فرض الصلاة ثم يأتى عليه حال ثالث يلزمه فيه فرض الصيام ثم يلزمه فرض الزكاة ثم الحج إلى غير ذلك من الواجبات فإيمانه يزيد بزيادة الفرائض وكلما صار في مرتبة من مراتب الإيمان الواجبة لم يكن له أن ينزل عنها إلى ما دونها فهذا معنى قولهم الإيمان يزيد ولا ينقص يعنى أن الفرائض تزيد وإذا زادت فليس للعبد أن ينقص منها فإن نقص شيئا منها فليس بمؤمن بل هو كافر نعمة وهذا بإجماع ولا خلاف فيه من أحد من الأصحاب وإنما خالفت فيه الأشعرية ومن قال بقولهم وذلك أنهم أثبتوا الإيمان لم أخَلّ بالواجبات وفعل المحرمات ما دام موجب وسموه الإيمان الناقص، وأوجبوا له به دخول الجنة لزعمهم أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق، فالمسألة بهذا النظر من مسائل الدين، وليس مراد الشيخ هذا وإنما مراده المعنى الأول وهو نفس التسمية أو أنه أراد يزيد بزيادة الطاعات غير الواجبة ونقص بنقصانها وهذا أيضا لا بأس به فإن ترك النقل جائز . والله أعلم .

عدم القطع بالنار لمسلم ظالم

السؤال :
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم سؤال لعلمائنا أهل الاستقامة، ونخص جلالة سيدنا العالم العلامة عبد الله بن حميد السالمي دام مجده .

يا أيها العلماء في الأمصار

والسادة العظماء بالاقطار

ما قولكم أهل الرشاد ورأيكم

فيما بليت به من الأقدار

حلف امرؤ بطلاق زوجته ما


الحجاج قطعا إنه في النار

ماذا عليه وهل تبين بحرمة

في قوله في القطع بالإصرار

إن قلتمو بانت فما معنا كمو

ببراءة الكفار والفجار

وهو الذي سفك الدماء وقد نفى

أهل الهدى من سادة أبرار

روت الرواة ببغيه وفساده


بصحيح قول ثابت الأخبار


لو لم يكن في قتله لكفى إذا

بسعيد نجل جبير ذى الأنوار

في المؤمنين الله أنزل وحيه

بوعيد قاتلهم دخول النار

هذا دليل واضح من ربنا

أم ذاك حكم خص بالكفار

إن قلتمو هذا المقال مخصص

بالشرك قلنا كيف معنى الباري

ولقد برئتم من على ذي القفا

ر وسبطه آل النبي الأطهار

فرميتموهم بالضلال وقلتمو

هم أهل تحريف بلا انكار

ورضيتمو عن ابن ملجم الذي

جمع الكتاب مصحح الآثار

ولعنتمو آل ابن مروان الذي

منهم أبو حفص حليف الجار

هذا سؤالى لم أزل في حيرة

متعسفا من كثرة الأفكار


قسما بربي لم أكن متعرضا

لكن بليت بفتنة الأشرار


خاضوا وضلوا يخبطون بقولهم

عملوا بسنة أحمد المختار


أنّا على غير الصواب وإنهم

هم حجة في سائر الأمصار


افتوا فتى قد أوقعته ظنونه

بمقال أهل الزيغ في أخطار

ثم الصلاة على النبي وآله

أهل الهدى مع صحبة الأبرار

ما حن رعد أو تألق بارق

ليلا وغنى الطير بالأشجار

الجواب :
من حلف أن الحجاج في النار فقد حلف على غيب، ومن علق طلاقة امرأته بغيب وقع الطلاق وألغى التعليق لأن الشرط في هذا في حكم الملغى لتعذر الوقوف عليه في هذا الدنيا فكأنه قد جزم بطلاقها وله أن يراجعها فلا تبين بحرمة بل بطلاق واحد .
وقولنا بعدم القطع بالغيب لا يخالف الوعيد القاطع في عذاب من قتل مؤمنا وكذلك لا ينافى الوعيد في عذاب مطلق الفسقة ولا المشركين لأن الوعيد الوارد في ذلك إنما ورد على عموم الصفة فليس لنا أن نقطع به في شخص بعينه إلا بقيد نعتقده وهو قولنا إن كان لم يتب لأن باب التوبة مفتوح وقد جاءت بقبول التوبة الأدلة القاطعة، فعدم قطعنا بشخص واحد أنه في النار مأخوذ من مجموع أدلة الوعيد وأدلة التوبة وإن كان في الظاهر لم يتب فيمكن في علم الله أنه تاب من حيث لا نعلم نحن فنبرأ منه من حيث إنه قد اقترف المعاصى ولم نعلم أنه تاب منها، ولا نقطع بكونه في النار من غير شرط لاحتمال أن يكون قد تاب عند الله .
فالحكم بالبراءة إنما يكون على حكم الظاهر والقطع بدخوله النار يشترط أن يكون عن تعاطى علم الغيب الذي استأثر الله به فلا يظهر على غيبه أحد إلا من ارتضى من رسول فقد عملنا في البراءة منه بحكم الله الذي أوجبه علينا في البراءة من المصرين المحادين في حكم الظاهر، ولم نتعاط فيه الغيب إذ ليس ذلك إلينا وإنما هو إلى عالم السر والنجوى فأهل الأحداث المضلة في عصر الصحابة ومن بعدهم من قبلهم إنما نبرأ فهم بسبب ما أحدثوا من المعاصى التى أوجب ربنا تعالى مفارقتهم عليها والبراءة منهم بسببها ولا نقطع أنهم في النار إلا إذا كانوا قد ماتوا على ما علمناه منهم في حكم الظاهر فنحن نبرأ منهم بموجب حكم الله ونتأدب عن القطع في الغيب بموجب حكم الله .
والبراءة حكم من أحكام الله ولا تنافى دخول الجنة لمن تاب فإن الحد قد يقام على الشخص وهو في علم الله أنه من أهل الجنة، فمن قطع يده بحكم الله لا يكون مخالفا ولا مضيعا بل قائم فيه ومؤد فيه فرضه الذي أوجبه الله عليه . والله أعلم .

كفر من تشاءم بالقرآن

السؤال :
هل يجوز التشاؤم بشيء من القرآن ؟ وما منزلة المتشائم بشيء منه عند المسلمين ؟
الجواب :
التشاؤم بالقرآن أو ببعض القرآن كبيرة، بل كفر بل شرك، لا أراه إلا قد عادى القرآن وتطيّر به، فهو تبع لإخوانه القائلين : { قالوا اطّيرنا بك وبمن معك }(1) وهذه خدعة من خدع ابليس ومكيدة عظيمة من مكايده نسأل الله العافية والله أعلم .

التحذير من تعظيم غير الله كعظيم النافع الضار

السؤال :
المعظمون لأمكنة مخصوصة عندهم كشجرة وينذرون لها ويقولون تضر وتنفع وتبلى وتشفع، ما حكمهم عند المسلمين إذا أصروا على ذلك ؟ وهل يضر الزوجين سير أحدهما إلى هذه المواضع والتعظيم لها أو سار كلاهما ؟ وهل تحرم الذبيحة التى تذبح لها والطعام والمصنوع لذلك ؟
الجواب :
لا نافع ولا ضار إلا الله، فمن عظم شجرة أو عينا أو قبرا ومسجدا ونحوها تعظيم النافع الضار فهو عابد صنم قد خرج عن الإسلام إلى الكفر، وحكمه حكم عبدة الأصنام إن لم يتب وما أشركت الجاهلية إلا بمثل ذلك كانوا يعظمون الحجارة ومنهم من يعظم النار كالمجوس واعتقدوا أن ذلك نافع وضار ومنهم من اعترف أن الأصنام لا تنفع ولا تضر ولكن قالوا نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى فهم يعبدون الأصنام ويعتقدون أنها غير نافعة من ذاتها إلا أنهم يرجون القرب بها من الله فلم ينفعهم ذلك وحكم عليهم القرآن بحكم الشرك وكذلك حكم عليهم نبي الله "، ومرّ رسول الله " على شجرة تذبح لها الجاهلية وتعلق فيها جلود الذبائح كما تفعل بعض الجهلة اليوم ويسمون تلك الشجرة ذات أنواط فلما رآها المسلمون قال بعض من لا علم له منهم يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فكبر ذلك على رسول الله " وأغلظ القول في انكاره وقال : لتسلكن سنن من كان قبلكم حتى أنهم لو دخلوا حجر ضَبّ لدخلتموه يشير بذلك إلى قصة بنى اسرائيل حين مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم فقالوا يا موسى اجعل لنا إلَها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون، وما ذبح على هذا الحال فهو كالذي ذبح على النصب وهو الذي أهل به لغير الله وذلك فِسق والله أعلم .

ترك العبادات وارتكاب المحرمات اعتقاداً أو عملا

السؤال :
قوم لا يقرؤون القرآن ولا يصومون رمضان ولا يصلون ويأكلون الربا وهم الخوجة ما تقول في طعامهم حلال أم لا ؟

الجواب :
لا أعرف هؤلاء القوم، فإن كانوا قد تركوا هذه الأشياء زعماً منهم أنها غير واجبة فهم مشركون، ورطوباتهم نجسة، وذبائحهم حرام، وإن كانوا يعتقدون لزوم ذلك وإنما يتركونه انتهاكا فإنهم فساق وحكمهم حكم فساق الأمة وبعض المسلمين شرّكهم حتى على هذا الوصف والله أعلم .

الفرق بين الإرادة والمشيئة

السؤال :
الفرق بين الإرادة والمشيئة فإنى لم يتقرر معى الفرق بينهما وما ذاك إلا لسوء الفهم ارقب الجواب .
الجواب :
أما بحسب اللغة فيستعمل كل منهما مقام الآخر، وأما بحسب استعمال الشرع، فإن المشيئة تستعمل في إيجاد المعدوم أو إعدام الموجود، والإرادة تستعمل في إيجاد المعدوم فالمشيئة أعم من وجه من الإرداة . ومن تتبع مواضع استعمالات المشيئة والإرادة في القرآن يعلم ذلك والله أعلم .

لا يقطع بالجنة إلا لمعصوم

السؤال :
قول أبى عيسى للعجوز هل توليت أبا حسن ؟ قالت نعم قال هل تدعين له بالجنة ؟ قالت نعم قال هل تدعين له أن يشاركك معه في المنزل في الجنة ؟ قالت نعم قال لها توبي إلى الله ليس للعبد أن يدعو بالمشاركة إلا مع المعصوم، نقول ما الفرق بين المعصوم وغيره في هذه المسألة والكل دعاء بالجنة وكذلك هي غير معصومة .
الجواب :
لعلّ لأبي عيسى في ذلك من العلم ما ليس لنا فإن باب العلم النقل الصحيح ولم أطلع على نقل يمنعه من غير المعصوم والقياس يسوى بينهما، وإن كان قد لاحظ ما في علم الله من إمكان شقاوة المدعى له فيستلزم ذلك الدعاء بالمشاركة في منزلته فإنا نقول إن ذلك غير مراد للداعى . والتقييد بالجنة ناف للاحتمال { والله يعلم المفسد من المصلح }(1) ولعلَّ أبا عيسى لاحظ أن الدعاء بذلك يستلزم القطع بالجنة ولا يكون القطع بها إلا لمعصوم ونحن نقول لا يستلزم القطع وإنما هو طلب لها وله والله أعلم .


معلوماته تعالى متناهية أم لا

السؤال :
ما قولك في معلومات الله أمتناهية هى أم غير متناهية ؟ فإن قلت متناهية تنافي علمه تعالى وإن قلت غير متناهية لزم إحاطة علمه بجميعها وكلا اللازمين باطل .
الجواب :
إن معلومات الله منها ما هو متناه وهو ما عدا ذاته تعالى، ومنها ما هو غير متناه وهو ذاته تعالى لأنها من جملة معلوماته . وما ذكرته من لزوم تناهي علمه تعالى بتناهى معلوماته فهو غير مسلم لأن ذلك اللزوم إنما يتوجه عليه أن لو كان عالماً بغير ذاته، والمذهب أنه عالم بذاته لا بعلم يتعلق بالمعلوم يتناهى بتناهيه وقد قرر بيان فساده في فنه . ولزوم إحاطة علمه بجميع معلوماته غير باطل بل هو الواجب في حقه تعالى إنه أحاط بكل شيء علما .
لا يقال على هذا يلزم أن تكون ذات الله تعالى محاطا بها والمحاط به متناه ضرورة، لأنا نقول إن الإحاطة التى يلزم عليها التناهي هي الإحاطة الحقيقية كإحاطة الحائط بالدار وأما إحاطة العلم بالمعلوم فلا يلزم عليها تناه لأنها مجاز استعاريّ شبه العلم بالشيء الحائط على ما احتوى عليه، بجامع أن كلا منهما لا يشذ عنه شيء مما أحاط به فالعالم لا يغرب عنه شيء من معلوماته، كما أن الحائط لا يخرج عنه شيء مما احتوى عليه . وفائدة التجوز التنبيه على أن علم الله لا يغرب عنه شيء وفائدته أيضا تقرير ذلك المعنى في عقول الناس حيث شبه بما شاهدته الحواس والله أعلم .
واعترض عليه بأنه قد يقال إنك جعلت الجنة والنار متناهيتين وقد أخبر الشارع عن بقائهما فإن كنت قد عنيت أنهما متناهيتان عقلاً فلا حكم للعقل مع ورود الشرع . ويجاب عنه : نعم انهما متناهيتان عقلا كغيرهما من سائر المخلوقات وإخبار الشارع عن بقائهما على الأبد لا ينقلهما عن حكمها العقلى، بيانه أن جميع المخلوقات قابل للتناهي في نفسه لكن منهم ما استحال تناهيه لإرادة الله له عدم التناهي وهما الجنة والنار وأهلوهما، ومنها ما بقى على أصله الأول من جواز التناهى وليس هذا محل ما قالوه : لا حكم العقل مع ورود الشرع، وتقسيمنا الأول منسحب على المتناهيات من حيث ذاتها والله أعلم .
ويجاب أيضا عن هذا الاعتراض بأننا لا نسلم أن الجنة والنار غير متناهيتين وقد وصفتا بالطول والعرض ووصف أهلوهما بذلك أيضا، وهذا هو عين التناهى، واخبار الشارع عن دوامهما وخلودهما لا يفيد عدم تناهيهما وإنما يفيد بقاءهما وبقاء ما فيهما وهو معنى عارض عليهما وعلى ما فيهما قابل للتناهى عقلا، وأيضا لو لم يخبر الشارع بعدم تناهيه فلا يشذ عن تقسيمنا شيء أصلا لدخول هذا المعنى تحت المتناهى عقلا بحسب ذاته، وعدم التناهى بعارض عليه وهو تأثير إرادة الله فيه عدم التناهى فيقال في مثل هذا متناه عقله غير متناه شرعا فيبقى حكم العقل فيه بحسب ذاته على ما كان كما رأيت .
وبهذا تعرف أنه ليس هذا محل لا حكم للعقل مع ورود الشرع، وإنما محله هو فيما إذا قدرنا إنسانا مكلفا لم تبلغه الحجة الشرعية في تحليل الأشياء وتحريمها فعليه عند المحكمين للعقل أن يفعل ما حسن في عقله ويترك ما قبح، فإذا ورد الشرع بتحسين ما استقبحه أو تقبيح ما استحسنه رجع إليه وترك حكم عقله والله أعلم .
تسمية مرتكب الكبيرة منافقا

السؤال :
ما تقول يا شيخنا في قول أصحابنا إن فاعل الكبيرة غير كبيرة الشرك منافق وقد قال الله تعالى { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار }(1) ؟ فالمفهوم من هذا أن فاعل الكبيرة أشد عذابا من المشرك مع أنه لا كبيرة فوق الشرك، ومن مذهبهم أن العذاب على قدر الأعمال وكثير ما يرد في الأحاديث أن من فعل كذا وكذا حشر مع فرعون وهامان والفعل كبيرة لا شرك، تفضل ببيان ذلك .


الجواب :
إن تسميتهم صاحب الكبيرة بالمنافق اصطلاح منهم على ذلك، فالمنافق عندهم صنفان أحدهما أظهر الإيمان وأخفى الشرك والثاني أظهر الايمان وطابقه اعتقاده لكنه نقض ما أقر به، فالآية خاصة بأهل الصنف الأول وإنما كان أهل ذلك الصنف أشد عذابا من المشركين لأنهم زادوا على الشرك بمخادعة المؤمنين في إظهارهم الإيمان وهم كاذبون .
لا يقال : إن هذا الاصطلاح ممنوع لا يهامه أنه حقيقة شرعية لأنا نقول : إنه لا يتوهم ذلك إلا من لم يطلع على قواعدهم التي مهدوها وليس في الاصطلاح مشاحة، ولو لم يكن لهم فيه اصطلاح لقلنا إنه مجاز مشهور في صاحب الكبيرة علاقته التشبيه وذلك أن كل واحد، من يخفى الشرك وصاحب الكبيرة، ناقض ما أقر به في الجملة وذلك النقض هو في مخفى الشرك أشد فصح استعارته لصاحب الكبيرة .
وعلى هذا المجاز المشهور يحمل ما ورد في الأحاديث من إطلاق اسم المنافق على من نقض ما أقر به بفعل الكبيرة غير الشرك ولك أن تقول ان اسم المنافق حقيقة شرعية فيمن أخفى الشرك وأظهر الإيمان وفيمن نقض ما أقر به بفسق فيكون مشتركا بينهما، وتحمله في الآية على أول المعنيين بقرينة أن صاحب الكبيرة ليس بأشد عذاباً من المشترك وإنما قدمنا التوجيه الأول تنبيها على أن المجاز أولى من الاشتراك فيدفع أعني الاشتراك ما أمكن وما ورد أن فاعل نوع من الكبيرة يُحشر مع فرعون وهامان فهو مبالغة فائدتها تهويل الأمر وتعظيم المعصية وزجر النفوس عن طبعها الردى، وصدق ذلك أنه يحشر مع فرعون وهامان في النار لا في منازلهم منها، فالابهام للنكتة المذكورة والله أعلم هذا ما ظهر لي فلينظر فيه ولايؤخذ إلا بعدله والسلام والله أعلم .

اثبات صفة الوجود في الخارج لله تعالى

السؤال :
هل يجوز أن يقال إن الله موجود في الخارج أم لا ؟
الجواب :
يجوز أن يقال ذلك لأن الوجود في الخارج هو عبارة عن الوجود في نفس الأمر، ولا شك أن الله موجود وجودا واجبا لذاته والله أعلم .

الدعاء بالرحمة لغير المتولى

السؤال :
هل يجوز أن يسلم على غير المتولى حتى يصل إلى ورحمة الله وبركاته أو يرد عليه السلام كذلك إذا لم ينو بالرحمة والبركات إلا الدنيوية .

الجواب :
ذكر صاحب القواعد رحمه الله في جواز الدعاء بخير الدنيا لغير المتولى خلافا، والوجه عندى التفصيل فإن كان غير المتولى عدواً للمسلمين قد أباح الشرع سفك دمه وتضييع ماله فهذا لا يجوز أن يدعى له بخير الدنيا لأن في الدعاء له بذلك مخالفة لما أمر الشرع به، فالواجب على كل مكلف بلغه علمه أن ينكر وأن يسعى في إتلافه إن قدر علىذلك وإن لم يقدر فالواجب عليه أن لا يحبّ بقاءه، فأين محل جواز الدعاء له بخير الدنيا ؟ وان كان غير عدو للمسلمين في ظاهر الأمر وإنما هو مجهول الحال مثلا فيصح القول بجواز الدعاء بخير الدنيا لمثل هذا، فيدخل في ذلك جواز الدعاء بالرحمة والبركات الدنيويين والله أعلم فلينظر فيه ولا يؤخذ إلا بعدله .

التأمين على دعاء غير المتولى

السؤال :
هل يجوز أن يؤمن علىدعاء غير المتولى إذا دعا المتولى أو دعا لنفسه بما يجوز أن يدعى به لغير المتولى أم لا ؟

الجواب :
نعم يجوز ذلك إذ ليس في التأمين إلا طلب الإجابة من الله تعالى لدعاء الداعي، والإجابة ليست هى القبول حتى يمنع من طلبها لغير الولى بيان الفرق بينهما أن إجابة الدعاء من الله تعالى هي فعل الله للعبد ما طلبه إياه والقبول اثابته تعالى للعبد في الآخرة على عمله، والممنوع طلب القبول لغير الولى لا طلب إعطاء الله العبد ما هو من الأمور العاجلة والله أعلم فلينظر فيه ولا يؤخذ إلا بعدله والله أعلم .

قصيدة ابن النظر بتضليل القائل بخلق القرآن

السؤال :
ما تقول شيخنا في النونية التى أولها :

يامن يقول بفطرة القرآن


جهلا ويثبت خلقه بلسان

فإنها قد اشتهرت إنها عن الشيخ ابن النظر، وأنت خبير بأن فيها التصريح بتضليل من قال إن القرآن مخلوق، وفيها التصريح بتكذيبه وتخطئته إلى غير ذلك من التشنيع، فهل يجوز لأحد أن يخطئ من خالفه برأي أم لا وتكون هذه ضلالة لا تصح ولاية ابن النظر معها ؟ ومن تولى الشيخ ابن النظر مع صحة تلك النونية عنه فما حكمه ؟ فضلا منك برفع الحجاب عن واضح الصواب مأجورا إن شاء الله تعالى .
الجواب :
والله الهادى إلى طريق الصواب، لا يحل لأحد أن يضلل من خالفه برأى، ومن فعل ذلك فهو ضال منافق لقوله " : أيما امرءا قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه وفي تلك النونية ما ذكرته من التضليل والتفسيق فعلى تقدير صحتها عن الإمام ابن النظر تلزم البراءة منه حاشاه من ذلك، ومن تولاه مع علمه بأن تلك النونية عنه ولم يعلم بأنه تاب منها ورجع عنها فهو ضال منافق لقوله تعالى { ومن يتولهم منكم فإنه منهم }(1)وقوله " : " من أحب قوماً فهو منهم " .
لكن ليست تلك النونية عن ذلك الإمام رحمه الله تعالى وإن اشتهرت أنها عنه، فتلك الشهرة إنما هى شهرة دعوى لا شهرة حق لاحتمال أن يكون منشؤها أحاديا ولا دليل على أنه ليس بأحادي كيف تكون شهرة حق ما كان مستندها إلا نسخة ثم انتشرت هذا الانتشار، وعدم النكير من المسلمين لا يزيدها صحة لاحتمال أن يكون سكوتهم عن عدم اطلاع منشئها على تقدير أن منشأها حق فلا يصح قبوله من واحد لما فيها من موجب التكفير لقائلها، بل يشترط في قبولها أحد الطرق الأربعة التى تنادى بها موجب البراءة، وهي : المشاهدة والإقرار وشهادة العدلين وشهرة الحق وما عدا هذه الأربعة الطرق لا يصح قبول موجب البراءة منه واحتزوا بشهرة الحق عن شهرة الدعوى وضربوا لذلك مثلا بشهرة الشيعة بالبراءة من الصديق والفاروق نحوهما فهذه النونية عن ابن النظر من الشهرة التى خرجت عن تلك الطرق الأربعة . هذا ما ظهر لي والله أعلم والسلام عليك ورحمة الله والله أعلم .

العمل بقصد الجاه، والاخبار عن العمل للاقتداء

السؤال :
من قصد بإيمانه وعمله من الطاعات أن يوسع الله جاهه ونشر فضله في الدنيا وأن يقويه وينصره على أعدائه وأن يثيبه على هذا وغيره من صالح أعماله في الآخرة، هل يقدح في إيمانه شيئا ؟ وهل يكون عمله خالصا على ذلك ؟ أفتنا مأجور إن شاء الله .
الجواب :
قد سألت شيخنا عن هذه المسألة فأجاب بأن العمل لله ولغرض آخر لا يجوز لأنه من باب الإشراك مع الله في العمل وهو الرياء المحرم . لكن يجوز أن يعمل لله مخلصا ثم يظهر ذلك العمل لتكون له المنزلة عند المسلمين فيدعوا له بخير وعند العوام ليقتدوا به فيكون قائدهم إلى ربهم وطلب الجاه والمنزلة عن المسلمين إذا لم يكن القصد الثناء والسمعة جائز وحاصل ما أجاب به أن فعل الطاعة لقصد الجاه والثواب حرام، وأن إظهارها بعد أن عملت خالصة لوجه الله جائز إذا قصد بإطهارها شيء من الأمور المتقدم ذكرها وهو عندي صواب لاغبار عليه والله أعلم فلينظر فيه ولا يؤخذ إلا بعدله والله أعلم .

مسألة المقتول ميت بأجله

السؤال :
المقتول ميت بأجله أو بغير أجله هل مسألة من باب الدين أم من باب الرأي وما الحجة في ذلك ؟
الجواب :
إن المقتول ميت بأجله الذى قدره الله عندنا وعند الأشعرية، ودليلنا على ذلك قوله تعالى { ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون }(1) وقوله تعالى { فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون }(2) فدلت هاتان الآيتان على أن الأجل لا يسبق ولا يستأخر فوجب أن يكون المقتول ميتا بأجله . وخالفت في ذلك المعتزلة فمنهم من ذهب إلى أن للمقتول أجلين وأنه لو لم يقتل لبقى إلى الأجل الثاني ومنهم من ذهب إلى أن له أجل واحد وأن القاتل قطعه عليه فمات قبله واحتج الفريقان بحجج لا طائل تحتها قد ذكرناها مع الجواب عليها في المشارق .
وأما قولك هل هذه المسألة من باب الدين أو الرأي ؟ فاعلم أنه إن أرادوا أن لهذا المقتول في علم الله أجلاً فمات قبل ما في علم الله تعالى فهى من باب الدين، لأنه يلزم عليه نسبة الجهل لله تعالى عن ذلك، وكذا إن أردوا أن الله قد أراد أن يموت هذا المقتول في أجل غير الأجل الذي قتل فيه لما يلزم عليه من نسبة العجز والإكراه لله عز وجل . أما إن أرادوا أن الله قد علم موت هذا المقتول في هذا الأجل وأراده فلا يلزم عليه تفسيق لكن يكون قولهم بأنه ميت قبل أجله خطأ لعدم الدليل عليه، وإنما قلت لا يلزم عليه تفسيق مع ورود الآية بخلافه لاحتمال أن يتأولوا الآيات لأنها محتملة للتأويل والله أعلم فلينظر فيه ولا يؤخذ إلا بعدله . والله أعلم .

الوسوسة في مسائل العقيدة

السؤال :
من يأتيه الشيطان بوسوسة في سَبّ الإله وشتمه وهو يردها بالآيات الباهرة { لا تدركه الأبصار }(1) و{ ليس كمثله شيء }(2) و{ تعالى عمَّا يقولون عُلُوَّا كبيرا }(3) ومع ذلك يودّ أن يكون ترابا لا يعقل شيئا وهذا الرجل لا يثبت لله ما لا يثبته الله ولا ينفى عن الله ما أثبته الله لنفسه ماذا عليه من هذا أيهلك بها أم لا ؟
الجواب :
ليس عليه من هذا شيء ولا يهلك بذلك لأنه فعل بمرافعته تلك الوسوسة ما يجب عليه، وهو باعتقاده الحق في حق مولاه سالم، والذي أحبه لهذا المبتلى أن لا يغرق النظر في مثل هذه الأمور لشدها خطرها وأن يتناسى ذلك فإني أرجو أن يكون في تناسيه شفاء من دائه والله أعلم .

الخلاف في مسألة خلق القرآن

السؤال :
عرض عليه جواب مسألة عن شيخنا أحمد بن شيخنا سعيد بن خلفان الخليلى ونصها مسألة عن الاختلاف الموجود في آثار الأصحاب في خلق القرآن هل هو اختلاف رأي أم دين وما الحق فيها ؟ قال : " الله أعلم، وأنا ضعيف عن الخوض في هذه المسائل مخافة الغرق في بحارها بالتغلغل في تيارها إلا ما وجدناه خصوصاً عن أهل العلم منصوصاً فإن كان ولا بد من التشبث بأذيالها فأقول :
أما المسألة المسماة بمسألة خلق القرآن والاختلاف فيها فليس الاختلاف الموجود في آثار الأصحاب في خلق هذه الألفاظ الملفوظة والحروف الملحوظة وإن جرى الاصطلاح بتسميتها بمسألة خلق القرآن فلا مشاحة في الاصطلاح فإن ذلك لم يقل بعدم خلقه أحد من الموافقين والمخالفين فيما علمنا إلا بعض الحنابلة والمخالف في ذلك مقطوع العذر لجعله المخلوق غير مخلوق، وقد نزل في القرآن وصفه بصفات الحدوث من كونه منزلا ومحدثا وفي صدور الذين أوتوا العلم ونحو ذلك مما وصفه الله به، فالقائل بعدم خلقه واصف له بغير ما وصفه به الله من صفات الحدث هالك في دين الله، ولهذا ذهب بعض العصريين كالشيخ الضرير السالمى إلى أن المخالف في هذه المسئلة مقطوع العذر وهى مسألة دين على معنى قوله، ونفى عن الشيخ ابن النظر أن تكون القصيدة النونية المنسوبة عنه في ديوانه ان تكون عنه نظرا إلى هذا، وأما ما وراء ذلك من علم الله فهو الذي وقع الخلاف فيه، فالمذهب أن علم الله الذي هو القرآن أنزله بعلمه كما قال تعالى أي بعلمه الذي هو صفة ذاته ولهذا قال والدنا رحمه الله على أثر كلام الشيخ السماحى ما نص لفظه : " قد تأملت ما أورده الشيخ سعيد بن قاسم في مباحث خلق القرآن من الاحتجاج، فعلمت أنه على صراط مستقيم لا زيغ فيه ولا اعوجاج، وقد اكتفينا عن الإعادة، بما فيه الإفادة، لأنه قد جاء بالحسنى وزيادة، وبالجملة فلم نر فيما تعلق به المختلفون إلا شبها لفظية لا تصلح لتقويم البراهين، فأنّى يصح أن نأتيه بها على غير دليل واضح مستبين، وإنما ارتبك فيها بعض الأكابر كالشيخ ابن النظر ومن في طبقته من الأقدمين فتداولتها الآثار وملئت فيها الاسفار وعدّت في زمانهم مسألة رأي لا دين، وما ذلك إلا لظهور النزاع وعدم تأتي الاجماع في كل حين، وعلى كل حال من عرف الحق وأبصر الصدق أن يأخذ بالعدل تاركا للهزل فإنه من غير ما لبس ولا مين، عين فرض له على الأصح وفرض عين، وإنما عد اختلافا كما شاع في مثله من المسائل الخلافية كالقول بطهارة دم الباغى في الآثار المغربية وتحريم قهوة البن في الآثار المشرقية، وقد اثبت رأيا ورسماً على ما لهما من وهن في البرهان، ووضوح الحق في خلافهما للعيان، وفي أقوال السلف من الصحابة والخلف من نظر هذا من النوازل الفقهية ما لا يحصى عدده ولا يكاد يحصر حده وكفى به عن الإطالة والله أعلم " انتهى كلامه .
فانظر كلام والدنا رحمه الله فإنه جعل الشيخ ابن النظر من القائلين بعدم خلق القرآن ولم ينف عنه ما ورد عنه وعن غيره من بعض الأكابر فالأقرب ما أشرنا إليه في كلام الشيخ العلامة أبي سعيد رحمه الله ايماء إلى طرف من هذا كما هو موجود في جزء بيان الشرع وغيره والله أعلم .
قال انظر أيها الأخ عيسى في هذا الكلام فإنه هو زبدة الجواب الذي أجبت به الغينى وطلبته مني فما ساعد القدر باسعافك به حينئذ فاعرضه على شيخنا الضرير وأنا راجع إلى الله عن كل ما خالف الحق فيه خصوصاً، وفي جميع كلامي عموماً، وتائب إليه مما لا يرضاه مني قولا وعملا ونية، وقولى قول المسلمين ومعترف بجهلى وحيرتى وعدم أهليتى للفتوى وجوابه أرجوه منك فيما يراه فيه وعليك السلام من أخيك البليد أحمد بن سعيد الخليلى بيده .
الجواب :
ليس الخلاف الموجود في الآثر المعروف بمسألة خلق القرآن في علم الله تعالى إذ لم يقل أحد من أمة محمد " بأن علم الله مخلوق حتى يكون الخلاف في ذلك وإنما الخلاف في خلق القرآن المنزل .
فمنهم من قال بخلقه نظرا إلى صفاته اللازمة للحدوث من كونه منزلا ومتلوا مجعولا ومحدثا وأنه مركب من حروف ملفوظة ومعان ملحوظة إلى غير ذلك .
ومنهم من زعم قدمه نظرا إلى أنه كلام الله وكلام الله قديم وأنه علم الله وعلم الله قديم إلى غير ذلك من الشبه الواهية التي يخجل الواقف عليها من النظر إليها فإنه وإن كان كلام الله قديما وعلمه تعالى قديما فليس القرآن من الكلام القديم وإنما هو من الكلام الفعلى واطلاق العلم عليه مجاز فهو علم الله بمعنى معلومه ومنه ما في حديث العلم لما خلقه الله تعالى قال له اكتب علمي في خلقي أي معلومى .
ولما كان القدماء يعلمون من بعضهم بعضا أنهم لا يريدون اثبات قديم غير القديم الواحد توقف بعضهم من قطع العذر في المسألة لعلمه أن الخلاف لفظي وتشجع آخرون فتبروا من القائل بأن القرآن قديم عملا بظاهر اللفظ فتناقلت الأسفار آثارهم وعميت على المتأخرين أخبارهم فوجد القولان في الآثر فاشكلا على العوام، ولعمرى أن في بقائها على أشكالها لخطراً عظيماً لأنه يفضي إلى اعتقاد العامة أن هذا القرآن المتلو قديم فكان توضيحها فرضاً على القادر على بيان الحق فيها .
وأما النونية المنسوبة لابن النظر فقد أنكر نسبتها إليه بعض من كان قبلى ولم تصح بالبينة أنها عن ابن النظر ولا يخفى ما فيها من قبيح الكفر ولا يصح أن ينسب إلى مسلم شيء من الكفر إلا بصحة شرعية فإن نسبة الكفر إلى المسلم بغير صحة شرعية بهتان فلذلك أنكرت نسبة النونية إلى ابن النظر مع أنها مخالفة لكلامه في ميميته ورائيته . والله أعلم .

المقتول ميت بأجله

السؤال :
عما ذكره في المشارق بناء على مسألة الآجال التى مضى البحث فيها تخريجا لمسائل المعتزلة على وجه حق أنه قد يكون للمقتول أجلان أجل يقتل فيه وأجل يموت فيه حتف أنفه وقد مر البحث في تصويرها أليست هذه المسألة هى عين المسألة الممحوة منه أم ثم فرق تفضل بالجواب .
الجواب :
تعذر حمل قول المعتزلة على الصواب في تلك المسألة لأن قولهم فيها ناشىء عن اعتقادهم الفاسد في الإراده حيث زعموا أن الله لم يرد جميع ما يقع من الإنسان فلزمهم أن يعصي باستكراه والقاتل العاصى عندهم لم يرد الله قتله فهو قد فعل خلاف ما أراد الله في زعمهم، تعالى الله وكون المقتول له أجلان أجل يعيش إليه إن لم يقتل وآخر يموت فيه إن قتل وقد علم الله أن الواقع أحد الأريين بشبه الأرواق المقدرة على الأسباب فهى دون مسألة اللوح لأن المشكل هنالك كتابة شيء على الأطلاق فيظهر تقييده وليس في هذه المسألة شيء من ذلك فهي تقديرات مسببة إن صح القول بذلك ولا حاجة إلى القول به قالوا اجب امعان النظر في معانى الكتاب والسنة دون معاني القدر ولا بد للشباب من غره نسأل الله أن يكفينا وإياكم شرها والله أعلم .

عدم القطع بالنار لمسلم ظالم

السؤال :
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم سؤال لعلمائنا أهل الاستقامة، ونخص جلالة سيدنا العالم العلامة عبد الله بن حميد السالمي دام مجده .

يا أيها العلماء في الأمصار

والسادة العظماء بالاقطار

ما قولكم أهل الرشاد ورأيكم

فيما بليت به من الأقدار

حلف امرؤ بطلاق زوجته ما


الحجاج قطعا إنه في النار

ماذا عليه وهل تبين بحرمة

في قوله في القطع بالإصرار

إن قلتمو بانت فما معنا كمو

ببراءة الكفار والفجار

وهو الذي سفك الدماء وقد نفى

أهل الهدى من سادة أبرار

روت الرواة ببغيه وفساده


بصحيح قول ثابت الأخبار

لو لم يكن في قتله لكفى إذا

بسعيد نجل جبير ذى الأنوار

في المؤمنين الله أنزل وحيه

بوعيد قاتلهم دخول النار


هذا دليل واضح من ربنا

أم ذاك حكم خص بالكفار

إن قلتمو هذا المقال مخصص

بالشرك قلنا كيف معنى الباري

ولقد برئتم من على ذي القفا

ر وسبطه آل النبي الأطهار

فرميتموهم بالضلال وقلتمو

هم أهل تحريف بلا انكار

ورضيتمو عن ابن ملجم الذي

جمع الكتاب مصحح الآثار

ولعنتمو آل ابن مروان الذي

منهم أبو حفص حليف الجار

هذا سؤالى لم أزل في حيرة

متعسفا من كثرة الأفكار


قسما بربي لم أكن متعرضا

لكن بليت بفتنة الأشرار


خاضوا وضلوا يخبطون بقولهم

عملوا بسنة أحمد المختار


أنّا على غير الصواب وإنهم

هم حجة في سائر الأمصار

افتوا فتى قد أوقعته ظنونه

بمقال أهل الزيغ في أخطار

ثم الصلاة على النبي وآله

أهل الهدى مع صحبة الأبرار



ما حن رعد أو تألق بارق

ليلا وغنى الطير بالأشجار

الجواب :
من حلف أن الحجاج في النار فقد حلف على غيب، ومن علق طلاقة امرأته بغيب وقع الطلاق وألغى التعليق لأن الشرط في هذا في حكم الملغى لتعذر الوقوف عليه في هذا الدنيا فكأنه قد جزم بطلاقها وله أن يراجعها فلا تبين بحرمة بل بطلاق واحد .
وقولنا بعدم القطع بالغيب لا يخالف الوعيد القاطع في عذاب من قتل مؤمنا وكذلك لا ينافى الوعيد في عذاب مطلق الفسقة ولا المشركين لأن الوعيد الوارد في ذلك إنما ورد على عموم الصفة فليس لنا أن نقطع به في شخص بعينه إلا بقيد نعتقده وهو قولنا إن كان لم يتب لأن باب التوبة مفتوح وقد جاءت بقبول التوبة الأدلة القاطعة، فعدم قطعنا بشخص واحد أنه في النار مأخوذ من مجموع أدلة الوعيد وأدلة التوبة وإن كان في الظاهر لم يتب فيمكن في علم الله أنه تاب من حيث لا نعلم نحن فنبرأ منه من حيث إنه قد اقترف المعاصى ولم نعلم أنه تاب منها، ولا نقطع بكونه في النار من غير شرط لاحتمال أن يكون قد تاب عند الله .
فالحكم بالبراءة إنما يكون على حكم الظاهر والقطع بدخوله النار يشترط أن يكون عن تعاطى علم الغيب الذي استأثر الله به فلا يظهر على غيبه أحد إلا من ارتضى من رسول فقد عملنا في البراءة منه بحكم الله الذي أوجبه علينا في البراءة من المصرين المحادين في حكم الظاهر، ولم نتعاط فيه الغيب إذ ليس ذلك إلينا وإنما هو إلى عالم السر والنجوى فأهل الأحداث المضلة في عصر الصحابة ومن بعدهم من قبلهم إنما نبرأ فهم بسبب ما أحدثوا من المعاصى التى أوجب ربنا تعالى مفارقتهم عليها والبراءة منهم بسببها ولا نقطع أنهم في النار إلا إذا كانوا قد ماتوا على ما علمناه منهم في حكم الظاهر فنحن نبرأ منهم بموجب حكم الله ونتأدب عن القطع في الغيب بموجب حكم الله .
والبراءة حكم من أحكام الله ولا تنافى دخول الجنة لمن تاب فإن الحد قد يقام على الشخص وهو في علم الله أنه من أهل الجنة، فمن قطع يده بحكم الله لا يكون مخالفا ولا مضيعا بل قائم فيه ومؤد فيه فرضه الذي أوجبه الله عليه .

حكم أطفال الكفار

السؤال :
أطفال أهل الشرك والفسق إذا ماتوا قبل التكليف كيف حالهم في الآخرة؟ إن قلت هم في الجنة قلنا لك ما معنى قوله تعالى { ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً }(1) وقوله تعالى { ألحقنا بهم ذريتهم }(2) ومن السنة قوله " لزوجه خديجة وقد سألته عن أولادها الصغار من غيره وقال : لو شئتي لأسمعتك ثغائهم في النار .
وإن قلت هم في النار قلنا لك ما معنى قوله تعالى { ولا تزر وازرة وزر أخرى }(1) وآية أخذ الميثاق، ومن السّنة قوله " : " كل مولود يولد على الفطرة " و" رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم " وما معنى هذا الالحاق دينا وأخرى أم أحدهما ؟ وإذا كانت أم الصبي مسلمة والأب كافراً أو العكس مَن الأولى بالالحاق ؟ تفضل أوضح لي هذه المسألة لما بها من أمور مشكلة وقضايا معضلة مأجوراً والسلام وهل فرق بين أحكام أطفال أهل الشرك وأهل الفسق أم لا .
الجواب :
جميع الأطفال عندنا في الجنة وهو المذهب المختار وإن قيل في أولاد المشركين والفساق بغير ذلك من الوقوف وغيره فهذا القول هو المذهب الصحيح لتلك الآيات وذلك الحديث اللواتي ذكرتهن .
فأما قوله تعالى { ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً }(1) فحكاية عن نبيه نوح عليه السلام قال ذلك في قومه لما رأى من حالهم بطول انتظاره لأولادهم رجاء أن يسلم منهم أحد فكلما جاءت ذرية خرجت بعد البلوغ كافرة وساروا سيرة آباؤهم فانقطع رجاء نبي الله منهم ووصفهم بالكفر والفجور لما رأى منهم بعد البلوغ وليس المراد بأنهم فجار كفار في حال الطفولية .
وأما الحديث فقد قال فيه المدقق الخليلي رحمة الله عليه أنه متأوّل إذ لم يقل أنهم في النار ولكن أبهم الجواب وعلقه بمشيئتها علماً بأنها لا تشأ ولم يصرح بشيء لئلا تكون بإذاعته تسلية للكفار تأسياً بالمولى في ترك ذكرهم . والله أعلم .

ذات الله تعالى لا يحدّها فكر

السؤال :
لا يخفى أن الحد هو المعروف الجامع المانع فيلزم من ذكره تصور المحدود، وكذلك يلزم من ذكره التعريف الذي هو اللفظ الموضوع بإزاء مفهوم اجمالي شامل له التصور بل لا بد عند ذكر اللفظ الموضوع لمعنى حصول أحد شيئين مثلا إذا قلت في تعريف النبي أنه انسان أوحى إليه بشرع فقد حصل عند ذلك هيئته في النفس من ذكر النبي وهو المعنى وحصل من ذلك اللفظ أيضاً شيء يعرفه السامع وهو المدلول عليه في الخارج .
وقد عرفوا الذات العلية بأنها حقيقته الخاصة التي لا يعلمها إلا هو ثم قالوا وغاية العلم بها أنها ذات لا كالذوات ولا شك أنّ هذا اللفظ لم يحصل به تلك المعاني المذكورة بل لم يحصل به تصور شيء أصلاً .
أفلا تحسر لنا في كشف نقاب هذه المهمة عن ساعد الهمة، فعسى أن تجد أجر ذلك غداً إن شاء الله تعالى .
الجواب :
والله الهادي، نعم يتحصل من التعريف تلك المعاني المذكورة، والرب تعالى لا يتصوره ولا يحيط به فكر، فامتنع حد ذاته لذلك .
وقولهم أن ذاته هي حقيقته الخاصة التي لا يعلمها إلا هو ليس بحد للذات العلية بل ولا رسم لها، لأن الحد كما عرفت إنما يكون بالفصل إذا كان الحد ناقصاً، وبه بعد الجنس إذا كان كاملاً، والرب تعالى لا جنس له ولا فصل، والرسم انما يكون بالخاصة إذا كان ناقصاً وبها بعد الجنس إذا كان كاملاً، والخاصة إنما هي عبارة عن عارض مختص بالنوع وذاته العلية لا تحلها الأعراض .
فظهر أن ذلك القيل ليس بحد ولا رسم للذات العلية تعالى ربنا، وإنما هو كلام معناه أن ذاته تعالى لا يعلمها إلا هو، ألا تراهم حيث أقروا بالعجز عن الادراك وقالوا غاية العلم بها أنها ذات لا كالذوات ؟ وفي هذا القدر كفاية إن كنت من أهل الدراية ومن الله العون والهداية والله أعلم .

هل تدخل الملائكة الجنة ؟

السؤال :
ما وجد في كتاب كرسى الأصول تأليف الإمام العالم سعيد بن خلفان رحمه الله تعالى في من وجبت له ولاية الحقيقة من كتاب أو سنة على من علم فيه ذلك أن يحكم له بالجنة إلا الملائكة عليهم السلام فأشكل على هذا الاستثناء، لأن الملائكة عليهم السلام قد ورد القرآن بسعادتهم في الأزل وأحكام الله في عباده لا تتبدل وعلم الله في خلقِه لا يتحول، وأنا لقلة علمي ورقاقة فهمي لا أعرف تأويل هذا الاستثناء والمراد بمراده فيه رحمة الله من المحتملات أو التفسيرات، أو أنه وضع الاستثناء موضع شيء من الحروف العطفية . تفضل بين لنا ما يذهب مشكلة ويرد عليه عقله .
الجواب :
استثناء الملائكة من الحكم بالجنة لا من الولاية وذلك أن الجنة ثواب لكل ولي من البشر، وأما الملائكة فلا بحكم لهم بالجنة إذ لا غرض لهم في الأكل والشرب والجماع، وإنما يحكم لهم برضا الله عنهم وأن يعطيهم من الثواب ما يوافق طباعهم كخدمة أولياء الله، كما في قوله تعالى حكاية عنهم { نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة }(1) وكإيصال الهدايا إلى الأولياء والتسليم عليهم { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار }(2) فهم أولياؤنا ولا نحكم أن الجنة لهم ثوابا بل ثوابهم إنفاذ أوامر ربهم والقيام بالخدمة ويا لها منزلة يفتخر أحدكم بالقرب من ملك الدنيا فكيف يكون لهم الفخر بالقرب لهم من ملك الملوك :

.............................................


تبصر خليلى هل ترى من ضغائن


والله أعلم .

بحث لشيخنا العلامة أبي محمد عبد الله بن حميد بن سلوم السالمي ما ذكره المتكلمون في كتبهم كالإمام عبد العزيز في شرح النونية والباجورى في حواشى الجوهرة وغيرهما في تأويل أحاديث زيادة العمر بأعمال البر ما نصه أو بالنسبة ما تثبته الملائكة في صحفهم لأنه قد تثبت فيها الشيء مطلقا وهو في علم الله مقيد ثم يؤول إلى موجب علمه تعالى إلى أن قالوا كأنه يكون الموجود في صحفها أن عمر زيد خمسون سنة مثلا وهو مقيد في علم الله تعالى بألا يفعل طاعة كذا وأنه إذ فعلها كان عمره ستين سنة مثلا وسبق في علمه تعالى أنه يفعلها فإن يفعلها ويعيش ستين سنة، فالمعتبر في العمر هو ما العلم الأزلى بالوصول إليه ما قيل فأقول وبالله أستعين على فهم ما صعب وكشف ما خفى علي فهل ما تثبته الملائكة عليهم السلام في صحفها تثبته بأمر الله جل وعلا أم من أنفسهم فإن كان بأمر الله عز وعلا فهل يصح أن يأمر بشيء وهو في علمه خلافه؟ وأي حكمه في هذا ؟ فإن في النفس من هذا الأمر شيئا . قال الله تعالى { ما يبدل القول لدى }(1) ولا يصح أن يقال أن ذلك من عند أنفسهم حاشابه أن يثبتوا ما لم يؤمروا به لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون .

(1) سورة التوبة، الآية 5

(1) سورة المنافقون، الآية 1

(2) سورة النساء، الآية 145

(1) سورة التوبة، الآية 1

(1) سورة الشمس، الآية 13

(2) سورة الحجر، الآية 9

(3) سورة القدر، الآية 1

(4) سورة السجدة، الآية 1

(1) سورة الزمر، الآية 38

(2) سورة الأنبياء، الآية 98

(3) سورة المائدة، الآية 76

(1) سورة الزمر، الآية 3 (2) سورة ص، الآية 5 (3) سورة النحل، الآية 20







(1) في المخطوطة بعد الجواب ما نصه : ومر هذا الشيخ المجيب على هذه المسألة يوماً على قبر الامام المنير ابن النير الجعلاني فزاره وتوسل به إلى ربه، وسلم عليه ثم ذكر بعد ذلك تشريك الوهابية لمن فعل ذلك فقال :
زُرْ منيراً يا ذا وسلم عليه


واقتد بالرسول في كل فعل


زار اهل البقيع خيرُ البرايا


وكذا امه فدَعْ كل عـــذل


قل لعذالنا الأولى شَرَّكونا

فعل خير الورى فشَرِّكْه قبلى


فإذا قلت : مشرك قلت : حسبي

منزل حلَّه النبي كمثلي






(1) سورة الاسراء، الآية 36

(1) سورة آل عمران، الآية 135

(2) سورة النحل، الآية 43

(3) سورة النساء، الآية 83

(1) أي الحكم بهلاك من لم يجد مفتيا وأقدم على أمر وكان حراما ..

(2) سورة الأنفال، الآية 42

(1) سورة هود، الآية 18

(2) سورة النساء، الآيات 29 و 30

([1]) في الأصل " إلا " والصواب " لا " .

(1) سورة البقرة، الآية 140 .

(2) سورة النور، الآية 13

(1) سورة البقرة، الآية 286

(1) سورة الطور، الآية 21

(1) سورة الذاريات، الآية 53
(2) سورة البقرة، الآية 146



(1) سورة التوبة، الآية 6

(1) سورة آل عمران، الآية 187

(1) سورة الزخرف، الآية 19

(1) سورة النساء، الآية 145

(1) سورة المائدة، الآية 51

(1) سورة الحجر، الآية 5

(2) سورة النحل، الآية 61

(1) سورة الأنعام، الآية 103

(2) سورة الشورى، الآية 11

(3) سورة الاسراء، الآية 43

(1) سورة المزمل، الآية 20

(2) سورة البقرة، الآية 235

(1) سورة الأنعام، الآية 28

(1) سورة الطلاق، الآية 12

(1) سورة العنكبوت، الآية 3

(2) سورة التغابن، الآية 7

(3) سورة الأعراف، الآية 189

(4) سورة فاطر، الآية 3

(5) سورة الأعراف، الآية 65

(1) سورة البقرة، الآية 164

(1) سورة الأعراف، الآية 180

(1) سورة الأنعام، الآية 103

(1) سورة ابراهيم، الآية 4

(2) سورة الشورى، الآية 11

(1) سورة الزمر، الآية 67

(2) سورة طه، الآية 5

(1) سورة الرحمن، الآية 27

(1) سورة هود، الآية 18

(1) سورة هود، الآية 18

(2) سورة آل عمران، الآية 61

(3) سورة النساء، الآية 52

(4) سورة البقرة، الآية 161

(1) سورة الجن، الآية 23

(2) سورة النساء، الآية 93

(3) سورة طه، الآية 82

(1) سورة الأنبياء، الآية 96

(2) سورة الكهف، الآية 98

(1) سورة يونس، الآية 32

(1) سورة النحل، الآية 96

(1) سورة فاطر، الآية 6

(2) سورة المائدة، الآية 51

(1) سورة البقرة، الآية 141

(1) سورة الحديد، الآية 13

(1) سورة الجن، الآيتان 26 و 27

(1) سورة البقرة، الآية 87

(1) سورة يس، الآية 3

(2) سورة ن، الآية 4

(3) سورة الواقعة، الآية 79

(1) سورة الشرح، الآية 4

(1) سورة الأنعام، الآية 158

(2) سورة يونس، الآية 91

(1) سورة الأنفال، الآية 9

(1) سورة محمد، الآية 19

(2) سورة النصر، الآية 3

(1) سورة المطففون، الآيات 1 - 3

(2) سورة البقرة، الآية 286

(3) سورة النحل، الآية 9

(1) سورة التوبة، الآية 71

(1) سورة الأحزاب، الآية 36

(2) سورة الكهف، الآية 29

(3) سورة محمد، الآية 33

(1) سورة البقرة، الآية 141

(1) سورة آل عمران، الآية 106

(2) سورة آل عمران، الآية 97

(1) سورة المائدة، الآية 44

(1) سورة التوبة، الآية 67

(2) سورة الحشر، الآية 11

(1) سورة الاسراء، الآية 15

(2) سورة يس، الآية 6

(1) سورة الأنبياء، الآية 1

(1) سورة يس، الآية 7

(1) سورة المائدة، الآية 27

(1) سورة ق، الآية 29

(1) سورة المزمل، الآية 20

(2) سورة البقرة، الآية 235

(1) سورة الأنعام، الآية 28

(1) سورة العنكبوت، الآية 2

(2) سورة التغابن، الآية 7

(3) سورة النساء، الآية 1

(1) سورة فاطر، الآية 3

(2) سورة الأعراف، الآية 59

(1) سورة الروم، الآية 50

(2) سورة البقرة، الآية 164

(1) سورة الرعد، الآية 39

(2) سورة الأنبياء، الآية 23

(1) سورة النساء، الآية 69

(1) سورة الحجر، الآية 47

(2) سورة الصافات، الآية 50

(1) سورة النساء، الآية 59

(1) سورة القيامة، الآيتان 22 و 23

(1) سورة البقرة، الآية 280

(1) سورة الرحمن، الآية 7

(1) سورة الروم، الآيات 1 - 3

(2) سورة المجادلة، الآية 22

(3) سورة المائدة، الآية 51

(1) سورة المائدة، الآية 52

(2) سورة المائدة، الآية 53

(3) سورة المائدة، الآية 53

(1) سورة البقرة، الآية 8

(2) سورة البقرة، الآية 14

(3) سورة آل عمران، الآية 119

(1) سورة التوبة، الآية 154

(1) سورة المائدة، الآية 68

(2) سورة آل عمران، الآية 55

(1) سورة فاطر، الآية 8

(2) سورة المؤمنون، الآية 91

(3) سورة البقرة، الآية 286

(1) سورة الأنعام، الآية 90

(1) سورة النحل، الآية 90

(1) سورة المائدة، الآية 51

(1) سورة الممتحنة، الآية 10

(1) سورة الأنفال، الآية 2

(1) سورة النمل، الآية 47

(1) سورة البقرة، الآية 220

(1) سورة النساء، الآية 145

(1) سورة المائدة، الآية 51

(1) سورة الحجر، الآية 5

(2) سورة الأعراف، الآية 34

(1) سورة الأنعام، الآية 103

(2) سورة الشورى، الآية 11

(3) سورة الاسراء، الآية 43

(1) سورة نوح، الآية 27

(2) سورة الطور، الآية 21

(1) سورة فاطر، الآية 18

(1) سورة نوح، الآية 27

(1) سورة فصلت، الآية 31

(2) سورة الرعد، الآيتان 23 و 24

(1) سورة ق، الآية 29

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس