منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - فتاوى الصلاة للشيخ سعيد بن مبروك القنوبي
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 01-30-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 20 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



س:
مَن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأوَّل، هل فيه بأس ؟


ج:
إنَّ الصَّلاة على النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-مِن أَجَلِّ القُرُبات وأفضل الطاعات، وقد أَمَرَ بِها الله-تبارك وتعالى-في كتابه العظيم (36)، وحَثَّ عليها رسوله الكريم في سُنَّتِه الصحيحة الثابتة عنه صلوات الله وسلامه عليه، وبَيَّن فَضْلَ الصلاة عليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولاسيما في بعضِ المواضع كما هو منصوصٌ عليه في كتبِ السنّة الصحيحة عن النبي صلوات الله وسلامه عليه، وقد ألَّف بعضُ العلماء بعضَ المؤلَّفات في الصلاةِ على النبي صلى الله عليه وسلم وما يَتعلَّق بِها مِن أحكام، والكلامُ على ذلك يَطُول جِدا جِدا، كما هو مَبْسُوطٌ في تلك المؤلفات، وبعضُها يَحتاجُ إلى شيءٍ مِن التحرير.
وقد اختلَفتْ كلمةُ أهلِ العلم في حُكْمِ الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، خلافا لِمَن ادَّعَى إجماعَ الأمّة على أحدِ الأقوال فيها.
وقد ذكرتُ-أكثر مِن مرّة-أنَّه يَنبغي التَّرَيُّث والتَّدَبُّر عند وجودِ حكاياتِ الإجْماع في كثيرٍ مِن المسائل، فإنّ كثيرا مِن تلك الحكايات لا تَثْبُت على الصحيح عند مَنْ يتأمَّل في كتبِ أهل العلم، فإنَّ كثيرا مِن تلك الحكايات في حقيقة الواقع باطلة، وقد اختلَف العلماء في كثيرٍ مِن تلك المسائل على أقوالٍ متعدِّدَة، وقد يكون القول الحقّ خلافا لِذلك الإجماع المزْعُوم.
والصلاةُ على النبي-صلوات الله وسلامه عليه-في التشهّد الثاني ثابتة في السنّة، وقد قال بذلك جمهور الأمّة، واختلَفوا في حكمها:
منهم مَن ذهب إلى أنَّها واجبة عليه-صلوات الله وسلامه عليه-في ذلك الموضع.
ومنْهُم مَن قال بِسنيتها.
بل ذهب بعضُ أهل العلم إلى أنَّها ركن مِن أركان الصلاة، فمَن لَم يَأْتِ بِها في التشهّد الثاني فإنَّ صلاته باطلة على هذا الرأي، وإن كنّا لا نستطيع أن نقول بذلك.
واختلَفوا-أيضا-في كيفية الصلاة في التشهد الثاني:
منهم مَن قال: إنَّه يأتِي بِالصلاة الإبراهيمية، ولاشك بِأنَّ هذا القول قولٌ واضح وهو الذي تُؤَيِّده السنّة ولكنَّنَا لا نَقول بِوجوبِ ذلك وإنَّما نقول: " إنّ ذلك مِمّا لا ينبغي أن يُفرَّط فيه ".
وقد نصّت كلمةُ الأكثرية الكاثرة مِن أصحابنا على مشروعيةِ الصلاة في هذا الموضع، ومِنْهُم مَن قال-كما قلتُ-بِرُكْنِيتِها، ومنهم مَن قال بِوجوبِها، واختلَفوا في الإتيان بِالصلاة الإبراهيمية وهل هي مِن الواجبات في هذا الموضع أو لا.
والصحيحُ أنَّ الصلاةَ مشروعةٌ في هذا الموضع، ولكن تُجْزِي بأقَل ما يَنْطَلِق عليه لفظُ " الصلاة " وإنْ كان لا يَنبغِي التّفرِيط في الإتيان بِالصلاة الإبراهيمية، لِثبوت ذلك عن النبي صلوات الله وسلامه عليه.
وأما بِالنسبةِ إلى التّشهد الأوَّل فقد اختلَف العلماء في ذلك:
منهم مَن قال: إنَّه لا يَنبغِي لِلإنسانِ أن يُصَلِّي على النبي صلى الله عليه وسلم في التّشهد الأوَّل.
ومنهم مَن قال: يَأتِي بِالصلاةِ الإبراهيمية.
ومنهم مَن قال: يَأتِي بِصلاةٍ مُخْتصَرَة عليه وعلى آله صلوات الله وسلامه عليه.
ومنهم مَن قال: يقتصر على الصلاةِ عليه صلوات الله وسلامه عليه، وذلك لِعدمِ وجودِ دليلٍ واضِح في هذه المسألة.
ومَن صلَّى عليه صلوات الله وسلامه عليه في التّشهد الأوَّل فقد أَحسَنَ على رأي طائفةٍ كبيرة مِن أهل العلم .. هذا بِالنسبة إلى الفرائضِ والسُّنَنِ التي لا يَفْصِل الإنسان فِيها بِالسلام، أما بالنسبة إلى السُّنَن التي يَفْصِل فِيها بِالسلام وقد قلنا (37) إنَّ الأفضل في صلوات الليل أنْ يَفْصِل الإنسان فيها بِالسلام، أما بِالنسبة إلى الصلوات النَّهَارِيَّة فالأمر مُختلَف فيه، وكِلا الأمريْن جائز وإنَّما الخلاف في الأفضل، فإذا فَصَل فإنَّه يَأتِي بِالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنّ الصلاةَ قد انتهتْ بِذلك، لِحديث: ( تَحرِيـمُها التكبير وتَحلِيلُها التسليم )، وهو حديثٌ صحيح ثابت عنه صلوات الله وسلامه عليه؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


س:
سَمع المشاهِدُون والمستمعون فتوى في عدم جواز تكْرارِ التحيات (38)، هل هذا يَشمل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التّشهد الثاني ؟


ج:
التّشهد الثاني .. يَأتي الإنسان بِالصلاة عليه مَرَّةً واحدة في الثاني.
ويَنبغِي أنْ يَكون ذلك بِالإتيان بِالصلاة الإبراهيمية كما ثبت ذلك في السنّة، وهو الذي نَصَّتْ عليه كتبُ طائفةٍ كبيرة مِن أهل العلم.
والعجب مِن طائفةٍ تَدَّعِي بِأنَّ ذلك لَم يَثبتْ عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنّ ذلك لَم يَقُل بِه أحدٌ مِن أهل العلم مِن أصحابِنا السابِقين .. كلاّ بل ذلك ثابت، ونَصَّتْ على ذلك كتبُ أهل العلم وإن اختلَفوا في هل الأفضل أن يَأتي بِالصلاة الإبراهيمية أو الأفضل أن يَجتزِيَ بِلفظٍ مُخْتَصَر؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.


س:
اللفظة الصحيحة لِلصلاة الإبراهيمية ؟


ج:
هي جاءتْ بِألفاظٍ مُتعدِّدة .. مِن أهل العلم مَن يرى أنّ هذه الألفاظ يُمكِن أن يَكونَ النبي صلى الله عليه وسلم ذَكَر تارةً منها في هذه المناسبة وتارةً في المناسبة الأخرى، لأنَّها قد جاءتْ عن طائفةٍ كبيرة مِن أهل العلم، وقد ذَكَرَ بعضُ أهلِ العلم بِأنّ ذلك مِمّا تواتر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
فإذا قال مثلا: " اللهم صَلِّ على مُحَمدٍ وعلى آل مُحَمَّد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين وبارك على مُحمد وعلى آل مُحمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حَميد مَجيد " أو أتى أيضا بقوله: " حَميد مَجيد " في الأوّل .. أي عند قوله: " اللهم صَلِّ على مُحمَّد وعلى آل مُحمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حَميد مَجيد " فذلك حسن؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس