منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - الموسوعة الكبرى في الإسبال ـ لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 01-21-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 2 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



التشديد في الإسبال:

الإسبال لغة: إرخاء الشيء وإرساله، يقال أسبلت السحابة ماءها إذا أمطرت وأسبلت العين دمعها إذا جرى وأسبل الفرس ذنبه إذا أرخاه(1). ويطلق في العرف الفقهي على معنى لا يخرج عن مدلوله اللغوي، وهو إرخاء الثياب حتى تجاوز الكعبين، وهو من منكرات اللباس لما فيه من البطر والخيلاء المحرمين شرعاً، وقد شدد فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم _ فزجر عنه وتوعد عليه بما لا يدع مجالاً للريب في كونه من الكبائر المردية والعياذ بالله. وإليك طرفاً مما نقل عنه في ذلك:

1. روى الإمام الحافظ الحجة الربيع بن حبيب ـ رحمه الله ـ عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنهم ـ قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: << إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين وما أسفل ذلك ففي النار ـ قال ذلك ثلاث مرات ـ ولا ينظر الله إلى من يجر إزاره بطراً >>، وأخرجه الإمام مالك في الموطأ، والإمام أحمد في مسنده، وأبو داود والنسائي وابن ماجة في سننهم عن العلاء بن عبدالرحمن عن أبيه عبد الرحمن بن يعقوب عن أبي سعيد وصححه أبو عوانة وابن حبان، وقال الحافظ في الفتح ورجاله رجال مسلم(2).
ولفظه عند مالك سألت أبا سعيد الخدري عن الإزار فقال: أنا أخبرك بعلم، سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: << إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، ما أسفل من ذلك ففي النار، ما أسفل من ذلك ففي النار، لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطراً >>، ولفظه عند أبي داود، سألت أبا سعيد عن الإزار فقال: على الخبير سقطت، قال: رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ << إزرة المؤمن إلى نصف الساق، ولا حرج ـ أو ولا جناح ـ فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، من جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه >>، ورواه الطبراني من طريق زيد ابن أبي أنيســـة عن العـــلاء عن نعيم المجمــر عن ابن عمر ـ رضـــي الله عنهما ـ، وأخرجه النسائي عن محمد بن عمرو ومحمد بن إبراهيم التيمي جميعاً، عن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة رضي الله عنه، وصحح النسائي الطريقين معاً، ورجح الدارقطني الأول (3).

2. روى البخاري والنسائي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: << ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار >>.

3. أخرجه من طريقة أيضاً مالك في الموطأ والبخاري ومسلم أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: << لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطراً>>.

4. روى الإمام الربيع في مسنده الصحيح عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنهم ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ << لا ينظر الله يوم القيامة إلى رجل يجر ثوبه خيلاء >>.

5. روى النسائي من طريق ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: << إن الله لا ينظر إلى مسبل >>.

6. روى البخاري وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: << من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة >>، فقال: أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يا رسول الله إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده، فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: << إنك لست ممن يفعله خيلاء >>، وليس في قوله هذا عذر لمن تعمد الإسبال مدعياً أنه لم يرد به الخيلاء؛ لأن أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ ما كان يتعمده، كما سيأتي بيانه ـ إن شاء الله ـ في محله.

7. قال البخاري في صحيحه: حدثنا مطر بن الفضل، حدثنا شبابة، حدثنا شعبة قال: لقيت محارب بن دثار على فرس وهو يأتي مكانه الذي يقضي فيه فسألته عن هذا الحديث فحدثني فقال: سمعت عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يقول: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ << من جر ثوبه مخيلة لم ينظر الله إليه يوم القيامة >>، فقلت لمحارب: أذكر إزاره؟ قال: ما خص إزاراً ولا قميصاً، ـ قال البخاري: تابعه جبلة بن سحيم وزيد بن أسلم وزيد بن عبد الله عن ابن عمر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقال الليث عن نافع عن ابن عمر مثله، وتابعه موسى بن عقبة وعمر بن محمد وقدامة بن موسى عن سالم عن ابن عمر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ << من جر ثوبه خيلاء >>.

8. روى مسلم في صحيحه عن نافع وعبد الله بن دينار وزيد بن أسلم كلهم يروون عن ابن عمر أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: << لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء >>، وعن نافع عنه بلفظ << إن الذي يجر ثيابه من الخيــلاء لا ينظر الله إليه يـــوم القيامـة >>، وعن سالم عنه بلفظ: <<من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة >>، وروى من طريق شعبة قال سمعت من مسلم بن يناق يحدث عن ابن عمر أنه رأى رجلاً يجر إزاره فقال له: ممن أنت؟ فانتسب له، فإذا رجل من بني ليث فعرفه ابن عمر قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: << من جر إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة >>.
وكفى بهذه الأحاديث الناصة على حرمان المسبل من نظرة الله إليه زجراً بالغاً وتقريعاً رادعاً { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (ق: 37) ، فأشفق على نفسه من عقاب الله عن التلبس بهذه الفعلة المهلكة، والروايات في هذا أكثر من أن تحصيها هذه العجالة، وسيأتي بعض ما لم أذكره ـ إن شاء الله ـ في أثناء فصول هذا البحث، ولعل أشد ما روي في ذلك وعيداً وأبلغه تخويفاً وتحذيراً ما أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة من طريق أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:<< ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم >>، قال أبو ذر قلت: من هم يا رسول الله؟ فقد خابوا وخسروا؟ فأعادها ثلاثاً ، قلت: من هم خابوا وخسروا؟ قال: << المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب أو الفاجر >>.
ولشدة غضب الله على المسبل ربما لم يهمله إلى الآخرة، بل يعجل عليه العقوبة في الدنيا، فقد أخرج البخاري في صحيحه من طريق أبي هريرة وابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: << بينما رجل يجر إزاره إذ خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة >>، فما الذي يؤمن المسبلين من أن يهلكهم الله بعذاب من عنده في الدنيا قبل ما توعدهم به في الآخرة.

الهامش:
1ـ راجع لسان العرب ج3ص 1930 ـ 1931، دار المعارف.
2 ـ فتح الباري ج10ص256، ط المطبعة السلفية.
3 ـ المرجع السابق.

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس