منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - الموسوعة الكبرى في الإسبال ـ لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 01-21-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 3 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



الخيلاء صفة لازمة للإسبال:

إن العاقل لينأي بنفسه عن موارد الإثم ومراعي الوباء ومنازل التهم، ومن سولت له نفسه أنه ـ وإن ركب متن الدواهي واقتحم لج الأخطار ـ في مأمن من السوء وسلامة من العطب فهو امرؤ غرور لنفسه أو مغرور بها، وما من خطر يهدد سلامة الإنسان أخطر من عوامل الشر في نفسه، وناهيك أن عمر ـ رضي الله عنه ـ قد أشفق على نفسه من نفسه فلم يأمن عليها النفاق وكان يسأل حذيفة ـ رضي الله عنه ـ صاحب سر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إن كان عنده نبأ عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ بأنه أحد المنافقين مع ما سمعه من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من بشائر الخير له، وما كان يتلى على ألسنة المسلمين من الثناء عليه بما هو أهله، ما هم إلا شهود الله في أرضه، فأنى لأحد أبناء عصرنا أو غيره من العصور الزاخرة بالفتن، المتعفنة من أمراض النفوس أن يزكي نفسه ويأمن عليها من هواها فيمد لها حبل رغباتها في إسبال الثوب أو غيره، مدعياً أنها بمنأي من الريبة، مأمونة من الخيلاء والبطر؟! ألا ما أقتل هذا الغرور وما أعظم هذه المصيبة! وما أشر هذه البلوى. أيرى هذا الغرور نفسه أبر وأطهر وأتقى وأزكى من نفوس أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذين مثلهم في التوراة والإنجيل، وقد عطر القرآن الكريم أرجاء الكون بنشر محامدهم، وتخليد ذكرهم بحسن ثناء الله عليهم، وهم خير القرون قطعاً بشهادة أصدق خلق الله ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ، فأين ـ لعمر الله ـ الغزالة من الذبابة، والثريا من الثرى، والضراح من الضريح؟! وهيهات أن تعلو التخوم النجوم، أو يفضل الرعديد الصنديد، ونحن نجد فيما دوّن من أخبار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصح بالنقول الثابتة عنه أنه لم يكن يتسامح مع هؤلاء الصحابة الأطهار إن وجد أحدهم مسبلاً ثوبه، بل كان يتشدد النكير عليهم في ذلك ـ كما سنقف عليه إن شاء الله قريباً ـ، مع أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخبر الناس بهم، وأعلمهم بطهر سرائرهم وسلامة طواياهم وبعدهم عن البطر والإختيال، فما بال هذا الذي يحرص على سمات أهل الخيلاء وصفات أهل الكبر فيرسل ثوبه يكتسح بفضله الأرض، أو ليس حرصه على ذلك دليلاً بيناً على تلبسه بالخيلاء من حيث يعلم أو لا يعلم؟ وإلا فما الذي دعاه إلى التشبه بالمختالين إلى حد أن يرى مخالفتهم في هذه الصفة نقيصة يتحاشاها ووصمة يربأ بنفسه عنها، مع أنه يدعي عدم الانخراط في سلكهم والتأثر بطبعهم، فما أبعد البينة عن الدعوى، وما أدل الواقع على عكس المدعى، أو ليس << من تشبه بقوم فهو منهم >>؟ فما بالك بالمصر على التشبه الملازم لهذه الصفة؟.
فإن قيل إن النهي عن الإسبال والوعيد عليه قد اقترنا في أغلب الروايات بالخيلاء أو البطر، وهو دليل تقييدهما بهما وإن كانا مطلقين في روايات أخرى لوجوب حمل المطلق على المقيد ـ كما اتفق عليه جمهور الأصوليين وفرع عليه الفقهاء أكثر المسائل الفقهية ـ، ويؤيده أن كثيراً من شراح السنة ذهبوا إلى أن النهي والوعيد في الإسبال مقيدان بالخيلاء ويعضده قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي بكر ـ رضي الله عنه ـ << لست ممن يصنعه خيلاء>>.
فالجواب: نعم يحمل المطلق على المقيد مع انتقاء القرائن الدالة على غير قصد التقييد، وقد دلت القرائن هنا على أن ذكر الخيلاء أو البطر في كلام الشارع لأجل التأكيد دون التقييد ـ كما سأبينه بمشيئة الله تعالى ـ، أما أقوال الشراح الذين حملوا ذكر الخيلاء على التقييد فتعارضها أقوال غيرهم ممن خالفوهم في ذلك، كما أن بعض أولئك المرخصين قد ناقضوا أنفسهم بأنفسهم كما سأبينه ـ إن شاء الله ـ، مع تحكيم الحجة والدليل في أقوال الفريقين، وإلى القارئ الكريم أقوال الفريق الأول الذي ترخص في المسألة:

1. النووي في شرحه على صحيح مسلم قال: " وظواهر الأحاديث في تقييدها بالجر خيلاء تدل على أن التحريم مخصوص بالخيلاء، وهكذا نص الشافعي على الفرق كما ذكرنا، وأجمع العلماء على جواز الإسبال للنساء، وقد صح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الإذن لهن في إرخاء ذيولهن ذراعاً والله أعلم، وأما القدر المستحب فيما ينزل إليه طرف القميص والأزار فنصف الساقين كما في حديث ابن عمر المذكور، وفي حديث أبي سعيد << إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، ما أسفل من ذلك فهو في النار >> فالمستحب نصف الساقين، والجائز بلا كراهة ما تحته إلى الكعبين فهو ممنوع، فإن كان للخيلاء فهو ممنوع منع التحريم، وإلا فمنع تنزيه، وأما الأحاديث المطلقة بأن ما تحت الكعبين في النار، فالمراد بها ما كان للخيــلاء لأنه مطلق فوجب حملــه على المقــيد والله أعلم(1).

2. الآبي في شرحه على صحيح مسلم، قال: " ودل الحديث على أن النهي إنما يتعلق خبره لهذه العلة، فمن استعجل فجر ثوبه خلفه أو كان إزاره لا يثبت على كتفه فلا حرج ـ إلى أن قال ـ لأنه مطلق فيرد إلى المقيد "(2).

3. السنوسي ذكر نحو هذا الكلام، ثم قال: " وإن لم يكن خيلاء فهو مكروه " (3).

4. العيني، قال في شرحه على صحيح البخاري: " وهذا مطلق يجب حمله على المقيد وهو ما كان للخيلاء "(4).

5. القسطلاني في شرحه على البخاري، قال: " وهذا الإطلاق محمول على ما ورد من قيد الخيلاء، وقد نص الشافعي ـ رحمه الله ـ على أن التحريم مخصوص بالخيلاء، فإن لم يكن للخيلاء كره للتنزيه "(5).

6. العلامة السهر نفوري في شرحه لسنن أبي داود، قال: " قال العلماء المستحب في الإزار والثوب إلى نصف الساقين، والجائز بلا كراهة ما تحته إلى الكعبين، فما نزل عن الكعبين فهو ممنوع، فإن كان للخيلاء فهو ممنوع منع تحريم، وإلا فمنع تنزيه "(6).

7. الشوكاني، قال في نيل الأوطار: " وقد عرفت ما في حديث الباب من قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي بكر << إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء >> وهو تصريح بأن مناط التحريم الخيلاء، وأن الإسبال قد يكون للخيلاء وقد يكون لغيره، فلا بد من حمل قوله << فإنها من المخيلة >> في حديث جابر بن سليم على أنه خرج مخرج الغالب فيكون الوعيد المذكور في حديث الباب متوجهاً إلى ما فعل ذلك اختيالاً، والقول بأن كل إسبال من المخيلة أخذاً بظاهر حديث جابر ترده الضرورة، فإن كل أحد يعلم أن من الناس من يسبل إزاره مع عدم خطور الخيلاء بباله، ويرده ما تقدم من قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي بكر لما عرفت، وبهذا يحصل الجمع بين الأحاديث وعدم إهدار قيد الخيلاء المصرح به في الصحيحين، وقد جمع بعض المتأخرين رسالة طويلة جزم فيها بتحريم الإسبال مطلقاً، وأعظم ما تمسك به حديث جابر، وأما حديث أبي أمامة فغاية ما فيه التصريح بأن الله لا يحب المسبل، وحديث الباب مقيد بالخيلاء، وحمل المطلق على المقيد واجب، وأما كون الظاهر من عمرو أنه لم يقصد الخيلاء، فما بمثل هذا الظاهر تعارض الأحاديث الصحيحة" (7). وسيأتي إن شاء الله ذكر الأحاديث التي أشار إليها وبيان دلالتها على حرمة الإسبال مطلقاً.
وبعد هذا الذي نقلته من نصوص المترخصين أضع بين يدي القاريء الكريم بعض نصوص الفريق الآخر، وهم المتشددون من غير مراعاة لقيد الخيلاء:

1. ابن العربي، قال في عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي: " لا يجوز لرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ويقول لا أتكبر فيه؛ لأن النهي قد تناوله لفظاً وتناول علته، ولا يجوز أن يتناول اللفظ حكماً فيقال إني لست ممن يمتثله لأن تلك العلة ليست فيّ ، فإنه مخالفة للشريعة ودعوى لا تسلم له، بل من تكبره يطيل ثوبه وإزاره، فكذبه معلوم في ذلك قطعاً " (8).

2. الحافظ ابن حجر العسقلاني، قال في فتح الباري ـ بعد نقله كلام ابن العربي ملخصاً ـ " وحاصله أن الإسبال يستلزم جر الثوب، وجر الثوب يستلزم الخيلاء، ولو لم يقصد اللابس الخيلاء، ويؤيده ما أخرجه أحمد ابن منيع من وجه آخر عن ابن عمر في أثناء حديث رفعه << وإياك وجر الإزار فإن جر الإزار من المخيلة >>، وأخرج الطبراني من حديث أبي أمامة " بينما نحن مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذ لحقنا عمرو بن زرارة الأنصاري في حلة إزار ورداء قد أسبل، فجعل رسوله الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأخذ بناصية ثوبه ويتواضع لله ويقول: <<عبدك ابن عبدك وأمتك>> حتى سمعها عمرو فقال: يا رسول الله إني أحمش الساقين، فقال : <<يا عمرو إن الله أحسن كل شيء خلقه، يا عمرو إن الله لا يحب المسبل >> وأخرجه أحمد من حديث عمرو نفسه لكن قال في روايته: عن عمرو عن فلان، وأخرجه الطبراني أيضاً فقال: عن عمرو بن زرارة، وفيه ضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأربع أصابع تحت ركبة عمرو فقال: << يا عمرو هذا موضع الإزار >> ثم ضرب بأربع أصابع تحت الأربع فقال: << يا عمرو هذا موضع الإزار.. الحديث >>، ورجاله ثقات وظاهره أن عمرو المذكور لم يقصد بإسباله الخيلاء وقد منعه من ذلك لكونه مظنة، وأخرج الطبراني من حديث الشريد الثقفي قال:أبصر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجلاً قد أسبل إزاره فقال: << إرفع إزارك >>، فقال: إني أحنف تصطك ركبتاي، قال: << ارفع إزارك فكل خلق الله حسن>>، وأخرجه مسدد وأبو بكر بن أبي شبيبة من طرق عن رجل من ثقيف لم يسم، وفي آخره <<... ذلك أقبح مما بساقك >>، وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود بسند جيد أنه كان يسبل إزاره فقيل له في ذلك فقال: إني أحمش الساقين، فهو محمول على أنه أسبله زيادة على المستحب، وهو أن يكون إلى نصف الساق، ولا يظن به أنه جاوز به الكعبين والتعليل يرشد إليه، ومع ذلك فلعله لم تبلغه قصة عمرو بن زرارة والله أعلم، وأخرج النسائي وابن ماجة وصححه ابن حبان من حديث المغيرة بن شعبة " رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخذ برداء سفيان بن سهيل وهو يقول: <<يا سفيان لا تسبل فإن الله لا يحب المسبلين>> "(9).

3. قال الحافظ أيضاً ـ بعد ذكره حديث ترخيص رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأمهات المؤمنين شبراً ثم استزدنه فزادهن شبراً ـ، ويستفاد من هذا الفهم التعقب على من قال إن الأحاديث المطلقة في الزجر عن الإسبال مقيدة بالأحاديث الأخرى المصرحة بمن فعله خيلاء، ـ وبعد أن ذكر كلام النووي في ذلك ـ قال: ووجه التعقب أنه لو كان كذلك لما كان في استفسار أم سلمة عن حكم النساء في جر ذيولهن معنى بل فهمت الزجر عن الإسبال مطلقاً سواء كان عن مخيلة أو لا، فسألت عن حكم النساء في ذلك لاحتياجهن إلى الإسبال من أجل ستر العورة لأن جميع قدمها عورة فبين لها أن حكمهن في ذلك خارج عن حكم الرجال في هذا المعنى فقط، وقد نقل عياض الإجماع على أن المنع في حق الرجال دون النساء، ومراده منع الإسبال لتقريره ـ صلى الله عليه وسلم ـ أم سلمة على فهمها إلا أنه بين لها أنه عام مخصوص لتفرقته في الجواب بين الرجال والنساء في الإسبال، وتبيينه القدر الذي يمنع ما بعده في حقهن كما بين ذلك في حق الرجال، والحاصل أن للرجال حالين حال استحباب وهو أن يقتصر بالإزار على نصف الساق، وحال جواز وهو إلى الكعبين، وكذلك للنساء حالان، حال استحباب وهو ما يزيد على ما هو جائز للرجال بقدر ذراع ـ إلى أن قال: ويستنبط من سياق الأحاديث أن التقييد بالجر خرج للغالب، وأن البطر والتبختر مذموم ولو لمن شمر ثوبه (10).

4. نقل الحافظ جانباً من كلام النووي الذي سبق نقله عنه وما تضمنه من نسبة القول بالتفريق بين أن يكون الجر للخيلاء أو لغير الخيلاء إلى الشافعي وقال عقبة: والنص الذي أشار إليه ذكره البويطي في مختصره عن الشافعي، قال: لا يجوز السدل في الصلاة ولا في غيرها للخيلاء، ولغيرها خفيف لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي بكر، ثم أتبعه الحافظ بقوله: وقوله ( خفيف ) ليس صريحاً في نفي التحريم بل هو محمول على أن ذلك بالنسبة للجر خيلاء، فأما لغير الخيلاء فيختلف الحال، فإن كان الثوب على قدر لابسه لكنه يسدله فهذا لا يظهر فيه تحريم ولا سيما إن كان عن غير قصد كالذي وقع لأبي بكر، وإن كان الثوب زائداً على قدر لابسه فهذا قد يتجه المنع فيه من جهة الإسراف فينتهي إلى التحريم، وقد يتجه المنع فيه من جملة التشبه بالنساء وهو أمكن فيه من الأول، وقد صحح الحاكم في حديث أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعن الرجل يلبس لبسة المرأة، وقد يتجه المنع فيه من جهة أن لابسه لا يأمن من تعلق النجاسة به، وإلى ذلك يشير الحديث الذي أخرجه الترمذي في الشمائل والنسائي من طريق أشعث بن أبي الشعثاء ـ اسم أبيه سليم ـ المحاربي عن عمته ـ واسمها رُهْم بضم الراء وسكون الهاء، وهي بنت الأسود حنظلة ـ عن عمها ـ واسمه عبيد بن خالد ـ قال: كنت أمشي وعلي برد أجره، فقال لي رجل: << ارفع ثوبك فإنه أنقى وأبقى >> فنظرت فإذا هو النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقلت: إنما هي بردة ملحاء فقال: << أما لك فيّ أسوة >> قال: فنظرت فإذا إزاره أنصاف ساقيه، وسنده قبلها جيد، وقوله ملحاء ـ بفتح الميم وبمهملة قبلها سكون ممدود ـ أي فيها خطوط سود وبيض، وفي قصة قتل عمر أنه قال للشاب الذي دخل عليه: ارفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك، وقد تقدم في المناقب، ويتجه المنع أيضاً في الإسبال من جهة أخرى وهو كونه مظنة الخيلاء (11).

5. أفتى المحقق الخليلي ـ رحمة الله عليه ـ بوجوب رفع الثوب في أثناء الصلاة على من ارتخى ثوبه فيها بدون قصد وسيأتي نص كلامه إن شاء الله.
والخلاصة أن الذين فرقوا بين حالتي الخيلاء وعدمها استندوا إلى دليلين:

‌أ- ذكر الخيلاء في كثير من روايات النهي والوعيد، وجعلوا ذلك من باب التقييد فحملوا الروايات المطلقة عليه تمسكاً بقاعدة حمل المطلق على المقيد.

‌ب- عذره ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي بكر ـ رضي الله عنه ـ عندما قال له: إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده، فرد عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: << إنك لست ممن يفعله خيلاء>>.

والذين لم يفرقوا بين هذه الحالة وتلك استدلوا بما كان من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من إنكاره على كل مسبل من غير بحث عن قصده حتى أنه لم يقبل عذر عمرو بن زرارة عندما اعتذر إليه بأن إسباله لتغطية حمش ساقيه، بل قال له << يا عمرو إن الله قد أحسن كل شيء خلقه، يا عمرو إن الله لا يحب المسبل >> ومثله قوله للذي اعتذر إليه بأنه أحنف تصطك ركبتاه << ارفع إزارك فكل خلق الله حسن >> وفي رواية << ذلك أقبح مما بساقك >>، مع ما يستلزمه الإسبال من التشبه بالنساء لأنه من خصائصهن ومن التشبه بأهل الخيلاء، وكونه مظنة لها، وبجانب هذا كله فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أقر أم سلمة على ما فهمت من عموم تحريمه، وإنما رخص لهن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الإسبال ذراعاً لضرورة تغطية القدمين ولا يعقل أن يكون هذا الترخيص مع الخيلاء، فتفريقه بين الرجال والنساء في الحكم دليل على حرمة الإسبال مطلقاً على الرجال.
ومن استقرأ أدلة القولين وأمعن النظر في ما روى عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذه المسألة لم يشك أن مذهب المتشددين هو أقوم قيلاً وأصح دليلاً، فقد تضافرت الروايات عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالإنكار على كل مسبل من غير أن يبحث عن نيته في ذلك، بل المفهوم من كلامه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن نفس الإسبال من الخيلاء المذموم، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: مررت على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي إزاري استرخاء، فقال: << يا عبد الله ارفع إزارك >> فرفعته، ثم قال << زد >> فزدته، فما زلت أتحراها بعد، قال بعض القوم: إلى أين؟ قال: إلى أنصاف الساقين.
وروى الترمذي عن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ قال: أخذ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعضلة ساقي ـ أو ساقه ـ فقال: << هذا موضع الإزار، فإن أبيت فأسفل، فإن أبيت فأسفل، فلا حق للإزار في الكعبين>>، وأخرجه عنه النسائي بلفظ << الإزار إلى أنصاف الساقين العضلة فإن أبيت فأسفل فإن أبيت فمن وراء الساق، لا حق للكعبين في الإزار >>.
وروى أبو داود عن قيس بن بشر التغلبي قال: أخبرني أبي ـ وكان جليساً لأبي الدرداء ـ قال: كان بدمشق رجل من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقال له ابن الحنظلية وكان رجلاً متوحداً قلما يجالس الناس إنما هو صلاة، فإذا فرغ فإنما هو تسبيح وتكبير حتى يأتي أهله ـ وذكر عنه حديثاً طويلاً جاء فيه ـ: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال << نعم الرجل خريم الأسدي لولا طول جمته وإسبال إزاره >>، فبلغ ذلك خريماً فعجل فأخذ شفرة فقطع به جمته إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه.
فهل ترى أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما كان ينكر على أصحابه الإسبال كان يرى فيهم من البطر والخيلاء ما الناس اليوم منه براء؟ كلا والله، فإن أولئك كانوا أبر قلوباً وأرسخ إيماناً وأعدل سيرة وأنقى سريرة وأزكى عملاً، وإنما هو تشريع عام بدأ فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأقرب الناس إليه وأحبهم إلى قلبه وأرفعهم منزلة عند الله وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذي اتبعوهم بإحسان ـ رضي الله عنهم ورضوا عنه ـ، أو يظن ظان أن أولئك أولى بتهمة الخيلاء والبطر من المسبلين في هذا العصر؟ ومن بين أولئك الذي حذرهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الإسبال حذيفة، الذي اختاره ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأن يكون مستودع سره ومؤتمنه فيما أخفاه عن غيره. إني لأربأ بأي عاقل أن يظن ذلك.
هذا وقد صرح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بكون نفس الإسبال من ضروب الخيلاء، ولذلك حذر منه، وذلك فيما أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي والحاكم ـ وصححاه ـ والطبراني عن جابر بن سليم ـ في حديث طويل إشتمل على نصائح جمة وجهها إليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاء فيه: << وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار، فإنها من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة >>، وهو نص فيما قلته من أن الإسبال نفسه من الخيلاء، وأن ما ورد من ذكره الخيلاء مقروناً به ليس من باب التقييد الذي يحمل عليه مطلق النهي في الروايات الأخرى وإنما هو من باب تأكيد الذم وتغليظ الزجر لفاعله، ولذلك نظائر كثيرة في القرآن الكريم، من ذلك قوله تعالى:
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ }(البقرة : 61) وقوله: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ } (آل عمران : 21). وقوله: { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ } (آل عمران: 112). إذ لا يتصور أن يكون قتل الأنبياء حقاً في أي حال حتى يكون قوله بغير حق في هذه الآيات تقييد الحكمة لاستثناء الحالات التي يكون فيها قتلهم حقاً منه، ومثله قوله تعالى: { قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاء عَلَى اللّهِ } (الأنعام : 140).
إذ لا يتصور أن يكون قوله {سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ } تقييداً للوعيد بالخسران للذين قتلوا أولادهم فتخرج منه طائفة قتلت أولادها من غير سفه ولا جهل، وكذلك لا يتصور أن يكون قوله { افْتِرَاء عَلَى اللّهِ } تقييداً لوعيد الذين حرموا ما أحل الله لهم من رزقه، ومن هذا الباب قوله عز وجل: { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ }( الأعراف: 33) ، فإنه من غير المعقول أن يكون قوله { بِغَيْرِ الْحَقِّ } تقييد التحريم الإثم والبغي إذ لا يتصور أن يكون حقاً في أي حال، وإنما تخرج هذه الأوصاف كلها مخرج تغليظ الزجر وتأكيد الذم على ما اقترنت به، ويتعين أن يحمل عليه ذكر الخيلاء في أحاديث الإسبال لأمرين:
أولهما: نص حديث جابر بن سليم المتقدم على أن الإسبال من المخيلة.
ثانيهما: زجر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لكل من رآه مسبلاً من أصحابه وهم أنزه من غيرهم عن الخيلاء، ويؤكد ذلك حرمة الخيلاء على الإطلاق، سواء في حال الإسبال أو عدمه، فلو لم يكن الإسبال نفسه محرماً لكان الأجدر أن يكون الزجر والوعيد على الخيلاء من غير ذكر الإسبال.
هذا ولو سلمنا أن الإسبال قد ينفك عن الخيلاء ويكون المسبل غير مختال لما سلمنا دلالة ما ورد من أحاديث النهي عن الإسبال مقروناً بالخيلاء على عدم شمول حكمها غير المختال، لأن هذه الدلالة هي من باب مفهوم المخالفة ومن شرط الاستدلال بالمفهوم أن لا يكون منطوقة وارداً مورد الأغلب المعتاد لأن ما كان كذلك ليس له مفهوم يعتد به نص على ذلك الأصوليون، وعول عليه الفقهاء، قال: الإمام نور الدين السالمي ـ رحمه الله ـ(12)
وشرطه أن لا يكون مقضى ***** يمنع من تخصص الحكـم الرضا
وذاك مثل عـادة للعــرب ***** في نحو أن يجري مجرى الأغلب

ولذلك لم يعتبر المفهوم في قوله تعالى: { وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم }(النساء : 23) ، فاتفق على حرمة الربائب على أزواج أمهاتهن ولو لم يكن في حجرهم؛ لأن ذكر الحجور في الآية وارد مورد الأغلب المعتاد، وما يذكر من خلاف في ذلك في الصدر الأول كاد يكون منسياً لشذوذه، والاتفاق من بعد على العمل بخلافه، ومن هذا الباب قوله تعالى في سورة الأنعام { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ }(الأنعام : 151). وقوله في سورة الإسراء { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم }(الإسراء: 31). إذ لا قائل بتقييد النهي عن قتل الأولاد بحالتي الإملاق أو خشيته ولا أحد أن صفة الخيلاء غالبة على المسبلين وبهذا يسقط كل ما تعلق به من قال إن أحاديث الباب المطلقة محمولة على قيد الخيلاء.
وأما قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي بكر ـ رضي الله تعالى عنه ـ << إنك لست ممن يصنعه خيلاء>> فلا حجة فيه لمن أدعى عدم حرمة الإسبال على من لم يتلبس بالخيلاء، لأن أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ ما كان يتعمد الإسبال فلا ينطبق حكمه على من تعمده وإنما كان استرخاء إزاره ـ رضي الله تعالى عنه ـ لنحافة جسمه، فكان لا يستمسك إلا أن يتعاهده، وما كان ـ رضوان الله عليه ـ يدعه مسترخياً بل كان يرفعه كلما استرخى، بدليل ما أخرجه أبو داود في سننه أنه قال: " إني لأتعاهد ذلك منه "، وقد دل على هذا ما ذكر من أوصافه ـ رضوان الله عليه ـ، فقد روى ابن سعد من طريق طلحة لن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي بكر عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان أبو بكر أحنى لا يستمسك إزاره يسترخي عن حقويه، ومن طريق قيس ابن أبي حازم دخلت على أبي بكر وكان رجلاً نحيفاً.
قال العيني: وسبب استرخائه كون أبي بكر أحنى نحيفاً لا يستمسك، فإزاره يسترخي عن حقويه، قال الكرماني: يصح أحنى بالحاء المهملة والجيم، ويقال رجل أحنى الظهر بالحاء المهملة ناقصاً أي في ظهره إحديداب، ورجل أجنأ بالجيم مهموزاً أي أحدب الظهر، ثم إن الاسترخاء يحتمل أن يكون من طرف القدام نظراً إلى الإحديداب، وإن يكون من اليمين أو الشمال نظراً إلى النحافة، إذ الغالب أن النحيف لا يستمسك إزاره على السواء(13). وقال ابن القيم في التهذيب وكان رجلاً نحيفاً قليل اللحم وكان لا يستمسك إزاره إذا شده على حقويه، فإذا سقط إزاره جره، فرخص له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ذلك وعذره (14).
وبهذا يتضح مراد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله << إنك لست ممن يفعله خيلاء >>، فهو بمعنى لست ممن يفعله قصداً، وغاية ما يدل عليه أنه لا يأثم من استرخى إزاره بغير قصد وإنما عليه أن يرفعه كلما تفطن له.
قال: الحافظ ابن حجر " لا حرج على من انجر إزاره من غير قصد مطلقاً "، وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه كان يكره جر الإزار على كل حال، فقال ابن بطال: هو من تشديداته، وإلا فقد روى هو حديث الباب فلم يخف عليه الحكم، قلت: بل كراهة ابن عمر محمولة على من قصد ذلك، سواء كان عن مخيلة أو لا، وهو المطابق لروايته المذكورة ولا يظن بابن عمر أنه يؤاخذ من لم يقصد شيئاً وإنما يريد بالكراهة من أنجر إزاره بغير اختياره ثم تمادى على ذلك ولم يتدارك وهذا متفق عليه وإن اختلفوا هل الكراهة فيه للتحريم أو التنزيه (15).
ومثل هذا في الحكم من أذهله أمر فجر ثوبه بدون قصد، وقد وقع ذلك لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما في حديث أبي بكر عند البخاري قال: خسفت الشمس ونحن عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقام يجر ثوبه مستعجلاً حتى أتى المسجد، فإنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أذهله ما وقع واستعجل الذهاب إلى المسجد فلم يشتغل بغير ما هو مقبل عليه، ولذلك قال الحافظ: لا حجة فيه لمن قصر النهي على ما كان للخيلاء حتى أجاز لبس القميص الذي ينجر على الأرض لطوله (16).
هذا وإنك لتجد بعض أولئك الذين أباحوا الإسبال لمن لم يقصد به الخيلاء ناقضوا أنفسهم بأنفسهم فيما قالوه، فهذا القسطلاني يقول في (( إرشاد الساري )) ما قاله الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ـ من غير أن يعزوه إليه ـ وما هو إلا دليل أنه قد ارتضاه وأقره إذ عزاه إلى نفسه، ونص كلامه ( وقد جرت العادة بإرخاء العذبات فما زاد على العادة في ذلك فهو من الإسبال، وكذا تطويل الأكمام إذا مست الأرض وقد حدث للناس اصطلاح بتطويلها للتمييز، ومهما كان ذلك للخيلاء أو أوصل إلى جر الذيل الممنوع فحرام ) (17) ، فإن قوله ( فما زاد على العادة في ذلك فهو من الإسبال ) يوحي إلى منع ما خرج عن المعتاد في إطالة العذبات والأكمام لإعطائه حكم الإسبال المحرم، ثم صرح بما أوحى إليه في قوله ( ومهما كان ذلك للخيلاء أو أوصل إلى جر الذيل الممنوع فحرام )، حيث عطف على ما كان للخيلاء ما أوصل إلى جر الذيل الممنوع بأو المفيدة للتقسيم والتنويع، وجعل كلا القسمين حراماً، وهو بين التناقض مع ما نقلناه عنه من قبل أن ما لم يكن للخيلاء كره للتنزيه. ومثل هذا صنع الشوكاني، فقد قال قبل ما نقلته عنه ( ويدل على عدم التقييد بالخيلاء ما أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه من حديث جابر بن سليم ) وذكر حديثه السالف الذكر وحديث أبي أمامة عند الطبراني في قصة عمرو بن زراره ـ ثم قال: ( والحديث رجاله ثقات، وظاهره أن عمرو لم يقصد الخيلاء ) (18). ولا ريب في مناقضة هذا الكلام لما سبق نقله عنه ومنه قوله: ( فما بمثل هذا الظاهر تعارض الأحاديث الصحيحة )، وقد فاته أن غاية ما في تلك الأحاديث من ذكر الخيلاء تأكيد الذم وتغليظ الزجر كما سبق، وكون عمرو ابن زرارة ما قصد الخيلاء ليس ظاهراً فحسب وإنما هو صريح في اعتذاره إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الإسبال بأنه أحمش الساقين ولم يقبل منه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اعتذاره هذا كما لم يقبل اعتذار من اعتذر إليه بأنه أحنف تصطك ركبتاه، ولئن كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يقبل عذر هذين فأحرى أن لا يقبل عذر من لم يكن به ما بهما.
هذا ويترخص في الإسبال للضرورة كمن يؤذيه البرد أو البعوض في قدميه ولم يجد ما يرفع به الأذى إلا أن يسبل عليهما ثوبه، قال الحافظ في الفتح ( ويستثنى من إسبال الإزار مطلقاً ما أسبله لضرورة كمن يكون بكعبيه جرح مثلاً يؤذيه الذباب ـ مثلاً ـ إن لم يستره بإزاره حيث لا يجد غيره، واستدل على ذلك بإذنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعبد الرحمن بن عوف في لبس القميص الحريري من أجل الحكة، والجامع بينهما جواز تعاطي ما نهى عنه من أجل الضرورة، كما يجوز كشف العورة للتداوي ) (19) ، وقال القطب في شــرح النيل ( ويجــوز جــره خوف البرد أو نامــوس أو نحوه من المضار ) (20). ومثله قول الإمام السالمي في معارجه ( وكذلك إذا لم يسبله خيلاء وإنما أسبله لعذر كخوف البرد والبعوض ففي كلام بعضهم أنه لا بأس به ) (21).


الهامش :
1 ـ النووي شرح صحيح مسلم ج14 ص62 ـ 63 ط المطبعة المصرية ومكتبتها.
2 ـ الآبي إكمال المعلم شرح صحيح مسلم المجلد الخامس ص384 ـ 385 ط دار الكتب العلمية ـ بيروت.
3 ـ السنوسي مكمل إكمال الإكمال المجلد الخامس ص385 ط دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ لبنان.
4 ـ العيني عمدة القاريء شرح صحيح البخاري ج21 ص297 ط دار إحياء التراث العربي.
5 ـ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ج21 ص418 ط دار الكتب العربية ـ بيروت ـ لبنان.
6 ـ خليل أحمد السهر نفوري بذل المجهود في حل أبي داود ج16 ص411 ط دار الكتب العلمية.
7 ـ نيل الإوطار ج2 ص113 ط إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية.
8 ـ ابن العربي عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي ج7 ص238 دار العلم للجميع.
9 ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري ج10 ص 264 ط المطبعة السلفية.
10 ـ فتح الباري ج10 ص259.
11 ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري ص263 ـ 264.
12 ـ طلعة الشمس لنور الدين السالمي.
13 ـ العيني عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج21 ص295 ط دار إحياء التراث العربي.
14 ـ ابن قيم الجوزية التهذيب مع مختصر سنن أبي داود للمنذري ومعالم السنن لأبي سليمان الحضرمي المجلد السادس ص59.
15 ـ فتح الباري الجزء العاشر ص255 ط المطبعة السلفية.
16 ـ المرجع السابق.
17 ـ إرشاد الساري إلى شرح صحيح البخاري ج8 ص420 ط دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ لنبان.
18 ـ الشوكاني نيل الأوطار ج2 ص112 ـ 113.
19 ـ فتح الباري ج10 ص297 ط المطبعة السلفية ومكتبتها.
20 ـ شرح النيل الجزء الثاني ص53 ط دار الفتح.
21 ـ معارج الآمال على مدارج الكمال ج6 وزارة التراث والقومي والثقافة ـ سلطنة عمان.

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس