منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - الجزء الخامس-فتاوى الآداب
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 03-17-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 2 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



حكم من صار جنديا للسلطان الجائر

السؤال :
رجل فقير أتى إلى سلطان جائر وأقام عنده عسكريا وهو يحرس في معقله وجلس عنده في مجلسه وخرج عنده في حال خروجه ونيته أن لا يعينه على شيء من المعاصى أبداً إلا أن نيته يدفع مضرته ومضرة عياله الذين يلزمه مؤنتهم هل يكون سالماً على هذه النية ؟
الجواب :
أخشى أن تنزل نقمة على الجبار فيدخل تحتها فإنه لا يدرى متى ينزل غضب الله عليه وقد جعل الله للرزق أبواباً فمن طلبه من حله جاءه من حله ومن طلبه من حرام جاءه من حيث طلبه، فلهذا اختلفت أرزاق الخلق { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب }(1) ومن كان مع الله كان الله معه ولم يخلق الله من خلق يضيعه والله أعلم .

حكم استخدام الطلسمات

السؤال :
كتب الطلسمات في كف انسان ليصرع ويخبر عن المغيبات والدفائن والمضرات كما شهر في كتب المتأخرين أم ترى أن ذلك من الكهانة فلا يجوز ؟
الجواب :
هو نوع من الكهانة قطعا فالمنع أحق ما به شرعاً إذ لا يعلم الغيب إلا الله و{ فلا يُظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا }(2) ولا يغرنك ذكره في كتب العلماء فكثيرا ما يذكرون الشيء على طريق الحكاية ولو سئلوا عن حكمه لمنعوه وكان الاولى تبيين باطله على اثره لئلا تكون حكايته اغراء بفعله ثم أنه لا عصمة لأحد من البشر من بعد النبيين على نبينا وعليهم الصلاة والسلام فلا يمكن أن يحتج بقول عالم على ما يصادم الشرع .
ثم ان في الطلسمات ما فيها حتى أن بعضهم جعلها نوعاً من السحر ولا أقول فيها شيئا لكثرة استعمال متأخرى أصحابنا لها فلو لم يظهر لهم جوازها ما فعلوه غير أنى أقول أنها مبتدعة قطعا لأن السيرة النبوية والطريقة الصحابية خالية منها وكذلك من بعدهم من التابعين باحسان والله أعلم بحالها ولعل أصلها أخذ من اليهود فإنهم المعرفون بذلك في سالف الزمان وقد أغنانا الله عن علومهم بالعلم الذي جاء به رسول الله " من ربه .
ولعل رجلا يسمع هذا فيقول متمثلا :

كالثعلب النازى إلى عنقوده


إن لم ينله قال هذا حامض


فلا والله ما عدلت عنه لذلك مع أنى معترف بجهله لكن رغبة عنه وعدولا إلى السيرة المطهرة على أن نفعه دنيوى قطعا ويكفيك منه ذلك فاستدل بفرعه على أصله والسلام .

التسامح بأخذ اللومي من مال غيره للطعام

السؤال :
من أراد أن يأخذ اللومى من مال غيره لطعامه لا لزيادة وأهل البلد جعلوا ذلك سنة أيجوز مثل ذلك أم لا .
الجواب :
يجوز التعارف في مثله وأكثر منه، وثواب المعروف لأهله، فإن تنكر أحد منهم حرم الأخذ من ماله، وإن شككت في أحد فلا تأخذ من ماله حتى يسكن قلبك برضاه ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك وما حك بصدرك فدعه والله أعلم .

حق الوالدين في مال الولد

السؤال :
الوالدان هل لهما حق من مال ولدهما إذا أرادا أن يأخذا من عنده شيئا وهما عندهما ما يكفيهما ؟ وهل عصى ان امتنع ؟
الجواب :
أما العصيان فالله أعلم به .
وأما الحق فنعم للوالدين والأقربين والجيران وابن السبيل والمساكين في ماله حق وتمييز هذا الحق محتاج إلى فقه عميق حتى يضع كل حق في أهله، والموفق موفق { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون }(1) والله أعلم .


الالزام بأحكام الله بالتقويم أو الضرب

السؤال :
من امتنع عن احكام الله في حضرة الجماعة ولم يلزموه على امتناعه ولم يبالغوا في ردعه وسكتوا عنه فهل عليهم شيء فيما بينهم وبين الله وبين
العباد ؟

الجواب :
إن قدروا على ردعه فلا يسعهم السكوت عنه بل يبالغون في تقويمه، وإن امتنع ضربوه بالسياط حتى يذعن للحكم، وإن لم يقدروا عذروا . والله أعلم .

التداوي بالتتن بغير الشرب

السؤال :
الدواء بالغليون في غير أبواب الإنسان من سائر الجوارح هل به بأس ؟ وكذلك لمن به صداع في رأسه ؟ وقد جرب ذلك أنه يسكن ذلك الصداع أشجار معروفة قد خلط به بعض التتن ويريد هذا المبتلى أن يستنشقه هل يجوز ذلك سواء وجد به السكر أم لا ؟ وهل من رخصة لهذا المبتلى ؟ عرفنا بذلك .

الجواب :
لا بأس بالتداوى بذلك في غير الأبواب الموصلة إلى داخل فإنه يحرم علينا مسه، وإنما حرم علينا أكله أو شربه أو استنشاقه مثل شربه، فإن عرف السكر من وضعه على شيء من اعضاء الجسد حرم ذلك لأن العلة التي حرمت أكله موجودة ها هنا وهي الاسكار وإن لم يعرف ذلك عند أهل المعرفة به ووضعه رجل على رأسه فسكر من غير قصد للاسكار فإنه لا بأس عليه، وسمعت شيخنا جد بن سيف رحمه الله تعالى يقول أنه إن وضع في أسافل الجسد جذبته العروق إلى أعلى فاسكر، وإن وضع في أعلى الجسم لم يسكر لأن العروق لا تجذب إلى أسفل والله أعلم .

الخوف والرجاء والخلوّ منهما

السؤال :
الخوف والرجاء أهما واجبان على المكلف أم مندوب إليهما ؟ أم هما يجبان في حين من الأحيان ويرتفعان في حين ؟ أم هما نفس الاخلاص ولا يستقيم الإيمان إلا بهما ويسع الخلو عنهما أم لا أم يسع بوقت ويضيق بآخر ؟
الجواب :
هما فرضان في كل حال، ولا يصح خلو المكلف منهما لثبوت الأدلة على ذلك :
منها في الخوف قوله تعالى { ويحذركم الله نفسه }(1)، { فلا تخافوهم وخافوني }(2)، { فالله أحق أن تخشوه }(3) .
ومنها في الرجاء { لا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون }(4)، { وإني لغفّار لمن تاب }(5)، { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا }([4]) في أمثالها من الآيات .
فمن ترك واحدا من الخوف أو الرجاء فقد ضيع واجباً من فروض الاعتقاد .
وقد أوجبوا أن يتوازنا .
وأقول : لا بأس برجحان أحدهما ما لم يفض إلى الأمن أو
الإياس .

والرجاء فيه تعالى أمثل إذ رحمته سبقت غضبه . والله أعلم .


مزاولة حركات خفة اليد ( السيمياء )

السؤال :
من يأخذ من النخل خوصا ويعقده ثم يقول للناس أنه يثقب لسانه بالخوص وحينئذ يجعل العقد وسط لسانه بعد ما أبانه من الخوص ثم ما امتد من الخوص تحت لسانه ويفتح فاه فيرى الناظرون أنه قد ثقب لسانه وهو بخلاف ذلك فهل يسعه أن يوهم الناس بفعله ؟ وهل يسعه قوله أنه يثقب لسانه بالخوص وليس بثاقب ؟ وما ترى إن كان الفاعل صائما أيفسد صومه أم لا ؟
الجواب :
هما معصيتان : التلبيس على الناس، والكذب عليهم، وذلك ناقض للوضوء والصوم عند من ينقضهما بالمعصية .
هذا إذا كان الحال لم يبلغ إلى القمار والسحر فإن بلغ فهو الكفر والله أعلم .

حرق الحشرات وشيّ االجراد حيّاً

السؤال :
الذر والدبيان والزنابير هل يجوز احراقها بالنار إن خيف ضرره وهل يجوز حرق الجراد للأكل وإن لم تزل رؤوسه، صرح لي جميع ذلك وإن كان فيه أقوال بين لي الأعدل ؟
الجواب :
قتل المضرات جائز من ذر ودبى وغيره ودفع ضررها بما أمكن جائز، وإحراقها بالنار لا على قصد التعذيب بل لدفع الضرر جائز لأن المحرم إنما هو التعذيب بعذاب الله لا الدفع به .
وأما الجراد فيجوز شيه وطرحه في القدر حيا لقصد الأكل لا التعذيب قال ابن وصاف والمأمور أن يذكر اسم الله عليه قال أبو الحسن وقد كره بعضهم أن يلقى في النار حيا لحال الرحمة لا للتحريم .
ونقل أحمد بن المفرج عن الأثر منع احراق الجراد من تحت النخيل والزرع قال وأما شيه لأكله فجائز والله أعلم .

الحسبة للأيتام والعذر في عدمها

السؤال :
الاحتساب للأيتام مع القدرة هل يصح التعذر أو لا يصح وهل يكون عذرا منع أهل الأيتام للمحتسب عن أن ينظر له الصلاح في ماله ونفسه ؟
الجواب :
قال الله تعالى : { وأن تقوموا لليتامى بالقسط }(1) فهذا الخطاب عام لكل مسلم قادر، ومن لم يقدر فهو معذور .
ومنع أهل اليتيم عن الاحتساب ليس بعذر إلا إذا خاف الفتنة فليس له أن يقاتل إلا أن يكون إماما وأهل اليتيم أولى بالاحتساب له من غيرهم فإن ضيعوا فالأقرب ثم الأقرب وإن كان إماما أو نائب إمام فهو أولى بالجميع والله أعلم .

حكم ترك رعاية ما احتسب في رعايته

السؤال :
عمن قبض نخلة أو ضاحية ويطنى غلتها ويقبض الثمن ولم يعرفها لأي شيء كتبت ولا زال كذلك ويبحث لأي شيء كتبت ولم يظهر لها شيء فأراد أن يتركها إهمالا لعوام البلد فيأكلونها خضماً وقضماً ويقوون بها على معصية الله فيصح له تركها بعد ما احتسب في قبضها ولم ير مكروها من أهل البلد، أرأيت إن عارضه بعض أهل البلد ويخاف الضرابة ولم تقع بعد أيكون ذلك عذراً في تركها ؟
الجواب :
ليس له أن يتركها بعد القبض وإن جهلت فغلتها للفقراء وإن خاف الضرابة من أحد تصلب لها، ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يهدم، والمتعدى هو الباغى والله أعلم .

هل بالتوبة عن المعاصي تتحول حسنات ؟

السؤال :
من ينفق ويكرم من ماله ونيته على أن يقول الناس : فلان كريم ولم تكن له نية سوى ذلك، ثم بعد ذلك تاب ورجع وأخلص نيته ونوى أن جميع ما أنفقه وتكرم به فهو لله تعالى، هل ينفعه هذا أم لا، وهل يصح ما قيل ان معاصي العاصي تكون حسنات بعد أوبته ورجوعه إلى الحق ؟ ووجدت بعد ذلك حديثا يروى عن رسول الله " : إن العبد إذا صلح تبدل سيئاته حسنات ؟
الجواب :
ما عمل لغير الله فلا يتقبله الله في حال، والله أغنى الشركاء فما أشرك فيه غير الله فهو لغير الله، فإذا غلب فلينعم بالغفران وهو نصيبه الأوفر وحظه الأكبر وما كان معصية فلا يكون طاعة .
ومعنى الحديث الذي ذكرته مطابق لقوله تعالى : { فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات }(1) ومعنى ذلك والله أعلم أنه يمحو عنهم السيئات ويكتب بدلها الحسنات وهذه الحسنات ليست هي السيئات بل غيرها بدلت مكانها، وتلك نعمة الله على عباده ذلك فضل الله أنه يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .

حكم الوفاء بالوعد

السؤال :
مولى للمغيريين أخذ من ابرا، واتهم به موالى المصالحة أنهم عاملوا أخذه على أنهم أتوا به إلى مبطخة هناك يسرقون منها بطيخا وأن الأخذ ظهر عليهم هناك بغتة وأخذه وقصد به الأطراف الغربية، فثار مسعود بن علي على عبد الله بن هاشل خصوصا أن مواليك باعوا مولانا فمناهم عبد الله بالجميل ثم كاتبهم أن يكون عليه بعض الغرم إن صح أن الآخذ مواليه، وبعد المكاتبة تشدد عليه مسعود في الأمر فقال أنه فعل ذلك طلبا للأجر لا لزوماً، فإن كنتم اتخدتم الاحسان حجة فقد غيرت من الكتابة وغيرها ما يلزمني شرعاً ذاعن به فما الحكم في ذلك . أيلزم عبد الله شيء على هذه الصفة ؟
الجواب :
هذا وعد من عبد الله، وله الرجوع عنه إن شاء، ولكن الوفاء من خصال المؤمنين إن وعد وفى، والسلام .

النصرة واجبة إلا على من معهم عهد

السؤال :
من بغى عليه وظلم من حقه هل له أن ينتصر بقوم بينهم وبين عدوهم عهد الله وميثاق إلى مدة معلومة ؟ أيجوز لهذا المظلوم المبغى عليه أن ينتصر بهؤلاء القوم ؟
الجواب :
قال الله تعالى { وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق }(1) وقال { ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم }(2) وقال { يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود }(3) وحسبك هذا جوابا . والله أعلم .

تكفير المندوبات للواجبات المتروكة

السؤال :
التقرب بالمندوب هل يكفر للإنسان ما ضيع من الواجب المفروض على الخطأ أو العمد أم لا ؟
الجواب :
أما على العمد فلا تكفره إلا التوبة والإنابة إلى الله تعالى، فإن المصر لا يقبل له عمل فكيف يكفر عمله ما ضيع .
وأما الخطأ والنسيان فيجبران بالحسنات قال الله تعالى { إن الحسنات يذهبن السيئات }(4) يعني أن الطاعات تذهب صغائر الذنوب وإذا ذهبت الصغائر فجبرها للخطأ والنسيان أولى، وفي حديث إبي هريرة قال سمعت رسول الله " يقول : " أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب سبحانه وتعالى انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك " . والله أعلم .

مدى ثبوت حديث حجوا قبل نبات شجرة مميتة

السؤال :
قول ابن مسعود رحمه الله حجوا هذا البيت قبل أن تنبت في البادية شجرة لا تأكل منها دابة إلا نفقت أي ماتت ؟
الجواب :
هذا حديث لم أسمعه من قبل اليوم، فلا علم لي به ولا بشجرته . والله أعلم .

جواز التضميد بما هو طعام

السؤال :
معنى قول الصائغي في أرجوزته :

قلت له هل تغسل اليدان


بالتمرا ويوضع بالأبدان

إن كان فيها وجع فمنعا

وفي بيان الشرع هذا شرعا

والقلب منه يا خليلي في عجب


من أين هذا الحجر فيه قد وجب


هل الغسل بماء وتمر أم كيف معناه ؟ ومن غسل ثوبه أو يديه بدقيق حنطة جائز أم فيه كراهية ؟ صرح .
الجواب :
معناه أن من وجعته يداه أو شيء من بدنه وكان دواء ذلك أن يغسله بالماء والتمران ذلك لا يجوز، لأن للطعام حرمة، وكذا القول في دقيق البروما أشبهه لأن الجميع طعام .
وقد تعجب الصائغ من هذا المنع حيث إنه لم يثبت فيه دليل، وإن الاحترام لا يمنع من ذلك فيما يظهر .
وأقول قد خلق الله ما في الأرض جميعا لعباده فلا يحرم عليهم منها إلا ما حرمه عليهم، ولا دليل في تحريم مثل ذلك فالحق جوازه . والله أعلم .

الصدقة بأصل المال كله أو معظمه

السؤال :
الصدقة من أصل المال إذا لم تكف الغلة ؟
الجواب :
تصدق أبو بكر بماله كله، وعمر بنصفه، وعثمان بصرة فيها جملة دنانير، وأبو طلحة بحديقة له تسمى بيرحاء، وأبو الدحداح بحديقة فيها ست مائة نخلة، وكعب بن مالك بعشر ماله { وما تفعلوا من خير يعلمه الله }(1) . والله أعلم .
مخاطبة الكبير قدراً بلفظة ( الوالد )

السؤال :
فيمن يجب أن يكاتبه غيره بلفظة الوالد ويرى نفسه وتمتلئ سرورا حتى يخاطب بذلك وإن كان المخاطب له سنه كسنه، وإن كتبه غيره من هو في سنه بالأخ أو الولد يسوؤه، فهل يعد ذلك من الكبر الكامن في النفس حيث يحب التعظيم وإن في غير محله ؟
الجواب :
الأمـور بمقاصدهـا، فإن كان حاملـه على ذلك الكبر فهو كبر محـرم
وإن كان غير ذلك فهو على ما نوى، وربما يكون فيه مخالفة لغرض النفس فإن طبعها يميل إلى التشبيه، ولذا ترى غالب العوام يكرهون الاتصاف بالشيب ونحوه، فإذا فعل فاعل ذلك على قصد خلاف النفس ومخالفة الجهال كان له بذلك الأجر إن شاء الله تعالى والعلم عند الله .

تعميم المخاطبة بلفظ ( الأخ ) أو بلفظة ( الوالد ) للكبير

السؤال :
ما الأولى في مخاطبة الإخوان أيندب أن يميز كلاًّ من الوالد والأخ والولد أو أن يجعلهم إخوانا كما ورد النص، ونرى القطب لا يخاطب إلا بالأخ والإخوان، افتنا مأجورا ؟
الجواب :
الأولى في ذلك تمييز المراتب، فإنه يسمج من الشيخ الهرم أن يخاطب ابن عشر سنين بالأخوة، وكذا العكس وهكذا سائر المراتب .
أما القطب متعنا الله بحياته فإنه لا يعرف المسن منا من غيره، وقد وقع منه خطاب بالولد في بعض المكاتبات ومرجع هذا إلى العرف، فرب ناس يستحسنون عكس ما ذكرنا فلا يحمل في الخطاب على خلاف عرفهم، وهذا يختلف باختلاف النواحى والبلدان والله أعلم .

كتابة آيات مقطعة للاستشفاء

السؤال :
رجل يأتي إليه الناس يريدون منه أن يكتب لهم عن الشقيقة والضربان ولتسهيل الولادة للنساء والدواب، أيجوز أن يكتب لهم آيات من القرآن مقطعة الحروف على شرط منه لهم أن لا تنالها النجاسة أو لا ؟
الجواب :
لا بأس عليه بذلك، فإن ضيعوا الشرط فعلى أنفسهم والله أعلم .

معالجة التشوه الخلقي

السؤال :
من خلقه الله تعالى منفلق الشفرة الأعلى فلقتين ثم سار إلى طبيب النصارى وقطع منه ما قطع من اللحم وبعد ذلك خاطه بعياص فضة فالتحم بجوز ذلك أم لا ؟
الجواب :
لا بأس عليه بذلك . والله أعلم .

مصافحة النساءالأجنبيات

السؤال :
مصافحة الرجال النساء باليد من فوق الثوب لأجل القدوم من السفر هل يصح ذلك أو لا ؟
الجواب :
قد ابتلينا بمثل ذلك فلا محيد منه أبدا وقد مد أبو عبيدة الكبير رضي الله عنه يده إلى مصافحة امرأة من المسلمات فكفت يدها وقالت : " نحن نساء خراسان لا نصافح الرجال " فلله درها من امرأة، ولو لم يكن جائزا ما مد أبو عبيدة لذلك يده .
وأما في الأحاديث فإن رسول الله " لم يصافح النساء عند البيعة وقد اختص بخصائص في الأجنبيات وغيرها فالله أعلم بهذا والحمد لله رب العالمين .

حكم النهاية وتحقيق ما ورد في شأنه

السؤال :
الموجود في شرح لامية ابن الوردي أيضا أن الأجهوري يسئل عن عن الدخان وإن شخصا ينقل فيه أحاديث وهي : " إياكم والخمر والخضرة " وأن حذيفة قال : خرجت مع رسول الله " فرأى شجرة فهز رأسه فقال يا رسول الله لِمَ هززت رأسك ؟ فقال : " يأتي ناس في آخر الزمان يشربون من أوراق هذه الشجرة ويصلون بها وهم سكارى أولئك هم الأشرار، بريئون مني والله بريء منهم " وإن عليا قال من شربها فهو في النار أبدا ورفيقه ابليس فلا تعانقوا شارب الدخان ولا تصافحوه ولا تسلموا عليه فإنه ليس من أمتي، وفي خبر أنهم من أهل الشمال وهو شراب الأشقياء وهي شجرة خلقت من بول ابليس حين سمع قول الله عز وجل { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان }(1) الآية فدهش فخلقت من بوله .
فأجاب : إن هذه الأحاديث الواردة في الدخان كذب وافتراء وأن ركاكة ألفاظها دالة أيضا على ذلك إلى أن قال ولا يحرم استعماله إلا لمن يغيب عقله أو يضره في جسده أو يؤدى استعماله إلى ترك واجب عليه كنفقة من تلزمه نفقته أو تأخيره الصلاة عن وقتها أو نحو ذلك اهـ .
قال مرعى المقدسي الحنبلي لم يرد في ذمه حديث عند فقهاء الحنابلة ومما قاله لمن سأله عن شرب الدخان : إنه ليس بمحرم لذاته حيث لم يترتب عليه مفسدة، بل هو بمنزلة شرب دخان النار التي لم ينفخها نافخ، قال : وباتفاق لا قائل بتحريم ذلك، قال : ولا تقضى قواعد الشريعة تحريم الدخان المذكور،
قال : ولا شبهة أنه من البدع الحادثة إلى أن قال وإذا ما تدبر العاقل أمر الدخان وجده ملحقا بالبدع المباحة إن لم يترتب عليه مفسدة اهـ .

وجميع المحللين لشرب الدخان ينفون وقوع تلك الأحاديث الواردة في ذمه هل صحت في المذهب ؟ وهل احتج بها أباضي على تحريم شرب الدخان وأكل التتن وما كان في حكمهما كالبنج والأفيون ؟ فإن كانت واقعة فما أحراها لمذهب المحرمين وهل تلك الأحاديث ركيكة الألفاظ كما قال الأجهوري ؟ أم بعضها قوي كإياكم والخمر والخضرة وكيأتي ناس في آخر الزمان يشربون من أوراق هذه الشجرة ويصلون بها وهم سكارى الخ، وبعضها ضعيف كأنهم من أهل الشمال وهو شراب الأشقياء وهي شجرة خلقت من بول ابليس الخ، وكان الحجة عند الأصحاب رحمهم الله تعالى على تحريم هذه الأشياء المذكورة عموم قوله عليه الصلاة والسلام : " كل مسكر حرام وما أسكر كثيره فقليله حرام " وأفراد هذه الأشياء داخلة تحت عموم قوله " : " كل مسكر حرام " وسكرها مشاهد ومعلوم ضرورة وإن بلا نشاط وطرب خلافا للأجهورى ولا شك أن هذه الأشياء المذكورة من جملة الخبائث والله تعالى حرم الخبائث كلها إلا ما اضطررتم إليه ويكفي شاهدا عليهم ما حكاه الأجهورى هذا حيث قال فللمتأخرين في الحشيشة قولان قيل أنها مسكرة قال وبه قال الشيخ المنوفي قال لأنا رأينا من يتعاطاها يبيع أمواله لأجلها فلولا أن لهم فيها طربا لما فعلوا ذلك قال وبه قال الزركشي من الشافعية قال فقال لا يجوز من الحشيشة لا قليل ولا كثير، قال وقيل أنها من المفسدات قال وصحح هذا القول أبو الحسن في شرح المدونة والعلامة ابن مرزوق والشهاب القرافي قال وتبعه عليه المحققون الخ كلامه اهـ .
الجواب :
حاشا أهل المذاهب أن يحتجوا بالكذب وقد أغناهم الله تعاالى بما أولاهم من حسن التوفيق وإصابة الحق ونور البصيرة وحسن السيرة من أن يتمسكوا بمثل هذه الخرافات التي لا أصل لها إلا محض الكذب سواء كانت ألفاظها قوية أم ركيكة، فكم من كذاب يقتدر على تركيب الكلام البليغ وإن كانت بلاغته " تفحم البلغاء لكن ربما وقع الاشتباه في بعض الألفاظ، فالطريق في قبول الأحاديث أخذها من الثقات لا قوة الألفاظ فقط .
وأما الدخان فحرام من جهتين : إحداهما أنه مسكر وقد ثبت في الحديث أن كل مسكر حرام، وثانيتهما أنه مضر ولا يجوز الضرر بالنفس والمضرة حرام، وقد ذكروا فيه خصالا من الضرر تزيد على مائة خصلة ولو لا الاشتغال لذكرت لك جملة منها .
وأيضا فالدخان شراب أهل النار والعياذ بالله فمن شربه في الدنيا فقد تشبه بأهل النار ومن كان كذلك فالنار أولى به .
وأيضا فهو خبيث وحرم الله الخبائث جملة . والله أعلم .

حكم الأخذ من اللحية

السؤال :
من رأينا منه موجب الولاية إلا أنه يغلف لحيته هل لنا أن نتولاه إذا تشبث بما لعله مكذوب على النبي " من أنه عليه الصلاة والسلام كان يأخذ من لحيته وأن ابن عمر كان يأخذ ما طال منها وأن أبا عبيدة مسلم أبي كريمة يرخص في الأخذ منها ؟ وهل يصح أن ينزل إلى ولاية الرأي أو يوقف عند وقوف رأى على مذهب أصحابنا المشارقة عفا الله عنهم إذا تقدمت منا له ولاية أم لا يصح إذا تقدمت له ولاية لأن تشبثه بما روى عن أبي عبيدة لا يتأتى انكاره وإلا فيلزم تكذيب ناقله ؟ ونسبة الكذب إلى الولى كبيرة عافانا وإياه من ذلك .
الجواب :
لا ولاية لمن يغلف لحيته وقد ثبت عن رسول الله " الأمر باعفاء اللحى فما خالف ذلك فكذب، ولم يرخص أبو عبيدة إلا فيما زاد على القبضة ومع ذلك فهو رأى لم يتابع عليه، وشعار المسلمين اعفاء اللحى فمن خالف شعارهم فأخشى أن يلحقه الخروج عن حكمهم، لأن من تشبه بقوم فهو منهم وقد كان " كثيراً ما ينهى عن التشبه بالأعاجم، وإن سبقت له ولاية جاز أن ينزل إلى ولاية الرأى أو وقوف الرأى على مذهب المشارقة . والله أعلم .

صلة الأرحام ولو كانوا مؤذين

السؤال :
ابتلى بارحام ظلمة بعضهم يظلمه حقه من ميراث أو وصية، ومنهم من يثتمه ويهتك عرضه بين الأنام، ويؤذيه بقبيح الكلام، ولا يقدر أن يردعهم، أيجوز عَقّهم وهجرهم أم لا ؟
الجواب :
صِل من قطعك، ومن عصى الله فيك فأطع الله فيه، ومعصية العاصي لا تُسقط حق الرحم، والصبر على أذاه طاعة { وبَشِّر
الصابرين }
(1) والله أعلم.

ستر الزينة ولو عند شراء الحلي

السؤال :
ذو حانوت للبيع والشراء يدخل عليه النساء الأجنبيات وحليهن ظاهر، وينظر إليهن إن فرضنا بلا شهوة، أيجوز له النظر إلى القرط والوشاح مثلا والحجول والبناجرى ؟ وهل من فرق بين الحلى الظاهر والباطن ؟
الجواب :
صاحب الحانوت كغيره لا يحل له ما حرم الله، والنظر إلى زينة النساء حرام كان بشهوة أو بدونها، ويرخص في النظر إلى الخاتم في الأصبع والكحل في العين، وبذلك فسر بعضهم قوله تعالى { إلا ما ظهر منها }(2) إذ المراد بالظاهر من الزينة ما لا يمكن ستره عند الأخذ والتناول والاشهاد على الاقرار والبيع والشراء ولا يكون ذلك إلا في الوجه والكفين . والله أعلم .

الأصل حمل الأملاك على الحلال

السؤال :
من أعطى رجلا دراهم ان يدينها له، فأمره أن لا يفعل إلا بما يجوز وبما لا شبهة فيه ففعل ذلك، فعلم صاحب الدراهم من علم الناس فعليه أن يسأله وأن يتفحص عن فعله ؟
الجواب :
لا يلزمه ذلك في الحكم، وإن تنزه عن الشبهة كان أطهر . والله أعلم .

حبس المتهم بالفجور

السؤال :
من يرى رجلا قد تزيا بزي النساء ويسئل عنه فقيل مخنث والعياذ بالله، ثم تحقق عنده أمره متجاهرا بفاحشته، وله قدرة عليه ما يفعل به في هذا الزمان أو كان ولده أو ابن عمه ويعلم أنه لا يطالعه فيه مطالع، فما الحكم ؟
الجواب :
يحبسه في مكان لا يخلص إليه فيه أحد من الفسقة ولا يمكنه هو الخروج منه، ويكون ذلك بيته حتى الموت، أو يرى عليه علامة الندم وصدق الرجوع . والله أعلم .

حكم النظر إلى فرج امرأته ..

السؤال :
حديث من نظر إلى فرج امرأته أو استها لم ينظر الله إليه يوم القيامة قال بعض الإخوان فيه اشكال لاتفاق العلماء على جواز النظر لفرج الحليلة، فضلا منك بحل الاشكال أو هو غير صحيح ؟
الجواب :
الله أعلم بصحته، فإن صح فلا اشكال فيه واقع لأنه غاية ما في النظر إلى فرج الزوجة الكراهية دون التحريم، ولا يصح أن يحمل على المبالغة في الزجر لأنه اخبار بما سيقع يوم القيامة فلو حمل على ذلك لزم خلف الوعيد والقول به باطل لا يبدل القول لديه . والله أعلم .

القعود في الطريق

السؤال :
القعود في الطريق هل ينهى عنه لا سيما في زماننا من اتيان المنكر كنظر النساء، فإن كان نعم فما معنى حديث نهى " القاعدين في الطريق عن القعود قال يا رسول الله محتاجين إليها قال " فإن كان ولا بد فآتوا الطريق حقه، رواه بعض الاخوان .

الجواب :
النهي عن القعود في الطريق ثابت، والرخصة لمن أعطى الطريق حقها موجودة، وأذى المار فيها محرم، فإن حصل بالقعود أذىً لأحد المارين كان قعوده منكرا يجب على القادر نهيه عنه وكذلك إذا كان في القعود شيء من المناكر كانكشاف العورات أو النظر إلى الأجنبيات أو شيء من المحرمات . والله أعلم .

التصوير في القرطاس

السؤال :
التصاوير الموجودة في كتابة الحروز تجوز كتابتها أم لا ؟
الجواب :
لا يجوز تصوير ذي روح لا بالكتابة ولا بغيرها، وقد كره رسول الله " ثوبا فيه تصاوير وقد قال : " ان من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون " وأنت خبير بأن التصوير في القرطاس كالتصوير في الثوب وقد نهى ابن عباس عن نقش التصاوير في الأسلحة ومثلها التصوير في القرطاس . والله أعلم .

الاوفاق في الطلاسم غير المفهومة

السؤال :
الأوفاق في الطلاسم إذا لم يفهم معناها بل يجدها تكتب وتلقى في النار للبخور وغيره .
الجواب :
اختلف في كتابة الطلاسم المجهول معناها فقيل : لا تجوز كتابتها، وقيل : تجوز . وإن وجدت بخطوط الثقات أو كتب علماء المذهب فأرخص .
وأما حرق أسماء الله بالنار فلا يجوز لأن حرقها إهانة والإهانة لها كفر، وإن حرقت لقصد التبرك فلا يبلغ به إلى كفر، وتركه أسلم . والله أعلم .

حكم أكل العائد للمريض عنده

السؤال :
ما يوجد في كشف الغمة قال : وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله " يقول : " إذا عاد أحدكم مريضا فلا يأكل عنده شيئا فمن أكل عنده شيئا فهو حظه من عيادته "قال السائل إذا رغب أولياء المريض في هذا العائد لمريضهم حتى رأى أن الامتناع عن الأكل من عندهم يدخل عليهم الوحشة فأكل من عندهم ما قدره الله له في جانب من البيت هل يكون ذلك حظه ؟
الجواب :
الظاهر أن معنى الحديث في رجل قصد العيادة للأكل فلا يدخل تحته ما ذكرت، وقد عاد الربيع رحمه الله رجلا من أصحابه يقال له المليح بن حسان فقال يا قرشية هاتي الطعام فتهلل وجه المليح حتى قام وكأنه ما به من المرض قليل ولا كثير سرورا بذلك فأتت بالطعام فقال الربيع لأصحابه فأكلوا وكان هو صائما . والله أعلم .

الدعاء للمريض بالشفاء دون التقييد بكون أجله آجلا

السؤال :
ما يوجد في كشف الغمة أيضا قال وكان أبو أيوب الانصاري رضي الله عنه يقول إذا عدتم المريض فلا تقولوا اللهم عافه واشفه وقولوا في أنفسكم إن كان أجله عاجلا فاغفر له وإن كان أجله آجلا فعافه واشفه وأجره وفي القناطر أن النبي " قال : " من عاد مريضا فقال بسم الله العظيم أسأل رب العرش العظيم أن يشفيك عوفي إن لم يكن حضر أجله " ومنه أيضا أنه " قال " إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الأجل فإن ذلك لا يرد شيئا " وكأن ما في القناطر عنه " يدل على جواز الدعاء للمريض سرا وجهرا من غير تقييد بشرط عاجل الأجل وأجله ما معنى ذلك عن أبي أيوب ؟
الجواب :
إن قول أبي أيوب الانصاري محض اجتهاد منه إذ لم يرفعه عن رسول الله "، فالذي في القناطر أولى وهو موافق للقياس، لأن الدعاء بطول العمر في الأصحاء جائز والمرضى مثلهم . والله أعلم .

حكم الشعر والشعراء

السؤال :
عن قول النبي " من قرض بيت شعر لم تقبل له صلاة تلك الليلة حتى يصبح هذا يحمل على مطلق الشعر أم على الشعر المحجور أم ما معناه ؟
الجواب :
ذلك في الشعر المحجور كمدح الجبابرة وذم المسلمين ونحو ذلك لا في مطلق الشعر لأن الله تعالى قد استثنى الشعراء المؤمنين وأباح لهم الانتصار ممن هجاهم ظلما فقال عز من قائل { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وانتصروا من بعد ما ظلموا }(1) وذلك بعد قوله تعالى
{ والشعراء يتّبعهم الغاوون }
(2) الخ الآيات .
وأيضا فقد أقر رسول الله " حساناً وكعب بن مالك وكعب بن زهير وغيرهم على انشاء الشعر وانشاده في حضرته وحض حساناً على المنافحة عنه وأثنى على بعضهم، وقال عند سماع بعضهم : " إن من الشعر لحكمة وأن من البيان لسحراً " . والله أعلم .

أثر التوبة في درء الحد

السؤال :
القصاص والحد أيدفعان الذنب عن القاتل والزاني مثلا أو لا إلا التوبة ؟
الجواب :
الذنوب لا تمحوها إلا التوبة إن كانت كبيرة . وأما الصغائر فتكفر باجتناب الكبائر .
وأما الحد فعقوبة عاجلة وبقيت عليه عقوبة آجلة .
وأما القصاص ففيه وجهان حق للعباد وعقوبة للجاني والله أعلم .


حكم قراءة القرآن على الدابة المركوبة

السؤال :
قول بعض العوام أنه لا يصح قراءة القرآن على الدابة المركوبة لأن ذلك يزيدها ثقلاً ولا يصح إلا بإذن من ربها ودليله على المنع قوله تعالى { إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا }(1) هل هذا عندك صحيح أو لا ؟
الجواب :
لعل القائل بذلك من أكابر العلماء لا من العوام كما زعمت، فإنه منقول في آثارهم من غير نكير عليه والعاميّ لا ينقل عنه العلم ولعل شبهة قائله ما يوجد أنه " يثقل عند نزول الوحي حتى قال بعض الصحابة أوحى إليه " وأن فخذه على فخذي فكادت تكسرها وإنما ذكروا الآية لظهورها في هذا المعنى عندهم .
والجواب أن الثقلة من نزول الوحي لا من حصول التلاوة فقد ثبت أنه " يغط عند نزول الوحي لثقله عليه ولا كذلك التلاوة وبيانه أنه في مباشرة الوحي تحمل مشقات ولا يوجد شيء منها في التلاوة كرؤية الملك أو سماعه وغير ذلك من الأحوال الهائلة .

وأما قوله تعالى { سنلقي عليك قولا ثقيلا }(1) فيحتمل أن معنى الثقل ما وصفنا من حصول المشقة بمباشرة الوحي وإن يكون معناه ثقيلا في القدر فهو عبارة عن جزالة المعنى وفصاحة الألفاظ وبلاغة الأحوال وبالجملة فليس لما قيل من المنع دليل والله أعلم .

معونة الجبار بالكتابة

السؤال :
التقية هل جائزة بالفعل وذلك كما أمر الجبار أحدا من الناس يكتب له باتيان أحد من الرعية وخاف على نفسه أو ماله إن لم يكتب، أرأيت إن نال المكتوب إليه ضرر من الجبار في مال أو نفس هل من ضمان على هذا الكاتب ؟
الجواب :
الكاتب والجبار عوينان في ذلك، وهما ـ والعياذ بالله ـ شريكان في الضمان والعذاب . والله أعلم .


كتابة الحروز والصور التي فيها

السؤال :
عمن يكتب الحروز أيجوز له أن يكتب صورة اللعينة أم الصبيان على ما يراها مصورة في الكتب فإني لا أرى حرزا مكتوبا عنها إلا هي مصورة فيه ؟
الجواب :
تصوير ذوات الأرواح حرام جماعا، وفي الحديث أن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون فلا تغرنك الحروز . على أني أكره كتابتها من غير تصوير فكيف الحال مع التصوير { ومن يتوكل على الله فهو حسبه }(1) وقد ضعف في زماننا اليقين فعولوا على الحروز وليت شعري هل كان هذا في عهد الصحابة وكم حرزا كان على أبي بكر وعمر وإخوانهم وأطفالهم ؟ ! نعم قد نقل عن بعضهم كتابة بعض الآيات القرآنية تبركا، لكن لا على هذا الحال الذي يصنعه أهل الزمان { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده }(2) . والله أعلم .


كتابة الطلاسم غير المفهومة المعنى

السؤال :
من كتب الطلاسم إذا لم يفهم معناها أيكتبها على ما يراه في الكتب أم لا يجوز له ؟
الجواب :
اختلف في كتابة الطلاسم المجهولة فقيل : لا تجوز كتابتها مخافة أن يكون فيها كفر، وقيل : تجوز لأن الأصل إباحة الأشياء حتى يصح حجرها، وإن وجدت بخطوط الثقات العارفين بمواضعها فهي أقرب إلى الجواز حسن ظن بالثقات والله أعلم .

النظر إلى فرج الزوجة عند الجماع

السؤال :
عما في كشف الغمة أيضا في آداب الجماع كان ابراهيم النخغي يقول من نظر فرج امرأة أو أستها لم ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة فعلى هذا يكون حراما أم لا ؟ لأجل الوعيد، والذكر في الزوجات لا المزنيات وهل كذا في الأثر عن أصحابنا أم لا ؟

الجواب :
قول النخعي لا يتوجه على الزوجات وإنما هو في غيرها من النساء، وإنما ساقه صاحب الكشف في آداب الجماع لينفر به السامع عن النظر المكروه، وهو تنفير بَشْع لأن الواجب على العلماء البيان وهذا عكسه، وعلى كل حال فالنظر إلى عورة الزوجة ليس بحرام وإنما هو مكروه فقط ولا نعلم قائلا بالتحريم أصلا . والله أعلم .

السنة في لبس الخاتم

السؤال :
السنة في لبس الخاتم في اليمين أم اليسرى ؟
الجواب :
قد جاء في الكل أحاديث، وأكثرها وهو المرجح يدل على اليمين وهي أولى بالكرامة وأنسب في معنى النظافة، لأن اليسرى أعدت لأمور منها الاستنجاء فيسقط النجس بين الخاتم والجسد فاللائق الموافق لمنصب الشرع الشريف أن لا يكون في اليسرى ما يمسك شيئا، ولهذا أو نحوه أمرنا بتقليم الأظافر، ولا ينتقض ذلك بتقليم أظافر اليمنى فإن العلة غير محصورة في معنى واحد بل مركبة من معانٍ كل واحد منها يستقل بالحكم لو انفرد، فهو نظير الوضوء من البول والغائط معا . والله أعلم .

حكم دخول بيت الأخ بلا استئذان

السؤال :
الداخل بيت أخيه بغير إذن هل يصح له هذا الدخول ؟ وذلك مثل أن كان أخوه نائما وأراد هو أو غيره من الناس أن يوقظه من نومه لمثل صلاة أو غيرها، لأنه إن أراد أن يستأذنه ربما لا يسمعه لأنه نائم، أيصح له الدخول في مثل هذه أم لا يصح له مطلقا أعني في مثل هذه أو غيرها من غير إذن ؟ وهل إذا رخص له أخوه أو غيره أيصح له الدخول أم لا يصح رخص أو لم يرخص ؟
الجواب :
ليس له ذلك رخص أم لم يرخص إلا إذا أذن له في الدخول في وقت مخصوص يكون كل منهما عارفا به، وكذلك أهل البيت فيكون الجميع على حذر من جهة الستر، وكذلك له أن يرخص بالدخول في مكان دون مكان وذلك كما إذا رضى له أن يدخل في الحائط حتى يدنو من الباب الداخلي فيبقى ستره في المكان الداخل، وفي النفس من هذا شيء أيضا والتنزه عنه أولى لامكان أن يصادف امرأة خارجة، وقد يقال أنهم إذا أذنوا لأحد في مكان مخصوص فليس لأحدهم تجرد في ذلك المكان والله أعلم .

دخول بيت الوالدين بلا استئذان للمقيم معهما

السؤال :
دخول بيت الوالدين إذا كان الولد عندهما وهو بالغ الحلم كما إذا دخل لغرض من الأغراض مثل أكل قوت أو غيره أيصح له الدخول بغير إذن في غير المواضع التي ذكرها الله تعالى في كتابه أو في المواضع أيضا ؟ لأنهما ليسا بأنفسهما في البيت فقط بل فيه غيرهما مثل المماليك إماء أو ذكورا والبيت واسع كبير ربما هما في جانب منه أم لا يصح له من غير إذن في المواضع كلها ؟ أم لا يصح له في المواضع المذكورة ويصح له في غيرها ؟ أم لا يصح له مطلقا من غير إذن ؟ أم يصح مطلقا من غير إذن ؟
الجواب :
قال الله تعالى { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا }(1) واعلم أنه لا بأس بدخول البيوت المباحة لكل أحد محرما أو غير محرم، وكذلك إذا أبيحت لأناس مخصوصين فليس على أولئك المخصوصين إذن إذا كانوا لا يمنعون في كل وقت، وعليهم أن يستأذنوا في دخول الأمكنة المعدة للخلوات كالصّفيف والغرف والمصلى . وأما غيرها فعلى حسب العادة فيها والله أعلم .

معنى : أحمد الله إليك

السؤال :
قول القائل لغيره أحمد الله إليك قالوا معناه : أنهي حمد الله إليك هذا ما وجدناه في التفسير، لكن أقول ما معنى انهاء حمد الحامد إلى غيره سواء كان في حضرته أو مخاطبا له في كتابه ؟ وما الفائدة فيه ؟ فالحمد من جملة الطاعات والعبادة فما الداعي إلى إظهارها ؟ وعمل السر أولى وأفضل، فضلا منك بالنظر فيه وهل ذلك لائق الخطاب به للمتولى وغيره أو يخص به هو ؟ فضلا منك بالجواب .
الجواب :
ليس كل الطاعات السر فيها أولى فإن بعضها الجهر فيها أولى، وذلك كل ما كان في اظهار شعار للإسلام كاظهار التهليل والتكبير والتسبيح والتقديس ومنه الأذان والجماعات والجمعات والتلبية في الحج والتكبير في العيدين وغير ذلك، وهذا يطلب اظهاره للولى وغير الولى والمسلم والمشرك، لأن في ذلك اظهاراً للإسلام وارغاما للكفر { والله متم نوره ولو كره الكافرون }(1) .
وأما الطاعات المطلوب اخفاؤها فهي النوافل الزائدة على الفروض، فإن اخفاءها مطلوب شرعا لسلامة الصدور .
فإن قيل وكذلك التحميد زائد على الفرض، أجيب بأن التحميد يشترك فيه جميع الموحدين فليس في اظهاره آفة تخشى بل فوائد ترجى، وهي اظهار الشعار واعلان الثناء لمن ليس كمثله شيء والله أعلم .

كيفية التوبة من الزنى بنساء مطاوعات..

السؤال :
من زنى بنساء كثيرة ببلادي شتى وبنادر قاطع بين وطنه وبينها بحر، ولم يعلم بأن فيها أحدا من الإماء خاصة ولو كن سودا وهن مطاوعات له لا قسرا، وأراد هذا الآن الخلاص والتوبة والرجوع إلى مولاه، لعل الله يقبل منه ولمن عليه من جزيل عطاياه، وما يعجبك في حاله ؟ وكيف تأمره يفعل ؟ أتجزئه التوبة والندم على ما فرط أم عليه صدقاتهن كل على قدر صداق المثل ؟ والخاطئات السود التي ببنادر العجم التي لم يتيقن له أنهن إماء يكون حكمهن الحرية أم لا ؟ ويجوز لهذا الخاطئ إذا تاب إلى ربه بنية خالصة لم يَشُبْها كدر ولا رياء أن يعلن بفعله مع حاكم عدل لينفذ فيه أحكام الله ويكون مبرئاً نفسه عند الله أم الكتمان أولى ما بينه وما بين المولى ويجتهد في الخلاص من فرطاته ويطلب من الله الإعانة على لزوم طاعاته والله سميع بصير ؟
الجواب :
تجزئه التوبة الصادقة عن جميع ما فعل من ذلك كله، ولا يلزمه صداق لأحد منهن لأنهن مطاوعات، والحكم أنهن حرائر وإن كن سود الألوان، ولا يجوز له أن يخبر أحدا بفعله القبيح لا إماما ولا غيره بل عليه أن يستتر بستر الله لقوله " : " أيها الناس من أتى منكم شيئا من هذه القاذورات فليستتر بستر الله فإنه من أبدى لنا صفحته أقمنا عليه كتاب الله " .
ولا تتوقف التوبة على إقامة الحد وليس ذلك من شرطها وإنما هو عقوبة يتولى أمرها الإمام دفعا للمفاسد وزجرا عن المعاصي . والله أعلم .

التخلص من ضمان الزنى بمملوكة مع الإبهام للستر

السؤال :
من زنى بمملوكة ثيب وأراد أن يتخلص من الضمان لسيدها هل يكفيه إن قال لسيدها من ضمان لزمنى من مملوكتك فلانة أو من خدامك وأراد أن يستر فعلته هل تراه - سيدى - ينحط عنه الضمان ؟ وسواء كانت المملوكه في بيت سيدها أو خارجة بيت سيدها وهى تخدم لنفسها من حيث أن سيدها عاجز عن قيامها، وسواء كان الفعل غصبا نعوذ بالله أو غير غصب، وإن كانت هذه المملوكة مغصوبة من سيدها ولم يدر سيدها كيف يفعل بما هو لازم عليه، فضلا منك بالجواب .

الجواب :
نعم يجوز ذلك، ولا يلزمه - بل لا يجوز له - أن يفسر السبب لنهيه " عن كشف هذه القاذورات مع ما يترتب على الكشف من المفاسد والفتن، وهذا شامل للمغصوبة وغيرها، وإن لم يعرف المالك اجتهد في البحث عنه وإن تعذرت معرفته دفع ذلك على الفقراء لأنه مال مجهول ربه والله أعلم .

مناصرة المرأة الضعيفة ولو على وليها

السؤال :
رجل منافق متجبر على امرأة ضريرة وهي مؤمنة على حكم الظاهر، وهو وليها ولذلك يقسو عليها ويهددها إلى القتل والنهب وقد بان منه فيها من فعله من أعمال الظلم ولم يكن عندها من يمنعه عنها ظاهرا، فيجوز لها أن تسلط عليه من يصرفه عنها بوجه ما ؟ ويجوز من الذي تطلب منه إزالته عنها ما اشتهر من بغيه وأذاه فيها ظاهرا وباطنا ؟ وهو لم يترك مطلبه عن هلاكها لأجل مالها لأنه هو الوارث .

الجواب :
ينصح هذا الرجل ويخوّفوه عقوبة الله تعالى، فإن استكبر وأصر على الفعل القبيح جاز دفعه عن المرأة باطنا وظاهرا حتى يزول عنها الضرر والله وأعلم .

الضيافة حياء لا تضمن

السؤال :
قائد السرية أو رئيس قوم يزيدون عن عشرين رجلا نزل بهم في ساحة قوم آخرين فالتزموا ضيافتهم حياء، هل يلزم هذا القائد أو الرئيس ضمان تلك الضيافة لأهل المنزل ؟ حيث كان سبب الحياء ولولاه ما أضافوهم .
الجواب :
لا ضمان عليه، والحياء من الدين وإكرام الضيف من حقوق الإسلام، وفي حديث أبي هريرة أن النبى " قال : " ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه " ولا يشكل عليك كثرة الرجال فإن للعرب شيما فوق ذلك والنبى " بعث ليتمم مكارم الأخلاق، وهذا كله حيث لا جبْر ولا غصْب ولا تقيّة والله أعلم .

منع الظلم ومعونة الجبارين عليه

السؤال :
هل يجوز للرجل أن يسعى لنزع شيء من بيت المال من يد مؤمن ويعطى ظالما يستعين به على دولته ؟ وكذلك هل يجوز له أن يسعى مع الجبار أو أعوانه بطرد مؤمن من أوطانه ؟ ومن فعل ذلك ما يلزمه وهل تقبل شهادته وهل تثبت ولايته إذا تعود شيئا من الكذب وغيبة المؤمنين ؟
الجواب :
جميع ما ذكرته حرام لا تصح عليه الموالاه ولا تقبل معه الشهادة، لأنه إما فسق محض وإما معصية تخل بالمروءة، وعلى فاعل شيء من ذلك التوبة والله أعلم .

عورة المرأة من المرأة

السؤال :
الأجنبية ما يجوز أن تراه وتمسه من الأجنبيه كالغمز إلى غيره ؟
الجواب :
ما أرى إلا البعد، وقد أمرنا بالاستتار والاحتجاب فما ظنك بالغمز، فترك ذلك أولى إذا خيفت الرّيْبة وإن لم تكن ريبة ولا شهوة فلا بأس فيما فوق السرة وتحت الركبة وما بين ذلك عورة لا يجوز اللمس ولا النظر إلا عند الضرورة والله أعلم .

التداوي بلبن الأتان

السؤال :
التداوى بلبن الأتان هل جائز ؟
الجواب :
يجوز التداوى بذلك ويجري في جواز شربه اختيار الخلاف الوارد في أكل لحومها والله أعلم .

الاعراض عن الوسوسة

السؤال :
المصلى إذا خطر له في باله في الله وفي صفاته بما لا يليق فعليه أن يرد ذلك ويعارض بما يليق وقالوا من تعارض الفروض يا سيدى كما تعلم من عداوة ابليس إذا تصدى لمثل هذا فيركض عليه بخيله ورجله في ترك هذا وإقباله على عمله تفضل بالرخضة .

الجواب :
الإعراض عن وسوسة عدو الله هو الفرض المتعين لا نفس المناقضة فإذا أعرض الإنسان عن وسوسته لن يضره كيده شيئا { إن كيد الشيطان كان ضعيفا }(1) وإذا أخذ في مناقضته لم يأمن قليل العلم غلبته لأنه أعرف منه وأدرى بالمكايد هذا في غير الصلاة ويتأكد الإعراض حال الصلاة من الضعيف والعالم .
هكذا يظهر لى وإن خالفه ظاهر الإيضاح والمناقضة تتعين على العالم في رد البدع وإزالة اللبس ورفع الإشكال والله أعلم .

التخلص من الحيوان المؤذي بالقتل

السؤال :
هل يجوز قتل السنور إن كان مؤذيا أم لا إن لم يستطع لتقليم أظفاره بما ورد في الأثر .
الجواب :
لا أعرف الأثر الذي جاء بتقليم أظافر السنور، والذي عندي جواز قتله إذا آذى وليس هو بأشد حرمة من الإنسان وقد جاز قتله إذا آذى المسلمين، وجاز قتل الذئب والكلب الضارى لإيذائهما وكذلك تقتل الحية والعقرب لإيذائهما، وكل من آذى طبعا جاز قتله شرعا . والله أعلم .

معاشرة الزوجة بمكان خال دون ستر

السؤال :
هل يجوز للرجل أن يجامع امرأته فوق سطح بيت أو فوق سجم إذا لم يكن عليهما ستر إذا كان في مكان خال يأمن ألا يدخل عليهما فيه أحد ؟
الجواب :
نعم له ذلك، ولكن يكره من جهة النسل فإنه يخشى على الولد المتكون من ذلك الجماع النفاق لمناسبة الخلاء الذي بين السطح والأرض بالنفاق، وذلك سر خفى قد يقع وقد لا يقع والله أعلم .

أول اليوم

السؤال :
أول اليوم من طلوع أول الفجر أم من أول الليل ؟

الجواب :
قد اختلف في ذلك العرب وغيرهم فقالت العرب اليوم من غروب الشمس إلى غروبها من الغد وذلك لأن شهور العرب مبنية على مسير القمر وأوائلها مقيده برؤية الهلال، والهلال يرى عند الغروب فصارت الليل عندهم قبل النهار .
وعند الفرس والروم أول اليوم طلوع الشمس بارزة من المشرق إلى وقت طلوعها من الغد، فصار النهار عندهم قبل الليل .
وعند أصحاب التنجيم أن أول اليوم موافاة الشمس فلك نصف النهار إلى موافاتها إياه في الغد، وبعضهم ابتدأ اليوم من نصف الليل .
ولكل طائفه تشبثات وهمية وتعلقات خياليه يرون أنها عقلية والحق ما جاء به الشرع وهو ما عليه العرب والله أعلم .

إيثار من في القافلة بالماء غيره

السؤال :
عن البيتين اللذين وجدتهما في أرجوزة الصايغى وما معناهما :

وجوزوا الشرب أولى القياس


بأثره من قابض الفنطاسى




بغير إذن الراكبين يا فتى


وقيل لا في الكتب عنهم قد أتى


الجواب :
لو وصفت لى الباب الذي فيه البيتان كان أمثل، وقد طلبتهما من الأبواب التى أظنهما فيها فلم أقف عليهما في شيء منها، وكأنه يتكلم في راكبى البحر وكأنه أراد بالفنطاسى الوعاء الذي جمع فيه الماء للشرب .
والمعنى أن أهل القياس اختلفوا هل يجوز لقابض الماء أن يؤثر أحداً بالشرب منه دون غيره : منهم من أجاز ذلك، ومنهم من منع إلا بإذن الراكبين لأنهم فيه كالشركاء وينبغي أن يكون هذا الخلاف حيث لا تخشى ضرورة على أحد بذلك فإن خيف الضرر امتنعت الأثرة قولا واحداً فيما أرى والله أعلم .

الفرق بين الوسم والكي والرشن

السؤال :
الفرق بين الكى والوسم بالنار أليس الوسم هو الكى، إذ وجدت في الخزائن عن بعض العلماء أن الوسم والكى لا يجوز يعنى بذلك في العبد فعلى هذا اللفظ كان الوسم غير الكى أم الكى زيادة في حرق الجلد فهو شيء فوق الوسم والوسم ما يكون دون ذلك ؟ أم هما من الأسماء المترادفة كالقمح والبر؟ في عرفنا معشر العوام أن الوسم والكى في عصرنا هذا شيء واحد .
ثم الرشن ما معناه ولقد فرق هذا القائل بينه وبين الوسم والكى قائلا أن الكى والوسم لا يجوز وأما الرشن فقد اختلف فيه وفي القاموس الرشن العرض من الماء قال ويحرك وهذا غير ملائم أيكون معناه الوشم الذي هو غرز الإبرة في البدن أم ما معناه ؟
الجواب :
كذلك أيضا في عرفنا نحن أن الوسم والكى شيء واحد وعلى هذا فهما مترادفان، ولعل الوسم أخف وهو الوسم بالميسم والكى بالرّزه ونحوها .
وأما الرشن فلا أعرفه ولعه وسم بإطراف القضب أو نحو ذلك نظير ما تفعله العامة في الكواشح على زعمهم الفاسد والله أعلم .

التوبة بالسر أو العلانية

السؤال :
ما حقيقة معنى قوله عليه السلام لمعاذ رضى الله عنه : " أحدث لكل ذنب توبة، السريرة بالسريرة والعلانية بالعلانية " هل السريرة ما اعتقد المرء بجنانه ولم يذع به لسانه فيكون التوبه منه كذلك، والعلانية ما عدا ذلك، أم المراد بالسريرة ما لم يطلع عليه غيره مطلقا إلا من فعله معه والعلانية ما اشتهر واستفاض ؟ ما معنى التوبة منه على معناه الإذاعة بالتوبة واشتهارها وإفاضتها كاستفاضة الذنب أم معناه ما استفاض عنه من الذنوب يتوب منه بلسانه مع الإقلاع بالجنان وما لم يطلع عليه غيره يكفيه التوبة منه بالجنان دون الإذاعة باللسان أم معناه غير هذا ؟
الجواب :
يحتمل المعنيين فإن قلنا أن المراد بالسريرة ذنوب القلب كانت التوبه منها إعلامها من القلب كذلك إن قلنا أن العلانية المعاصى الظاهرة على اللسان والجوارح فالتوبة منها مع الندم الاستغفار والإقلاع .
وإن قلنا أن المراد بالسريرة ما اختفى على الناس والعلانية ما اشتهر فيهم فالتوبة تجزئ من الأول بدون اشتهار وتحتاج في الثاني إلى الاشتهار وأحسب أنه قد قال بكل واحد من المعنيين قائل والله أعلم .

قراءة القرآن وهو يعمل أو يمشي

السؤال :
الذي يمشى في الطريق يقرأ القرآن يجوز له ذلك أم لا ؟ وكذلك الذي يخدم الخوص أعنى يقلد أو يسف أيكره ذلك أم لا ؟
الجواب :
ينبغى لقارئ القرآن أن يكون في أكمل الأحوال وأن لا يشغل نفسه عنه بعمل، وإن لم يجد بدا فلا بأس عليه والقراءة وهو يمشى أرخص والله أعلم .

رد السلام بكلمة ( مرحبا )

السؤال :
رجل مر على قوم وقال لهم السلام عليكم قالوا له مرحبا قد ردوا عليه السلام على هذه الصفة أم لا ويحتاج يرد على نفسه إذا كان ما ردوا عليه السلام على قولهم هذا أم كيف يفعل ؟
الجواب :
ليس قولهم مرحبا من رد السلام في شيء، والرد المأمور به غير ذلك فمن اقتصر عليها فليس براد السلام والله أعلم .

انكار المنكر ولو ممن فيه فسق

السؤال :
المقدم في البلد إذا كانت له يد على أهل بلده هل له أن يردع من يخاف منه الضرر أو الفتنة بالضرب والقيد قبل أن يقع الشر بما قد تقدم منه شيء في غير المحذور ؟ وهل لمثلنا أن ينبه هذا المذكور إذا كان غافلا عن الشيء المخوف وقوعه ويأمر بالشد والعقوبة ؟ وكما تعلم أن هؤلاء المقدمين يكون فيهم الثقات وغيرهم لكن في غالب الظن لا يقدم أن يزيد فوق الكفاية بل ربما لا يقدر عليها لكثرة المجادلين لأهل الباطل، وكذلك إذا وقع الشيء وانفصل هل له العقوبة ؟ وما النية في ذلك إذا جاز ؟ وأفتنا بالأوسع والحاجة داعية .

الجواب :
دفع المفاسد مطلوب شرعا فهو محبوب إلى الشارع كسائر أفعال الخير، وإن قام به أهل الفضل في الدين فقد صادف محله وصار كاملا، وإن قام به سواهم من أهل الدنيا فقد اندفع الضرر وارتفع البلاء، ويؤيد الله هذا الدين بأقوام لا خلاف لهم ويلزم القادر من أهل الدنيا ما لا يلزم العاجز من أهل الفضل لأن لقدرته مناطا من العبادات كما أن لماله مناطا منها وهو الزكاة، وإذا ضيع الفاسق فرضا فلا يسقط عن سائر الفروض بسبب تضييقه ولهذا المعنى أجاز بعض المسلمين إقامة الحدود للجبابرة حتى قال أبو الشعثاء رضى الله عنه أحسن عبد الملك أو قال أجاد حين بلغه أنه ضرب عنق أعرابى تزوج امرأة أبيه والله أعلم .

حكم زيارة قبره "

السؤال :
زيارة النبى " هل عبادة كالصلاة عليه أم هي وغيرها من زيارة القبور سواء ويكون الفضل على قدر المزور ؟ وما يوجد في بعض الكتب أن النبي " حى في قبره يسمع كل من سلم عليه ويتوسل به هل صح هذا معكم ؟ وإن صح فما هذه الحياة وما هذا السمع ؟ وهل التوسل به في مكانه وفي المسجد الحرام فرق وكذلك الصلاة عليه ؟
الجواب :
لم تلزم زيارة شخصه الكريم في حياته فكيف تلزم زيارة قبره بعد وفاته، هذا لا يقول به عاقل ولو لزمت لكان الصحابة أحق بالقيام بها، لكن زيارة قبره فضل فقط . وقولهم أنه حى في قبره ممكن فإن الشهداء أحياء عند الله ولا شك أنه " أعظم منزلة عند ربه والله أعلم .

التشبه بغير المسلمين في خصوصياتهم

السؤال :
لباس الكوت الذي كان من لباس النصارى والآن أكثر أهل القطر يلبسونه هل يجوز لبسه لا سيما من برد أم لا يجوز ؟
الجواب :
لا يخفى على جنابك أنه " نهى عن التشبه بالأعاجم وأمر بمخالفة أهل الكتابين، فأى حال اختص به هؤلاء من مأكل أو من ملبس أو تخلق فليس لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر أن يشاركهم في ذلك، ومحبك لا يعرف الكوت حتى يتكلم فيه على الخصوص والله أعلم .
فإن قيل لابس ذلك لم يقصد التشبه وإنما قصد دفع البرد ونحوه قلنا الجواب واحد والتشبه بهم حرام قصد أولم يقصد، نظير النهى عن الصلاة عند الطلوع والغروب وعند الاستواء فإن الصلاة في الأوقات المذكورة حرام للتشبه بعبدة الشمس فليس لأحد أن يصلى فيها ويقول لم أقصد التشبه وإنما قصدت الصلاة والله أعلم .

معاونة النصارى المتغلبين على بلاء المسلمين

السؤال :
رجل من أهل عمان ولد بأرض السواحل فنشأ هناك بأموال له هناك، ثم غلب النصارى على هذه البلاد فطلبوا منه أن يكون في دولتهم يأمر بأمرهم وينهى بنهيهم كما دلت عليه سياسة المملكه والإيالة، ومن ذلك منهم عدم ملك بنى آدم فإذا جاء أحد من المسلمين بعبيد حجر عليهم الذهاب بهم إلى أن يصل أحد من رؤسائه النصارى ليأخذهم منه ويحررهم، وجعلوه يعد بيوت البلد ليأخذ النصارى الخراج منهم ففعل ذلك بأمرهم مخافة أن يأخذوا ماله إن لم يأتمر لهم في هذه وأمثالها، وكان له مال عظيم يحب بقاءه وزيادته لينتفع به بنفسه ومن يتصدق عليه من المسلمين بعمان، ونيته كل سنة يرسل لعمان أموالا ليشترى له بهن أصولا من عمان وفيمن أوقف من العبيد إلى أن حضره النصرانى ليذهب بهم من يعرف ومن لا يعرف، ما الخلاص له علمنا ما يحجر من امتثال أمر النصارى ؟ وما يباح ؟ وما فيه التوبة والضمان ؟ وما فيه التوبة بلا ضمان ؟ وما لا توبة فيه من امتثال أمرهم ؟ وقد سألتك عن هذا لا عن رجل بعينه وإنما هو فرض مسألة لأن الحاجة في عمان قد تدعو لذلك لما نشأ من أمر النصارى وأنت بحمد الله غير مخفى عليك ذلك فقد يقع لك السمع من أمر النصارى في عمان وغيرها ففتحت لك الباب في هذا المعنى لتستخرج ما احتوى عليه .
الجواب :
لا تجوز معاونة النصاري بشيء مما ذكرت { ومن يتولهم منكم فإنه منهم }(1) ولعمرى أن هذه المعاونة وأمثالها هي التى سلطت النصارى على ممالك المسلمين، داهنت الملوك وعاونت الرعايا { أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا الا من تاب }(2) والله أعلم .

اتباع القراءة بالدعاء دون التباس

السؤال :
هل يسع قارئ القرآن إذا وجد أن من قال على أثر السورة الفلانية من السور القرآنية كذا وكذا على معنى الدعاء ولغرض دنيوى أو أخروى متصلة قراءة الدعاء بقراءة السورة أم هذا ممنوع البتة ؟
الجواب :
أما المنع فلا أرى معنى إلا إذا كان يلتبس على السامع الذي لا يعرف القرآن، فإذا أوهم السامع أنه من القرآن وقع المنع والله أعلم .

نظر المرأة إلى الرجال وعكسه

السؤال :
المُميتة من النساء هل يجوز لها النظر إلى أحد من الرجال الأجانب تتخذه لقضاء حوائجها مع عدم غيره من ذوى المحارم وهى إذ ذاك مضطرة لذلك ؟ فهل من رخصة لها في ذلك ؟
الجواب :
المُميتة وغيرها من النساء في النظر إلى الرجال حكمهن حكم واحد، فما جاز لغيرها من ذلك يجوز لها وما امتنع امتنع، وليست المميتة أشد من غيرها . والله أعلم .

التوبة، والابراء دون تعيين

السؤال :
فيمن وجب عليه عقر من وطء حرام ثم ندم على ذلك وتاب لله تعالى مقلعا عما أتاه وأراد التخلص مما عليه هل يكفيه أن يذكر قدر الواجب عليه ويسأل فيه البرآن أم يلزمه تعيين الجملة إذا جهل ذلك من له الحق بعدم علم أو نسيان أو حضر مثلا بين يدى ذى الضمان ما قيمته توفى بقدر الضمان فإبراءه منه ومما فوق ولو كان ألوفا هل يبقى عليه بأس على هذا أم لا ؟ وما حد التوبة النصوح التي إذا كان عليها العبد أطلق عليه أنه تاب توبة نصوحا ؟ تفضل بالإيضاح التام .
الجواب :
سؤال البرآن التام من الضمان المتحقق يشبه عندي سؤال الناس أموالهم إن كان قادرا على الأداء، فلا يعجبني سؤال البرآن وإن كان الضمان غير متحقق فلا بأس، وكذلك إن عجز عن الوفاء لا بأس عليه أن يسأل البرآن فإن أبرأه عن جملة معينة دخل تحتها ما دونها علم أنه من غفر أم جهل .
والتوبة النصوح هي المشتملة على أربعة أشياء الندم على المواقعة في الذنب وطلب الغفران من الرب والإقلاع عن المعاصي والعزم على أن لا يعود إليها فمن اجتمعت فيه هذه الخصال فإنها التوبة النصوح . والله أعلم .

المخاطبة بالسيادة لمن لا يستحق

السؤال :
ما تقول فيمن ابتلى بمكاتبة هؤلاء المسودة والشيوخ إذا كتب سيدنا أو شيخنا، وهذه الألفاظ المستعملة في هذا الزمان من الرحمة والبركة والسلام والتحية وغيرها من الألفاظ إذا لم يقصد الكاتب حقيقتها . هل عليه في ذلك اثم إذا لم تحضره مندوحة إذا احتاج إلى ذلك ؟ دلنا على ما تراه من الواسع فإنا لا غنى لنا عن ذلك .
الجواب :
قد رخص العلماء في ألفاظ التقية، ولأبي المؤثر رحمه الله فيها توسع، ومداراة الرجال من كمال العقل والضرورة المذكورة عامة للخاصة وللعامة، ورحمة الله واسعة وعفو الله عظيم والدين يسر { ما جعل عليكم في الدين من حرج }(1) والتصلب كمال لا يدركه إلا كامل لا يبالي أصاب أم أصيب، اللهم اجعل لنا من هذا نصيب، والله أعلم .

حدّ الجوار

السؤال :
بين لنا حد الجوار بأوضح عبارة فقد يكون الجاران بينهما طريق وهم أقرب من كل جار .
الجواب :
هذا يختلف باختلاف الأحوال واختلاف العادات، وكفاك دليلاً على ذلك الفرق بين الحاضر والبادية وقد بسطنا القول في ذلك في حل المشكلات والله أعلم .

سماع الشعر والغزل

السؤال :
هل على من يسمع مدح الجبابرة وكلام التغزل بأس ؟
الجواب :
تختلف المقاصد في ذلك فمن حسن قصده فلا بأس عليه فهذه الدواوين من جاهلية ومولدين مشحونة من هذا الباب، وما رأينا أحدا من المسلمين يحجر على الناس سماع ذلك، وإن ساءت نية أحد فذلك من سوء نيته والله أعلم .

تفضيل قراءة القرآن في صلاة

السؤال :
ما تقول في رجل قام الليل يصلى إلى أن أصبح الصبح والآخر بات يقرأ القرآن إلى الصبح فمن الذي نال الفضيلة منهم أكثر أفتنا مأجورا إن شاء الله تعالى .
الجواب :
كلاهما ذو فضل، وقراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءته في غيرها، لأن الأول قارئ مصل والثانى قارئ فقط .

عورة المحارم من الرجال والنساء

السؤال :
ما الذي يصح للمرء أن ينظره من محرمته ؟ وما الذى يصح لربات الحجال أن ينظرن من الرجال ؟ فضلاً منك اكشف عنّا هذا الإشكال .
الجواب :
عورة المحرمة عند ذوى المحرم منها كعورة الرجل من السرة إلى الركبتين فيحل له النظر من محرمته إلى ما عدا السرة والركبتين صاعِداً وسافِلاً، وكذلك يَحِلُّ للمرأة النظر من الرجل إلى ما عدا ذلك إلا إذا كانت هنالك شهوة أو مخافة فتنة فإن النظر مع وجود إحدى الخصلتين محجور .
هذا كله إذا كان الرجل غير زوج، أما زوجها فما يحرم عليه شيء من ذلك والله أعلم، فلينظر فيه ولا يؤخذ إلا بعدله والله أعلم .

عدم أخذ الأجرة في القربات

السؤال :
من عمل لبعض الناس شيئا ونواه لله فأعطاه المعمول له أجرة على ذلك هل يصح له أخذه الأجرة على هذا أم لا ؟

الجواب :
ما عمل لله فلا يصح أخذ الأجرة عليه أصلا والله أعلم .

الدعاء بحسن الخاتمة لغير الولي

السؤال :
هل يجوز الدعاء بحسن الخاتمة لغير الولي ؟ وهل يجرى فيه الاختلاف في جواز الدعاء بالهداية أم لا ؟
الجواب :
لا يجوز الدعاء لغير الولى بحسن الخاتمة، ولا يجري فيه الاختلاف الموجود في جواز الدعاء له بالهداية فإنه وإن كان حسن الخاتمة مستلزما لحصول الهداية ومترتبا عليها بمعنى أنه لا يعطى حسن الخاتمة إلا من هدى إلى التقوى فليس كل ما جاز في الملزوم جاز في اللازم .
على أنا نقول إن حسن الخاتمة ثمرة الهداية وحصول المغفرة ثمرة الهداية ودخول الجنة ثمرة الهداية وكل واحد من هذه الثلاثة مستلزم لهذه الهداية وقد وقع الاتفاق على منع الدعاء بالمغفرة ودخول الجنة لغير الولي فكذا القول في حسن الخاتمة والله سبحانه وتعالى أعلم .

الحسبة بضرب أهل المناكر

السؤال :
رجل له يد في البلد وقام على أهل المناكر فيها يردعهم عن مناكرهم بما يمكنه أن يردعهم به من ضرب بالسياط وغيره وإن هذا الرجل ليس هو أمير البلد، وإن أميرها داخل تحت أهل المناكر ومخالط لهم في ذلك سألت هل على هذا الرجل ضمان في ضرب من ضربه من أهل المناكر ؟
الجواب :
إنه لا ضمان على هذا الرجل المحتسب في ضرب أهل المناكر ليردعهم عن منكرهم، وإن كان أمير البلد غيره فالواجب على كانت له يد على رفع شيء من المنكر أن يرفعه كان أميراً أو مأموراً، وليته كان قد خلط أمير البلد فيمن ضرب فإنه أجدر بذلك ولا ضمان عليه هنالك سواء طالبه بحقه من ضربه أو لم يطالبه إذا لم يتعد في ضربه حدّ الجائز
فيه .

والشاهد على ما ذكرته من رفع الضمان عن الضارب وإن كان مأمورا هو ما وقع لبعض الصحابة بالكوفة في أمر الساحر الذي يلهو به الوليد بن عقبة والي عثمان على الكوفة، فإن بعض الصحابة ممن شهر بالفضل قام إلى ذلك الساحر فقتله والأمير يومئذ الوليد، فما عاب المسلمون على هذا القاتل ما فعل بل أثنوا عليه في ذلك، وحمدوا صنيعه هنالك، وعدوا هذا الفعل من خصاله المحمودة التي لا يدرك شأوه فيها غيره، فهم يوردون قصته في معرض الثناء عليه .
والدليل على أنه لا ضمان على ذلك هو قوله تعالى { المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر }(1) وقوله تعالى { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر }(2) ففضل سبحانه وتعالى هذه الأمة بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ومدح المؤمنين على فعلهم ذلك، وأنت خبير أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يحتاج تارة إلى ضرب السياط وأخرى إلى ضرب بالسيوف ولا يصح في مقتضي الشرع الشريف أن يأمر سبحانه وتعالى بفعل شيء ويثني علينا بأمتنا ثم يلزمنا الضمان بفعله .
لا يقال " إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاص بالأئمة والأمراء فليس لغيرهم فعله، كما خصت إقامة الحدود بذلك أيضا لأنا نقول إن هذه الآيات الدالة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عامة فيدخل تحت خطابها الأمراء وغيرهم، ولا مخصص لهذه الآيات عن ذلك العموم، والخطاب بالحدود وإن كان عاما فقد ورد من السنة ما يخصصه بالأئمة، وذلك قوله " " أربع إلى السلطان : الفيء والصدقات والحدود والجمعات " . والله أعلم هذا ما حضرني جوابا لسؤالك فانظر فيه وخذ بعدله والله أعلم .

بطلان الوسم للأب لكثرة موت أولاده

السؤال :
ما تقول في أهل زماننا هذا الموجود، إنا نراهم من تكاثر عليه الموت في أولاده يقولون له فيك كواشح ولذلك طبيب، ونراهم وهم يسيرون صوب ذلك الطبيب وهو عارف بذلك من يرى فيه هذا الأذى المذكور يوسمه تحت لحيته في رقبته أوسماً خفيفة، والذي لا يرى فيه شيئا يقول له لا فيك شيء من هذا ويرجع عنه، وتقول العامة هذه كواشح تكشح الأولاد، وهذا معهم بحرب صحيح في تجاربهم ويتواصفون ذلك، ونحن لم نعلم هذه جائزة أم غير جائزة، تفضل صرح لنا ذلك وافتنا فيه بيانا لكي نعلم الحق من الباطل ولك جزيل الثواب .
الجواب :
إن تجربتهم في هذا غير صحيحة وأن اعتقادهم لذلك خارج عن الجادة الصريحة، وهل ينكر ذو عقل بأن الألم إذا كان في شخص لا يقتل غير ذلك الشخص، فإن كان هذا الألم قاتلا كما زعموا فأحق به أن يقتل من حلّ به لا ولده ولا أخاه، وبهذا يظهر لك أن هذا الفعل من العامة غير جائز والله أعلم .

ركوب ما اخترعه النصارى من وسائط نقل

السؤال :
ما ترى في ركوب ( البيسكل ) بفتح الموحدة وهو مركوب سريع المسيار، وهو من البدع التي ابتدعها النصارى في ذا العصر ونشروها في الأقطار لجلب الربابي من أهلها وربما أفضى لجلب الدين لأننا رأينا من كنا نعتقد منه الصلاح فركب ذلك فآل أمره إلى الفساد وقد كان أول حدوثهن في هذا القطر إذ انفرد بركوبه النصارى والهنود ثم صار فاشياً في أولاد العرب وغيرهم ما ترى في ركوبه ؟ بين لنا شيخنا .
الجواب :
لا أعرف ما البيسكل فكيف أقول في شيء لا أعرفه، غير أن جملة القول فيما يفضى إلى فساد الدين أن فعله حرام بلا خلاف بين المسلمين، وإن كان لا يفضى إلى ذلك فلا يمنع ركوبه لكونه من بدع النصارى فهذه المراكب البحرية وتلك السطل البرية جميعها مبتدع ولا وجه للقول يمنع ركوبها لكونها من بدع النصارى، والتعفف حسن وما يفضى إلى التشبه بالنصارى والأعاجم فالنهي واقع عليه قطعا، وصورة المسئول عنه لا أعرفها لا أرانا الله إياها . والعلم عند الله والسلام .





معنى الحكمة ‘‘ السعيد من اعتبر بأمسه ... ‘‘

السؤال :
قول الحكيم : السعيد من اعتبر بأمسه واستظهر لنفسه، والشقي من جمع لغيره وضن على نفسه بخيره .
الجواب :
معنى ذلك أن من اعتبر بما مضى وتزود لنفسه العمل الصالح فهو السعيد، فقوله بأمسه كناية عن الأحوال الماضية مطلقاً فإن في الماضي عبرا من اعتبر بها حمله ذلك على سلوك السلامة . واستظهر أي استعان والمراد به ما يستعين به المرء ويدخره لنفسه من الأعمال الصالحة .
" والشقي من جمع لغيره وضن على نفسه بخيره " يعني أن من جمع الأموال من حلال وحرام وبخل على نفسه بفعل الخير فهو الشقيّ لأنه جمع الأموال لغيره فهو يحاسب بها وغيره يتنعم فيها ولم يقدم منها لنفسه فذلك معنى بخله على نفسه . فقوله " وضن " بالضاد بمعنى بخل .

النوم في الحرم

السؤال :
النوم في الحرم انتظار للعبادة فيه لواجد سواه بيتا .
الجواب :
نعم يصح ذلك والله أعلم .

حكم السلام بالاشارة أو وضع اليد على الصدر

السؤال :
التحية التى اتخذها أهل الحرمين ومن بناحيتهم بدلا من التحية المأثورة عند سيد الأولين والآخرين " وهي السلام فبدلوها بوضع أصابع اليد على الجبهة والصدر أيجوز ذلك أم لا ؟
الجواب :
نهى النبي " عن تسليم اليهود وكان تسليمهم إشارةً بالعصى والأيدى، وصورة السؤال أشد من ذلك والتشبه بأهل الشرك حرام . والله أعلم .

اغتفار الخطأ في قراءة القرآن

السؤال :
من يقرأ قوله تعالى { قال الكافرون إن هذا لسحر مبين }(1) طول عمره ولم تتمكن من قلبه قراءة { هذا ساحر مبين }، وتردد قلبه هل هذه القراءة متواترة أم لا ؟ ومن بعد فطن لها هل يقدح في إسلامه هذا التردد إذا لم يرد إنكار تواتر القرآن ؟
الجواب :
هذا من الخطأ والغلط، والله تعالى أكرم وأرأف أن يأخذ الناس على خطئهم، ولا يفضى به ذلك إلى شك في القرآن والحمد لله على العافية والله أعلم .

الاسراع في قراءة القرآن

السؤال :
من يقرأ القرآن ويتسارع كثيراً بجوز أم لا ؟ أفتنا .
الجواب :
إذا لم يكن في السرعة لحن ولا تحريف فلا بأس عليه إن شاء الله . والله أعلم .

قراءة القرآن راقداً

السؤال :
هل تجوز قراءة القرآن للراقد على الأرض أم لا ؟
الجواب :
ليس ذلك من الأدب ولا من تعظيم القرآن، وتعظيمه واجب والتأدب عنده مطلوب والله أعلم .

قول المستمع ( طيب ) عقب قراءة آية

السؤال :
من يقرأ القرآن وعنده أحد يستمع وحينما أتم القارئ الآية قال المستمع طيب نعم، وهكذا كلما أتمَّ القارئ الآية قال المستمع كذلك، هل يجوز ذلك أم لا ؟
الجواب :
القرآن طيب لا محالة، وهذا المستمع إن آذى القارئ بذلك منع، وإن لم يؤذه فهو إلى قصده إن قصد خيراً فخير وشرا فشر والله أعلم .

لا تحل ميتة الآدمي للمضطر

السؤال :
عمن اضطرنه المخمصمة إلى أكل الميتة أتَحِلُّ له أكل ميتة ابن آدم ؟

الجواب :
لا يحل له ذلك فلحم ابن آدم حرام لا يحل بوجه من الوجوه لا في مخمصة ولا غيرها، والحربي والباغي وغيرهما في ذلك سواء من غير خلاف في ذلك والله أعلم .

كتابة حروف الآيات لتحصيل المطالب

السؤال :
بعض أكابر مجرمي قرية تملكوا البلاد وقهروا من فيها من العباد، بالجور والظلم والفساد، عدواً وظلما واستكبارا وعتوا ونفورا، فما أغنت عنهم الإنذار ولا التذكرة بأيام الله في الأخرة فتعمموا طغيا وبغيا فشرحوا بالجور صررا وكما ترى فليس للأمر قائم ذو قدرة يكبت أهل الضلال ألا وقد مس الضعفاء جور أولئك المفسدين، فعلى هذا ان أحدا من أنصار الله في حق الإسلام تفرع لمجاهدة الله الذين ذكرتهم فعمل لهم عملاً بكتابة الآيات القرآنية وليس من الآيات التى فيها أسماء الله إلا ضمير المعنى ضمير مستتر بل هي من آيات الوعيد، أترى فرقا في حرمة أي القرآن أم كله حرمة واحدة ؟ وإذا وضعت حروفاً مقطعة لا كلمات شكلية فهل يجوز دقها دقا أو سحقها أو حرقها بغير الجمر والشرر واللهب من النار ؟ بل إذا وضعت في الأسر فيذاب وهى فيه أو ماذا ترى في ذلك، فإن أحداً من العلماء قال ببعض وجه الجواز في ذلك إذ ذلك العمل عمله لله وفي الله وإلى الله وبالحق وفي الحق أعنى نية عامل هذا، لكن ماذا ترى إذا حضر مع السؤال وقامت عليه الحجة من قبل الله فقيل له ماذا فعلت بكتابى وآياتى أم كذبت بحسابى أم آمنت عقابي فهتكت حرمتى لأعراض دنياك الفانية ونسيت أخراك الباقية فماذا يكون جوابه عند المليك المقتدر . قال وإن كان قد أتى مثل هذا فيما مضى زمانه فأصاب بذلك من أباح له فيه الشرع في مجتمع عليه من جواز أهلاكه ففعل ذلك بما وصفت لك لظنه يجواز ذلك وغفل السؤال قبل الدخول لما فعل ذلك . ثم انتبه للسؤال فإن صح أن ذلك محجور بذلك وأراد التوبة فماذا عليه في أحكام شروط توبته من ذلك هل يكون تغليظا أم ندما واستغفارا أم إذا ترى في جميع هذا تفصل بإفادة الضعيف وانقاذه من هلكة العمى والجهل لعله يستضيء بنور ما أوتيته من نور الحكمة والعلم ولك الأجر إن شاء الله .
الجواب :
حرمة القرآن جميعه واحدة، ولأسماء الله بنفسها حرمة أخرى بل للجميع حرمة واحترام فلا يصح حرق شيء من كلام الله تعالى ولا من أسمائه، وإن فكك الحروف بعضها من بعض ورسم حروفاً مقطعة مخالفة لرسم المصحف وقاعدة الكتابة فلا يبعد أن يقال في مثله يجوز استعماله فيما وصفت لأنها صارت حروفا منتثرة لا آية مجتمعة، وفاعل ما يمنع من ذلك تجزئه التوبة، وإن كان قد قتل به من يجوز قتله وقد فرض الله الجهاد على عباده بالأنفس والأموال وهي التجارة الرابحة المنجية من عذاب الآخرة وعلى إقامة سوقها مضى عصر النبوة وزمان الخلفاء ثم خلف من بعدهم خلف يقرؤون القرآن كما يقرؤون تواريخ الأمم، يسمعون أوامره وزواجره ويحملونها على من مضى كأنهم لم يدخلوا في خطابه، وكأنهم لم يعنوا بعتابه، فارتاحوا إلى الخمول واستروحوا بالقعود مع الخوالف وتوسعوا في المباحات وأذهبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا وجنحوا إلى الإتراف فلا نجد خصلة نعاها القرآن على أهل النفاق في عصر النبوة إلا وهى موجودة في غالب أهل زمانك ثم إن المتنبه منا بعد ما أعيته الحيلة قام إلى آيات القرآن وأسماء الرحمن فكك بناءها وأحرق حروفها الله المستعان ما كان هذا الحال على عهد محمد " ولا عهد الخلفاء الراشدين بل هو أمر محدث سعادة فاعله السلامة من حرجه { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا }(1) فلو كنا من أهل هذه الصفة حقا - ونعوذ بالله من ضدها - لوفى الله لنا بما وعد . وقال تعالى : { إن تنصروا الله
ينصركم }
(2) فلو نصرنا الله حقا لنصرنا الله غير أن قد اتصفنا بالفشل والتنازع وقد نهانا الله عن ذلك وركب غالبنا المناهى وعملوا بالمساخط وذلك موجب للغضب إن لم يعف الله . اللهم ارحم دينك وانصر المسلمين وأظهر الدين وألف بين القلوب وأجمع الشمل يا رب العالمين والله أعلم .

الترخيص في الحرير غير الخالص

السؤال :
إزار في صنفته حرير فوق الأصبعين لكنه غير خالص بل السدى غزل أيجوز لبسه أم لا ؟
الجواب :
يقع ذلك تحت الترخيص وإنما يمنع الخالص الزائد على الأصبعين والله أعلم .

شق مناخير الدواب الصاعدة للجبال، للمساعدة على النفس

السؤال :
ما يفعله جهلة هذا الزمان الذين يسفرون على الحمير يقطعون بهن الجبال والسهول والقفار فكانوا يزعمون أن دوابهم حين تطلع الجبال لا تقدر على النفس ويشقون مناخرهن زيادة فوق ماخلق الله، هل هذا يجوز أم فعله محرم ؟ وهل يجوز إخصاء هذه الدواب أم لا ؟
الجواب :
لا يجوز ذلك كله وهو من تسويلات عدو الله، فإن الله تعالى أخبر عنه في كتابه العزيز أنه قال { ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله }(1) وقد خلق الله سبحانه وتعالى الأشياء كاملة لا تحتاج إلى تكميل من قبل الخلق فليس لنا أن نصنع في أنفسنا ولا في أنعامنا شيئا إلا ما أباح الله لنا فعله وأوجبه علينا كالختان وكتثقيب أذان الصبيان للحلي وكذلك آذان النساء فالأول واجب والباقى مباح للسنة في ذلك .
ويجوز أن تخصى فحول الغنم لأجل مصلحة اللحم ومنهم من يكره ذلك وحجة الجواز أنه " ضحَّى بكبشين أي مخصيين واختارهما لكمالهما فعلمنا أن ذلك ليس بنقص في حقهما والحال أنه لم ينكر ما رآى فيهما من الخصي بل استحسنهما فيؤخذ منه الجواز والله أعلم والسلام .

حرمة العشيرة في رجب

السؤال :
ما تقول أيها الشيخ في عيد رجب وقد وقع فيه خلاف بين المشايخ سلطان بن محمد ومسعود بن على، فقال مسعود بن على قد نهى عنه إمام المسلمين عزان بن قيس وعلماء ذلك الوقت نظراً منهم وتخفيفا للناس، ومن عيّده ولم يرد معاندة المسلمين فلا أقول إنه ارتكب ذنبا، وقال الشيخ سلطان بن محمد لا يجوز عيد رجب لأنه بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ومن أكل طعام عيد رجب فقد أكل حراماً، والأمر مرجوع إليك والناس في بلادنا منهم من عيد ومنهم من انتهى وأكثرهم ينتظرون جوابك .
الجواب :
لم ينه عنه الإمام رضى الله عنه لهذا المعنى الذى ذكره مسعود وإنما نهى عنه لكونه بدعة في الإسلام، وأصل ذلك كان في الجاهلية كانت العرب في جاهليتها تذبح قربانا لأصنامها في يوم عاشر رجب ويسمون هذه الذبيحة العتيرة، فلما أظهر الله الإسلام وذهبت الأصنام وأذل الله الشرك وأهله ذهبت جميع خصال الجاهلية والحمد لله واختفى السبب واندرس الأصل الذي كانوا عليه فظن الجاهلون بحقيقة الأمر أنه لا بأس على فاعله وهيهات بل يجب التغليظ والإنكار على فاعل ذلك والفقهاء وأطباء الأمة وعلى العامة اتباعهم في مراشد دينهم، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم . والله أعلم .

كيفية الاستئذان لدخول البيوت

السؤال :
معنى قوله تعالى { حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها }(1) أهذا الاستئناس على الوجوب أم على الندب، والسلام مثلا إذا قال هو أو نصب له علامة في الأذن من تحريك شيء يصر ويصوت، هل يكفى ويخرج من الحرج وما الصحيح عندك .
الجواب :
اختلف الناس في السلام على البيوت قبل الدخول فيها فقيل واجب وقيل مندوب، وكانت البيوت يومئذ صغيرة يسمع المسلم من ورائها فأمرنا بالاستئناس وهو إظهار ما يعلم أهل البيت بقدوم القادم إليهم كتنحنح أو حسّ يقوم مقامه، ثم يسلم ويسـتأذن فإن أذنوا دخل، وإلا وقف يسيرا ثم سلم واستأذن، ثم وقف يسيرا ثم سلم واستأذن ثالثة، فإن لم يؤذن له في الثالثة رجع وهذا هو الأدب في الاستئذان أما استعمال الناس اليوم من قولهم هو وطرقهم الباب ونحو ذلك فإنه أمر حادث يحصل منه الاستئذان ذو التأدب بآداب الشريعة والعلم عند الله والسلام .

من تاب من السرقة وظل موصوماً بها

السؤال :
السارق أموال الناس ثم تاب ورجع الذي سرقه على الذي سرق عليهم وقال أيها الناس إنى قد تبت إلى ربّي ولا أحد يقول لي لصّ سارق، ولم يمتنعوا عن الكلام عليه بأنه يجوز أن يدعو عليهم بعدما تاب ورجع .

الجواب :
على أي شيء يدعو عليهم ؟! أيسرق أموالهم ثم يدعو بعد ذلك على أحوالهم ؟! ألا فليصبر على حكم ربه لعلّ في ذلك تكفيراً لذنبه والله أعلم .
مراعاة حق الجار بقدر الحال

السؤال :
حق الجار على جاره إذا كان أحدهما فقيرا والآخر غنيا فما حق الفقير على الغني .. وهل هما سواء أم لا ؟ وهل فرق إذا كان أحدهما تقيا والآخر غير ذلك ؟
الجواب :
حق الجوار ثابت في التقي والفاجر والغني والفقير، كل على قدر حاله، وتفصيله يطول . وينبغى للجار أن لا يحرج على جاره هذا التحريج فإن ذلك مِمَّا يؤذيه وقد أمرنا بالكف عن أذى الجار والله أعلم .
ما قيل إنه يحجب الدعاء

السؤال :
ما قيل من اختلاط البول والغائط يحجب الدعاء، ما السو في ذلك ؟ وهل هذا في حال الامكان والسعة ؟ بين لنا أحوال العذر، وكذلك فيما قيل من أن خلط النوى والتمر يحجب الدعاء، هل الحكمة فيه الاستخفاف بأفضلية الطعام أم نفس الخلط ؟ سبحانك اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا .
الجواب :
أما منع الدعاء بخلط الأخبثين فذلك خاصية ذكرت لا نعرف سببها، ولكن وجدت في بعض الكتب استثناء الموضع المعد للخلاء وهو الكنيف وهذا يقتضي أن ذلك المانع إنما يكون حال الاختيار .
وأما خلط النوى والتمر فهو لخاصية في ذلك ولعل سببها تضييع الطعام بخلط النوى ولعله يتقيد بحال الاختيار . على أنى لم أجد فيه شيئا مأثوراً والله أعلم .

كتم أسرار المكاشفات

السؤال :
ما يقول عفا الله عنه ووفّقه فيمن وهب الله له علماً في مكاشفات العلويات العظمى بواسطة تلاوة أسماء الله الحسنى إلهاما منه تعالى لا تعليما من كتاب ولا أخذا عن أحد، مع أن هذا المكاشف لم يعلم أن أحداً اطلع على هذا قبله ولا في زمانه، فهل يجوز لهذا الواصل أن يطلع أحداً على سره أو الكتمان أولى، من أنه واقف حيرة بين الأمر بالتعليم الوارد عن العلماء لقولهم لا تمنعوا الحكمة أهلها الخ وبين النهى الوارد عنهم أيضا نثراً ونظماً في قول بعضهم :

من اطلع على سِرّ فباح به


لا يطلعوه على الأسرار ما عاشا


فما الأول بهذا الرجل من الحالين الكتمان أم التعليم ؟ نأمل البيان الكاشف الذي لا تردد في شبهة معه والسلام .
الجواب :
لا شك أن الأولى كتمان مثل هذا وناهيك أن يسمى سِرّاً فاسمه يقتضى حكمه وعقوبة من أذاعه أن يحرم الاطلاع على مثله كما قال القائل : لا يطلعوه على الأسرار ما عاشا، والخِضر عليه السلام قد اشترط على موسى عليه السلام في صحبته أن يكون صابراً لا يسأل عما رأى وهذا الاشتراط ينبيك أن المطلوب الكتمان، وحيث لم يصبر موسى عليه السلام بل أنكر ما رأى وسامحه في المرة الأولى والثانية فارقه في المرة الثالثة، ويكون الحال الواقع من الخضر مخالفاً لمظاهر الشريعة المطهرة اقتضى ذلك تفسير ما اطلع عليه موسى وأنكره فأخبره الخضر بتأويل ذلك ثم قال : { وما فعلته عن أمرى }(1) تنزيها لساحته وتبيينا للخصوصية التى خصهُ الله بها من العلم اللدنيّ وأباح له الحكمة
بمقتضاه .

وهى خصوصية للخضر دون غيره من الناس فلا حجة فيه للصوفية في عملهم بما ينكشف لهم مما هو مخالف لظاهر الشريعة فإن رسول الله " قد أرسل إلى الكافة ولم يخرج أحد عن حكم شريعته بل يجب على الجميع التزام أحكامه، فمن زعم أنه يحكم بما ينكشف له مما هو مخالف لظاهر الشريعة فهو فاسق لا تقبل شهادته ولا تسمع دعواه، ولا تعلق له بقصة الخضر فإنه قد خص بحكم ليس لغيره أن يشاركه فيه، ولا شك أن رسول الله " قد كشف له بعض الغيب وقد اطلع من ذلك على ما لم يطلع عليه سواه ومع ذلك كله فأحكامه كلها جارية على وفق الظاهر يحكم بالبينة على المدعى واليمين على من أنكر وهكذا وهكذا،
وكتمان هذه الأسرار لا ينافى بذل الحكمة لأهلها فإن الحكمة الواجب بذلها لأهلها ما كان فيه مرشد دينهم ومصالح دنياهم من أحكام الشريعة وآدابها، وليس كشف مثل هذه الأسرار من الحكمة بل لا مصلحة لهم في ذلك بل ربما يخشى عليهم بكشف ذلك الفتنة والفساد، فإذا قال المطلع على بعض ذلك رأيت ورأيت وعلمت وعلمت ماذا يكون حال السامع عند ذلك لا يخلو من أمرين : إمَّا أن يصدقه فيفتتن، وإما أن يكذبه فيقع في إنكار ما لا يعلمْ غاية الأمر أن السر كاسمه سر وأن الله تعالى يهبه لمن يشاء، وان من كشف ذلك فقد أضاع السر، وعند الله مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو، والعلم عند الله والسلام .





المراد بكتاب الاشياخ، وكتاب الرقاع

السؤال :
نسبة كتاب الأشياخ، من الأشياخ ؟ ومن هو مؤلف كتاب الرقاع ؟
الجواب :
أمَّا الأشياخ فهم العلماء الذين كانوا مرابطين للعدو في دُما وهي السيب في أيام الأئمة وأولهم عصر غسان بن عبد الله ثم من بعده أقاموا في الرباط لدفع بوارج الهند وكتب عنهم الكاتب ما وقع لهم من المسائل فجمعه في جلدين وقفت على الثاني منهما .
وكتاب الرقاع في أحكام الرضاع تأليف عبد الله بن أحمد بن سليمان بن الخضر جد أحمد بن الفطر صاحب الدعائم وهوكتاب يوصف ولا يوجد . والله أعلم .

معنى التسليم على النفس

السؤال :
معنى قوله تعالى { فإذا دخلتم بيوتا فسلموا أنفسكم تحية من عند
الله }
(1) .


الجواب :
المراد بذلك التسليم على أهل البيوت فهم من أنفسنا، ونظير ذلك قوله تعالى { لا تخرجون أنفسكم من دياركم }(1) أي لا يخرج بعضكم بعضا والله أعلم .

الفرح المذموم والممدوح

السؤال :
حد الفرح المذموم الذي ذكره الله في كتابه العزيز { ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من
العذاب }
(2) .

الجواب :
الفرح المذموم هو الفرح المفضى إلى الإعجاب والخيلاء بما أعطي وينشأ من ذلك الفخر والخيلاء والتكبر { إن الله لا يحب الفرحين }(3) يعنى المعجبين بما اعطوا المفتخرين بذلك المتكبرين به .
وأما سرور المؤمن بنعمة الله فليس من الفرح المذموم { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون }(4) والله أعلم .
حب قيام الناس للشخص

السؤال :
معنى قوله " " من أحب أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من
النار " لِمَ لَمْ يجعل نفس الاستحباب هو الذي يستحسن به العقاب سواء تمثل لمن أراده أم لم يتمثل ؟

الجواب :
ما هذا السؤال المناقض لقضيته فإن الشارع قد جعل العقاب مرتبا على حب ذلك، فمن أحب أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار، فهو يستحق الوعيد بحب ذلك ويتبوأ مقعده أي يتخذ لنفسه مجلسا في النار . والمعنى أن من أحلمب ذلك فقد اتخذ لنفسه مجلسا فيها فالأمر بمعنى الخير على طريق المبالغة والتمثل قياما الوقوف على رأسه وبين يديه وهو قاعد لأجل العظمة كما تصنعه فارس لعظمائها وهي حالة الجبابرة والله أعلم .
استجابة الدعاء عامة أو خاصة بالمؤمنين

السؤال :
قوله سبحانه { وقال ربكم ادعونى أستجب لكم }(1) هل فيه عموم لكل داع ؟ فإن كان كذلك فهو مخصص بقوله { وما دعاء الكافرين إلا في
ضلال }
(2) .

الجواب :
الآية خطاب لعامة الخلق والمراد به الدعاء الصادر عن اخلاص وصدق نية وذلك لا يكون إلا بعد أداء الواجب لقوله في تمام الآية { إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين }(3) أي صاغرين فالاعراض عن الدعاء استكباراً ضارّ كترك العبادة، والله تعالى أمر بالدعاء ووعد بالاجابة وإذا قمنا بحق الدعاء تيقنا الإجابة والخلل لا يكون إلا من قبل أنفسنا، فالتخصيص واقع بالشروط المعلومة بالآية نفسها والله أعلم .

تقييم التقوى على مراتب

السؤال :
هل في قوله تعالى { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس }(2) دليل يرد تقسيم المقسم التقوى على مراتب .
الجواب :
ليس في الآية رد لأنواع التقوى، بل للمقسم أن يقول : إن ما ذكره تعالى في الآية نوع من المتقين وهم الحائزون لهذه الصفات، ومن المعلوم أن في هذه الصفات ما زاد على الواجب، فإن الاتفاق ليس كله واجبا، والعفو عن الناس ليس بواجب وكذلك كظم الغيظ ليس كله واجبا ومن اتقى المحارم وأدى اللوازم فهو متق قطعا، وفوقه من تجنب المكروهات وسارع إلى المندوبات، وفوقه من زهد في الحلال المحض إلا قدر الضرورة فهذه مراتب للتقوى لا تردها الآية بل الآية مرغبة في تلك الصفات المذكورة وهى الاتفاق وكعظم الغيظ والعفوا عن الناس والله أعلم .

جواز التحدث بالمرض

السؤال :
قوله " لعائشة " بل أنا وأرساه " دليل على التحدث بالمرض .
الجواب :
نعم فيه دليل والله أعلم .

مداواة العين بالحبة السوداء

السؤال :
من أراد أن يداوى عينيه مثلا بحبة السواد أو بشيء من الأدوية المائعة هل عليه بأس ؟
الجواب :
لا بأس بذلك إن شاء والله أعلم .

اخلاص نية في العمل ولو أخذ عليه عوضا أو هدية

السؤال :
ما يصنعه العوام من الختمة ليطيب لهم التفكه بالطعام وما الذي تحبه وتأمر به ؟ وما يكون نية القارئ ؟ وهل تضره النية لقصد الطعام ؟ وإذا كانت قراءته مغلوطة هل يصح له ذلك إذا كان متعارفا معهم إن القراءة أكثرها مغلوطة وهم يرضون بالصبيان الغتم لكن لم يصح معهم منهم الرضا بقراءة أحد ولا إنكار ؟
الجواب :
الله أعلم بهذه الحالة، وكأن الأصل في هذا قصد أهل المنزل التبرك بقراءة القرآن في منزلهم . واكرامهم القارئ من تعظيم القرآن، فعلى القارئ أن يصحح النية ويقصد إجابة أهل المنزل للتبرك ولا يقصد بالقراءة الطعام فإذا قرأ على نية صحيحة جاز له أكل ما قدم له كما أكل رسول الله " الحريرة من بيت عتبان بن مالك وكان قد دعاه للصلاة له في موضع من بيته تبركا وجاز لمدعى أن يقرأ ما يحسن من القرآن ولا يضره أن الحسن ومن قصد الأكل فذلك حظه . والله أعلم .
أهل الذمة غير أهل الحرب

السؤال :
ما يوجد من القول بطهارة أهل الذمة هل هو خاص إذا كانوا صلحا أم عام حتى اليوم كما تعلم إنهم اليوم حرب لكل مسلم .
الجواب :
أهل الذمة غير أهل الحرب، ولا ذمة اليوم لهم عندنا لأنهم إنما سكنوا بلادنا بذمة أعدائنا، بل بعض المسلمين قد دخل في ذمتهم فالله المستعان .
والقول بطهارة أهل الذمة جار فيهم وفي المحاربين من أهل الكتاب والله أعلم .

الجلوس في المغتصب من بيت المال

السؤال :
من بنى بيتاً في رم بيت المال جهلاً منه، هل له رخصة في ذلك إذا كان فقيرا ؟ فإن قلت لا فهل يصح لنا أن نقعد فيه إذا كانت لنا بصاحب البناء حاجة أو لا ؟

الجواب :
لا بأس عليكم بالقعود فيه، وذلك كالقعود في بيت المال . وأمّا البناء فيه عن غير أمر إمام أو جماعة فلا يصح، وإن فعل فليشهد أنه لبيت المال والله أعلم .

أخذ الزكاة ممن عمل له نفعاً

السؤال :
من كتب حرزاً أو محْواً لرجل فأتاه الرجل بدراهم أو شيء من الأطعمة أو الكسوة فقال أعطيتك هذه الدراهم من الزكاة لا عن كتابة المحو وهذه الأطعمة والكسوة صدقة لا عن الكتابة أيضا أله أن يأخذ ذلك أم لا ؟
الجواب :
إذا كان فقيرا فلا بأس عليه يأخذ الزكاة والصدقة . والله أعلم .

الامتناع من توثيق ما فيه ريبة

السؤال :
من يكاتب بين الناس وهو مبتلى لأن الدار لم يوجد فيها من يكتب، وربما يكون أحد فامتنع من كتابة الخيار والإقالة من أجل ضياع الناس وكثرة الربا عندهم فأراد أن يمتنع، هل له ذلك إن أراد لنفسه السلامة ؟ بيّنْ لنا .
الجواب :
له أن يترك ما يريبه إلى ما لا يريبه، ومعاملات الناس اليوم في هذا ردية جدا والله أعلم .

قراءة القرآن بالمسجد أولى منها على القبور

السؤال :
ما الذي تستحبه في القراءة على القبور يجرى فيها على السنة أم يكتفى بالقراءة في المسجد على قدر ما يقرأ في القبور ؟
الجواب :
تعجبني عمارة المساجد بالقرآن والذكر والله أعلم .

الحيوانات ليست محلا للتعذيب

السؤال :
الحيوانات ما الحكمة في تعذيبها وتسلط بعضها على بعض وما السبب في ذلك ؟
الجواب :
لا أعرف هذا السؤال، وما علمت على الحيوانات تعذيباً وليست هي من المكلفين حتى تعذب والله أعلم .

الكلمات المتداولة بنسبة الأشياء للرحمن

السؤال :
قول العامة نأكل الشيء على كف الرحمن، وقدامك الرحمن، وعلايتك رب هل فيه بأس في النطق به ؟ وهل على من سمعه أن ينكره ؟
الجواب :
لا بأس بذلك كله وليس هو بأشد من متشابه الآيات بل مأخوذ منها، والمراد مفهوم والتنزيه معلوم وهو معتقد القائل، فإنهم أرادوا بتلك العبارات معاني صحيحة كما يفهم من حالهم، فقولهم : كلوا على كف الرحمن التى هي البركة أي كلوا مجتمعين اجتماعا تستمر به نعمة الله . وقولهم : قدامكم الرحمن أي أنتم في حفظ الله المتصف بالرحمة وقولهم علايتك رب على جهة التخويف أي احذر عقوبة من قهرك بقدرته وغلبك وغيرك بقوته، وربما يطلقون هذه اللفظة عند طلب الحفظ ومعناهم أنت في حفظ من غلب الأشياء وأنت تحت قدرته، وعلى كل حال فلا بأس بتلك الكلمات وأشبابها، وللعرب تجوزات في خطابها وهى الشطر الأعظم من البلاغة والله أعلم .

معنى القز وحكم لبس المنسوج منه

السؤال :
من وجد في الأثر أن الصلاة لا تجوز بلبس الحرير والقز . تفضل عرفنا عن القز ما هو من الأجناس ووجدنا في بعض الآثار تجوز الصلاة بحرير البحر وصوفه ولا عرفنا ما صوف وحريره أخبرنا عنه وفسره لنا .
الجواب :
اختلف الاصطلاح في معنى القز فمنهم من أطلق على نوع من الحرير وهو بهذا المعنى حرام على الرجال، ومنهم من أطلقه على جنس خارج عن الحرير وهو الذي أجازه صاحب أبي مسألة وقد وجدنا في كتاب أبي مسألة ولا تجوز الصلاة بالحرير وجميع الجلود ما خلا القز . وحرير البحر لا أعرفه ولعله نوع يؤخذ من الشجر كالقطن والكتان والله أعلم .

ادعاء الكشف وعمل الطلسمات والأوفاق

السؤال :
ما يوجد أنهم يقولون أن من حصل له علم الكشف يتصرف على ما أراد، ويوجد ذلك في كتب القوم ويوجد في بعض كتبهم إن أهل الكشف منهم يجدون رسول الله " مشاهدة بعد ما مات عنا في الدنيا فما معنى هذا كله ؟
الجواب :
دعوى التصرف في الكائنات باطلة، كذبها العيان وما يوجد في كتب القوم فهو أشد بطلانا ولا ترى هذه الدعوى مأثورة في شيء والكتب المعتبرة إلا في كتب الأوفاق والطلسمات .
وأصل ذلك من الأحبار، وهو من تأثير الشيطان لهم كتب لهم كتبا فيها الطلسمات والأوفاق ودفنها تحت كرسى سليمان عليه السلام، ثم جاء إلى يهود بعد موت سليمان وقال هل أدلكم العلم الذى ملك به سليمان الإنس والجن فدلهم على الكتب المدفونة فاستخرجوها واشتغلوا بها وهي أنواع من السحر فذلك معنى قوله تعالى : { واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر }(1) فذلك الطلسمات والأوفاق أصلها من عمل الشيطان وهى نوع من السحر، فلذا ترى اليهود أشد سحراً .
وحيث كان لها بعض التأثير كالأدوية والعقاقير وخواص الحروف، ادعوا بذلك مطلق التصرف وهى إنما تؤثر في شيء خاص .
ولما رأى الإسلاميون تأثيرها أخذوا أشكالها وكسروا في بيوتها حُرُوفاً وآيات غير الأمور التي كانت تصنعها يهود فساغ لهم استعمالها بهذه الحيثية، لكن تأثيرها مخصوص فلا يمكن أن يدعى معها مطلق التصرف ومن ادعى ذلك كذبه العيان والامتحان، واستعمالها بهذه الحيثية الصحيحة مباح إن صنعت لمباح وحرام إن صنعت لحرام، ولهذا تراهم يحرصون على سترها عن غير أهلها ويبالغون في صونها وحفظها عن متعاطيها طلبا للسلامة وحفظا للسر وللخاصة .
وما يدعيه الصوفية من رؤية رسول الله " في قبره، ويدعى بعضهم الصلاة معه في قبره، ويدعي بعضهم أنه يأتي إليهم في مجلسهم فجميع ذلك كذب لا يصح أن يقبل، ورسول الله " أكرم الخلق على ربه وقد نقله من هذا العالم إلى عالم الغيب فلا يرجع إليه أبدا، وهو عند الله في أعز مكان وأعلى منزلة، وأنت تعلم أن الصحابة أكرم الخلق على الله بعد الأنبياء ولم تنقل هذه الدعوى عن أحد منهم مع قرب العهد وشدة الشوق، حاشاهم من ادعاء ذلك . وقد مضى عليهم بعد محمد " عصران : عصر استقامة وعصر اختلاف، فهم في عصر الإستقامة مشتاقون إلى رؤيته، وفي عصر الاختلاف محتاجون إلى حكمه، فما رآه المشتاق ولا لقيه المحتاج . أكرم هؤلاء بخصوصية ما أكرم بها أصحاب محمد " زين لهم الشيطان سوء أعمالهم، وصدهم عن السبيل، وجعلوا الخرافات أصل طريقتهم، والتخييلات قاعدة سيرتهم، والوهميات غاية مقصدهم، الله المستعان . اللهم سلم والله أعلم .

حكم عدم رد السلام

السؤال :
المسلم إذا سلم على أخيه فلم يرد عليه السلام، ما يلزمه إذا لم يرد ؟ أفتنا .
الجواب :
من لم يرد السلام بغير عذر له فهو عاصٍ . والله أعلم .
تصديق الوصف لشخص بعيب

السؤال :
من قال بقول صدق، وقال له آخر ما استوى هذا القول، والذي قال بقوله الصدق على الآخر قال له حمار . ما يلزم القائل الأول والآخر ؟
الجواب :
إذا كان يستحق هذا الوصف فلا يلزمه شيء، وإن كان لا يستحق فعليه أن يتوب ويستغفر الله من قوله الباطل والله أعلم .
أخذ الوالد من مال ولده

السؤال :
هل يجوز للغنى أن يأخذ من مال ولده إذا كان الولد أكثر احتياجاً إليه منه ؟
الجواب :
ضرورة النفس أحق أن تدفع أولا فليس للوالد أن يضر بولده، والوالد وإن كان له حق فحق النفس أسبق والله أعلم .

استباحة حكم التصوير بدعوى أنه حق الله

السؤال :
رجل دعاه قاض من قضاة النصارى ليصوره فأجاب دعاه وامتثل أمره بدعواه أنه مراع لأمر الحكومة وتقية لخوف حادث ما وكون الإثم من حقوق الله فتكفى فيه التوبة، والحكومة لو امتنع حق الامتناع لما كلفته ولا عاقبته بشيء من العقوبات هل التصوير جائز أم لا ؟ فإن كان غير جائز فهل للمسلم أن يمتثل أمر الحكومة في غير الجائز بقوله إن الإثم من حقوق الله وتكفى فيه التوبة فضلا منك بالجواب ولك جزيل الثواب من المالك الوهاب .
الجواب :
التصوير حرام بنص السنة والإجماع " اجماع الأمة "، والرضا به حرام والماثل له حرام . والتقية بالفعل حرام وإنما تجوز التقية بالقول الذي لا يضر به أحد في مال ولا حال، واعتلال فاعله بأن تركه من حقوق الله لا يغنيه شيئا غايته ما فيه إنه امنتهك لمحارم ربه فهو ممن أضله الله على عِلْم واعتقاد التوبة ليس بتوبة حتى يتوب فمن تاب تاب الله عليه، وليس من شأن المسلم أن يفعل المعصية انتهاكا ويسهل فعلها باعتقاد التوبة منها ومن فعل ذلك فقد جمع بين أمرين بين المعصية وبين استحقاق المعصية فأخاف عليه أن يطبع على قلبه فلا يوفق، وغفرانك ربنا وإليك المصير، عفوك اللهم وعافيتك والله أعلم والسلام والله أعلم .
عدم التصريح بالخاطئين

السؤال :
أهل بلد أمرني ناصر أن أشرف عليهم وسرت أنا والأخ سعود بن تمام، وذلك أن أولاد عبد الله الحق الوكيل السابق للموقوفة ونصبوا وكيلا آخر من دون بقية أهل البلد وصحت الخصومة بينهم وبين شيوخهم، ولما وصلت أنا والأخ سعود أخذنا كبريهما أحمد بن سيف وعبد الله بن سليمآن وقلت لهم هؤلاء الشيوخ يريدون منكم أحكام الله مع علماء المسلمين وعددت لهم وقالوا أمرنا مردود إلى فيصل كيف ما أراد وقلت لهم ارفعوا أيديكم عن الموقوف حتى تنفصلوا على حجة قالوا لا نرفع إلا بالذي يقول التائبون لنا يكفينا، وأظن يعنون الزقوق ويعنون القبضة كعادة الجهالة، فأقول : هل لنا من رخصة أن نقول عرضنا عليهم الأحكام فلم يقبلوها ونسكت عن الباقى كما تعلم إن ذكر فيصل يقوى لهم حجتهم وكذلك قولهم الباقى إذ لا فيه فائدة .
الجواب :
لكم أن تقولوا ذلك من غير ذكر فلان وفلان، والسكوت عمن ذكرت من الخير والله أعلم .
المفاضلة بين الذكر والتلاوة

السؤال :
تعليم العلم وقراءة القرآن والذكر أيهما أفضل في شهر رمضان أو غيره من الشهور ؟
الجواب :
في الجميع فضل عظيم، وإذا كان الكل نفلاً فقراءة القرآن في رمضان أفضل من باقى الأذكار، وتعليم العلم لا يقاومه شيء في الفضل والواجب مقدم على النفل والله أعلم .

الصلاة على ملائكة الله وجميع المؤمنين

السؤال :
هل قيل يمنع الصلاة والسلام على ملائكة الله وعلى جميع المؤمنين من أهل طاعة الله أم ذلك واسع للجميع كما ثبت للنبى محمد " وعلى آله ؟ وما المانع إذا خرج ذلك منا لهم بمعنى الدعاء ؟ فكيف يمنع الدعاء للملائكة وسائر المؤمنين أهله، وقد ثبت بالنص { ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا
بالايمان }
(1) .


الجواب :
قيل في الصلاة إنها من خصوصيات النبي "، وأن غيره إنما يدخل فيه بالتبعية لا غير، وقيل بل تجوز لغيره استقلالاً وهذا في الصلاة لأنها شعار مخصوص . وأما باقي الأدعية الصالحة فيؤمر بها لجملة المؤمنين، وللملائكة من ذلك ما يليق بجنابهم الشريف والله أعلم .

خطأ الكاتب، وجهله المكتوب له .

السؤال :
الكاتب للصكوك إذا اجتهد حد الطاقة عن الزيادة والنقصان في شيء من الألفاظ مما يدحض الصك ويبطل الحق سهوا منه وغفلة وهو لا يدرى أيكون ضامنا آثما أم لا ؟ أرأيت إذا كان هذا الكاتب ضامنا فيما غلط أو نسي وهو لا يدرى من كتب له، ومن عليه له الضمان فما وجه الخلاص له عندك ؟ أفتنا .
الجواب :
إذا كان عارفاً بأحوال الكتابة متقناً لقواعدها فلا ضمان عليه بالخطأ ولا إثم، وخطؤه في هذا كخطأ المفتى العالم بالمسألة إذا زلت لسانه إلى غير ما علم وإن كان غير عارف أحوال الكتابة وقواعدها وانتصب للمكاتبة بين الناس على جهله فإن كان الناس تعرف حالته فلا ضمان عليه لأنهم قد ضيعوا حقوقهم بأنفسهم على علم منهم بجهله، وإن جهل الناس حاله واغتروا بعمامته البيضاء، فقد غر الناس وهو ضامن فيما ضاع من الحقوق بسبب كتابته، وإن جهل أربابها فالمضمون بمنزلة مجهول الرب وإن جهل مقدارها تحرّى ذلك وإن أقر بالأداء اعتقد الضمان وأوصى به وأشهد عليه والله غفور رحيم والله أعلم .
كتابة الآيات بالدم للإستشفاء

السؤال :
من يكتب على جبهة المرعوف آية من القرآن بدم الرعاف ؟
الجواب :
لا يجوز أن يُكْتَبَ القرآن بالدم، وإن كان السر في كتابة الآية فليكتبها بالمداد، وإن كان السر في نفس الدم فليضع منه هنالك، ولا يمكن أن يكون في مجموع الأمرين إلا إذا كان ذلك من عمل الشيطان والله أعلم .
آخذ مال من السلطان على أنها حلال لا خلاص عليه

السؤال :
من أخذ دابة لملك الزمان وندم بعد فواتها، ما وجه خلاصه ؟ وهل فرق إذا كان لزمه الضمان بعد حكم الحاكم أو في ماله قبله ؟ وهل حكم سبق في شأنه ؟ ونقول إذا استفاد مالا بعد حكم الحاكم مالا يبقى الحكم في الذي يحويه من سابق ولاحق .
الجواب :
إذا أخذها على جهة أنها حلال في نفسه فلا خلاص بعد تلافها وعليه التوبة وهو في حكم المستحل، وبقية السؤال لا حاجة إلى جوابه والله أعلم .

اتخاذ آنية من الذهب والفضة

السؤال :
هل يجوز التأني بآنية الذهب والفضة أم لا ؟ وما روى عن النبي " : أنه قال الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في جوفه نار جهنم هل فيه دلالة على تحريم التأني بهما مطلقا أم بقصر على الشرب فيكون مخصوصا من جملة ما أبيح لهم لقوله تعالى : { كلوا واشربوا }(1) ووجدت أصحابنا يمتنعون من ذلك فما علتهم فيه ؟ فإن كانت العلة لأجل التكبر والخيلاء فقد أجمع الناس على جواز التأنى بآنية الجواهر وهى أعظم ثمنا من الفضة وكذلك قد أجمع الأصحاب مع مخالفيهم على جواز الشرب في قدح بلور ثمنه ألف درهم موجودة فمالهم منعوا من التانى بآنية الجواهر وهى أعظم ثمنا من الفضة .
وكذلك قد أجمع الأصحاب مع مخالفيهم على جواز الشرب في قدح بلور ثمنه ألف درهم والعلة موجودة فمالهم منعوا من التآنى بالفضة وهى أقل ثمنا من ذلك أم قاسوا بقية التأني بهما على الشرب فيهما فيكون كل ما أطلقه الشارع وخص شيئا منه يقاس عليه ما كان مثله فيطرد القياس فيصح حينئذ أن يقاس عليهما مثلهما من المعادن وإن كان في المسألة اختلاف بين لى الأعدل من الأقوال مأجورا إن شاء الله .
الجواب :
ورد النهي عن الأكل والشرب في إناء الذهب والفضة عن الشارع من طرق : مختلفة فمنها عن أم سلمة أن النبى " قال إن الذي يأكل ويشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم قال ابن حجر : زاد الطبراني إلا أن يتوب ومنها عن أنيس نهي عن الأكل والشرب فى آناء الذهب والفضة ومنها عن أم سلمة أيضا قالت : قال رسول الله " من يشرب في آناء ذهب أو فضة فإنما يجرجر في بطنه نارا من جهنم، ومنها عن أم سلمة أيضا أن النبي " قال الذي يشرب في آناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم .
ولم يذكر في واحد منها علة تحريم الأكل والشرب فيهما فعلة التحريم مستنبطة قال ابن حجر هي العين والخيلاء أراد بذلك أن العلة مركبة من جزأين أحدهما عين الفضة والذهب والثاني الخيلاء فإناء الياقوت والبلور ونحوهما ليس فيه أحد جزأي العلة وهي العين وكذلك الخيلاء ربما تختفي في الياقوت ونحوه إذ ليس كل أحد يعرف أن لذلك الإناء قيمة عالية بل لا يعرف ذلك إلا الأغنياء والحكمة في تحريم التأني بهما هى خوف انكسار نفوس الفقراء عند مشاهدة تأني الأغنياء بالذهب والفضة والفقراء لا يعرفون قدر تلك المعادن فلا توجد معها تلك الحكمة فلذا حل التأني بما عدا النقدين هذا كله على مذهب من منع التأني بها مطلقا وفي المسألة خلاف وإن ادعى الشعراني الإجماع عليها فقد نقل غيره الخلاف في ذلك ولا ترجيح عندى الآن والله أعلم فلينظر في ذلك ولا يؤخذ إلا بعدله والله أعلم .

إتيان المستمع للقرآن بكلام

السؤال :
المستمع للقارئ إذا أتى من الكلام ما يعلم به أنه منصت للاستماع فاهم للمراد، هل يجوز له ذلك أم لا ؟
الجواب :
يجوز له ذلك إذ لا مانع منه شرعا ما لم يرد به معنى باطلا والله أعلم .




حكم حلق الشارب أو جزه أو احفائه

السؤال :
الحكم في الشارب حلقه كله بالموسى، أم جزه بالمقراض كله، أم الأخذ منه حتى يبدو طرف الشفة ؟ وما معنى الإحفاء فيه أهو حلقه كله أم الأخذ
منه ؟ لأني رأيت الشيخ يوسف ذكر في الوفاء عن عبد الحكم أنه قال ليس إحفاء الشارب حلقه وأنه رأى تأديب من حلق شاربه، وذكر أيضا عن أشهب أن حلقه بدعة وأن فاعل ذلك يوجع ضربا ثم ذكر عن أبي حنيفة وصاحبيه أن إحفاء شعر الرأس والشارب أفضل من التقصير . فكان الإحفاء على هذا هو الحلق عندهم وهل سمى الحلق جزا في اللغة ويطلق عرفا، وعبد الحكم وأشهب من أي الفرق هما ؟

الجواب :
اختلف العلماء في ذلك فسئل عمر بن عبد العزيز عن السنة في قص الشارب فقال أن يقصه حتى يبدو الاطبار يعنى الحد الشاخص ما بين مقص الشارب والشفة والمحيط بالفم، وكان ابن عمر يأخذ شاربه كله حتى يقال إنه حلقه، وقال على بن عزرة إنما رأيت بشيرا يحلق شاربه، وقال أبو إبراهيم الأزكوى حف الشارب في المؤمن عيب لأن السنة جاءت بجزه كله، وعن أبي المؤثر السنة جزه كل أسبوع .
ولعل الخلاف نشأ من اختلاف الروايات ففى حديث زيد بن أرقم من لم يأخذ من شاربه فليس منا وفي حديث ابن عمر وفروا اللحى واحفوا الشوارب والإحفاء الاستقصاء في الشيء والجز معلوم لكن حد المجزوز مجهول، والأخذ من الشارب يفيد الاكتفاء بجز بعضه، ولا يخفى أن الجز غير الحلق فالجز يكون بالمقراص والحلق بالموسى والاحفاء في عبارة الحنفية في هذه المسألة بمعنى الحلق مجازا .
وأشهب بن عبد العزيز بن داود بن ابراهيم القيسى ثم الجعدى الفقيه المالكى المصرى تفقه على مالك ثم على المدنيين والمصريين، كذا قال ابن خلكان .
وعبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث بن رافع الفقيه المالكى المصرى كان أعلم أصحاب مالك بمختلف قوله، وأفضت إليه رئاسة الطائفة المالكية بعد أشهب، ورَوى عن مالك الموطأ سماعا، قاله ابن خلكان أيضا . والله أعلم .

استخدام التشبيه بعظمة الله مجازاً

السؤال :
قول صاحب الوضع ما نصه : " فضل شهر رجب على سائر الشهور كفضل الله على خلقه " هل يجوز له أن يشبه الله على خلقه ؟ وإذا كان يجوز له فما معناه ؟ ففضلاً منك بيان ذلك .

الجواب :
ليس في كلامه تشبيه الله بخلقه لكن في كلامه تشبيه فضل رجب بفضل الله أي منزلة رجب في التعظيم والتجليل مع سائر الشهور منزلة عظيمة وله عليهن فضل لا يبلغن منزلته أصلاً كما أن جميع الخلق وإن عظموا وجلوا لا يبلغون شيئاً من عظمة الخالق ففي كلام صاحب الوضع تجوُّز معناه ما ذكرت لك ولا بأس بالعبارة مع قيام القرينة على صحة القصد والله أعلم .
حدّ العورة من المحارم وعورة الرجل

السؤال :
ما الذي يصح للمرء أن ينظره من محرمته وما الذي يصح لربات الحجال أن ينظرنه من الرجال ؟ فضلا منك اكشف عنا هذا الاشكال .
الجواب :
عورة المحرمة عند ذوي المحرم منها كعورة الرجل من السرة إلى الركبتين فيحل له النظر من محرمته إلى ما عدا السرة والركبتين صاعداً وسافلاً .
وكذلك يحل للمرأة النظر من الرجل إلى ما عدا ذلك إلا إذا
كانت هنالك شهوة أو مخافة فتنه فإن النظر مع وجود احدى الخصلتين محجور .

هذا كله إذا كان الرجل غير زوج أما زوجها فما يحرم عليه شيء من ذلك والله أعلم فلينظر فيه ولا يؤخذ إلا بعدله .

دهن المحارم الأعضاء

السؤال :
ذات محرم من الرجل مثل أخته هل لها أن تدهن شيئا من أعضائه ؟
الجواب :
إذا سلمت صدورهما من الريبة وانتفت عن أنفسهما دواعى الشهوة جاز لها أن تدهن ما تحت الركبتين وما فوق السرة والله أعلم .

كشف المرأة ثيابها في مكان مستتر

السؤال :
الرجل إذا جرد عن زوجته ثيابها وكشفت عن رأسها في مكان مستتر هل عليها بأس أو لا ؟
الجواب :
لا بأس فيه وهو مكروه كراهة تنزيه لأنه مخالف الأدب والله أعلم .

العورة من أم الزوجة

السؤال :
هل يجوز للرجل بأن يداوى أم امرأته من تحت السترة إلى الركبة من فوق الثوب مثل أن يمسها بالنار أو يمسحها عن يحصبه أو غير ذلك ؟ وما يحرم البنت من مس ؟ وهل فرق بين الاضطرار والاختيار ؟
الجواب :
يحرم عليه من مس أم امرأته من تحت سترتها إلى ركبتها فإن هذا عورة على ذي المحارم كلهم، والعلاج إن كان لضرورة فلا حرج لدفع الضرورة بشرط أن يكون المعالج بصيراً بالداء لا مُتغشِّماً ولا مدعياً . ولا تحرم البنت بمس ذلك من أمها وإنما تحرم بمس موضع الجماع متعمّداً أو قيل وإن خطأ، وتوقف سليمان بن عثمان ومَحبوب فيمن مس جسدها ما خلا العورة . والله أعلم .

حلق اللحي

السؤال :
حلق اللحي وغلفها من الكبير أم من الصغير فإن منها أو من أحدهما فما فمن الدليل من الكتاب والسنة أو من السنة وحدها آتونا به وإلا فلما تحرمون المباح علينا من غير ايضاح أليس لنا أن نتزين لنسائنا ونتصنع للنساء مامورين بالنظافة والطهارة كتقليم الأظافر وحلق الشعور التى في اصدور بين لى
الجواب .

الجواب :

ما كنت أحسب أن يمتد بي زمن


حتى أرى دولة الأوغاد والسفل


فما رأيت عجبا كاليوم { سبحانك هذا بهتان عظيم }(1) كيف يطلب الدليل على شيء علم من الدين بالضرورة :

وليس يصح في الأذهان شيء


إذا احتاج النهار إلى دليل


ما مثلك في قولك هذا إلا مثل من ينكر الشمس رابعة النهار ويقول ائتني بدليل على طلوعها فهذه الأمة المحمدية اجتمعت على توفير اللحي اجماعاً كاد أن لا يشابهه غيره لما عرفوا من ثبوت ذلك عن نبيهم عليه أفضل الصلاة والسلام وكانت العرب في جاهليتها تحترم اللحى أي احترام وأنتم في إسلامكم قد أهنتموها كل الإهانة إلا أن جزها من الكبائر لأنه من خصال المشركين من الأعاجم وفي الصحيحين في حديث ابن عمر يرفعه خالفوا المشركين جزّوا الشوارب ووفروا اللحى وعند الربيع من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله " أمر باعفاء اللحى ومعنى اعفائها توفيرها أي تجعل وافرة لا يقطع منها شيء فقطعها منهي عنه وجزّ الشوارب وحلق العانه وتقليم الأظفار مأمور به ولا يصح أن يقاس ما كان منهيا عنه على ما كان مأمورا به فمن قاس ذلك فقد خالف محمداً " جهاراً واتبع إبليس في قياسه الفاسد في تفضيل نفسه على آدم .
ولا ينفعكم التعليل لأن في قطعها زينة للنساء فهذا رسول الله " يقول " لعن الله النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والمتفلجات للحسن " رواه الربيع رحمة الله عليه من طريق ابن عباس، قال الربيع : النامصة التى تأخذ من شعرها ليكون رقيقا معتدلا، والمتنمصة التى يفعل بها ذلك، والواصلة التى توصل شعر رأسها ليقال أنه طويل، والمستوصلة التى يفعل بها ذلك، والواشمة التى تجعل الوشم في وجهها أو في ذراعها، والمستوشمة التى يفعل بها ذلك، والمتفلجات اللاتي يفلجن ما بين أسنانهن للجمال .
فهذه الأصناف من النساء قد ثبتت عليهن اللعنة من الله تعالى على لسان محمد " وهن إنما يفعلن ذلك للجمال والحسن ومن المعلوم أن كل واحد من هذه الأفعال دون جز اللحى على أن في جزها تشبها بالمشركين من الأعاجم أشباه ألبانيان وبعض الأعاجم لا يرضى ذلك كالافرنسيس وفيه تشبه للنساء وقد جاء اللعن للمتشبهين بالنساء والمتشبهات بالرجال والعلم عند الله .

انكار المعاصي وحكم التبرؤ والاستتابة من فاعلها

السؤال :
من رأى أحداً من العوام عاكفاً على معصية مثل شرب الغليون، أو لبس الذهب أو الحرير، أو يراه في صلاته متهاوناً بها ماذا يلزمه فيه ؟ أيبرأ منه أم يستتيبه ؟ فإن لم يتب برئ منه أم يسعه السكوت ويقف عنه ؟
الجواب :
إذا كانت له قدرة على الانكار فالواجب عليه أن ينكر هذا المنكر الذي يراه، وإن لم تكن له قدرة على الانكار وقدر على النصيحة والاستتابة ورجا قبول ذلك وجب عليه ذلك، فإن لم يقبل برئ منه، وإن لم يرج قبول ذلك ولم يخف من الانكار ضرراً ففي وجوب الانكار مع ذلك قولان، وإن خاف ضرراً سقط الوجوب اتفاقا والبراءة من المصرين لازمة إتفاقاً .
وينبغي للضعيف أن يبحث عن حكم المعاصي إذ منها الصغير والكبير، ومنها ما يهلك الفاعل له في حال فعله إياه، ومنها ما لا يهلك إلا بعد الإصرار عليها . ثم إن الأمور التي يهلك بها في الحال إذا عاينه معاين يفعلها قيل يستتيبه فإن أبى برئ منه، وقيل بل يبرأ منه ثم يستتيبه فإن تاب رده إلى منزلته الأولى وإلا فهو على البراءة حتى يرجع .
والتهاون في الصلاة إن كان على الاستخفاف بها أو أدى إلى تضييعها هو من كبائر الذنوب، وإن لم يؤد إلى ذلك ولم يكن استخفافاً بالشرع وإنما كان مؤخراً من أول الوقت إلى آخره فلا يكون هالكاً
بذلك . وأما شرب الغليون فليس مما يبيحه المسلمون بل هو عندهم حرام كسائر المسكرات ويستتاب شاربه ويعاقب على مكابرته ويُبرأ منه بإصراره على مخافة المسلمين .

وأما لبس الذهب فهو حرام بلا خلاف نعلمه وأحسب أنه من كبائر الذنوب . والله أعلم .

تخريب أدوات المعاصي وبيوتها

السؤال :
تخريب بيوت المعاصي وكسر أوانيها كأواني الخمر ونحوها هل يجوز ذلك أو لا وإن جاز فهل يلزم المخرب لهذه ضمان يؤديه إلى نافيها وشاربها ؟
الجواب :
أما كسر آلات المعاصي فجائز ولا ضمان على كاسرها .
وأما بيوت المعاصي فإن كان أهلها لا يقدر على ردعهم بالقيد جاز تخريبها إن كان في تخريبها قطع مادة الفساد، وإن قدر عليهم بدون ذلك فلا تخرب، وإن كانت البيوت بنيت من أصلها للمعاصي كبيت تبنيه الغوغاء للزار أو لدمسة يجتمعون فيه مع خواليهم أو نحو ذلك جاز تخريبه من أول مرة .
وقد أمر رسول الله " بحرق مسجد الضرار حيث أسس بغير التقوى وإنما أسس على شفا جرف هار وبنى ارصادا لمن حارب الله ورسوله ثم { لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم }(1) وإذا كان هذا في صورة المسجد فما ظنك ببيت بنى للمعاصى . والله أعلم .

([1]) سورة البقرة، الآية 280

([2]) سورة البقرة، الآية 237

([3]) سورة الشورى، الآية 40

(1) سورة فاطر، الآية 18

(2) سورة العنكبوت، الآية 13

(1) سورة يونس، الآية 44

(1) سورة النازعات، الآية 46

(2) سورة الأحقاف، الآية 35

(1) سورة النساء، الآية 148

(1) سورة لقمان، الآية 15

(2) سورة الاسراء، الآية 24

(3) سورة العنكبوت، الآية 8

(1) سورة الشعراء، الآية 214

(1) سورة النساء، الآية 36

(1) سورة الذاريات، الآيتان 22 و 23

(1) سورة الرعد، الآية 39

(1) سورة الأنبياء، الآية 23

(1) سورة المؤمنون، الآية 31

(1) سورة غافر، الآية 60

(1) سورة البقرة، الآية 250

(2) سورة آل عمران، الآية 147

(3) سورة البقرة، الآية 253

(1) سورة فاطر، الآية 45

(1) سورة العنكبوت، الآية 69

(2) سورة التوبة، الآية 80

(1) سورة الجافية، الآية 24

(1) سورة الأعراف، الآية 180

(1) سورة المؤمنون، الآية 88

(2) سورة النحل، الآية 53

(1) سورة الأنعام، الآية 14

(2) سورة النساء، الآية 78

(3) سورة مريم، الآية 65

(1) سورة النساء، الآية 97

(1) سورة الطلاق، الآيتان 2 و 3

(2) سورة الجن، الآيتان 26 و 27

(1) سورة الحشر، الآية 9، وسورة التغابن، الآية 16 أيضا

(1) سورة آل عمران، الآية 30

(2) سورة آل عمران، الآية 175

(3) سورة التوبة، الآية 13

(4) سورة يوسف، الآية 87

(5) سورة طه، الآية 82

([4]) سورة فصلت، الآية 30

(1) سورة النساء، الآية 127

(1) سورة الفرقان، الآية 70

(1) سورة الأنفال، الآية 72

(2) سورة النحل، الآية 92

(3) سورة المائدة، الآية 1

(4) سورة هود، الآية 114

(1) سورة البقرة، الآية 197

(1) سورة الحجر، الآية 42

(1) سورة البقرة، الآية 155

(2) سورة النور، الآية 31

(1) سورة الشعراء، الآية 227

(2) سورة الشعراء، الآية 224

(1) سورة المزمل، الآية 5

(1) سورة المزمل، الآية 5

(1) سورة الطلاق، الآية 3

(2) سورة الأنعام، الآية 90

(1) سورة النور، الآية 59

(1) سورة الصف، الآية 8

(1) سورة النساء، الآية 76

(1) سورة المائدة، الآية 51

(2) سورة مريم، الآية 59

(1) سورة الحج، الآية 78

(1) سورة التوبة، الآية 71

(2) سورة آل عمران، الآية 110

(1) سورة يونس، الآية 2

(1) سورة النور، الآية 55

(2) سورة محمد، الآية 7

(1) سورة النساء، الآية 119

(1) سورة النور، الآية 27

(1) سورة الكهف، الآية 82

(1) سورة النور، الآية 61

(1) سورة البقرة، الآية 84

(2) سورة آل عمران، الآية 188

(3) سورة القصص، الآية 76

(4) سورة يونس، الآية 58

(1) سورة غافر، الآية 60

(2) سورة الرعد، الآية 14

(3) سورة غافر، الآية 60

(2) سورة آل عمران، الآية 133 و 134

(1) سورة البقرة، الآية 102

(1) سورة الحشر، الآية 10

(1) سورة البقرة، الآية 60

(1) سورة النور، الآية 16

(1) سورة التوبة، الآية 110

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس