منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - فتاوى الصلاة للشيخ سعيد بن مبروك القنوبي
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 01-30-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 11 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



ثانيا: أحكام صلاة العيد

س:
بالنسبة للخروج إلى صلاة العيد .. الذهاب إلى صلاة العيد مِن طريق والعودة مِن طريق آخَر، هل هذا مِن السنّة ؟


ج:
هذا ثبت عن النبي صلوات الله وسلامه عليه .. كان يَخْرُج في طريق ثُم يرجع في طريق آخَر، وهذا الأمر مُحْتَمِل هل ذلك مِن السنن المقصودة للنبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-أَو أنّ ذلك مِن الأمور التي ليست مِن السنّة وإنَّما هي مِن الأمور الـجِبِلية ؟ هذا الأمر مُحتمِل، ولكن الذي ذهب إليه أكثرهم بِأنَّ هذا مِنَ الأمور المقصودَة، ولكن ما العلّة في ذلك ؟
مِنْهُم مَن قال: إنّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-كان يَمر على الناس ومنهم الفقير فأحَبَّ صلوات الله وسلامه عليه أنْ يتصدَّق الناس الذين لديهم شيءٌ مِن المال على الفقراء يتَصَدَّقُون في ذهابِهم على الطائفة التي يَمرون عليها في الطريق الأول ويتصدَّقُون عند إيابِهم على الطائفة التي هي في الطريق الثانِي.
ومِنْهُم مَن قال: إنَّ ذلك مِن أجل إظهار شِعار المسلمين حتى يظهر في أكثر مِن موطن عندما يَمر النبي صلى الله عليه وسلم ومَن معه مِن الصحابة الكرام رضي الله-تبارك وتعالى-عنهم.
ومِنْهُم مَنْ قال: إنَّ ذلك مِنْ أجل أن يشْهَد له الطريقان .. يشْهَد له الطريق الأول في خروجه صلوات الله وسلامه عليه لِصلاة العيد ويشْهَد له الطريق الثاني عند رجوعه صلوات الله وسلامه عليه.
وقيل بغير ذلك.
ويُمكن أن يكون ذلك لِهذه المعاني كلها أو لبعضها، فإنه ليس هنالك نصٌّ صريح يدل على واحد مِن هذه الأمور ولكن مهما كان ينبغي عدم التفريط في ذلك عندما يكون ذلك مُمْكنا، أما إذا كان ذلك لا يُمكن لبعض الناس وذلك عندما يَخرجون على السيارات إذ إنَّه قد لا يتيسر لهم وجود طريقين يَخرجون في واحد ويرجعون في الطريق الثاني فلا بأس عليهم بمشيئة الله تبارك وتعالى، ثُمَّ إنَّنَا لو عَلِمْنا العِلَّة التي خرج منها النبي صلى الله عليه وسلم فعلى تقدير أنه أراد أنّ ذلك مِن أجل أن يَمر على الفقراء أو مِن أجل السلام على أصحابه أو ما شابه ذلك فإذا كان أحد الطريقين لا يوجد أحد فيه في بعض المناطق فإنَّه لا حاجة لِمثل ذلك، وهكذا بالنسبة إلى الشِّعَار، ولكن-كما قلتُ-الأمر في هذه القضية مُحْتَمِل وليس هنالك دليل واضح فيها وإنَّما هي احتمالات، وما دام النبي صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذلك ويُمكن أن يكون مِن أجل أن يشْهَد له كل واحد مِن الطريقين فالخير كل الخير في إتباعه صلوات الله وسلامه عليه.
هذا وقد ذهب بعضُ أهل العلم إلى أنَّه يُقَاسُ على هذه القضية الذهاب إلى صلاة الجمعة وعليه فعلى قولِهم ينبغي الذهاب في طريق والرجوع في طريق آخَر، وبعضُهم قاس عليه الصلوات الخمس فقال: " عندما يَخرج الإنسان الذي يريد الذهاب إلى المسجد ينبغي له أن يذهب في طريق ويرجع في طريق آخر "، ومنهم مَنْ طَرَدَ ذَلك في كل أعمال الخير والبِر فقال: " إذا ذهب لزيارة قريب أو عِيَادَةِ مريض أو ما شابه ذلك مِنْ أعمال الخير ينبغي له أن يذهب في طريق ويرجع في طريق آخر "، ولعلَّ هذا مبني على أنّ ذلك مِنْ أجل أن يشهد له الطريقان، ولكن مهما كان لا ينبغي القياس في مثل هذه القضية .. ينبغي أن نَقْتَصِرَ على ما ورد عليه النص وبعد ذلك إن شاء الإنسان أن يذهب في طريق ويرجع في طريق آخَر أو يرجع في الطريق الذي ذهب فيه فلا بأس فيه بالنسبة لغير العيد إلا إذا كانت هنالك مصلحة كأن يَمُر على بعض أصحابه أو ما شابه ذلك، وأما بالنسبة إلى ذهابه صلوات الله وسلامه عليه إلى مكة المكرمة حيث إنَّه دخل مِن طريق وخرج مِن طريق آخَر فعلى تقدير أنّ ذلك مِن السنن-كما ذهب إليه بعضُ أهل العلم-فذلك-أيضا-يُحْمَل على هذه القضية، وأما بالنسبة إلى رجوعه-أيضا-مِنْ عرفة في غير الطريق الذي ذهب إليه فبعضُ العلماء قال: " إنّ ذلك كان أَيْسَر عليه "، و-على كُل-لا ينبغي طَرْدُ القياس في مثل هذه القضايا حتى يَحكم الإنسان بسُنِّيَّةِ أمرٍ وهو ليس بِمَسْنُون وإنَّما يُقْتَصَر على ما ثبت به الدليل .. هذا ما أراه؛ والعلم عند الله تبارك وتعالى.


س:
هل مِن السنَّة أن يكون الذهاب إلى صلاة العيد مَشْيا ؟ وإذا كان ذلك، فماذا على مَن رَكِب ؟


ج:
نعم، السنَّة أن يَخرج الإنسان إلى صلاة العيد كما فَعَلَ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-حيثُ إنَّه خرج يَمْشِي على قَدَمَيْه ولكن عندما يكون ذلك مُتَيَسِّرا أما إذا كان المكان بعيدا يَشُقّ على الإنسان أن يَخرج وهو يَمشي فلا بأس عليه بِمشيئة الله-تبارك وتعالى-في الركوب، وكذلك إذا كان الإنسان ضعيفا أو مريضا أو ما شابه ذلك أو أراد أن يأخذ معه بعض نسائِهِ وأولادِه الذين يَشُقّ عليهم الذهاب وهم يَمشون أو لا يُسْتَحْسَن منهم ذلك أو ما شابه ذلك فلا بأس بِذلك بِمشيئة الله أما عندما يكون المشي مُتَيَسِّرا فلا ينبغي أن يُعْدَل إلى غيره.


س:
وماذا عن المرأة أيضا .. هل تَخرُج لِصلاة العيد ؟


ج:
نعم، هكذا ثبت عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-في الحديث الصحيح الثابت عنه، فقد أَمَرَ صلوات الله وسلامه عليه النساء أن يَخرُجن لصلاة العيد حتى أنَّه صلى الله عليه وسلم أمر الحُيَّض بِأن يَخرُجن إلى صلاة العيد مع أنَّهن لا يُصَلِّين في ذلك الوقت مِنْ أجْل أن يَشهَدْنَ دعوة الخير مع المسلمين وأن يُكَبِّرْنَ بتكبيرهم، فالنساء ينبغي لَهن ذلك، وقد اختلَف العلماء في هذا الخروج:
منهم مَن قال: إنه واجب. ومنهم مَن قال: إنه مستحب. ومنهم مَن قال: إنه مباح.
ومنهم مَن قال: إنه مكروه .. قالوا: " إنَّ ذلك منسوخ "، ولا دليل على النسخ أبدا .. مَن ادَّعَى النَّسْخ فعليه أن يَأتِيَ بالدليل ولا سبيل له إليه البتّة.
ومنهم مَن قال: يُستحَب في حقِّ النساء الكبيرات، ومنهم مَن قال: يباح لهنّ، وهكذا بِالنسبة إلى النساء اللاتي لم يكن فيهنّ شيءٌ مِن الجمال، أما بالنسبة إلى النساء الصغيرات ولاسيما الجميلات فهذا مِمَّا لا ينبغي.
و-على كل حال-هذا مُخَاِلفٌ لِنصّ الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالحديث فيه التَّنْصِيص على خروجِ الصِّغار، فلا أدري لِمَاذا يُؤْتَى بِمثل هذه الأقوال المخالِفة لِحديثِ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فالقول بِالكراهة قول لا وجهَ له، والقول بالنسخ لا دليل عليه، ولا ينبغي لأحد أن يَلْتَفِتَ إليه، وهكذا بالنسبة إلى القول بالإباحة أو بالتخصيص بكبيرات السن ومَن كان حالُه كحالِهِن، فهذه الأقوال مِمَّا لا ينبغي أن يُلْتَفَتَ إليها بل ينبغي الأمرُ بِذلك كما أَمَرَ به النبي صلى الله عليه وسلم بِشَرْط ألاّ يَخْرُجْن بزينةٍ أو بِعطرٍ أو ما شابه ذلك والزينةُ شاملة لكل شيءٍ سواءً كانت زينة بِلُبْسِ الثياب الفاخِرة أو بِاستعمال العطور أو ما شابه ذلك .. الحاصل بِشَرْطِ ألاّ يَخْرُجْنَ مُتَزَيِّنَات، أما مَن خَرجت مُتَزَيِّنَة مُتَعَطِّرَة أو ما شابه ذلك أو في حالةٍ حَسَنَة فهذا مِمَّا يُنْهَى عَنْهُ أَشَدَّ النَّهي، فهو مُخَالِفٌ لِلسنّة مُخالَفةً صَارِخَة، فإما أن تَخْرُج المرأة-كما أَمَرَها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم-غير مُتَزَيِّنَة ولابِسَة اللباس الشرعي المعروف الذي جاءتْ شروطُه في سنّة النبي صلى الله عليه وسلم وأرى الوقت لا يَسمَح لي بِذِكْر تلك الشروط جَميعا فلَعَلَّنَا نَذْكُرها بِمشيئة الله في مناسبةٍ أخرى فإنّ ذلك ليس خاصّا بالعيد بَلْ هو شامل عندما تَخْرُج المرأة مِنْ بَيْتِها وقد تلتقي بشخصٍ أجنبي منها، فإذن إذا خَرَجَتْ المرأة بلباسها الشرعي الذي يَصِحّ لَها أن تَخْرُجَ به عندما تَلتقي بِأَحَد مِن الأجانب وذلك-طبعا-مع مَحَارِمها فذلك مِمَّا يُؤْمَرُ بِه في السنَّة سواءً كانت هذه المرأة في حالةِ حيضٍ أو نفاس أو كانت طاهرة لكن إذا كانت في حالة حيض أو نفاس فإنَّها لا تَشْهَد الصلاة كما ثبت ذلك في الحديثِ عن النبي-صلوات الله وسلامه عليه-وإنَّما تَشْهَدُ الخير ودعوةَ المسلمين وتُكَبِّر بِتَكْبِيرِهِم .. تُكَبِّر-طبعا-في نفسها وَلَيْس كالرجال الذين يَرْفَعُون أصواتَهُم؛ والله-تبارك وتعالى-ولي التوفيق.


س:
إذا لَم تَخرُج المرأة لِصلاة العيد، هل تُصلِّيها في بيتها ؟


ج:
الأصل أن تُصَلَّى صلاة العيد في جَماعةِ المسلمين كما ثبت ذلك عن النبي-صلوات الله وسلامه عليه-ولكن إنْ لَم تَخرج كما هو الحال عند كثير من الناس في هذا الزمان .. إن صَلَّت في بيتها ركعتين (2) فلا بأس بِمشيئة الله-تبارك وتعالى-لكن الأصل أنَّ الصلاة تكون في جماعة وأقصد بالصلاة صلاة العيد.


س:
ماذا على مَن لم يصل صلاة العيد ؟


ج:
على كل حال؛ صلاة العيد-كما قلتُ هي:

1- واجبة على الأعيان، على رأي طائفة مِن أهل العلم، وهو قول قوي.

2- وبعضهم يَقول: هي مِن السنن المؤكدة.

3- ومنهم مَن يَقول: هي مِن الواجبات الكفائية.
ومهما كان لا ينبغي للإنسان أن يُفرِّط في ذلك أبدا .. القول بالوجوب العيني قول قوي جدا، و-أيضا-حتى على قول مَن يَقول بِالسنّة المؤكدة فليس للمسلم أن يُفرِّط في مثل هذه الأمور .. الرسول صلى الله عليه وسلم يَخرُج إليها ويَحثُّ أصحابَه ويَأمُر حتى النساء الـحُيَّض أن يَخرُجن إلى المصلى وإن كُنّ لا يُصلِّين ومع ذلك يُمكِن أن نُرخِّص لِلقادِر في ذلك هذا مِمّا لا يمكن أن نقول به أبدا، فعلى مَن وقع في ذلك في الماضي أن يَتوب إلى الله وأن يَرجِع إليه ؛ والله ولي التوفيق.


س:
كيف يَصنَع مَن فاتته صلاة العيد .. كأن يكون شخصٌ في المناوبة مثلا وفاتته الصلاة يومَ العيد مع الجماعة، فهل له أن يصليها منفردا فيما بعد ؟ ومتى يكون قضاؤها ؟


ج:
على كل حال؛ صلاةُ العيد وقتُها بعد وقتِ النهي المعروف وذلك بعد أن ترتفع الشمس بمقدار قيد رمح وقلنا (3) : " إنّ ذلك يُقدَّر تقريبا باثنتي عشرة دقيقة أو ربع ساعة " .. مِن هذا الوقت يَدخل وقت صلاة العيد ويَنتهي قبل الزوال بِلحظة .. هذا هو وقتها، فالأصل أن يُصلي الإنسان مع جماعة المسلمين ولكن إن كان هنالك عذرٌ لابد منه مِن مرض ونحوه أو مِن الأمور التي لا يمكن أن يَخرج فيها مثلا كبعض الناس الذين يكونون في المستشفيات وهنالك ضرورة ملحة لأن يبقى الطبيب في المستشفى:
فعلى كل حال بعضُ العلماء يَقول: إنّ الإنسان إذا لم يَخرج إلى الصلاة وجاء متأخِّرا أو تأخَّر لسبب مِن الأسباب لا يُشرع في حقِّه أن يُصلِّي صلاة العيد، وذلك لأنها تُشرَع في جماعة المسلمين وإذا لم يُصلِّها في جماعة المسلمين فلا يُشرَع في حقِّه أن يَأتِيَ بها.
ومنهم مَن قال: يُصليها كصلاة العيد .. أي ركعتين بالتكبير المعروف.
ومنهم مَن قال: يُصلِّي ركعتين عاديتين.
ومنهم مَن قال: يصلي أربعا.
ومنهم مَن قال: يُخيَّر بين ركعتين وبين أربع ركعات.
ومنهم مَن قال بغير ذلك مِن الأقوال.
وليس هنالك دليلٌ صريح في هذه القضية، فإذا صلى ركعتين وكَبَّر فيهما فلا حرج عليه بِمشيئة الله تبارك وتعالى.


الهامش :

1- عند الجواب على السؤال 1 مِن حلقة 26 رمضان 1425هـ ( يوافقه 10 نوفمبر 2004م ).
2- وفي ذلك تفصيل ذَكَرَه الشيخ عند جوابه على السؤال 9.
3 - - عند الجواب على السؤال 1 مِن حلقة 25 رمضان 1425هـ ( يوافقه 9 نوفمبر 2004م )..

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس