منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - الجزء السادس-فتاوى أصول الفقه
عرض مشاركة واحدة
كُتبَ بتاريخ : [ 03-23-2011 ]
 
 رقم المشاركة : ( 3 )
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363

عابر الفيافي غير متواجد حالياً



الفرق بين مسائل الدين ومسائل الرأي الخلافية

السؤال :
المسائل التى يجوز فيها الاختلاف والتى لا يجوز فيها الاختلاف كما قيل مسائل الرأى يجوز فيها الاختلاف، فبين لنا الفرق بين مسائل الدين ومسائل الرأى بتوضيح صريح، وكما قيل اختلاف المسلمين في الرأى رحمه واختلافهم في الدين بلاء ونقمة تفضل اشرح لى ذلك ويا شيخى إن وردت الآثار بأقوال في مسألة هل يكون أولى بالعمل ما تقدم من الأقوال في ذلك وما بعده من الأقوال أو هن سواء ؟ كما يقال قيل كذ وكذا إلى غير ذلك من ترتيب الآثار المشرقية والمغربية إذا كنت لا أبصر أي الأقول أحسن لقلة علمى بالأصول .
الجواب :
مسائل الدين عبارة عن الأحكام المنصوص عليها في الكتاب والسنة والإجماع، فإذا جاء النص من واحد من هذه الثلاثة نصا متفقا عليه وجب قبوله وحرم خلافه وكان ذلك دينا يدان الله به فمن خالف خرج عن الدين إلى الفسق والعياذ بالله ويكون ذلك في الاعتقاد كالقول برؤية البارى عز وجل وثبوت زيادة الصفات على الذات والقول بالخروج من النار وولاية من حرم الله كاليهود والنصارى والمخالفين لأهل الحق من فرق الاسلام وولاية من شهر بالأحداث في الإسلام ويكون في العلميات والتركيات كالوقوف بعرفة للحج في غيرنا مع إن لو صح ذلك من أحد وكزيادة صلاة فوق الخمس يعتقدها فرضا مثلها وكأكل الميتة في غير الضرورة والدم ولحم الخنزير ومثل هذا كثير يعرف على النصوص .
وأما مسائل الرأي فهى التى ليس فيها قاطع نصى من كتاب ولا سنة ولا اجماع واحترزنا بالقاطع عن النصوص المحتملة للتأويل وأخبار الآحاد فإن الخلاف بين العلماء وقع في مواطن جاءت فيها نصوص إما عامة فيأخذ البعض بعمومها والبعض يخصص بدليل آخر، وإما أن يكون النقل غير متفق عليه فيصح بعض دون بعض، أو يعارضه بدليل أقوى
منه .

وللخلاف أسباب كثيره ولعدم القاطع بواحد من الوجوه كان الخلاف رحمة بمعنى أنه سعة للأمة والقاطع يضيق على الناس خلافه فكان الخلاف فيه نقمة والعياذ بالله والعلم عند الله .

هلاك العامل بفتوى غير محقة

السؤال :
الدليل على أن الجاهل السائل إذا عمل بفتوى العالم وأفتاه بغير الحق خطأ من العالم يصير العامل بفتواه هالكا، فإن كان بالحديث الذي يحتجون به وهو قتلوه قتلهم الله، أليس شفاء العى السؤال فالوعيد متوجه فيه للمفتين بقوله قتلهم الله لا للمفتَى، بين لنا وجه ذلك وأنت المأجور .
الجواب :
إنما هلك السائل لأخذه بالباطل الذي خالف الكتاب أو السنة والإجماع، والعامل بالباطل هالك ولا يكون فتوى العالم له بالباطل عذرا عند الله تعالى لأن فتواه إنما تكون حجة في الحق لا في الباطل، ولولا ذلك لوجب القول بسلامة عوام المخالفين التابعين لأشياخهم فيما خالفوا فيه الحق على أنهم إنما اتبعوهم لكونهم علماء أئمة في دينهم والحال أنه لا عذر لهم بذلك، فمن فعل الحرام لظنه الجواز كان هالكا ولا يغني عنه ظنه شيئا لأنه محض جهل فالخلاص بالتوبة لا بفتوى المبطل، وهذا إنما يتصور في مسائل الدين التى لا يصح الخلاف فيها، أما مسائل الخلاف فالرحمة فيها واسعة .
وأما الاستدلال بالحديث فوجهه إن ظن الجواز لا يكفي عذرا في ارتكاب الباطل، فإنهم لم يفتوه بالغسل إلا لظنهم وجوبه مع أنه قد تقدم عندهم دليل قاطع بوجوب الغسل على الجنب لكنهم غلطوا فوضعوا الوجوب في غير موضعه فلم يكن هذا الغلط مغنيا عنهم شيئا، فلذلك من أخذ بفتوى الباطل لا تغني عنه تلك الفتوى شيئا مع أن الفتوى حجة في الحق، وفي الحديث أيضا تحريم الفتوى بغير علم والله أعلم .

المانع للحكم عند وجود مقتضيه

السؤال :
قد ذكر صاحب حصول المأمول كلاما على أثر المثال الذي أطبق عليه أهل الأصول عند ذكر وجود المانع الموجب وجوده سقوط الحكم، وهو سقوط القصاص عن الأب بابنه، ما نصه : وفي الذي أطبق عليه جمهور أهل الأصول نظر، لأن السبب المقتضي للقصاص هو فعله لا وجود الابن ولا عدمه، ولا يصح أن يكون ذلك حكمة مانعة للقصاص ولكنه ورد الشرع بعد ثبوت القصاص لفرع من أصل، والأولى أن يمثل لذلك بالنجاسة المجمع عليها في بدن المصلي أو ثوبه فإنه سبب لعدم صحة الصلاة عند من يجعل الطهارة شرطا فها هنا قد عدم الشرط وهو الطهارة ووجد مانع وهو النجاسة ا.هـ قال السائل ففضلا منك أن تنظر في كلامه لأنه قد وقع فيه البحث وفي تمثيله بوجود النجاسة المجمع عليها في بدن المصلي أو ثوبه، فهل تمثيله بذلك مسلَّم له أم لا ؟ وهل نظرة في المثال المشهور مسلم أم لا ؟ ففضلا منك أن تحقق القول في ذلك وتفضل بين المتناظرين .

الجواب :
تمثيل أرباب الأصول مستقيم كما ينبغى لا عوج فيه، وغرضهم التمثيل للمانع الذي يمنع الحكم عند وجود مقتضيه، فالمقتضي للقصاص القتل العمد العدواني وقد وجد من الأب في ابنه لكن منع إمضائه فيه كونه أبا لمقتوله، فالأبوة هي المانعة للحكم بعد حصول سببه المقتضى لوجوده وهو معنى قول المعترض : ورد الشرع بعدم ثبوت القصاص لفرع من أصل، فإنه كلام يصحح قول الجمهور ويشهد على المعترض بالغلط في قوله لا يصح أن يكون ذلك حكمة مانعة للقصاص .
وجوابه أن الشرع قد جعله حكمة مانعة للقصاص فقولك أنه لا يصح اعتراض لما جاء عن الشرع الشريف .
أما التمثيل بالنجاسة المجمع عليها في بدن المصلي الخ فغير مطابق لغرض الأصوليين لأن غاية ما فيه أن صلاته لم تصح لاختلال شرط وذلك شيء غير المانع الذي حاول أهل الأصول التمثيل له على أنه ليس في مثاله موجب يقتضى صحة الصلاة حتى تجعل ذلك مانعا مع وجود المقتضى، وجعله وجود النجاسة مانعا لفظ لا معنى له لأن الفساد إنما كان باختلال الشرط وهو عدم الطهارة وذلك بسبب وجود النجاسة فمؤداهما واحد ولكنه قلب العبارة فسماه مرة اختلال شرط وأخرى وجود مانع وهما كذلك من حيث الاعتبار لكن الحقيقة واحدة .
وليس الغرض في هذا الموضع اختلاف العبارات وتنويع العبارات وإنما الغرض بيان المعاني الحقيقية المقتضية للحكم والمانعة له وكأني بك تكثر المطاوعة في حصول المأمول فلا يغرنك ما تجده فيه فإن للرجل تعاطيا فوق رتبته والله أعلم .

دخول العموم في الألفاظ والمعاني

السؤال :
فائدة الخلاف بين الأصوليين في تصور دخول العموم في الألفاظ والعموم في المعاني وأين تظهر ثمرته فضلا بالجواب .
الجواب :
اختلف الأصوليون في العموم فقال بعضهم إن من خواص الألفاظ فقط فعند هؤلاء أن المعاني توصف بالعموم فلا عموم لمفهوم المخالفة ولا للمقتضى ولا للإشارة ولا للعلة أي لا يوصف جميع ذلك بأنه عام إذ العموم من خواص اللفظ دون المعنى ومنهم من قال لا يختص باللفظ بل يكون فيه وفي المعنى أيضا فوصف العلة والمفاهيم بالعموم والخلاف لفظي لأنه يرجع إلى نفس التسمية فلا ثمرة له والله أعلم .

تعارض مفهومي الصفة واللقب

السؤال :
ما قولك إذا تعارض مفهوم الصفة ومفهوم اللقب أيهما المقدم على صاحبه إن لم يكن ثم دليل يعضد أحدهما ولم يمكن الجمع بينهما بوجه ما .
الجواب :
مفهوم الصفة أقوى من مفهوم اللقب وقد أنكر قوم مفهوم اللقب وهم يقولون بمفهوم الصفة . والله أعلم .

وجوه تقييد المطلق

السؤال :
في المقيد هل يكون التقييد بالصفة فقط أم بالصفة وغيرها ؟ فإذا كان بالصفة هل يكون بالصفة الصريحة والمؤولة أم بالصريحة فقط ؟ بين لنا ذلك ولك الأجر إن شاء الله .
الجواب :
يكون التقييد بالوصف الصريح كالرجل الكريم، والمؤول كالحال من نحو قولك جاء زيد راكبا فإنه تقييد لهيئة المجئ، ويكون بالذات كالتمييز من نحو قولك عندي عشرون رجلا، ويكون بالظرف الزماني والمكاني كجئت يوم الجمعة وجلست خلف الأمير، ويكون بالجار والمجرور كقولك جلست في المسجد، ويكون بالشرط نحو إن قام زيد قمت وإن دخلت الدار فأنت حر ونحو ذلك . والله أعلم .

ثمرة الخلاف للتفريق بين الفرض والواجب

السؤال :
من أين تظهر ثمرة الخلاف بين الفقهاء في الفرق بين الفرض والواجب عند من قال به ؟ ومن قال بعدم الفرق في ذلك ؟ تفضل بالبيان .
الجواب :
الخلاف في هذا لفظي لا ثمرة له، وإنما هو راجع إلى نفس التسمية فمنهم من يسمى الثابت بالدليل الظني فرضا، ومنهم من لا يسميه بذلك ويخصه باسم الواجب، والأولون يعترفون أنه ظني ويقسمون الفرض إلى قطعي وظني، والمانعون يخصون الفرض بالقطعي والله أعلم .

لا يعذر بالجهل بالأحكام

السؤال :
من أكل محرما جاهلا به ثم علم بعد ذلك هل تلزمه التوبة بعد ذلك من ذلك ؟ وهل فرق بين أن كان حراما بذاته أو حراما لعارض كنجاسة اصابته أو غصب من غيره أي من غير الأكل دون علم ؟ وهل عليه ضمان في هذه المسألة أعنى الأكل إذا علم بعد الأكل أنه مغصوب، أم الضمان على الغاصب فقط ؟ وهل من فرق بين أن كان جاهلا بالعين عالما بالحكم أو بالعكس أو بهما ؟ تفضل بالجواب .
الجواب :
نعم، بين ذلك فرق بيّن، فإن جهل الحكم فلا يعذر فيه مع علمه بصفة الشيء فإذا علم أنه مغصوب أو نجس فأكله فسق بذلك ولزمه الضمان لأهل المغصوب، وأما إن جهل الوصف فلا إثم عليه ولو صح معه بعد ذلك أنه مغصوب أو نجس لأنه لم يكلف الغيب، وأما الضمان للمغصوب فيلزمه إذا صح معه الغصب ولو بعد الأكل فإنه خطأ في الأموال والله أعلم .

الجهل البسيط والمركب وأثرهما في العذر

السؤال :
ما القول في الجهل البسيط حيث عرفته بقولك : الجهل بالشيء مما من شأنه أن يعلم بحيث لم يتصور أصلا ليس يتخرج فيمن علم أن لله محللا ومحرما ثم فعل أشياء يظن أنها جائزة فإذا هي من المحرمات شرعا وذلك كأكله الخنزير أو شربه الخمر أو صلى بدم مسفوح ولم يدر بحرمتها ولا بنجاسة الدم كذلك من أكل المسكرات كالتتين والأفيون أوكتب شيئا من الصكوك غير الجائزة ومع هذا دان لله تعالى بجميع ما يلزمه تأديته وينتهى عن جميع ما نهى الله عنه إن علم به ويعتقد التوبة من جميع ما خالف الحق مجملا، وإن علم بشىء محرم تاب منه بعينه، وهذا حاله أيكون هذا الجهل بسيطا معذوراً به حتى يعلم بباطله أم هذا من الكبائر غير معذور صاحبه ويكون هالكا بفعله ذلك ؟ وهل يتصور البسيط فيمن علم أن الله حلل أشياء وحرم أشياء أم ليس إلا المركب ؟
الجواب :
آكل المحرم لا يخرج من إحدى حالتين أما منتهك أو مستحل والمستحل لا يخرج من إحدى حالتين : إما أن يتمسك بشبهة أو جهل أو كلاهما جهل مركب، أما الأول فظاهر، وأما الثانى فإنه اعتقد حل المحرم بجهله .
والجهل البسيط في هذا إنما لم يتصور فيمن لم يخطر بباله تحليل ولا تحريم فهذا هو عدم العلم بالشيء وهو من شأنه أن يعلم فإذا انتهى الإنسان في شيء من الأشياء بهذه المنزلة فإنه معذور لأن الحجة لم تقم عليه والله أكرم وأرحم أن يعذب بغير حجة والله أعلم .


الفرق بين المجمل والمتشابه وحكمهما

السؤال :
ما نصه قد ثبت في الكتاب العزيز أن الله ذم أقواما باتباعهم المتشابه فإن قوله تعالى { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه }(1) الآية وجعلت في " المشارق " المجمل نوعا منه ولا شك أن المجمل نتبع الأمر ونترك النهي منه بعد ما بين لنا . وأيضا فالظاهر نوع منه باعتبار المعنى الخفي وقد نعمل بما يتضح لنا من الأدلة فالمجمل قوله تعالى { للرجال نصيب مما ترك الوالدان }(2) الآية فقد فسر بقوله تعالى { يوصيكم الله في أولادكم }(3) الآية فجعلنا كل نصيب لمستحقه مراعين الآية الأولى وكذا آية القرء فيقول لو كان المجمل نوعا من المتشابه لما صح لنا اتباعه وكذا الظاهر، عرفنا بما تراه موافقا لنا مأجورا إن شاء الله .
الجواب :
المجمل نوع من المتشابه والعمل بمقتضاه بعد البيان إنما هو عمل بالمحكم لا بالمتشابه، لأن المجمل يصير مبينا والمبين محكم فالمتشابه وصف له قبل البيان، والذم على الأخذ بالمتشابه إنما هو ذم على الحالة التى لم يرد بيانها فهم يتمسكون بالمتشابهات ويصرفونها لاعتقاداتهم الفاسدة ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله وذلك قبل البيان فإذا أورد البيان فقد علمه الناس وخرج عن الاشتباه والله أعلم .

تعليل كون المحق العالم والمبطل الضعيف بمنزلة العالمين

السؤال :
ما معنى قولك في " المشارق " في مسألة المختلفين في الدين ما نصه :
" فإن كان المحق عالما والمبطل ضعيفا فهما بمنزلة أن لوكانا عالمين، وإن كان المبطل عالما والمحق ضعيفا فهما بمنزلة أن لوكانا ضعيفين " فلم لم يكونا بمنزلة العالمين في الحالين أو بمنزلة الضعيفين فيهما ؟ ولم لم ينزل كل واحد منهما منزلته في الموضعين ؟ تفضل بالبيان .

الجواب :
العالم إنما يكون حجة إذا كان الحق في يده، وإن لم يكن الحق في يده مع علمه فليس بحجة فشرط الحجة عند الاختلاف شيئان حصول العلم ووجود الحق، فإن اختل أحد الشرطين ارتفعت الحجة عن السامع وحسبك بهذا بيانا والله أعلم .

خاطر البال ليس دليلا في السمعيات

السؤال :
ما ورد به الأثر في المضطر إذا وجد الميتة مثلا أو خنزيرا أو دما أو ما يحل أكله له حال الاضطرار فترك ذلك جهلا منه بالرخصة حتى مات أهو يموت هالكا، أقول كيف يهلك ها هنا وهو قبل الوقوع في الضرورة غير مخاطب بذلك بل جهله بذلك واسع له قطعا ما لم تقم عليه الحجة من طريقها فيما يسع جهله فحين وقوعه في ذلك الاضطرار واقع في أمر لا يسعه جهله، فقصارى أمره أنه لا يلزمه علم الرخصة ووجوب التناول من الميتة ونحوها إلا بقيام الحجة بمعبر يعبر له ذلك مهما كان ولو طائرا مثلا أفهمه ذلك بكرامة ربانية أو ألقى له كتابا ففهم منه وجوب ذلك أو وجده منقوشا فيما وجده فيه أو خطر ذلك بباله إن قلنا بقيام الحجة بخاطر البال فما وجه هلاكه ؟ فالمتبادر إلى فهم الضعيف أنه لا يهلك إن دان بالسؤال عما لزمه فيه السؤال فالله أكرم من أن يؤاخذ عبدا بما لم يكلفه به فالتكليف متوقف على قيام الحجة قال تعالى { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها }(1) وليس من وسعها علم ما لم تقم الحجة
بوجوبه .

فإن قيل أن الله أوجب على كل مكلف حفظ نفسه قال جل شأنه { ولا تقتلوا أنفسكم }(2) وقال { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة }(3) فعلمنا أن تنجية النفس بأي وجه كان واجبة عليه قلنا أن الدينونة بشيء لا يوجب الدينونة بشيء آخر فدينونة تنجية النفس وحفظها من العطب لقيام الحجة عليه بذلك هو المكلف به والواجب عليه لا تناوله الميتة ونحوها لعدم قيام الحجة عليه بذلك بل هو مكلف قبل الاضطرار بالدينونة بحرمة ذلك فهو دائن بذلك وملتزم ما ألزمه إياه مولاه جل جلاله فوقوعه في الاضطرار قبل العلم بتحليل ما حرم عليه له ووجوب الأكل منه لا يوجب هلاكه مع الدينونة بما يجب عليه إجمالا في موضع الإجمال وتفصيلا في موضع التفصيل هذا ما تبادر إلى فهمي القاصر ففضلا منك أن تبين لي حقيقة القول في ذلك وهل من دليل يدل على هلاكه لا عدمناك .
الجواب :
خاطر البال لا يكون حجة في السمعيات، والترخيص بأكل الميتة عند الضرورة واجب كسائر الواجبات، والتكليف بذلك كالتكليف بغيره سواء بسواء، فهم يطلقون القول في مسائل التكليف اتكالا على ما وضحوه مبينا في شروط التكليف ولا يذكرون شروط التكليف في كل مسألة والذي فهمته أنت هو مرادهم وفقت إلى الصواب في فهم الخطاب والله أعلم .

صفة علم المكاشفة

السؤال :
الموجود في الأثر من علم المكاشفة عند أهله ما هو ؟ وما صفته ؟ لأنّي سمعت أحداً من الأصحاب أنه يتصرف في الكائنات بقدرة الله بما يريده من الأشياء في أسرع حال يكون عنده وأنه يعلم الأشياء الممكنة بقدرة الله تعالى عند إرادته أهكذا كما قيل أم غيره فيما عثرت عليه من الكتب ؟ فضلاً منك تعرفنا إياه لأنا نجد أن رسول الله " يقف في الأشياء الممكنة حتى يأتيه وحي من الله وهو أفضل الخلق وأكرمهم عند الله، فإن كان رسول الله يقف عن الأشياء الممكنة حتى يأتيه الوحي فكيف لغيره من الناس أن لهم التصرف في الكائنات وهم دونه في المنزلة، فضلاً منك أن تشرح لنا ذلك وتبيِّنه لنا ما وصفته كما قيل أم هو علم غيره ؟
الجواب :
لا أعرف علم الكشف ولا انتهيت إليه فكيف أصف ما لا أعرف، والموجود في بعض الكتب أن الكشف أن يكون الإنسان دائم الفكرة في أثر صفات الله تعالى فلا يلتفت إلى شيء من الموجودات إلا وهو يرى لله فيه أثراً، فيلاحظ في ذلك أثر القدرة وأثر الرحمة وأثر المنة إلى غير ذلك من آثار الصفات فيزداد بذلك خشية { إنما يخشى الله من عباده
العلماء }
(1) وهو العلم الذي أجمعت العلماء على تفضيله .
وأما الكشف بالمعنى الذي ذكرت فلا أعرفه، والله ما أحسن مناقشتك فيه ! وأعلم أن لأهل الكشف بالمعنى الذي وصفته لك كرامات عظيمة تخطر لهم منة من الله وفضلاً ككرامة مريم في الرزق الذي وجده عندها زكريا، وفي تساقط الرطب عليها من الجذع، إلى غير ذلك من الكرامات فإن عنى هؤلاء بعلم الكشف هذه الكرامات فلا بأس لأنهم أطلقوا اسم السَّبَبِ على المُسَبِّبِ ولا مشاحة في الاصطلاح . والله أعلم .

المستحل إن تاب ليس عليه غرم

السؤال :
ما قيل أن المُستَحِلّ إذا أراد الرُّجوع عن مذهبه إلى طريق الحق ليس عليه رجوع ما أتلفه من أموال الناس إلا إذا كان باقي العين . ما الحجة في ذلك أهذا مثل المشرك ليس عليه شيء مما اكتسبه إذا أسلم . عرفنا فيه وجه الحق
والسلام .

الجواب :
هو كالمشرك لأن كل واحد منهُما مستحل بالجهل لما كان حراماً في دين الله تعالى، والحجة في ذلك في حق المشرك قوله تعالى : { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف }(1) والنبي " قدقبل الإسلام منهم من غير رد ما أتلفوا، والحجة في المستحل قوله تعالى :
{ كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم }
(2)، وكذلك إعراضه " عن أسامة بن زيد حين قتل الرجل الذي كان كافِراً فأسلم عند معاينة السيف فقتله أسامة ظاناً أنه إنما أسلم تعوذا من السيف وهو بذلك مستحل لقتله فأغلظ عليه رسول الله " في الإنكار ولم يلزمه دية المقتول، وقد وقعت الفتنة بين الصحابة وكان بعضهم مستحلاً فلم يلزموا الراجع منهم إلى الحق ضمان ما أتلف باستحلاله ومنهم عائشة رضي الله عنها فإنها كانت مستحلة يوم الجمل فتابت وقبل المسلمون منها ذلك دون غرم وكذلك قالوا في عَليّ لو تاب من دماء أهل النهروان يقبل منه من غير غُرم لدياتهم لأنه كان مستحلا لذلك، قاتلهم وهو يرى وجوب طاعته عليهم، فكان ذلك إجماعاً من الصحابة لأنه لا غرم على مستحل فيما أتلف إذا رجع إلى الحق، وقد بسطت القول في المسألة في آخر المشارق فراجعه ينفعك إن شاء الله والسلام . والله أعلم .

الأخذ بأحد الأقوال الفقهية في القسمة

السؤال :
من سأل رجلا في قسمة ميراث فقسم يقول ليس عليه المعتمد فأخذوا في القسمة على قوله، ثم علموا بالقول الأرجح مع عالم عصرهم، هل لهم أن يرجعوا إلى قوله والمال لم يُقسم كله ؟ وإن كره بعض الورثة الرجوع . هل يسمعون أم لا ؟
الجواب :
إذا تراضوا أولا باستفتاء ذلك الرجل وأفتاهم بقول من أقوال المسلمين وأخذوا في القسمة فليس لأحد منهم بعد ذلك الرجوع ولو لم يأخذ نصيبه لأن البعض قد أخذ نصيبه وقد أصاب وجها من الحق فكيف ينزع منه باختلاف الآراء، أما إذا لم يتفقوا على استفتائه وإنما سأله بعضهم والباقون كرهوا ذلك وقالوا لا نرضى حتى نعلم ما عند غيره فها هنا لا تلزمهم فتواه، وليس لأحد أن يأخذ شيئا من المال والحالة هذه حتى يتفقوا على فتوى أو يحكم بينهم حاكم يلزمهم قبول قوله، وهذا هو السبيل في قطع النزاع في مسائل الخلاف والله أعلم .

تصرف العاصي عند اختلاف العالمين في الفتوى

السؤال :
قول الشيخ أبي محمد ومن وافقه في العالمين إذا اختلفا في التحليل والتحريم عند الجاهل بحكم المحرم والمحلل إلا من قولهما، أظن أن الشيخ أبا محمد أجاز له الوقوف عنهما حتى يسأل غيرهما وعليه السؤال عن ذلك، والشيخ أبو سعيد أجاز له عدم البراءة من المبطل على رأى وعلى المشهور عليه البراءة منه لأن العالم أقام عليه الحجة ولم يجز له الوقوف عن العالم المحق برأي ولا بدين . أترى اختلافهما هذا اختلاف دين أم اختلاف رأى ؟ تفضل بَيِّن لنا
ذلك .

الجواب :
ذلك اختلاف رأي لا دين، ويدلك على هذا اختلاف من قبلهم في جعل العالم الواحد حجة فيما يسع جهله من الأحكام، فمنهم من جعله حجة وهو اختيار أبي سعيد واحتج عليه في الاستقامة بما يطول ذكره، فقوله في صورة السؤال مبني على قوله في هذه المسألة، وبنى أبو محمد ومن تابعه على القول الثاني وهو أنه غير حجة بنفسه حتى يكون معه غيره وكان مذهب من قبلهما الوقوف عند اختلاف الناس وهو الأسلم للعوام وأقرب إلى سهولة الحنيفية السمحة { ما جعل عليكم في الدين من حرج }(1)، { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر }(2) والمشقة تجلب التيسير وليس للعالم أن يقول للجاهل : اعلم كعلمي، ولا هو من الأثر المجمع عليه والعلم عند الله والسلام . والله أعلم .

حكم ما نهي عنه في القرآن

السؤال :
هل في القرآن نهى تكريه أم كل نواهيه للتحريم، فإن كان كل نواهيه للتحريم فما معنى الخلاف في أن مَن فعل بعض ما نهى عنه القرآن هل هو صغير أو كبير ؟
الجواب :
قد قيل أن مناهى القرآن للتحريم فقط، وذلك لا يستلزم الكبيرة لأن الصغيرة محرمة أيضا لكن وقع العفو عنها اجتناب الكبائر فلا عفو له إلا إن تاب والله أعلم .

دلالة الاسم ودلالة المسمى

السؤال :
الفرق بين حقيقة المدلول للاسم ومعنى الاسم، وإذا كان المدلول عين المُسَمّى كيف المعنى والمُسَمّي ؟ وإن كان بينهما فرق فهل يكون للمعنى حقيقة غير حقيقة المسمى ؟
الجواب :
مدلول الاسم هو المسمى وهو الذي وضع له ذلك الاسم، فإذا قلت زيد فإن مدلوله الشخصى المسمى بهذا الاسم، وهنالك شيء آخر يرتسم في الذهن عند سماع هذا اللفظ وهو معنى اللفظ .
وتحرير المقام أن المسمى الذات الموضوع لها الاسم وهي خارج عن الذهن وأن المعنى الصورة المرتسمة في الذهن وهو ما يفهم من هذا اللفظ والله أعلم .

الفرق بين الواجب والفرض

السؤال :
الواجب والفرض امتحدان في المعنى أم مختلفان أم الغرض العمل بمقتضى الحكم الواجب وهل فرق بين الإيجاب والإلزام ؟

الجواب :
الفرض والواجب شيء واحد وهو ما يأثم تاركه وذلك قولنا وقول الشافعية، وفرقت الحنفية بينهما فقالوا الفرض ما وجب بدليل قاطع وهو الذي ليس للرأى فيه موضع، قالوا والواجب ما ثبت بدليل ظنّي وهو الذي يقبل الخلاف بين العلماء وتفرقتهم هذه إنما كانت عن اصطلاح عندهم وبها قال بعض الأصحاب، والخلاف لفظى لأنه يرجع إلى التسمية، وأما الإيجاب والإلزام فلا فرق بينهما في عُرف الشرع والله أعلم .

الحجة العقل والسمع أو البيان بهما

السؤال :
الحجة أهى بيان النظر بالعقل إذا كانت عقلية وبيان السمع إذا كانت سمعية، أم العقل والسمع أنفسهما حجة ؟
الجواب :
وجود العقل الصحيح حجة بنفسه وكذلك السماع يكون حجة بنفسه فمن أعطاه الله عقلا صحيحا فقد أقام الحجة عليه بمعرفته فإن أنكر وجود الصانع أو عبد غير الله فهو إنما ضل عن بينة وكذلك من بلغه السماع فيما لا يسع جهله فإن ذلك يكون عليه حجة عرف أنه حجة أو لم يعرف فإن الحجة لا يضرها جهل الجاهل بها، ومثله لو شهد عدلان على أحد بحق لآخر فإن العدلين حجة عليه ويلزمه أداء الحق عرف أنهما حجة أو جهل والله أعلم .

معنى نفي الصفات الفعلية في الأزل عنه تعالى

السؤال :
معنى نفي صفات الله تعالى الفعلية عنه تعالى في الأزل إذا كان الله تعالى قادرا في الأزل أليس من قدرته الخلق والإمانة وغير ذلك من صفات الفعل، وإذا كانت من صفته كيف لا يكون متصفا بها في الأزل ؟ أم معنى عدم الاتصاف بها عدم ايجادها، وإذا كان الله متصفا بالصفات الكاملة كيف لا تكون صفات الأفعال منها ؟
الجواب :
المعنى أنه سبحانه وتعالى لم يتصف بفعل ذلك في الأزل أي لم يفعله في الأزل وإنما فعله بعد ذلك، فهو تعالى أوجد الأشياء بعد عدم وأحيا وأفنى وكلف العباد وأرسل اليهم الرسل ووفق وخذل وأعطى ومنع وأثاب وعاقب، فهذه ونحوها كلها أفعال له تعالى حادثة بعد عدم ولم يكن في الأزل شيء منها والله تعالى قادر على فعلها وفعل غيرها، فالقدرة وسائر صفات الذات أزلية ثابتة له تعالى في الأزل وفيما لا نزال، وأما صفات الأفعال فهي ثابته له تعالى فيما لا يزال فقط ولا يشارك الله في الأزل شيء . والله أعلم .

قيمة الحجة بالعلم فيما لا يسعه جهله وإن جهل العالم

السؤال :
يوجد عن أبى سعيد : قلت ولا تقوم الحجة من المعبرين على الجاهل بهم كانوا ثقات أو غير ثقات، كانوا علماء أو غير علماء، قال بين لي أن يكون عليه أن يشهد كشهادة الحجة ولا يعلم كعلم الحجة إلا بعلم يؤديه هو إلى ذلك من غير لزوم الشهادة لأني ألزمته علم ذلك فأجزت له ذلك جاز له، وعليه أن لو شهدوا بغير نبي أنه نبي كان له أن يشهد كشهادتهم وإن شك فيه كان مشركا، وهذا لا يستقيم عندى والله أعلم نسأل عن معناه وكأن ما يخرج عندى مخرج الشهادة لا مخرج نقل الشريعة كان بمنزلة الشهادة، هذا من تمام كلامه أو ضح لنا .
الجواب :
هذا واضح المعنى ومراده أن الحجة لا تقوم بمن كان مجهولا فالعلماء حجة فيما يسع جهله وما لا يسع جهله، وإنما يكونون حجة في ذلك عند من عرفهم بالعلم والثقة وأنهم الموصوفون بذلك دون من جهلهم فإن من جهلهم ليس عليه أن يقبل قولهم وذلك مثل رجل يسمع بالعالم الفلاني والعالم الفلاني ولم يرهما بأعيانهما ثم رأى رجلا عبر له حقا فيما يسعه جهله وقال له إن العالم الفلانى وهو لا يعرفه فهذا لا يلزمه أن يقبل ما قاله الرجل المجهول عنده وهذا فيما يسعه جهله .
أما الذي لا يسعه جهله فعليه أن يقبله من كل معبر فهم عبارته، وقيل لا يلزمه قبول ذلك إلا من الثقات إذا كانت المسألة من مسائل العمل ويلزمه في التوحيد قول كل من عبر له الحق هذا معناه، وليس المراد أن جاهل الحجة يكون معذورا فلو شهد لعالم في المصر بالعلم والفضل وعرفه الخاص والعام، فليس لمن عرفه بذلك أن يرد عليه قوله معتلا بأنه لا يعرف كيفية ما عنده من العلم وأنه الجاهل بذلك فإن هذا ليس معذورا برده الحق على أهله وجهله الحجة بعد قيامها عليه،
ثم هناك أمران يمكن حمل كلام الشيخ عليهما : أحدهما : أن يكون العالم فيه شاهدا . والثاني : يكون فيه مفتيا، فما خرج مخرج الشهادة فالعالم أو غيره فيه سواء إنما هو في ذلك كواحد من المسلمين والذي يخرج مخرج الفتوى وهو التعبير عن الأحكام الشرعيّة يكون العالم فيه حجة على غيره فتفطن لهذا المعنى واحمل عليه آخر كلام أبى سعيد، وأما أوله فلا يظهر توجيهه إلا على المعنى السابق في أول الجواب والله أعلم .



تعارض الخبرين

السؤال :
وجدت في جامع الشيخ أبي محمد ما نصه رُوي عن النبي " أنه نهى عن اختناث الأسقية، وروى أنه خنث سقاء وشرب منه وإذا تعارض الخبران ولم يعلم الناسخ منهما من المنسوخ ولا المتقدم من المتأخر وجب اتفاقهما وكان الرجوع إلى الإباحة، وهو قوله تعالى { كلوا واشربوا }(1) انتهى أوليس ها هنا تعارض القول والفعل وكان الرجوع إلى القول كما قال البدر، وإن اختلفا فالمختار القول مطلقا خلافاً لأبي الحسين فقد اجملت عليّ عبارة الشيخ أبي محمد لقلة فهمى فضلاً منك بين لنا ذلك .
الجواب :
والله الهادى، إن كلام هذا الإمام ليس من باب بيان المجمل وإنما هو في الخبرين إذا تعارضا ولم يرجح أحدهما على الآخر وقد جهل التاريخ فيتساقطان على حسب ما صرح به هذا الإمام، والفرق بينهما إذا تعارضا في بيان مجمل وبينهما إذا تعارضا في غير بيان أن الله يحب في البيان ثبوت أحدهما إظهارا للمراد من المجمل، فلو تساقطا لبقى على إجماله فلا يظهر المراد منه والحال أنه قد احتيج للعمل به ولا يلزم ذلك في غير بيانه لأن الأصل في الأشياء الإباحة فهى مستصحبة إلا بدليل ينقل عنها ولا دليل عند المتساقط .
لا يقال إن كلام هذا الإمام في بيان كيفية الشرب من قوله تعالى : { كلوا واشربوا }(1) فيكون من ذلك الباب، لأنا نقول ليس الشرب مجملا فيبين لكنه مطلق فهو على إطلاقه حتى يصح القيد . هذا تحرير المقام فيه وبالجملة فتساقطهما مذهب له، وعندى أن الفعل لا يعارض القول سواء كان في بيان مجمل أو غيره، فمتى ما تعارض رجح القول مطلقا هذا ما ظهر لي فيه فتأمله، ولا تأخذه إلا بعدله والسلام والله
أعلم .


حصر وظائف المعترض

السؤال :
ومنه ماذا ترى في حصر علماء الآداب النظرية وظائف المعترض في ثلاثة أشياء المناقضة والنقض الإجمالى والمعارضة، أهذا الحصر عقلي أم لا ؟ فإنه قد يتصور له وظائف أُخر كبيان فساد مقدمة معينة بدليل أو تنبيه فينتقض الحصر، وما الفرق عندهم بين السند والشاهد ؟
الجواب :
ذلك الحصر استقرائي لا عقلى، ومع ذلك فهو غير منتقض بما ذكر لدخول التنبيه تحت المناقضة عند من أثبت عليه المناظرة، وكذلك فساد مقدمة معينة بدليل، كيف لا والجمهور اشترطوا التعيين في المقدمة المنقوضة .
وأما السند والشاهد فهما مترادفان عندهم وكذا المستند كما أشار إليه شارح رسالة الكلتوني، لكنه قال في الشاهد أنه أضعف استعمالاً أي من الآخرين . هذا وإذا استقريت كلامهم رأيت بينهما فرقا فإنهم يطلقون ( الشاهد ) على دليل الإبطال و( السند ) على ما بني عليه المنع سواء كان في نفس الأمر كذلك أو في زعم السائل هذا ما ظهر لي والله أعلم فلينظر فيه ولا يؤخذ إلا بعدله والسلام والله أعلم .

الفرق بين العلة والسبب والشرط والملزوم

السؤال :
ما قولك في العلة والسبب والشرط والملزوم، هل هي مترادفة أو مشتركة أو متواطئة أو مشكلة، فإنها ربما تواردت على شيء واحد كقولهم كلما كانت الشمس طالعة كان النهار موجودا فطلوع الشمس بالظاهر يصح أن يكون سببا وعلة وشرطا وملزوماً لوجود النهار .
الجواب :
إن العلة والملزوم يتحدان في الماصدق ويختلفان في الاعتبار، كطلوع الشمس لوجود النهار فإنه إنما سمى ملزوما باعتبار لزوم غيره وعلة باعتبار تأثيره في لازمه، وقد يختلفان ذاتا واعتبارا كالدليل فإنه ملزوم للمدلول وليس بعلة له فى اصطلاحهم، فتلخّص من هذا أن بين العلة والملزوم عموما وخصوصا مطلقا فكل علة ملزوم ولا عكس .
وأما العلة والسبب والشرط فلا ترادف بينهما ولا تواطؤ ولا مشكلة ولا اشتراك، نعم إن النحاة والحكماء لا يفرقون بين العلة والسبب فهما عندهم مترادفان والفرق بينهما في الشرع من وجهين : أحدهما أن السبب ما يحصل الشيء عنده لا به، والعلة ما يحصل به . والثاني المعلول يتأثر عن علة بلا واسطة بينهما والشرط يتوقف الحكم على وجوده، والسبب إنما يفضي إلى الحكم بواسطة أو بوسائط ولذا يتراخى الحكم عنه حتى توجد الشرائط وتنتفى الموانع . وأما العلة فلا يتراخى الحكم عنها إذا شرط لها بل متى وجدت أوجبت معلولها بالاتفاق، وما يفضي إلى الشيء إن كان إفضاؤه داعيا سمي علة وإلا سمي سببا محضا . كله قاله أبو البقاء وهو موافق لأصول الحنفية .
وإذا تأملت أصول أصحابنا والشافعية رأيت أن بين السبب والعلة عموما وخصوصا مطلقا لأنهم لا يشترطون في العلة التأثير كما اشترطته الحنفية فكل علة عندنا سبب ولا عكس، وأما الفرق بين السبب والشرط فالسبب ما يكون وجود الشيء موقوفا عليه كالوقت للصلاة، والشرط ما يتوقف وجود الشيء عليه كالوضوء للصلاة، فطلوع الشمس علة لوجود النهار وملزوم له ولا يسمى سببا ولا شرطا إلا من حيث اللفظ فإن اللفظ في المثال المذكور شرط نحوي ومنطقى وسبب لغوي هذا ما ظهر لي وفيه زيادة تفصيل لا يليق بالمقام والله أعلم فلينظر فيه ولا يؤخذ إلا بعدله والسلام والله أعلم .

تفصيل نسب الكليات

السؤال :
ما القسمة بين نسب الكليات أعني النسبة بين كل كليتين عينين أو نقيضين إذ بين نقيض كل وعين كل ؟ وهل لتلك القسمة حصر ؟ وما وجهها ؟ وما الفرق بين التباين الجزئي وبين التباين الكلي ؟ وما النسبة أيضا بين عينيهما وبين نقيضيهما ؟ وبين عين كل منهما ونقيض الآخر ؟ فضلا بالتقسيم التام والتفصيل الكامل مأجوراً مشكوراً .
الجواب :
أقول أمَّا قوله ما تقول في القسمة بين نسب الكليات إلى قوله إذ بين نقيض كل وعين كل فهو كلام مضطرب والسؤال المضطرب ساقط لا يجاب عنه كما قيل :

اسقط سؤالا ان أتى خمس به


تناقض أو جاء باضطرابه


إثبات أو جمع سؤالين معا


أو كونه من المحال وقعا


ثم فسره بقوله أعني النسبة إلى آخره فهو إما أن يكون تفسيرا للقسمة فيلزم عليه تفسير الشيء بمباينة، وإما أن يكون تفسيراً للنسب فيلزم عليه إدخال الأعم وهو يجمع في الأخص وهو الافراد، وكلا اللزومين باطل اللهم إلا أن يقال إنه اعتبر إضافة النسبة إلى ما بعدها فتتعدد بتعدد المضاف إليه فيكون تفسيراً للشيء بازائه، وعليه فلا أعرف هذه القسمة المطلوبة ما هي .
ثم إنه إن أراد بالكليات القضايا الكليات فتحتاج إلى بيان يدل على أنها المراد، وإن أراد به الكليات الخمس ينافيه قوله كل كليتين فإنه يقال في التثنية منها كليين لا كليتين، وكذلك قوله ( إذ ) بين عين كل ونقيض كل لأنه إما أن تكون ( إذ ) للتعليل فتحتاج إلى معلل وهو هنا غير مذكور وإما أن تكون ظرفية وبين ماض مبنى للمفعول فلا فائدة في ذكره هذا ما ظهر لي فيه بعد تأمل وقد طالما حاولت توجيهه على وجه مستقيم فنبا الجواب عليه فأبى علينا إلا الاضطراب فإن شئت له جوابا فأصلحه حتى يخرج من حيز السواقط وصرح فيه بالمقصود .
وأما قوله وهل لتلك القسمة من حصر وما وجهها فهو مبنى على ما تقدم يصلح بصلاحه ويفسد بفساده، وأما قوله وما الفرق بين التباين الجزئى والتباين الكلي فجوابه أن التباين الكلي هو ما إذا نسب أحد المتباينين إلى الآخر لم يصدق على شيء ما صدق عليه الآخر أصلا كالانسان والفرس ومرجعهما إلى سالبتين كليتين، والتباين الجزئى هو ما إذا نسب أحد الشيئين إلى الآخر صدق على ما يصدق عليه في الجملة وبينهما العموم والخصوص من وجه كالحيوان الأبيض ومرجعهما إلى سالبتين جزئيتين وأما النسبة بين عينيهما إلى آخره فالله أعلم والسلام .

معنى الشريعة والحقيقة

السؤال :
ما معنى قولهم حقيقة بلا شريعة باطلة، وشريعة بلا حقيقة عاطلة تفضل بين لنا ذلك .
الجواب :
اعلم أن علوم التكليف ثلاثة : علم العقائد، وعلم الأخلاق، وعلم الأعمال، فالأول يسمى علم الكلام وتعريفه هو معرفة النفس ما لها وما عليها اعتقادا، والثاني يسمى علم الحقيقة وتعريفه هو معرفة النفس ما لها وما عليها خلقا وإنما يسمى هذا العلم علم الحقيقة لأنه يبحث عن محبطات الأعمال ومصلحاتها في المآل، ويسمى علم الأخلاق لأنه يبحث عن أخلاق النفس الذميمة كالعجب والكبر والرياء والحسد والحسنة كاخلاص العمل ، وأما الثالث فيسمى علم الفقه وتعريفه هو معرفة النفس ما لها وما عليها . ولا بد للمكلف من هذه العلوم الثلاثة فيجب عليه أن يأخذ من كل منها مقدار ما لزمه من ذلك ويندب للاستعداد لما يلزمه بعد .
وهذا معنى قولهم حقيقة بلا شريعة باطلة أي إذا تركت الأعمال الواجبة عليك فتهذيبك لنفسك بعلم الحقيقة باطل، وقولهم شريعة بلا حقيقة عاطلة أي لا حليّ لها فلا يقبلها من أهديت إليه، والمراد أن الاعمال بلا تهذيب النفس عن المحبطات غير مقبولة عند الله عز وجل .
وإنما وصف الحقيقة عند خلوها من الشريعة بالبطلان لأن فسادها ظاهر للخلق ووصف الشريعة العارية من الحقيقة بالعطالة لكون خللها مستوراً عن أعين الناس فهي حينئذ كأنها صورة تامة لكن بلا حلي فإذا أهديت إلى السيد ردها لعطالتها ولأن السيد غني لا يقبل إلا ما كان كاملاً ولو كان محتاجا لأخذ جميع ما يهدى إليه وإن زيفا . هذا ما ظهر لي والحمد لله رب العالمين والله أعلم .

معارضة القياس للخبر

السؤال :
هل يصح معارضة الحديث بالقياس فإن كانت تصح فاهدنا حيثية صحتها وإلا فما توجيه كلام الإمام صاحب الايضاح حيث قال : وقد ذكر الخلاف في أكل لحوم الجلالة وسؤرها وسبب الخلاف معارضة الحديث والقياس وذلك أنه روى عنه " أنه نهى عن أكل لحوم الجلالة وألبانها وأن يحج عليها والقياس هو أن ما يرد في جوف الحيوان ينقلب إلى ذلك الحيوان وسائر أجزائه إلى آخره انتهى كلامه بين لنا مأجورا إن شاء الله .
الجواب :
تصح معارضة القياس للخبر الأحادي دون المتواتر والمستفيض المتلقي بالقبول، لأن كل واحد من القياس وخبر الآحاد ظني الدلالة والظني يعارض الظني فهى حيثية معارضة القياس للخبر وإذا وقعت المعارضة بينهما فهنا وقع الخلاف في ترجيح أيهما على صاحبه فرجح قوم الخبر على القياس وآخرون القياس على الخبر، وفصل قوم بين ما إذا كانت العلة مقطوعا بوجودها في الفرع وبين ما إذا كانت مظنونة الوجود فرجح القياس في الصورة الأولى وتوقفت في الثانية والله أعلم .

الأخذ بأقوال المسلمين في مسائل الرأي

السؤال :
هل يسع من لم يبصر الترجيح أن يأخذ بقول من أقوال المسلمين في مسائل الرأي مع وجود من يبصر ذلك ؟ وهل يدل قوله تعالى : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون }(1) على وجوب السؤال في مسائل الرأى المختلف فيها أم ذلك خاص بالدين دون الرأى ؟ وما معنى قول الأثر أن من أخذ بقول من أقوال المسلمين في مسائل الرأي فواسع له ذلك ؟ فضلا منك بين لي معاني ذلك .
الجواب :
قيل في هذا بالتشديد والترخيص والآية محتملة للمعنيين وظاهرها الإطلاق والأثر إنما جاء على طريق الترخيص . ومن المعلوم أن الآخذ بقول من أقوال المسلمين في مسائل الرأي لا يهلك إذ لو هلك الآخذ لهلك القائل لأن الهلاك لا يكون إلا في الأخذ بالباطل وهم إنما قالوا ذلك التماسا للهدى وطلب الصواب حيث عدم الدليل القاطع بأحد المعاني، لكن يجب على العامل أن لا يخالف المبصر للترجيح إذا أفتى بترجيح قول في الأمور العامة كالمعاملات والنكاح والطلاق والبيوع وأشباه ذلك لأنه أنظر للأمة وأبصر بمصالحها ومخالفته تقتضي تشتت الأمر واختلاف الكلمة وتساهل العامة بأقوال العلماء إلى غير ذلك من المفاسد والله
أعلم .


حكم الثابت بالقياس

السؤال :
هل المقيس على المسنون يكون مسنونا مثله أم لا ؟

الجواب :
ليس ما ثبت بالقياس كالذي يثبت بصريح السنة، وليس لنا أن نثبت السنن بالقياس ولكنا نتحرى في العمل موافقة الصواب، فنقول هذا يشبه هذه السنة فنعمله تحريا للحق، وهذا يشبه المنهي عنه فنتركه طلباً للسلامة وعلى هذا مضى عمل أسلافنا جزاهم الله عن الإسلام خيراً والله أعلم .

حجية الإلهام

السؤال :
قولُ أبي سعيد رحمه الله في الإلهام أنه حجة، هل مراده أنه حجة في الأمر والنهي والمحرمات والمحللات وأسماء الرسل أو لا ؟ وهل يقطع عذره إن ألهم ذلك ولم يقبله ؟
الجواب :
الله أعلم بمراده، وظاهر كلامه الإطلاق، وكأنه يعدّ ذلك علماً وكأنه لايعذر الراجع عنه، لأن الراجع راجع عن علم، لكن بشرط أن ينكشف له ذلك من قِبَل نفسه انكشافاً تاماًّ حتى يكون علمه فيه كعلم غيره من العالمين به .
وأنتَ خبير أن هذا المعنى متعذِّر، لأن طريقه السمع فلا يكون إلاَّ بنقل أو وحي، وقد انسد باب الوحي ولم يبق إلاَّ النقل، فإليه المرجع في هذا كله . وإنما ذكره أبو سعيد على طريق التصوير أَنْ لو وقع ذلك، ولا أراه يقع أصلاً . والله أعلم .
([1]) سورة النبأ، الآيتان 4 و 5

(1) سورة طه، الآية 132

([2]) سورة الدخان، الآية 4

([3]) سورة النمل، الآية 32

(1) سورة البقرة، الآية 185

(2) سورة الحج، الآية 78

(3) سورة البقرة، الآية 286

(1) سورة الاسراء، الآية 36

(2) سورة الأعراف، الآية 33

(3) سورة البقرة، الآية 168

(1) سورة النحل، الآية 116

(2) سورة النساء، الآية 83

(1) سورة الحاقة، الآية 47

(1) سورة المائدة، الآية 2

(1) سورة الجمعة، الآية 10

(2) سورة البقرة، الآية 222

(1) سورة البقرة، الآية 106

(2) سورة فصلت، الآية 42

(1) سورة البقرة، الآية 106

(1) سورة البقرة، الآية 144

(1) سورة الاسراء، الآية 36

(1) سورة النحل، الآية 44

(2) سورة البقرة، الآية 187

(1) سورة محمد، الآية 33

(1) سورة القدر، الآية 1

(2) سورة النساء، الآية 166

(3) سورة الصافات، الآيات 180 - 182

(1) سورة النجمة، الآيتان 2 و 3

(1) سورة المائدة، الآية 6

(1) سورة البقرة، الآية 60

(1) سورة البقرة، الآية 60

(1) سورة النساء، الآية 115

(1) سورة الأنعام، الآية 145

(1) سورة البقرة، الآية 280

(1) سورة المائدة، الآية 67

(1) سورة البقرة، الآية 240

(2) سورة البقرة، الآية 234

(1) سورة المائدة، الآية 2

(2) سورة الجمعة، الآية 10

(1) سورة الأحزاب، الآية 37

(1) سورة الحج، الآية 78

(2) سورة الحج، الآية 1

(3) سورة المائدة، الآية 3

(1) سورة الحج، الآية 78

(2) سورة الحج، الآية 78

(3) سورة المائدة، الآية 3

([4]) سورة الاسراء، الآية 32

(1) سورة التوبة، الآية 5

(1) سورة النحل، الآية 43

(1) سورة آل عمران، الآية 135

(2) سورة المزمل، الآية 20

(1) سورة آل عمران، الآية 7

(2) سورة النساء، الآية 7

(3) سورة النساء، الآية 11

(1) سورة البقرة، الآية 286

(2) سورة البقرة، الآية 29

(3) سورة البقرة، الآية 195

(1) سورة فاطر، الآية 28

(1) سورة الأنفال، الآية 39

(2) سورة الأنعام، الآية 12

(1) سورة الحج، الآية 78

(2) سورة البقرة، الآية 185

(1) سورة البقرة، الآية 60

(1) سورة البقرة، الآية 60

(1) سورة النحل، الآية 43

توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس