منتديات نور الاستقامة - عرض مشاركة واحدة - حكم التأمين في الصلاة
عرض مشاركة واحدة
265  حكم التأمين في الصلاة
كُتبَ بتاريخ: [ 01-15-2011 ]
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية عابر الفيافي
 
عابر الفيافي غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Jan 2010
مكان الإقامة : في قلوب الناس
عدد المشاركات : 8,917
عدد النقاط : 363
قوة التقييم : عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز عابر الفيافي قمة التميز


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




حكم آمين في الصلاة
للشيخ سعيد بن مبروك بن حمود القنوبي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وعلى كل من اهتدى بهديه من بعده أما بعد
فقد ذهب أصحابنا رضوان الله تعالى عليهم إلى عدم مشروعية قول " آمين " في الصلاة وذلك لأن آمين من كلام الناس وكلامهم ممنوع فيها بعد نسخه بنص سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما ثبت ذلك عن جماعـة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلـم فقد روى مسلم وأبو عوانة والبخاري في "جزء القراءة خلف الإمام " وفي " خلق الأفعال " والنسائي وأبو داود والدارمي وأحمد وابن الجارود وابن خزيمة وابن حبان والطحاوي في "شرح المعاني" و الطبراني و البيهقي والطيالسي والخطيب في " الموضح " وآخرون من طريق معاوية بن الحكم السلمي قال : بينما نحن نصلي مع رسول الله إذ عطـس رجل من القوم فقلت : يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت : واثكل أُمِّيَاه ما شأنكم تنظرون إليَ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلمـا رأيتهم يصمتونني فإني سكت فلما صلى رسول الله فبأبي هو وأمي ما رأيت معلـماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه فوالله ما كَهَرَني ولا ضربني ولا شتمني قال : "هذه الصـلاة لا يصلح فيها شـيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن".
وروى البخـاري ومسلـم وأبو عــوانة والنسائي وأبـو داود والترمذي وابن خـزيمة وابن حبان والطبراني في ( الكبير) والطبري في ( تفسيره ) والبيهقي والخطابي في ( غريب الحديث ) والبغوي وأحمد بن حنبل عن زيد بن أرقم قال : "كان الرجل يكلـم صاحبه في عهد النبي في الحاجة في الصـلاة حتى نزلت هذه الآية وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت" ، زاد مسلم وغيره ونهينا عن الكلام" وروى أحمد والنسائي والشافعي وابن أبي شيبة وعبد الرزاق والحميدي والطيالسي والطبراني في " الكبير " وأبو داود وابن حبان والبيهـقي والبغـوي والطحاوي في " شـرح المعـاني " عـن ابن مسعود قال :كنا نسلم على النبي وهو في الصلاة فيرد علينا فلما أن جئنا من أرض الحبشة سلمت عليه فلم يـرد عليَ فأخذني ما قرب وما بعد فجلست أنتظـره فلما قضى الصلاة قلت : يا رسول الله إنك كنت ترد علينا فقال : "إن الله يحدث من أمره ما شاء وأن مما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة" ورواه أيضا البخاري ومسلم وابن خزيمة والدار قطني وآخرون بلفظ " إن في الصلاة لشغلا" وله ألفاظ أخرى .
فهذه الأحاديث تدلنا دلالة واضحة جلية على أن كلام الناس منسوخ في الصلاة وهي عامة تشمل كل كلام للناس ولا يمكن قصرها على أسباب ورودها إذ لا عبرة بخصوص السبب مع عموم اللفظ كما هو محرر عند أرباب الأصول كما أنه لا يمكن تخصيص هذه العمومات بذكر فرد من أفرادها إذ أن العام لا يجـوز تخصيصه بذكر فرد من أفراده كما هو مذهب جمهور أهل الأصول وبـذلك يبطل ما يدَّعيه القائلـون بمشروعية التأمين من أن هذه الأحاديث محمولة على تكليم الناس بعضهم لبعض لا على مطلق الكـلام على أنه لو كان ما يدَّعونه صحيحاً لما جاز الإستدلال بهذه الأحاديث على النهي عن الكلام في الصلاة إذا كان الإنسان لا يكلم أحداً وهذا مخالف للإجماع كما هو واضح لا يخفى وأما دعوى من يدَّعي بأن آمين دعاء والدعاء جائز بل مطلوب في الصلاة فيكون ذلك مخصّصاً لأحاديث النهي فهي دعوى فارغة وذلك لأنـه لم يقل أحد بجواز الدعاء في أي موضع في الصلاة وإنما ذلك في مواضـع محصورة على ما في بعضها من خلاف وأما القياس على التشهد فهو قياس باطل إذ لا توجد علة جامعة بينهما حتى يصح القول بالقياس على أنـه قد ثبت الأمر بالتشهد حتى بعد نسخ الكلام كما في حديث ابن مسعود وحديث ابن عباس رضى الله عنهما .
وأما القول بأنه لا يمكن نسخ المتقدم بالمتأخر إذا كان المتقدم خاصا والمتأخر عاماً فهـذا مسلَّم به إذا لم توجد علة تقتضي دخول ذلك الخاص في هذا العام أما إذا وجدت علة أو قام دليل على الدخول فالخاص يمكن نسخه بالدليل العام في هذه الحالة كما هو ظاهر من صنيع العلماء ولذلك أمثلة كثيرة لا داعي لإيرادها هنا وهي لا تخفى على من له أدنى إطلاع على سنـة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا واضح بالنسبة إلـى دخول آمين في النهي عن الكلام في الصلاة إذ لا يمكن النهي عن كل فرد من أفراد الكلام أو أنه يطول به الكلام فاستعمل رسول الله عبارة عامة فـي النهي عن الكلام في الصلاة ثم بين الجائـز فيها ولم يذكر آمين في ذلك فلو كان هذا النهي لا يشمل كل كلام الناس لما كانت هنالك حاجة إلى هذا البيان وهـذا كله على تقدير صحة ما استدلوا به من الأحاديث الدالة على مشروعية التأمـين وفي صحتها نظـر لا يخفى على متأمل منصف وإليك ما استدلوا به مـع بيان ما فيه من عـلل :
حديـث على بن أبي طالب قال : "سمعـت رسول اللهإذا قال : ولا الضالين قال : آمين" رواه ابن ماجة ، وفي سنده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال شعبة : ( ما رأيت أحداً أسوأ حفظا من ابن أبي ليلى ) وقال ابن حبان : (كـان فاحش الخطأ رديء الحفظ فكثرت المناكير في روايته ) وقال الدار قطني : (كان رديء الحفظ كثير الوهم ) وقد ضعفه غير هؤلاء .
-1
عن ابن عمـر رضي الله عنهمـا أن رسـول الله كان إذا قال : ولا الضالين قال آمين ورفع بها صوته. ومثله عن أبي هريـرة رواهما الدار قطني وفيهما بحر السقا قال البخاري : ( ليس هو عندهم بقوى يحدث عن قتادة بحديث لا أصل له من حديثه ولا يتابع عليه ) وقال النسائي : ( ليس بثقة ولا يكتب حديثه ) وقـال ابن حبان : (كان ممن فحـش خطؤه وكثر وهمه حتى استحـق التـرك ) وقال السعدي : ( سـاقـط ) وقال ابن زريع : (كان لاشيء ) وقال ابن معـين : ( ليس بشيء ) وقال أبو حاتم : (ضعيف ) وقال أبو داود والدار قطني : ( متروك ) وذكره ابن عبد البر في جملة من ترك حديثه .
-2
عن أبي هريرة قال : كان رسـول الله إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته وقال : " آمين " رواه الدار قطني وابن حبان والحاكم والبيهقي وقال الحاكم : ( صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ ) ووافقه الذهبي وقال ابن القيم في أعـلام الموقعين : ( رواه الحاكم بإسناد صحيح ) وحسنه الدار قطني في السنن وأعله في العلل ، وهو الحـق لأن في إسناده إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي بن الزبريق قال النسائي : ( ليس بثقة ) وقال أبو داود : ( ليس بشيء ) وكذَّبه محدِّث حمص محمد بن عوف الطائي فقد روى الآجري عن أبـي داود أن محمـد بن عون قال : ( ما أشك أن إسحاق بن زبريق يكذب ) وقال الحافظ في التقريب : ( صدوق يهـم كثيرا ) وشيخه في هـذا الحديث عمرو بن الحارث الحمصي قال الذهبي : ( لا تعرف عدالته ) ، ولا عبرة بتوثيـق ابن حبان له فإنه معروف عنـه توثيق المجهولين كما نبَّه على ذلك جماعة منهم ابن الصلاح والصلاح العلائي وابن حجر في اللسان والنكت على ابن الصلاح والكوثري والمعلمي وصاحب المنار .
-3
عن أبي هريرة قال : (ترك الناس التأمـين وكان رسول الله إذا قال : غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال : آمين حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد) رواه ابن ماجة ورواه أبـو داود بدون قولـه : (فيرتج بها المسجد) وكذلك رواه أبو يعلى في مسنده ، وهو حديث موضـوع لأن في إسناده بشـر بن رافـع قال أحمد : ( ليس بشـيء ضعيـف في الحديث ) وقال أبو حاتم : ( ضعيف الحديث منكـر الحديث لا نرى له حديثا قائما ) وقال البخاري : ( لا يتابـع في حديثه ) وقال ابن حبان : ( يأتي بطامات عن يحيى ابن أبي كثير موضوعه يعرفها من يكن الحديث صناعته كأنه المتعمد لها ) وقال ابن عبد البر في الكنى : (هو ضعيف عندهم منكر الحديث ) وقال في كتاب الإنصاف : ( اتفقوا على إنكار حديثه وطرح ما رواه وترك الاحتجاج به لا يختلف علمـاء الحديث في ذلك ) ، وشيخه في هذا الحديث ابن عم أبي هريرة قال ابن القطان : ( لا يعرف له حال ولا روى عنه غير بشر ) وقال الذهبي في الميزان : ( لا يعرف ما حدث عنه سوى بشر بن رافع ) وقال البوصيري في الزوائد : ( لا يعرف ) .
-4
عـن أبي هـريرة أيضا أن رسـول الله قال : "إذا أمَّـن الإمام فأمنوا فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفـر له ما تقدم من ذنبه" وفـي رواية إذا قال الإمام : غير المغضوب عليهـم ولا الضاليـن فقـولوا : آمين الخ " .
والجواب : أن هذا الحديث ضعيف وإن كان إسناده صحيحا وذلك أنه جاء في رواية بلفـظ "إذا قال الإمام آمين فأمنوا" وجاء في رواية أخرى "إذا قال القارئ آمين فأمنوا" وجـاء في رواية "إذا قال الإمام غير المغضوب عليهـم ولا الضالين فقولوا آمين" وجاء في بعض الروايات "إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء الخ " من غير أن يذكر الراوي أن ذلك فـي الصلاة أو في غيرها ، وجاء في بعض الروايات قـوله : "فمن وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" بعد قوله : فإذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد ، وجاء في رواية بعد قول آمين كما تقدم بل ولم يأت ذكر قوله فإذا قال الإمام آمين الخ في بعض الروايات ؛ وهذا الاضطراب يكفي للحكم على هذا الحديث بالضعف لمن تدبَّر وأنصف ومن نظر في كتب التخريج وتأمل كلام العلماء وجدهم يردُّون كثيراً من الأحاديث ويحكمون باضطرابها بما هو أقل من هذا الاضطراب والله أعلم .
-5
عن بلال قال : "يا رسول الله لا تسبقني بآمين" رواه أبو داود .
والجواب : أن هذا الحديث مرسل والمرسل من قسم الضعيف عند الجمهور كما أوضح ذلك الإمام مسلم في مقدمة صحيحه وذلك لجهالة الواسطة المحذوف قال الحاكم في الأحكام قيل : ( أن أبا عثمان - وهو الراوي لهذا الحديث عن بلال - لم يدرك بلالاً ) وقال أبـو حاتم الرازي : ( رفعه خطأ ورواه الثقات عن عاصم عن أبي عثمان مرسلا ) وقال البيهقي وقيل : ( عن أبي عثمان عن سلمان قال : قال بلال وهو ضعيف ليس بشيء ) . اهـ
-6
عن أم الحصين رضي الله عنها أنها صلَّت خلف رسول الله فلما قال : ولا الضالين قال : " آمين " فسمعته وهي في صف النساء . رواه الطبراني .
والجواب : أن هذا الحديث ضعيف جداً لأن في إسناده إسماعيل بن مسلم المكي قال أبو زرعه : ( ضعيف الحديث ) وقال أبو حاتم : ( ضعيف الحديث مخلـط ) وقال البخاري : ( تركه يحيى وابن مهدي وتركه ابن المبارك وربما ذكـره ) وقال الجوزجاني : ( واهٍ جـداً ) وقال النسائي : ( ليس بثقـة ) وقال مـرة : ( متروك ) وقال ابن حبان : ( كان فصيحا وهو ضعيف يروي المناكير عن المشاهير ويقلب الأسانيد ) وقال القطان : ( لـم يزل مخلطا كان يحدثنا بالحديث الواحد على ثلاثة ضروب ) ، وذكره الفسوي في باب من يرغب عن الرواية عنهم .
-7
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي قال : "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين" رواه ابن ماجة قال البوصيري في الزوائد : ( هذا إسناد صحـيح رجاله ثقات احتج بجميع رواته ) كذا قال ، وسهيل بن أبي صالح - أحد رجال هذا الحديث - وإن أحتج به مسلم فهو مختلف فيه . روى العقيلي عن يحيى أنه قال : ( هو صويلح وفيه لين ) وذكره ابن حبان وقال : ( يخطئ ) وذكره البخاري في تاريخه وقال : ( كان لسهيل أخ فمات فوجد عليه فنسيَ كثيراً من الحـديث ) وروى الدوري عن ابن معـين أنه قال : ( ليس حديثه بحجة ) ، وقال الحاكم بعد كلام : ( ثم قيل في حديثه بالعراق أنـه نسيَ الكثير منه وساء حفظه في آخر عمره ) .
ثم أن هذا الحديث إذا صح فلا حجة فيه على التأمين في الصلاة البتة إذ لا ذكر لذلك فيه ، نعم جاء في رواية عند أحمد "وحسد اليهود للمسلمين فـي ثلاث رد السلام وإقامة الصفوف وقولهم خلف إمامهم في الصلاة آمين" لكن في إسناد هذه الرواية علي بن عاصم الواسطي وهو ضعيف جداً وقد كذب وأتهم قال ابن المديني : (كان كثير الغلط وكان إذا غلط فرد عليه لا يرجع ) وقال صالح بن محمد : ( ليس هو عندي ممن يكذب لكنه يهـم وهو سيء الحفظ كثير الوهم يغلط في أحاديث يرفعها ويقلبها وسائـر حديثه صحيح مستقيم ) ، وسـئل عنه يزيد بن هارون فقـيل له على بن عاصم : ( إيش حاله عندكـم فقال : مازلنا نعرفه بالكـذب ) وقال محـرز عن يحيى بن معين : ( كذاب ليس بشيء ) وقال يعقـوب عن يحيى : ( ليس بشيء ولا يحتج به ) ؛ قلت ما أنكرت منه قال : ( الخطأ والغلط ليس ممن يكتب حديثـه ) وقال البخاري : ( ليس بالقـوي عندهم ) وقال مرة : ( يتكلمون فيه ) وقال الدار قطني : ( يغلط ويثبت على غلطه ) ؛ ثم أن هذا الحديث مضطرب فقد روى على حسب ما ذكر من الروايتين السابقتين وروى "حسد اليهود على قـوله اللهم ربنا ولك الحمد" وروى بلفظ "لم تحسدنا اليهود بشيء ما حسدونا بثلاث التسليم والتأمين واللهم ربنا ولك الحمد" إلى غير ذلك من الروايات .
-8
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله : (ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين فأكثروا من قول آمين) رواه ابن ماجة .
وهذا الحديث باطل لأن في إسناده طلحة بن عمرو الحضرمي المكي وهو متروك . قال ابن معين : ( ليس بشيء ) وقال أحمد : ( لاشيء متروك ) وقال النسائي : ( متروك الحـديث ) وقال أيضـا : ( ليس بثقـة ) وقال الجوزجاني : ( غـير مرضي في حديثه ) وقال البخاري : ( ليس بشيء كان يحيى بن معين سيئ الرأي فيه ) وقال ابن سعد : (كان كثير الحديث ضعيفا جداً ) وقال ابن الجنيد : ( متروك ) وقال ابن حبان : ( كان ممن يـروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم لا يحل كتب حديثه ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب ) ؛ على أن هـذه الرواية لا دليل فيها على أن المـراد بالتأمين التأمين في الصلاة بل هو صـريح في أنه خـارج الصلاة وذلك واضح من قوله : "فأكثروا من التأمين" وذلك لأن التأمين محدود في الصلاة عند القائلين به فكيـف إكثاره ؟ وأيضاً فأين كان اليهود ينتابون المسلمين في الصلوات الجهرية ؟ وبذلك يتبين بطلان الاستدلال بهذا الحديث ولله الحمد والمنّه .
-9
عن أبي موسى الأشـعري أن رسـول الله ... إلى أن قال وإذا قال : غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين . رواه مسلم وأبو عوانه .
وجوابه : أن في إسناد هذا الحديث قتادة وهو مدلس وقد عنعن .. فهو ضعيف .
-10
عن أبـي هريرة من طريق نعيم بن المجمر أنه قال : "صليت خلف أبي هريرة فقرأ بسـم الله الرحمـن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن حتى إذا بلغ غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقال : آمين ، فقال الناس : آمين .. الحديث " وفي آخره قال : "والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة بالنبي" ، و هذا الحديث ضعيف لا تقوم به حجة ؛ كما أوضح ذلك ابن الجوزي والزيلعي بما يكفي ويشفي فمن شاء ذلك فليرجع إليهما .
-11
عن وائل بن حجر قال سمعت النبي قرأ غير المغضوب عليهم ولا الضالين وقال : " آمين " ومدَّ بها صوته ، وفي رواية "وخفض بها صوته" روى الأولى أحمد وأبو داود والترمـذي وابن حبَّان والدارقطني ، وروى الثانية أحمد وابن مـاجة والدارقطـني ولفـظ ابن ماجة "فسمعناها" .
والجواب : أن هذا الحديث مضطرب فلا تقوم بمثله حجة ؛ وذلك أنه رواه سفيان بلفظ ومدَّ بها صوته وتابعه على ذلك العلاء بن صالح وهو ضعيف ومحمد بن سلمة وهو ذاهب الحديث كما قال الجوزجاني ، وقد قال ابن مهدي عن حديث سفيان : ( أشد شيء فيه أن رجلا كان يسأل سفيان عن هذا الحديث فأظن سفيان تكلم ببعض والرجل ببعضه ) ، ورواه شعبـه بلفظ " وخفض بها صوته " وهي من طريق علقمة عن أبيه وقد أختلف في سماعه من أبيه وفي رواية عن ابن عنبس عن وائل من دون ذكر علقمه وفي رواية عن ابن عنبس عن علقمة عن أبيه أو عن وائل ورواه ابن ماجة من طريق عبد الجبّار عن أبيه قال النووي في شرح المهذب : ( الأئمة متفقون على أن عبد الجبار لم يسمع من أبيه ) ، وقال جماعة : ( إنما ولد بعد أبيه بستة أشهـر ) ، قلت : وقال بعضهم : ( أنه سمع من أبيه وهو ضعيف جداً ) ، ورواه الطبراني بلفظ "رأيت النبي دخل في الصلاة فلما فرغ من فاتحة الكتاب قال : آمين ثلاث مرات" وقد جاء بغيـر هذه الألفاظ والخلاصة أن الرواة قد اختلفوا في هذا الحديث من حيث كيفية التأمين وعـدد المرات والاتصال والإرسال وبذلك يتبين لكم اضطراب هذا الحديث ومن المقرر في الأصول والحديث أن الحديث المضطرب من قسم الحديث الضعيف والله أعلم .
-12
عن الزُّهـري كـان رسول الله يقول : " آمين " . هذه الرواية مرسلة أو معضلة وكل منهما من باب الضعيف فلا تقوم بها حجة .
-13
عن سلمان عند الطبراني ولا يحضرني لفظه الآن .
والجواب : أن في إسناد هذا الحديث سعيد بن بشير وهو ضعيف ليس بحجة قال الميموني : ( رأيت أبا عبدالله يضعف أمره ) وقال ابن معين : ( ليس بشيء ) وفي رواية : ( ضعيف ) ، وقال سعيد بن عبد العزيز : ( كان حاطب ليل ) وقال النسائي وأبو داود : ( ضعيف ) ، وقال ابن حبان : (كـان رديء الحفظ فاحش الخطأ يروي عن قتادة مالا يتابع عليه وعن عمرو بن دينار ما ليس يعرف من حديثه .
-14
هذا ما استدلوا به على إثبات قول آمين في الصلاة وقد بينا ما فيه بحمد الله تعالى وأما ما ذكره الشوكاني عن ابن الوزير من أن حديث التأمين قد جاء عن أم سلمة وسمرة فنطالب من يحتج بهما أن يظهر لنا إسنادهما حتى يمكننا الحكم عليهما بما تقتضيه القواعد المعتبرة ومن المعلوم المتقرر في علمي الأصول والجدل أن على من أراد أن يحتج برواية أن يبـين إسنادها حتى يتمكن خصمه من الكلام على تلك الرواية أو يسلِّم له ؛ هذا ومن العجيب أن القائلين بمشروعية التأمين قد اختلفوا فيه كثيراً فقيل : (هو للمقتدي والإمام كليهما) ، وإليه ذهب الشافعي وأحمد وأبو حنيفة ومالك في المشهور عنهما وقيل : (هو للمقتدي فقط) ، وإليه ذهب أبو حنيفة في رواية الحسن ومالك في رواية ابن القاسم وهذا كله في الجهرية وروى عن مالك : (لا يؤمن الإمام مطلقا) ؛ ثم اختلفوا هل المشروع فيه الجهر أو الإخفاء ؟ .
فذهب إلى الأول الشافعي في القديم وأحمد وإسحاق ونسبه القاضي حسين إلى الشافعي في الجديد وذهب إلى الثاني أبو حنيفة ومالك وفي رواية عنه وقال الشافعي في الجديد : (يجهر بها الإمام ويخفيها المأموم) وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنه ليس عندهم دليل صحيح ولا حسن فـي هذه القضية وإلا فمن المستبعد جداً أن يخفى ذلك مع أن النبي قد صلى بأصحابه أكثر من عشرة أعوام وقد صرح بعض محققيهم بأنه : لم يرد عن رسول الله حديث صحيح في الجهر بآمين وصرح آخرون بأنه : لم يثبت عنه في الإسرار حديث.
قال النيموي في آثار السنن : (لم يثبت الجهر بالتأمـين عن النبي ولا عـن الخلفاء الأربعة وما جاء في الباب فهـو لا يخلو مـن شيء) . اهـ وقد ذكر غير واحد من الشافعية ؛ أنه لم يثبت في الإسرار حديث ، وكذلك حكوا إجماع الصحابة على الجهر قال المبارك فوري في التحفة بعد كلام : فكان إجماع الصحابة على الجهر بالتأمين . اهـ
وكذلك ذكـر الحنفية بأن الإسرار قول الخلفاء الأربعة وجمهور الصحابة وأنه لم تثبت روايـة عن هؤلاء في الجهر ؛ وإذا تقـرر ذلك تبيـن لك أنه لم يثبت عنهم شيء في الجهر ولا في الإسرار ومعنى ذلك في حقيقة الواقع أنه لم يثبت في السنة ولا عن أحد من الصحابة القول بالتأمين والحمد لله حق حمده .
هـذا ما يحضرني الآن وقد كتبته على عجل وأعتذر عن سوء الخط وعن عدم الإطالة وعسى أن أكتـب رسالة خاصة بهـذا الموضوع وموضوع القنوت وأسال الله تعالى أن يكون قريباً جداً وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

p;l hgjHldk td hgwghm hgwghm





توقيع :



لا يـورث الـعلم مـن الأعمام **** ولا يـرى بالليـل فـي الـمنـام
لـكــنـه يحصـــل بالتـــكـــرار **** والـدرس بالليـــل وبـالـنـهار
مـثاله كشجرة فـــي النــفس **** وسقيه بالدرس بعد الـغرس

رد مع اقتباس