شبكة نور الاستقامة
الجمعة 10 / شوال / 1445 - 02:05:49 صباحاً
شبكة نور الاستقامة

عن الزّوجة إذا امتنعت عن...

المفتي : الإمام نور الدين عبدالله بن حميد بن سلُّوم السالمي

السؤال

عن الزّوجة إذا امتنعت عن رضاع ولدها إلاّ بأجرة. هل لها ذلك؟ وإذا طلّقها الزّوج وطلب منها أن ترضع ولدها فأبت ولم يكن ثَمّ ضرر بولدها؛ وقال المطلّق: لابدّ لي من لبني. هل يصّح لها الامتناع؟ وهل لأجرة الرّضاعة حدّ في مثل هذه الصُّور؟

الجواب

اختلف في معنى قوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهنّ}( ) قيل: المراد بهنّ المطلّقات من النساء لأنّ الكلام فيهنّ وفي بيان أحكامهنّ، فذكر حكم العدّة، ثمّ الفدية، ثمّ تحريم العضل والإضرار بهنّ، ثمّ أحكام أولادهنّ، فالوالدات في الآية خاصّ بالمطلّقات، وهنّ اللّواتي تلزم لهنّ الأجرة؛ إن أرضعن كما في سورة الطلاق {فإن أرضعن لكم فآتوهنّ أجورهنّ}( ) ولأنّ الزّوجة إنّما يدفع إليها رزقها بحكم الزّوجية، لا بالرّضاع، وعلى هذا القول - وهو مقتضى المذهب - فليس للزّوجة أجرة في رضاع ولدها، لكنّها لا تجبر على الإرضاع، إلاّ إذا لم يقبل من غيرها؛ أو لم يوجد غيرها؛ فحينئذ تجبر على إرضاعه من باب دفع الضّرر ولا أجرة لها على ذلك. وقيل: إن كان الزّوج فقيرا لا يستطيع التأجير جبرت على الإرضاع؛ وهي خلاف المطلّقة، فإنّ المطلّقة لا تجبر على ذلك إلاّ إذا تعذّر الإرضاع من غيرها. وقيل: الوالدت في الآية، عامّ للزّوجات والمطلّقات وسوّغه القطب. وعلى هذا فتثبت للزّوجة الأجرة إن أبت عن الإرضاع، إلاّ بها. وأمّا أجرة الرّضاع فإنّها تختلف بحسب السّعة والضّيق لقوله تعالى: {لا يكلّف الله نفسا إلاّ وسعها}(1) وقوله: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلّف الله نفسا إلاّ ما آتاها}(2) والنّظر في تقدير ذلك إلى حُذّاق الحكّام وناهيك بقوله تعالى: {وعلى المولود له رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف}( ) فهذه غاية ما يلزم المولود وهي رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف والتقييد بالمعروف يرفع الخصومة بينهما وينفى الإفراط والتفريط. وما ذكر من تحديد في فتاوى الأثر فهو محاولة للتّحديد بالمعروف في ذلك الزّمان، ولكلّ زمان حكم يخصّه باعتبار السّعة والضّيق، وقد يحصل بدرهمهم في زمانهم من المنفعة، ما لا يحصل بقرشكم في زمانكم هذا، ومن هنا قالوا: الحاكم إلى نظره أحوج منه إلى أثره: فكـن رجـلا رجلــه فــي الثــرى وهــامة هــمته فــي الثـــريّا والعلم عند الله.

اترك تعليقا