الرهن الذي سميتموه ببيع...
المفتي : سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي
السؤال
الرهن الذي سميتموه ببيع الإقالة يتعامل به الناس يقوم أحدهم برهن بيته لشخص ثم يسكنه ويدفع إيجاره لذلك الشخص الذي ارتهن منه ، فما حكم هذه المعاملة ؟
الجواب
أولاً قبل كل شيء الرهن الشرعي هو وثيقة تكون في يد المرتهن لا ينتفع منها بشيء ، إنما تكون في يده حتى يطمئن إلى وفاء حقه ، والله تبارك وتعالى شرع الرهن في السفر ، ولكن دلت السنة على جوازه في السفر وفي الحضر ، وعلى أي حال الرهن كما قلت لا يعدو أن يكون وثيقة في يد المرتهن ، وليس للمرتهن أن ينتفع بشيء ، بل لو نقدر أنه ارتهن خنجراً ليس له أن يلبسها ، ولو لبسها لعدت تلك منفعة ، وكل قرض جر منفعة فهو ربا ، وهذا مما جاءت به الروايات وإن لم تكن هذه الروايات بذلك القدر من حيث اتصال الأسانيد إلى غير ذلك إلا أنها معتضدة بالإجماع ، فالإجماع منعقد على هذا أن كل قرض جر منفعة فهو ربا ، وبجانب هذا الرهن ليست له مدة بحيث يمتلك المرتهن العين المرتهنة ، ( لا يغلق الرهن لصاحبه غنمه وعليه غرمه ) هكذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم . أما ما يصنعه الناس اليوم وما يسمونه رهنا ، لم أسمه أنا بيع إقالة وإنما هذه تسمية قديمة عرفت في عمان ، عرف ببيع الإقالة وببيع الخيار ، كما سمي عند أقوام ببيع الوفاء ، وسمي عند غيرهم ببيع الشرط ، وسمي عند بعض الناس ببيع الجائز أسماء متعددة كما بينت ذلك في الجواب المدون ، ولكن هذا البيع هو محدث لم يكن موجوداً من قبل ، وإنما أحدثه من أحدثه لسبب محاولة التوصل إلى الانتفاع بالعين المبيعة مع عدم فوات هذه العين عن البائع ، بحيث يتمكن من استردادها ، وهذا أمر فيه خطورة كبيرة ، والناس تصرفوا فيه تصرفاً عجيباً ، وأصبح اليوم رباً واضحاً لا غبار عليه ، وكل من يكابر في ذلك ، وكل من يدّعي خلاف ذلك فهو إنما يخدع نفسه والعياذ بالله . وهؤلاء الذين يجادلون في هذا إنما هم بأنفسهم وقعوا في إثم هذه المعاملة السيئة فلذلك لا يريدون أن ينفلتوا عنها ، الناس وقعوا في أمر مريج من هذه المعاملة السيئة . على أن كثيراً من الناس ساءهم ما قلته في ذلك الجواب ، وأنا أدعو هؤلاء إلى المناظرة وجلسة المناقشة العلنية ليحصحص الحق في هذه المسألة ، أما أن يقولوا من وراء الكواليس ما يقولونه ويكونوا كما قال الشاعر: وإذا خلا الجبان بأرض ... الخ فهذا أمر لا عبرة به إنما نطالبهم بالمناقشة ، المناقشة الواضحة ومقارعة الحجة بالحجة والإتيان بالدليل ، ونحن أوضحنا من الأدلة ما يكفي لأن يكون معتبراً ، ونحن ننصح جميع المسلمين بأن يتركوا هذه المعاملة وأن يربأوا بأنفسهم عنها ، وأن لا يقعوا فيها فإن فيها إثماً كبيراً وهي محاربة لله ورسوله ، هي محاربة من ناحيتين محاربة من ناحية المخادعة ، ومحاربة أيضاً من ناحية أكل الربا الصريح ، والله تعالى المستعان .
اترك تعليقا